شرطة إسبانيا تداهم حكومة كاتالونيا وتعتقل 13 مسؤولاً

رئيس الحكومة يصف الإجراءات بـ«حالة طوارئ»... ومتظاهرون يطالبون بخروج «قوات الاحتلال»

(رويترز)
(رويترز)
TT

شرطة إسبانيا تداهم حكومة كاتالونيا وتعتقل 13 مسؤولاً

(رويترز)
(رويترز)

أوقف الحرس الوطني الإسباني، أمس الأربعاء، 13 من كبار مسؤولي حكومة كاتالونيا، وذلك قبل أيام من إجراء استفتاء حول انفصال الإقليم، وهذا ما تمانع تنظيمه حكومة مدريد المركزية، وانتزعت حكماً قضائياً ضده. وقالت مصادر في حكومة الإقليم إن من بين المعتقلين نائب رئيس الإقليم ارويل خونكيراس وجوزبف ماريا جوفي، الأمين العام لنائب الرئيس. ولم تُعرف دوافع التوقيفات، وما إذا كان سيتبعها قرار بالحجز الاحتياطي.

وأضافت المصادر، أن الشرطة الإسبانية اقتحمت مكاتب دوائر الاقتصاد والداخلية والشؤون الخارجية والشؤون الاجتماعية والاتصالات والضرائب في منطقة كاتالونيا. وقالت ناطقة باسم الحكومة المحلية لوكالة الصحافة الفرنسية: «تم توقيف 13 مسؤولاً كبيراً في حكومة كاتالونيا والقيام بـ22 مداهمة»، فيما تتكثف عمليات الشرطة لمنع تنظيم الاستفتاء. من جهته قال ناطق باسم حكومة الإقليم إن التوقيفات على صلة «بالمواقع الإلكترونية المرتبطة بالاستفتاء». وقالت صحيفة «البايس» الإسبانية إن عدد المحتجزين بلغ 14 شخصاً.
ونزل آلاف من سكان الإقليم إلى الشارع، الأربعاء، بعد المداهمات، وتجمعوا في وسط العاصمة برشلونة، للاحتجاج على هذه التوقيفات، وأمام دائرة الشؤون الخارجية شاهد مراسل «وكالة الصحافة الفرنسية»، متظاهرين يطوقون سيارة تابعة للحرس المدني، فيما وقعت صدامات بين الشرطة ومتظاهرين. وردد بعض المتظاهرين في برشلونة «قوات الاحتلال إلى الخارج!»، وكُتب على يافطات «سنصوت من أجل أن نكون أحراراً».
وتزايد التوتر في كاتالونيا مع مضي قادة الإقليم في التحضيرات للاستفتاء حول الاستقلال، رغم أن مدريد حظرته، واعتبره القضاء غير دستوري. واتخذت مدريد عدة خطوات أخرى لمنع إجراء الاستفتاء، بينها التهديد باعتقال رؤساء بلديات الإقليم الذين يسهلون التحضيرات للاستفتاء.
واتهم رئيس حكومة الإقليم، الحكومة الإسبانية، بفرض حالة وصفها بـ«الطوارئ»، بعدما اتخذت سلسلة إجراءات، بينها تجميد أمواله، وتوقيف كبار مسؤوليه. وقال كارليس بيغديمونت إن الحكومة الإسبانية «علقت بحكم الأمر الواقع الحكم الذاتي في كاتالونيا، وطبقت بحكم الأمر الواقع حالة طوارئ»، وذلك بعد هذه التوقيفات، متهماً حكومة رئيس وزراء إسبانيا ماريانو راخوي بأنها «استبدادية» وبانتهاك «الحقوق الأساسية». وشهدت النقاشات في البرلمان الإسباني حدة غير مسبوقة. ودعا راخوي، خلال جلسة برلمانية صاخبة، غادرت خلالها مجموعة من نواب كاتالونيا، القاعة، احتجاجاً، إلى «العودة إلى الوضع الطبيعي والتعقل لأن هذا الاستفتاء لا يمكن أن يحصل». واتهم راخوي أيضاً قادة كاتالونيا الانفصاليين بخرق القانون ومخالفة الدستور الإسباني. وقال: «علينا جميعا واجب احترام القانون».
وسبق أن حذرت السلطات من أن المسؤولين الذين يسهمون في تنظيم الاستفتاء المرتقب في 1 أكتوبر (تشرين الأول) يمكن أن يواجهوا ملاحقات قضائية. وتفاقم التوتر بين كاتالونيا ومدريد في الأسابيع الماضية، مع تمسك زعماء المنطقة الثرية الواقعة في شمال شرقي البلاد بالمضي قدماً في التصويت المزمع على الاستقلال. وكانت قد مثلت أمام الادعاء العام أول من أمس الثلاثاء، أول دفعة من مئات من رؤساء بلديات الإقليم الذين أعلنوا دعمهم للاستفتاء.
وصادر الحرس المدني الإسباني أكثر من 45 ألف مظروف في صناديق كرتونية، كانت حكومة كاتالونيا تنوي توزيعها على سكان المنطقة لإعلامهم بأمر الاستفتاء. ومثلت أمام الادعاء العام أول من أمس الثلاثاء أول دفعة من مئات من رؤساء بلديات كاتالونيا الذين أعلنوا دعمهم للاستفتاء.
وأفاد مصدر مقرب من التحقيق بأن الحرس المدني صادر، الأربعاء، في كاتالونيا، ملايين بطاقات الاقتراع التي كان يفترض أن تستخدم في الاستفتاء. وقال المصدر: «إنهم يعدونها، يمكن أن يصل عددها إلى تسعة ملايين بطاقة»، موضحاً أن عملية المصادرة تمت في بلدة بيغيس التي تبعد 45 كلم شمال برشلونة.
واعتمد الانفصاليون في 6 سبتمبر (أيلول) قانوناً ينظم الاستفتاء تجاهلوا فيه تحذير مدريد. وكتب جوردي سانشيز، رئيس إحدى أبرز الحركات الاستقلالية المنبثقة من المجتمع المدني «الجمعية الوطنية الكاتالونية» في تغريدة: «فلنقاوم سلمياً، ولنخرج للدفاع عن مؤسساتنا بشكل غير عنيف». وكتب «لقد ارتكبوا خطأ جسيماً، نحن نريد التصويت وهم أعلنوا الحرب».
وأقحم نادي برشلونة في النزاع الإسباني، وخرج عن صمته، وحدد موقفه من الاستفتاء والانفصال. وفي الأمس أدان بشدة العملية الأمنية للشرطة الإسبانية ضد أنصار الاستفتاء على انفصال، معرباً عن رفضه لأي تحرك من شأنه أن يعيق البعض عن ممارسة حق التعبير أو حق تقرير المصير. وقال النادي في بيان له: «انطلاقاً من التزامنا التاريخي بالدفاع عن الدولة والديمقراطية وحرية التعبير وتقرير المصير، فإن نادي برشلونة إف سي يدين أي تصرف يمكن أن يعيق الممارسة الكاملة لهذه الحقوق، بعد الأحداث التي وقعت في الأيام الأخيرة، خصوصاً اليوم». وبهذا البيان، قطع برشلونة خطوة صريحة نحو الدخول في الصراع السياسي الدائر بين كاتالونيا والحكومة الإسبانية. وكان النادي الإسباني، الذي يعد رمزاً لكاتالونيا ولمدينة برشلونة، قد أعرب عن مساندته لإجراء الاستفتاء، ولكنه لم يكشف عن موقفه حول مسألة الانفصال المحتمل لكاتالونيا عن إسبانيا.
ويشكل الانفصاليون غالبية في برلمان كاتالونيا منذ سبتمبر (أيلول) 2015. لكن سكان الإقليم منقسمون حول مسألة الاستقلال، بحسب ما تُظهر استطلاعات الرأي. ففي الانتخابات المحلية عام 2015 نال الانفصاليون 47.6 في المائة من الأصوات، فيما حصل المعسكر المؤيد للبقاء ضمن إسبانيا على 51.28 في المائة. وأظهرت استطلاعات الرأي أن أكثر من 70 في المائة يرغبون في التمكن من التعبير عن رأيهم في الاستفتاء.
إقليم كاتالونيا يعتبر إحدى المناطق الأكثر استراتيجية لإسبانيا، رابع أكبر اقتصاد في منطقة اليورو. ويشكن الإقليم 7.5 ملايين نسمة، ويمثل 20 في المائة من إجمالي الناتج الإسباني.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.