أفلام الكوارث تحيط بنا والنجاة صعبة

السينما تتنبأ بها أولاً

مشهد من فيلم «جيوستورم»
مشهد من فيلم «جيوستورم»
TT

أفلام الكوارث تحيط بنا والنجاة صعبة

مشهد من فيلم «جيوستورم»
مشهد من فيلم «جيوستورم»

هل سمعت بما حدث في هونغ كونغ أخيراً؟ لقد اشتعلت بكاملها. وهل شاهدت في نشرات الأخبار أكبر تسونامي عرفته البشرية منذ طوفان أيام نوح؟ لقد شمل بلداً بكاملها؟ ماذا عن المدن التي تهاوت والمباني التي تساقطت والثلوج التي غمرت... كوارث عدة لم تأت على ذكرها أي من الصحف والمواقع والمحطات... ربما لأن أصحابها انشغلوا بالنجاة بأنفسهم.
واحدة من هذه الكوارث، «جيوستورم» الذي يتحدث عما سبق من كوارث. فهو يسرد نماذج متعددة ثم يتجه صوب خلاص سريع بعدما أدرك زعماء الأرض أنّ عليهم فعل شيء حيال البيئة والمناخ والطقوس. استأجروا خبرة عالم لا مثيل له فصنع لهم «ساتالايت» ضخماً من المفترض به أن ينظّم شؤون الطبيعة الصعبة. وكاد كل شيء أن يمضي على ما يرام لينعم العالم بعقود من الأمان لولا أنّ ذلك الإنجاز العالمي الذي بات يسيطر على الحياة فوق كوكبنا يقرر، لسبب ما، أن يدمر الحياة على الأرض.
هنا يأتي دور خبراء التصاميم والمؤثرات الغرافيكية. المطلوب منهم أن تتضخم الكوارث إلى حد مخيف. أن يتم إنجاز فيلم لم يسبقه آخر بحجمه... وبالملل الذي يتسلل منه أيضاً.
طائرة فوق الرؤوس
المخرج اسمه دين دفلن وهو كان مساعداً للمخرج الذي حقق أفلام كوارث أخرى بينها «يوم الاستقلال» و«غودزيللا»، رولاند إيميريش. دفلن تعلم من إيميريش بضعة بديهيات من بينها أن المنطق هو آخر ما يمكن أن يستعين به المخرج في أفلام كهذه. لذلك ستتوالى الأحداث بصرف النظر عن خدمات العالم الذي ابتكر ذلك الجهاز الفضائي (جيرالد بتلر) وتعيين شقيقه (جيم ستيرجز) ربما لأن هناك أزمة عملاء، أو - بالأحرى - هي أزمة سيناريو وجد أن الطريقة الفعالة لمنح الفيلم جانباً عائلياً هو حصر العلم بالشقيقين.
عندما تبدأ الكوارث بالحدوث ويهرع صيني ليحذر العالم من المخاطر المحدقة ويكشف سببه (ثم يتم اغتياله قبل أن يعلن التفاصيل) يجد رئيس الجمهورية الأميركي (أندي غارسيا) أن من بنى ذلك النظام الهائم فوق الأرض هو الأجدر بتصليحه وجايك (أو بتلر) يكتشف أن هناك من يتلاعب بالجهاز موجهاً إياه لإحداث تلك الكوارث.
ستستمر الكوارث في الوقوع. مدينة دبي ستتعرض لطوفان هائل. طوكيو سيهطل فوقها ثلج يطمرها. وناطحات السحاب في بعض مدن أميركا ستقرر الارتماء على الأرض. بعض ساكني الطوابق العليا سيجدون أنفسهم في الأدوار الأرضية. وإذا لم يكن ذلك كافياً، انتظر تلك الطائرة المدنية التي ستحط فوق رؤوسهم.
كل هذا يبدو مثيراً على الورق، لكنّه ليس كذلك على الشاشة. وعلى عكس أفلام كثيرة شوهدت أخيراً حول احتمال أن لا يستطيع كوكب الأرض تحمل المتغيرات البيئية التي تقع عليه، فإن «جيوستورم» لا يهمه بحث الإنذار. لقد انتهى عهده. إنه يتحدث عن الناتج وحده. هذا بدوره أمر مقبول لو أن الفيلم حمل بعض الإجادة في جوانبه الأساسية: الكتابة والتمثيل والتصوير (على قلّة دوره مقابل سطوة التنفيذ البرمجي على الكومبيوتر).
لقد اعتادت السينما على تدمير الأرض منذ ثلاثينات القرن الماضي. لكن الأسباب توزعت كما تطورت. آنذاك وحتى سنوات أخيرة من القرن العشرين لم يكن سوء التعامل مع المناخ سبباً متداولاً. بل كانت الكوارث الأرضية ناتجة عن غزو فضائي أو عن حروب مستعرة تُستخدم فيها القنبلة النووية أو بسبب كوارث طبيعية (بالفعل) كانهيار الثلوج أو الزلازل أو الحرائق والطوفان.
في شكل أو آخر هي ذاتها التي ما زالت أفلام الكوارث هذه الأيام تلجأ إليها، لكن أفلام الأمس لم تكن تدرك أنّ البيئة الحاضنة لكل هذه المسببات الطبيعية قد تكون مسؤولة. الشغل في كثير من الأحيان تركّز حول كيف سينقذ الصبي كلبه أو الرجل زوجته وأولاده. دائماً ما كانت هناك سلطة ما تحاول إنقاذ شعبها، لكن ليس على طريقة «أحضروا لي جيرالد بتلر»، الذي - بالمناسبة - أنقذ حياة رئيس الجمهورية الأميركي مرتين في هذا العقد: مرّة في Olympus Has Fallen سنة 2013 ومرة في London Has Fallen.
جيرارد بتلر لا بد من أنّه تعوّد على إنقاذ العالم الحر لدرجة أنه وهب نفسه لمثل هذه الأدوار وربما لا تزال في جعبته أفلام أخرى قادمة من هذا النوع.
حرب لا مناص منها
العالم في كثير من أفلام الأمس كان كناية عن مدينة واحدة (عادة أميركية). فيها تقع الأحداث والرقعة بذلك محدودة بينما الرمز شاسع. اليوم تصاعدت الحاجة للاعتراف بأنّ أميركا ليست كل الدول وبالتالي نجد نماذج مختلفة لمدن أخرى تعاني ما يقع في الولايات المتحدة. هذا من قبل أن تعود الأحداث إلى الولايات المتحدة لأن هوليوود هناك.
من هذا المنحى شاهدنا «كينغ كونغ» سنة 1933، وهو يدمر نصف نيويورك. العذر في الحقيقة معه ولو قُدّم للمحكمة لاستطاع أي محام شاطر لفت نظرها إلى أن الغوريلا المتوحشة كانت تعيش في جزيرتها البعيدة وهي لم تطلب فيزا للهجرة إلى أميركا بل أجبرت على ذلك.
مثله في ذلك «غودزييلا»، ذلك الوحش البرمائي الياباني. هذا كان نائماً، تقول لنا الأفلام اليابانية الأولى حوله في الستينات، في قاع البحر، لكن التجارب النووية أيقظته. لا تلمه إذن إذا ما عبر عن غضبه بتدمير طوكيو.
الخطر النووي دائما ما كان في الحسبان. في سنة 1962 كان هناك فيلمان حذرا المشاهدين من الخطر النووي: «ذعر في السنة صفر» الذي أخرجه الممثل راي ميلاند ولعب دور البطولة فيه، والثاني «هذا ليس تجربة» (This is Not a Test) وهذا أخرجه غير المعروف فردريك غاديت حول الاحتمال الكبير في أن تؤدي الحرب الباردة بين الروس والأميركيين إلى اندلاع حرب نووية.
في عام 1964 فيلمان تطرقا إلى هذا الموضوع مجدداً: «أمان فاشل» (Fail Safe) لسيدني لوميت و«كيف توقفت عن القلق وأحببت القنبلة النووية» لستانلي كوبريك. والحكايتان الواردتان في هذا الفيلم هي واحدة تقريباً.
في فيلم «لوميت» هناك طائرة حربية أميركية مزوّدة بصواريخ نووية تنفصل عن قيادتها خلال إحدى المناورات وتتجه، تبعاً لخطأ إلكتروني، صوب الأراضي السوفياتية لإلقاء قنابلها عليها. الرئيس الأميركي (هنري فوندا) يحاول تجنب الحرب بالاتصال المسبق مع الرئيس الروسي، لكن الوقت يمر سريعاً والحلول معدومة.
فيلم «كوبريك» (الأفضل والأشهر وذو اللكنة الساخرة) يدور حول أمر أعطاه جنرال أميركي (سترلينغ هايدن)، يتوهم أنّ هناك غزواً شيوعياً لأميركا. الطائرة التي تحمل الرؤوس النووية تنطلق ولا يمكن استرجاعها والرئيس الأميركي (بيتر سلرز) يتصل بالروسي لتنبيهه وهذا يتوعد... والحرب لا مناص منها.
الخطر الثاني في هذا المدار العام، تمثله الأسلحة الكيماوية، وهذه نتج عنها أكثر من 20 فيلما معظمها حديث لأن الخطر في الواقع هو أيضاً حديث. في «منطقة الخطر» (1997)، هناك بيئة ملوّثة في أفريقيا يهدد الكشف عنها لخطر شديد على القارة بأسرها. وفي «رد فعل متواصل» Chain Reaction يحاول كيانو ريفز مناوأة المحاولات لإنجاز تقني يهدد سلامة البيئة. والخطر يتحول إلى حقيقة في «نار تحتية» (Fire Down Below) سنة 1997.
هذا الخطر يصبح حقيقة أيضا في فيلم رولاند إيميريش «بعد يوم غد» The Day After Tomorrow سنة 2004، حين تقضي الكوارث الطبيعية الناتجة عن المتغيرات المناخية والبيئية على معظم أنحاء الأرض.
كوارث صغيرة - كبيرة
ومع أن فيلم «سان أندرياس» (2015) يكتفي بتدمير ولاية كاليفورنيا، إلا أنه يستند إلى الخط تحت الأرضي الذي يحمل الاسم ذاته والذي يعتبره العلماء خطراً دائماً متوقعين زلزالاً كبيراً يحول لوس أنجليس وسان فرانسيسكو إلى حطام.
إنه من الطريف هنا كيف اختار ذلك الفيلم الذي أخرجه فنان الأنيميشن براد بيتون جعل بطله طياراً مما أبقاه وزوجته على قيد الحياة وها هما سينتقلان من لوس أنجليس إلى سان فرانسيسكو لإنقاذ ابنتهما وصديقها و(إذا خدمتني الذاكرة) كلبهما أيضاً. باقي البشر هم مجرد أجساد مترنحة لا يمكن إنقاذهم.
أفلام الزلازل لها تاريخ بعيد، بدأ في سنة 1906 (فيلمان عن زلزال سان فرانسيسكو الكبير)، لكن النقلة النوعية في تناول هذه الكارثة حدثت عندما تم إنتاج «زلزال» سنة 1974. الراحل مارك روبسون جمع بعض كبار ممثلي الفترة مثل شارلتون هستون وباري سولفيان ورتشارد راوندتري وأفا غاردنر وجورج كندي ووضعهم وسط الكارثة التي أطاحت بمدينة لوس أنجليس.
في العام ذاته انتقل شكل الكارثة المتوقعة. المخرج جون غيلرمن حقق «البرج الجهنمي» The Towering Enferno أيضاً مع كتلة من ممثلي تلك الفترة المشهورين مثل ستيف ماكوين وبول نيومان وويليام هولدن وفاي داناوي وروبرت واغنر.
الحكاية هنا حريق يلتهم أحد الطوابق العليا في عمارة سكنية، تماماً كما حدث في الواقع بعد ذلك في أكثر من مكان أحدها في العاصمة البريطانية قبل بضعة أشهر.
رولاند إيميريش لم يكتف بتدمير الأرض في «بعد يوم غد» و«غودزيللا» بل أكمل المهمة في سنة 2009، عبر فيلم بعنوان 2012. ودمار الأرض بكاملها تبعاً لنيازك (مثل فيلم «نيازك»، 1979) أو تبعاً لطوفان جامح («تأثير عميق»، 1998) أو بسبب انحباس حراري كبير («معرفة»، 2009) دل على تعدد الأسباب التي تؤدي إلى نتيجة واحدة.
لا يخفى أنّ هذه الأفلام تعيش على جمع بعض الاحتمالات الفعلية ثم تداولها. بذلك تستثمر في خوف الإنسان ممّا قد يحدث فيما لو انهمرت السماء بنيازك من فوق أو خرجت الوحوش من تحت أو طاف البحر أو انتشر الوباء (وأفلام الأوبئة وما ينتج عنها موضوع طويل بدوره). ما كان غائباً إلى حين قريب هو الفعل المتجسد في التلوث البيئي وما أن أضيف إلى قائمة المسببات والاحتمالات حتى أصبح المستقبل أكثر دكانة.


مقالات ذات صلة

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

يوميات الشرق المخرج عدي رشيد مع بطل فيلمه عزام أحمد علي (الشرق الأوسط)

عُدي رشيد لـ«الشرق الأوسط»: لم أقرأ نصاً لغيري يستفزني مخرجاً

قال المخرج العراقي عُدي رشيد المتوج فيلمه «أناشيد آدم» بجائزة «اليسر» لأفضل سيناريو من مهرجان «البحر الأحمر» إن الأفلام تعكس كثيراً من ذواتنا.

انتصار دردير (جدة)
يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».