قوة حفظ السلام في دارفور تنفي تسليم مقرات لقوات الدعم السريع السودانية

TT

قوة حفظ السلام في دارفور تنفي تسليم مقرات لقوات الدعم السريع السودانية

قالت بعثة حفظ السلام الأممية في إقليم دارفور السوداني «يوناميد»، إنها سلمت المقار التي أخلتها بعد إغلاقها إلى حكومة السودان وملاكها الذين استأجرتها منهم، نافية بذلك تسليمها بطريقة «غير مناسبة»، لقوات الدعم السريع التابعة للجيش السوداني.
ونفت بعثة حفظ السلام المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في إقليم دارفور، تسليم المقار التي كانت تابعة لها لقوات «الدعم السريع» الموالية للجيش السوداني، وأبدت قلقها من الاتهامات التي طالتها من حركات متمردة. واتهمت حركتا تحرير السودان بقيادة مني أركو مناوي والعدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم أول من أمس، يوناميد بتسليم مواقعها لقوات الدعم السريع، واعتبرت ذلك خطوة غير قانونية باعتبار تلك القوات ميليشيا موالية للحكومة، ودعت المجتمع الدولي إدانة الفعل. وذكرت «يوناميد» في بيان اطلعت عليه «الشرق الأوسط» أمس: «يساور البعثة القلق إزاء الادعاءات الأخيرة، بأنّ البعثة قامت كجزء من عملية إعادة تشكيلها حسب التفويض الممنوح لها بتسليم مواقع ميدانية في شمال دارفور بطريقة غير مناسبة».
وأوضح البيان أن المقرات والمواقع الميدانية التي جرى إغلاقها تم تسليمها إما إلى الحكومة السودانية أو ملاكها الأصليين، وفقاً لعقود الإيجار المبرمة بين البعثة والملاك من القطاع الخاص. وقال البيان إن إخلاء المقار وتسليمها يأتي اتساقاً مع القرار الذي فوض البعثة بخفض عدد القوات من عسكريين وشرطة، وبناء على القرار فإنها حددت 11 موقعاً ميدانياً في الإقليم يجري إغلاقها، أوضحت أن أربعة مواقع تم إغلاقها حتى الآن، وهي مواقع: «المالحة، مليط، أم كدادة» في شمال دارفور، وموقع «مهاجرية» في شرق دارفور، وأن سبعة مقرات ستغلق تباعاً وهي «أبو شوك، الطينة، هبيلا، فوربرنقا، تلس، عد الفرسان، زمزم».
وأصدر مجلس الأمن الدولي في يونيو (حزيران) الماضي قراراً بتقليص المكون العسكري لأكبر بعثات حفظ السلام في العالم «يوناميد» بنسبة 44 في المائة كمرحلة أولى، ويلي ذلك مرحلة ثانية للتقليص تبدأ فبراير (شباط) 2018، وتبعاً لذلك حدد رئيس البعثة جيرميا ماما بولو في يوليو (تموز) الماضي 11 منطقة سيكتمل انسحاب يوناميد منها بحلول يناير (كانون الثاني) القادم.
وجاء في البيان: «تؤكد البعثة مجدداً، أنه وفقاً لقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم (2363) في 29 يونيو 2017. الذي يمدد ولاية يوناميد حتى 30 يونيو 2018، أنّ أولوياتها الاستراتيجية في دارفور تبقى على حالها وتتمثّل بحماية المدنيين وتيسير الوصول والأمن للجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني وكذلك العمل على معالجة الأسباب الجذرية للنزاع بين المجتمعات»، وأضاف: «يوناميد ستنتهج مستقبلا مهمة من شقين: حفظ السلام وتحقيق الاستقرار».
وأصدر مجلس الأمن الدولي 29 يونيو الماضي قراراً قضى بخفض عدد البعثة المشتركة لحفظ السلام في دارفور «يوناميد» بنسبة 30 في المائة على الأقل، وهي تتألف من نحو 16 ألف جندي وشرطي، من أكثر من 30 بلداً حول العالم بدأت الانتشار في الإقليم منذ العام 2007، لحماية المدنيين من المعارك التي كانت تدور في الإقليم بين القوات الحكومية وحركات التمرد منذ اندلاع النزاع في الإقليم عام 2003.
ووفقا لقرار مجلس الأمن سيخفض عدد القوات الأممية على مرحلتين بحلول فبراير (شباط) 2018، على مرحلتين إلى نحو 11 ألف رجل (8735 جندياً و2500 شرطي)، بنسبة خفض تبلغ 44 في المائة للجنود و30 في المائة لرجال الشرطة، وحسب القرار سيعاد نشر قوات البعثة إلى الغابات بجبل مرة التي تركزت فيها أعمال العنف في الآونة الأخيرة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.