باكستان تحرر أسرة كندية ـ أميركية من قبضة طالبان

بناء على معلومات استخباراتية... وترمب أشاد بتعاون إسلام آباد

التلفزيون الباكستاني يعرض صوراً من حياة العائلة التي حررت من الأسر أمس (أ.ب)
التلفزيون الباكستاني يعرض صوراً من حياة العائلة التي حررت من الأسر أمس (أ.ب)
TT

باكستان تحرر أسرة كندية ـ أميركية من قبضة طالبان

التلفزيون الباكستاني يعرض صوراً من حياة العائلة التي حررت من الأسر أمس (أ.ب)
التلفزيون الباكستاني يعرض صوراً من حياة العائلة التي حررت من الأسر أمس (أ.ب)

أعلن الجيش الباكستاني، أمس، أنه حرر في عملية قام بها في باكستان، أميركية وزوجها الكندي وأبناءهما الثلاثة من أيدي حركة طالبان الأفغانية، ما دفع الرئيس الأميركي إلى الإشادة بـ«اللحظة الإيجابية» في العلاقة مع إسلام آباد التي سبق أن انتقدها بشدة.
وقال الجيش في بيان إن «الجيش الباكستاني حرر 5 رهائن غربيين هم: كندي وزوجته الأميركية وأبناؤهما الثلاثة، من احتجازهم من قبل إرهابيين، في عملية جرت بناء على معلومات استخباراتية».
وقال الجيش إن «عملية القوات الباكستانية التي اعتمدت على معلومات من السلطات الأميركية تكللت بالنجاح، وتم تحرير كل الرهائن سالمين، وهم في طريقهم للعودة إلى بلدهم».
وأضاف الجيش أن وكالات الاستخبارات الأميركية كانت ترصد الرهائن، وأبلغت عن مرورهم بباكستان في 11 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي عبر منطقة كرام القبلية على الحدود الأفغانية.
وخطف الكندي جوشوا بويل وزوجته الأميركية كاتلين كوليمان من قبل طالبان خلال رحلة في أفغانستان في 2012. وقد علم أنهما رزقا بطفلين على الأقل خلال فترة أسرهما.
ولم تقدم السلطات الباكستانية أي تفاصيل عن عملية التحرير نفسها.
وأشاد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتحرير الأسرة التي أكد أنها أسرة الزوجين بويل وكوليمان.
وقال ترمب في بيان: «أول من أمس، تمكنت الإدارة الأميركية بالتنسيق مع الحكومة الباكستانية من الإفراج عن عائلة بويل - كوليمان». وأضاف: «هذه لحظة إيجابية في علاقة بلادنا بباكستان».
وأشار ترمب إلى أن الأسرة الكندية - الأميركية كانت رهينة لدى «شبكة حقاني» التي وصفها بأنها «تنظيم إرهابي على صلة بطالبان».
وتابع: «هذه لحظة إيجابية لعلاقة بلادنا بباكستان. تعاون الحكومة الباكستانية إشارة إلى تقديرها رغبات الولايات المتحدة بأن تبذل المزيد لتحقيق الأمن في المنطقة».
وأضاف: «نحن نأمل رؤية هذا النوع من التعاون والعمل الجماعي في تأمين إطلاق سراح الرهائن الباقين، وفي عملياتنا المشتركة لمكافحة الإرهاب في المستقبل».
وتعرضت باكستان لضغوط أميركية متزايدة للقضاء على ملاذات الجماعات المسلحة داخل حدودها، خصوصا بعد أن هاجم ترمب إسلام آباد بشدة في خطاب متلفز في 21 أغسطس (آب) الماضي.
وفي خطابه لإعلان استراتيجية بلاده الجديدة في أفغانستان، اتهم ترمب باكستان بإيواء «عناصر الفوضى»، وشدد على أنها ستخسر كثيرا إذا ما واصلت إيواء عناصر تهدد أمن أفغانستان المجاورة.
وظهرت آخر صور للكندي بويل وزوجته الأميركية كوليمان في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حين ظهرا في شريط فيديو يدعوان فيه حكومتيهما لتأمين إطلاق سراحهم.
وخلال الفيديو، حمل الزوجان طفلين ولدا أثناء فترة أسرهما. ولم يعرف متى تم تصوير الفيديو، لكنه نشر بعد انتشار إشاعات في كابل بأن الحكومة تخطط لإعدام أنس حقاني، ابن مؤسس «شبكة حقاني» المتحالفة مع طالبان، والمعتقل منذ عام 2014.
وتتهم «شبكة حقاني» بأنها العقل المدبر لعدد من الهجمات الإرهابية الكبيرة في كابل، ومعروف أنها تخطف رهائن أجانب وتهربهم عبر الحدود إلى داخل باكستان. وتتاخم حدود منطقة كرام القبلية في باكستان ولاياتي نانجارهار وباكيتا في أفغانستان.
وتضرب الاضطرابات الإقليمين الأفغانيين؛ حيث حصل تنظيم داعش على موطئ قدم ويسعى لتعزيز وجوده في الإقليمين المعروفين بأنهما من معاقل «شبكة حقاني».
ومن الشائع في أفغانستان تنفيذ الجماعات المسلحة وعصابات الجريمة المنظمة عمليات خطف بغرض طلب فدى، وهي تستهدف عادة الأجانب والأغنياء الأفغان، والذين يتم نقلهم عبر الحدود إلى حزام القبائل في باكستان.
ويعتقد أن طالبان تحتجز أيضا الأميركي كيفن كينغ والأسترالي تيموثي وييكس، وهما أستاذان في الجامعة الأميركية في أفغانستان خطفا من سيارتهما في أغسطس 2016.
ونفذت قوات خاصة أميركية عملية مداهمة فاشلة في أغسطس لإنقاذ الرجلين. وكان الرئيس السابق باراك أوباما سمح بالعملية في منطقة غير محددة في أفغانستان، إلا أن الرهينتين لم يكونا في المكان، بحسب وزارة الدفاع الأميركية.
وظهر المحتجزان في تسجيل فيديو نشرته حركة طالبان في يونيو (حزيران) الماضي، وبدا الأستاذان الجامعيان أنحف مما ظهرا عليه في التسجيل السابق في يناير (كانون الثاني).



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».