رئيس الوزراء المصري يؤكد نجاح حكومته في استعادة الاستقرار الأمني والاقتصادي

افتتح دور الانعقاد الجديد للبرلمان... ونفى أي نية للتعديل الوزاري

TT

رئيس الوزراء المصري يؤكد نجاح حكومته في استعادة الاستقرار الأمني والاقتصادي

بدا رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل واثقا من أداء حكومته، نافيا أي نية لإجراء تعديل وزاري في القريب العاجل، مؤكدا في بيانه أمام مجلس النواب (البرلمان) أمس، أن «الهم الأكبر للدولة المصرية كان أن تستقر دعائمها وتحافظ على كيانها»، وأنه «تم إنجاز هذه المرحلة بنجاح... وتحقق الاستقرار الأمني والاقتصادي بعد أن استعادت مؤسسات الدولة عافيتها».
ويتولى إسماعيل رئاسة الوزراء منذ سبتمبر (أيلول) 2015. وخلال الأيام الماضية تناقلت وسائل إعلام محلية أنباء عن تعديل وزاري، في ظل حالة غضب شعبي متزايد جراء ارتفاع الأسعار المتواصل في السلع والخدمات.
ويمنح الدستور المصري البرلمان حق سحب الثقة من الحكومة أو عدد من وزرائها. وخلال افتتاح دور الانعقاد الثالث لمجلس النواب أمس، قال إسماعيل إن «الحكومة تتطلع لمزيد من التواصل والتنسيق مع مجلس النواب بشأن وضع أجندة تشريعية مهمة لوضع مصر في المكانة التي تستحقها وفق استراتيجية طموحة حدد ملامحها الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وأشار إسماعيل إلى أن المرحلة المقبلة حرجة ومهمة جدا وتتطلب العمل والتنسيق بين الحكومة ومجلس النواب، مضيفا أن مصر لديها كل مقومات النهضة الشاملة وتعمل باستراتيجية من شأنها تحقيق قفزة تلحق مصر بمصاف الدولة المتقدمة.
وأكد إسماعيل أهمية الدور الرقابي والتنسيق بين المجلس والحكومة والأجهزة الرقابية للوقوف ضد الفساد والمفسدين، منوها لعمل الحكومة على إعداد الحكومة عددا من التشريعات المهمة، على رأسها قانون التأمين الصحي الذي ستقدمه الحكومة للبرلمان في القريب العاجل، إلى جانب مشاريع أخرى بشأن التأمينات الاجتماعية، والإدارة المحلية، والشباب، وحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلا عن مشروع قانون منظم للمزايدات والمناقصات.
ولفت إسماعيل إلى أن المرحلة التي تعيشها مصر حاليا هي مرحلة تثبيت دعائم الدولة المصرية في حربها ضد الإرهاب الأسود، والذي قامت فيه القوات المسلحة بالجهد الأكبر، مشيدا بدعم مجلس النواب، والتي يعقبها الانتقال إلى مرحلة الإصلاح الاقتصادي.
وأعرب إسماعيل عن احترامه الكامل لكافة الآراء ووجهات النظر التي يبديها أعضاء مجلس النواب والتي تأتي استجابة لاحتياجات الموطنين، مشيرا إلى حرص حكومته على بذل المزيد من الجهد لتحقيق النهضة الشاملة، وتحقيق قفزة تتيح لمصر الالتحاق بركب التقدم.
ولفت رئيس الوزراء إلى أن التحدي الأكبر الذي يتعين مواجهته هو الزيادة السكانية؛ حيث بلغت الزيادة السكانية نسبة غير مسبوقة تلتهم كل ما يتم تحقيقه من معدلات النمو، مشيرا إلى أن الحكومة وحدها لن تستطيع النجاح ما لم تتضافر الجهود. وأكد أن مجلس النواب كان نعم المعين في مواجهة هذا التحدي الكبير، معربا عن تطلعه إلى مزيد من التعاون لإنجاز الأجندة التشريعية التي تضع مصر على خريطة النهضة وفي المكانة التي تستحقها.
وجدد إسماعيل التأكيد على التزام الحكومة ببرنامجها الذي سبق لمجلس النواب الموافقة عليه، معلنا أن الحكومة ستقدم خلال أسبوع تقريرا عن برنامجها للبرلمان وما تم فيه من إنجازات على مدار سنة ونصف.
وكان الدكتور علي عبد العال رئيس مجلس النواب قد أعلن افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث للفصل التشريعي الأول، بمقتضى قرار رئيس الجمهورية رقم (470) لسنة 2017. ودعا عبد العال الحكومة إلى «ضبط الأسعار تخفيفا لمعاناة المواطنين، وتحسين جودة الخدمات حتى يرى المواطن نتيجة قرارات الحكومة في أقرب وقت ممكن»، وقال إن «الدولة بجميع مؤسساتها وفي مقدمتها مجلس النواب تسعى لتحقيق طموحات الشعب».
وجه رئيس المجلس رسالة إلى الرأي العام، مؤكدا أن الدولة بجميع مؤسساتها، وفي مقدمتها مجلس النواب، حريصة على الصالح العام والاستماع إلى الرأي العام، منتقدا من وصفهم بـ«من يحاول تشويه صورة مجلس النواب». وأضاف: «سيتم توقيع الجزاءات الرادعة على المخالفين الذين أرادوا المساس بهيبة المجلس والإساءة له ليس في الإعلام فقط ولكن في المؤسسات الدستورية».
في السياق ذاته، أعلنت وزارة الداخلية المصرية أمس مقتل 3 من أبرز كوادر حركة «حسم» المسلحة، التي تبنت عددا من التفجيرات الإرهابية على مدار العام الجاري، وتقول السلطات إنها «الجناح المسلح لجماعة الإخوان المسلمين».
وقال مسؤول مركز الإعلام الأمني في بيان أمس إن «معلومات توافرت لقطاع الأمن الوطني، تفيد تردد مجموعة من كوادر الحركة على منطقة مقابر بحي 15 مايو (أيار) بمحافظة القاهرة ليلاً، هروباً من الملاحقة الأمنية، وأنهم بصدد الإعداد الفعلي لتنفيذ عمل عدائي خلال المرحلة الراهنة».
وأضاف أنه تم التعامل مع تلك المعلومات عقب استئذان نيابة أمن الدولة، والانتقال للمكان المشار إليه ومحاصرته، إلا أنه حال اقتراب القوات للمكان، فوجئت بإطلاق أعيرة نارية كثيفة تجاهها، مما دفعها للتعامل مع مصدر النيران. وأشار إلى أن تبادل إطلاق النيران أسفر عن مصرع ثلاثة من العناصر الإرهابية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.