10 عام في ظل ترمب NEWS Issue 17197 - العدد Sunday - 2025/12/28 الأحد ASHARQ AL-AWSAT بـن سـيـاسـات داخـلـيـة مثيرة لـلـجـدل، ومــواقــف خارجية أعادت رسم توازنات حساسة، ووعود بـ«إنهاء حروب أبدية»، عاش العالم عاما مليئا بالتقلبات وعدم اليقين على وقع قرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب. منذ عودته إلى واجهة المشهد الـسـيـاسـي، قبل نحو عـــام، فــرض تـرمـب إيـقـاعـا خـاصـا على الأحـــــداث، أعـــاد مـن خـالـه طــرح أسـئـلـة كـبـرى حــول مستقبل الديمقراطية، والعلاقات الدولية، والاقتصاد العالمي. يأتي ملف «عام في ظل ترمب» ليفتح صفحة مراجعة شاملة لسنة اتسمت بحدة الخطاب، وتسارع القرارات، وارتداداتها الواسعة على المستويات؛ الأميركي والعربي والدولي. يرصد هذا الملف، أبرز محطات العام، ويحلل تداعياتها السياسية والاقتصادية، مستندا إلى الوقائع والأرقــام والـقـراءات المتقاطعة. هو محاولة لفهم كيف انعكس هــذا الـعـام على الـبـلـدان العربية بشكل خــاص وعلاقتها بواشنطن، وما الذي يمكن أن يحمله المستقبل في ظل استمرار هذا النهج. ويتناول عدد اليوم، الملفات الخلافية الأساسية بين ترمب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، إلى جانب التحدي الجديد الذي تفرضه «استراتيجية الأمن القومي الأميركي» على الدول الأوروبية. «استراتيجية الأمن القومي» أكدت ازدراء واشنطن للأوروبيين أوروبا تائهة بين السعي للاستقلالية والحاجة إلى مظلة أميركية إذا كـــانـــت الـــشـــكـــوك مـــا زالـــــت تــســاور الــــقــــادة الأوروبـــــيـــــن حــــول نـــظـــرة الــرئــيــس الأميركي دونالد ترمب وإدارته الجمهورية للقارة القديمة، فـإن وثيقة «استراتيجية ديسمبر 5 الأمـن القومي» التي نشرت في (كـانـون الأول) تقطع الـشـك باليقين لأنها تُظهر، وبلغة فجة غير مسبوقة، الازدراء الأمـــيـــركـــي لــلــحــلــيــف الأوروبـــــــــي أكــــــان فـي إطار الاتحاد الأوروبـي أم في إطار الحلف الأطلسي. فالوثيقة الاستراتيجية الـتـي تنشر عــــادة مـــع بـــدايـــة كـــل عـهـد أمــيــركــي جـديـد، يــــراد لـهـا أن تــؤطــر الــعــاقــات الأمـيـركـيـة - الأوروبية للسنوات القادمة. مـــن هـــنـــا، يــفــتــرض بــهــا وبـالمـضـمـون الـــذي حملته أن تـزيـل الأوهـــــام الأوروبـــيـــة فــي الـسـيـاقـات السياسية والدبلوماسية والاستراتيجية والاقتصادية والتجارية والـــثـــقـــافـــيـــة. فـــالـــفـــقـــرات الـــتـــي تـضـمـنـتـهـا بخصوص أوروبا جاءت صادمة. والأسوأ أنـهـا جـــاءت فــي وقـــت تـحـتـاج فـيـه أوروبـــا لـــ«الــشــريــك» الأمــيــركــي لأنــهــا غـيـر قــــادرة، بـــقـــواهـــا الــــذاتــــيــــة، أن تـــضـــع حـــــدا لـلـحـرب الأوكرانية التي تدق أبوابها، فيما تعتبر أنها تتعرض لتهديد روســي وجـــودي. لا بل ثمة أصوات صدرت من ألمانيا وفرنسا وبــولــنــدا ومـــن دول بـحـر الـبـلـطـيـق تـحـذر مـن أن الـرئـيـس فلاديمير بـوتـن المـقـدر له لن 2036 أن يـبـقـى فــي الـسـلـطـة حـتـى عـــام يتردد في مهاجمة أوروبا في فترة زمنية لا تتجاوز نهاية العقد الجاري؛ ما يحتّم على الأوروبيين التأهب وتعظيم قدراتهم، خــصــوصــا أن ثـقـتـهـم بــالــحــلــف الأطــلــســي وبالمادة الخامسة منه تتلاشى. وللتذكير، فإن حرفية المادة الخامسة مـــن مــعــاهــدة الـحـلـف تـنـص عـلـى مـــا يـلـي: «يعتبر أي هجوم مسلح على أحد الأطراف في أوروبا أو أميركا الشمالية هجوما على جـمـيـع الأعـــضـــاء، ويـــوافـــق كـــل طـــرف على أنـه إذا وقـع هجوم مسلح من هـذا القبيل، فـــإن كـــل عــضــو، بــمــفــرده أو بــالــتــعــاون مع الآخرين، سيقوم باتخاذ ما يراه ضرورياً، بــمــا فـــي ذلــــك اســـتـــخـــدام الـــقـــوة المـسـلـحـة، لاستعادة وسلامة أمن المنطقة الأطلسية. ويتفق الأطــراف على أن أي تدخل من هذا الـــنـــوع يُــتــخــذ فـــــورا بــعــد وقـــــوع الــهــجــوم، وسيتم الإبلاغ عنه فوريا إلى مجلس الأمن الدولي وفقا لأحكام ميثاق الأمم المتحدة». انحسار المظلة الأميركية يريد الرئيس ترمب، من خلال الوثيقة الاستراتيجية، إفـهـام الأوروبــيــن أن زمن الاستكانة للمظلة الأميركية - الأطلسية قد ولى إلى غير رجعة، وأن عليهم بالتالي أن يتحملوا عـبء الدفاع عن أنفسهم. ويبرز ذلـــــك بــــوضــــوح مــــن خـــــال الـــفـــقـــرة الــتــالــيــة مـــن الــوثــيــقــة المـــــذكـــــورة، الـــتـــي تــنــص على «تمكين أوروبـــا مـن الاعـتـمـاد على نفسها والعمل كمجموعة من الدول المتحالفة ذات الـــســـيـــادة، بـمـا فـــي ذلـــك تـحـمـل المـسـؤولـيـة الأســــاســــيــــة عـــــن دفــــاعــــهــــا الـــــخـــــاص، دون الرضوخ لهيمنة أي قوة معادية». فــي لـقـاء خـــاص بـــ«الــشــرق الأوســــط»، يُرجع البروفسور برتراند بـادي، صاحب العديد من المؤلفات في العلاقات الدولية والمــــحــــاضــــر الــــســــابــــق فــــي مـــعـــهـــد الـــعـــلـــوم الــســيــاســيــة فــــي بــــاريــــس، تـــحـــول الــنــظــرة الأمـيـركـيـة للحلف إلـــى أن تـرمـب «لـــم يعد يعتبره مربحاً» لـبـاده وأن التحالف بين ضفتي الأطـلـسـي «أصــبــح مكلفا ومعوقا لواشنطن». وإذا كان «الحلف» زمن الحرب الــــبــــاردة، قـــد «مـــكّـــن الـــولايـــات المــتــحــدة من فـــرض هيمنتها عـلـى الـــغـــرب وعــلــى جـزء مـــن الـــعـــالـــم فـــي وقــــت لـــم يــكــن قـــد ظــهــر ما يــســمــى الـــجـــنـــوب الــــشــــامــــل»، فـــــإن انــهــيــار حلف وارســـو وتفكك الاتـحـاد السوفياتي «سمحا لـأوروبـيـن الـتـحـرر نـوعـا مـا من الهيمنة الأميركية»؛ إذ إن روسيا لم تعد تخيفهم. لذا، أخذ الحليف الأميركي يعتبر أن «حماية أوروبـــا، من جهة، مكلفة، ومن جـهـة ثـانـيـة، مـضـرة بـالمـصـالـح الأمـيـركـيـة آيديولوجيا وسياسيا واقتصاديا وثقافيا وبــرؤيــتــهــا «الـــجـــديـــدة» لــلــعــالــم. مـــن هـنـا، تأكيد تـرمـب على أنــه يتعين على أوروبـــا أن تتولى حماية نفسها وزيــــادة إنفاقها الدفاعي. الهجوم على أوروبا جاء في حرفية الوثيقة الاستراتيجية عـــن أوروبــــــا مـــا يـــلـــي: «اعـــتـــاد المــســؤولــون الأمـــيـــركـــيـــون عـــلـــى الـــنـــظـــر إلـــــى المــشــكــات الأوروبـــــيـــــة مـــن زاويــــــة انـــخـــفـــاض الإنـــفـــاق الـــعـــســـكـــري والـــــركـــــود الاقــــتــــصــــادي. وهــــذا صـحـيـح، لـكـن المــشــكــات الـحـقـيـقـيـة أعـمـق بكثير. فقد فقدت أوروبـا القارية حصتها مــن الـنـاتـج المـحـلـي الإجــمــالــي الــعــالمــي؛ إذ 1990 فـي المـائـة فـي عــام 25 انخفضت مـن فـــي المـــائـــة الــــيــــوم، جــزئــيــا بسبب 14 إلــــى الـقـوانـن الـوطـنـيـة والــعــابــرة لـلـحـدود (أي قوانين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التجارة الــــدولــــيــــة) الــــتــــي تــــقــــوّض الإبــــــــــداع وروح المـــــبـــــادرة». وتــضــيــف الــوثــيــقــة: «لـــكـــن هــذا التراجع الاقتصادي يتلاشى أمـام النظرة الواقعية الأكثر قتامة، وهي احتمال محو الهوية الحضارية. فالمشكلات الكبرى التي تـــواجـــه أوروبــــــا تـتـعـلـق بـأنـشـطـة الاتــحــاد الأوروبــــــي وغــيــرهــا مـــن الـهـيـئـات الـعـابـرة للحدود، والتي تقوّض الحرية السياسية والـسـيـادة؛ بسياسات الهجرة التي تغيّر الــقــارة وتـخـلـق صـــراعـــات؛ بـفـرض الـرقـابـة عـــلـــى حــــريــــة الـــتـــعـــبـــيـــر وقــــمــــع المـــعـــارضـــة الــســيــاســيــة؛ بــانــخــفــاض مـــعـــدلات الــــولادة وفقدان الهويات الوطنية والثقة بالنفس». وبـــــخـــــصـــــوص الــــحــــلــــف الأطـــــلـــــســـــي، تــــرى الـوثـيـقـة أنـــه «مـــن المــرجّــح أنـــه، فــي غضون بـضـعـة عـــقـــود، سـيـصـبـح أعـــضـــاء الـحـلـف فــــي أغــلــبــيــتــهــم غـــيـــر أوروبــــــيــــــن... ونـــريـــد أن تـبـقـى أوروبــــــا أوروبــــيــــة وأن تستعيد الإيمان الذي كانت تتمتع به بحضارتها». ويـذهـب النص إلـى حـد أنـه لا يـرى «سببا كبيرا للأمل» للقارة القديمة إلا في «تقدم الأحــــــزاب الـوطـنـيـة الأوروبــــيــــة» أي عمليا الأحــزاب اليمينية المتطرفة كما في ألمانيا وفـــرنـــســـا وبـــريـــطـــانـــيـــا. وتــــدعــــو الــوثــيــقــة، صراحة، إلى «تصحيح المسار الحالي». إشكالية السيادة تـــخـــتـــصـــر هـــــــذه الــــفــــقــــرة لـــــب الــــرؤيــــة الترمبية لأوروبـا. ولمزيد من الإيضاح، لم يتردد ترمب في اتهام القادة الأوروبـيـن، ديسمبر، مـع موقع 9 فـي مقابلة بـتـاريـخ «بــولــيــتــيــكــو» بــأنــهــم «ضـــعـــفـــاء» ودولـــهـــم «في حالة تدهور»، لا بل اعتبر أن «الكثير منها لن يكون قابلا للاستمرار» في حال لـم يـغـيـروا سياستهم إزاء الـهـجـرات. وما كـــان لـــأوروبـــيـــن أن يـبـقـوا صـامـتـن إزاء نزوع ترمب للتدخل في شؤونهم، فسارع أنطونيو كوستا، رئيس المجلس الأوروبي، إلى توجيه سهامه إلى ترمب مؤكدا أن «ما لا يمكن قبوله هـو هـذا التهديد بالتدخل فــي الـحـيـاة السياسية لأوروبـــــا» مضيفاً: «لا يمكن للولايات المتحدة أن تحل محل المواطنين الأوروبـيـن في تحديد الأحـزاب الجيدة والأحزاب السيئة» وأن «الحلفاء لا يهددون بالتدخل في الحياة الديمقراطية أو فــــي الــــخــــيــــارات الـــســـيـــاســـيـــة الــداخــلــيــة لحلفائهم، بل يحترمونها». بيد أن كوستا الحريص على العلاقة القوية مع واشنطن تمسك بموقف الاتحاد الأوروبي الجماعي الذي يرى في الولايات المتحدة «حليفا وشريكا اقتصاديا مهما ولـــكـــن يـتـعـن عــلــى أوروبــــــا أن تـــكـــون ذات سـيـادة». وفـي السياق نفسه، أعلن رئيس الـــوزراء البريطاني كير ستارمر، ردا على تــرمــب، أن الــقــارة الـقـديـمـة «ستبقى قوية ومـتـحـدة». وذهــب يـوهـان فـاديـفـول، وزيـر خارجية ألمانيا، في الاتجاه عينه بتأكيده أن ألمـــانـــيـــا لــيــســت بــحــاجــة إلــــى «نــصــائــح تأتي من الخارج»، ولا سيما فيما يتعلّق بـ«حرية التعبير» أو «تنظيم المجتمعات الـــــحـــــرة». وقــــــال جـــــان نـــويـــل بـــــــارو، وزيــــر خارجية فرنسا إن «شعوب أوروبا ترفض أن تصبح قارتهم تابعة وهرمة. إنــــهــــا تــــريــــد أن تــــكــــون أوروبــــــــــا قـــوة ديـــمـــقـــراطـــيـــة لا تـــســـمـــح لأحــــــد بــــــأن يـــقـــرر نــــيــــابــــة عــــنــــهــــا»، مـــضـــيـــفـــا أن الــــتــــطــــورات الأخـــيـــرة «تـثـبـت أن فـرنـسـا عـلـى حـــق» في إلى تحقيق 2017 دعوتها أوروبا منذ عام الاستقلال الاستراتيجي. وقبل بارو، قالت وزيـــرة الـدولـة فـي وزارة الـدفـاع الفرنسية ألــيــس روفـــــو، فـــي جـلـسـة لمـجـلـس الـــنـــواب، إنـــه يـتـعـن عـلـى أوروبـــــا أن تــســرع عملية إعــــادة التسلح ردا عـلـى الـتـحـول الـواضـح في العقيدة العسكرية الأميركية الجديدة، مضيفة: «نعيش في عالم من آكلي اللحوم، وأوروبــــــا لا يـمـكـن أن تـتـصـرف بـمـفـردهـا، ولــن تحظى بـالاحـتـرام إلا إذا عـرفـت كيف تفرضه على الآخرين». الدفاع الأوروبي إلى أين؟ الـــحـــق يـــقـــال إن إيـــمـــانـــويـــل مـــاكـــرون، الرئيس الفرنسي، كـان سبّاقا في الدعوة إلــــى «الاســتــقــالــيــة الاســتــراتــيــجــيــة» منذ في خطاب شهير له في جامعة 2017 عام الــســوربــون فــي بـــاريـــس، كـمـا أنـــه يُــعــد من أشد الدعاة لقيام «دفاع أوروبـي» لن يحل بالضرورة محل الحلف الأطلسي ولكن أن يــقــوم «إلــــى جــانــبــه». بـيـد أن دعــوتــه لاقـت رفضا شديداً، في البداية، من دول رئيسية بينها ألمانيا ودول فـي شـرق أوروبـــا ترى فـــي الــحــلــف الأطـــلـــســـي الــضــمــانــة الأمــنــيــة الجدية الوحيدة إزاء ما تعتبره تهديدات روســــيــــة. والــــدلــــيــــل عـــلـــى ذلـــــك أن دولـــتـــن (السويد وفنلندا) رفضتا سابقا الانضمام إلــــــى الأطــــلــــســــي. لـــكـــن اســـتـــشـــعـــار الــخــطــر الروسي دفع بهما، مؤخراً، للانتماء إليه. بيد أن التخوف مـن تـراجـع الاهتمام الأمــيــركــي بـالـحـلـف المـــذكـــور، أحـــدث هــزات ارتــــجــــاجــــيــــة داخــــــــل الاتـــــحـــــاد الأوروبــــــــــي. فـالمـسـتـشـار الألمـــانـــي المـحـافـظ فـريـدريـتـش مــــيــــرتــــس ذهـــــــب إلـــــــى حـــــد تـــبـــنـــي الــــدعــــوة الـــفـــرنـــســـيـــة ردا عـــلـــى ســـيـــاســـة تــــرمــــب؛ إذ اعتبر أنه «يتعين علينا في أوروبــا، وهذا يـصـح عـلـى ألمـانـيـا أيــضــا، أن نصبح أكثر اسـتـقـالـيـة بـكـثـيـر عـــن الــــولايــــات المـتـحـدة فـــيـــمـــا يـــتـــصـــل بـــســـيـــاســـة المـــحـــافـــظـــة عـلـى أمـــنـــنـــا». وعــمــلــيــا، عــمــد الأوروبـــــيـــــون إلــى زيادة نفقاتهم الدفاعية التي ارتفعت بقوة منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا. 343 ، بلغت هـــذه الـنـفـقـات 2024 فـفـي عـــام فـي المائة 19 مليار يــورو بـزيـادة نسبتها ؛ بحيث اقتربت من نسبة 2023 قياسا بعام فـــي المـــائـــة مـــن الــنــاتــج الإجـــمـــالـــي الــخــام 2 المنضوية في النادي الأوروبي. 27 للدول الـ ومن المفترض أن تكون قد وصلت في عام مليار يورو بحيث تتجاوز 381 إلى 2025 في المائة. يضاف إلى ما سبق أن 2 عتبة الـ الـدول الأوروبـيـة، داخـل الأطلسي التزمت، بــمــنــاســبــة قــمــة الــحــلــف فـــي شــهــر يـونـيـو في المائة 5 (حـزيـران) الماضي بتخصيص مــن نـاتـجـهـا الــخــام لــلــدفــاع؛ بـحـيـث تكون قــــادرة عـلـى المـحـافـظـة عـلـى أمـنـهـا فــي عـام .2035 لــــم تـــتـــوقـــف الأمـــــــور عـــنـــد هـــــذا الـــحـــد. فالأوروبيون عـادوا إلى التخطيط لفرض الـخـدمـة العسكرية مــجــددا بـعـد أن تخلت . ومن 1991 غالبية دولـهـم عنها بعد عــام أبــرز الـــدول الساعية لذلك فرنسا وألمانيا اللتين، إلى جانب بولندا، تدفعان ببرامج تسلح عالية الوتيرة. كذلك تسعى الـدول الأوروبـــيـــة الـتـي تمتلك صـنـاعـات دفاعية قــــويــــة مـــثـــل فـــرنـــســـا وألمــــانــــيــــا وإيـــطـــالـــيـــا إلــــى إطـــــاق شـــراكـــات فـــي صــنــاعــة الـــدفـــاع مليار يورو وضعتها 150 والاستفادة من المـفـوضـيـة الأوروبــــيــــة بـتـصـرفـهـا مـــن أجـل إطلاق برامج مشتركة تستجيب للحاجات الــدفــاعــيــة الأوروبــــيــــة فـــي مـــجـــالات أنـظـمـة الـــدفـــاع الـــجـــوي والمـــســـيّـــرات والـسـيـبـرانـيـة والـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي... كــذلــك، بـــدأ بحث على المستوى الأوروبـي لمد المظلة النووية الــفــرنــســيــة والــبــريــطــانــيــة لــحــمــايــة الــــدول الأوروبـــــيـــــة الأخـــــــرى. إلا أن الــبــحــث بـهـذا الـخـصـوص مـا زال فـي بـدايـاتـه والعقبات كبيرة وربما كأداء. هل الطريق إلى دفاع أوروبي ميسرة؟ يجيب بــرتــرانــد بـــادي عـلـى هـــذا الـتـسـاؤل بقوله إن الأوروبيين «لم ينجحوا يوما في إطلاق سياسة منسجمة ومُجمَع عليها في مجال العلاقات الدولية أو الدفاع. والسبب في ذلـك أن حمضهم الـنـووي نفسه سمته الأولـــــى الـتـنـافـس والــــصــــراع؛ لــذلــك يـسـود شـعـور بـــأن الأوروبـــيـــن مــن دون الحماية الأمـيـركـيـة يــكــونــون عــرضــة لـلـخـطـر، وهـم كــذلــك ضـعـفـاء أيـــضـــا، وبـــالـــدرجـــة الأولــــى، بسبب انقساماتهم الداخلية». ما سبق ليس سوى جانب واحـد من العلاقة بين ضفتي الأطلسي. وثمة جوانب أخرى لا تقل أهمية كالتجارة البينية مثلاً؛ 15 حيث فرضت إدارة ترمب رسوما تبلغ فــي المــائــة عـلـى الـــصـــادرات الأوروبـــيـــة إلـى الــــولايــــات المـــتـــحـــدة؛ مـــا اعــتــبــرتــه أوســــاط أوروبـــيـــة بمثابة «إهــانــة وإذلال» لحليف قديم لواشنطن. وأكثر من ذلك، فإن ترمب وإدارتــــــه لـهـمـا نــظــرة فـوقـيـة إزاء أوروبـــــا. ولــلــتــذكــيــر، فــــإن تــرمــب شــجّــع بـريـطـانـيـا، خـــال ولايــتــه الأولــــى عـلـى الانــســحــاب من الاتــــحــــاد الأوروبــــــــي ووعــــدهــــا بـاتـفـاقـيـات اقتصادية وتجارية يسيل لها اللعاب. حقيقة الأمر أن الخلاصة التي تفرض نفسها عنوانها الأول التبعية الأمنية التي تدفع القارة القديمة ثمنها اليوم. وخوفها الأكبر أن يشيح ترمب بنظره عنها مفضلا عـــلـــيـــهـــا الـــتـــحـــالـــف مـــــع روســـــيـــــا مـــــن جـهـة والـتـفـرغ للتعامل مـع الـصـن الـتـي يعدها منافسته الأولى على جميع الأصعدة. أغسطس (رويترز) 18 ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض باريس: ميشال أبو نجم «ترمب يريد إفهام الأوروبيين أن زمن الاستكانة للمظلة الأميركية ــ الأطلسية قد ولى إلى غيررجعة» رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا (أ.ف.ب)
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky