الألغام سلاح «داعش» الفتاك

TT

الألغام سلاح «داعش» الفتاك

لطالما شكلت الألغام في المعارك التي يخوضها تنظيم داعش سواء في العراق أو في سوريا، سلاحا فتاكا استخدمه بكثافة، وعمد إلى تطويره من خلال استخدام أسلوب التمويه، ما ساهم إلى حد كبير في إطالة أمد المعارك التي تُشن عليه ومضاعفة أعداد القتلى إن كان من القوات المسلحة خلال المواجهات أو من المدنيين بعد إنجاز عملية التحرير.
وليس تخصيص الجيش اللبناني يوما كاملا خلال معركته بوجه التنظيم المتطرف في الجرود الشرقية الحدودية لتمشيط المنطقة المحررة وإزالة الألغام والأفخاخ والنسفيات من محاور التقدّم، كما مقتل 4 من عناصره وجرح آخرين بانفجار ألغام، إلا مؤشرا للتحدي الكبير الذي يواجه المؤسسة العسكرية خصوصا مع دخول المعركة المرحلة الثالثة والأصعب التي قد تقتضي الاعتماد أكثر على القوات البرية والمواجهات المباشرة.
وتشير مصادر أمنية مطلعة على تفاصيل المعركة في جرود رأس بعلبك والقاع، إلى أن وحدات الجيش تركز قسما كبيرا من جهودها على «تنظيف المسالك التي تسلكها الآليات العسكرية كما للكشف على البقع التي تتم السيطرة عليها بما فيها المغاور والدهاليز والكهوف»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى «أننا نتعامل مع تنظيم إرهابي لا يضع الأرجح خرائط لمواقع زرع الألغام، بخلاف الجيوش النظامية التي تسلم عادة بعد انتهاء الحرب هذه الخرائط للجيش العدو للعمل على تفكيك هذه الألغام». وتوضح المصادر أن «التنظيم وخلال احتلاله للمنطقة الجردية الشرقية لـ3 سنوات كان لديه ما يكفي من الوقت لزرع الألغام وبكثافة تحسبا لأي هجوم من الجيش اللبناني»، وأضافت: «كما أن المساحة الكبيرة التي تجري فيها المعركة تصعّب الأمور أكثر وتستدعي جهدا إضافيا لإتمام عملية تفكيك الألغام».
ويواصل «داعش» الاعتماد بشكل أساسي على الألغام وعمليات التفخيخ في معركته بوجه «قوات سوريا الديمقراطية» في مدينة الرقة معقله في الشمال السوري، وهو كان قد فخخ وبشكل واسع أحياء بالكامل في الموصل العراقية كما في كوباني ومنبج والباب وغيرها من المدن السورية التي كان يحتلها.
ويشير الناشط في حملة «الرقة تذبح بصمت» والمتخصص في شؤون التنظيم المتطرف أبو محمد الرقاوي، إلى أن «داعش» يعتمد هذا التكتيك ليحد قدر الإمكان من حركة العناصر الذين يهاجمونه، لافتا إلى «إمكانية أن يُقدم على تفخيخ أي شيء حتى لعب الأطفال، ما يُضطر المهاجم إلى استخدام عربات مصفحة أو سيارات مدرعة يواجهها عناصر التنظيم بالصواريخ الحرارية». ويوضح الرقاوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «زرع الرعب وإرهاب العدو هدف أساسي له من استخدام الألغام، إضافة إلى كونه أحد عناصر قوته بمقابل افتقاره إلى العنصر البشري خصوصا في المعارك التي يخوضها على الحدود اللبنانية».
ويتحدث أحد الخبراء بتفكيك ألغام «داعش» في سوريا، وهو ينتمي إلى فصائل المعارضة، عن أنواع متعددة من الألغام التي يزرعها التنظيم: «بعضها يتحسس وينفجر إذا مر الإنسان أو الحيوان بجانبها، فيما يعمل النوع الثاني على مبدأ المسطرة، فإذا وطئ الإنسان على تلك المسطرة تنفجر. أما النوع الثالث فيعمل على الحبل، وله عقد تشبه الثوم، يكون طول الحبل من مترين إلى ثلاثة، وإذا لمس الإنسان ذلك الحبل ينفجر اللغم فوراً، إضافة إلى الألغام التي تعمل بالطاقة الكهرضوئية الحركية، التي يمكن التحكم بها عن بعد».
وفي مدينة الباب في ريف حلب الشرقي وزّع «داعش» الألغام في منازل المدنيين والطرقات والمحال التجارية والمدارس والمعامل. وأكد المدنيون الذين دخلوا مدينتهم بعد تحريرها أن التنظيم «تفنن في القتل من خلال زرع ألغام مختلفة الأشكال ومموهة على شاكلة حجر وأثاث منزل». وقد وجد عناصر الدفاع المدني بحينها «ورشة لصناعة قوالب للألغام، حيث كان يقوم التنظيم بصناعة أجسام من الجص لتمويه ألغامه».


مقالات ذات صلة

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

المشرق العربي جانب من لقاء وزير الدفاع التركي الأحد مع ممثلي وسائل الإعلام (وزارة الدفاع التركية)

تركيا مستعدة لدعم السلطة السورية الجديدة... وأولويتها تصفية «الوحدات الكردية»

أكدت تركيا استعدادها لتقديم الدعم العسكري للإدارة الجديدة في سوريا إذا طلبت ذلك وشددت على أن سحب قواتها من هناك يمكن أن يتم تقييمه على ضوء التطورات الجديدة

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
أفريقيا أسلحة ومعدات كانت بحوزة إرهابيين في بوركينا فاسو (صحافة محلية)

بوركينا فاسو تعلن القضاء على 100 إرهابي وفتح 2500 مدرسة

تصاعدت المواجهات بين جيوش دول الساحل المدعومة من روسيا (مالي، والنيجر، وبوركينا فاسو)، والجماعات المسلحة الموالية لتنظيمَي «القاعدة» و«داعش».

الشيخ محمد (نواكشوط)
المشرق العربي حديث جانبي بين وزيري الخارجية التركي هاكان فيدان والأميركي أنتوني بلينكن خلال مؤتمر وزراء خارجية دول مجموعة الاتصال العربية حول سوريا في العاصمة الأردنية عمان السبت (رويترز)

تركيا: لا مكان لـ«الوحدات الكردية» في سوريا الجديدة

أكدت تركيا أن «وحدات حماية الشعب الكردية» لن يكون لها مكان في سوريا في ظل إدارتها الجديدة... وتحولت التطورات في سوريا إلى مادة للسجال بين إردوغان والمعارضة.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.