issue17192

الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائب رئيس التحرير Managing Editors Editorial Consultant in KSA Aidroos Abdulaziz Camille Tawil Saud Al Rayes Deputy Editor-in-Chief مديرا التحرير مستشار التحرير في السعودية محمد هاني Mohamed Hani الأمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز عيدروس عبد العزيز كميل الطويل سعود الريس 1987 أسسها سنة 1978 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير غسان شربل Editor-in-Chief Ghassan Charbel OPINION الرأي 13 Issue 17192 - العدد Tuesday - 2025/12/23 الثلاثاء من اليمن إلى السودان... لا للتقسيم الــيــمــن والـــــســـــودان دولــــتــــان عــربــيــتــان تـعـيـشـان فـــي مــحــنــة وأزمــــــة مــنــذ أكـــثـــر مـــن عـــقـــد، وبـــالـــرغـــم من خـصـوصـيـة كــل حـالـة مــن حـيـث الـتـفـاصـيـل، فـــإن ثمة جـــامـــعـــا بــيــنــهــمــا يــمــكــن وصـــفـــه بــمــعــضــلــة اســـتـــمـــرار وبــقــاء الـــوحـــدة الـجـغـرافـيـة لــلــدولــة وحــــدود الـسـيـادة عـلـيـهـا وفــعــالــيــة مــؤســســاتــهــا. أصــــل المـعـضـلـة يـعـود إلـــى المــشــروعــات والمــغــامــرات الـسـيـاسـيـة والعسكرية التي تدفع إلى إعـادة تركيب تلك الوحدة الجغرافية، لـتـصـبـح وحــــــدات أصـــغـــر، لــكــل مــنــهــا نــخــبــة طـامـحـة فـي الـحـكـم، ولـديـهـا اتـجـاهـات لا عـاقـة لها بمصالح الـــشـــعـــب، ولـــكـــن بـمـصـالـحـهـا الـــخـــاصـــة جـــــداً، وربــمــا مصالح قوى خارجية وراءها تدفع نحو هذا التقسيم والـتـقـزيـم، دون إدراك لـخـطـورة هـــذه الـتـحـركـات. من المهم في هذه الحالة أن ترتفع الأصوات عالية بالقول لا للتقسيم أو الانـفـصـال، وإن كــان البعض يــرى تلك المـشـروعـات تخص دولــة أخـــرى، قـد تكون بعيدة عنه جغرافياً، فهي في المقام الأول تقدم نموذجا لن يقتصر على هذه الحالة أو تلك، بل سيحفِّز آخرين على الفعل ذاتــــه فـــي دول أخـــــرى، مـمـا يـضـع دولـــنـــا الـعـربـيـة في مواجهة مجهول كبير، الجميع في غنى عنه. حالتا اليمن والــســودان تـواجـهـان تلك المعضلة بفعل بعض أبنائها، الذين يمكن وصفهم بالمغامرين الذين أخطأوا في التقدير حين سعوا لتفجير الوطن الــجــامــع، سـيـاسـيـا وعـسـكـريـا بــمــبــررات لا عـاقـة بها بمستقبل البلاد وسيادته وحقوق شعبه، بل بمصالح جــزئــيــة وشـخـصـيـة فـــي المـــقـــام الأول. والــــرهــــان يـــدور حــول دفعهم للتراجع عـن تلك الـحـسـابـات الخاطئة، والتخلص مـن أوهـــام السيطرة على جــزء مـن الوطن وتقزيمه، وإدخال الجميع في دوامة قد تستمر عقودا طـويـلـة. هـــذه مـهـمـة صـعـبـة، ولــكــن لا بــديــل عـنـهـا من قـبـل المـخـلـصـن المـؤمـنـن بـحـقـوق الــوطــن فــي الـعـدالـة والتنمية والـكـرامـة. فـي الآن ذاتـــه علينا ألا نتجاهل أن هـــنـــاك وطــنــيــن شـــرفـــاء يـــواجـــهـــون تــلــك المـعـضـلـة متمسكين بــوحــدة بــادهــم وعـــدم الـتـفـريـط فـيـهـا، مع تمسكهم بمعالجة الأزمـة بسبل سياسية تنتج حالة تـمـاسـك مجتمعي ومـؤسـسـي ينهي الــجــدل حـــول ما سبق، ويفتح أفاقا لما هو مقبل من الأيام. هذه الحالة المقلقة والخطرة في اليمن والسودان، بـكـل مـابـسـاتـهـا وإشـكـالـيـاتـهـا الـسـيـاسـيـة والأمـنـيـة والإنـسـانـيـة لـم تعد تخص أهــل تلك الـبـاد وحـدهـم، فـالـجـوار أيــا كـــان، لـه حـق الـتـحـرك لمنع الانــــزلاق نحو هـــاويـــة مـــن الــفــوضــى والــــخــــراب، فــمــا بــالــنــا بــالــجــوار العربي والتداخل المجتمعي والمصير المشترك، الأمر هـنـا يمنح تـدخـل الــجــوار الـعـروبـي والمـــقـــرون بـالأمـن المـــشـــتـــرك مــســتــوى آخــــر مـــن الــــقــــوة، يــســتــهــدف إعــــادة بوصلة الأحــداث نحو الاتجاه الصحيح؛ وعنوانه لا تفريط فـي الـوحـدة الجغرافية المـعـروفـة، ولا اعـتـراف بالسلطات المفتعلة، ولا قبول للخرائط الجديدة التي يسعى إليها الـبـعـض، ولا قـبـول بـالانـقـسـام الواقعي الذي يفت في عضد الدولة، أو الانفصال غير المشروع بفعل فرط القوة الزائف، والأهم أنه لا تراخ في مساعدة القطاعات الوطنية ومؤسساتها ومنابرها المدنية من أجـــل تمكينها مــن تـوجـيـه الأمــــور، بـمـا يُــعـيـد للدولة ولمؤسساتها أدوارهــــا الطبيعية الـفـاعـلـة، ولشعبها حقوقه في المواطنة والكرامة والتنمية. حــن أصــــدرت الـخـارجـيـة المـصـريـة بـيـانـهـا الــذي يتحدث عن الخطوط الحمر بشأن السودان، بعد لقاء قمة بين السيسي والـبـرهـان، والــذي تضمن بوضوح التحذير من خطط تقسيم السودان، أيا كانت المبررات، مـع استدعاء اتفاقيات الـدفـاع المشترك ومـا فيها من التزامات تبادلية للدفاع عن الطرف المُعرَّض للعدوان، وتـأكـيـد الـتـدخـل المــصــري المـبـاشـر إذا تــم تــجــاوز تلك الخطوط الـحـمـراء، لمـا لها مـن أثــر مباشر على الأمـن القومي المصري والأمــن القومي السوداني، ومخاطر على الإقليم كله، فقد تصادف الأمر زمنيا وموضوعيا مع جهد تبذله المملكة العربية السعودية، عبر مهمة خاصة يقودها اللواء محمد عبيد القحطاني رئيس اللجنة الـخـاصـة الـتـابـعـة لمجلس الـــــوزراء الـسـعـودي والمعنية بملف اليمن، هدفها احتواء التداعيات المقلقة للتوغل العسكري غير المبرر لقوات الانتقالي الجنوبي في محافظتي حضرموت والمهرة، وعـودة الأمـور إلى ما قبل هذا التوغل، مع إعادة تموضع قوات درع الوطن التي تتبع رئيس المجلس الرئاسي رشاد العليمي في المـواقـع العسكرية والأمـنـيـة فـي المحافظتين، وتمكين الحكومة الشرعية مـن العمل فـي عــدن دون قـيـود أو عقبات، مع أولوية تطبيق اتفاق الرياض وقرار إنشاء المجلس القيادي الرئاسي ومهامه الكبرى بالتركيز على مهمة دحر الحركة الحوثية أولاً، وتأجيل المطالب الجزئية لما بعد استعادة الشرعية إلى صنعاء. المهمة بهذا الشكل تعني أولوية الحفاظ على اليمن الموحد دون سواها، وإغلاق ملف انفصال الجنوب. في كلتا الحالتين، اليمن والـسـودان، ثمة تحرك عسكري يختلف في مستوى العنف، لكنه يتعارض مع الأسس القانونية التي تحكم الدولة، كما تتعرض الوحدة الجغرافية لكل منهما لخطر الانقسام. وهنا يأتي التحرك المصري بخصوص السودان، والتحرك الـسـعـودي بخصوص اليمن مـن منطلق واحـــد، وهو الـحـفـاظ على الخريطة دون تـعـديـل، أي بـقـاء الـدولـة بكل مقوماتها ومؤسساتها، وبذل كل ما يمكن بذله للمساهمة في حل الإشكاليات الداخلية سلمياً. منع التقسيم والانــفــصــال فــي جــوهــره هــو مـنـع للفوضى الإقـلـيـمـيـة إذا مــا اسـتـقـر وضـــع الانــقــســام وانـتـصـرت المغامرات العسكرية غير القانونية. كلا البلدين مصر والمـمـلـكـة الـعـربـيـة الــســعــوديــة قـــوة عـربـيـة وإقـلـيـمـيـة تشترك في تحمل المسؤولية العربية والإنسانية دون تذمر سواء تجاه اليمن أو السودان أو غيرهما، وهما تعملان بجد من أجل ازدهــار مواطنيهما بحكمة في القرار ورشُد في السياسة والأداء، وتسعيان للتعاون مــــع الــجــمــيــع مــــن دون اســـتـــثـــنـــاء لــتــرســيــخ المــصــالــح المـــشـــتـــركـــة والمـــــتـــــوازنـــــة، وتــدخــلــهــمــا المـــبـــاشـــر حـمـيـد ومشروع يستحق التقدير، ويستحق التأييد. حسن أبو طالب ما يجب أن تدركه أميركا عن الصين الجديدة! رغم الضجيج الشعبوي في واشنطن، خرج المــســؤولــون الـصـيـنـيـون مـتـفـائـلـن مــن الاجـتـمـاع بــن تــرمــب وشـــي جينبينغ فــي بــوســان - كـوريـا الجنوبية. وبـالمـقـابـل يبالغ صانعو السياسات الأمـيـركـيـون فـي الحديث عـن تـنـازلات الـصـن في قضية الخامات النادرة. وفـيـمـا يستمر كـثـيـر مــن الــخــبــراء المحيطين بإدارة الرئيس ترمب، في تكرار فكرة أن «الصين لا تبتكر؛ بل تسرق من الغرب وحسب»، ويستمرون في الادعاء بـ«أنه يكفي أن تقطع الولايات المتحدة تـدفـق بــــراءات الاخــتــراع والتقنيات العالية نحو الصين، حتى ينهار اقتصادها، وتركض باحثة تــــوافــــقــــات أمـــيـــركـــا لــتــحــتــفــظ الـــــولايـــــات المــتــحــدة بهيمنتها على التجارة العالمية». أزعـــــــم أن لا شــــــيء أبــــعــــد عـــــن الـــحـــقـــيـــقـــة مـن هـــذه الادعــــــاءات؛ لـيـس لأن الـصـن لــم تستفِد من اســـتـــدراج بــــراءات الاخـــتـــراع الأمـيـركـيـة إلـيـهـا؛ بل لأن هــذه الـضـوضـاء الإعـامـيـة تعمي نفسها عن عناصر القوة الأكثر حسما للمنافسة بين الصين والولايات المتحدة. بـــــل يـــلـــحـــق هــــــذا المـــــوقـــــف المـــتـــعـــالـــي لـلـنـخـب الأميركية، في القدرة على إدراك الوضع الحقيقي لـــاقـــتـــصـــاد الأمــــيــــركــــي، والمـــنـــافـــســـة الـــجـــاريـــة مـع الصين. بل يمكن القول إن الولايات المتحدة لن تتمكن مــن مــجــاراة الـصـن فــي تقدمها المــتــســارع، مــا لم تفهم طبيعة عناصر الـقـوة والضعف؛ ســواء في النموذج الاقتصادي لكلا البلدين. تــــقــــوم الــــصــــن بـــنـــشـــر واســــــــع وســـــريـــــع جـــدا لتطبيقات تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف جـــوانـــب الــحــيــاة الــيــومــيــة، وعـــلـــى نـــطـــاق يـفـاجـئ الــخــبــراء الأمــيــركــيــن ذاتـــهـــم، مـمـا يــدحــض بـقـوة ادعـاءات التفوق والتراخي، وتخلق بكين مساحة للشركات الخاصة بهدف الإسراع في نشر تقنيات الذكاء الكمومي في الصناعة والبحوث والإنتاج الاسـتـهـاكـي. «أصبحت الـروبـوتـات منتشرة في كل مكان في بكين»، ورغم حقيقة أن التقنية ليست مــثــالــيــة، فــــإن الـــشـــركـــات تـطـرحـهـا وتــعــدلــهــا عبر التطبيق والتجربة. وفي كثير من الحالات، يمكن القول إن التكنولوجيا ممتازة جداً. تـكـتـيـكـيـا، يــبــدي الـــقـــادة الـصـيـنـيـون تــفــاؤلا واضـحـا بإمساكهم بـزمـام المنافسة مـع الـولايـات المـــتـــحـــدة! فــلــقــد تــمــكَّــنــت الـــصـــن مـــن وضــــع ورقـــة تــفــاوضــيــة قـــويـــة مـــع تـــرمـــب؛ ألا وهــــي الــخــامــات الــــنــــادرة مـــن جـــهـــة، ومــــن جــهــة أخـــــرى شـــــراء فــول الـصـويـا الـــذي يشكل المـــادة الرئيسية للمزارعين الكبار من أنصار ترمب. لـــذلـــك تـفـضـل الـــصـــن الــتــعــامــل انـتـقـائـيـا مع الإدارة الأمـــيـــركـــيـــة؛ فــثــمــة أمـــيـــركـــي طـــيـــب وآخــــر سيئ، حيث تجد الدبلوماسية الصينية واقعية وبرغماتية ترمب (الــذي يكرر أن الرئيس «شي» قــــائــــد عـــظـــيـــم)، لأنـــــه يــســتــجــيــب بـــشـــكـــل حــســاس لضغوط المزارعين والصناعيين الذين يعانون من انكسار سلاسل الإنتاج، وتأخير هيكلة الصناعة الأميركية وكساد مواسم فول الصويا، بما يسمح للصينيين بــهــوامــش مـــنـــاورة تـفـاوضـيـة كـبـيـرة. لكن الصين تجد بالمقابل مواقف سلبية من قبل وكـــــالات وزاريــــــة أمــيــركــيــة مـخـتـلـفـة (عـــــادة وزارة الـتـجـارة) الـتـي تـسـارع لـفـرض إجــــراءات مفاجئة مناهضة للصين. وبــــعــــد أن فــــرضــــت إدارة تــــرمــــب تــعــريــفــات جمركية جديدة على الصين في أبريل (نيسان)، ردَّت بكين بتقييد وصـــول الــولايــات المتحدة إلى الخامات النادرة، والمنتجات الأخـرى التي تشكل الــصــن مــصــدرهــا الــوحــيــد، وبــمــزيــد مــن الـقـيـود، الأمـــر الـــذي دفـــع الـبـيـت الأبــيــض إلـــى الـتـهـدئـة مع الصين. فـــــي هــــــذا الــــســــيــــاق، صــــــرح المــــتــــحــــدث بـــاســـم وزارة الـــتـــجـــارة الــصــيــنــيــة بـــأنـــه، بـــالـــتـــوازي مع فـي المائة» 50 تعليق الــولايــات المتحدة لــ«قـاعـدة للتعريفات ضد الصين، «ستعلق الصين إجراءات مــراقــبــة الــــصــــادرات ذات الـصـلـة الــتــي أعـلـنـت في أكــتــوبــر (تــشــريــن الأول) لمــــدة عـــــام، وســـتـــدرس 9 وتحسن الخطط المحددة». وبما أن «الشيطان في التفاصيل»، فإن الصين تستخدمها إلى الحد الأقصى، وهي لا تستعجل فـــي إرخـــــاء سـيـطـرتـهـا عـلـى اســتــخــراج وتـصـديـر الخامات النادرة، فلقد أصدرت تراخيص لشركات محددة فقط، ولم تفتح المجال لتراخيص واسعة أو «عامة»، كما يأمل ترمب. وبالمقابل تلجأ الصين لسياسات الإغــراق الاقتصادي بالمعادن النادرة، عـــن طــريــق تـخـفـيـضـات الأســـعـــار، بــهــدف إحـبـاط المساعي الأميركية لخلق بدائل للخامات النادرة الصينية. باختصار، تحتاج واشنطن إلــى فهم حقيقتين: أولاً؛ أن الجيل الجديد من التكنولوجيا الصينية، جيد أو يتفوق في قطاعات عديدة على المنتجات الأميركية. وبينما تتلكأ الشركات الأميركية كثيرا في الانــتــقــال نـحـو الاقــتــصــاد الـــذكـــي، تستمر الصين فــــي نـــشـــر الــــذكــــاء الاصـــطـــنـــاعـــي بــشــكــل مــتــســارع بــشــكــل يـــوشـــك أن يــصــيــر ســيــاقــا عـــالمـــيـــا، فــــإن لم تــتــمــكــن الـــشـــركـــات الأمـــيـــركـــيـــة مــــن تـــقـــديـــم حــلــول الذكاء الاصطناعي بتكاليف منافسة في الأسواق العالمية، فسنشهد من جديد تجربة تشبه «صفقة (هواوي) المنتشرة، مقابل البدائل الغربية المكلفة». ثــمــة مــنــافــس كــبــيــر يــتــصــدر بــالــفــعــل بعض قـــطـــاعـــات الــتــكــنــولــوجــيــا، وهــــو يـسـتـعـد بـسـرعـة للتفوق في قطاعات أخرى. وفيما تتراجع مكانة الأكاديميا والتعليم والصحة وغيرها من مقومات التفوق الأميركي، لا تملك الولايات المتحدة ترف احتكار النمو والمنافسة. سمير التقي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky