مصر: مطالب بتعديل قانون «الجمعيات الأهلية» والحكومة تكتفي باللائحة التنفيذية

TT

مصر: مطالب بتعديل قانون «الجمعيات الأهلية» والحكومة تكتفي باللائحة التنفيذية

في الوقت الذي أعلنت فيه لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب المصري عزمها إعداد تقرير بلغات مختلفة، يخاطب السفارات والبرلمانات الأجنبية، لتأكيد خلو أقسام الشرطة والسجون من «أي وقائع تعذيب»؛ تجددت مطالبات دولية وحقوقية بتعديل قانون الجمعيات الأهلية، المُنظم لعمل المؤسسات الحقوقية المحلية أو الأجنبية، الذي يقول مسؤولون عنها، تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، إن «ثمة عوائق تفرضها نصوص القانون على عملهم»، الأمر الذي «يصعب معه إنجاز تقارير رقابية بشأن الحالة الحقوقية أو السياسية».
وأثار قانون الجمعيات الأهلية، ولا يزال، حالة من الجدل والتنازع السياسي والحقوقي، رغم مرور نحو 5 أشهر على إصداره بموجب قرار جمهوري للرئيس عبد الفتاح السيسي في مايو (أيار) 2017، الذي جاء متأخرا بنحو 6 أشهر منذ موافقة مجلس النواب بشكل نهائي على نصوصه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2016، الأمر الذي يشير إلى مناقشات موسعة قبيل وبعد إصداره.
وزاد من حدة التجاذبات بشأن القانون تصريح زيد رعد الحسين، المفوض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، في يونيو (حزيران) الماضي، بأن قانون الجمعيات الأهلية «يضع قيودا مشددة على المجتمع المدني، ويعطي للحكومة السيطرة على إدارة المنظمات غير الحكومية».
ووفق رئيس حقوق الإنسان البرلمانية، علاء عابد، فإن اللجنة بدأت في إعداد أسطوانة مدمجة «CD» بشأن نتائج زياراتها للأقسام والسجون، وترجمتها باللغات الأجنبية، تمهيدا لتوزيعها على جميع السفارات الأجنبية بالقاهرة.
وأوضح عابد، في بيان رسمي، أصدره قبل يومين، أن «التقرير يتضمن تأكيدا بأنه لا توجد أي حالات للتعذيب أو انتهاك لحقوق الإنسان للمسجونين... وسيكون واحدا من أهم الوثائق والتقارير التي تكشف كذب وادعاءات جميع المنظمات الحقوقية المشبوهة، سواء كانت داخل مصر أو خارجها».
وقبل أسبوع تقريبا، قال يوليوس جيورج لوي، السفير الألماني لدى مصر، خلال مؤتمر صحافي بالقاهرة، إن حكومة بلاده كان لها عدد من «الملاحظات بشأن قانون الجمعيات، وأوضحتها للحكومة المصرية وتناقشت معها فيها». وفي يونيو 2013 أصدرت محكمة جنايات القاهرة أحكاما تتراوح بين بالسجن سنة مع إيقاف التنفيذ، و5 سنوات على 43 متهما في القضية المعروفة باسم «173 تمويل أجنبي»، وكان من بينهم ألمانيان هما أندرياس جاكوب، مدير فرع مؤسسة كونراد أديناور في القاهرة، وكريستين مارجريت، مدير الحسابات بالمؤسسة، وعوقبا غيابيا بالسجن 5 سنوات.
وفضلا عن الملاحظات الألمانية، أعربت «الخارجية» الأميركية عن انتقادها للقانون، إذ قالت المتحدثة باسمها هيذر نويرت في أغسطس (آب) الماضي، إن قانون المنظمات غير الحكومية من بين أسباب وقف دفع 100 مليون دولار، وتجميد 195 ملايين دولار آخرين من المساعدات المقررة للقاهرة.
وقال الرئيس المصري، خلال زيارته للولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، إنه «لم يتم البدء في تطبيق أحكام القانون بعد، ويجري حاليا إعداد لائحته التنفيذية للتوافق على آليات تطبيقه، بما يضمن عدم وضع العراقيل أمام عمل الجمعيات الأهلية».
وفي رأي رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، حافظ أبو سعدة، فإن إمكانية تعديل القانون قائمة إذا توافرت لدى الحكومة رغبة في ذلك، وأضاف موضحا: «على جانب آخر فقد أقامت المنظمة دعوى قضائية تدعو لبطلان القانون وعدم دستورية بعض مواده، وتم تحديد موعد لنظرها أمام هيئة المفوضين بمجلس الدولة الشهر المقبل».
وشرح أبو سعدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أسباب دفعه بـ«عدم دستورية» قانون الجمعيات، قائلا «إنه يعتبر من القوانين المكملة للدستور، وكان يتوجب لإقراره من البرلمان أن يحوز على موافقة الثلثين من الأعضاء، وليس مجرد الأغلبية (50 في المائة+ 1)، وهو ما لم يتوفر أثناء التصويت، الذي تم دون المناداة بالأسماء على النواب لإثبات اكتمال النصاب».
ومن جهة أخرى، يرى أبو سعدة أن شبهة «عدم الدستورية» تتمثل في أن مواد قانون الجمعيات تمنح الحكومة حق الاعتراض على المرشحين لمجالس إدارات المنظمات والجمعيات، وتسمح بوقف عمل الجمعية لمدة سنة دون حكم قضائي، وهو ما يتناقض، بحسب أبو سعدة (الحاصل على الدكتوراه في القانون)، مع المادة «75» من الدستور، التي تنص على أن «للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار... ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شؤونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي».
ويوضح أبو سعدة أن من بين المآخذ على القانون الجديد أنه يُلزم الجمعيات عند طلب التصريح، وطلب تجديده أو تعديله، بدفع رسم لا يتجاوز مقداره ثلاثمائة ألف جنيه أو ما يعادله بالدولار الأميركي... وتؤول حصيلته إلى صندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية «الحكومي»، ويزيد هذا المبلغ بما يعادل 20 في المائة كل خمس سنوات، وهو «ما لا يمكن أن تقبله جهة تمويل دولية» وفق الحقوقي المصري.
وفي 7 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، دعا وزير شؤون مجلس النواب عمرو مروان، ممثلي 79 جمعية أهلية، وعقد اجتماعا بمقر مجلس النواب، مع من لبى الدعوة، وقال بيان رسمي إن اللقاء ناقش «سبل تعزيز التعاون بين مؤسسات ومنظمات المجتمع المدني والحكومة، ونشر ثقافة حقوق الإنسان».
أحد المشاركين في اللقاء، وهو الحقوقي، إيهاب راضي، قال لـ«الشرق الأوسط»، إن بعض الحاضرين تطرقوا إلى قانون الجمعيات الأهلية، وطالبوا بضرورة تعديل مواده التي وصفها بـ«المعيبة». وتابع مستدركا «لكن وزير شؤون مجلس النواب لم يعلق إيجابا أو سلبا بشأن وجود نية للأخذ بالملاحظات المطروحة».
ولم يجب مروان عن سؤال لـ«الشرق الأوسط» بشأن ما إذا كانت هناك نية حكومية لتعديل قانون الجمعيات.
واكتفت ألفة السلامي، المتحدثة الرسمية باسم وزارة التضامن الاجتماعي، وهي الجهة المخولة بالإشراف على الجمعيات الأهلية، بالقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «المسند إلى الوزارة هو إعداد اللائحة التنفيذية للقانون من خلال اللجنة المشكلة لهذا الغرض فقط». ولم ترد السلامي على سؤال عن «نسبة تمثيل الجمعيات الأهلية المعنية باللائحة في تلك اللجنة؟».
وأوضح أبو سعدة أن «اللائحة التنفيذية لن تغير من أصل القانون... وسيظل هذا القانون محل انتقادات واسعة لسجل حقوق الإنسان في مصر».
ويتفق راضي مع الرأي السابق بشأن اللائحة، موضحا أن نصوص مواد الجمعيات الأهلية ستظل ملزمة للجنة العمل على «التنفيذية» التي تحدد آليات تنفيذها، وبالتالي سينتج ذلك وضعا «في غاية الصعوبة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».