«نوبل للطب»: الساعة البيولوجية وإيقاع الجسم البشري

كشف جيني وفر تفاصيل دقيقة لفهم آلياتها

«نوبل للطب»: الساعة البيولوجية وإيقاع الجسم البشري
TT

«نوبل للطب»: الساعة البيولوجية وإيقاع الجسم البشري

«نوبل للطب»: الساعة البيولوجية وإيقاع الجسم البشري

أعلنت مؤسسة نوبل يوم الاثنين الماضي عن منحها «جائزة نوبل في الطب أو وظائف الأعضاء» لعام 2017، لثلاثة علماء أميركيين. وقالت على موقعها الإلكتروني: «إن جمعية نوبل في معهد كارولينسكا قد قررت اليوم منح جائزة نوبل لعام 2017 في الطب أو وظائف الأعضاء بالاشتراك لجيفري هول، ومايكل روزباش، ومايكل يونغ، لاكتشافهم الآليات الجزئية المسيطرة على إيقاع الساعة البيولوجية (Circadian Rhythm)».
وأوضحت مؤسسة نوبل أنه قد تم بالفعل علمياً إثبات وتوثيق أنه يوجد داخل أجسام الكائنات الحية، نظام يُكيف عمل الوظائف الحيوية للأعضاء في أجسامها. وتتكيف بهذا النظام لديها سلوكياتها وفق زمان الوقت في اليوم بطريقة ذات «نمط إيقاعي». ولكن إثبات أن ثمة وجوداً لـ«ساعة بيولوجية ذاتية» داخل الجسم هو أمر تم تكوينه في نهاية المطاف لدى العلماء في القرن العشرين، وكان نتيجة لبحوث علمية مضنية تم إجراؤها عبر عشرات السنوات.

ساعة بيولوجية
نعلم اليوم أن «ساعة بيولوجية داخلية» تحرك إيقاعات حصول العمليات البيولوجية في داخل الجسم وتتحكم بالتغيرات اليومية فيها. ومهمتها أن تقوم بتوقع دورات النهار والليل وفق ما يتعرض له الجسم من عوامل شتى كالضوء والظلام، من أجل تحسين وضبط عمل الوظائف الحيوية للأعضاء بالجسم، وكذلك من أجل تحسين وضبط سلوك الكائنات الحية لجعل عيشها خلال مراحل اليوم وعيشها خلال تغيرات فصول السنة عيشا أفضل، يتلاءم مع احتياجات الجسم وراحته وكفاءة عمل أعضائه.
ولكن ظل «شكل» و«موقع» وجود و«كيفية» عمل هذه الساعة مجهولاً، ما تطلب من العلماء إجراء مزيد من البحوث لكشف هذه المجموعة من الجوانب الغامضة آنذاك.
وفي عام 1971 تمكن كل من سيمور بنزر ورونالد كونوبكا من تحديد حصول تغيرات جينية غير طبيعية لدى حشرة «ذبابة الفاكهة»، وأن تلك التغيرات أدت إلى حصول تغيرات في بعض سلوكياتها الحيوية خلال دورة الأربع وعشرين ساعة، وتحديداً في حركة أجزاء من العين ونشاط الجهاز الحركي لدى تلك النوعية من الذباب.

كشف جيني
وبعد عقد من الزمان، أدت الجهود المشتركة لهؤلاء العلماء الثلاثة الذين تم منحهم جائزة نوبل للطب، إلى عزل ووصف الجين الذي يُسمى «جين الفترة» (Period Gene). ولكن تركيبة وتسلسل مكوناته لم يُشر في وقت سابق إلى أن له ارتباطا مباشرا بالساعة البيولوجية الداخلية. ثم حصلت سلسلة من الاختراقات العلمية والبحثية، تم من خلالها التعرف على جينات أخرى مرافقة لجين «الفترة»، وأدت في نهاية المطاف إلى إعطاء «نموذج» وتكوين فكرة ما، أصبح يُعرف بآلية عمليات «التغذية المرتدة لحلقة النسخ» (TranscriptionTranslation Feedback Loop)، (TTFL)، وفي هذه الآلية، فإن نسخ «جين الفترة» ونسخ «جين انعدام الوقت» أو «جين الخلود» (Timeless Gene) المرافق لـ«جين الفترة»، يتم إنتاجه ثم يتم قمع إنتاجه وهدم ما تكون منه، من قبل منتجات أخرى تنتجها الجينات الخاصة بها، أي أن بروتين الفترة (Period Protein) وبروتين الخلود (Timeless Protein) يولدان حالة من التذبذب الذاتي (Autonomous Oscillation) في التكوين والهدم.
وأضافت مؤسسة نوبل قائلة: «كان ثمة وقت لم تكن واضحة فيه تفاصيل عملية النسخ هذه، وحينما تم اكتشاف عمليات (التغذية المرتدة لعملية النسخ) اتضحت الصورة بشكل أفضل، وهو ما دفع العلماء إلى وصف هذا الاكتشاف في حينه بأنه يُقدم (نموذجاً جديداً) لفهم هذا الموضوع الشائك». ومن بعد ذلك أظهرت عدة دراسات تفاصيل عن تسلسل حصول «حلقات ردود الفعل لمتشابكة عمليات النسخ - الترجمة» (Interlocked Transcription - Translation Feedback Loops)، وذلك جنبا إلى جنب مع حصول شبكة معقدة من ردود الفعل الأخرى على مستوى الخلايا الحية. وهي التفاعلات التي تتضمن حصول الفسفرة البروتينية (Protein Phosphorylation) المنظمة، وتفتيت مكونات «التغذية المرتدة لحلقة النسخ» (Degradation Of TTFL Components) وتجميع البروتين المعقّد، والنقل النووي (Nuclear Translocation)، وغيرها من التعديلات لما بعد عملية النسخ، وتوليد التذبذبات خلال فترة الأربع وعشرين ساعة لليوم الواحد.

تكيّف إيقاعي
ونتيجة لكل تلك البحوث والدراسات العلمية، تبين أن المُذبذبات البيولوجية (Circadian Oscillators)، الموجودة داخل الخلايا الفردية الحية، تستجيب بشكل مختلف عند تلقي تلك الخلايا للإشارات، وبالتالي تتحكم في مختلف «النواتج الفسيولوجية» (Physiological Outcomes) لعمل مجموعات الخلايا في الأعضاء المختلفة بالجسم.
ومن أمثلة تلك «النواتج الفسيولوجية»: أنماط النوم، ودرجة حرارة الجسم، وإطلاق مجموعة متنوعة من الهرمونات، ومقدار تقلبات ضغط الدم، والتمثيل الغذائي في العمليات الكيميائية الحيوية. وهذه «النواتج الفسيولوجية» هي في واقع الحال مجموعة من العناصر التي تحصل فيها اختلافات وفق الوقت، ضمن بحر الأربع وعشرين ساعة. ولذا أضاءت تلك الاكتشافات المنبثقة عن جهود كل من العلماء هول وروزباش ويونغ، طريق فهم وتفسير آلية فسيولوجية حاسمة وواضحة على مستوى الجينات والبروتينات، تشرح التكيف الإيقاعي، مع فهم أفضل لآثار مهمة لها على صحة الإنسان ومرضه.
والواقع أنه وبدقة رائعة، على مدار الساعة الداخلية البيولوجية لدينا، يتكيف عمل وظائف الأعضاء في أجسامنا وفق تغيرات مضبوطة في مراحل مختلفة وبشكل كبير خلال اليوم. وعلى مدار الساعة يتم تنظيم المهام الحرجة مثل السلوك والمزاج، ومستويات الهرمون، والنوم، ودرجة حرارة الجسم، والتمثيل الغذائي، وضغط الدم، وقدرات التنسيق، وحركة العضلات، وغيرها كثير. وتتأثر العافية والرفاهية الصحية لدينا عندما يكون هناك عدم تطابق مؤقت بين البيئة الخارجية لدينا وبين إحساس هذه الساعة البيولوجية الداخلية.
وهذا ما يظهر جلياً على سبيل المثال عندما نسافر بسرعة في الطائرة عبر عدة مناطق زمنية، ومعاناتنا من تجربة «الجيت لاغ» أو «تأخر الطائرة». وهناك أيضا مؤشرات على أن الاختلال المزمن بين نمط حياتنا والإيقاع الذي يمليه النظام الداخلي هو في الحقيقة مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالأمراض المختلفة، وهو ما دل عليه كثير من نتائج الدراسات الطبية، مثل تأثيرات عدم النوم في فترة الليل بشكل كاف على ارتفاع احتمالات الإصابة بأمراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم والسمنة، وغيرها.

جين يتحكم في بروتين يتراكم ليلاً ويتدهور نهاراً
عيش الحياة على كوكب الأرض، أي عيش جميع المخلوقات الحية من إنسان وحيوان ونبات وبكتيريا وفطريات وفيروسات، وغيرها مما قد لا نعرفه حتى اليوم، يحصل بطريقة التكيف مع دوران كوكبنا الأرضي. ولقد عرفت الأوساط العلمية والطبية لسنوات كثيرة أن الكائنات الحية، بما فيها البشر، لديها ساعة بيولوجية داخلية تساعدهم على التنبؤ والتكيف مع الإيقاع المنتظم لليوم.
ولكن السؤال الذي ظل محيراً لعشرات السنين هو: كيف تعمل هذه الساعة فعلا في الكائنات الحية المختلفة في خصائصها وتركيب أجسامها وتنوع الأجهزة فيها واختلاف طريقة عيشها ونوعية تغذيتها وبيئة سكنها؟ وما قام به هؤلاء العلماء الثلاثة، وغيرهم من الباحثين في موضوع الساعة البيولوجية من جوانب بحثية شتى، هو تقديم نموذج جديد لنظرة خاطفة لما يحصل في داخل الساعة البيولوجية لدينا، وتوضيح جزء من أعمالها الداخلية. ولذا تمكنت اكتشافاتهم من شرح جوانب عن كيفية تكيف الكائنات الحية كالنباتات والحيوانات والبشر مع إيقاعها البيولوجي الداخلي، بحيث تتم مزامنة تلك الساعة مع مختلف التغيرات التي تحصل في كوكب الأرض.
وباستخدام ذباب الفاكهة ككائن نموذجي، عزل الحائزون على جائزة نوبل لهذا العام جيناً يتحكم في الإيقاع البيولوجي اليومي العادي. وأظهروا أن هذا الجين يشفر البروتين الذي يتراكم في الخلية خلال الليل، ومن ثم يتدهور وجوده خلال النهار. وفي وقت لاحق، قاموا بتحديد مكونات بروتينية إضافية لهذه الماكينة، مما يعرض لنا بشيء من التوضيح الآلية التي تحكم العمل الموقت الذاتي داخل الخلية. ونحن ندرك الآن أن الساعات البيولوجية تعمل بنفس المبادئ في خلايا الكائنات الأخرى المتعددة الخلايا، بما في ذلك البشر.

> استشارية في الباطنية


مقالات ذات صلة

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

صحتك 10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

10 نقاط حول توقف «فياغرا» عن العمل

وصل إلى بريد «استشارات» استفسار من أحد المرضى هو: «عمري فوق الستين، ولدي مرض السكري وارتفاع ضغط الدم. وتناولت (فياغرا) للتغلب على مشكلة ضعف الانتصاب.

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

الأطفال المصابون بـ«كوفيد الطويل الأمد» يتعافون في غضون عامين

مع بداية فصل الشتاء وزيادة احتمالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي واستمرار الحديث عن الأعراض المزمنة لمرض «كوفيد - 19»....

