المغرب: وزير حقوق الإنسان يدعو إلى إلغاء معاشات الوزراء

العثماني: مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب والأشخاص

TT

المغرب: وزير حقوق الإنسان يدعو إلى إلغاء معاشات الوزراء

دعا مصطفى الرميد، وزير الدولة المغربي المكلف حقوق الإنسان، وزير العدل إلى إلغاء معاشات الوزراء: «صيانة لسمعة المسؤولية الحكومية ومكانة المؤسسات».
وجاء موقف الرميد ردا على الجدل، الذي أثير بشأن المطالبة بوقف معاشات الوزراء في المغرب، أسوة بما حدث لمعاشات النواب التي توقف صرفها، ليس بقرار سياسي، بل بسبب عجز صندوق معاشات النواب التي اعتادت الدولة تغطيته عبر الموازنة العامة.
وكان الصندوق الوطني للتقاعد والتأمين قد أخبر مجلس النواب (الغرفة الأولى في البرلمان) بأن صرف المعاشات الخاص بالنواب توقف اعتباراً من الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي، وذلك بسبب عدم توافر السيولة الكافية من أجل صرف معاشات المتقاعدين من النواب.
وأشار الصندوق في رسالة إلى أن وضعية الاحتياطي المالي لنظام المعاشات الخاص بالبرلمانيين لا تتعدى 30 ألف دولار حالياً؛ ما يعني عدم إمكانية صرف المعاشات، وهو ما أثار حفيظة عدد من النواب الذين رفضوا القرار، في حين أيده عدد آخر.
وتبعا لذلك؛ طالب كثيرون بوقف صرف معاشات الوزراء، مذكرين حزب العدالة والتنمية، ذي المرجعية الإسلامية الذي يرأس الحكومة، بموقفه عندما كان في المعارضة، مستشهدين بمداخلة تعود لسنة 2000 لكل من عبد الإله ابن كيران، الأمين العام الحالي ورئيس الحكومة السابق، وسعد الدين العثماني، رئيس الحكومة الحالي، في مجلس النواب، طالبا فيها بإلغاء تلك المعاشات، وهو ما دفع الوزير الرميد إلى الرد وشرح موقف الحكومة الحالية والسابقة من هذا الموضوع.
وقال وزير حقوق الإنسان في تدوينة «يهمني أن أؤكد أن الموضوع لم يغب عن اهتمام مكونات الحكومة السابقة. فقد حضرت لقاءات للأغلبية ترأسها الأخ ابن كيران بصفته رئيسا للحكومة، تطرقت لهذا الموضوع، وكان الهدف هو تقليص قيمة المنحة المذكورة». وزاد موضحا «الأخ سعد الدين العثماني الرئيس الحالي للحكومة أولى هذا الموضوع عناية خاصة منذ الأسابيع الأولى لتحمله المسؤولية، باحثا عن الصيغ الملائمة لمعالجته، ويبدو أنه وبعد أن وصل تقاعد أعضاء مجلس النواب إلى الباب المسدود، وهو المصير الذي ينتظر تقاعد أعضاء مجلس المستشارين، فإن تقاعد الوزراء مهما كان الاختلاف حول أهميته المالية، فإنه يصعب تحمل ثقله الرمزي؛ لذلك فإنه من الصواب وضع حد له صيانة لسمعة المسؤولية الحكومية ومكانة المؤسسات».
وأطلقت في المغرب العام الماضي حملة واسعة للمطالبة بإلغاء معاشات الوزراء والبرلمانيين، في الوقت الذي كانت تتجه فيه الحكومة إلى إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس. ويصف الرافضون لتلقي الوزراء والنواب معاشات بأنها «نوع من الريع وتبذير للمال العام»، واعتبروا المعاشات المجزية التي يتقاضاها النواب والوزراء غير قانونية ومخالفة للدستور، بحكم أنهم يقومون بمهام انتدابية ولا يمارسون وظيفة. وما يثير الانتقاد في هذا الموضوع هو أن النواب والوزراء يشرعون في تلقي معاشات مدى الحياة بمجرد انتهاء مهامهم، دون انتظار بلوغهم سن التقاعد، وتتحمل الدولة قسطا وافيا من الأموال لتغطية تقاعدهم.
وينص القانون المتعلق بإحداث نظام المعاشات لفائدة أعضاء مجلسي النواب والمستشارين على أنه يستفيد البرلماني، الذي أكمل الولاية التشريعية ومدتها 5 سنوات، من معاش يقدر بـ5 آلاف درهم (500 دولار) صافية معفاة من الضريبة على الدخل وغير خاضعة لأي تصريح، ويتقاضى هذا المبلغ مدى الحياة بغض النظر عن سنه ابتداء من نهاية الولاية، مهما كان عمر النائب أو المستشار. كما يتقاضى أعضاء الحكومة ابتداء من نهاية مهامهم معاشا يقدر بـ39 ألف درهم (نحو 4 آلاف دولار) بالنسبة للوزراء، و30 ألف درهم (3 آلاف دولار) لكتاب الدولة، بغض النظر عن المدة التي قضوها في هذه المسؤولية.
وفي موضوع منفصل، قال سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة ورئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية: إن إعفاء عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، من رئاسة الحكومة كان لحظة صعبة على الحزب، مشددا على أن «ما وقع لا يجب أن يدفعنا للإحباط واليأس والتراجع، بل يجب أن يدفعنا إلى مزيد من الإصرار على المضي للأمام، والأمل والتضحية والاستمرار في مسارنا الإصلاحي».
وأضاف العثماني، في كلمته خلال اللقاء السنوي لفريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، مساء أمس في مدينة سلا: إن الحزب مطوق بأمانة والتزام في لحظة تاريخية من زمن البلد والأمة، موضحا أن هناك جهات كانت ترفض تشكيل «العدالة والتنمية للحكومة، والأصل أن نفوت عليهم الفرصة لا أن نعينهم على ذلك»، ونبه إلى أنه «من دون أمن واستقرار الوطن فلا أحزاب ولا إصلاح». كما أوضح العثماني، أن حزب العدالة والتنمية «لديه قناعة ثابتة بأن مصلحة الوطن فوق مصلحة الحزب وفوق مصلحة الأشخاص»، في إشارة إلى الخلافات التي يعيشها الحزب بين التيار المؤيد لاستمرار ابن كيران على رأس الحزب لولاية ثالثة، والرافضين لذلك تجنبا لصدام مع الدولة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.