ليبيا تعثر على رفات المصريين ضحايا «داعش»... وشاهد يروي تفاصيل المذبحة

أبو زيد لـ «الشرق الأوسط» : ننسق مع سفيرنا في طرابلس لإعادتها

مقاتل في جماعة موالية للحكومة الليبية أمام حشوات رصاص فارغة في أعقاب المعارك التي انتهت بطرد «كتيبة أنس الدباشي» من مدينة صبراتة غرب العاصمة الليبية (أ.ف.ب)
مقاتل في جماعة موالية للحكومة الليبية أمام حشوات رصاص فارغة في أعقاب المعارك التي انتهت بطرد «كتيبة أنس الدباشي» من مدينة صبراتة غرب العاصمة الليبية (أ.ف.ب)
TT

ليبيا تعثر على رفات المصريين ضحايا «داعش»... وشاهد يروي تفاصيل المذبحة

مقاتل في جماعة موالية للحكومة الليبية أمام حشوات رصاص فارغة في أعقاب المعارك التي انتهت بطرد «كتيبة أنس الدباشي» من مدينة صبراتة غرب العاصمة الليبية (أ.ف.ب)
مقاتل في جماعة موالية للحكومة الليبية أمام حشوات رصاص فارغة في أعقاب المعارك التي انتهت بطرد «كتيبة أنس الدباشي» من مدينة صبراتة غرب العاصمة الليبية (أ.ف.ب)

أعلنت السلطات الليبية العثور على رفات المصريين الأقباط الذين ذبحهم تنظيم داعش في مدينة سرت الساحلية عام 2015. وروى شاهد عيان تفاصيل «تصوير وإخراج» عملية ذبحهم، ودفنهم جنوب المدينة، تحت إشراف ما يسمى بـ«والي شمال أفريقيا» أبو معاذ التكريتي. ووسط حالة ترقب تسيطر على أسر الضحايا في محافظة المنيا (جنوب مصر)، قال المتحدث باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة تنسق مع الجهات المعنية في ليبيا لإعادة رفاتهم.
وأفاد رئيس التحقيقات في مكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، أول من أمس، بأنه «عُثر على جثامين الضحايا مكبلة الأيادي ومقطوعة الرؤوس، وبالزي البرتقالي الذي كان يرتديه الضحايا في تسجيل مصوّر نشره التنظيم (داعش) آنذاك». وقال الصور لـ«الشرق الأوسط» إنه «فور انتهاء الطبيب الشرعي مع عمله، وأخذ عيّنة من الرفات لتحليلها، سيتم تسليم الجثامين إلى الجانب المصري».
وفي نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أعلن الصور القبض على أحد منفذي ومصوّر واقعة ذبح الأقباط المصريين في سرت (شمال ليبيا).
وأوضحت إدارة مكافحة الجريمة في مدينة مصراتة، أمس، أن أحد عناصر «داعش» دلّ على المقبرة التي تضم جثث المصريين، جنوب سرت، مشيرة إلى أن فريقاً من النيابة انتقل إليها، ووجد «جميع الرؤوس مفصولة عن الأجساد، والأيادي مقيدة من الخلف بشريط بلاستيكي».
وأضافت: «تم انتشال رفات 21 شخصاً، ونقلت إلى جهاز الطبيب الشرعي في مصراتة. وتبين أن 20 منها لمصريين وواحدة من دولة أفريقية لم يستدل على بلد (صاحبها)».
في السياق ذاته، نقل المركز الإعلامي لعملية «البنيان المرصوص»، عن شاهد عيان، كيفية حفر المقبرة في المنطقة الواقعة بين خشوم الخيل وطريق النهر، في سرت، بالإضافة إلى نوعية المعدات المستخدمة في التصوير. وأوضح المركز الإعلامي، في بيان نشره عبر صفحته على «فيسبوك» أمس، أن النتائج الأولية للتحقيقات مع عناصر «داعش» الذين قُبض عليهم أثناء تطهير سرت من «الإرهابيين» عام 2016، كشفت عن المقبرة الجماعية التي دُفنت فيها جثامين الضحايا، مشيراً إلى أن أحدهم كان شاهد عيان على «الجريمة المروعة، حيث كان يجلس خلف كاميرات التصوير ساعة الذبح، كما كان حاضراً دفنهم».
ومضى الشاهد يسرد تفاصيل القصة لمقاتلي «البنيان المرصوص» قائلاً: «كنت نائماً في مقر ديوان الهجرة والحدود بمنطقة السبعة في سرت، أواخر ديسمبر (كانون الأول) عام 2014، فأيقظني أمير الديوان هاشم أبوسدرة، وطلب مني تجهيز سيارته وتوفير معدات حفر، وتوجهنا إلى شاطئ البحر خلف فندق المهاري بالمدينة». وأضاف الشاهد، بحسب غرفة عملية «البنيان المرصوص»: «عند وصولنا إلى المكان شاهدت عدداً من أفراد (التنظيم) يرتدون زياً أسوداً موحداً، يقودون 21 شخصاً بزي برتقالي، اتضح أنهم مصريون، عدا فرد واحد من دولة أفريقية أخرى». وزاد: «وقفت خلف آلات التصوير، وكان معنا أبو المغيرة القحطاني، وعرفت من الحاضرين أن مشهداً لذبح مسيحيين سيتم تنفيذه لإخراجه في فيديو ليبث على مواقع بالإنترنت».
ويصف الشاهد جانباً من تفاصيل التحضير لتصوير الجريمة، ويقول: «وضعوا قضيبين من الحديد عليهما كرسي متحرك يجلس أعلاه محمد تويعب، أمير ديوان الإعلام، وأمامه كاميرا، في إشارة إلى (الشاريوه) الذي يستخدم في التصوير السينمائي، بالإضافة إلى ذراع طويلة متحركة (كرين) في نهايتها كاميرا يتحكم بها أبوعبد الله التشادي (....)، إضافة إلى كاميرات مثبتة على الشاطئ».
وقال الشاهد «الداعشي» إن المدعو «أبو معاذ التكريتي (والي شمال أفريقيا) كان المخرج والمشرف على كل حركة في المكان». وتابع: «كان يعطي الإذن بالتحرك والتوقف للجميع (....) فقد أوقف الحركة مرات عدة لإعطاء توجيهات خاصة لأبي عامر الجزراوي (والي طرابلس) ليُعيد الكلام، أو النظر باتجاه إحدى الكاميرات»، لافتاً إلى أن «التصوير توقف في إحدى المرات عندما حاول أحد الضحايا المقاومة، فتوجه إليه رمضان تويعب، واعتدى عليه، أما بقية الضحايا فقد كانوا مستسلمين بشكل تام إلى أن بدأت عملية الذبح، فأصدروا صرخات قبل أن يلفظوا أنفاسهم».
ويحكي الشاهد عن آخر لقطة في تصوير المذبحة: «كان التكريتي لا يتوقف عن إصدار التوجيهات، إلى أن وُضعت رؤوس الضحايا فوق أجسادهم، عقب ذلك أمر الجزراوي أن يغيّر مكانه، ليكون في مواجهة البحر، ووضعت الكاميرا أمامه وبدأ يتحدث، وكانت هذه آخر لقطات التصوير».
واستكمل: «بعد انتهاء عملية الذبح والتصوير، رفع كل المشاركين في العملية أقنعتهم، فشاهدت وليد الفرجاني، وجعفر عزوز، وأبو ليث النوفلية، وحنظلة التونسي، وأبو أسامة التونسي، وأبو حفص التونسي»، مشيراً إلى أن «أبو عامر الجزراوي كان قائد المجموعة، وهو من كان يلوح بالحربة، ويتحدث باللغة الإنجليزية في الفيديو».
وانتهى الشاهد قائلاً: «أمر القحطاني بإخلاء الموقع، فكانت مهمتي حمل بعض الجثث في سيارتي والتوجه بإمرة المهدي دنقو لدفنها جنوب مدينة سرت في المنطقة الواقعة بين خشوم الخيل وطريق النهر».
وفيما تسود حالةٌ من الترقب بين مواطني قري العمودين والجبالي وسمسون والعور والسوبي في مركز سمالوط بمحافظة المنيا (جنوب مصر) عقب الإعلان عن العثور على رفات أبنائهم في ليبيا، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، المستشار أحمد أبو زيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الخارجية تسعى من خلال السلطات الليبية، والسفارة المصرية في طرابلس، إلى تأمين عودة رفات الضحايا لدفنهم في موطنهم، مشيراً إلى وجود تواصل مع ذويهم لترتيب كيفية تسلمهم الجثامين.
من جانبه، قال عماد ماهر، أحد مواطني قرية العور، إن نجل خاله بين ضحايا سرت، بالإضافة إلى 5 آخرين تربطهم به علاقة قرابة، مضيفاً أن «أهالي القرية سعداء بالعثور على جثث أولادهم، ويطالبون بدفنهم بالقرب منهم». ولفت ماهر إلى أن مسؤولين بوزارة الخارجية يتم التواصل معهم لتنسيق إعادة رفات الضحايا ودفنها في قراهم.
وفي السياق ذاته، قال رئيس لجنة الشؤون الأفريقية بمجلس النواب مصطفى الجندي لـ«الشرق الأوسط» إن تصفية الأقباط المصريين في ليبيا على أيدي تنظيم داعش عملية «استهدفت بلدنا»، مطالباً بـ«بناء نصب تذكاري لهم لنذكّر العالم بهذه المذبحة البشعة».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».