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك 6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

د. عبير مبارك (الرياض)
صحتك من اليسار: القلب السليم مقابل القلب المصاب بالرجفان الأذيني (غيتي)

تتبُع الرجفان الأذيني باستخدام ساعة ذكية؟ تجنّبْ هذا الفخ

يعاني الملايين من الأميركيين من الرجفان الأذيني - وهو اضطراب سريع وغير منتظم في إيقاع القلب يزيد من خطر المضاعفات القلبية الوعائية، بما في ذلك السكتة الدماغية

جولي كورليس (كمبردج - ولاية ماساشوستس الأميركية)
صحتك الأحياء الحضرية تشجع السكان على المشي (جامعة ويسترن أونتاريو)

الأحياء المزدحمة تشجع السكان على المشي

أفادت دراسة أميركية بأن تصميم الأحياء السكنية يُمكن أن يؤثر بشكل كبير على مستوى النشاط البدني للأفراد، خصوصاً المشي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر
TT

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

6 نقاط قد تعيد تفكيرك في الطهي بأواني الحديد الزهر

لا يزال كبار الطهاة العالميين، إضافة إلى ربات البيوت الماهرات في الطهي، يستخدمون أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر Cast Iron Cookware.

أواني الطهي الحديدية

والواقع أن هناك سبباً وجيهاً لاستخدام البشر منذ آلاف السنين هذه النوعية من أواني الطهي، فهي متينة للغاية وغير قابلة للتلف وطويلة الأمد في دوام الاستخدام، وتتحسن جودتها وجودة طعم الأطعمة المطهية بها بمرور الوقت. ولكن حتى مع توفر أنواع كثيرة متطورة من أواني الطهي، سواء بدواعٍ ذات صلة بسهولة الطهي بها أو إعطاء نكهات زكية من خلال استخدامها في طهي الأطعمة أو حتى بدواعٍ صحية، تظل اليوم أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر هي أداة الطهي الكلاسيكية الشائعة كما كانت دائماً في السابق.

وهناك نوعان رئيسان من أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر: أوانٍ عارية مصنوعة من الحديد الزهر Bare Cast Iron، وهي التي يمكن استخدامها على مواقد المطابخ وعلى الحطب. والأخرى أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر المطلية بالمينا Enameled Finish، وتُسمى تجارياً الأفران الهولندية Dutch Ovens التي يجب استخدامها فقط على الموقد أو في الفرن، وليس على الحطب.

ويختلف عموم أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر تماماً، ومن جوانب عدة صحية وغير صحية، عن أواني الطهي المصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ Stainless Steel.

حقائق عن أواني الحديد

ولكن قد يشعر البعض بالقلق بشأن المخاطر الصحية المحتملة لاستخدام أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر، وخاصة تراكم الحديد في الجسم أو احتمالات التسبب بالسرطان. ولهذا إليك المزيد من الحقائق التالية حول أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر وفوائدها الصحية وكيفية التعامل معها، بما يغطي لديك غالبية المعلومات التي تود معرفتها عنها، وهي:

1. أحد الأسباب الرئيسة وراء تفضيل البشر لأواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر هو أنها تتحمل طويلاً وغير قابلة للتلف، مقارنة بغيرها. ولكن إذا تم إهمالها لفترة طويلة فإنها تصدأ. ومقلاة الحديد الزهر مثلاً هي حرفياً قطعة من الحديد الزهر المصبوب على شكل أواني الطهي.

والحديد الزهر بمفرده رمادي اللون وشديد التفاعل، وقادر على الصدأ في غضون دقائق في الهواء الرطب وحده، ما يؤدي تلقائياً إلى التصاق الأطعمة عند الطهي به.

وعملية «التتبيل» Seasoning تقوم بتشكيل طبقة صلبة واقية على سطح أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر، عن طريق تسخين طبقات رقيقة للغاية من الدهون (مثل الزيت) على الحديد الزهر، وإعادة تكوين طبقة من «الزيت المتفحم» عملية تسمى البلمرة Polymerization، ما يشكل طبقة واقية فوق سطح الطهي. وكلما طهينا بمقلاة الحديد الزهر، أصبحت هذه الطبقة من الزيت أكثر سمكاً، ما يحول المقلاة إلى «قطعة أثرية» ذات سطح طهي أكثر نعومة وداكنة.

ومن دون هذه الطبقة من الزيت المتفحم، تتآكل أواني الطهي المصنوعة من الحديد وتصدأ بسبب الأكسجين والرطوبة في الهواء، وتلتصق عليها الأطعمة. ولذا فإنه مع القليل من التنظيف والعناية، يمكن استعادتها إلى حالة شبه جديدة وملائمة للطهي بطريقة صحية. وخاصة عند كثرة طهي الأطعمة الحمضية مثل الطماطم وعصير الليمون والخل، التي قد تزيل بعض الطبقة الطبيعية غير اللاصقة لمقلاة حديد الزهر.

2. عملية «التتبيل» يتم إجراؤها لأول مرة في مصانع أواني الطهي المصنوعة من حديد الزهر، قبل تقديمها للمستهلك. حيث يتم رش طبقة رقيقة من الزيت النباتي على السطح، ثم خبزها في درجة حرارة عالية في فرن كبير. ولكن يجدر التأكد من إجراء المصنع لهذه العملية عند شراء تلك الأواني للطهي وقبل استخدامها في المطبخ المنزلي.

هناك طريقتان للحفاظ على تتبيل أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر. الطريقة الأفضل والأسهل هي الطهي فيها بانتظام، حيث إنه في كل مرة يُطبخ فيها بالزيت أو الدهن، تُضاف طبقة أخرى من التتبيل إلى المقلاة. وبمرور الوقت، تتراكم هذه الطبقات لتشكل سطح طهي قوي غير لاصق. والطريقة الأخرى يُلجأ إليها إذا تمت ملاحظة أن المقلاة أو القدر أصبحا باهتي اللون أو رماديي اللون. ويتم أولاً غسل مقلاة الحديد الزهر بالماء الدافئ والصابون. ثم تجفيفها تماماً بمنشفة ورقية أو قطعة قماش خالية من النسالة. ويمكن وضعها على الموقد على نار خفيفة لبضع دقائق للتأكد من أنها جافة تماماً. بعد ذلك تُضاف طبقة رقيقة جداً من زيت الطهي (القليل من الزيت) على سطح الحديد الزهر (من الداخل والخارج) بقطعة قماش أو منشفة ورقية خالية من النسالة. ثم سخن الفرن إلى 350 - 450 درجة فهرنهايت (177 - 232 درجة مئوية). ثم ضع أواني الطهي مقلوبة على الرف الأوسط. يساعد هذا في منع الزيت من التجمع على سطح الطهي. اخبز لمدة ساعة. بعد ذلك أطفئ النار واترك المقلاة المصنوعة من الحديد الزهر تبرد في الفرن، ليسمح ذلك للدهون بالتصلب والالتصاق بالحديد.

فوائد ومخاوف صحية

3.هل الطهي باستخدام الحديد الزهر له فوائد صحية؟ هذا سؤال يتم طرحه كثيراً. وهناك جانبان للأمر، هما: موضوع الحديد وموضوع سلامة نضج الطهي. ونظراً لأن أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر موصل ممتاز للحرارة، فيمكنها الحفاظ على درجات حرارة عالية لفترات طويلة من الزمن، ما يعزز الطهي «المتساوي» لأجزاء اللحم أو الدواجن أو الأسماك، سواء كانت قطعاً، أو مفرومة. كما أن الخبز في مقلاة من الحديد الزهر يصنع قشرة مقرمشة على القطع المخبوزة. ومعلوم أن الطبقة المقرمشة من الخبز أغنى بالمواد المضادة للأكسدة من اللب الأبيض داخلها، ما يعزز الفوائد الصحية.

ويقول بعض خبراء التغذية الصحية إن أواني الحديد الزهر تتناسب مع طرق الطهي الصحية منخفضة السعرات الحرارية التي تحافظ على الطعام خالياً من الدهون ولا تتطلب الكثير من الزيت، مثل الطرق القائمة على الغلي في الماء، بما في ذلك السلق والطهي على نار هادئة، بالإضافة إلى الشواء والشواء السريع.

4. أحد أكبر المخاوف المتعلقة بالطهي باستخدام المقالي المصنوعة من الحديد الزهر هو أنه نظراً لقدرتها على نقل كمية معينة من الحديد إلى طعامك، فقد يكون ذلك ضاراً بصحتك. والحديد هو معدن رئيس في مكونات بروتين يسمى الهيموغلوبين، الذي يحمل الأكسجين إلى خلايا الدم الحمراء في جميع أنحاء الجسم.

ولكن كمية الحديد التي تنتقل إلى الطعام من المقالي المصنوعة من الحديد الزهر ضئيلة للغاية لأنها «متبلة» بطبقة عازلة، كما تقدم توضيحه، والذي لا يتسرب منه كمية كبيرة من الحديد إلى الأطعمة. وبالتالي لا يشكل هذا الأمر مصدر قلق صحي كبير. كما لا ينبغي اعتبار الطهي باستخدام الحديد الزهر مكملاً للحديد (أي لتزويد الجسم بالحديد) أو بديلاً عن تناول الأطعمة الغنية بالحديد. ومع ذلك، فإن استخدام مقلاة من الحديد الزهر غير متبلة، أو متبلة بشكل سيئ، يمكن أن يساهم في زيادة الحديد الذي يدخل الجسم. بالإضافة إلى ذلك، فإن طهي الأطعمة الحمضية، مثل الطماطم والحمضيات، قد يؤدي إلى تسرب المزيد من الحديد من المقلاة، لأنها يمكن أن تجرد طبقة التتبيل الدهنية، ووفقاً لما يشير إليه أطباء مايو كلينيك، فإن الطهي باستخدام الحديد الزهر قد يشكل خطراً في بعض الحالات النادرة مثل «مرض ترسب الأصبغة الدموية» Hemochromatosis الذي يتسبب في امتصاص الجسم للكثير من حديد الأطعمة التي يتناولها الشخص. وبالتالي تخزين الجسم لكميات زائدة من الحديد في أعضائه، وخاصة في الكبد والقلب والبنكرياس، ما يعرضه لخطر الإصابة بمشكلات صحية تهدد الحياة، مثل أمراض الكبد ومشكلات القلب والسكري.

و«مرض ترسب الأصبغة الدموية» هو حالة وراثية، ومعظم الأشخاص لا يعانون من علامات وأعراض حتى منتصف العمر، أي بعد سن الأربعين للذكور وبعد سن الستين للإناث. وإذا كان لدى شخص ما أقارب مصابون بالمرض، فيمكنهم إجراء الاختبار لمعرفة ما إذا كانوا مصابين به.

من مخاطرها تراكم الحديد في الجسم أو احتمالات التسبب بالسرطان

مواد مسرطنة محتملة

5. تتمثل إحدى الفوائد الرئيسة الأخرى في أنه عند اختيارك أواني الحديد الزهر بدلاً من أواني الطهي الحديثة غير اللاصقة، فإنك ستتجنب حمض البيرفلورو الأوكتانويك PFOA، وهو مادة مسرطنة محتملة. ولكن هناك بعض المخاوف من أن المقالي المصنوعة من الحديد الزهر قد تنتج مواد كيميائية تعرف باسم الأمينات الحلقية غير المتجانسة HCAs والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات PAHs، والتي ترتبط بزيادة خطر الإصابة بالسرطان؛ وذلك لأن هذه المواد الكيميائية تتشكل عندما يتم طهي اللحوم، بما في ذلك لحم البقر ولحم الضأن والأسماك والدجاج، باستخدام تقنيات الطهي عالية الحرارة، مثل القلي في المقلاة والشواء على لهب مكشوف، وفقاً لما يقوله المعهد الوطني الأميركي للسرطان National Cancer Institute. ولكن تفيد المصادر الطبية بأن مخاطر الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات والهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات تشكل مصدر قلق صحي في المقام الأول فقط عند شواء الأطعمة الحيوانية مباشرة على اللهب. حيث تتشكل الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات عندما تتساقط الدهون والعصائر من اللحوم على نار مفتوحة أو سطح ساخن، ما يتسبب في حدوث ألسنة اللهب والدخان. وتتواجد الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات في الدخان ثم تلتصق بسطح اللحم، وفقاً للمعهد الوطني الأميركي للسرطان. وصحيح أن أواني الحديد الزهر تتحمل درجات الحرارة العالية، لكن هذا لا يعني أنك تطبخ على الموقد أو في الفرن بدرجة حرارة عالية بما يكفي للقلق بشأن المواد المسرطنة. وعادة ما تكون هذه مشكلة فقط عند الشواء، ولا ينبغي أن يؤدي الطهي في الداخل باستخدام مقلاة من الحديد الزهر إلى حدوث أي من هذه المشكلات المسببة للسرطان.

6. مزايا أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر لا تتوقف عند هذا الحد، بل تشمل ما يلي:

-تحتفظ بالحرارة جيداً. حيث إنه بمجرد تسخين الحديد الزهر، يظل دافئاً مما يساعد في الحفاظ على سخونة الطعام. ولكن يجب أن تعلم أيضاً أن هذا يعني أن الحديد الزهر يستغرق بعض الوقت حتى يسخن تماماً ويبرد تماماً.

- تعمل جيداً مع العديد من مصادر الحرارة. إذ يمكن استخدام الحديد الزهر على أي نوع من مواقد الطهي (الغاز أو الكهرباء). ويمكن استخدامه أيضاً على لهب مكشوف مثل نار الحطب والفحم، أو وضعه مباشرة في الفرن مثل طبق الخبز.

- سهلة التنظيف. بمجرد أن تعرف أساسيات تنظيف الحديد الزهر، فلن يكون تنظيفه أكثر صعوبة من أنواع أخرى من أواني الطهي. بالإضافة إلى ذلك، فإن سطحه الطبيعي غير اللاصق قد يجعل تنظيفه أسهل من الزجاج أو الألمنيوم.

- توفر أواني حديد الزهر بأسعار معقولة. غالباً ما تُباع أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر بأسعار معقولة ونظراً لأنها تدوم إلى الأبد تقريباً، يمكنك اعتبارها استثماراً لمرة واحدة. من السهل عادةً العثور على الحديد الزهر في متاجر التوفير والمتاجر المستعملة أيضاً.

- تأتي بأشكال وأحجام عديدة. ربما تكون مقالي الحديد الزهر هي الشكل الأكثر شيوعاً لهذه الأواني، ولكن يستخدم الحديد الزهر أيضاً لصنع الأواني والمقالي وأطباق الكيك وأطباق البيتزا والمزيد.

- يمكن استخدامها للطهي والتقديم. يجد العديد من الأشخاص أن أواني الطهي المصنوعة من الحديد الزهر جميلة من الناحية الجمالية ويمكن أن تشكل إضافة رائعة لأي طاولة طعام. في الواقع، تستخدم العديد من المطاعم الراقية مقالي صغيرة مصنوعة من الحديد الزهر كأطباق تقديم.

* استشارية في الباطنية