راجح الخوري
كاتب لبناني
TT

سلمان وبوتين... قمة تاريخية

تكتسب الزيارة التي يقوم بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز إلى روسيا اليوم أهمية تاريخية، على أكثر من صعيد، وحيال مروحة من القضايا الساخنة والملفات الحيوية، التي تتصل بالعلاقات بين بلدين يلعبان دوراً محورياً مهماً على المستويين الإقليمي والدولي، وفي القضايا المهمة التي تشغل الساحتين السياسية والاقتصادية.
ليس فقط لأنها أول زيارة يقوم بها عاهل سعودي إلى موسكو فحسب، بما يعمّق العلاقات ويرسخ أطر التعاون بين البلدين، وخصوصاً منذ زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى الرياض في فبراير (شباط) من عام 2007 التي كانت قد سبقتها عام 2006 زيارة الملك سلمان لموسكو، يوم كان أميراً لمنطقة الرياض؛ بل لأنها تأتي انطلاقاً من خلفية ما يقوله نائب مدير البحث في المجلس الروسي للسياسة الخارجية والدفاع، ديمتري سوسلوف، من أن «المملكة العربية السعودية هي حارس بوابة الشرق الأوسط التي يمكن أن تفتح أبواب المنطقة أمام روسيا، وتمهّد لتحسين علاقات موسكو مع معظم دول المنطقة».
صحيح أن روسيا كانت أول دولة أعلنت اعترافها رسمياً بالمملكة العربية السعودية، في فبراير من عام 1926، وصحيح أن العلاقات بين البلدين عرفت مراحل من الدفء والفتور، ولكن تاريخاً من الزيارات والمحادثات بينهما لم ينقطع، وخصوصاً من منطلق الدور المحوري والمؤثر لكل منهما، وهكذا كان اللقاء بين الملك سلمان بن عبد العزيز والرئيس بوتين في أنطاليا بتركيا عام 2015، على هامش «قمة العشرين» التي تجمع البلدين عضوين مهمين فيها، موضع اهتمام ومتابعة عميقين من المراقبين.
وكل ذلك على خلفية الانعكاسات والنتائج المهمة للتعاون بين البلدين، في مسائل النفط الذي يؤثر على الدورة الاقتصادية العالمية، كما في القضايا والمشكلات السياسية الملتهبة التي تتصل بتطورات الوضع في سوريا، وفي الحرب على الإرهاب التي كانت الرياض ولا تزال السبّاقة في الانخراط فيها بقوة، وفي السعي الحثيث لبناء موقف دولي شمولي في الحرب على الإرهاب، حيث تواصل المملكة حربها المنهجية على الإرهابيين في الميادين، وعبر تمويل المؤسسات الدولية التي تكافحهم، وتلك التي تسهر على تعميق الحوار بين الأديان والحضارات.
وفي السياق، تقول رئيسة مجلس الاتحاد للجمعية الفيدرالية الروسية فالنتينا ماتيفيكو التي زارت الرياض في منتصف أبريل (نيسان) الماضي واستقبلها الملك سلمان، إن موسكو تقدّر بعمق أهمية الدور السعودي في تعزيز الأمن والسلم الدوليين، والجهود الحثيثة التي تبذلها لمكافحة الإرهاب والقضاء على تنظيماته.
مجموعة من الملفات الساخنة ستكون محور المحادثات بين الملك سلمان والرئيس بوتين؛ من اليمن حيث يفترض دعم الشرعية في وجه الانقلابيين الذين تحركهم إيران، وأيضاً تطورات الوضع في سوريا بعد الدخول في مرحلة مناطق خفض التوتر، إلى العراق حيث يرتفع الغيظ من تمادي العبث الإيراني، إضافة طبعاً إلى العلاقات الاقتصادية المتنامية بين البلدين.
زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى موسكو في مايو (أيار) الماضي واجتماعه مع بوتين، أعطيا دفعاً قوياً للعلاقات على أكثر من صعيد، حيث قال بوتين: «إننا ننتظر الزيارة التاريخية للملك سلمان، وإن تفاهماتنا المنسقة تسمح باستقرار سعر النفط، وتشمل المستويين السياسي والعسكري، والتعاون لحل الأزمات، بما في ذلك سوريا».