issue17194

11 عام في ظل ترمب NEWS Issue 17194 - العدد Thursday - 2025/12/25 الخميس ASHARQ AL-AWSAT برعاية سعودية... وبانتظار العبور نحو المرحلة الثانية ترمب «عرّاب» اتفاق وقف إطلاق النار في غزة فـــي قــطــاع غــــزة، كـــان لإدارة الـرئـيـس الأميركي دونالد ترمب دور بارز في إقناع «حـــمـــاس» وإســـرائـــيـــل بـــضـــرورة الـتـوصـل إلــــى اتـــفـــاق يــفــضــي لـــوقـــف إطـــــاق الـــنـــار، وإعــان انتهاء الحرب التي استمرت لمدة عامين، دفع خلالها الفلسطينيون أثمانا لا تحتمل من خسائر بشرية ومادية وعلى صــعــد مــخــتــلــفــة، مــنــهــا الــصــحــة والـبـيـئـة والبنية التحتية وغيرها. ويـحـسـب لإدارة تــرمــب أنــهــا نجحت فـــعـــا بـــالـــتـــوصـــل لاتــــفــــاق بـــعـــد مـــحـــاولات حثيثة مـن إدارة جـو بـايـدن للتوصل إلى اتــفــاق يـفـضـي لــوقــف إطــــاق الـــنـــار، إلا أن كـل الجهود فشلت آنـــذاك فـي ظـل خلافات بـــرزت بينها وبــن الحكومة الإسرائيلية بزعامة بنيامين نتنياهو، الذي كان يتوق لعودة ترمب إلى الحكم. إلا أن هذه العودة لم تكن مثل ولاية ترمب الأولـى التي منح خلالها لإسرائيل الكثير من الهدايا سواء الاعــتــراف بالقدس عاصمة لإسـرائـيـل، أو سـيـادتـهـا عـلـى الـــجـــولان، أو حـتـى العمل على الاتفاقيات الإبراهيمية. قبول مواقف «حماس» وفرض ترمب على نتنياهو وحكومته الـــعـــديـــد مــــن الــــــقــــــرارات المــتــعــلــقــة بـــالـــشـــأن الفلسطيني والمـنـطـقـة بــأســرهــا، وخــاصــة فيما يتعلق بالحرب على إسـرائـيـل، حين فاجأ الأخـيـرة بقبول موقف «حـمـاس» من خـطـتـه الــتــي طــرحــت عـلـى الــحــركــة، بـشـأن وقـف إطـاق النار في قطاع غـزة، وهـو أمر فــاجــأ نـتـنـيـاهـو وحـكـومـتـه بـشـكـل خـــاص، قبل أن تقبل الحكومة الإسرائيلية، بالأمر الــــواقــــع، ويــتــم الــتــوصــل إلــــى اتـــفـــاق لـوقـف إطلاق النار. وعــــلــــى الــــرغــــم مــــن أن هــــــذا الإنــــجــــاز يــحــســب لإدارة تــــرمــــب، فـــــإن الـــخـــروقـــات الإسرائيلية المستمرة لوقف إطـاق النار الهش للغاية، قد تفضي إلى إفشاله. لكن أيضا حالة العجز الفلسطينية بعد حرب اســتــمــرت عـــامـــن واســتــنــزفــت كـــل قــــدرات فصائلها المسلحة وخــاصــة «حــمــاس» و «الجهاد الإسـامـي»، ربما تدفع الجميع بقبول ما تطمح إليه الولايات المتحدة من العبور إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار. ليتم ذلك لا بد من دعم من الوسطاء الذين يحاولون تقريب وجهات النظر بين «حماس» وإسرائيل من جانب، والولايات المتحدة من جانب آخر، ويتمحور دورها في الضغط على حكومة نتنياهو، بقبول الاتفاق والالتزام ببنوده. ففي أكثر من مرة منعت هذه الحكومة مـــن اتـــخـــاذ إجـــــــراءات مــثــل إغــــاق المـعـابـر مـجـددا للقطاع بحجة خــروقــات حصلت من جانب «حـمـاس»، كما ضغطت عليها فـــي الــعــديــد مـــن المـــــرات بـــالالـــتـــزام بــزيــادة عدد الشاحنات التجارية والمساعدات إلى القطاع. «ضغوط وهمية» رغـــم أن هـــذه الــضــغــوط تــؤتــي أكلها وثمارها في بعض الأحيان، لكن الفصائل الفلسطينية والمراقبين للوضع في قطاع غزة، يرون أنها مجرد ضغوط وهمية في قضايا غير ملحة، وأن هناك حاجة أكثر لـــضـــرورة أن يــكــون الـضـغـط فـــاعـــا تـجـاه قضايا أكبر ومهمة بالنسبة للسكان في القطاع، مثل البدء بتوفير المـواد الإغاثية من خيام جيدة صالحة للحياة، وإدخـال الكرفانات، والـبـدء بمسيرة إعمار جـادة، بينما تتطلع إسرائيل للبدء بنزع سلاح «حماس» والفصائل الأخـرى، وأن تتخلى الحركة عن حكمها للقطاع، وهـي قضايا مـا زالـــت تبحث ويـــدار حولها الكثير من اللقاءات والمحادثات الهادفة للانتقال لكل عناصر وبنود الاتفاق بمرحلته الثانية. ولربما غالبية سكان قطاع غزة، كانوا يتطلعون لنجاحات أكبر من إدارة ترمب بعد أن فرضت على إسرائيل و«حـمـاس» اتـفـاق وقــف إطـــاق الـنـار، ســـواء مـن خلال الدبلوماسية التي قادتها هذه الإدارة من جانب، أو من خـال سياسة الضغط عبر الوسطاء وحتى عبر التهديدات التي كان يطلقها ترمب من حين إلى آخر، لكن هناك مـــن يـــرى سـيـاسـيـا وشـعـبـيـا أن الـــولايـــات المــتــحــدة مـــا زالـــــت لـــم تـــقـــدم الـكـثـيـر تـجـاه إنجاح هذا الاتفاق في ظل أنه كان المأمول في أن يتغير واقع القطاع لأفضل من ذلك، خــاصــة عـلـى مـسـتـوى الــظــروف الحياتية وبـــدء الإعـــمـــار، وهـــو الأمـــر الـــذي يهتم به المواطن في غزة أكثر من أي مطالب أخرى. المرحلة الثانية وفــــتــــحــــت الـــــلـــــقـــــاءات المـــــبـــــاشـــــرة بــن «حــــــمــــــاس» والإدارة الأمـــــيـــــركـــــيـــــة، الـــتـــي كــانــت مـفـاجـئـة بـالـنـسـبـة لإســـرائـــيـــل، أفـقـا أكـبـر لإمكانية الانـتـقـال للمرحلة الثانية بــســاســة كــمــا جــــرى فـــي المــرحــلــة الأولـــــى، حيث تـحـاول الـحـركـة الفلسطينية إقناع إدارة ترمب بالعديد مـن المقترحات التي تقدمها عبر الوسطاء، لكنها كانت تتطلع لعقد لـقـاء آخــر مـع المبعوثين الأميركيين لبحث هذه القضايا بشكل مباشر، قبل أن تعترض إسرائيل على هـذه الـلـقـاءات، ما أدى لتأجيلها، فـي وقــت جــرت تسريبات عــــن أنـــهـــا عـــقـــدت ســــــراً، وهـــــو الأمــــــر الــــذي لـــم يــؤكــد ســــواء مـــن الــحــركــة أو الـــولايـــات المتحدة. ويبدو أن «حماس» التي تدرس جيدا الـكـثـيـر مــن خـطـواتـهـا، قـبـل أن تخطوها، تــتــفــهــم خـــريـــطـــة عـــمـــل إدارة تـــرمـــب الــتــي تـصـنـف فـــي اسـتـراتـيـجـيـة أمـنـهـا الـقـومـي منطقة الــشــرق الأوســــط «منطقة شـراكـة» لا الـــتـــزام عـسـكـري طـــويـــل، بـمـا يـشـيـر إلـى أن الــــولايــــات المــتــحــدة تــحــت حــكــم تــرمــب، منفتحة على أن حتى مـن يصنفون أنهم أعــداؤهــا، يمكن أن تكون لهم الفرصة في حــــال أثـــبـــتـــوا قـــدرتـــهـــم عــلــى أن يـصـبـحـوا شــــركــــاء نـــافـــذيـــن لـــهـــا فــــي مــنــطــقــة الـــشـــرق الأوســـــط، وأنــــه لا يهمها مــن يـحـكـم، إنما يهمها الشراكة المُجدية فقط. انتصار مزدوج وتـــتـــجـــه «حــــمــــاس» لاســـتـــغـــال هـــذه الفرصة التي وضعتها الإدارة الأميركية لنفسها، للتواصل مع جهات غير حكومية فـــي سـبـيـل حـــل الــتــعــقــيــدات الـــتـــي تــواجــه سياساتها الخارجية، خاصة في منطقة الشرق الأوسط، بما يحقق لها ولرئيسها دونالد ترمب، انتصارا دبلوماسيا يطمح لــــه الأخــــيــــر لــتــحــقــيــق هــــدفــــه بــالــحــصــول عـلـى جــائــزة «نـــوبـــل» لـلـسـام مــن جـانـب، وبـــمـــا يــشــكــل مــــن جـــانـــب آخـــــر اتـــفـــاقـــا قـد يــكــون غـيـر مـسـبـوق فـيـمـا يـتـعـلـق بـواقـع القضية الفلسطينية ومصير الصراع مع إسرائيل. وعـــلـــى الـــرغـــم مـــن هــــذه الــــرؤيــــة، فــإن هـنـاك فــي «حـــمـــاس» مــن لا يـأمـن الجانب الأمـيـركـي الــذي قـدم فـي العديد مـن المــرات وعودا لم تتحقق بالنسبة للحركة، ومنها عندما أطلقت سـراح الجندي الإسرائيلي الـــذي يحمل الجنسية الأمـيـركـيـة، عـيـدان ألـــكـــســـنـــدر، كـــهـــديـــة لـــتـــرمـــب بـــعـــد لـــقـــاءات مـــبـــاشـــرة بــــن الـــجـــانـــبـــن، وضـــمـــن اتـــفـــاق ضـــمـــنـــي يـــســـمـــح بـــفـــتـــح المـــعـــابـــر وإدخـــــــال المـسـاعـدات للقطاع، فـي وقــت تهربت فيه إســـرائـــيـــل مـــن هــــذا الاتــــفــــاق، كــمــا تـهـربـت مــن اتــفــاق مـمـاثـل بتسليم جـثـة الـضـابـط الإسرائيلي هــدار غـولـدن مقابل حـل أزمـة العناصر المسلحة من «حماس» في أنفاق رفـح، الأمـر الـذي قد يؤشر أيضا إلـى عدم قـــدرة تحقيق الإدارة الأمـيـركـيـة إنـجـازات حـــقـــيـــقـــيـــة فـــــي قـــــطـــــاع غـــــــــزة، حـــــــال بــقــيــت سياستها على حالها دون ضغط حقيقي على إسرائيل. (د.ب.أ) 2025 فبراير 20 مسلحون من «حماس» يحملون تابوتا في أثناء تسليم جثث رهائن إسرائيليين إلى «الصليب الأحمر» بخان يونس غزة: «الشرق الأوسط» حالة العجز الفلسطينية بعد حرب استنزفت كل القدرات ربما تدفع الجميع لقبول شروط واشنطن للعبور إلى المرحلة الثانية سياسة فرض الاستقرار وتقليص تكلفة الانخراط العسكري كيف غيّرت قرارات واشنطن وجه سوريا؟ فـــــي مـــشـــهـــد إقـــلـــيـــمـــي ودولـــــــــي بـــالـــغ الــتــعــقــيــد، تـــتـــداخـــل فــيــه المـــلـــفـــات الأمــنــيــة بــــــالاســــــتــــــراتــــــيــــــجــــــيــــــة، والاقـــــــتـــــــصـــــــاديـــــــة بــــالــــســــيــــاســــيــــة، تـــعـــكـــف إدارة الـــرئـــيـــس الأميركي دونالد ترمب، منذ عودتها إلى البيت الأبيض في يناير (كانون الثاني) ، على إعـــادة رسـم مقاربتها للملف 2025 الـــــســـــوري. فــبــعــد ســــنــــوات مــــن ســيــاســات أمـــيـــركـــيـــة اتـــســـمـــت بــــالــــتــــردد وتــــضــــارب الأجـــنـــدات، لا سيما خـــال حقبتي بـــاراك أوبـــــامـــــا وجــــــو بـــــايـــــدن، تـــتـــجـــه واشـــنـــطـــن الـــيـــوم بـخـطـى ثـابـتـة نـحـو سـيـاسـة أكـثـر مـبـاشـرة و«بـراغـمـاتـيـة»، عنوانها الأبــرز تــحــقــيــق الـــنـــتـــائـــج عـــلـــى الأرض وضــبــط التوازنات الدقيقة، بعيدا عن الاعتبارات الآيديولوجية أو الرهانات الطويلة الأمد. وتـــــأتـــــي هـــــــذه المـــــقـــــاربـــــة المـــســـتـــجـــدة استجابة لمتغيرات جـوهـريـة طـــرأت على الـــســـاحـــة الــــســــوريــــة، يـــتـــصـــدرهـــا ســقــوط النظام السابق، وصعود حكومة جديدة تسعى بـدأب لتثبيت شرعيتها الداخلية وانــــتــــزاع اعــــتــــراف دولــــــي، بـــالـــتـــوازي مع اســـتـــمـــرار المــخــاطــر الــتــي يـمـثـلـهـا تنظيم «داعـــــــــــش»، وتـــــراجـــــع الــــنــــفــــوذ الإيـــــرانـــــي، وتــنــامــي الأدوار الإقـلـيـمـيـة الـفـاعـلـة لكل مــــن الـــســـعـــوديـــة وتـــركـــيـــا وقــــطــــر. وضــمــن هـــذا المـشـهـد، تعيد واشـنـطـن تموضعها بـمـا ينسجم مــع «عـقـيـدة تــرمــب» للشرق الأوســــط، القائمة على فــرض الاسـتـقـرار، وتـــقـــلـــيـــص كـــلـــفـــة الانــــــخــــــراط الـــعـــســـكـــري المـــبـــاشـــر، وفـــتـــح الأبــــــــواب أمــــــام مــشــاريــع التنمية والاستثمار. المصالح قبل الآيديولوجيا فــــــي قــــــــــــراءة لـــــهـــــذا الــــــتــــــحــــــول، يــــرى فــــراس فـــحـــام، الــبــاحــث فـــي «مـــركـــز أبــعــاد لـــلـــدراســـات»، أن سـيـاسـة الــرئــيــس تـرمـب تـــجـــاه ســــوريــــا يــمــكــن تــوصــيــفــهــا بــأنــهــا «ســـيـــاســـة بـــراغـــمـــاتـــيـــة بـــامـــتـــيـــاز»، تــركــز فـــــي جــــوهــــرهــــا عـــلـــى المــــصــــالــــح الـــدولـــيـــة والاقـــــتـــــصـــــاديـــــة، مــــتــــجــــاوزة الـــخـــلـــفـــيـــات الـــفـــكـــريـــة أو الآيــــديــــولــــوجــــيــــة لــلــحــكــومــة الـسـوريـة الـجـديـدة. ويشير فـحـام إلــى أن نقطة الارتـكـاز فـي التقاطع المستجد بين واشنطن ودمشق تتمثل في «منع عودة النفوذ الإيـرانـي إلـى سـوريـا»، وهـو هدف يـــحـــتـــل الـــــصـــــدارة فــــي حـــســـابـــات الإدارة الأميركية الحالية. ويضيف الباحث أن هـذه المقاربة لا يمكن فصلها عـن مـواقـف الـــدول العربية الـحـلـيـفـة لــلــولايــات المــتــحــدة، الــتــي أبـــدت دعما صريحا للحكومة السورية الجديدة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية، تـلـيـهـا تــركــيــا وقـــطـــر، لافــتــا إلــــى أن إدارة ترمب أبـدت «استعدادا للاستجابة لهذه المواقف» بعدّها ركيزة أساسية في عملية إعادة بناء منظومة التحالفات الإقليمية. ولــــــــدى عــــقــــد مــــقــــارنــــة مـــــع الإدارات الـــســـابـــقـــة، يــــعــــد فــــحــــام أن نـــهـــج أوبــــامــــا وبايدن كان أقرب إلى «إطلاق يد إيران في المنطقة»، ودعــم نفوذ الأقـلـيـات، لا سيما مـــن خــــال الــتــحــالــف الـــوثـــيـــق مـــع «قــــوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، ما أسهم في تعقيد المشهد وإضعاف فرص قيام دولة مـــركـــزيـــة قــــــادرة عــلــى ضــبــط الأمـــــن ومـنـع عودة التنظيمات المتطرفة. من الرياض إلى واشنطن: محطات التحول يرصد فحام المحطات المفصلية في مسار سياسة ترمب الجديدة، مشيرا إلى أن نقطة البداية كانت فـي الـلـقـاءات التي شـهـدتـهـا الـــريـــاض فــي يـونـيـو (حـــزيـــران) المـــاضـــي، حـــن أعــلــن الــرئــيــس الأمــيــركــي، بـطـلـب مــن ولـــي الـعـهـد الــســعــودي الأمـيـر مــحــمــد بـــن ســـلـــمـــان، رفــــع الـــعـــقـــوبـــات عن سـوريـا، فـي خـطـوة قُــرئـت بوصفها «أول رســـــالـــــة إيـــجـــابـــيـــة مـــــن واشــــنــــطــــن تـــجـــاه دمــشــق». وقـــد تـبـع ذلـــك لـقـاء ثـاثـي جمع تـرمـب بـولـي الـعـهـد الـسـعـودي والـرئـيـس الـــســـوري أحـــمـــد الـــشـــرع، تـخـلـلـتـه إشــــادة لافــــتــــة مــــن الـــرئـــيـــس الأمــــيــــركــــي بــنــظــيــره الــــــســــــوري، عـــكـــســـت رغــــبــــة واشــــنــــطــــن فـي الانفتاح السياسي. غـيـر أن المـحـطـة الأهــــم، وفـقـا لفحام، تمثلت فــي «قــمــة واشــنــطــن» الــتــي عقدت فـــي نــوفــمــبــر (تـــشـــريـــن الـــثـــانـــي) المـــاضـــي، حيث استقبل تـرمـب الـرئـيـس الـشـرع في البيت الأبــيــض، فـي لـقـاء وصـفـه الباحث بأنه «نقطة تحول مفصلية». فعقب هذا الـــلـــقـــاء، بـــــدأت الإدارة الأمـــيـــركـــيـــة حــراكــا فعليا للضغط عـلـى الـكـونـغـرس لإبـطـال قانون «قيصر»، بالتزامن مع الإعلان عن ضـــم ســـوريـــا إلــــى الــتــحــالــف الـــدولـــي ضد «داعـــــش»، مــا نـقـل الـعـاقـة بــن الجانبين من التنسيق المحدود إلى ما يشبه «علاقة التحالف». «قسد» ومستقبل شرق الفرات وحـــــــــــــــول مــــــلــــــف «قــــــــــــــــــوات ســــــوريــــــا الــديــمــقــراطــيــة»، يـــوضـــح فـــحـــام أن إدارة تـرمـب تتعاطى مــع هـــذا المـلـف مــن زاويـــة عــمــلــيــة بـــحـــتـــة، تــــــــوازن بــــن مــصــالــحــهــا مــع الـحـكـومـة الــســوريــة الــجــديــدة - وهـو مـــا انــعــكــس فـــي تـــراجـــع الـــدعـــم لـــ«قــســد» مقارنة بعهد بايدن - ومصالح الحليف الــــتــــركــــي. وبــــاتــــت واشـــنـــطـــن تـــنـــظـــر إلـــى دمشق بوصفها «الطرف الأكثر فاعلية» في الحرب على تنظيم «داعش». وتستند هــذه الـرؤيـة إلــى توصيات مـراكـز أبحاث أمـــيـــركـــيـــة أكــــــدت أن الاعــــتــــمــــاد الأحــــــادي الـسـابـق عـلـى المــكــون الـــكـــردي، ومـــا رافـقـه مـــن مـــمـــارســـات فـــي شــــرق ســـوريـــا، خلقا «حالة من المظلومية» استثمرها التنظيم المـتـطـرف فــي الـتـجـنـيـد. وعـلـيـه، اقتنعت الإدارة بـــــأن الــــتــــعــــاون مــــع دمـــشـــق أكــثــر جــــدوى، مــع الـسـعـي لـدمـج «قــســد» ضمن الدولة السورية وترتيب وضعها أمنياً، لا التخلي عنها في المطلق. وفي سياق متصل، وحول التوغلات الإســــرائــــيــــلــــيــــة جــــنــــوب ســــــوريــــــا، يـــؤكـــد فــحــام أن واشــنــطــن تـنـظـر «بـــعـــدم رضـــا» لــســيــاســات رئــيــس الـــــــوزراء الإســرائــيــلــي بـنـيـامـن نـتـنـيـاهـو، عـــــادّة أنـــهـــا تـقـوض الاستقرار الإقليمي وتعارض رؤية ترمب للتنمية. كما تتخوف الولايات المتحدة من أن إضعاف الحكومة السورية قد يفتح الباب مــجــددا لــعــودة الـنـفـوذ الإيـــرانـــي ونـشـاط «داعـــــــــــش». أمــــــا فـــيـــمـــا يـــخـــص مــحــافــظــة السويداء، فيشير فحام إلى تبني الإدارة الأمـيـركـيـة ضــــرورة إدمــــاج المـحـافـظـة في الدولة، مستشهدا بتصريحات للمبعوث الأميركي توم برّاك، الذي عد «اللامركزية فـشـلـت فـــي الـــشـــرق الأوســــــط»، مـــا يعكس توجها لدعم سوريا موحدة. المؤسسة العسكرية: قراءة موازية مــن زاويــــة أخــــرى، يــقــدم الـبـاحـث في الجماعات المسلحة، رائــد الحامد، قـراءة مكملة للموقف الأميركي، مشيرا إلى أنه عـلـى الـــرغـــم مـــن تــوجــه تــرمــب فـــي ولايـتـه الأولــــــى لــســحــب الــــقــــوات وفــــض الــشــراكــة مـــع «قـــســـد»، فــــإن تـــحـــذيـــرات كــبــار الــقــادة العسكريين من عودة «داعش» بعد معارك ) دفـعـتـه 2019 » الـــبـــاغـــوز (مـــــــارس «آذار جــنــدي. ويــذكّــر 2000 لـإبـقـاء عـلـى نـحـو الــحــامــد بــــأن الـــشـــراكـــة مـــع «قـــســـد» تـعـود ، حـــيـــث اعــتــمــدت 2015 لمــــعــــارك كـــوبـــانـــي عليها واشنطن بوصفها قوة برية. لكن الحامد يلفت إلـى أن «السياسة الــــجــــديــــدة» لمــــا بـــعـــد ســـقـــوط نـــظـــام بــشــار الأســــد، وبـعـد انـضـمـام ســوريــا للتحالف الـــدولـــي، بـاتـت تـقـوم عـلـى عـــدم الاعــتــراف بـــأي كـيـان مستقل شـــرق الـــفـــرات، ورفــض الـــصـــيـــغ الــــفــــيــــدرالــــيــــة المـــشـــابـــهـــة لإقــلــيــم كردستان العراق. ويختم الحامد بأن هذه السياسة الجديدة «لا تتضمن ضمانات أمـــيـــركـــيـــة حــقــيــقــيــة لـــقـــســـد فــــي مـــواجـــهـــة تركيا»، وتتقاطع مع ضغوط لدمجها في المؤسستين العسكرية والأمنية السورية وفق رؤية الحكومة السورية التي ترفض أي وجود مسلح خارج إطار الدولة، وهو مــا تـرفـضـه «قــســد» حـتـى الآن مــع اقـتـراب نــهــايــة الــســقــف الــزمــنــي لـتـنـفـيـذ اتـفـاقـيـة مـارس مع الحكومة في دمشق المقرر لها نهاية هذا العام، وفق الحامد. وعــلــى مــا يــبــدو فـــإن المـشـهـد الــســوري قد دخل مرحلة مفصلية تتجاوز معادلات الـصـراع التقليدية، لتؤسس لـواقـع جديد تحكمه لغة المـصـالـح والـتـرتـيـبـات الأمنية المتبادلة. وإذ تـراهـن واشنطن وحلفاؤها الإقليميون، وتحديدا الرياض وأنقرة، على قدرة القيادة الجديدة في دمشق على فرض الاستقرار وإنهاء حقبة الفوضى، فإن نجاح هـــذا المــســار يـبـقـى، وفــقــا لـلـمـراقـبـن، رهنا بـاخـتـبـارات المــيــدان خـــال الأشــهــر المقبلة. وستكون قدرة «الجمهورية الجديدة» على المـوازنـة بين متطلبات المصالحة الداخلية واشـــتـــراطـــات الـتـحـالـفـات الــخــارجــيــة، هي المعيار الحاسم لتحديد مـا إذا كانت هذه الانعطافة تمثل بالفعل الفصل الأول الذي سيضع حدا لسنوات من التردد الأميركي في المنطقة. * صحافي وباحث سوري *سلطان الكنج نوفمبر الماضي (أ.ف.ب) 10 ترمب والشرع في البيت الأبيض

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky