كـــادت دول الــعــالــم الـثـالـث تـعـقّــم نــســاءَهــا، بـعـد أن ربــط الاقــتــصــاديــون بــن كــثــرة الإنــجــاب وتـفـشّــي الـفـقـر. وبينما لا تزال حبوب منع الحمل إحدى أهم أدوات هيئات الأمم المتحدة الاجـتـمـاعـيـة لمـكـافـحـة الـتَّــخـلـف فـــي الـــــدول المـسـكـيـنـة، يعاني الـغـرب من كارثة انخفاض النسل بشكل درامــي سيؤثر على كل مناحي الحياة. وبعد أن وجدت أوروبا وأميركا ضالتَهما، لحل أزمتِهما الديموغرافية بفتح الأبواب للمهاجرين، ها هما تكتشفان أن العرق الأبيض بات مهددا في عقر داره، وعليهما إعـادة غلق الأبواب بسرعة. واحــدة من بنود ترمب في استراتيجيته للأمن القومي الأمـــيـــركـــي الــتــي نــشــرهــا مـــؤخـــراً، هـــي الــحــد مـــن الــهــجــرة إلــى أوروبـا؛ لأنَّها تتعرَّض لمخاطر حضارية، وبعد عشرين عاما سيصبح لها وجه آخر لا نعرفه. وهذا صحيح. لـــكـــن الأمـــــــر لـــيـــس بـــالـــســـهـــولـــة الـــتـــي يــطــرحــهــا الــرئــيــس تــرمــب، وهـــو يتمنَّى أن يـأتـيـه نـمـسـاويـون ونـرويـجـيـون بـدل الصوماليين؛ لأن النمسا والنرويج من أكثر الدول معاناة من نقص الولادات، فمن أين نأتيه بالشقر والشقراوات؟ ففي أكثر الدراسات تفاؤلاً، لم يعودوا يشكّلون أكثر من ستين في المائة من الأميركيين، حتى إنه بات يريد استعادة من صدّرهم إلى جنوب أفريقيا ذات يوم. مليون ونصف المليون مهاجر غادروا أميركا هذا العام. مليون وظيفة 15 والاستمرار في هذه السياسة سيقضي على ، بحسب الأميركيين أنفسِهم، فيما المهاجرون 2035 بحلول عام غير الشرعيين الذين يـراد التَّخلص منهم، وصـل عددُهم إلى مليونا ً. 14 يـفـتـرض أن يـنـجـب الـــوالـــدان طفلين عـلـى الأقـــل للحفاظ على استقرار عدد سكان أوروبا، لكن معدلات المواليد الحالية بالكاد تتجاوز طفلا واحـداً. فهل سيتمكَّن جيل الآبـاء الجدد في ظل الأزمة الاقتصادية من قلب الموازين؟ الـعـام المـنـصـرم شـهـد أدنـــى مـعـدلات ولادات مسجلة في أوروبــا على الإطــاق، في ظاهرة لم تحدث منذ نهاية الحرب العالمية الأولـى. حتى فرنسا السخية في مواليدها، تراجعت أرقامها بشدة. وما يثير القلق أن التدهور الحالي يأتي في ظل تشريع أبواب الهجرة، وقبل الاستنفار ضد الوافدين؛ أي أن عدد الذين تم استقبالهم، رغم أن التذمر منهم لم يكن كافياً، وبالأرقام، يتوجب استقدام المزيد. أمـا ما يطلبه الرئيس ترمب، والـذي يتم العمل عليه، فهو فرملة تامة، وتشجيع وصـول الأحـزاب الــيــمــيــنــيــة المـــتـــطـــرفـــة إلـــــى الــســلــطــة الـــتـــي سـتـنـتـهـج أســلــوبــه الانغلاقي، وهذا عواقبه وخيمة. والحالة هذه، يجد الغرب نفسَه أمام خيارين، بحسب ما يقوله اقتصاديون: إمَّــا القبول بتغيير وجه الثقافة لإنعاش الحيوية الاجتماعية، ودفـع عجلة الإنتاج، وإمـا قفل الأبـواب والخضوع لشيخوخة تدريجية حتى الذبول. الــيــد الـعـامـلـة تنخفض سـنـويـا بــمــقــدار مـلـيـون شخص مـلـيـون 25 فــــي أوروبـــــــــا، وخــــــال ربـــــع قـــــرن ســيــفــقــد الاتــــحــــاد عامل. بحسب تقرير «بروجيل» الـذي صـدر في مـارس (آذار) ، بعنوان «الفجوة الديموغرافية»، فــإن مقابل تناقص 2025 دولــة 27 دولـــة مــن أصـــل 22 عـــدد الـسـكـان فــي ســن الـعـمـل فــي فـي الاتـحـاد الأوروبــــي، ستتضاعف نسبة مـن تبلغ أعمارهم عــامــا، مـمـا سـيـضـرب فــي مـقـتـل أنـظـمـة الــرعــايــة الصحية 85 والمعاشات التقاعدية، ويطيح بالقدرة على الدفاع العسكري؛ إذ من الآن لا تتوافر الأعداد للتجنيد في الجيوش، رغم رغبة في 32 أوروبا في القتال. وتبعا لدراسة لمؤسسة «غالوب»، فإن المائة فقط من الشباب الأوروبــي على استعداد للانخراط في أي عمل عسكري قد يطرأ. فــــي المــــهــــن المـــدنـــيـــة الأمـــــــر لـــيـــس أفــــضــــل حــــــــالاً، تــحــدثــت مهنة، 42 المفوضية الأوروبـــيـــة عـن نقص فـي المــهــارات يـطـال بينها تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والرعاية الصحية، والــبــنــاء، والــنــقــل. وأكــثــر مــن نـصـف الــشــركــات، لا يـعـثـر على الـــكـــفـــاءات المــطــلــوبــة لـتـسـيـيـر أعــمــالــهــا، ومــــن بـيـنـهـا شــركــات الصناعات العسكرية. مــايــن وظـيـفـة 4 أوروبــــــا تــعــانــي مـــن وجــــود مـــا يـــقـــارب شـاغـرة لا تجد مـن يشغلها. ففي ألمانيا مـثـاً، رغـم استقبال الـعـدد الـهـائـل مـن الـسـوريـن، لا يـــزال أكـثـر مـن مليون وظيفة تنتظر، ونصف هذا العدد في فرنسا. الكلام على كارثة استقبال المهاجرين في الغرب يحجب مأساة ديموغرافية عدم حلّها هو انتحار جدّي، وليس كلاما مجازياً. ومع ذلك فإن طرح موضوع شديد الحساسية كهذا، لا يزال خجولاً، وثمة من يريد تغطية الشمس بغربال. أحـــــد أكـــثـــر المـــتـــنـــبّـــهـــن لــلــفــخ الـــديـــمـــوغـــرافـــي هــــو المــفــكــر الفرنسي إيمانويل تود، الذي، مع شهرة مؤلفاته وترجمتها إلى مختلف اللغات، واستقباله على كبريات المنابر العالمية، يفضّل كتم صوته في بلاده؛ لأن كلامه حول خطر انهيار القيم العائلية والدينية، والأزمة الاقتصادية التي أدَّت جميعها إلى كبح الإنــجــاب وذبـــول المجتمعات الـغـربـيـة، وإفـقـادهـا وزنها الصناعي والجيوسياسي، هو مما يوجع ويزعج. لكن من ظريف ما يقوله تود، أنَّه في كتابه الأخير الشهير جدا «انهيار الغرب» درس روسيا وأميركا وأوروبا، ولم يدرس الصينَ؛ لسبب بسيط هو أنَّه لم يتوقَّع صعودها المفاجئ بهذه السرعة، بسبب ضعف الولادات، وتراجع الديموغرافيا. والسؤال الكبير الـذي بات يـؤرق الباحثين: هل يمكن أن يكون تشغيل المصانع بالروبوتات على الطريقة الصينية، وبالاستغناء عن البشر، هو المخرج الوحيد من هذه المأساة الغربية الطاحنة؟ عــــاد مــلــف حــصــر الـــسّـــاح بــيــد الـــدولـــة إلـــى واجـــهـــة المشهد الـعـراقـي، لا بوصفه نقاشا نـظـريّــا، بـل كـاخـتـبـار مـبـاشـر لمعنَى الدَّولة وحدود سلطتِها وهيمنتِها. القَبول المشروط الذي أبداه بعض قادة الفصائل، والرفض القاطع الـذي أعلنَه آخـــرون، كشفَا عن أن المسألة لم تعد تتعلَّق بترتيبات أمنية عابرة، بل بسؤال جوهري ظل مؤجلا سنواتٍ: مَن يملك حق القوة؟ وَمَن يملك حق القَرار؟ لكن مَــا جـرَى في بـغـداد ليس شأنا عراقيا صِــرفـا، بل مـرآة لأزمة أوسع تضرب فكرة الدولة فِي الشَّرق الأوسَط منذ عُقود. فِــي الــعِــراق، تَــقـدَّم الـنّــقـاش هـذه المـــرَّة تحت ضغط سياسي وأمـنـي متزايد، وتحركات دولـيـة لا يمكن فصلُها عن حسابات الاستقرار الإقليمي، لكن ينبغي أن يُنْظَر إلـى أن جوهر الأزمــة أعمق من زيــارة مبعوث أو رسائل ضغط، فالدولة التي تسمح بتعدُّد الـسّــاح، تسمح ضِمنا بتعدُّد السُّلطات، وحــن يُصبح السّلاح جزءا من المُعادلة السّياسية، تتحوَّل الدَّولة من مرجعية عليا إلى وسيط هَش بين قوى متنافسة، لذلك بدا الارتباك داخل الفصائل تعبيرا عن مأزق حقيقي... السّلاح الذي كان يُنظر إليه بوصفِه مـصـدر قـــوةٍ، بـــات عبئا يـهـدّد مستقبل الــدّولــة، ويضع الجميع أمام احتمالات مفتوحة. الــصُّــورة ذاتُــهـا تتكرَّر فـي لبنانَ، وإن اختلفت التَّفاصيل، سلاح «حزب الله» الخارج عن إطـار الدَّولة، لم يعد ملفا دفاعيا محصورا في خطاب المقاومة، بل تحوَّل عاملا بنيويّا في تعطيل مؤسسات الحكم، وهنالك تقارير دولية عديدة ربطت بوضوح بين هذا الواقع وبين الانهيار الاقتصادي والشَّلل السّياسيّ. الــدولــة اللبنانية فـقـدت قـدرتَــهـا على اتّــخــاذ قـــرار سـيـادي مستقلٍّ، والـسّــلـم الاجـتـمـاعـي بـــات قائما على تـــوازنـــات قسرية لا على ثـقـة جامعة، ومــع غـيـاب احـتـكـار الــدولــة الــســاحَ، تعمّق الانـــقـــســـام المــجــتــمــعــيُّ، وأصــبــحــت كــــل أزمـــــة سـيـاسـيـة مـرشـحـة لـانـفـجـار، لأن مــيــزان الــقــوة لا تحكمه المــؤســســاتُ، بــل مــوازيــن السلاح. فـي الـيـمـن، تـبـدو الـنَّــتـائـج أكـثـر قـسـوة ووضــوحــا، انتشار الـــســـاح خـــارج الـــدولـــة لــم يـكـن عـرضـا جـانـبـيـا لـلـحـرب، بــل أحـد أســــبــــاب انـــهـــيـــار الــــدولــــة بــالــكــامــل، تــــعــــدُّد الـــقـــوى المــســلــحــة، من الحوثيين إلــى تشكيلات أخـــرى، قـضَــى على أي إمـكـانـيـة لبناء سلطة موحَّدة، ومع الزَّمن لم يُطل السّلاح أمـد الحرب فحسب، بل دمَّر النسيج الاجتماعيَّ، وحوّل الاقتصاد إلى اقتصاد حرب، وأغلق الباب أمام أي مسار تنمويّ. المشهد ذاتُــه يتكرَّر بدرجات متفاوتة في السودان وليبيا، وفي مناطق من شمال شرقي سوريا، حيث تحوَّلت البنادق إلى بديل عن السياسة، وإلى عائق دائم أمام الاستقرار. لـم يَــعُــد الــسّــاح الــخــارج عـن إطـــار الـــدَّولـــة مـجـرد إشكالية أمنيَّة، بل هو تهديد مباشر لكيان الدولة نفسِها ولمفهوم السّلم الاجتماعي، فحين تفقد الــدولــة احتكارَها لاسـتـخـدام الـقـوة، لا تخسر السيطرة على الأمن فحسب، بل تتآكل قدرتُها على الحكم، وعلَى حماية العقد الاجتماعي الذي يمنحُها الشرعيةَ. عند هذه النقطةِ، يتحوَّل الـسّــاح مـن أداة يفترض أن تحمي الـدولـة إلى عامل يقوضُها من الداخل، ويعيد تشكيل الـولاءات علَى أساس القوَّة لا القانون. نحن هـنَــا لا نـتـحـدَّث عـن بــنــادق صـيـد، لكنَّنا نـتـحـدَّث عن أسلحة جبَّارة ثقيلة ومعقَّدة بين النَّاس وخارج نطاق القانون، وهــو تـهـديـد واضـــح لـلـدولـة، إذ يـفـرض هــذا الأمـــر أن هـنـاك قـوة أخرى موازية للدولة، أو دولة أخرى موازية لها، وهذا مَا يجعل انتشار السِّلاح من أبرز مؤشرات الفشل المؤسسي للدول، فالدولة العاجزة عن ضبط السلاح، تعجز بالضرورة عن فرض القانون، وتـفـشـل فــي تـوفـيـر بـيـئـة آمــنــة ومـسـتـقـرة لمـواطـنـيـهـا، وبــــدلا من أن تـكـون المـؤسـسـات الـرسـمـيـة المــرجــع الـوحـيـد لـحـل الـنّــزاعـات، تــحــل مـحـلَّــهـا الـــقـــوة المــســلــحــةُ، فــتــتــحــوَّل الـــخـــافـــات الـسـيـاسـيـة والاجتماعية إلى مواجهاتٍ، ويصبح المدفع الـرّشّــاش هو الآمر النَّاهي في البلاد. تشير تقارير البنك الـدولـي وبـرامـج الأمــم المتحدة المعنية بـالـنّــزاعـات إلـى عـاقـة مباشرة بـن انتشار الـسـاح خـــارج إطـار الدولة وتصنيف الـدول «هشةً» أو «فاشلة»، فهذه الــدول تعجز عـن جـــذب الاسـتـثـمـار، فـــرأس المـــال بطبيعته يـهـرب مـن البيئات غير المستقرة وغير الآمنة، وبذلك يكون مـردود هذا كارثيا على البلدان، وهذا أمر باد للعيان نشاهدُه في كثير من البلدان الهشة، لأن اقـتـصـاد العنف يـزاحـم الاقـتـصـاد الـرسـمـي، ويعيد توجيه المـــوارد نحو الـصّــراع بـدلا من التنمية، فتدخل الـدولـة في حلقة مفرغة لا تنتهي. الـخـاصـة؛ لا يمكن الـنَّــظـر إلـــى حـصـر الــســاح بـيـد الـدولـة على أنَّه خيار سياسي قابل للأخذ والـرَّد، بل هو شرط أساسي لبقاء هيبة الدولة ذاتِها، والتجارب المقارنة تؤكد أن أي إصلاح سياسي أو اقتصادي محكوم عليه بالفشل، ما لم تُستعد سيادة الدَّولة على أدوات العنف، فالسّلاح خارج حيازة الدولة لا يحمِي المجتمعات ولا يصون السّيادة، بل يفتّتُها. وحدَها الدولة التي تحتكر السّلاح وتُخضعُه للقانون والمساءلةِ، وهي القادرة على نقل المجتمع من الفوضَى إلَى الاستقرار. نُــشــرت عـلـى الإنــتــرنــت قــصــةٌ، قيل 2017 ) فــي أكـتـوبـر (تـشـريـن الأول إنَّــهـا مُــسـتَــمـدَّة مـن وثــائــق سـريـة للحكومة الأمـيـركـيـة، فـحـواهـا أن وزيــرة الخارجية السابقة هيلاري كلينتون وشخصيات أخرى يتزعَّمون منظمة سرية تتحكم في مسار المال والسياسة في الولايات المتحدة. وقّع الكاتب ، وادَّعـى أن لديه رخصة أمنية، تتيح QAnon منشوراته باسم كيو - أنون له الاطـاع على وثائق سرية جـداً. خلال بضعة أسابيع أمست منشورات كيو - أنــون مــدارا لمئات القصص الواقعية والمتخيلة، عن حــوادث تُنسب لجهات حكومية، بينها عمليات مراقبة، واستيلاء على أموال، واعتداء على أشخاص، تحت شعار المصلحة العليا للبلاد. لكن المستفيد الحقيقي - وفقا لادعـاء الناشرين - هم أعضاء تلك المنظمة السرية، الذين يراقبون جميع الناس ولا يراهم أحد. أغلقت الدوائر الحكومية والشركات أبوابَها، بسبب 2020 في منتصف وبــاء «كــورونــا»، وبقي ملايين الأميركيين في منازلهم، دون أنيس سوى الإنترنت. شهدت هذه الفترة بروز مئات القصَّاصين الذين كرّسوا وقتهم لتصنيف قصص لا تنتهي عن أهل السياسة والفن والمال، وما يفعلونه في بيوتهم ومكاتبهم وحفلاتهم الفاخرة. كـأن شهرزاد بُعثت من جديد كي تعيد روايــة «ألـف ليلة وليلة» في ثـوب عصري، ليس لشخص بعينه، بل لملايين الناس، ليلا ونهاراً. القاسم المشترك بين قصص «ألـف ليلة وليلة» الجديدة، هو الإشـارة الدائمة إلى المجموعة الصغيرة التي تُمسك بخيوط اللعبة السياسية: تُقرر من يكسب الانتخابات ومن يخيب، ومن يحصل على البراءة في المحاكم ومن يُدان، ومن يربح في سوق الأسهم ومن يخسر. استعمل مؤيدو دونالد ترمب صفة «الدولة العميقة» 2017 منذ أوائل ، قال 2023 ) في الإشـــارة إلـى معارضيه. وفـي وقـت لاحــق، في مــارس (آذار ترمب لأنصاره في مدينة واكو بتكساس، إنه - مثلهم - يؤمن بهذه القصة: «الدولة العميقة ستدمر أميركا إن لم ندمرها نحن». وفي الشهور التالية، استخدم هـذا التعبير بكثافة في منشوراته الانتخابية، كما نشر خططا مُحددة لتدمير «الدولة العميقة» إذا وصل إلى البيت الأبيض. مـصـطـلـح «الــــدولــــة الـعـمـيـقـة» لــيــس صــنــاعــة أمــيــركــيــة، فــقــد ظــهــر في تركيا، كي يشير إلى مُخطط لحماية الجمهورية من انحراف محتمل عن الأتـاتـوركـيـة. لكن الـفـكـرة ذاتـهـا تـعـود لمنتصف الـقـرن العشرين، وظهرت باسم «الحكومة الخفية» أو «الحكومة البديلة». لا أعلم إن كان دونالد ترمب مؤمنا حقا بالفكرة التي روجها كيو - أنون. وهذا ليس بعيدا على أي حال. لكن لو تتبعت الخيوط الأولى لقصة كيو - أنـون بالتحديد، لوجدتَها محاولة لإنشاء لعبة إلكترونية، تتيح فرصة لمئات الناس كي يتقمصوا أدوار شخصيات واقعية، ليختبروا من خلالها قدرتهم على أن يكونوا أبطالا خارقين، أو جنودا أو جواسيس أو رجــــال سـيـاسـة أو نــجــوم سينما أو زعـــمـــاء عـصـابـات أو أعــضــاء في الكونغرس. الذي حصل أن اللعبة خرجت من يد مبدعها، وأمست تحت سيطرة آخـريـن، كما يقول آدم كورتيس، وهـو صانع أفــام وثائقية، ثم أخذت في التوسع والانتشار، وباتت جزءا من قنوات الدعاية السياسية، ولــم يـعـد ممكنا أن تـقـول بـضـرس قـاطـع، إنـهـا بقيت عـلـى حـالـهـا كأنها منظومة واحـــدة، أو باتت منظومات عــدة، تدعي الاســم نفسه والسمات وطريقة العمل. وقد ادعى كثير من الناس أنهم أسهموا في تأسيس «كيو - أنون» لكن من يهتم؟ أعتقد أنَّـــه يـوجـد تـداخـل بـن الـواقـعـي والمـتـخـيـل. وهــو ليس غريبا على الحياة السياسية المليئة بالغموض. في كل بلد، بل وفي المنظمات التجارية والأحـزاب وأمثالها، ثمة مجموعة ترى نفسها حارسة للنظام وأمينة على التقاليد التي تكفل استمراره. هذه المجموعة لا تدير المشهد من وراء الستار، ولا تتدخل في تعيين أو عزل الرؤساء، لكنَّها - ببساطة - تراقب المشهد، وتسعى إلى تصحيح المسار إذا انحرف السائرون. لعلكم تعرفتم على أمثال هؤلاء في جمعيات عمومية للشركات، أو في مؤتمرات حزبية أو في الأكاديميات أو لقاءات النخبة أو غيرها. فكروا في المسألة، وسوف تتعرَّفون على بعضهم. OPINION الرأي 12 Issue 17194 - العدد Thursday - 2025/12/25 الخميس وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com توفيق السيف زيد بن كمي سوسن الأبطح حقائق السياسة وأساطيرها... الدولة العميقة السّلاح المنفلت تدمير للدول مقتل الديموغرافيا
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky