الحكومة اللبنانية تشرك القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء

نائب رئيسها لـ «الشرق الأوسط»: تكلفة دعمه هي ثالث أعلى خانة في الموازنة

رئيس الحكومة سعد الحريري خلال جلسة مناقشة الموازنة العامة في البرلمان أول من أمس  (رويترز)
رئيس الحكومة سعد الحريري خلال جلسة مناقشة الموازنة العامة في البرلمان أول من أمس (رويترز)
TT

الحكومة اللبنانية تشرك القطاع الخاص بإنتاج الكهرباء

رئيس الحكومة سعد الحريري خلال جلسة مناقشة الموازنة العامة في البرلمان أول من أمس  (رويترز)
رئيس الحكومة سعد الحريري خلال جلسة مناقشة الموازنة العامة في البرلمان أول من أمس (رويترز)

كشف نائب رئيس مجلس الوزراء اللبناني، غسان حاصباني، عن أن الحكومة اللبنانية تتجه نحو إيلاء قطاع إنتاج الكهرباء إلى شركات خاصة وشراء الطاقة منها، لتوزيعها على شبكة الدولة، مصرحا لـ«الشرق الأوسط»، بأن هذه العملية هي شكل من أشكال الخصخصة التي تتعدد أوجهها.
ويعد هذا الاقتراح واحداً من اقتراحات عدة مطروحة على طاولة الحكومة اللبنانية لحل مشكلة الكهرباء التي تنقطع تغذيتها عن المناطق ساعات تتراوح بين 3 و12 ساعة يومياً، خصوصاً في الصيف والشتاء، كما أنها تمثل واحداً من أكبر الأعباء المالية على الحكومة اللبنانية وموازنته العامة.
وتطرق رئيس الحكومة سعد الحريري، مساء أول من أمس، إلى ملف الكهرباء خلال جلسة مناقشة الموازنة العامة في البرلمان، قائلاً: «بالنسبة لي، الناس شبعت تنظيرا وتريد كهرباء، هذه الحكومة تعمل على ذلك؛ لأن الناس تريد الكهرباء لا التنظير والوعود، وضعنا خطة كهرباء واتصالات وقمنا بمشروع النفط، ولكن الكهرباء لدينا خيارات يجب أخذها، هل نقول للناس انتظروا 3 سنوات وبنفس الوقت سندفع 6 مليارات إلى 7 مليارات، أو يكون لنا القليل من الشجاعة ونضع حلولا لمرحلة الـ3 سنوات ونأتي بالكهرباء للناس ونوفر من المليارات الستة 5 مليارات مثلا»، مضيفاً: «قد ندفع الآن زيادة، لكن عندما نعدل التعرفة ويصبح المواطن يدفع فاتورة واحدة، عندها نعمل على الطريق الصحيحة».
وقال نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني لـ«الشرق الأوسط»، إن تكلفة دعم قطاع الكهرباء هي ثالث أعلى خانة مدرجة ضمن النفقات في الموازنة، مؤكداً أن الحل الأفضل هو «التوجه إلى إدخال القطاع الخاص في الاستثمار والإنتاج؛ ما يخفف عن الدولة عبئاً مالياً، ويسرع في إعادة تأمين التيار الكهربائي دون انقطاع»، وشدد على أن الديون المتراكمة على قطاع الكهرباء، والتي تخطت الـ20 مليار دولار «ما هي إلا مؤشر على أن الدولة غير قادرة على النهوض بهذا القطاع من دون إشراك القطاع الخاص به».
وشدد حاصباني على أن عملية إشراك القطاع الخاص «يجب أن تتبع الأصول القانونية والإجرائية المرعية لتأمين الشفافية في العمل، وقطع الطريق على الشكوك حول الصفقات العامة بما يتعلق بالفساد»، لافتاً إلى أن «اتباع أصول المناقصات العمومية وقوانينها»، بحسب حاصباني: «هو أسرع طريق للوصول إلى الحلول الإيجابية، مع تعيين هيئة ناظمة مستقلة مهمتها إدارة عمليات التنافس ورفع التوصيات إلى الوزير المختص، ليرفعها بدوره إلى مجلس الوزراء».
وعلى الرغم من تعدد اقتراحات المشروعات التي قدمت على مدار السنوات الماضية لإصلاح قطاع الكهرباء، لم تسهم تلك المقترحات في تحسين القطاع الذي يشهد يوماً بعد يوم تراجعاً فاضحاً، ولا سيما في ساعات التغذية.
ويتحدث الخبير في الاقتصاد والاستثمارات الدولية، حسن العلي، عن معوقات كثيرة حالت دون خصخصة قطاع الكهرباء، رغم أنها «اليوم حاجة ملحَة أكثر من ذي قبل؛ لأن إنتاج الطاقة في لبنان في أحسن حالاته لم يعد يكفي نصف الحاجة»، مضيفاً أن لبنان يتحمل اليوم أعباء كثيرة، منها «وجود أكثر من مليون ونصف المليون لاجئ سوري، إضافة إلى تلف الشبكات، وعدم الصيانة، وضعف الجباية»، مشيراً إلى أن مسألة الخصخصة «طرحت منذ أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.