«داعش» يضرب مجدداً ويقتل 18 شرطياً في «هجوم نوعي» بسيناء

الرياض تدين العملية وتشدد على مساندة مصر في مواجهة الإرهاب

مدرعات للشرطة المصرية بشمال سيناء (رويترز)
مدرعات للشرطة المصرية بشمال سيناء (رويترز)
TT

«داعش» يضرب مجدداً ويقتل 18 شرطياً في «هجوم نوعي» بسيناء

مدرعات للشرطة المصرية بشمال سيناء (رويترز)
مدرعات للشرطة المصرية بشمال سيناء (رويترز)

قُتل 18 من رجال الشرطة المصرية، أمس، في عملية إرهابية وُصفت بأنها «نوعية»، استخدمت فيها عبوات ناسفة شديدة الانفجار ضد قافلة أمنية في مدينة العريش، بشمال سيناء، وأصيب في الهجوم 5 آخرون، بينهم ضابط برتبة عميد.
وأدانت المملكة العربية السعودية الاعتداء الإرهابي، ونقلت وكالة الأنباء السعودية (واس) عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية إدانة بلاده واستنكارها الشديدين للهجوم على قوة تأمين الطريق الأمنية بمدينة العريش. وقدّم المصدر العزاء والمواساة لذوي الضحايا ولمصر حكومةً وشعباً، مجدداً التأكيد على وقوف السعودية «إلى جانب الشقيقة مصر ضد الإرهاب والتطرف».
وأعلن تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن التفجير عبر بيان له بثته وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم. وقال خبراء أمنيون وباحثون في شؤون الحركات المتشددة إن «الاستهداف تم الإعداد له منذ فترة على ما يبدو؛ الأمر الذي يستوجب إعادة النظر في حركة قوات الأمن أثناء سيرها أو تمركزها»، لافتين إلى أن جزءاً من «المشكلة في سيناء يكمن في أن الإرهابيين يتخفون ويعيشون وسط الأهالي».
وأدان مجلس الوزراء المصري الحادث الإرهابي، وأكد شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء عزم الدولة على التصدي بكل قوة وحزم «لتلك الأعمال الإجرامية الجبانة التي تستهدف التأثير على أمن الوطن والنيل من عزيمة المواطنين، وملاحقة العناصر الإرهابية الآثمة التي تقوم بتنفيذ هذه الجرائم». وأضاف بيان للمجلس أن تكرار هذه الأعمال الإرهابية «بات يستدعي صياغة موقف دولي موحد تجاه رعاة الإرهاب في العالم»، مشدداً على أن «هذه المحاولات العابثة من جانب قوى الظلام والتطرف لن تزيد مصر وشعبها الأبي إلا إصراراً على هزيمة الإرهاب واستعادة الأمن والاستقرار». كما أدان الأزهر ودار الإفتاء ومجلس النواب الهجوم الذي جاء بعد فترة من الهدوء الحذر في شبه جزيرة سيناء.
وكثّف متشددون هجماتهم على قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء وقتلوا مئات من أفرادهما في السنوات الأربع الماضية. ويقول الجيش إنه قتل مئات من المتشددين في حملة تشارك فيها قوات الشرطة.
وعن تفاصيل هجوم سيناء، قال مسؤول مركز الإعلام الأمني بوزارة الداخلية إنه خلال مرور دورية أمنية على طريق القنطرة - العريش في منطقة بئر العبد بهدف تمشيط الطريق وتطهيرها، اشتبهت القوات في إحدى السيارات أثناء محاولة قائدها اقتحام خط سير القوة الأمنية. وتابع أنه «حال قيام الدورية بالتعامل مع السيارة انفجرت، ما أسفر عن حدوث تلفيات بعدد من سيارات الدورية الأمنية، وأعقب ذلك تبادل لإطلاق النيران مع بعض العناصر الإرهابية التي كانت مختبئة بالمنطقة الصحراوية المتاخمة للطريق».
وأضافت الداخلية في بيان أن الاعتداء أسفر عن مقتل بعض أفراد الدورية وإصابة آخرين، و«على الفور تم الدفع بقوات تعزيز وفرض طوق أمني وتمشيط المنطقة محل الواقعة، ونقل المصابين للمستشفى لتلقي العلاج».
وأفادت التحقيقات الأولية بأن «الإرهابيين أطلقوا النار تجاه القوات، التي ردت على مصدر النيران وقتلت 3 منهم، فيما استولى إرهابيون على سيارة نصف نقل كانت ترافق الحملة الأمنية، وأضرموا النار في الآليات الأمنية التي تعطلت نتيجة الانفجار، بينها مدرعة خاصة بالتشويش».
وأفيد بأن عدد قتلى رجال الشرطة بلغ 18، في وقت أفادت فيه معلومات أخرى عن مقتل اثنين آخرين خلال إسعاف مصابين ومحاولة نقلهم للعلاج في المستشفيات.
وينشط بقوة في سيناء تنظيم «أنصار بيت المقدس» الذي بايع أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2014، وأطلق على نفسه «ولاية سيناء». لكن السلطات المصرية رفضت هذه التسمية فصار التنظيم يُعرف في الإعلام بـ«داعش سيناء».
ومنذ عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي المنتمي إلى جماعة «الإخوان»، التي صنفتها الحكومة المصرية إرهابية، عام 2013، استهدف المتشددون العسكريين ورجال الأمن والارتكازات والنقاط الأمنية، لا سيما في سيناء. وتبنى «داعش» كثيرا من تلك الاعتداءات.
من جانبه، قال أحمد بان، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية بمصر، إن الضربة التي استهدفت قوات الشرطة في سيناء أمس «تم الإعداد لها (كما يبدو) منذ فترة طويلة»، مشيراً إلى أن الهجوم الإرهابي «لم يبتعد عن أسلوب تنظيم (أنصار بيت المقدس) من حيث المفخخات أو الاشتباك بالسلاح الآلي، فهو أسلوب متكرر في كل عملياتهم السابقة... وهذا يحتاج إلى مهارات استخباراتية معينة من جانب عناصر التنظيم من مجموعات المتابعة، ثم مجموعات الرصد، وبعدها الاشتباك... وكل هذا يحتاج وقتاً طويلاً من الإعداد». ودعا قوات الأمن إلى العمل على «سد الثغرات الأمنية، ومحاولة تجديد الآليات والوسائل؛ سواء لحركة القوات أثناء سيرها، أو أثناء تمركزها، لتفادي الاستهدافات».
أما اللواء نصر سالم، رئيس استطلاع الاستخبارات الحربية الأسبق، فقال إن «المشكلة في سيناء تكمن في أن الإرهابيين يعيشون بين الأهالي، بما يمكنهم من ارتكاب جرائمهم والعودة إلى التخفي».
ويفرض الجيش والشرطة في مصر طوقاً أمنياً شديداً على المداخل الغربية لسيناء لمنع دخول الأسلحة والمتفجرات من خلال الأنفاق الموجودة شرقاً.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».