الرئيس التنفيذي لـ«بلومبيرغ»: شراكتنا مع «الأبحاث والتسويق» ستنتج كياناً رائداً

إطلاق قناة «بلومبيرغ العربية» وإذاعة وبوابة رقمية وسلسلة مؤتمرات بموجب الاتفاق بين المجموعتين

سميث خلال الحوار مع («الشرق الأوسط»)
سميث خلال الحوار مع («الشرق الأوسط»)
TT

الرئيس التنفيذي لـ«بلومبيرغ»: شراكتنا مع «الأبحاث والتسويق» ستنتج كياناً رائداً

سميث خلال الحوار مع («الشرق الأوسط»)
سميث خلال الحوار مع («الشرق الأوسط»)

عندما تتشارك أكبر شركة للنشر والأبحاث والتسويق في منطقة الشرق الأوسط مع أكبر شركة في مجال المعلومات وأخبار المال والأعمال في العالم، فإن النتائج لن تكون أقل من نقلة نوعية تفتح آفاقاً غير مسبوقة على مستويات الصحافة والإعلام والتكنولوجيا والأعمال والاستثمار وتطبيقات المستقبل والذكاء الصناعي.
قبل أيام، شهدت مدينة نيويورك مراسم توقيع اتفاقية شراكة طويلة الأجل بين «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق»، إحدى أكبر مجموعات النشر الإعلامية في المنطقة، وشركة «بلومبيرغ إل بي» العالمية الرائدة للخدمات الإخبارية والإعلامية والمعلومات المالية. لتعلن الشركتان عن إطلاق تلفزيون «بلومبيرغ العربية» كمنصة جديدة لتقديم أخبار الأعمال التجارية والمالية باللغة العربية للأسواق الخليجية والعربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وبموجب هذه الاتفاقية، ستطلق «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق»، وهي الشركة الناشرة لمطبوعات «الشرق الأوسط» و«عرب نيوز» و«الاقتصادية» وغيرها، شبكة تلفزيون وإذاعة على مدار الساعة، إضافة إلى بوابة رقمية متكاملة خاصة، ونشر مجلة «Bloomberg Businessweek» باللغة العربية، وإطلاق سلسلة جديدة من المؤتمرات والفعاليات المتخصصة.
ويهدف إطلاق تلفزيون «بلومبيرغ العربية» إلى توفير الأخبار والتحليلات الاقتصادية والمالية المتعلقة بعالم المال والأعمال والشركات والأسواق في منطقة الشرق الأوسط والأسواق العالمية كافة للجمهور الناطق باللغة العربية في جميع أنحاء العالم ليتمكن صناع القرار الاقتصادي والمعنيون بأسواق المال والأعمال من متابعة الأنشطة المالية والاستثمارية كافة وهم يتخذون القرارات المهمة المتعلقة بأعمالهم.
وشهد مقر شركة «بلومبيرغ» في وسط مانهاتن بنيويورك مراسم توقيع الاتفاقية بين الرئيس التنفيذي لمجموعة «بلومبيرغ» الإعلامية جاستن ب. سميث والعضو المنتدب الرئيس التنفيذي لـ«المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» الدكتور غسان الشبل. والتقت «الشرق الأوسط» سميث في أعقاب توقيع الاتفاقية، وكان هذا الحوار الذي شرح من خلاله المنتجات الجديدة التي ستخرج عن هذه الشراكة وتأثيرها على صناعة الإعلام والنشر في المنطقة العربية.
> في البداية، كيف ترى هذه الشراكة بين «بلومبيرغ» و«المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» وما هي المنتجات التي سيتم إطلاقها من خلالها؟
- شركة «بلومبيرغ» تعد أكبر شركة في مجال المعلومات وأخبار المال والأعمال في العالم، ولدينا منصات إخبارية ووسائط إعلامية عالمية تركز على توفير البيانات والأخبار والتحليلات لصانعي القرارات الاقتصادية من خلال تقنيات مبتكرة تشمل خمس منصات إعلامية هي شبكة تلفزيون وإذاعة عالمية وخدمات رقمية ومطبوعات وخدمات المؤتمرات والمناسبات، إضافة إلى منصة سادسة سنقوم بإطلاقها خلال ثلاثة أشهر لبث الأخبار الاقتصادية على مدار الساعة بالمشاركة مع موقع «تويتر».
ولشركة «بلومبيرغ» تواجد عالمي قوي وتبث بعض الأخبار باللغات المحلية لبعض الأسواق، لكن حتى اليوم لم تكن لدينا شراكة عميقة ومميزة أو استثمار باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط وأدركنا أنه إذا قمنا بإدارة بعض الوسائط والمنصات الإعلامية باللغة الإنجليزية في منطقة الشرق الأوسط، فإن المردود سيكون محدوداً، لذا كان التفكير في التوجه إلى أسواق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي أسواق ديناميكية تنمو بشكل هائل، باللغة العربية ومن خلال التعاقد مع شركة كبيرة تتمتع بتواجد قوي محلياً وإقليمياً ولها إصداراتها ومنصاتها الرقمية المنتشرة في العالم العربي.
هذه الشراكة تعد اتحاداً وتضافراً بين قوتين، أي بين ما لدى «بلومبيرغ» من خبرة ومهارات وقدرات تتعلق بالصحافة الاقتصادية والمالية و«المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» بما تملكه من خبرة في إقليم الشرق الأوسط واللغة العربية. وهدفنا هو خلق شركة رائدة للصحافة الاقتصادية باللغة العربية عبر وسائط إعلامية عدة لخدمة صانعي القرار الاقتصادي والمالي ورجال الأعمال.
والمنتجات التي ستنطلق من خلال هذه الشراكة ستكون منصات إعلامية متعددة، منها قناة تلفزيون هي «بلومبيرغ العربية» التي تبث على مدار الساعة وخدمة الإذاعة، وبوابة رقمية متكاملة تبث فيديوهات باللغة العربية، وسيتم نشر مجلة «بلومبيرغ بيزينس ويك» باللغة العربية، إضافة إلى إطلاق سلسلة جديدة من المؤتمرات والفعاليات.
> مع هذه الخطط الطموحة لـ«بلومبيرغ» للتوسع بمنتجاتها باللغة العربية في منطقة الشرق الأوسط. كيف ترى تأثير هذه الشراكة على المنطقة؟
- الشراكة بين «بلومبيرغ» و«المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» تعني اتحاد وتضافر قوتنا معاً، أي ما تملكه «بلومبيرغ» من قدرات عميقة في صناعة الوسائل الإعلامية الاقتصادية وما تملكه «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» من قوة تواجد محلي وإقليمي وعالمي وخبرة في العمل في السوق السعودية والخليجية والعربية بصفة عامة ومنصاتها الإعلامية المتعددة. وهذا التضافر والاتحاد في القوتين سيؤدي إلى خلق مشهد إعلامي جديد وتدفق في المعلومات والأخبار الصحافية والمحتوى الإعلامي الهائل الذي يمكن أن يكون قوة فاعلة في التنمية ودفع النمو الاقتصادي لأن أي نموذج لنجاح اقتصادي يكون دائماً وراءه محتوى جيد.
وهناك جانب كبير من المحتوى الإعلامي الاقتصادي لما تنشره «بلومبيرغ» ستتم ترجمته من الإنجليزية إلى العربية والبعض الآخر سيكون من داخل السوق السعودية والخليجية والعربية، ولدينا في «بلومبيرغ» طاقم محررين يتكون من 2700 صحافي ومحلل مالي واقتصادي موزعين عبر كل دول العالم ويقودون أكبر عمليات تحرير صحافي في العالم، وينتجون آلاف القصص الصحافية عن الاقتصاد العالمي بما يقدر بخمسة آلاف قصة خبرية اقتصادية في اليوم الواحد. وسيكون التعامل مع «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» عبر مستويين هما ترجمة المحتوى الخاص بـ«بلومبيرغ» وإضافة محتوى محلي وخليجي وعربي، وسيعمل المحررون على تحديد أفضل محتوى اقتصادي إعلامي للأسواق.
والمستثمر سواء في منطقة الشرق الأوسط أو في السوق الأوروبية أو الأميركية يرغب في معرفة الكثير من التفاصيل والأخبار الاقتصادية بشكل فوري، ويريد التفاصيل، وليس فقط الرؤية العامة. لذلك أتوقع لهذه الشراكة والمنتجات الإعلامية تأثير ضخم.
> «بلومبيرغ» رائدة في المحتوى المتخصص المالي والتجاري. ماذا يمكن أن تقدمه هذه الشراكة في وقت تسعى فيه المملكة العربية السعودية إلى تنويع اقتصادها، وجذب استثمارات أجنبية؟
- كلما زادت التغطية الإخبارية للأحداث الاقتصادية وأخبار السوق والأعمال، زاد اهتمام المستثمرين. وهناك بالفعل مستثمرون في الولايات المتحدة مهتمون بشكل خاص بالسوق السعودية ونتوقع أن يتزايد الاهتمام بتزايد نشر المعلومات والأخبار، فأكثر ما يرغب المستثمرون في معرفته والحصول عليه هو المعلومة. و«بلومبيرغ» لديها معلومات مالية واقتصادية أكثر من أي شركة على وجه الأرض وتوفرها عبر منصات متعددة وهذه هي القوة التي تحققها الشراكة الجديدة مع «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق».
> هل لدى «بلومبيرغ» شراكات مثيلة مع شركات أخرى بلغات أخرى؟
- لدينا شراكات لكنها تركز على منصة إعلامية واحدة، أو سوق واحدة فقط، وليس أسواق إقليمية وهذا ما يجعل شراكتنا مع «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» شراكة مميزة لأنها تركز على إقليم الشرق الأوسط بأكمله. والطموحات الكبيرة لدى الشركتين في استغلال إمكاناتهما بأقصى فاعلية أيضاً تجعل هذه الشراكة مميزة، وقد أقمنا شراكة لتكون طويلة المدى وقوية للغاية وسنعمل معاً لتقديم منتجات سيكون لها تأثير كبير وفاعلية كبيرة.
> مع هيمنة وسائط الإعلام الاجتماعي وتزايد انتشار الخبر عبر وسائط جديدة متنوعة، كيف تقود «بلومبيرغ» وشراكتها الجديدة مع «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق» صناعة الإعلام، وبصفة خاصة الإعلام الاقتصادي؟
- بالفعل الأمور تتغير، والمنتجات ووسائط الإعلام والأفكار الجديدة تتزايد، لكن الأمر الوحيد الثابت هو الرغبة في المعرفة لدى المتلقي، فإذا كنا نقدم منتجاً يريده الناس فستكون هناك دائماً وسيلة لإيصاله. صناعة الإعلام تتطور وتتقدم وتشهد تغييرات كثيرة لكنها المنتج في النهاية ثابت ووسائل تقديمه تتنوع.
و«بلومبيرغ» لديها ثقافة وتراث وتعد رائدة في تكنولوجيا الهندسة والميديا الرقمية ويعمل بها أربعة آلاف مهندس وتقدم نماذج إعلامية قوية تعتمد على مزج قطاع الأعمال والصناعة المالية والميديا وتركز على زيادة الاشتراكات. ونحن محظوظون أن لدينا التاريخ والتراث والنهج الفكري والنموذج الابتكاري لتقديم أفكار ونماذج متنوعة، ومنها ما سنطلقه بعد ثلاثة أشهر من بث فيديوهات اقتصادية عبر منصة «تويتر». ويوجد 150 مليون مشترك في «تويتر»، ما يجعل المشروع أكبر شركة إعلامية من حيث عدد المشتركين، أكبر من شبكة «سي إن إن»، وصحيفة مثل «نيويورك تايمز».
وعدد المستخدمين لـ«تويتر» في المملكة العربية السعودية ضخم للغاية وهناك أسواق عربية وخليجية عدة، ومنها السوق السعودية، تعتمد على «تويتر» في النقاشات. والمشكلة أن «تويتر» رغم سرعته العالية في نشر الأخبار العاجلة، إلا أن هناك أموراً تتعلق بدقة الخبر وصحته لأن المحتوى لم يتم تحريره من قبل صحافيين متخصصين. والفكرة التي تقوم «بلومبيرغ» بتطويرها هي أخذ مزايا «تويتر» في السرعة مع استغلال ما تملكه من مهارات صحافية بحيث يكون الخبر عاجلاً وأيضاً دقيقاً. وإذا نجحنا في هذا الإصدار الجديد مع «تويتر»، فإننا سندرجه في شراكتنا مع «المجموعة السعودية للأبحاث والتسويق».
> ومع هذا التسارع في وسائل الإعلام والمنصات الإعلامية المتنوعة كيف ترى المستقبل خلال السنوات العشر المقبلة؟
- أي شخص يدعي أنه يمكن أن يعرف المستقبل القريب، لا يقول الحقيقة لكن بإمكاننا التكهن والتخمين بناء على بعض الأمور الأساسية فالهواتف الذكية أصبحت تسيطر وتهيمن على عالم الاستهلاك الإعلامي وهناك تزايد وتوسع في استخدامها، وهذا الاتجاه سيتزايد لذا يمكننا أن نتوقع تزايد التعامل عبر وسائط الإعلام الاجتماعي التي ستطور نفسها لتكون أكثر ذكاء وأكثر فاعلية وتفاعلاً مع تطبيقات تستخدم الواقع الافتراضي وتتمتع بمستويات عالية من الذكاء الصناعي.


مقالات ذات صلة

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)
رياضة عربية المهندس خالد عبد العزيز رئيس المجلس الأعلى للإعلام في مصر (صفحة المجلس على «فيسبوك»)

مصر: قرارات جديدة لمواجهة «فوضى الإعلام الرياضي»

أصدر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر، برئاسة المهندس خالد عبد العزيز مجموعة قرارات، اعتماداً لتوصيات لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي.

محمد الكفراوي (القاهرة)
أوروبا مراسلات يتحدثن أمام الكاميرات خلال تغطية صحافية في البرازيل (رويترز)

ثلثهم على أيدي الجيش الإسرائيلي... مقتل 54 صحافياً في عام 2024

قُتل 54 صحافياً حول العالم أثناء قيامهم بعملهم أو بسبب مهنتهم في عام 2024، ثلثهم على أيدي القوات الإسرائيلية، وفق ما أظهر تقرير سنوي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الصحافي سامح اللبودي والزميلة بيسان الشيخ من «الشرق الأوسط»

«الشرق الأوسط» تفوز ببرونزية «أريج» للصحافة الاستقصائية

فازت «الشرق الأوسط» بالجائزة البرونزية للصحافة الاستقصائية العربية التي تمنحها مؤسسة «أريج»، عن تحقيق: قصة الإبحار الأخير لـ«مركب ملح» سيئ السمعة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق صورة تذكارية لعدد من أعضاء مجلس الإدارة (الشركة المتحدة)

​مصر: هيكلة جديدة لـ«المتحدة للخدمات الإعلامية»

تسود حالة من الترقب في الأوساط الإعلامية بمصر بعد إعلان «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» إعادة تشكيل مجلس إدارتها بالتزامن مع قرارات دمج جديدة للكيان.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
TT

«حرب الإعلام» التضليلية... الهاجس الجديد للاتحاد الأوروبي

مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)
مقر المفوضية الأوروبية في بروكسل (غيتي)

«المعارضة الحقيقية هي وسائل الإعلام، ومواجهتها تقتضي إغراقها بالمعلومات المفبركة والمضللة».

هذا ما قاله ستيف بانون، كبير منظّري اليمين المتطرف في الولايات المتحدة عندما كان مشرفاً على استراتيجية البيت الأبيض في بداية ولاية دونالد ترمب الأولى عام 2018.

يومذاك حدّد بانون المسار الذي سلكه ترمب للعودة إلى الرئاسة بعد حملة قادها المشرف الجديد على استراتيجيته، الملياردير إيلون ماسك، صاحب أكبر ثروة في العالم، الذي يقول لأتباعه على منصة «إكس» «X» (تويتر سابقاً): «أنتم اليوم الصحافة».

رصد نشاط بانون

في أوروبا ترصد مؤسسات الاتحاد وأجهزته منذ سنوات نشاط بانون ومراكز «البحوث» التي أنشأها في إيطاليا وبلجيكا والمجر، ودورها في صعود الأحزاب اليمينية المتطرفة في غالبية الدول الأعضاء، والذي بلغ ذروته في انتخابات البرلمان الأوروبي مطلع الصيف الماضي.

وتفيد تقارير متداولة بين المسؤولين الأوروبيين بأن هذه المراكز تنشط بشكل خاص على منصات التواصل الاجتماعي، وأن إيلون ماسك دخل أخيراً على خط تمويلها وتوجيه أنشطتها، وأن ثمة مخاوف من وجود صلات لهذه المراكز مع السلطات الروسية.

درع ضد التضليل

أمام هذه المخاوف تنشط المفوضية الأوروبية منذ أسابيع لوضع اللمسات الأخيرة على ما أسمته «الدرع ضد التضليل الإعلامي» الذي يضمّ حزمة من الأدوات، أبرزها شبكة من أجهزة التدقيق والتحقق الإلكترونية التي تعمل بجميع لغات الدول الأعضاء في الاتحاد، إلى جانب وحدات الإعلام والأجهزة الرقمية الاستراتيجية الموجودة، ومنها منصة «إي يو فس ديسانفو» EUvsDisinfo المتخصّصة التي انطلقت في أعقاب الغزو الروسي لشبه جزيرة القرم وضمّها عام 2014. و«هي باتت عاجزة عن مواجهة الطوفان التضليلي» في أوروبا... على حد قول مسؤول رفيع في المفوضية.

الخبراء، في بروكسل، يقولون إن الاتحاد الأوروبي يواجه اليوم «موجة غير مسبوقة من التضليل الإعلامي» بلغت ذروتها إبان جائحة «كوفيد 19» عام 2020، ثم مع نشوب الحرب الروسية الواسعة النطاق ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022.

وإلى جانب الحملات الإعلامية المُضلِّلة، التي تشّنها منذ سنوات بعض الأحزاب والقوى السياسية داخلياً، تعرّضت الساحة الأوروبية لحملة شرسة ومتطورة جداً من أطراف خارجية، في طليعتها روسيا.

ومع أن استخدام التضليل الإعلامي سلاحاً في الحرب الهجينة ليس مُستجدّاً، فإن التطوّر المذهل الذي شهدته المنصّات الرقمية خلال السنوات الأخيرة وسّع دائرة نشاطه، وضاعف تداعياته على الصعيدين: الاجتماعي والسياسي.

الهدف تعميق الاستقطاب

وراهناً، تحذّر تقارير عدة وضعتها مؤسسات أوروبية من ازدياد الأنشطة التضليلية بهدف تعميق الاستقطاب وزعزعة الاستقرار في مجتمعات البلدان الأعضاء. وتركّز هذه الأنشطة، بشكل خاص، على إنكار وجود أزمة مناخية، والتحريض ضد المهاجرين والأقليات العرقية أو الدينية، وتحميلها زوراً العديد من المشاكل الأمنية.

وتلاحظ هذه التقارير أيضاً ارتفاعاً في كمية المعلومات المُضخَّمة بشأن أوكرانيا وعضويتها في حلف شمال الأطلسي «ناتو» أو انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، فضلاً عن معلومات مضخمة حول مولدافيا والاستفتاء الذي أجري فيها حول الانضمام إلى الاتحاد، وشهد تدخلاً واسعاً من جانب روسيا والقوى الموالية لها.

ستيف بانون (آ ب)

التوسّع عالمياً

كذلك، تفيد مصادر الخبراء الأوروبيين بأن المعلومات المُضلِّلة لا تنتشر فحسب عبر وسائط التواصل الاجتماعي داخل الدول الأعضاء، بل باتت تصل إلى دائرة أوسع بكثير، وتشمل أميركا اللاتينية وأفريقيا، حيث تنفق الصين وروسيا موارد ضخمة خدمة لمصالحها وترسيخ نفوذها.

كلام فون دير لاين

وفي الكلمة التي ألقتها أخيراً أورسولا فون در لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بمناسبة الإعلان عن مشروع «الدرع» الذي ينتظر أن يستلهم نموذج وكالة «فيجينوم» الفرنسية ورديفتها السويدية «وكالة الدفاع النفسي»، قالت فون دير لاين: «إن النظام الديمقراطي الأوروبي ومؤسساته يتعرّضون لهجوم غير مسبوق يقتضي منّا حشد الموارد اللازمة لتحصينه ودرء المخاطر التي تهدّده».

وكانت الوكالتان الفرنسية والسويدية قد رصدتا، في العام الماضي، حملات تضليلية شنتها روسيا بهدف تضخيم ظهور علامات مناهضة للسامية أو حرق نسخ من القرآن الكريم. ويقول مسؤول أوروبي يشرف على قسم مكافحة التضليل الإعلامي إن ثمة وعياً متزايداً حول خطورة هذا التضليل على الاستقرار الاجتماعي والسياسي، «لكنه ليس كافياً توفير أدوات الدفاع السيبراني لمواجهته، بل يجب أن تضمن الأجهزة والمؤسسات وجود إطار موثوق ودقيق لنشر المعلومات والتحقق من صحتها».

إيلون ماسك (رويترز)

حصيلة استطلاعات مقلقة

في هذه الأثناء، تفيد الاستطلاعات بأن ثلث السكان الأوروبيين «غالباً» ما يتعرضون لحملات تضليلية، خاصة في بلدان مثل اليونان والمجر وبلغاريا وإسبانيا وبولندا ورومانيا، عبر وسائل التواصل الاجتماعي والتلفزيون. لكن المفوضية تركّز نشاطها حالياً على الحملات والتهديدات الخارجية، على اعتبار أن أجهزة الدول الأعضاء هي المعنية بمكافحة الأخطار الداخلية والسهر على ضمان استقلالية وسائل الإعلام، والكشف عن الجهات المالكة لها، منعاً لاستخدامها من أجل تحقيق أغراض سياسية.

وللعلم، كانت المفوضية الأوروبية قد نجحت، العام الماضي، في إقرار قانون يلزم المنصات الرقمية بسحب المضامين التي تشكّل تهديداً للأمن الوطني، مثل الإرهاب أو الابتزاز عن طريق نشر معلومات مضلِّلة. لكن المسؤولين في المفوضية الأوروبية يعترفون بأنهم يواجهون صعوبات في هذا المضمار؛ إذ يصعب وضع حدودٍ واضحة بين الرأي والمعلومات وحرية التعبير، وبالتالي، يضطرون للاتجاه نحو تشكيل لجان من الخبراء أو وضع برامج تتيح للجمهور والمستخدمين تبيان المعلومات المزوَّرة أو المضلِّلة.