آدم صالح لـ «الشرق الأوسط»: أتمسك بتقاليدي العربية وهدفي التصدي للعنصرية

مدوّن الفيديو الأميركي من أصل يمني يروي للمرة الأولى تفاصيل حادثة «طيران دلتا»

مدوّن الفيديو الأميركي من أصول يمنية آدم صالح أصبح من مشاهير «يوتيوب» - صورة نشرها المدوّن على حسابه على «إنستغرام» للقائه بمتابعيه في دبي - جانب من التسجيل الذي نشره صالح أثناء طرده من على متن طائرة لخطوط «دلتا» الأميركية
مدوّن الفيديو الأميركي من أصول يمنية آدم صالح أصبح من مشاهير «يوتيوب» - صورة نشرها المدوّن على حسابه على «إنستغرام» للقائه بمتابعيه في دبي - جانب من التسجيل الذي نشره صالح أثناء طرده من على متن طائرة لخطوط «دلتا» الأميركية
TT

آدم صالح لـ «الشرق الأوسط»: أتمسك بتقاليدي العربية وهدفي التصدي للعنصرية

مدوّن الفيديو الأميركي من أصول يمنية آدم صالح أصبح من مشاهير «يوتيوب» - صورة نشرها المدوّن على حسابه على «إنستغرام» للقائه بمتابعيه في دبي - جانب من التسجيل الذي نشره صالح أثناء طرده من على متن طائرة لخطوط «دلتا» الأميركية
مدوّن الفيديو الأميركي من أصول يمنية آدم صالح أصبح من مشاهير «يوتيوب» - صورة نشرها المدوّن على حسابه على «إنستغرام» للقائه بمتابعيه في دبي - جانب من التسجيل الذي نشره صالح أثناء طرده من على متن طائرة لخطوط «دلتا» الأميركية

بعد طول انتظار، تحقق حلم جسيكا ابنة الـ15 ربيعا. فبعد عام كامل من مشاهدتها كل فيديو يدونه الأميركي من أصل يمني آدم صالح (24 عاما)، وسماع كل أغنية أطلقها على قناته الخاصة على الـ«يوتيوب» التقته لأول مرة في لندن أثناء زيارته القصيرة لإجراء بعض الاجتماعات مع مدير أعماله المقيم في بريطانيا.
جسيكا هي ابنتي التي تثقفني من الناحية التقنية، وأتقرب من خلالها أكثر إلى ما آل إليه عالم التواصل الاجتماعي، ومنها أدرك إلى أي زمن إعلامي نتجه.
الواضح ومن خلال ما رصدته من خلال توجهاتها، بأن الإعلام يتوجه إلى «يوتيوب» وتدوين الفيديو، والصحافة تتجه هي أيضا إلى المدونين. آدم صالح هو مثال واضح على الانتشار الواسع لمدوني الفيديو الذين يطلق عليهم اسم Vloggers أو E Video Loggers. هذه ليست هواية، بل مهنة تجني المال على صاحبها في حال نجح - كحال آدم - في استقطاب أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون مشاهد على «يوتيوب»، وأكثر من مليون ونصف المليون متابع على تطبيق «إنستغرام».
للاستعلام أكثر حول موضوع الإعلام الإلكتروني والتدوين التلقائي التقت «الشرق الأوسط» آدم صالح في منزل مدير أعماله ناز في منطقة قريبة من شمال لندن، واستهل كلامه بعبارة «أبي سيكون سعيدا جدا بهذه المقابلة»، مشيرا إلى أصول والده اليمنية، حيث ولد آدم صالح في نيويورك بعد 11 عاما من انتقال والديه إلى الولايات المتحدة، ولديه 3 أشقاء وشقيقتان، لكنهم لم يرغبوا يوما في الظهور في أحد الفيديوهات التي يصورها وينشرها على قناته يوميا، لكنه يستعين من وقت إلى آخر بمحسن ابن أخيه (عاما) وريما ابنة أخيه (5 أعوام)، وينفذ مقالب كثيرة بوالده ووالدته.

عقبات في بداية المشوار

عن بدايته، يقول آدم، إنه درس القانون في جامعة نيويورك لمدة سنتين ليدرك بعدها بأن القانون ليس ما يريد أن يمتهنه في المستقبل، وسيطر شغفه بالموسيقى على الدارسة، ولو أن الأمر لم يكن مستحبا بالنسبة لوالديه، ويشرح هنا: «كما تعلمين العائلات العربية تفضل دائما بأن يكون ابنها طبيبا أو محاميا أو مهندسا»، وضحك بعدها كثيرا، وتوقف فجأة عن التكلم بالإنجليزية وقال: «الحمد لله» نجحت بما أفعله وجعلت أهلي يشعرون بالفخر وهذا يكفيني.
مر آدم بظروف صعبة في بداية حياته، وتعرض للعنصرية والتنمر في المدرسة، ويشرح هنا بأنه في الماضي كانت العنصرية تغزو المدارس والأحياء الشعبية في نيويورك، وتعرض لمواقف بشعة جدا؛ لأنه مسلم ومن أصول عربية، ولا ينتمي إلى المحيط الذي يعيش به، وقال إنه قام هو أيضا بأشياء لا يفتخر بها؛ لأنه كان محاطا بأصدقاء غير صالحين، وهذا ما جعله اليوم يشدد على نشر رسالة مهمة في الفيديوهات التي ينشرها لتكون مفيدة لأي شخص عربي يغرد خارج سربه ويعيش بعيدا على مجتمعه.
لم يكن يعرف آدم أن نشر فيديو في عام 2013 سيجعله شخصا مشهورا، فبدأ الأمر كتسلية، لكن عندما أدرك تأثير ما ينشره وما رافقه من ارتفاع ضخم في عدد المشاهدين تحولت الهواية إلى مهنة يعتاش منها، واليوم لديه فريق عمل يضم أكثر من عشرين شخصا، من مدير أعمال إلى منسق إعلامي إلى مصمم غرافيك ومصور وغيره من اختصاصيين في عالم الإعلام الإلكتروني. ولليوم، قام صالح بعروض في أربعين مدينة حول العالم، ويقول إن حلمه هو تأدية عرض في المملكة العربية السعودية؛ لأنه يملك شريحة كبرى من مشاهديه من ذلك البلد الذي يحبه ويحب أهله.

محتوى يحارب العنصرية

مشاهدو قناة آدم صالح هم في المرتبة الأولى عرب، ويأتي بعدهم نسبة كبيرة من دول آسيوية مختلفة، وهناك فئة لا بأس بها من الأشخاص المعجبين بالثقافة العربية، وهنا يشدد صالح على أهمية التمسك بتقاليدنا، وهذا ما يعمل عليه في جميع حفلاته والفيديوهات التي يطلقها يوميا، ويقوم آدم بجولة عالمية كل عام يسافر خلالها إلى بلدان عربية وغربية عدة، ويقدم عروضا يجمع فيها الفن من كل أطرافه، فيبدأ آدم حفله بفيديو يظهر فيه يهرول من نيويورك إلى البلد الذي يقوم بتأدية عرضه فيه، وبعدها يؤدي ما يعرف بالـ«Stand Up Comedy» يشارك الحضور من خلاله نكات وأخبارا طريفة ومواقف يتعرض إليها في منزله، ويلي ذلك التكلم عن فكرة معينة تكون بمثابة رسالة معينة، ويؤدي أغنية من أغانيه مثل Survivor وOn My Way. ويشدد صالح دائما على موضوع مكافحة وتصدٍ للعنصرية؛ لأنه يجد بأن جميع المجتمعات لا تزال تعاني منها، وفي النهاية يفتح المجال أمام الحضور لطرح الأسئلة.
ويقول إن أعمار الحضور لا تقتصر على سن معينة، فهناك من هم في سن المراهقة، ومن هم في سن والده السبعيني الذين يوجهون إليه التحية بالعربية.

ملابسة «طيران دلتا»

شهرة آدم زادت عندما تعرض إلى موقف محرج منذ بضعة أشهر على متن إحدى الطائرات التابعة لشركة «دلتا» الأميركية، عندما طلبت سيدة بريطانية منه التوقف عن التكلم بالعربية (أثناء مكالمة أجراها مع والدته)؛ مما أدى إلى إجباره وصديقه على ترك الطائرة والتوجه على متن رحلة أخرى.
عن هذا الموضوع يقول آدم، إنها هذه المرة الأولى التي يتكلم بها إلى الصحافة؛ لأنه لم يجد جدوى في التكلم إلى أي جهة، ولو أنه طلب منه أكثر من مصدر بأن يتكلم ويدافع عن نفسه، وشرح هنا بأنه لم يبتدع القصة للحصول على شهرة إضافية مثلما ظن واتهمه البعض، وتابع بأنه كان في طريق العودة من عرض أداه في أستراليا فتوجه إلى دبي، وبعدها إلى لندن ليستقل تلك الرحلة المباشرة إلى نيويورك، وبالعادة يقوم بالاتصال بوالدته في كل محطة يتوقف بها، وهذا ما حصل، تكلم إلى والدته على الهاتف ومزج ما بين العربية والإنجليزية، واعترضت سيدة بريطانية على لغته، وانضم إليها زوجها، وكان هناك أحد المعجبين الذي قام بتصوير ما حصل، وبعدها تجمهر أكثر من عشرين راكبا حوله ليأتي الكابتن ويطلب منه وصديقه ترك الطائرة من دون التقصي عن الموضوع ومعرفة السبب.
لم يكن يحمل آدم كاميرا ولم يكن يقوم بمقلب مثلما لمح البعض، لكن أثناء تركه الطائرة استخدم هاتفه لتصوير ما يحدث، وعندما شاهده عناصر الشرطة البريطانية في مطار هيثرو قال أحدهم: «زوجتي محامية إذا كنت في حاجة إليها لأنه لديك قضية رابحة».
ولم يرد صالح التكلم إلى الصحافة البريطانية، واتصل به المذيع بيرس مورغان ورفض التكلم إليه لأنه في النهاية لن تقف الصحافة العالمية ضد شركة طيران قيمتها أكثر من 40 مليار دولار مقابل صبيين من أصول عربية.

صفات المدون الناجح

أعطى آدم نصيحة للمهتمين بتدوين الفيديو على الإنترنت، وقال: إنه من المهم جدا بأن يكون الشخص صادقا مع نفسه ويبتعد عن التصنع والتكلف، ومن المهم أيضا بأن يكون كريما في وقته، وهذا يعني نشر الفيديوهات بانتظام؛ لأن عدمه يعني بأن المدون كسولا وغير آبه بمعجبيه وهذا ما يجعل شعبيته تتقلص، وبالتالي يخسر مصداقيته وينخفض عدد مشاهديه، ومن المهم جدا بأن يكون المدون مهذبا ويبتعد عن الألفاظ النابية، ويحترم مشاهديه.
ويقول أيضا: إنه يجب على أي شخص أن يتحمل عواقب ما يفعله؛ لأن كل مهنة في الحياة ترافقها سيئاتها وحسناتها، فهو لم يصدق نفسه عندما تلقى اتصالا من إيلين دي جينيريس لاستضافته في برنامجها الذي يشاهده الملايين، وحينها عرف أنه يمشي على الطريق الصحيحة لأنه يعطي كل ما لديه لتأدية رسالة مفيدة للأجيال الصاعدة. ويطلق في التاسع والعشرين من الشهر الحالي ألبوما غنائيا كاملا يضم 14 أغنية قام بتصويرها في دبي، وهناك أغنية قريبة إلى قلبه تحت عنوان «وينك» يقول إنه يذكر فيها لبنان ودبي.

تجربة وثائقية

أحلام آدم كبيرة، فهو يرى نفسه بعد عشرة أعوام من اليوم مطربا معروفا عالميا، وعن سؤاله عما إذا كانت مهنة التدوين ستدوم، أجاب بأن التكنولوجيا هي دائما في تقدم وتطور وما يأتي قد يلغي ما كان قبله، وهذا الأمر يجعله يركز على أكثر من شيء مثل الغناء والتمثيل. وعن التمثيل، يقول صالح، إنه سيعرض قريبا فيلما وثائقيا يشارك به على شبكة «نيتفليكس»، يؤدي فيه دورا جميلا وحقيقيا، حيث يقوم بزيارة أكثر من ولاية ومدينة أميركة مؤيدة بغالبيتها للرئيس دونالد ترمب، ويتكلم إلى أشخاص معادين للعرب، ويختار ستة منهم لمرافقته في رحلة إلى مصر لتغيير نظرتهم عن العرب والتخلص من عنصريتهم.
وختم حديثه بالقول: «أنا من عائلة متواضعة جدا، واليوم وبفضل عملي الدؤوب أنا بصدد مفاجأة والدَيّ بعدما اشتريت لهما منزلا جميلا في نيويورك؛ لأن الفضل لكل شيء أتمتع به هو أمي وأبي، وهما أهم ما أملك في الحياة».
ولا أنسى نصيحة والدتي التي أرددها دائما: «ابتعد عن رفاق السوء وأصحاب الطاقة السلبية»، وأنا بدوري أقول الشيء نفسه لقراء الصحيفة، ولجميع المعجبين بعملي.
 


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».