يوميات الشرق ASHARQ DAILY 22 Issue 17194 - العدد Thursday - 2025/12/25 ًالخميس رحلة تراثية سعودية تُحول الحرف التقليدية في العلا إبداعا معاصرا «الديرة»... من أول مدرسة للبنات إلى مركز للفنون والتصميم من «أول مدرسة للبنات في العلا» ...» إلى «أول مركز للفنون والتصميم تُــجـسّــد «مـــدرســـة الـــديـــرة» رحــلــة تـــراث وإبـــــــداع مــســتــمــرة، عــمــادهــا حِــرَفــيــات مبدعات يحوّلن القطع الجامدة تحفا فريدة ناطقة بالجمال. وفــــي قــلــب الـــعـــا، تـمـثـل «مــدرســة الـــديـــرة» نـــافـــذة جـــديـــدة عـلـى الـفـنـون، وتجمع في غرفها المدرسية وأروقتها، الـــتـــي كـــانـــت تـحـتـضـن قــديــمــا أجـــيـــالا مــن الـطـالـبـات، الـحـرفـيـن والمصممين والمـبـدعـن لإحــيــاء الــحــرف السعودية بروح معاصرة، وتتفاوت اهتماماتهم؛ من العمل على الفخار، إلـى الخوص، والغزل والنسيج... وتحمل كل قطعة حــــكــــايــــة مـــــن حــــكــــايــــات الـــــعـــــا، تـمـتـد جذورها في التراث وتزدهر بالإبداع. وتـــعـــد «مـــدرســـة الـــديـــرة» مـــن أهـم المــــــدارس الـفـنـيـة الـــتـــي تـعـنـى بـتـقـديـم ورشـــــــــــات عــــمــــل فــــــي تـــعـــلـــيـــم الــــحــــرف اليدوية، حيث تعمل على إحياء الإرث وإبــــــــرازه عــبــر الـــتـــدريـــب والــتــصــمــيــم؛ كـــمـــا تــســتــلــهــم المـــــدرســـــة تـــــــراث الــعــا الغني، وتوظفه في منتجات صُنعت بإتقان وعناية تمثل البيئة الطبيعية والثقافية للعلا. وعُــــرفــــت «مــــدرســــة الـــــديـــــرة» مـنـذ تأسيسها بأنها «أول مدرسة للبنات فـي الــعــا». وبـعـد أن هُــجـرت سـنـوات، ،2019 عـادت إليها الحياة مجددا عام عندما تـحـوّل مبناها إلــى «أول مركز لـلـفـنـون والـتـصـمـيـم» بـالمـنـطـقـة، تقدم فـــيـــه بــــرامــــج فــــي الـــفـــنـــون الــتــقــلــيــديــة؛ لــتــوجــيــه الــحــرفــيــن وتـــدريـــبـــهـــم على مختلف الـتـقـنـيـات والأدوات الــازمــة لـتـحـويـل الـفـنـون فــي تـلـك المـنـطـقـة من شكلها التقليدي إلى المعاصر. والآن؛ أصــبــحــت المــــدرســــة، الـتـي أعـــــوام، مــنــارة 6 فـتـحـت أبــوابــهــا مـنـذ لإحــــيــــاء الـــفـــنـــون الــتــقــلــيــديــة، وتـمـكـن عــبــرهــا الــحــرفــيــون مـــن بــنــاء اقـتـصـاد مــــســــتــــدام لـــلـــفـــنـــون والمـــــــهـــــــارات، الــتــي شملت مجالات المنسوجات، والنحت عــــلــــى الــــحــــجــــر والـــــخـــــشـــــب، وأعـــــمـــــال الصوف، واستخراج الألوان الطبيعية والـــــصـــــبـــــاغـــــة، والـــــــرســـــــم الــــهــــنــــدســــي، بـــــالإضـــــافـــــة إلـــــــى تـــصـــمـــيـــم وصـــنـــاعـــة المـــــجـــــوهـــــرات، وصــــنــــاعــــة الــــصــــابــــون، والــــــشــــــمــــــوع، ومــــنــــتــــجــــات الـــــخـــــوص، والسيراميك. وتمثل «مدرسة الديرة» الاهتمام بــتــمــكــن الـــحـــرفـــيـــن وإحــــيــــاء الـــحِـــرف بـــروح عصرية، فتتحول المـــواد الخام المـنـتـقـاة مــن الـطـبـيـعـة المـحـلـيـة روائــــع فـنـيـة تــــروي قـصـصـا ثـقـافـيـة، امــتــدادا لتاريخ المكان، الـذي لم يَخل تاريخيا مـــــن طــــابــــع الــــفــــنــــون الــــــــذي احــتــفــظــت الصخور بنقوشه وآثاره المتنوعة في فنونها وروحها. وقـــبـــل حــقــبــة المــــعــــارض الـحـديـثـة بـــمـــحـــتـــويـــاتـــهـــا مــــــن الــــقــــطــــع الـــفـــنـــيـــة المـــتـــعـــددة المــــــــدارس والــــتــــجــــارب، كـــان الـــطـــابـــع الإبــــداعــــي حـــاضـــرا فـــي زوايــــا مدينة العلا ببلدتها القديمة، وأودية الــتــاريــخ، ومـــســـارات الــحــضــارات التي عرفتها، عبر آلاف النقوش والـرسـوم والــــكــــتــــابــــات الـــعـــتـــيـــقـــة، الــــتــــي تــضــرب فــي أعــمــاق الــتــاريــخ وتــعــود إلـــى آلاف الــــســــنــــن، وتــــفــــتــــح نــــــوافــــــذ عــــلــــى أمــــم وجماعات استوطنت المكان وأودعــت فيه أسرارها وأخبارها. ولا يـزال هـذا الإرث الفني العريق حـــاضـــرا ومــمــتــدا عـبـر مـشـهـد إبــداعــي غني تحتضنه العلا، التي تتطلع لوعد المستقبل، ومشروعات وأنشطة فنيّة تستقطب مبدعين وفنانين مـن داخـل الــســعــوديــة وخـــارجـــهـــا، فـــي انـعـكـاس وتجسيد لامتداد الفن المتجذّر في هذه الأرض. وبجوار جبل عِكمة، الذي يعد من أبــرز مـواقـع النقوش فـي شمال غربي الـجـزيـرة الـعـربـيـة، ويـضـم كـنـزا زاخــرا بالكتابات والنقوش التي توثّق مراحل مهمة من تاريخ المنطقة، وأُدرج رسميا ضمن سجل مواقع التراث العالمي لدى منظمة «اليونيسكو»، مساحة عابرة لمحاكاة أساليب النقوش القديمة على الصخور، التي تعكس طابعا إنسانيا وإبـــــداعـــــيـــــا تـــاريـــخـــيـــا لا تــــــــزال آثــــــاره شاخصة في المكان. تقول حنان البلوي، التي تشارك زمــيــاتــهــا مـــن مـنـتـسـبـات «أكــاديــمــيــة الـــنـــقـــوش» الــتــابــعــة لـــ«الــهــيــئــة الملكية لمـــحـــافـــظـــة الــــعــــا» فــــي تـــقـــديـــم دروس وجــــيــــزة عــــن الـــنـــقـــوش وفـــنـــونـــهـــا، إن «الـــــــــزوار الــــــذي يـــتـــجـــولـــون فــــي المـــكـــان مــــــــأخــــــــوذيــــــــن بــــــســــــحــــــره وطــــبــــيــــعــــتــــه البديعة، يتوقفون تحت سقف الركن المخصص لتعليم النقوش للاستمتاع بتفاصيلها، وتـجـربـتـهـا، والاحـتـكـاك مـن كثب بـمـوروث الفنون والحضارة والهوية». أعوام (واس) 6 أعادت فتح أبوابها منذ عُرفت منذ تأسيسها بأنها «أول مدرسة للبنات في العلا» (موقع مدرسة الديرة) في قلب العلا تمثل المدرسة نافذة جديدة على الفنون (واس) الرياض: عمر البدوي هي من أهم المدارس الفنية التي تعنى بتقديم ورشات عمل في تعليم الحرف اليدوية فيلم المخرج المصري «الأراضي الفارغة» تُوّج بجائزة «اليسر الفضية» كريم الألفي: «مهرجان البحر الأحمر» يتيح مساحة مميزة للأصوات الجديدة فـــــــي فــــيــــلــــمــــه الــــقــــصــــيــــر «الأراضـــــــــــــي الفارغة»، الفائز بجائزة «اليُسر الفضّية للفيلم القصير» ضمن الـــدورة الخامسة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، يـقـدّم المـخـرج وكـاتـب السيناريو المصري كريم الدين الألفي عملا سينمائيا ينتمي إلى عالم متخيَّل، لكنه مشحون بإحالات واضــحــة إلـــى واقـــع نـعـرفـه جــيــداً؛ عـالـم لا يُسمّي الأشياء بأسمائها المباشرة، لكنه يضع المشاهد أمام بنية كاملة من الخوف والاقـــــتـــــاع والإنــــــكــــــار، ويـــتـــركـــه يـكـتـشـف بنفسه ما يُراد قوله. تدور أحداث الفيلم حول «غوستاف»، الضابط المخلص، وزوجته «آنّــا»، اللذين يحصلان على منزل مدعوم من الدولة في منطقة تُعرف باسم «الأراضـــي الفارغة». المـــنـــزل كـــانـــت تـسـكـنـه فـــي الــســابــق عـائـلـة مهجّرة تصفها الدولة بـ«البرابرة»، ومع العثور على آثار لطفلة مفقودة من العائلة السابقة، يبدأ القلق في التسرّب إلى حياة الزوجين. فكرة الفيلم وُلـــدت خـال فترة إقامة كـريـم الـديـن الألـفـي فـي الــولايــات المتحدة لـلـدراسـة، كما يـقـول لــ«الـشـرق الأوســـط»، فـفـي مـديـنـة لـــوس أنـجـلـيـس بـــدأ التفكير في ثيمات الاستعمار والاستيطان، وهي أفـكـار مستوحاة مـن مشاهد متكررة في المنطقة العربية، إلا أن الألفي لم يكن معنيا بتقديم معالجة مباشرة أو واقعية لهذه القضايا، فاختار أن يضعها داخــل عالم موازٍ، بلا زمن محدد أو جغرافيا واضحة، يــســمــح لــــه بـــتـــركـــيـــز الـــفـــكـــرة وتـــجـــريـــدهـــا مــن الـتـفـاصـيـل المــألــوفــة، حـتـى تـظـهـر في صورتها الأكثر قسوة ووضوحاً. رحـلـة كـتـابـة «الأراضـــــي الــفــارغــة» لم تــكــن مـسـتـقـيـمـة، فــالألــفــي كــــان يـعـمـل في البداية على مشروع مختلف تماماً، قبل أن يــجــد نـفـسـه مـنـغـمـسـا فـــي كــتــابــة هــذا الــفــيــلــم، فـالـكـتـابـة بـالـنـسـبـة إلـــيـــه عملية مفتوحة على التغيير والشك، وغالبا ما يصل إلى لحظة يشعر فيها بعدم الرغبة فـــي اســتــكــمــال مـــشـــروع مــــا، أمــــا فـــي هــذا العمل تحديداً، فاستغرقت الكتابة نحو أشــهــر، تلتها مـرحـلـة التحضير 5 إلـــى 4 للتنفيذ. ورغم أن التصوير نفسه لم يستغرق وقتا طويلاً، إذ أُنجز في أقل من أسبوعين، فإن التحديات التنفيذية كانت كبيرة، كما يؤكد، فالفيلم ينتمي إلى زمن غير محدد، 80 أقرب إلى حقبة تعود إلى ما يقرب من عاما أو أكثر، وهو ما فرض دقة شديدة في التفاصيل البصرية، كل شـيء كـان يجب أن يبدو منتميا إلى هذا العالم؛ الجدران، والإكــــســــســــوارات، والـــبـــيـــوت، والـــفـــراغـــات، لذا جاء خلق هذا العالم من الصفر عبئا إضافيا على فريق العمل، فوق التحديات المعتادة لأي تصوير سينمائي. زادت الــصــعــوبــة مـــع اخـــتـــيـــار لــوس أنـــجـــلـــيـــس مـــوقـــعـــا لـــلـــتـــصـــويـــر. فــالمــديــنــة كما يشير المـخـرج بحكم كونها مـن آخر مناطق الامــتــداد داخـــل الــولايــات المتحدة لا تـضـم عـــددا كـبـيـرا مــن المـبـانـي القديمة الــتــي تــعــود إلـــى عـشـريـنـات أو ثلاثينات القرن الماضي، لذلك كان البحث عن أماكن مناسبة مـحـدودا ومعقّداً، واضطر فريق الإنتاج إلى استغلال مواقع غير تقليدية، مثل المـصـانـع أو جـــدران بعينها، لإعــادة تشكيل الفضاء البصري بما يخدم العالم الذي يريده الفيلم. اخـتـيـار المـمـثـلـن تــم داخـــل الــولايــات المـــتـــحـــدة أيـــضـــا. وبـــعـــد المــــــرور عــلــى عــدد كـبـيـر مـــن الأســــمــــاء، جــــاءت الـتـرشـيـحـات الـــنـــهـــائـــيـــة عـــبـــر عــــاقــــات داخـــــــل الـــوســـط السينمائي، قبل إجراء تجارب أداء انتهت بــاخــتــيــار غــراتــيــا بــرانــكــوســي، ومـايـكـل مــونــســتــريــو، وجـيـسـيـكـا دامــــونــــي، بــنــاء على قناعة المخرج بقدرتهم على تجسيد الشخصيات داخل هذا العالم المتخيَّل. على مستوى الإنتاج، تواصل الألفي مع شركات من المنطقة العربية، مستفيدا مــن تجربته الـسـابـقـة فــي مسلسل «نسر الــــســــن» الـــــــذي أنــــجــــزه قـــبـــل ســــفــــره، هـــذا العمل الـسـابـق شـجّــع، كما يـقـول الألـفـي، المنتجين على الــدخــول فـي المــشــروع، إلى جـــانـــب إعــجــابــهــم بــالــنــص نــفــســه، ورغـــم الـتـفـكـيـر فـــي الـتـقـديـم إلـــى صــنــاديــق دعـم ومهرجانات، فـإن ضيق الوقت حـال دون ذلـــــك، خـــاصـــة أن الــفــيــلــم أُنـــجـــز فـــي إطـــار أكــاديــمــي بـوصـفـه مــشــروعــا لـلـتـخـرج في الجامعة فـي آخــر فصل دراســـي بجامعة «جــنــوب كـالـيـفـورنـيـا»، الأمـــر الـــذي فـرض التزاما زمنيا صارما لم يسمح بالتأجيل أو انتظار فرص تمويل إضافية. اخـتـيـار اللغة الإنجليزية للفيلم لم يــكــن قــــــرارا تــقــنــيــا، بـــل هـــو جــــزء أســاســي مــــن رؤيــــتــــه، فـــالألـــفـــي يـــــرى أن الــقــضــايــا الـتـي يناقشها الفيلم مفهومة ومعروفة لـــدى الـجـمـهـور الــعــربــي، بـيـنـمـا الـتـحـدي الــحــقــيــقــي يــكــمــن فــــي أن يــــراهــــا جـمـهـور غربي، وأن يواجه وجهة نظر قد لا تكون مـطـروحـة أمــامــه كـثـيـراً، لـذلـك كـــان تقديم الـفـيـلـم بـالإنـجـلـيـزيـة وسـيـلـتـه الأسـاسـيـة للوصول إلى هذا الجمهور، وفتح مساحة للنقاش خارج الدائرة المعتادة. فـــي تـعـامـلـه مـــع المـمـثـلـن، كـــان كـريـم الدين الألفي حريصا على أن تأتي الأداءات هـــادئـــة ومـــضـــبـــوطـــة، مـــن دون انــفــعــالات زائــــدة أو مــبــاشــرة، فـالـعـالـم الــــذي يـقـدّمـه الفيلم قـائـم عـلـى الـتـوتـر الـكـامـن، لا على الانفجار الدرامي، لذلك ركّز في توجيهاته عـــلـــى الـــتـــفـــاصـــيـــل الـــصـــغـــيـــرة؛ الـــنـــظـــرات، والصمت، والإيقاع الداخلي للشخصيات، وكـيـف يمكن للخوف أن يظهر مـن خلال السكون أكثر مما يظهر عبر الكلام، فكان مهما له أن يشعر الممثلون بثقل الماضي غير المرئي الذي يملأ المكان، وأن ينعكس ذلك على تصرّفاتهم اليومية، لا باعتباره رعبا معلناً، بل قلقا يتسلّل تدريجيا إلى الحياة العادية. وعن فوز «الأراضي الفارغة» بجائزة «الـــيُـــســـر الـــفـــضّـــيـــة لـلـفـيـلـم الـــقـــصـــيـــر» فـي «مــهــرجــان الـبـحـر الأحـــمـــر الـسـيـنـمـائـي»، يـقـول الألــفــي إنـــه محطة مهمة فــي مسار الفيلم، ليس فقط على مستوى التقدير، بـــل عـلـى مـسـتـوى الـــوصـــول إلـــى جمهور أوســـــــــع، فـــبـــالـــنـــســـبـــة لــــــه، يـــمـــثـــل «الـــبـــحـــر الأحمر» مساحة حقيقية لعرض تجارب سينمائية مختلفة، ونافذة مهمة للأفلام الــــتــــي تــــحــــاول أن تــــطــــرح أســـئـــلـــة فــكــريــة وجمالية خارج القوالب السائدة. ويتوقف الألفي عند طبيعة المهرجان نفسه، معتبرا أنه بات يلعب دورا متناميا في المشهد السينمائي بالمنطقة، من حيث الـتـنـظـيـم، والاهــتــمــام بــالأفــام القصيرة، وإتاحة مساحة للأصوات الجديدة، مؤكدا أن فـــوز الـفـيـلـم بــالــجــائــزة لـــم يـكـن مـجـرد تتويج، بل هو تأكيد على أن هذه النوعية من السينما تجد مكانها وحوارها داخل مهرجان عربي كبير. وعـــن مـشـاريـعـه المـقـبـلـة، يشير كريم الــــديــــن الألــــفــــي إلــــــى أنــــــه لا يـــــــزال مـهـتـمـا بـــالاشـــتـــبـــاك مـــع قــضــايــا عـــــدة، لافـــتـــا إلــى أنـــه بــصــدد التحضير لمـشـروعـه الــروائــي الطويل الأول. جدّة: أحمد عدلي خلال تسلم الجائزة في «مهرجان البحر الأحمر» (إدارة المهرجان)
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky