issue17193

الثقافة CULTURE 18 Issue 17193 - العدد Wednesday - 2025/12/24 األربعاء قصيدة تأمل في الحياة والموت والوجود والعدم هل كان أبو العالء المعري متشائما حقاً؟ ِغَــــيْــــر مُــــجْــــد فِــــي مِـــلَّـــتِـــي وَاعْــــتِــــقَــــادِي نَــــــــــــــــوْح بَــــــــــــــاك وَل تَــــــــــرَنُّــــــــــم شَـــــــــاد ِوَشَـــــبِـــــيـــــه صَــــــــــوْت الـــــنَّـــــعِـــــي إِذَا قِـــيــــ ـــــس بِــــصَــــوْت الْـــبَـــشِـــيـــر فِــــي كُـــــل نَــــاد ِأَبَـــــــكَـــــــت تِـــــلْـــــكُـــــم الْـــــحَـــــمَـــــامَـــــة أَم غَـــنَّــــ ـــــــت عَـــــلَـــــى فَــــــــــرْع غُــــصْــــنِــــهَــــا الَْــــــيَّــــــاد صَــــــاح هَــــــذِي قُــــبُــــورُنَــــا تَــــمْــــأ الـــرُّحْــــ ْـــــب فَــــأَيْــــن الْــــقُــــبُــــور مِـــــن عَــــهْــــد عَـــــادِ؟ ِخَـــــفِّـــــف الْـــــــــــــوَطْء مَـــــا أَظُـــــــــن أَدِيــــــــــم ال أَرْض إِل مِــــــــن هَـــــــــــذِه الَْجْــــــــسَــــــــاد )...( ِفَـــــاسْـــــأَل الْــــفَــــرْقَــــدَيْــــن عَــــمَّــــن أَحَـــسَّـــا مِــــــــــن قَـــــبِـــــيـــــل وَآنَـــــــــسَـــــــــا مِــــــــــن بِــــــــــاَد ِكَـــــــــم أَقَـــــــــامَـــــــــا عَــــــلَــــــى زَوَال نَــــــهَــــــار وَأَنَـــــــــــــــــــــــــــارَا لُِـــــــــــــدْلِـــــــــــــج فِــــــــــي سَـــــــــــــــوَاد ِتَــــــعَــــــب كُـــــلُّـــــهَـــــا الْــــــحَــــــيَــــــاة فَـــــمَـــــا أَعْــــــــــــ جَــــــب إِل مِــــــن رَاغِــــــــــب فِـــــي ازْدِيَـــــــــــاد ِإِن حُـــزْنـــا فِـــي سَـــاعَـــة الَْـــــــوْت أَضْـــعَـــا ف سُـــــــــــــرُور فِـــــــي سَـــــــاعَـــــــة الِْـــــــيـــــــاَد )...( ِضَـــجْـــعَـــة الَْـــــــوْت رَقْـــــــدَة يَـــسْـــتَـــرِيـــح الْـــــ جِــسْــم فِــيـهَــا وَالْـــعَـــيْـــش مِــثْــل الـسُّــهَــاد أبـــيـــات أبــــو الـــعـــاء املـــعـــري الــذائــعــة هــــذه واملــــأخــــوذة مـــن قـصـيـدتـه فـــي رثـــاء قــاض فقيه يُــقـال لـه أبـو حمزة التنوخي كـــانـــت بـيـنـهـمـا صـــداقـــة أو قـــرابـــة - هــذه األبـيـات التي نشأنا نـرددهـا في سذاجة مــن أيـــام املــدرســة والــتــي كـثـيـرًا مــا تتخذ عنوانًا على تشاؤم املعري الشهير – هذه األبـيـات ال أرى فيها تشاؤمًا، وال يأسًا، وال قـعـودًا عـن مجهود الـحـيـاة، فقائلها عـــــاش حـــيـــاة مــــديــــدة جـــــــاوزت الــثــمــانــن م)، وأنـــجـــز فـــي األدب 1057-973( عـــامـــ والـــشـــعـــر مـــا نـتـغـنـى بـــه ونــســتــلــهــم منه الــفــن والـحـكـمـة بـعـد قـــرابـــة عــشــرة قـــرون مضت على زمنه. فعل هذا في عصر بالغ االضطراب سياسيًا واجتماعيًا ومذهبيًا وعــنــصــريــ ، ســــادت فـيـه الـــصـــراعـــات بي الــقــوى املـتـصـارعـة عـلـى السلطة فــي ظل ضعف الخلفة العباسية وزوال السلطة املركزية لبغداد. فعل هذا كله وهو ضرير منذ طفولته، مضطر للستعانة بغيره فـــي شــــؤون الــعــيــش. عـــاش حــيــاة رفيعة مــتــنــزهــة زاهــــــدة مــعــتــزلــة لــلــنــاس لكنها حافلة باملعرفة والحكمة والحب واإلنتاج والفيض على املريدين والصحاب. عاش حياته بشروطه. وليس في شيء من هذا كله تشاؤم وال يأس وال تخاذل عن عناء الحياة مما تفرضه فرضًا على األحياء أو مما اختاره هو في حياته الزاهدة من شظف إضافي، كما فعل في شعره أيضًا حــن ألـــزم نفسه بـمـا ال تـلـزمـه بــه قـواعـد الشعر. كـتـب املــعــري مـرثـيـتـه هـــذه وهـــو في الــعــشــريــنــات مـــن عـــمـــره، والـحـقـيـقـة أنــي أتــــــردد فـــي نـعـتـهـا بــاملــرثــيــة، وإنـــمـــا هي قصيدة تأمل في الحياة واملوت والوجود والــعــدم، قصيدة فلسفة ومـوقـف فكري، ولم يكن رثـاء الصديق إال املناسبة التي فجّرت في الشاعر مشاعر وأفكارًا كانت تـخـتـمـر وتــســعــى إلــــى صــيــاغــة شـعـريـة. بيتًا تُفتح 64 فالقصيدة الـتـي تـقـع فــي بالتأملت الشهيرة أعــاه وال يــرد فيها ذكر ملوضوع الرثاء، القاضي أبو حمزة، حتى نصل إلى البيت الثالث والعشرين، وينحصر الـحـزن املباشر على الصديق الــراحــل وتــعــداد مناقبه فـي نـحـو نصف القصيدة، مسبوقًا ومتبوعًا بالتأملت الفلسفية. ما أراه في هذه القصيدة الشهيرة الـــتـــي ظـــهـــرت فـــي ديــــــوان املـــعـــري األول «ســقــط الـــزنـــد» وفـــي غــيــرهــا مـــن شـعـره إنما هو موقف وجـودي. موقف توصل إلــيــه الــشــاعــر فـــي صـــدر شــبــابــه. ليست هـــــذه الـــقـــصـــيـــدة املـــبـــكـــرة نـــتـــاج اعـــتـــراك طويل للحياة، وال هي حكمة شيخ في نهاية العمر، وإنما هي موقف وجودي. موقف واع باألبعاد العبثية في الحياة، والتي يجللها العبث األكبر الذي اسمه املـوت. فالحياة تنتهي بنقيضها، ومن هنا تساويها مع املوت. ومن هنا أيضًا تــــســــاوي كــــل الـــنـــقـــائـــض الـــتـــي تــعــددهــا تــلــك األبــــيــــات: الـــنـــوح والـــتـــرنـــم، الـنـعـي والــــبــــشــــارة... إلـــــخ. فــالــبــاكــي واملـــتـــرنـــم، والــــنــــاعــــي واملــــبــــشــــر، والـــحـــمـــامـــة شـــدت أو بـــكـــت، وكــــل مـــوجـــب وســـالـــب صــائــر إلــــى املــــوت الــــذي يـنـفـي مـــا بـيـنـهـمـا من اخـــتـــاف ويــــؤالــــف تــنــاقــضــهــمــا. بـــل إن املعري في انفساح نظرته الوجودية ال يقصر تأمله على حـيـاة البشر وسائر املــخــلــوقــات عـلـى األرض، بـــل إنـــه يعلن أن املـــــوت أو الـــفـــنـــاء مــصــيــر كـــل وجـــود فـي الــكــون، ســـواء كــان وجـــودًا واعـيـ أو غير واعٍ، فكوكب «زحـل من لقاء الـردى عـلـى مــيــعــاد»، واملـــريـــخ «سـتـنـطـفـأ نــاره وإن عـلـت فـي اتــقــاد»، والـثـريَّــا ستموت نجومها تباعًا ويفترق شملها، تمامًا كما يفرّق املوت شمل األسر والجماعات من بني اإلنسان. يــــدرك املـــعـــري أن الــفــنــاء مـصـيـر كل موجود من أصغر مخلوقات األرض شأنًا إلـى الكواكب والنجوم في عمق الفضاء اللمتناهي. «كل بيت للهدم» سواء كان عش حمامة أو قصرًا منيفًا «لسيد رفيع الــعــمــاد». مــن هـنـا الـتـعـادلـيـة فــي موقف املـــعـــري. أي فـــرق هــنــاك؟ كــل جـهـد عظيم أو حــقــيــر، كـــل حـــيـــاة بـهـيـجـة أو بـائـسـة هــي «تــعــب غـيـر نـــافـــع». هــي «اجــتــهــاد ال يؤدي إلى غناء». لكننا مع ذلك نعيشها. نعيشها كما عاشها. الفارق أنه عاشها مدركًا كنهَها، سابرًا غورها، ولم يعشها مــنــكــبّــ عــلــيــهــا، مـــخـــدوعـــ بـــهـــا. عـاشـهـا بشروطه بقدر ما تسمح الحياة أن تُملى عليها الـشـروط: «اللبيب من ليس يغتر بــــكــــون مـــصـــيـــره لـــلـــفـــســـاد». هـــــذا مــوقــف فلسفي وجودي بطولي ألن حياة الشاعر جـــاءت ترجمة «مللته واعــتــقــاده». أو أنه على عكس الكثيرين عاش اعتقاده، ولم يعان من تلك الفجوة الشهيرة بي القول والفعل، بي املعتقد واملمارسة. هــــذا املــتــشــائــم املــــزعــــوم هـــو الــقــائــل «ولـــو أنــي حُبيت الخلد فـــردًا ملـا أحببت بـالـخـلـد انــــفــــرادا / فـــا هــطــلــت عـــلـــي وال بـأرضـي سـحـائـب ليس تنتظم الــبــادا»، وفـــي مـوضـع آخـــر: «والـــنـــاس لـلـنـاس من بـــدو وحـــاضـــرة، بــعــض لــبــعــضٍ، وإن لم يـشـعـروا، خـــدم». ال تـشـاؤم وال عـزلـة وال اجتواء للخلق في مثل هذه الفلسفة، بل فـكـر اجـتـمـاعـي تكافلي تضامني ملتزم إلى حد رفض كل نعيم، دائمه وزائله، إن لم يعم خيره على الناس قاطبة. فجهد الـــحـــيـــاة عـــنـــده جـــهـــد مـــشـــتَـــرك يـتـعـاضـد الـــنـــاس فــيــه مـــن أجــــل الـــبـــقـــاء، عـــن قصد وإدراك أو بغير قصد وإدراك. لـهـذا كله نجد املعري مثاال باهظًا، فنريح أنفسنا بــنــبــذه بـــاعـــتـــبـــاره «مــتــشــائــمــ » ال يــقــدّر مـــســـرّات الــحــيــاة ومــتــعــهــا، أو بـالـعـبـارة العامية «نِــكـدي»، أجـدر بنا أن نبعد عن أفـكـاره «الــســوداويــة» ولننشغل بالترنم والــــشــــدو وحـــمـــل الــــبــــشــــارات. فلننشغل سادرين