12 عام في ظل ترمب NEWS Issue 17196 - العدد Saturday - 2025/12/27 السبت ASHARQ AL-AWSAT مبعوثو ترمب إلى الشرق الأوسط... تغريد خارج سرب البيروقراطية لـــم يـــدخـــل الـــرئـــيـــس الأمـــيـــركـــي دونـــالـــد ترمب إلــى البيت الأبـيـض فـي عهده الثاني بــرتــابــة الـــرؤســـاء الـسـابـقـن الـــذيـــن الـتـزمـوا بالسياسات الأميركية التقليدية والأعــراف الــدولــيــة. فـفـريـقـه الـــذي انـتـقـاه بـعـنـايـة هـذه المــــــرة، عــلــى خــــاف ولايـــتـــه الأولـــــــى، يـتـألـف بشكل أساسي من وجوه خارجة عن المألوف وبعيدة عـن السياسة، خـاصـة فيما يتعلق بـالـدبـلـومـاسـيـة الـخـارجـيـة الـتـي باستثناء وزيــــر خـارجـيـتـه روبـــيـــو الــــذي يـمـثـل قـاعـدة الحزب التقليدية، تعتمد على مجموعة من المبعوثين الخاصين وأفراد العائلة المقربين. هـــؤلاء، مـن «مبعوث كـل شــيء» ستيف ويـتـكـوف، إلـــى تـــوم بــــراك، المـبـعـوث الـخـاص لـسـوريـا، ومـــارك سـافـايـا، المـبـعـوث الخاص لـلـعـراق، ومسعد بـولـس، كبير المستشارين لـلـشـؤون الأفـريـقـيـة والـعـربـيـة، وصــــولا إلـى جــــاريــــد كـــوشـــنـــر، الــــــذي عـــــاد لـــلـــواجـــهـــة مـع اتــفــاق غـــزة، يـشـكّــلـون واجــهــة جـهـود إدارتـــه الــدبــلــومــاســيــة فـــي حــــل الـــنـــزاعـــات الــدولــيــة، ولــــعــــل الـــقـــاســـم المـــشـــتـــرك بــيــنــهــم هــــو غــيــاب خبراتهم الدبلوماسية، ما ولّد شكوكا حيال فاعليتهم على مسرح السياسات الدولية، الـتـي تتحدى أبـــرز السياسيين المخضرمين وتحبطهم. ويتكوف «مبعوث كل شيء» لـكـن تــحــدي الأعـــــراف التقليدية هــو ما مــيّــز إدارة تــرمــب فـــي عـهـدهـا الــثــانــي، فأتى وجـه كستيف ويتكوف، رجـل الأعمال البارز وصديق ترمب المقرب الذي يرافقه في ممارسة رياضته المفضلة، الغولف، ليفاجئ المشككين ويثبت لهم أن السياسات التقليدية لا تحمل دومـا في طياتها الحلول المفقودة. ويتكوف الـــــذي كــــان فـــي واجـــهـــة المـــفـــاوضـــات المتعلقة بوقف إطـاق النار في غـزة، خـرج عن الإطـار المألوف، فتحدث مباشرة مع حركة «حماس» المصنفة إرهابية، وتـواصـل بشكل شخصي مع وجوه مثيرة للجدل، وأدلـى بتصريحات غـيـر مـألـوفـة، أبــرزهــا عـنـدمـا تـعـاطـف بشكل علني مـع ممثل «حـمـاس» خليل الحية لدى مــقــتــل ابـــنـــه فـــي غـــــارة إســرائــيــلــيــة فـــي قـطـر، لـه التعازي قـائـا إثــر لقاء الـرجـلـن: «قـدّمـنـا فــي فــقــدان ابــنــه، وأخــبــرتــه أنـنـي فـقـدت ابـنـا، وأننا بتنا أعضاء في نـاد قـاس للغاية: آباء دفــنــوا أبـــنـــاءهـــم». وذلــــك فــي إشـــــارة إلـــى ابـن ويـــتـــكـــوف، الـــــذي قــضــى جـــــراء جـــرعـــة زائــــدة مـــن المــــخــــدرات. تـصـريـح مـفـاجـئ فـــي الشكل والمضمون، ولا يتناسب مع المواقف الأميركية المدروسة بعناية، لكن كثيرين يقولون إن هذا بالضبط ما أدى إلى انفراجة في المفاوضات بــن «حــمــاس» وإســرائــيــل واتــفــاق هـدنـة بين الــــطــــرفــــن. الــــيــــوم يــســعــى ويـــتـــكـــوف جـــاهـــدا إلـــى الـتـوصـل إلـــى اتــفــاق مـمـاثـل بــن روسـيـا وأوكرانيا لإنهاء حرب مستمرة منذ أكثر من أعـوام، ويعقد لقاءات مكثفة مع الرئيسين؛ 3 الـــــروســـــي فـــاديـــمـــيـــر بـــــوتـــــن، والأوكــــــرانــــــي فـلـودومـيـر زيلينسكي، عـلـى أمـــل أن يتمكن من تسليم الرئيس الأميركي نصرا سياسياً، وعد به في حملته الانتخابية، ويقلده وسام رئيس السلام. مسعد بولس «والد الصهر» ولا يـنـصـب اهــتــمــام إدارة تــرمــب على هذين النزاعين فحسب، بل تسعى أيضا لحل الــنــزاعــات الـتـاريـخـيـة فــي الـــقـــارة الأفـريـقـيـة، وهو ملف تسلمه والد صهر الرئيس مسعد بولس، الذي بدأ مشواره السياسي بتعيينه مــســتــشــارا لــلــشــؤون الــعــربــيــة، لــكــن اهـتـمـام ويـــتـــكـــوف بـــالمـــلـــف دفـــــع إلـــــى تـسـلـيـمـه مـلـف أفـريـقـيـا، رغـــم غـيـاب خـبـرتـه الـدبـلـومـاسـيـة، على غرار ويتكوف. فبولس اللبناني الأصل، وهــــو تــاجــر ســـيـــارات ســابــق فـــي نـيـجـيـريـا، ساهم بشكل كبير فـي فـوز ترمب فـي ولايـة مـــيـــشـــيـــغـــان، وقــــــد أدّت روابـــــطـــــه الــعــائــلــيــة بالرئيس الأميركي إلى تعيينه في منصبه، الـــذي كـمـا هــو منصب المـبـعـوث الــخــاص، لا يحتاج لمصادقة مجلس الشيوخ. وفيما يعمل بولس بشكل أسـاسـي في وزارة الــخــارجــيــة، إلا أن بـعـضـا مـــن مهامه ترتبط بالبيت الأبيض، ما يـؤدي في بعض الأحيان إلى ارتباك في المؤسستين المعتادتين على نـظـام البيروقراطية الـروتـيـنـي، بسبب غـيـاب التنسيق الإداري. ويـقـول البعض إن سبب هذا الارتباك يعود أيضا إلى كون وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، مستشار الأمن القومي بالوكالة، لا يوزع مهامه ومهام فـريـقـه بــن الـخـارجـيـة والمـكـتـب الـبـيـضـاوي. ورغـــــم غـــيـــاب الــخــبــرة الــدبــلــومــاســيــة، سعى بـــولـــس إلــــى تـــحـــدي المــنــتــقــديــن، فــســاهــم في التوصل إلى اتفاق سلام بين الكونغو ورواندا، وهو اتفاق تغنى به ترمب، الذي ترأس حفل التوقيع عليه فـي واشـنـطـن الشهر الحالي. ورغم هذا الاتفاق، لا تزال الأوضـاع الميدانية متقلبة مع استمرار الأعمال القتالية. لكن هذا لـم يمنع بـولـس مـن الانـتـقـال إلـــى ملف آخـر، وهو ملف السودان. فهذه الحرب التي تعهد بالتوصل إلـــى حـــل لـهـا، لا تـــزال مستعصية عليه. وقد أعلن ترمب مؤخرا خلال زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى واشنطن عـن نيته التدخل شخصيا لإنهاء الحرب، ليقول وزير خارجيته ماركو روبيو بعد ذلك إن ترمب يهتم شخصيا بالملف «ولا يرسل مندوبين عـنـه»، مـا قــرأه البعض على أنه رسالة مبطنة لبولس. لكن التصريحات وراء أبـــــــواب مـغـلـقـة فــــي واشـــنـــطـــن مــــن قبل مسؤولين حاليين وسابقين، غالبا ما تحذر مــن الانـــجـــرار إلـــى تـفـسـيـرات مــن هـــذا الـنـوع، وعــــدم الاسـتـهـانـة بـــأي فـــرد مـــن أفـــــراد عائلة تـرمـب، نـظـرا لاحتكاكهم الــدائــم بــه، وسمعة الـرئـيـس المــعــروف بـالاسـتـمـاع إلـــى تعليقات المقربين منه. كوشنر و«تضارب المصالح» ولـــــعـــــل خــــيــــر دلـــــيـــــل عــــلــــى ذلـــــــك عــــــودة جـاريـد كـوشـنـر، صهر تـرمـب، إلــى الواجهة بـعـد غــيــاب، مــع ضـلـوعـه بـشـكـل مـبـاشـر في المفاوضات بين إسرائيل و«حـمـاس». ورغم عـــدم تـعـيـن كـوشـنـر فــي أي مـنـصـب رسمي فإنه يساهم علنيا في ملفات عدة، منها ملف الـحـرب الـروسـيـة الأوكــرانــيــة. وفيما يواجه كوشنر، وغيره من المبعوثين والمستشارين الـخـارجـن عــن الــســرب، انــتــقــادات بتضارب المـــصـــالـــح، يـــقـــول صــهــر تـــرمـــب: «مــــا يصفه الـبـعـض بـتـضـارب المـصـالـح، يصفه ستيف (ويتكوف) وأنا بالخبرة والعلاقات الموثوقة التي نتمتع بها في مختلف أنحاء العالم». توم براك و«سلاطة» اللسان ولمــــاذا الاســـتـــغـــراب؟ فـتـرمـب هــو نفسه رجــل أعـمـال لـم تكن لـه خلفية سياسية ولا دبــلــومــاســيــة قــبــل عـــهـــده الأول، وهــــو يثق بـــالأشـــخـــاص الـــذيـــن يــتــمــاشــون مـــع مــســاره أكـــثـــر مــــن الــســيــاســيــن المـــخـــضـــرمـــن الـــذيـــن أعــلــن الـــحـــرب عـلـيـهـم وعــلــى الـبـيـروقـراطـيـة وما يصفه بـ«الدولة العميقة». تصريحاته غــالــبــا مـــا تــصــدم الــحــلــفــاء والـــخـــصـــوم على حــــد ســــــواء، وهـــــذه «مــــيــــزة» يــشــاركــهــا معه مبعوثه الـخـاص لـسـوريـا، تــوم بـــراك، الـذي عـــلـــى خــــــاف بـــقـــيـــة المـــبـــعـــوثـــن الـــخـــاصـــن، خضع لمساءلة «الشيوخ» ومصادقته، نظرا لمنصبه الآخـــر كسفير لتركيا. فـبـراك، الـذي تـجـمـعـه عــاقــة صـــداقـــة وشـــراكـــة قـديـمـة مع ترمب، أثار الدهشة والغضب في تصريحات اتهم بها الصحافيين اللبنانيين بتصرفات «حـــيـــوانـــيـــة»، وبـيـنـمـا اعـــتـــذر لاحـــقـــا، إلا أن تــصــريــحــات مـــن هــــذا الـــنـــوع تـــكـــررت لتثبت أن الرجل بعيد كل البعد عن الدبلوماسية. ورغم ذلك، تمكن حتى الساعة من السيطرة على الأوضاع في سوريا بعد سقوط الأسد، وتـــــــرأس جـــهـــود رفـــــع الـــعـــقـــوبـــات عــــن نــظــام الشرع، بالتنسيق مع ترمب ودول المنطقة. سافايا تاجر الماريغوانا مسك الختام مع آخر المبعوثين المعينين؛ المـبـعـوث الـخـاص إلــى الــعــراق مـــارك سافايا، وهـــو رجـــل أعـــمـــال أمــيــركــي مـــن أصـــل عـراقـي - كلداني، من ولايــة ميشيغان، ساعد ترمب في استقطاب أصــوات الناخبين في الولاية. ترمب عي سافايا في أكتوبر (تشرين الأول) فـي هــذا المنصب، ليصدم الــداخــل والــخــارج، فالرجل يعمل في تجارة الماريغوانا الشرعية في ميشيغان، ولا يملك ما يكفي من الخبرة السياسية لإدارة ملفات العراق الشائكة، لكن مـن جـانـب آخــر يـقـول كثيرون إن سافايا قد ينجح في تحقيق ما فشل فيه السياسيون في السابق، خارج الأطر الدبلوماسية والرسمية المـعـتـادة، ويستشهدون بما قالته المختطفة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف، التي أطلقت «كــتــائــب حــــزب الـــلـــه» ســراحــهــا فـــي سبتمبر (أيـــــلـــــول) المـــــاضـــــي. وقـــــد كــتــبــت تـــســـوركـــوف منشورا على منصة «إكس» هنّأت فيه سافايا عـلـى تعيينه فــي هـــذا المـنـصـب، قـائـلـة: «لقد لعب مــارك دورا محوريا فـي إطــاق سراحي أيام من الاحتجاز لدى (كتائب حزب 903 بعد الــلــه)، وهـــي ميليشيا عـراقـيـة تعمل لخدمة إيــران، من دون تقديم أي شيء بالمقابل. هذا خبر سيئ جـدا لكل من يخدم مصالح إيـران فـــي الــــعــــراق، ويــســعــى إلــــى تــقــويــض ســيــادة الدولة العراقية». فهل ينجح رجال الأعمال في تحقيق ما عجز عنه السياسيون، أم أنهم سيصطدمون بحائط البيروقراطية لـدى محاولة تطبيق إنجازاتهم؟ (رويترز) 2025 نوفمبر 30 ويتكوف وكوشنر وماركو روبيو في لقاء مع الوفد الأوكراني في فلوريدا في بين سياسات داخلية مثيرة للجدل، ومواقف خارجية أعــادت رسـم تـوازنـات حساسة، ووعــود بـ«إنهاء حروب أبدية»، عاش العالم عاما مليئا بالتقلبات وعدم اليقين على وقع قـرارات الرئيس الأميركي دونالد ترمب. منذ عودته إلى واجهة المشهد السياسي، قبل نحو عام، فرض ترمب إيقاعا خاصا على الأحـداث، أعاد من خلاله طرح أسئلة كبرى حــول مستقبل الديمقراطية، والـعـاقـات الدولية، والاقتصاد العالمي. يأتي ملف «عام في ظل ترمب» ليفتح صفحة مراجعة شاملة لسنة اتسمت بـحـدة الـخـطـاب، وتــســارع الــقــرارات، وارتـداداتـهـا الواسعة على المستويات؛ الأميركي والعربي والـــدولـــي. يـرصـد هـــذا المــلــف، أبـــرز مـحـطـات الــعــام، ويحلل تداعياتها السياسية والاقـتـصـاديـة، مستندا إلــى الوقائع والأرقام والقراءات المتقاطعة. هو محاولة لفهم كيف انعكس هـــذا الــعــام عـلـى الــبــلــدان الـعـربـيـة بشكل خـــاص وعلاقتها بـواشـنـطـن، ومـــا الـــذي يمكن أن يحمله المستقبل فــي ظل استمرار هذا النهج. ويـتـنـاول عــدد الــيــوم، الــجــدل الــدائــر حــول تعيين ترمب لمبعوثين مـن خـــارج الــدوائــر الببيروقراطية للدبلوماسية الأميركية، إلى جانب أفق العلاقة مع مصر بوصفها تحالفا استراتيجيا في منطقة تعيش تحولات غير مسبوقة. هل ينجحون في لبنان والعراق بما عجزت عنه الدبلوماسية التقليدية؟ واشنطن: رنا أبتر (أ.ف.ب) 2025 ديسمبر 6 توم براك في منتدى الدوحة بقطر في مسعد بولس مستشار الرئيس الأميركي (أ.ف.ب) غياب الخبرات الدبلوماسية لمبعوثي ترمب ولّد شكوكا حيال فاعليتهم على المسرح الدولي الذي يتحدى أبرز السياسيين المخضرمين ويحبطهم
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky