issue17195

11 عام في ظل ترمب NEWS Issue 17195 - العدد Friday - 2025/12/26 الجمعة ASHARQ AL-AWSAT خامنئي استبدل الاستشارة ولم يغيِّر «المبدأ»... والصبر الاستراتيجي صار «شللاً» ... ترمب يُنهي «أنصاف الحلول» في إيران 2025 «مطرقة الليل» في مــع عــــودة دونـــالـــد تــرمــب إلـــى المكتب ، لــــــم تــحــتــج 2025 الـــــبـــــيـــــضـــــاوي مـــطـــلـــع اســـتـــراتـــيـــجـــيـــتـــه المـــــحـــــدَّثـــــة لـــــ«الــــضــــغــــوط الـقـصـوى» ســوى أشـهـر قليلة كـي تفرض إيــقــاعــهــا الـــكـــامـــل عــلــى إيـــــــران. خــــال عــام واحد تقريباً، انتقلت البلاد من جدل حول إحــيــاء الاتــفــاق الــنــووي إلـــى واقـــع الـحـرب عـــلـــى أراضـــيـــهـــا لـــلـــمـــرة الـــثـــانـــيـــة فــــي عـمـر الـجـمـهـوريـة الإســامــيــة، بـعـد نـحـو أربـعـة عـقــود عـلـى نـهـايـة حــــرب لا تــــزال ذاكـرتـهـا الجماعية ثقيلة على من عاشها. فـــي الـــواقـــع، كــانــت سـحـب المـواجـهـة قـــد تـــراكـــمـــت فــــوق ســـمـــاء طـــهـــران قــبــل أن يــــبــــدأ تــــرمــــب مــــســــار الـــــعـــــودة إلــــــى الــبــيــت تراجعت، 2015 الأبيض: آمال إحياء اتفاق فــيــمــا تـــســـارعـــت عــجــلــة الـــتـــخـــصـــيـــب، فـي يــــومــــا، 12 مـــــســـــار انــــتــــهــــى إلـــــــى حـــــــرب الـــــــــــ وانـــكـــشـــاف حــــــدود الـــــــردع الإيـــــرانـــــي أمــــام ضـــربـــات اسـتـبـاقـيـة إســرائــيــلــيــة انـضـمـت إلـيـهـا الـــولايـــات المـتـحـدة لاحــقــا، ثــم عــودة العقوبات الأممية بموجب «سناب باك». مــــــع ذلــــــــــك، لــــــم يُــــــرســــــم هــــــــذا المــــســــار فــــي واشـــنـــطـــن وحـــــدهـــــا. قـــبـــل شـــهـــور مـن الانـتـخـابـات الأمـيـركـيـة، راهـنـت المؤسسة الـــحـــاكـــمـــة فـــــي طـــــهـــــران عـــلـــى «اســــتــــراحــــة تكتيكية» عبر انتخاب مسعود بزشكيان، 2024 ) الذي تولّى مهامه في أغسطس (آب رئــيــســا إصــاحــيــا بــخــطــاب أقــــل صـدامـيـة مـــع الــــغــــرب، يـــقـــدّم نــفــســه مـــديـــرا لــــ«حـــرب اقتصادية» لا لمغامرة صـاروخـيـة. اختار فـريـقـا مـتـمـرّسـا فـــي غـــرف الـــتـــفـــاوض، في مقدمته وزيـر الخارجية عباس عراقجي، فـي إشـــارة فُــسّــرت غربيا على أنها تهيئة مــــبــــكــــرة لمــــرحــــلــــة مــــــفــــــاوضــــــات جـــــديـــــدة، واســتــعــداد لإعــــادة تـرتـيـب المــلــف الــنــووي تـحـت احـتـمـالـن مـتـنـاقـضـن: تـسـويـة مع إدارة ديمقراطية أميركية أقــل تـشـدداً، أو مـحـاولـة لامـتـصـاص صـدمـة عـــودة ترمب بنسخة أشد من «الضغوط القصوى». عـــــاد تـــرمـــب بـــكـــاريـــزمـــا مـــألـــوفـــة إلـــى المـشـهـد الأمـــيـــركـــي، لـكـن فـــي ســيــاق دولـــي أكثر تـوتـرا وحــرب مفتوحة بـن إسرائيل ووكـــــــاء إيــــــــران. الــــرجــــل الــــــذي يــحــمــل فـي ســـجـــلـــه قـــــــرار اغــــتــــيــــال قــــاســــم ســلــيــمــانــي والانسحاب الأحـــادي من الاتـفـاق النووي لـم يكن وجـهـا غامضا للنخبة الإيـرانـيـة، بل كـان خصما مُجرَّبا يعود ومعه سجل كـــامـــل مـــن الـــضـــغـــوط الاقـــتـــصـــاديـــة. لـذلـك اســتــقــر الــتــقــديــر فـــي طـــهـــران عــلــى أنــــه لن يغيّر مقاربته الأساسية، بل سيوسعها: «ضغوط قصوى» مرفقة برسالة مفادها أن الــــتــــراجــــع الإيــــــرانــــــي يـــجـــب أن يـــكـــون ملموسا في الملفات النووية والصاروخية والإقـــلـــيـــمـــيـــة مـــعـــا. هـــكـــذا بـــــدا أن هــامــش المــنــاورة يضيق، حتى قبل أن تـبـدأ أولـى جولات التفاوض. عودة «الضغوط القصوى» بـــعـــد أقــــــل مـــــن أســــبــــوعــــن عـــلـــى أداء اليمين، وقّــع ترمب مـذكـرة رئاسية للأمن القومي أعــادت إطـاق سياسة «الضغوط القصوى» بصياغة أكثر حزما وتفصيلاً. حــــــدّدت المــــذكــــرة ثـــاثـــة مـــحـــاور رئـيـسـيـة: حـــرمـــان إيــــــران مـــن أي طـــريـــق إلــــى ســاح نووي أو صواريخ عابرة للقارات، وتفكيك شبكاتها ووكلائها المصنَّفين على قوائم الإرهـــاب، وكبح ترسانتها من الصواريخ الباليستية. عـــلـــى المــــســــتــــوى الـــتـــنـــفـــيـــذي، كُـــلّـــفـــت وزارة الــــخــــزانــــة بــــفــــرض أقــــصــــى ضـغـط اقــــتــــصــــادي وتـــشـــديـــد إنــــفــــاذ الـــعـــقـــوبـــات، وإصــدار إرشــادات تحذّر قطاعات الشحن والتأمين والمواني من التعامل مع طهران أو وكـــائـــهـــا. وتــــولّــــت وزارة الــخــارجــيــة الـعـمـل مــع الـحـلـفـاء عـلـى اسـتـكـمـال إعـــادة العقوبات الأممية بموجب «سـنـاب بـاك» ودفع صادرات النفط الإيراني إلى الصفر، بالتوازي مع تكليف وزارة العدل بملاحقة الــشــبــكــات المـــالـــيـــة والــــواجــــهــــات المـرتـبـطـة بإيران. بذلك تحوّل شعار ترمب القديم -«لن نسمح لإيــــران بـسـاح نـــــووي»- إلـــى إطــار عــمــل يـــربـــط الاقـــتـــصـــاد والأمــــــن الــداخــلــي والدبلوماسية في مسار ضغط واحد. على الجانب الإيراني، جاء الرد الأول مـزيـجـا مــن الـتـحـسّــب والإنـــكـــار. لــم يُغلق المـــرشـــد عــلــي خـامـنـئـي بــــاب المـــفـــاوضـــات، لــكــنــه لـــم يـفـتـحـه عــلــى مــصــراعــيــه أيــضــا؛ فسمح بمسار تـفـاوضـي غير مباشر بدأ برسالة مـن ترمب حملها وسيط خـاص، ردّت عليها طــهــران بـرسـالـة مــوجــزة. من هــــذه الـــقـــنـــاة انــطــلــقــت خــمــس جـــــولات من المفاوضات غير المباشرة بين فريق ترمب بـقـيـادة سـتـيـف ويــتــكــوف، وفــريــق عباس عـــراقـــجـــي، بــمــشــاركــة وســـطـــاء أوروبـــيـــن وإقليميين. فــــــي الـــــعـــــلـــــن، تـــــحـــــدث عـــــراقـــــجـــــي عــن «استعداد لمحادثات مسؤولة إذا احترمت واشنطن تعهداتها» وعن «اتفاق متوازن» يـعـيـد دمـــج إيــــران فــي الاقــتــصــاد الـعـالمـي؛ في الجوهر، كانت طهران تحاول اختبار حـــدود سـيـاسـة تـرمـب الـجـديـدة أكـثـر مما كانت تستعد لتسوية نهائية. جولات بلا اختراق 5 مع ذلك، ظل جوهر التباين ثابتا في الجولات الخمس جميعاً. أصرت واشنطن على تجريد إيـران من مخزون اليورانيوم في المائة القريبة من 60 المخصب بنسبة العتبة الـنـوويـة، وإعـــادة الـوكـالـة الدولية للطاقة الذرية إلى دور المراقب الكامل في جميع المواقع الحساسة، وعلى أن يتضمّن أي مسار لاحق جدولا زمنيا واضحا لبحث مــــدى الـــصـــواريـــخ الـبـالـيـسـتـيـة ومـفـاصـل أساسية من نشاط إيران الإقليمي. في المقابل، تمسّكت طهران بمعادلتها المعهودة: رفع العقوبات النفطية والمالية كـــشـــرط مــســبــق، وضـــمـــانـــات تــحــصّــن أي اتـفـاق جـديـد مـن انـسـحـاب إدارة أميركية لاحقة، واستبعاد ملف الصواريخ من أي نص ملزم، ورفض توصيف علاقاتها مع حلفائها في المنطقة بأنها «سلوك مزعزع للاستقرار». النتيجة المتكررة كانت واحدة في كل جولة: تقدّم تقني في هوامش النصوص، وانسداد سياسي في قلبها. فـــــي الـــخـــلـــفـــيـــة، كــــانــــت عــــاقــــة إيــــــران بـالـوكـالـة الــدولــيــة لـلـطـاقـة الـــذريـــة تنزلق تدريجيا إلـى منطقة أشـد تـوتـراً. الوكالة تـطـالـب بـتـفـسـيـرات لآثــــار يـــورانـــيـــوم عُــثـر عــلــيــهــا فــــي مــــواقــــع غـــيـــر مُـــــصـــــرّح عــنــهــا، وبإعادة كاميرات المراقبة وأجهزة القياس التي عُطلت أو أزيلت تباعا بعد انسحاب ،2025 . وبحلول 2015 واشنطن من اتفاق كان مخزون إيران من اليورانيوم المخصَّب في المائة قد بلغ مستوى يرى 60 بنسبة خبراء الوكالة أنه «يختصر الزمن التقني للوصول إلى العتبة النووية متى توافرت الإرادة الـسـيـاسـيـة». مــن زاويــــة الـعـواصـم الـغـربـيـة، تــحــوّل الـبـرنـامـج إلـــى مـزيـج من تقدّم مــادي وتعتيم سياسي؛ ومـن زاويـة طـهـران، صــار ملف الـوكـالـة امــتــدادا لمسار «الـــضـــغـــوط الـــقـــصـــوى» بــــــأدوات قـانـونـيـة ًوفنية. يوما 21 حرب الـ على خط مـوازٍ، كانت المنطقة تعيش .2023 ) أكتوبر (تشرين الأول 7 ارتـــدادات «طــوفــان الأقــصــى» فتح الـبـاب أمـــام حرب ظـــل عـالـيـة الـكـثـافـة بــن إســرائــيــل ووكـــاء إيـــران، مـن الـحـدود اللبنانية حتى البحر الأحمر. ومع كل ضربة إسرائيلية لقوافل أو مواقع مرتبطة بـ«الحرس الثوري» في ســـوريـــا، كــانــت مــعــادلــة الـــــردع التقليدية تفقد بعضا من غموضها الـذي كان جزءا مـــن قــوتــهــا، إلـــى أن جــــاءت الـلـحـظـة الـتـي قُلبت هـذه المعادلة رأسـا على عقب: حرب يـــومـــا، حـــن انـتـقـلـت الـــنـــيـــران لـلـمـرة 12 الــــــ الأولـــى بهذا الحجم بـن إيـــران وإسرائيل فــــوق الأرض الإيـــرانـــيـــة نـفـسـهـا، لتصيب فـي الصميم العقيدة التي رسّخها قاسم ســلــيــمــانــي بــــ«نـــقـــل المـــعـــركـــة إلــــى مـــا وراء الحدود». خـــــــال الأيــــــــــام الأولــــــــــى مـــــن الــــحــــرب، نـــفّـــذت إســرائــيــل سـلـسـلـة ضـــربـــات مــركَّــزة داخـــل إيـــران استهدفت قـواعـد صاروخية ومـراكـز قـيـادة رئيسية ومنشآت مرتبطة بسلسلة التخصيب وبعض مرافق البحث والتطوير. فـي تلك الجولة الأولـــى، خسر «الـــحـــرس الـــثـــوري» عــــددا مـــن كــبــار قـادتـه الميدانيين، وسقطت معهم «عقول مدبّرة» مـــــن المــــســــؤولــــن الـــفـــنـــيـــن فـــــي الـــبـــرنـــامـــج الـــنـــووي، فـــي ضـــربـــة أصـــابـــت رأس الـهـرم العسكري - التقني بقدر ما أصابت البنية المادية. بعد ذلك بأيام، انتقلت المواجهة إلى مستوى أعمق مع تنفيذ عملية «مطرقة منتصف الليل» التي جمعت بين قاذفات شـبـح وهـجـمـات سـيـبـرانـيـة عـطّــلـت جــزءا من منظومات الإنذار والرصد. استهدفت الـــعـــمـــلـــيـــة مــــــواقــــــع مـــــحـــــوريـــــة فــــــي دورة الـتـخـصـيـب والــبــنــيــة الـتـحـتـيـة الــنــوويــة، مــمــا أجـــبـــر إيــــــران عــلــى وقـــــف اضـــطـــراري لبعض أنشطتها لأسباب تقنية وأمنية. في الـروايـة الرسمية، جـرى التركيز على الـــصـــواريـــخ الـــتـــي أصـــابـــت أهــــدافــــا داخـــل إسرائيل وعلى «فرض وقف إطلاق النار»، لــكـــن الــتــقــيــيــم الــــهــــادئ داخـــــل مــؤســســات القرار كان أكثر تحفظاً: البرنامج النووي صــمــد، لـكـنـه خـضـع لاخـتـبـار قـــاس أثـبـت أن الـــــــردع، بــصــيــغــتــه الــــراهــــنــــة، لا يـمـنـع تـوجـيـه ضـربـة مــركــزة إلـــى قـلـب المـشـروع متى توافرت الإرادة السياسية والفرصة العملياتية. خامنئي يبدّل الاستشارة هذه الهزة العسكرية سرّعت انكشاف خـطـوط الـتـصـدّع داخـــل النخبة الحاكمة. الـــرئـــيـــس مـــســـعـــود بـــزشـــكـــيــان حــــــذّر عـلـنـا مــــن «خـــطـــر حــــــرب ثـــانـــيـــة عـــلـــى الأراضــــــي الإيـرانـيـة»، ملمِّحا إلــى أن «الـطـرف الآخـر أثبت اسـتـعـداده لضرب المنشآت النووية نفسها»، فـي إشــــارة غير مـبـاشـرة إلــى أن تجاهل مسار التفاوض بات يحمل تكلفة أمنية متصاعدة. في المقابل، شدّد الجناح الأكثر تشدّدا على أن أي مـراجـعـة بعد الـحـرب ستكون «مـــكـــافـــأة لـــلـــعـــدو»، وتـشـكـيـكـا فـــي جـــدوى «المـــقـــاومـــة» كـخـيـار اســتــراتــيــجــي، رافـضـا ربط الخسائر العسكرية بفكرة العودة إلى طاولة المفاوضات. في هـذه الأجـــواء، اختار المرشد علي خامنئي أن يرد على صدمة الحرب بإعادة ترتيب دوائر الاستشارة لا بتغيير المبدأ. كـــلّـــف عــلــي لاريـــجـــانـــي، الـــرئـــيـــس الـسـابـق للبرلمان وأحـد أقـرب مستشاريه، برئاسة المــجــلــس الأعـــلـــى لـــأمـــن الـــقـــومـــي، وأجــــاز إنشاء «مجلس دفـاع» جديد تحت مظلته يضم قادة عسكريين ومسؤولين حكوميين وأمــنــيــن لـتـقـديـم تـــقـــديـــرات أكـــثـــر تـكـامـا حــول الـحـرب والـبـرنـامـج الــنــووي ومسار المفاوضات. ظـــــاهـــــريـــــا، الـــــهـــــدف تــــوســــيــــع قــــاعــــدة يــومــا؛ عملياً، 12 الـتـشـاور بـعـد تـجـربـة الـــــ عــكــس الــــقــــرار مــزيــجــا مـــن الاعــــتــــراف بــأن الــــحــــســــابــــات الــــســــابــــقــــة لـــــم تــــكــــن كـــافـــيـــة، والإصرار في الوقت نفسه على إبقاء القرار الـنـهـائـي فــي يــد دائــــرة ضيقة تـديـر ملفي الردع والتفاوض معاً. لــــــم تــــكــــن الــــــخــــــافــــــات بــــعــــد الــــحــــرب محصورة في تقييم الأداء العسكري، بل امتدّت إلى سؤال أعمق: ماذا نفعل بالملف النووي بعد «مطرقة منتصف الليل»؟ في طهران بـدأ يتبلور خـط يـرى أن أفضل رد هـــو تـعـمـيـق «الـــغـــمـــوض الـــنـــووي المُــــــدار»: مـخـزون مرتفع مـن الـيـورانـيـوم المخصَّب، ورقــــــابــــــة مـــنـــقـــوصـــة لــــلــــوكــــالــــة الــــدولــــيــــة، وإشــــــارات مـبـهـمـة إلـــى «الــــقــــدرة» مـــن دون اعــتــراف بالسعي إلــى ســـاح. فـي المقابل، حـــذّر تـيـار آخـــر مــن أن غـمـوضـا بــا مسار تفاوضي واضح قد يتحوّل من ورقة ردع إلـــى عــامــل اســـتـــدراج لـضـربـات استباقية جـــــديـــــدة وتـــطـــبـــيـــع اســـــتـــــهـــــداف المـــنـــشـــآت الــنــوويــة. وبـــن المـنـطـقـن، اسـتـقـر المـوقـف العملي على مـعـادلـة ضيقة: لا استعداد لـتـنـازلات مــن نـــوع «صـفـر تخصيب» كما يــطــالــب تـــرمـــب، ولا قــــرار بـكـسـر الـجـسـور نهائياً، بـل إدارة مؤقتة لـأزمـة بانتظار تغيّر موازين القوى. عودة العقوبات الأممية فــــــي خـــــضـــــم هــــــــذا الــــــســــــجــــــال، فــــعّــــل الأوروبــــيــــون آلـــيـــة «ســـنـــاب بــــاك» لإعــــادة الــعــقــوبــات الأمــمــيــة عــلــى إيـــــران بــدعــوى عـــــدم امـــتـــثـــالـــهـــا لالـــتـــزامـــاتـــهـــا الـــنـــوويـــة. بـــريـــطـــانـــيـــا وفــــرنــــســــا وألمـــــانـــــيـــــا دفـــعـــت بالملف إلــى مجلس الأمـــن، فأُعيد إحياء الــــقــــرارات الــســتــة الــســابــقــة. الـنـتـيـجـة أن طهران وجدت نفسها في وضع ملتبس: قـــانـــونـــيـــا، عـــــادت الـــقـــيـــود الـــدولـــيـــة عـلـى الـسـاح والــصــواريــخ وتجميد الأصـــول؛ وعــمــلــيــا، واصـــلـــت إيـــــــران، ومــعــهــا بـكـن وموسكو، التعامل مع المشهد كأن شيئا لــم يـتـغـيّــر، لـكـن المــصــارف والمستثمرين قــرأوا الإشـــارة على أنها عــودة إلـى بيئة عالية المخاطر. ، بـــــــدت حــصــيــلــة 2025 فـــــي نــــهــــايــــة «الـــعـــودة الـتـرمـبـيـة» ثقيلة عـلـى طـهـران: خـمـس جـــولات تــفــاوض غـيـر مـبـاشـر بلا يـومـا الـتـي كشفت 12 اخــتـــراق، وحـــرب الــــ عــــــن ثـــــقـــــوب مــــنــــظــــومــــة الــــــــــــردع، وعـــــــودة الـعـقـوبـات الأمـمـيـة إلــى الـواجـهـة، وريــال يـــواصـــل الـــهـــبـــوط إلــــى قــيــعــان تــاريــخــيــة تُــــتــــرجَــــم يـــومـــيـــا فــــي الأســـــــــواق وأســــعــــار الــــوقــــود وســــلّــــة الـــــغـــــذاء. فــــي المـــقـــابـــل، لـم تغيّر القيادة الإيرانية ثابتين أساسيين: رفض صريح لفكرة «صفر تخصيب» كما تـطـالـب إدارة تــرمــب، وامــتــنــاع محسوب عـــن فــتــح مـــواجـــهـــة شــامــلــة مـــع الـــولايـــات المتحدة وحلفائها. وبهذا المعنى، يغدو مـا تسميه طـهـران «صـبـرا استراتيجياً» أقــرب إلـى حالة «شلل استراتيجي»؛ فلا هي قادرة على العودة إلى طاولة تفاوض بــــشــــروط أقـــــل تــكــلــفــة، ولا هــــي مــســتــعــدّة للاعتراف بأن تكلفة المسار الحالي تزداد سياسيا واقتصاديا وأمنياً. 2026 مسارات مفتوحة على 3 مــن هـــذه الـنـقـطـة، تــتــفــرّع أمــــام إيـــران ثـاثـة مــســارات رئـيـسـيـة، قابلة 2026 فــي للتداخل زمنياً: الأول هو الانزلاق البطيء نحو مواجهة ثانية، إذا استمرّت عملية إعادة بناء القدرات الصاروخية والنووية تـحـت الـضـغـط، وتــكـــرّرت الاحـتـكـاكـات في مــضــيــق هـــرمـــز تـــحـــت عـــنـــاويـــن مــــن قـبـيـل رفض تفتيش السفن أو الرد على عقوبات جــديــدة. فـي سيناريو مـن هــذا الــنــوع، قد تـرى واشنطن وتـل أبيب أن «الحسم الآن أقل تكلفة من الانتظار»، فتذهب أي ضربة مـقـبـلـة أبـــعـــد مـــن المــنــشــآت والـــقـــواعـــد إلــى طبقات أعلى في هرم السلطة، في محاولة لاستهداف «مركز القرار» لا أطرافه فقط. المــــســــار الـــثـــانـــي هــــو تــــجــــدّد مـــوجـــات الاحـــــتـــــجـــــاج والانــــــــفــــــــات الاجــــتــــمــــاعــــي - المعيشي، تغذّيه حلقة مفرغة مـن انهيار العملة، وارتــفــاع أسـعـار الـغـذاء والـوقـود، وتــــآكــــل الـــطـــبـــقـــة الـــوســـطـــى الــــتــــي شــكّــلــت تــاريــخــيــا الــــخــــزان الــرئــيــســي لأي إصـــاح تـــدريـــجـــي. فـــي هــــذا الــســيــنــاريــو، تـتـحـوّل «الــــضــــغــــوط الــــقــــصــــوى» مــــن أداة ضـغـط خارجية إلى عامل تفجير داخلي؛ إذ يجد النظام نفسه أمــام معادلة شائكة: تشدُّد إضـافـي فـي الملفين الـنـووي والـصـاروخـي يــعــنــي مـــزيـــدا مـــن الانـــكـــمـــاش فـــي الــحــيــاة اليومية واتــســاع رقـعـة الـسـخـط، وتـراجـع مفاجئ أمام شروط ترمب يُقرأ في الشارع عـــلـــى أنـــــه اعــــتــــراف مـــتـــأخـــر بــفــشــل المـــســـار السابق. أمـا المـسـار الثالث، والأكـثـر ترجيحا فـــي المــــدى الــقــصــيــر، فــهــو مــحــاولــة شـــراء الـــــوقـــــت عــــبــــر «تـــجـــمـــيـــد مـــــتـــــبـــــادل» غــيــر مكتوب: تخفيف فعلي غير معلَن لوتيرة التخصيب الـعـالـي، فتح نـوافـذ مـحـدودة للتعاون الفني مع الوكالة، وضبط إيقاع «المحور» لتجنّب صدمات من حجم حرب يــومــا، مـقـابـل قـبـول أمـيـركـي بـــإدارة 12 الـــــ الوضع على قاعدة الاحتواء لا التسوية، مـع إبـقـاء منظومة العقوبات -الأميركية والأممية- في مكانها. هذا المسار لا يحل شــيــئــا جــــذريــــا، لــكــنــه يــســمــح لـــكـــل طـــرف بـــــالادعـــــاء أنـــــه لــــم يـــتـــراجـــع عــــن خــطــوطــه الـحـمـراء، بينما يستمر اسـتـنـزاف إيــران اقتصاديا وتبقى معادلة الــردع ناقصة، ويـــــظـــــل احــــتــــمــــال الانـــــفـــــجـــــار قــــائــــمــــا فــي الخلفية. فــــي حــصــيــلــة الـــــعـــــام، يـــمـــكـــن الـــقـــول كــــان الـــعـــام الـــــذي انــتــقــلــت فـيـه 2025 إن ســــيــــاســــات تــــرمــــب مـــــن خــــانــــة الـــتـــهـــديـــد النظري إلى واقع ملموس في الجغرافيا والاقــتــصــاد الإيــرانــيــن: ضـربـة عسكرية قلّصت هامش مناورة البرنامج النووي، وعـــودة الـعـقـوبـات الأمـمـيـة إلــى الـواجـهـة عـــبـــر «ســــنــــاب بـــــــاك»، وتـــشـــديـــد الــخــنــاق على صــادرات النفط وشبكات التمويل، ومـــحـــاولـــة إعـــــــادة تـــعـــريـــف مـــوقـــع إيـــــران فــــي الاســـتـــراتـــيـــجـــيـــة الأمـــيـــركـــيـــة كـخـصـم مقيَّد الـقـدرة أكـثـر منه قــوة صـاعـدة. في المقابل، ردّت طهران بمزيج من الغموض النووي وضبط إيقاع «المحور» والرهان 2026 على الزمن. هكذا تدخل إيـران عام وهـي عالقة فـي معادلة صاغتها مذكرة «الضغوط القصوى»: نظام لا يملك ترف الــذهــاب إلــى حــرب شـامـلـة، ولا يملك في الوقت نفسه سهولة الدخول في تسوية بـــشــروط خـصـمـه. الــتــحــدّي الـحـقـيـقـي لم يـعـد كـيـف تـخـرج طــهــران مــن ظــل تـرمـب، بل ما إذا كانت تمتلك، تحت هذا الخناق المـتـدرّج، القدرة على إنتاج استراتيجية ثالثة تتجاوز خـيـارَي الانفجار البطيء والانـــــتـــــظـــــار الــــســــلــــبــــي، قــــبــــل أن يـــفـــرض الزمن -لا التفاوض ولا الضربات- شكل النهاية. (أ.ف.ب) 2025 يونيو 28 وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي يبكي على نعش قائد «الحرس الثوري» حسين سلامي خلال تشييع عسكريين كبار قُتلوا بالضربات الإسرائيلية في طهران لندن: عادل السالمي لا 2026 تدخل إيران عام هي قادرة على العودة إلى المفاوضات بشروط جديدة، ولا مستعدة للاعتراف بأن الاستمرار على المسار الحالي يكلف المزيد

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky