حين خرج رئيس الوزراء الفلسطيني، رامي الحمد الله، على رأس وفد حكومي كبير من رام الله متجها إلى قطاع غزة، رافقته قوة أمنية عالية التدريب، مضت معه في شوارع الضفة ودخلت إلى قطاع غزة عبر معبر «ايرز» بيت حانون، الذي تسيطر عليه إسرائيل، وأمّنت تحركاته في قطاع غزة التي تسيطر عليه حركة حماس.
وعلى الرغم من أن الحركة الإسلامية وضعت خطة أمنية شاملة لتأمين زيارة الحمد الله ووفده، وأعلنت استنفارا كاملا، لكن الحلقة الأمنية الضيقة التي أشرفت على الأمن الشخصي للحمد الله، هي التي تحكمت في تحركاته، فقدمت بعض الزيارات وأرجأت أخرى، مثل زيارة البيت الذي أعيد بناؤه في حي الشجاعية، الذي تأخرت زيارته أكثر من 3 ساعات. ولم يتأكد حتى الآن، ما إذا كان خلاف أمني قد نشأ فعلا، بين حرس الرئاسة الذي رافق الحمد الله وأمن حماس عند معبر ايرز، هو ما أخر وصول الموكب نصف ساعة.
لكن الزيارة، وهي الأولى للحمد الله لقطاع غزة منذ العام 2014، تميزت على أي حال، بالحضور الأمني المكثف. فقد انتشر مئات عناصر الأمن التابعين لحماس قبل يوم واحد من الزيارة، على طول الشوارع وفي الميادين والقاعات والمنازل، والمواقع التي كان من المفترض أن يزورها الحمد الله، في حين رافق عشرات عناصر الأمن الشخصي كل مسؤول في السلطة وفي حماس على حدة.
وفي أوقات كثيرة، عندما كان يلتقي مسؤولو الطرفين، مثلما ما حدث في منزل القيادي في حركة فتح أحمد حلس، كانت هوية الحرس الشخصي الخاص وتبعيته للسلطة أو حماس غير ممكنتين إلا من خلال اللحى؛ إذ يطلق عناصر أمن حماس لحاهم، في حين يجبر القانون عناصر أمن السلطة على حلاقتها.
وهذا التداخل، الذي اضطرت العناصر من السلطة وحماس إلى التعامل معه تحت تأثير الفوضى والضغط العصبي، وكان مؤقتا بطبيعة الحال، يكشف إلى أي حد يصعب حل ملف الأمن المعقد في غزة. وملف الأمن هو واحد من أعقد الملفات التي لم تستطع الحركتان الاتفاق حوله حتى الآن.
وخلال سنوات طويلة من الانقسام، عززت حماس من قبضتها الأمنية في قطاع غزة، ووظفت عشرات آلاف الرجال الجدد.
وفي سنوات سابقة ومفاوضات متقدمة، عندما طرح هذا الملف، اشترطت حماس من أجل أي ترتيبات أمنية، التبادل والتزامن، أي العمل على ترتيب الأوضاع في غزة والضفة معا، بمعنى أن عودة قوات الرئيس الفلسطيني إلى غزة تتطلب دمج حماس في الأجهزة الأمنية في الضفة، وتلك المسألة هي في حقيقة الأمر أكثر تعقيدا وأكبر مما تتمناه حماس وفتح حتى. وعملياً، لا يمكن لعناصر من حماس العمل في أجهزة أمن الضفة، ولا عناصر من فتح العمل في أجهزة الأمن التي تديرها حماس في غزة؛ بسبب التعقيدات السياسية والأمنية والحزبية أيضا.
كما أن السلطة لن تتحمل تفريغ آلاف جدد يضافون إلى عشرات آلاف عناصر الأمن الذي يعملون في الضفة الغربية، وآلاف آخرين لا يعملون في قطاع غزة ويتلقون رواتب.
وتريد حماس فورا تفريغ نحو 9 آلاف عنصر أمن جديد تابعين لها. وهو ما ترفضه السلطة الفلسطينية.
ثم أنه لا يمكن إحكام القبضة الأمنية بالشكل الصحيح على قطاع غزة، في ظل وجود جيش كبير من كتائب القسام.
وتمثل القسام درة التاج بالنسبة لحماس وتتحكم بالمواقع الأكثر حساسية، مواقع تدريب، وحدود، ومخازن صواريخ وأسلحة، كما تمتلك مدينة من الأنفاق. ولا يوجد عدد دقيق لعناصر القسام، لكن تقديرات إسرائيلية تقول: إنها تتجاوز 10 آلاف مقاتل.
وتتحكم القسام في الحدود مع مصر وفي الحدود مع إسرائيل، وكذلك في الأجهزة الأمنية التي تحكم قطاع غزة الآن. والقسام هي القوة المهابة رقم 1 في قطاع غزة، وهي التي ستقرر، في نهاية المطاف، إلى أي حد يمكن أن تعمل السلطة في غزة. وطرحت فتح سابقا، أن تحتفظ القسام بسلاحها، لكن من دون أن يكون ظاهرا، ورفضت حماس مناقشة سلاح المقاومة من أساسه.
فهل تحل وشوشات لوحظت بين رجل الأمن القوي في السلطة رئيس جهاز المخابرات ماجد فرج، وزعيم حماس القوي في غزة يحيى السنوار، الذي يوصف بأحد صقور القسام هذا الملف اللغم؟
سيكون أيضا على وفد أمني مصري تجمع في غزة على دفعتين، أن يشارك في الإجابة عن السؤال الأصعب.
وشوشات فرج والسنوار تثير الاهتمام والتداخل الأمني الكبير يؤكد أسئلة الملف الصعبة
مئات من عناصر «حماس» والسلطة وحراس شخصيون عملوا في ظروف صعبة ومربكة
وشوشات فرج والسنوار تثير الاهتمام والتداخل الأمني الكبير يؤكد أسئلة الملف الصعبة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة