issue17197

الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائب رئيس التحرير Managing Editors Editorial Consultant in KSA Aidroos Abdulaziz Camille Tawil Saud Al Rayes Deputy Editor-in-Chief مديرا التحرير مستشار التحرير في السعودية محمد هاني Mohamed Hani الأمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز عيدروس عبد العزيز كميل الطويل سعود الريس 1987 أسسها سنة 1978 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير غسان شربل Editor-in-Chief Ghassan Charbel يبدو أن مطامح رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، المودّعة 2025 المتعجّل على إنجاز «إسرائيل الكبرى»، حظيت خلال سنة بقوة دفع غير مسبوقة... إسرائيلياً، يتأكّد أكثر فأكثر أن الرجل يفهم أكثر من غيره حقيقة مرض التطرّف العضال الذي تأصّل واستشرى في الشارع الإسرائيلي. وحقاً، بعدما كانت معظم استطلاعات الـرأي تشير إلى تراجع شعبية نتنياهو، نراه قد قلب الوضع رأسا على عقب منذ اعتماده خيار «الإبادة الـجـمـاعـيـة» فـــي قــطــاع غــــزة، وإعــــــداده الـــعـــدة لابـــتـــاع الـضـفـة الـغـربـيـة، وتوسيعه الهيمنة على أراضـــي سـوريـا ولـبـنـان، ناهيك مـن إطـبـاقـه – أخيرا – على منطقة القرن الأفريقي... تمهيدا للتحكّم في مضيق باب المندب من ناحية، وضمان «وطن فلسطيني بديل» في «أرض الصومال» من ناحية أخرى. أمَّا عربياً، فالواضح أن إسرائيل ما عادت مكتفية بـ«تحييد» نصف الـــدول الأعـضـاء فـي جامعة الـــدول العربية، بـل صــار لديها الآن حلفاء من العرب ينافحون علنا عن مصالح «يمينها» المتطرّف ومخطّطاته التقسيمية والتهجيرية والاستيطانية. وأمَّــا عالمياً، فبينما تخسر إسرائيل - مؤقتا على الأقــل - «معركة الحقيقة» في موضوع إبادة غزة، فإنَّها أكملت بقيادة نتنياهو، ورعاية المليارديرة ميريام أديلسون، تجهيز «ترسانتها» المعلوماتية المستقبلية الهادفة إلى بناء سردية مناقضة. هـــذه الــســرديــة المـنـاقـضـة والمـتـكـامـلـة تـتـضـمّــن طــوفــانــا جـــارفـــا من الأضـالـيـل، ودفــن الأدلّــــة، وكــم أفـــواه الـشـهـود، وتغييب المـسـاءلـة والشك والشفافية، واحتكار المنابر الإعلامية والمرافق «السايبرانية» وتقنيات «الذكاء الاصطناعي». وضع كهذا، طبعاً، لا يتحقّق من دون التزام كامل من واشنطن، التي ما عاد كثيرون من أصحاب الرأي الأميركيين يرتاحون إليه، بمن فيهم ساسة مـن الـحـزب الجمهوري وقـيـادات إعلامية رصينة وموضوعية. بل أكثر من ذلـك، وكما بـات مكشوفاً، أدّى التماهي الكامل بين مواقف الرئيس دونـالـد تـرمـب ونتنياهو، إلــى إحـــداث شــرخ فـي قـاعـدة اليمين الأميركي المحافظ والمتشدّد بين كتلته المسيحية وكتلته اليهودية. وكان من أبرز ما رأيناه خروج عدد من الأصـوات المسيحية المتشددة المؤمنة بشعار «أميركا أولاً»، مثل الإعلاميين والناشطين تاكر كارلسون ونِك فوينتس وكاندايس أوينز وعضو الكونغرس مارجوري تايلور غرين، عن خط الدعم المطلق لإسرائيل. إذ يـرى هـؤلاء أن الــولاء الحقيقي عند التيار اليهودي الأميركي الداعم لترمب، هو أولا وأخيرا لإسرائيل. حـتـى الـلـحـظـة، مـــع زيـــــارة نـتـنـيـاهـو الـخـامـسـة لـلـرئـيـس تــرمــب، لا تــزال أسهم إسرائيل هـي الأعـلـى فـي واشـنـطـن... وسـط عجز عربي تام عن بناء أي استراتيجية لمواجهة استحقاقات مستقبل المنطقة. وهذا، بلا شك، إذا كان هناك أصلا مَن لا يزال يؤمن بضرورة أن تكون للعرب «استراتيجية موحّدة» للدفاع عن الحد الأدنى من مصالحهم. وفي هذا السياق، لا بـأس من النظر إلـى «الـجـيـران» الذين يتقاسم العرب معهم منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومسالكهما الحيوية. تركيا، مثلاً، تعتمد استراتيجية - قد نوافقها أو لا نوافقها عليها - تقوم على تعريف «فضاء مصالح حيوية» يعتمد على بضعة أبعاد: البُعد الأول، شرعية دينية إسلامية موروثة من الحقبة العثمانية م. 1918 و 1516 التي استمرت في معظم منطقتنا العربية بين عامي والبُعد الثاني، واقـع قومي لغوي تركي/ تركماني، لا تـزال نثرات منه موجودة على امتداد المنطقة من العراق شرقاً... حتى الجزائر غرباً. والبُعد الثالث، ديمغرافي واقتصادي، أساسه أن تركيا تطل على المضيقين اللذين يتنفّس عبرهما العملاق الروسي جنوباً، وتضم مع عُمقها في وسط آسيا إحدى أكبر الكتل المسلمة السنّية في العالم. والبعد الــرابــع، استراتيجي دولـــي، فتركيا جزئيا «كـيـان أوروبــي وأطلسي» مهم. ولديها جاليات كبيرة في قلب أوروبا، وبالأخص ألمانيا. من ثم، فـإن القيادة التركية عندما «تتعامل» مع المنطقة العربية، نراها تناور وتـعـادي وتـهـادن وتحالف... بناء على اعتبارات حقيقية وجدّية، بل ووجودية. إيــــران مــن جهتها، عـلـى الــرغــم مــن النكسة الـكـبـرى الـتـي تعرّضت لها فـي لبنان وفــي فلسطين وفــي سـوريـا، لا تــزال تــرى أنَّــهـا «تـدفـع من الاحتياطي» لا من «اللحم الحي». والقصد أنَّها لا تخسر من الداخل بل من السياج الخارجي (العربي) لمصالحها. أيــــضــــا، أتـــقـــنـــت إيـــــــران عـــبـــر ســــنــــوات مــــن الـــحـــصـــاريـــن الــســيــاســي والاقتصادي سياسات الصبر وتنفيس الضغط، وتحي الفرص، وبناء شبكات تـواصـل بـديـلـة. وهــي على الـرغـم مـن خسارتها «ثـــاث أوراق» عربية مهمة، وتهديد إسرائيل ورقتها الرابعة الحوثية في اليمن، لا تزال تحتفظ بهامش تحرّك مريح نسبيا يتجسّد في علاقاتها الصينية والروسية. بـــل حـتـى إثــيــوبــيــا، كـمـا يـظـهـر الـــيـــوم، تــعــرف جــيــدا مـــا تـــريـــده من إسرائيل وكيف تحصل عليه. وهي تتسلّح راهنا بـ«إرث» تاريخي يعود إلى الأزمنة الغابرة، ولعله لم ينقطع البتة منذ تهاوى عرش «النجاشي» .1974 و 1930 الأخير هايله سيلاسي «أسد يهوذا»... الذي حكم بين مليون نسمة، 132 إثيوبيا، التي يربو عدد سكانها اليوم على والتي تسيطر على بعض أهم منابع نهر النيل، ستشكل «فك كماشة» آخر للمنطقة العربية... إذا تراجعت العلاقات معها إلى حد القطيعة أو العداء المفتوح. وهذا أمر يوليه مخطّط «إسرائيل الكبرى» اهتماما بالغاً، وخصوصا الآن بعد وصول نفوذ نتنياهو إلى منطقة «أرض الــصــومــال» (الــصــومــال الـبـريـطـانـي سـابـقـا). إذ إنـــه سيفتح الطريق البرّي بين ميناء بربرة الصومالي والعاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ويوفّر بالتالي لإثيوبيا ميناء بحريا من دون الحاجة إلى جيبوتي وإريتريا. «جيراننا»، إذن، يعرفون مصالحهم جيداً... فمتى نتعلم منهم بعض ما يجيدونه، أم أنَّنا «هرمنا»... فكبرنا كثيرا على التعلّم؟! «أرض العرب» في «عصر نتنياهو»! فـي الـعـالـم نحو سبعين حـركـة انـفـصـال شبه مسلحة، لكنَّها لم تنجح. فالمجتمع الدولي من حيث المبدأ متفق على رفض الانفصالات، لأنَّها تُهدّد الجميع. الـــســـؤال: لمـــاذا نـجـح انـفـصـال جـنـوب الـــســـودان وأصـبـح جمهورية معترفا بها وفشلت انفصالات «صومالي لانـد»، وكردستان العراق، واليمن الجنوبي؟ السر في كلمة واحدة هي «الشرعية». ختم الأمم المتحدة للانضمام إليها ضرورة، وهذا يتطلَّب موافقة الدول الخمس الكبرى مجتمعةً، ولا يكفي فقط استفتاء السكان المنفصلين وإجماعُهم. انفصال الجنوب اليمني ممكن لكن له مسارُه. الأمـــــم المـــتـــحـــدة مــنــحــت عــضــويــتَــهــا لـــجـــنـــوب الـــســـودان وحرمت سكان «صومالي لانــد»، مع أنَّها «جمهورية» أكثر تأهيلاً، لديها علم وعملة وانتخابات! وخـيـر مـثـال يـضـيء الـطـريـق لفهم «حـكـايـة الانـفـصـال» الشائعة في المنطقة، يمكن قـراءة التَّجربة الكردية. معظمُنا يـعـرف أن الأكــــراد لـيـسـوا عــربــا، لـهـم لغتُهم وثـقـافـتـهـم، وقـد قُسّمت بـادُهـم فـي زمــن الاسـتـعـمـار، وَوزّعــــت أراضـيـهـم بين القوى الكبرى في «اتفاق لوزان». بريطانيا ضمَّت جزءا كرديّا لها في العراق، وفرنسا ضمَّت قسما لها في سوريا، وتركتا بقية الأكــراد حيث هـم، بين إيــران وتركيا. تقريبا حدثت في فترة الانتداب نفسها على فلسطين. أكــراد الـعـراق ظلُّوا يحاربون من أجـل الانفصال نصف قــرن. وفـي لحظة اعتقد مخطئا رئـيـس الإقليم الـكـردي أنَّها مـنـاسـبـة، نـتـيـجـة الـغـضـب الــعــربــي والــغــربــي مــن بــغــداد في . قــرَّر الرئيس مسعود بـارزانـي إعـــان الاستقلال. 2017 عـام أصـدقـاؤه، قبل أعـدائـه، سارعوا لرفض استقلاله، كـل الـدول العربية والــولايــات المتحدة وأوروبــــا. فقط إسـرائـيـل أيَّــدتـه. ،؜ فــي المــائــة 92 ، مــع أن مـسـعـود حـقَّــق رغــبــة شعبية عــارمــة فـي اسـتـفـتـاء لسكان الإقـلـيـم على الاسـتـقـال، ولـديـه وثـائـق تاريخيّة وأصــدقــاء مهمّون فـي العالم. النتيجة كارثية، لم يفشل الاسـتـقـال بـل أيضا اضـطـر أن يسلّم كـركـوك للجيش الـعـراقـي، ومسعود نفسه اضطر للاستقالة مـن الحكم بعد شهرين. جنوب السودان كان محاولة انفصال مشابهة بنتيجة مـخـتـلـفـة. تــاريــخــيــا، الـبـريـطـانـيـون ضـــمّـــوه لــلــســودان تـحـت حكمِهم آنذاك من القاهرة، مع أن سكانه لا يرتبطون بالشمال لغة وَهُويَّة. وبعد خروج الإنجليز أخطأ الشمال في التعامل مع الجنوب بفرض ثقافته قسرا بالتعريب والأسلمة. ونتيجة للحروب الطويلة الدامية التي استهلكت مـقـدرات الشمال، وبسبب الحكم الفاسد للثنائي البشير والـتـرابـي اضطرت الخرطوم للانفصال، وكان هناك تأييد من كل القوى الخمس الكبرى لـدولـة الجنوب. أيضا ســـاوم البشير على الجنوب؛ حيث كان مطلوبا بوصفه مجرم حرب ليخلّص نفسه. «أرض الــصــومــال» شـبـه دولـــة مستقرة فــي بـلـد مـمـزّق، واســتــراتــيــجــيــا مــهــمــة، ولــديــهــا كــــل مــقــومــات الانـــفـــصـــال إلا الشرعية. اعترفت بها إسرائيل وهذا لا يكفي. الـــيـــمـــن الـــجـــنـــوبـــي لـــديـــه رغــــبــــة مــــبــــررة فــــي الانـــفـــصـــال، فهل يستحقها؟ مـن الناحية النظرية نعم، خاصة أنَّــه كان . كـــان عاما 1990 دولـــةً، وانـضـم لجمهورية صنعاء فـي عــام مضطرباً... بدايات انهيار الاتحاد السوفياتي حليف جنوب اليمن... واحتل فيه صدام الكويت. الـعـاقـة بـن صـنـعـاء وعـــدن متنافسة، وفيها محطات عنف غير عادية. فقد أرسل رئيس الجنوب سالم ربيع علي حقيبة مفخخة لرئيس الشمال، ليُقتل الغشمي مع المندوب الـــذي لـم يـكـن يعلم بمحتوى حقيبته! وبـعـدهـا بثلاثة أيـام أطيح برئيس الجنوب وأعدم. والوحدة نفسها وُلدت نتيجة صـراع قيادات الجنوب بين بعضهم، اضطر الرئيس حينها علي سالم البيض لأن يذهب إلى صنعاءَ، ويطلب الوحدة. الآن الـــــصّـــــراع يـــتـــكـــرَّر عـــلـــى الـــحـــكـــم بــــن الــجــنــوبــيــن، وسيجذب المزيد من القوى الخارجية للاقتتال هناك، ما لم يـتـوقّــف المـجـلـس الانـتـقـالـي عـن تـغـوُّلِــه على أقـالـيـم الجنوب الأخرى الذي قد يفسد عليه ما حقَّقه من إنجازات. العظة أنَّه يمكن للجنوب أن ينفصل ويصبح جمهورية، إذا وافـق الجنوبيون، وقَــبِــل به الشَّماليون. هل ذلـك ممكن؟ نعم هذا ممكن فقط من خلال الإطـار القانوني الحالي الذي تعترف به كل الدول الخمس الكبرى في مجلس الأمن، عندما نقل شرعيته الرئيس السابق هادي للمجلس الرئاسي قبل ثـــاث ســنــوات. «الانـتـقـالـي» قيمته «الـشـرعـيـة» الـوحـيـدة أن بعض أعضائِه أعضاء في المجلس الرئاسي الذي يهاجمه! بــمــقــدور «الانــتــقــالــي» أن يـسـتـفـيـد مـــن وضـــع الـشـمـال، ويـــمـــهـــد لـــدولـــة جــنــوبــيــة، تـحـظـى أولا بــمــوافــقــة كـــل الــقــوى الـجـنـوبـيـة، وثـانـيـا تـقـبـل بـهـا المــؤســســات اليمنية، المجلس الرئاسي والبرلمان، الذي يعني موافقة الشماليين، والحصول على تأييد الـــدول المــجــاورة؛ السعودية وعُــمَــان، ودعـــم دول التحالف، وفي مقدمتها الإمارات، وتأييد الدول الكبرى. هذه هـي خريطة الـطـريـق العقلانية الـتـي تـوصـل إلــى قـيـام دولــة الجنوب بالتوافق، وفي تصوُّري خلال سنوات قد لا تتعدَّى الثلاث. من دونها سيعيش الجنوب أعـوامـا طويلة في حروب وبؤس وانقسام خطير، بسبب قرارات متعجلة اليوم عنوانُها التَّسابق على كرسي الحكم في الجنوب. كيف للجنوب اليمني أن ينفصل؟ OPINION الرأي 13 Issue 17197 - العدد Sunday - 2025/12/28 الأحد أكملت إسرائيل تجهيز «ترسانتها» المعلوماتية المستقبلية الهادفة إلى بناء سردية مناقضة إياد أبو شقرا عبد الرحمن الراشد المجتمع الدولي من حيث المبدأ متفق على رفض الانفصالات لأنَّها تُهدّد الجميع

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky