الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط

أمام سعي بعضها لتطبيع العلاقات مع الأسد

الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط
TT

الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط

الحكومة اللبنانية تترنح... ولا تسقط

لم تواجه الحكومة اللبنانية التي تشكلت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي نتيجة تسوية سياسية كبرى أتت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وبسعد الحريري رئيسا لمجلس الوزراء، طوال الأشهر التسعة الماضية تحديات كالتي تواجهها في المرحلة الراهنة، سواءً على الصعيد السياسي أو الاقتصادي - الاجتماعي، ما جعلها أكثر من مرة في دائرة الخطر، وإن كان تقاطع مصالح القوى المشاركة فيها يجنبها حتى الآن السقوط، فإنه لا يجنبها لا الاهتزاز.
وبينما تنكب الحكومة حالياً على اجتياز مطبّ سلسلة الرتب والرواتب التي تحوّلت قانوناً ينال بموجبه موظفو القطاع العام زيادة على رواتبهم، على وقع الإضرابات والاعتصامات في الشارع - بعد إسقاط المجلس الدستوري قانون الضرائب الذي كان يشكل الرافد المالي الوحيد لدفع تكاليف السلسلة التي تقدّر بنحو 800 مليون دولار أميركي - يبدو أنّها تتفادى الغوص بملف «تطبيع» العلاقات مع النظام السوري، الذي ترى بعض الجهات أنه بات مفروضاً عليها بإطار سياسة «الأمر الواقع» التي تنتهجها قوى 8 مارس (آذار) من موقع الغلبة.
لم يعد عنوان النقاش والسجال في لبنان هو السير بـ«التطبيع» مع نظام بشار الأسد في سوريا أو عدمه، باعتبار أن تواصل بعض أطراف الحكومة الوفاقية التي يترأسها سعد الحريري مع السلطات والمسؤولين في سوريا تحوّل «أمراً واقعاً» في الأشهر القليلة الماضية، وهو غدا كذلك رغم غياب أي قرار حكومي رسمي في هذا الشأن. بل يتمحور الجهد حول كيفية استيعاب الانقسام الحاد بهذا الخصوص، وتجنيب الحكومة الهشة هزة من العيار الثقيل قد تؤدي لتعطلها... أو حتى سقوطها.
وليس بعيداً عن مطبّي «التطبيع» مع النظام السوري، وسلسلة الرتب والرواتب المشار إليه آنفاً، يلوح مطب ثالث، لا يبدو أقل خطورة من سابقيه، ألا هو الاستحقاق النيابي. وهنا لا مؤشرات مشجعة على الساعة على قدرة الحكومة على اجتيازه بسلام، في ظل الخلافات المستمرة حول تفاصيل تقنية أساسية تؤخر إعطاء الضوء الأخضر لوزارة الداخلية لإطلاق أعمالها التحضيرية. وعلى الرغم من هذه المطبّات وغيرها، تحرص مصادر وزارية على القول إن «هذه الحكومة بأمان رغم الصعوبات التي تجتازها». ويلفت أحد المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «بقاءها مصلحة لكل الأطراف المشاركين فيها دون استثناء، وبالتالي، فالجميع يتجنب أي تغيير أو هزة كبيرة تطيح بها».

مطب السلسلة
يرى المتابعون أن مجلس الوزراء اللبناني بصدد الخروج من أزمة «سلسلة الرتب والرواتب» بأقل الأضرار الممكنة، وذلك بعدما وجه المجلس الدستوري صفعة للقوى السياسية مجتمعة، التي استعجلت إقرار السلسلة من دون ربطها بالموازنة، وأيضاً تعجَّلَت إصدار قانون لتمويلها بفرض مجموعة من الضرائب طالت إلى حد كبير محدودي الدخل ما أثار استياء عارماً في الشارع.
ولقد أخذت الحكومة في الجلستين اللتين عقدتهما نهاية الأسبوع بملاحظات المجلس الدستوري، وأعادت صياغة قانون الضرائب تمهيداً لإقراره مجدداً في المجلس النيابي في ظل دفع رئيس الجمهورية لجعله جزءاً من الموازنة العامة. أما القوى المعتصمة في الشارع فأمكن حتى اللحظة استيعاب نقمتها من خلال اتخاذ قرار بصرف رواتب موظفي القطاع العام والمعلمين هذا الشهر وفق قانون السلسلة، بانتظار أن يسلك قانون الضرائب مجدداً مساره الطبيعي عبر مجلس النواب قبل نهاية الشهر المقبل.

مطب الانتخابات
من ناحية أخرى، أثّر ضغط الشارع وأزمة السلسلة سلباً على النقاش الذي كان مفتوحاً بخصوص الإصلاحات الانتخابية، إذ أخّر هذان العاملان البت بالملف المرجح أن يُفتح بابه مجدداً على مصراعيه في ظل استبعاد تام للسير بمقترح رئيس مجلس النواب نبيه برّي، وترجيح فرضية حصول الانتخابات في موعدها المحدد في شهر مايو (أيار) المقبل من دون اعتماد إصلاحات أساسية أبرزها البطاقة الممغنطة أو البيومترية. وكان وزير الداخلية نهاد المشنوق حاسماً، عندما أدلى بدلوه أخيراً، مؤكداً أن «الانتخابات النيابية المقبلة ستجرى في موعدها، لكن بالتسجيل المسبق في مكان السكن، لأن الوقت ما عاد يسمح بإنتاج بطاقة ممغنطة ولا هوية بيومترية في الأشهر القليلة المتبقية». وبذا يكون الوزير صاحب الصلاحية قد حسم الجدل المستمر حول موضوع البطاقة، كما وقف في صف الرئيس برّي المتمسك بالتسجيل المسبق للراغبين بالاقتراع في مكان سكنهم وليس في القرية أو البلدة مسقط رأسهم. ويُعارض هذا التوجه بشدة «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) بشدة، إذ يعتبر أن إجبار الناخب على التسجيل المسبق سيؤدي إلى تراجع عدد المقترعين الذين لن يبذلوا - وفق وجهة نظر التيار - جهدا مرتين لضمان اقتراعهم.
هذا، ولئن كان عدد من القوى السياسية اللبنانية ما زال يتخوف من تمديد رابع قد يُقدم عليه مجلس النواب بحجة ضيق الوقت وعدم إتمام الاستعدادات للانتخابات في مايو، تحسم مصادر مقربة من رئيس الجمهورية بأن الانتخابات حاصلة مهما كان الثمن والظروف، لافتة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّه حتى «لو تمت التضحية ببعض الإصلاحات وأبرزها البطاقة البيومترية أو الممغنطة، فإن الأولوية القصوى تبقى لحصول الاستحقاق النيابي في موعده»، وهي تقول إن «الرئيس عون يقوم وسيقوم بكل ما يلزم لوضع المعنيين أمام مسؤولياتهم في هذا المجال».

مطب «التطبيع»
بخلاف مطبّي السلسلة والانتخابات النيابية، واضح تماماً أن المطب الثالث أي مسألة «التطبيع» مع النظام السوري هو الأخطر وجودياً على الحكومة اللبنانية التي لا تزال تتفادى طرحه بوضوح على الطاولة، مفضلة اتباع سياسة «النعامة» بدفن رأسها بالرمال.
وعلى الرغم من أن وزراء الصناعة والزراعة والنقل اللبنانيين (وهم من المحسوبين على قوى 8 آذار المؤيدة لمحور طهران – دمشق) كانوا قد بدأوا «التطبيع» مع النظام السوري من دون الاكتراث بمواقف شركائهم في الحكومة عبر سلسلة زيارات قاموا بها إلى دمشق، فإن اللقاء الذي جمع وزير الخارجية جبران باسيل بوزير خارجية النظام السوري وليد المعلم في نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، يتخذ أبعادا مختلفة تماماً. والسبب أن باسيل وزير للخارجية، وبالتالي تعكس مواقفه وخطواته «سياسة لبنان الخارجية». وكانت مصادر واكبت لقاء المعلم - باسيل أكدت أن الاجتماع عُقِد بطلب من الوزير اللبناني الذي أصر على تأكيد أنّه يعقده بصفته الرسمية وليس الشخصية، وعلى التشديد على أن العلاقة قائمة بين لبنان وسوريا رغم ما أصابها في السنوات الست الماضية جراء اندلاع الأزمة السورية.
وفي حين اكتفى باسيل بنشر صورة للقاء الذي جمعه بالمعلم من دون إصدار أي بيان بخصوص فحوى الاجتماع، ذكرت وكالة «سانا» الرسمية السورية أن اللقاء بين المعلم وباسيل بحث العلاقات الثنائية بين «البلدين الشقيقين» بما في ذلك التنسيق والتعاون السياسي والاقتصادي وغير ذلك من المجالات. وأكد المعلم، بحسب «سانا» أنَّ «العلاقات السورية - اللبنانية ثابتة مهما حاول البعض وضع العقبات في طريقها وهذه حقائق التاريخ والجغرافيا». كما تحدث عن التطورات في مجال مكافحة الإرهاب وعملية «آستانة» ومناطق تخفيف التوتر، لافتاً إلى أن سوريا ماضية في مكافحة الإرهاب.
كذلك نقلت الوكالة السورية عن وزير الخارجية اللبنانية تأكيده على «أهمية العلاقات بين البلدين والتنسيق المشترك بينهما في مختلف المجالات»، معتبراً أن «التطورات الإيجابية التي تشهدها الساحة السورية وانتصارات الجيش السوري على الإرهاب ستضطر أولئك الذين يتخذون موقفاً سلبياً من سوريا إلى التراجع عن هذا الموقف والمساهمة في إعادة الإعمار». ويربط «التيار الوطني الحر» (التيار العوني) - الذي يترأسه باسيل حالياً - انفتاحه على النظام السوري بملف اللاجئين السوريين، ويعتبر أنه لا إمكانية لإعادة نحو مليون ونصف المليون لاجئ مسجلين في لبنان إلى بلدهم في حال لم يجر التواصل المباشر والرسمي مع النظام في سوريا. وحقاً أيد رئيس الجمهورية، الذي أسس «التيار الوطني الحر» وكان يتولّى رئاسته دون تردد عن هذا الموقف حين أعلن وبوضوح أن «لبنان سيبحث مع سوريا مسألة عودة النازحين الذين باتوا يشكلون 50 في المائة من مجمل سكان لبنان، وهناك مشاورات قيد البحث»، معرباً عن اعتقاده في حديث مع مجلة «باري ماتش» الفرنسية خلال زيارته الأخيرة إلى باريس أن «الحرب ستنتهي قريباً في سوريا، ويبقى أن نصل إلى حل سلمي للأزمة». ولم يكتفِ عون بذلك بل أعرب عن اعتقاده بأن «الرئيس السوري بشار الأسد سيبقى، وأن مستقبل سوريا يجب أن يتم بينه وبين شعبه، وأن الحكومة السورية تسعى إلى مصالحة مَن قاتلها، كما أن المصالحة الوطنية تلوح في الأفق». وتابع عون في العاصمة الفرنسية «الحكومة (النظامية) السورية أعادت السيطرة على 82 في المائة من المساحة الجغرافية للدولة السورية، وحتى المعارضون القدامى تصالحوا مع الحكومة».

ذرائع العونيين
وفي الاتجاه نفسه يعتبر الدكتور فريد الخازن، النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» (الكتلة البرلمانية للتيار العوني) أن المطروح اليوم «ليس التطبيع مع النظام السوري بل التواصل معه لحل أزمة اللاجئين بعدما كان المجتمع الدولي واضحاً وصريحاً بأن خطته الحالية إبقاؤهم حيث هم، وهو ما قاله الرئيس الأميركي دونالد ترمب من على منبر الأمم المتحدة». ولفت الخازن في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «موقف لبنان من النظام في سوريا لن يُقدم أو يؤخر، إنما ملف اللاجئين بالنسبة لنا له تداعيات كبيرة علينا ويتوجّب حله بأي طريقة، وأحد الخيارات المتاحة أمامنا، سواء أتت بالنتيجة المطلوبة أو لا، التواصل مع النظام في سوريا لإعادتهم».
وكما كان مرتقباً ووجهت مواقف رئيس الجمهورية المؤيدة للانفتاح على نظام دمشق والتنسيق معه، وكذلك مواقف والخطوات التي اتخذها يتخذها الوزير باسيل على مسار التطبيع مع النظام السوري، امتعاضاً كبيراً في الداخل اللبناني. بل إنها، وفق محللين، ضخّت الروح مجدداً بفريقي 8 آذار و14 آذار اللذين كانا قد تفككا إلى حد كبير خلال المرحلة الماضية نتيجة التفاهمات الجديدة التي أدّت لانتخاب عون رئيساً للبلاد. وفي حين تولى الوزير نهاد المشنوق الحملة المضادة الرافضة لـ«التطبيع»، كان لافتاً غياب أي موقف علني أو رسمي للرئيس الحريري. وفي هذا السياق، سمعت «الشرق الأوسط» من مصادر قيادية في تيار «المستقبل»، الذي يرأسه ويرأس كتلته النيابية الرئيس الحريري، أن الأزمة التي خلفها لقاء المعلم - باسيل تم حلها مع الرئيس عون، وأن «الأمور تحت السيطرة».
وللعلم، كان وزير الداخلية المشنوق قد قاطع الزيارة الرسمية التي قام بها أخيراً عون إلى فرنسا، احتجاجاً على اللقاء بين باسيل والمعلم. وعدّ المشنوق هذا اللقاء «اعتداءً سياسياً على موقع رئاسة الحكومة»، معتبراً أنّه «يضرّ التضامن الحكومي ويخالف التسوية السياسية التي قامت عليها الحكومة»، ومنبهاً إلى أن «ما جرى يعبّر عن تحوّل سياسي كبير وليس عن خلاف صغير داخل مجلس الوزراء. ولكن في المقابل، حرص وزير الداخلية أيضاً على الطمأنة إلى أن ما يحصل لا يهدد الوضع الحكومي»، متحدثاً عن «تضعضع في الوضع السياسي، لا في وضع الحكومة». وقال المشنوق موضحاً: «أبرمنا تسوية على ثلاث قواعد: انتخاب رئيس جمهورية، وتشكيل حكومة ائتلافية، واتفاق على النأي بالنفس ضمن البيان الوزاري. والاجتماع (أي لقاء المعلم - باسيل) تجاوز هذا الاتفاق، خصوصاً أنّ رئيس الحكومة يجب أن يكون على اطلاع من الوزراء، لا أن يُفاجأ بالخبر كغيره في وسائل الإعلام، فلسنا موافقين على سياسة المفاجآت»، وتابع مستطرداً: «أي أمر مشابه لهذا الاجتماع يحتاج إلى نقاش وتفاوض سواء داخل الحكومة أو مع فخامة الرئيس».
ولم يُترك المشنوق وحيداً ليخوض المواجهة، إذ انضم إليه وزير الإعلام ملحم الرياشي (من حزب «القوات اللبنانية») الذي أكد رفضه «التواصل مع النظام السوري»، ورأى أن «الكلام التبريري» الذي رافق لقاء باسيل مع نظيره السوري حول ضرورة التفاوض بين البلدين «خارج منطق البيان الوزاري القائم على النأي بالنفس»، ونبّه الرياشي إلى أنه «إذا أراد البعض مخالفة هذا المنطق فحكماً وضع الحكومة سيكون في خطر». لكن وزير الخارجية، المتحصن بدعم رئيس الجمهورية، لم يتأخر بالرد على الوزيرين، إذ قال: «مَن يعتدي على مصلحة لبنان هو من يرفض إخراج النازحين من أرضه». وأضاف مدافعاً عن لقائه بالمعلم: «إننا لن نقوم بأي عمل ضد مصلحة لبنان، وأي لقاء أو اجتماع فردي أو ثنائي أو ثلاثي أو حتى جماعي يجب أن يكون لمصلحة لبنان».

جنبلاط وجعجع
في هذه الأثناء، فضّل النائب وليد جنبلاط فضّل، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، ألا يستفيض بانتقاد لقاء المعلم - باسيل، بل اكتفى بنشر صورة للقاء على صفحته على موقع «تويتر» ذيَّلَها بعبارة ساخرة قال فيها: «بعد غياب طويل عن الشاشة يعود وليد المعلم ويبدو اللقاء مع جبران باسيل كجلسة تحضير أرواح. الله يستر جبران».
أيضاً بدا لافتاً حرص رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع على تحاشي التصعيد في هذا الملف، إذ اكتفى بالرد على الربط بين التواصل مع النظام السوري وعودة اللاجئين، قائلاً: «عندما يعلم النازحون السوريون أن عودتهم مرتبطة بالتنسيق مع نظام بشار الأسد، فهم لن يعودوا لأن مَن تسبّب بتهجيرهم أصلاً هو بشار الأسد نفسه». وأردف: «قرار عودة النازحين السوريين قرار سيادي، وعلينا معرفة كيفية العمل لإعادتهم على الطريقة التي عملت بها تركيا».
وبالتزامن مع حرب المواقف، شهد الوضع شن «حرب بيانات»، فنبّهت كتلة «المستقبل»، إلى ما وصفته بـ«المحاولات المتكررة لتوريط لبنان من أجل المضي في توجهات وخطوات للتواصل مع النظام السورية من خارج التفاهم السياسي الوطني». واعتبرت الكتلة أن «هذا الأمر تجلى أخيراً في الخطوة الانفرادية والمتفردة التي أقدم عليها وزير الخارجية جبران باسيل عبر الاجتماع مع وزير الخارجية السوري وليد المعلم ومن دون الاستحصال المسبق على قرار من الحكومة يخوله بذلك، وحتى من دون التنسيق مع رئيسها». وأشارت إلى أن «هذا التصرف ليس إلا محاولة لاستدراج لبنان لضمه لمحور إيران والنظام السوري تحت ذرائع وحجج مختلفة».
ولم تتأخر كتلة «الوفاء للمقاومة» - أو كتلة ما يُعرف بـ«حزب الله» - في الردّ على بيان «المستقبل» ببيان مضاد بعيد اجتماع الكتلة الأسبوعي، بحيث شددت على أهمية لقاء المعلم - باسيل وعلى «إيجابيته» للبلدين، داعية إلى «عدم الانصياع للضغوطات الدولية التي تؤذي مصالح لبنان». واعتبر عضو الكتلة النائب نواف الموسوي بأن لقاء المعلم - باسيل «يصب في صلب المصالح الوطنية اللبنانية، وبالتالي ينسجم مع السياسة العامة للدولة».
ونبه الموسوي إلى أن «الترهيب السياسي والإعلامي الذي يمارس من بعض النواب والسادة الوزراء بتصوير كل موقف على أنه اعتداء على رئاسة الحكومة، يضر بالوحدة الوطنية، لأننا ننظر إلى العلاقة مع سوريا لا على أساس الانتصار والانكسار، بل على أساس تحقيق المصالح اللبنانية، وعليه فإن التحريض الطائفي ليس عملاً سياسياً بل هو عمل قبيح» حسب تعبيره.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»