حتى املوت. تمثال أبي العالء المعري وهو من إنجاز النحات السوري عاصم الباشا رشيد العناني شخصاً 14 في صراع مع الزمن صــــــــــــــــــــــــدر عــــــن «دار املـــــــرايـــــــا» فــي الـــــــقـــــــاهـــــــرة روايـــــــــــة «ألـــــعـــــاب وحـــشـــيـــة» لــــلــــروائــــي املـــصـــري ماجد وهيب، وهي الــــكــــتــــاب الــــســــادس لــــــــه بــــــــن الــــــــروايــــــــة والـقـصـة القصيرة. 512 تقع الرواية في صــفــحــة مـــن الـقـطـع املـتـوسـط، وتتكون مـــــــن أربـــــــعـــــــة عـــشـــر فـــــصـــــاً، يـــمـــثـــل كــل فــصــل مـنـهـا جــيــاً، مـــــــن قـــــصـــــة عـــائـــلـــة مصرية من الجد الرابع عشر، حتى االبن في الحاضر، مبتعدة عن تقديم أي خلفية تاريخية ألحداثها، وتكتفي فقط بإشارات عابرة إلى تطور نمط الحياة من جيل إلى آخر. مــع الـنـهـايـة، نـاحـظ أن ثـمـة وجــــودًا لـفـكـرة الــعــود األبـــدي ودوران الـــزمـــن فـــي حــركــة دائــــريــــة، عــاكــســة تــأثــيــر املـــاضـــي في الحاضر واملستقبل، وكيف يؤثر كل فعل في مصير اآلخرين، شخصية هــم جميعهم 14 وهــكــذا ال يـوجــد بـطـل لــلــروايــة، فـــالــــ أبـطـال، وكــل واحــد منهم بطل حكايته، فأسماء الفصول كلها مـعـنـونـة بـأسـمـاء شـخـصـيـات، وهــكــذا يــكــون الــزمــن هــو البطل األول، وهو الذي يمارس ألعابه الوحشية في املقام األول، غير أن كل شخصية لها حكايتها التي ال تأتي منفصلة عن املاضي، وال ينقطع تأثيرها فـي املستقبل، وتعيش هـي أيضًا ألعابها الخاصة، عبر أحلمها وانكساراتها والصراع الذي تدخل فيه. وفـي ظـل ذلـك تلعب الـروايـة على وتـر البحث عـن الهوية، من خـال علقات حب يبدو فيها وكأنه مغامرة كبيرة وليس مجرد شعور، مغامرة ترسم املصائر وتعيد تشكيل العلقات، وثمة أحـام، وهزائم وانتصارات، يتغير معها املكان والزمان، وبطبيعة الحال يلعب املوت دورًا كبيرًا في األحداث، وكثيرًا ما يأتي بداية وليس نهاية. القاهرة: «الشرق األوسط» صُنع بعضها من الحجر وبعضها اآلخر من الفخار مجامر أثرية من البحرين يـــحـــتـــفـــظ مــــتــــحــــف الــــبــــحــــريــــن الــــوطــــنــــي بمجموعة من املجامر عُثر عليها خلل حملت التنقيب املتواصلة في عدد من املدافن األثرية، منها مـا صُنع مـن املـــادة الحجرية، ومنها ما صُــنـع مـن طينة الـفـخـار. تنتمي هــذه املجامر إلـــى مــراحــل متعاقبة زمـنـيـ، فمنها مــا يعود إلى الحقبة التي شكّلت فيها البحرين حاضرة من حواضر إقليم تجاري وسيط عُــرف باسم دملون في املصادر السومرية، ومنها ما يعود إلــــى حـقـبـة الحــقــة عُـــرفـــت فـيـهـا هــــذه الــجــزيــرة باسم تايلوس في املصادر اليونانية. من جهة أخـــرى، تعكس هــذه القطع تـعـدّديـة كبيرة في الطرز الفنية املعتمدة، وتظهر هـذه التعدّدية بــشــكــل جـــلـــي فـــي اخـــتـــاف الــبــنــى الـتـكـويـنـيـة الخاصة بها، كما في اختلف الحلل التي تزيّن هذه البنى. يتمثّل ميراث دملــون بمجمرة من الفخار تتميّز ببنيتها التكوينية املختزلة، مصدرها مـدافـن عـالـي الـتـي تشكّل جـــزءًا مـن تــال تمتد كيلومترًا في الجزء الغربي من 20 على مـدى جـــزيـــرة الــبــحــريــن. يُـــعـــرف هـــذا املـــوقـــع رسميًا باسم «تـال مدافن دملــون»، وبهذا االسـم أُدرج في قائمة التراث العاملي ملنظمة األمم املتحدة للتربية والـعـلـوم والـثـقـافـة (الـيـونـيـسـكـو) في . عُـــثـــر عــلــى هــــذه املــجــمــرة خــال 2019 صــيــف 1988 حــمــلــة تــنــقــيــب مــحــلّــيــة جـــــرت بــــن عـــــام ، وهــــي مـــن الــحــجــم الــصــغــيــر؛ إذ 1989 وعـــــام 11 سنتيمترًا، وعرضها 20 يبلغ طولها نحو سنتيمترًا، وهــي على شكل عـمـود أسطواني يعلوه وعــاء عريض خصّص الحـتـواء الجمر الخاص بإحراق البخور أو الطيوب وما شابه. تـــعـــود هــــذه الــقــطــعــة الـــفـــخـــاريـــة عــلــى األرجــــح إلـى القرني األخيرين من األلفية الثانية قبل املسيح، والقطع التي تشبهها نادرة للغاية في ميراث دملـون األثـري، ممّا يوحي بأّنها دخلت إلـى البحرين مـن الـخـارج، وليست مـن النتاج املحلّي، ويرجّح أهل االختصاص أن وظيفتها تــرتــبــط بــالــطــقــوس الــجــنــائــزيــة املــعــتــمــدة في الدفن. دخـــلـــت هـــــذه املـــجـــمـــرة مــتــحــف الــبــحــريــن الـوطـنـي بـاملـنـامـة، ودخــلــت مــن قبلها مجمرة مغايرة تمامًا في التكوين، عُثر عليها كما يبدو فــي مطلع سبعينات الــقــرن املــاضــي. تختلف املـصـادر فـي تحديد مـوقـع هــذا االكـتـشـاف؛ إذ ينسبه البعض إلــى قلعة البحرين الـتـي تقع على الساحل الشمالي، وينسبه البعض اآلخر إلــــى مــقــبــرة تُـــعـــرف بــاســم الــحــجــر، نـسـبـة إلــى الــقــريــة الــتــي تـــجـــاورهـــا، وتـــشـــرف عـلـى شـــارع الـبـديـع فــي املـحـافـظـة الـشـمـالـيـة. صيغت هـذه املجمرة على شكل مكعّب صغير مـن الحجر، سنتيمترات، 6 سنتيمترات وعـرضـه 7 طوله وكـــل مــن واجـهـاتـهـا األربــــع مـزيـنـة بشبكة من النقوش زخرفية، قوامها نجم ذو أربعة أطراف مقوّسة، تحيط به خانات عدة، وُشح كل منها بسلسلة من العواميد، تعلوها خطوط أفقية متجانسة. تتبع هذه املجمرة الحجرية تقليدًا راسخًا نشأ وشاع في جنوب الجزيرة العربية خــال الــقــرون األخــيــرة مـن األلـفـيـة األولـــى قبل املـسـيـح، وشــواهــد هـــذا التقليد عــديــدة، منها عــدد كبير دخــل املـتـاحـف العاملية الـكـبـرى في الغرب. بلغ هذا الطراز الجنوبي شرق الجزيرة العربية، كما بلغ شـرق أقاليم البحر األبيض املـــتـــوسّـــط وبــــــاد مــــا بــــن الـــنـــهـــريـــن. وتـشـهـد مـجـمـرة الـبـحـريـن عـلـى ظـهـور هـــذا الــطــراز في وسط ساحل الخليج العربي. يــحــوي مـتـحـف الــبــحــريــن الــوطــنــي كـذلـك مجمرتي مـن الفخار تمثّلن نـتـاج مـا يُعرف اليوم بحقبة تايلوس، وهما من نتاج املرحلة املمتدة من القرن األول قبل املسيح إلـى القرن األول للمسيح. تعود إحــدى هاتي القطعتي إلـــى مـقـبـرة حـمـد الـتـي تـشـكّــل جـــزءًا مــن «تــال مـــدافـــن دملـــــــون»، وتـــعـــود األخــــــرى إلــــى مـقـبـرة الــــشــــاخــــورة الــــتــــي تـــحـــمـــل اســــــم الـــقـــريـــة الــتــي متر جنوب 700 تجاورها، وتقع على بعد نحو شارع البديع. سنتيمترًا، 20 يبلغ طول مجمرة تل حمد سنتيمترات، وهي على شكل عمود 8 وعرضها ذي أربع قوائم، يعلوه وعاء املجمرة العريض. يـتـكـون هـــذا الــعــمــود مـــن ســـت حـلـقـات دائــريــة ناتئة ومتراصة، تزيّنها حلية لونية متقشفة مطلية باللون األحمر القاني، قوامها بضعة خــطــوط أفـقـيـة تـسـتـقـر بـيـنـهـا بـضـعـة خـطـوط عــمــوديــة. تـكـلّــل وعــــاء املــجــمــرة هـــذه الحلقات الدائرية املتراصة، وتزيّنه شبكة مشابهة من الخطوط املطلية. في املقابل، يبلغ طول مجمرة الشاخورة سنتيمترًا، 11 سنتيمترًا، وعرضها 19 نحو وهـــــي عـــلـــى شـــكـــل جـــــرة تـــســـتـــقـــر فـــــوق قـــاعـــدة أسطوانية. ترتفع هذه القاعدة فوق أربع قوائم عـريـضـة، ويـعـلـوهـا عــمــود أســطــوانــي قصير، يفصل بينها وبي الحرة التي تعلوها. تشكّل هذه الجرة وعـاء للمجمرة يتميّز بضخامته، والــــطــــرف األعـــلـــى لـــهـــذا الــــوعــــاء نـــاتـــئ وبـــــارز، وبعض من تكوينه تساقط لألسف. تـــمـــثّـــل هـــــذه املـــجـــامـــر األربــــــــع نـــتـــاجـــ مـن الــــبــــحــــريــــن يــــبــــدو مــــــحــــــدودًا مــــقــــارنــــة بـــنـــتـــاج مناطق أخـرى من جزيرة العرب خرجت منها مــجــمــوعــات كــبــيــرة مـــن املـــجـــامـــر. يــشــهــد هــذا الـنـتـاج املــحــدود مـن جهة لـتـعـدّديـة كبيرة في األســـالـــيـــب املــتــبــعــة فــــي الـــصـــنـــاعـــة والــــصــــوغ، وتعكس هذه التعددية من جهة أخـرى املكانة الوسيطة التي تميّز بها نتاج البحرين األثري على مدى العصور. محمود الزيباوي مجامر محفوظة في متحف البحرين الوطني بالمنامة 4 يحتوي متحف البحرين الوطني كذلك على مجمرتين من الفخار تمثّالن نتاج ما يُعرف اليوم بحقبة تايلوس عاش حياة رفيعة متنزهة زاهدة معتزلة للناس لكنها حافلة بالمعرفة والحكمة والحب واإلنتاج... عاش حياته بشروطه

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==