الثقافة CULTURE 17 Issue 17190 - العدد Sunday - 2025/12/21 الأحد «مُعْجَم الحَواس النَّاقِصَة» لعماد فؤاد عن دار «ديوان للنشر» بالقاهرة، صدر حديثا العمل الشِّعري السابع للشَّاعر المصري عماد فؤاد تحت عنوان «مُعْجَم الحَواس النَّاقِصَة». صــفــحــة، مـقـسّــمـة إلــى 176 جــــاء الــــديــــوان فـــي ثمانية فصول: «ما قبلَ»، ثم: «الصَّوت»، «الصُّورة»، «الرَّائحة»، «اللَّمس»، «الطَّعْم»، و«الألم»، «ما بعدَ». جــــاء فـــي كـلـمـة الــنــاشــر أن «مُـــعْـــجَـــم الـــحَـــواس الـنَّــاقِــصَــة» يـبـدأ مـن لحظة الـتّــأسـيـس الأسـطـوريّــة الأولــــى؛ «المُــصــادفــة» الـتـي جعلت «الـغـابـة» تلتهم «جَـــــبـــــاً». كـــأنّـــه بــــالأحــــرى «سِـــفـــر تـــكـــويـــن» مـكـثَّــف لــــ«الـــعـــائـــق» بـــن الــــذَّكــــر والأنــــثــــى، الـــتـــي تـتـجـاوز الـثـنـائـيّــات الـتـقـلـيـديّــة لـلـقـوّة والــضــعــف، مـنـذ بـدء الخليقة وحتى يومنا هذا. بهذا المعنى، فـإن «المُــعْــجَــم» الــذي يبنيه عماد فـــؤاد هـنـا مــشــدود بــن قُــطـبـي الـكـمـال والـنُّــقـصـان، المـــرأة والــرّجــل، الإيـروتـيـكـيّــة والـصـوفـيّــة، مـا قـبـلَ.. ومـا بعدَ. لكنّه ليس بسيطا كما يبدو من الوهلة الأولى، إنّه كون شاسع ومركّب. عالم معقّد تتعدّد أبعاده وتتراكم طبقاته الفلسفيّة والدّينية صفحة بـعـد صـفـحـة، وقـصـيـدة بـعـد أخـــــرى... لــذلــك: تأبى لغة عماد فــؤاد الاكتفاء بـــأداء مهمّتها الرئيسية، فتكون مجرَّد لغة هدفها «الإيـصـال» فحسب. لا... اللّغة هنا مثل شاعِرها؛ طامعة في أكثر من الممكن، في أكثر حتّى ممّا يستطيع الشِّعر أن يستخرجه من اللّغة نفسها، هذه ليست قصائد عن «الحواس الـنَّــاقـصـة» كما يـدَّعـي الـعـنـوان، بـل قصائد كُتبت بـ«الحواس النَّاقصة»، ستجد حروفا لا تُــرى.. بل تُلمَسْ. وكلمات لا تُقال.. بل تُشَمّ. وجُمَلا لا تُنْطَق.. بل «تُسْتطْعم». وقصائد لا تُقرأ.. بل تخترق اللحم كأسنّة الخناجر. يعتبر عماد فؤاد أحد شعراء جيل التسعينات المـــــصـــــري، ومـــــن أعـــمـــالـــه الـــشِّـــعـــريـــة: «تـــقـــاعـــد زيـــر نـسـاء عــجــوز»، و«بـكـدمـة زرقـــاء مـن عـضَّــة الــنَّــدم»، و«حرير»، و«عشر طُرق للتّنكيل بجثَّة» و«أشباح جرّحتها الإضاءة». ومـــــن كــتــبــه الأخــــــــرى، «ذئــــــب ونــــفــــرش طـريـقـه بــالــفــخــاخ: الإصــــــدار الــثــانــي لأنــطــولــوجــيــا الــنّــص الــشِّــعــري المــصــري الــجــديــد»، وكـــان الإصـــــدار الأول تحت عنوان «رعـاة ظـال.. حارسو عـزلات أيضاً»، و«عـــلـــى عـيـنـك يـــا تـــاجـــر، ســـوق الأدب الــعــربــي في الـــخـــارج... هــوامــش ومــاحــظــات»، كـمـا صـــدرت له مختارات شعرية بالفرنسية تحت عنوان «حفيف» .2018 ) عام Bruissement( ُمن قصائد «مُعْجَم الحَواس النَّاقِصَة»: في البدْء كانت المُصادفة كــــأن تُـــمْـــسِـــك طــفــلــة لاهـــيـــة بــالــجــبــل فـــي يــدِهَــا اليُمنى، وبالغابة في يدِهَا اليُسرى، وتمد ذِراعيْها عن آخرهِمَا ناظرة إلى أُمِّها في اعـتـدادٍ. فتنْهَرُها الأمُّ: لماذا تُباعدين بينهُما؟ وتــســتــغــرب الــطِّــفــلــةُ: «هــــذه صَـــــحْـــــراءُ.. وهـــذه غابةْ»! المُــصـادفـة وحْــدهـا جعلت عــن الأم تنظر إلى الـجَــبَــلِ، فــتــراه وحــيــداً، لا يُــحِــدُّه شَــمــال أو جَــنـوبٌ، تُشرق الشَّمس فيعرف شرْقَه مِن غَرْبِهِ، لكن لا أحد علَّمَه ماذا يفعل كي لا يكون وحيداً. على بُعْد نَظَرِه الكلِيْلِ، كان يرى نُقطة خضراء فوقَها سُحُب وأَبْخِرَة وضَبابٌ، حين تُمْطر يعلوها قوس قُزَح لامعٌ، لا تدْخل ألوانُه في عيْنيْهِ، إل ويَرى دمــوعَــه تَــسـيـل على صُـــخُـــورِه، حـتَّــى أنَّــهـا سمعتْه يتمتم مَرَّة في نومِهِ: ُ«لو أن جَبلاً.. ائْتَنَس بغابةْ»! في البَدْء كانت المُصادفة التي جعلت الطِّفلة تنظر بعيْنَيْها إلى الغابَةِ، فتجدُها مُكْتفية بذاتِها، مُــدَوَّرة ومَلْفُوفَة وعندها ُما يكفي مِن المَشاكِل والصِّراعات الدَّاخليةِ، تنْهَبُها الحوافر والفُكُوك قانونُها القوَّة وخَتْمُها الدَّمُ: «فكيف يـا مـامـا تَــقْــوى الـغـابـة على حَــمْــل ظِــل ُّجَبَل مثل هذا؟». لم تُجِب الأم وحدَها الغابة كانت تُفكِّرُ: «نعم؛ ماذا لو أن غابةً.. التهمت جَبَلاً؟». لندن: « الشرق الأوسط» «ثلاث نساء في غرفة ضيقة»... قصص عن الحزن والعزلة عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، صدرت المجموعة القصصية 22 «ثـاث نساء في غرفة ضيقة» للكاتبة هناء متولي، التي تضم نصا يهيمن عليها الحضور الأنثوي في فضاءات واقعية تتراوح بــن المـديـنـة والـقـريـة عـلـى خلفية عـوامــل مــن الـقـهـر والإحــبــاط التي تجعل من حواء لقمة سائغة في فم وحش الوحدة والعزلة والشجن والحنين. تـعـتـمـد المــجـمـوعــة تـقـنـيـات ســـرديـــة تـسـتـكـشـف كــذلــك قـضـايـا الوجود والهوية والاختيارات الصعبة والأحزان العميقة عبر أعمال تــمــزج بــن أشــكــال مختلفة مــن الــســرد مـثـل الـسـيـنـاريـو والمــونــتــاج والفلاش بـاك والمشهدية البصرية بهدف تسجيل لحظات نسائية خـاصـة، عبر تجربة أدبـيـة تجمع بـن العمق الإنـسـانـي والتجريب الفني. تـتـنـوع الـنـمـاذج الـتـي تـدعـو للتأمل فــي المـجـمـوعـة القصصية مـن الـخـالـة الـتـي تجلس وقــت الــغــروب تمضغ التبغ وهــى تـزعـم أن الموتى يبعثون برسائل عبرها كوسيطة، إلى المصابات بالاكتئاب السريري، وليس انتهاء بالأديبة الشابة التي تواجه أديبا شهيرا اعتاد السخرية من الكتابات النسوية. تـــــمـــــيـــــزت عـــــنـــــاويـــــن المـــجـــمـــوعـــة بـــوقـــع صــــادم يــــعــــبــــر عــــــــن فــــــــداحــــــــة مـــا تــــتــــعــــرض لــــــه المـــــــــــرأة فــي المـــجـــتـــمـــعـــات الـــشـــرقـــيـــة، بـــــحـــــســـــب وجــــــــهــــــــة نـــظـــر المؤلفة، مثل «السقوط في نفق مظلم»، «نزع رحم»، «يـــومـــيـــات امـــــــرأة تــشــرب خل التفاح»، «الناس في بــــاد الأفــــيــــون»، «الــبــكــاء على حافة اليقظة». ولـــم يـكـن قـيـام هناء مـــتـــولـــي بــــــإهــــــداء الــعــمــل إلـــى الــشــاعــرة الأمـيـركـيـة سيلفيا بلاث، التي ماتت 30 عن 1963 منتحرة عام عاماً، فعلا عشوائياً، حيث سبق انتحار الأديـبـة الشهيرة سنوات طويلة من الاضطرابات النفسية والاكتئاب السريري وهو ما يبدو ملمحا أساسيا من ملامح المجموعة. وجاء في الإهداء: «إلـــى سيلفيا بــــاث... الـتـي عـرفـت جـيـدا كيف يـبـدو الألـــم حين يـصـبـح مــألــوفــا، أســتــمــع إلـــى صـــدى كـلـمـاتـك بــن هـمـسـات الــوحــدة وأصوات الكتابة، كأنك تركت لي خريطة في دفاترك، تشير إلى تلك الأماكن العميقة داخل النفس حيث تختبئ الظلال خلف الضوء». ومن أجواء المجموعة القصصية نقرأ: «شــــروق خـجـل للشمس بـعـد ليلة مـمـطـرة، تــهــرول سـنـاء فــي عباءتها الصوفية وشالها القطني الطويل، تقترب من البيت المطل على الترعة وحيدا ورغم أنه قد شُّيد من طوب لبن ومعرش بسقيفة من القش فإنه يشع دفئا في وجه الزمن. تنادي بصوت مترقب: يا خالة، فتطل عليها المرأة قصيرة القامة ذات الجسد المنكمش بعينين يقظتين لتكرر على مسامعها جملتها المعتادة: لا رسائل لك. تـعـاود الـهـرولـة وقــد أحكمت الـشـال حــول كتفيها العريضتين وقوست قامتها الطويلة، يهاجمها البرد بقسوة ليزيد جفاف قلبها. تعود سناء إلى بيتها... تتكور في فراشها... تحاذر أن تلمس جسد زوجها السابح في النوم، لئلا توقظه برودتها فينكشف سرها. فـي ليلة حناء شقيقتها، ارتـــدت سناء فستانا بنفسجيا مـن القطيفة وحجابا زهريا خفيفاً، كانت تعجن الحناء وتراقب الرقص والتصفيق بعينين شــاردتــن، تفاجئها مـوجـة جـديـدة مـن حــزن كثيف يتلبس روحـهـا ويقبض على قلبها بقسوة. تهرب وتحبس نفسها في مخزن الغلال لتغرق في بكاء لاينتهي. يرغمها والدها على تناول قطعة صغيرة من حلوى العروس وبمجرد ابتلاعها تتقيأ». القاهرة: «الشرق الأوسط» صاحب «رامينا» يقول إن الدار تسعى للتواصل بين الثقافتين الكردية والعربية هل يمكن للترجمة أن تستعيد ما فقدته الجغرافيا؟ رغـــــم أن الأكــــــــراد هــــم أكـــبـــر مـجـمـوعـة عــرقــيــة تــعــيــش فـــي مــحــيــط عـــربـــي نـابـض بالثقافة، وتشترك معه في الدين والتاريخ والجغرافيا، فإن التفاعل والتبادل الثقافي بــــن الـــجـــانـــبـــن ظـــــل مـــــحـــــدوداً، ومــســكــونــا بهاجس الهويات ونزاعاتها. ومـــع أن الـــكُـــرد شــعــب يـسـكـن مناطق متفرقة في عدة دول، فإنهم حافظوا على تراثهم الأدبـــي عبر الــقــرون، وعلى لغتهم مــلــيــون 30 الـــتـــي يـــتـــحـــدث بـــهـــا أكـــثـــر مــــن شخص. وتمتلك هـذه اللغة تاريخا أدبيا غنياً، وتُــعـد جـسـرا طبيعيا بـن الثقافات في المنطقة. لـــقـــد طُــــرحــــت مـــشـــاريـــع عـــــدة لـتـقـريـب الـــثـــقـــافـــتـــن الـــعـــربـــيـــة والـــــكـــــرديـــــة؛ لـكـنـهـا أُجــهــضــت، فـقـد عـمـلـت الـسـيـاسـة كعنصر تـخـريـب لـلـتـواصـل الــثــقــافــي؛ بـــل أسهمت مـشـاريـع التهميش مــن جـانـب والانــغــاق من جانب آخر في توسيع الشقة حتى بين أبناء البلد الواحد. إدراكا لهذا الواقع المؤسف، أخذت دار «رامــيــنــا» الـتـي يـديـرهـا الـكـاتـب والــروائــي الــــكــــردي الــــســــوري، المــقــيــم فـــي بـريـطـانـيـا، هـــيـــثـــم حــــســــن، عـــلـــى عـــاتـــقـــهـــا إصــــــــدار أو ترجمة عــدد مـن الكتب الـكـرديـة إلــى اللغة الــعــربــيــة، أو تـرجـمـة الـكـتـب الـعـربـيـة إلـى الكردية، في مسعى يهدف «لبناء الجسور بـن شـعـوب المنطقة، وبـنـاء قيم التسامح ونـــبـــذ الــكــراهــيــة والـــتـــطـــرف والـــعـــنـــف، في سياق أدبي إنساني رحب»، كما تقول الدار في نشرة التعريف عن نفسها، على الموقع الإلـــكـــتـــرونـــي. وتــضــيــف أنـــهـــا تـــركـــز «عـلـى ثقافات الأقليات والمجتمعات المهمشة في جميع أنحاء العالم، وذلــك ضمن الفضاء الثقافي والحضاري والإنساني الأرحب». الترجمة كجسر للتواصل يــــــقــــــول صــــــاحــــــب الــــــــــــــدار لـــــــ«الــــــشــــــرق الأوسط»: إن هذا المشروع يستهدف إنشاء منطقة تواصل حقيقي: «نحن نريد للقارئ الـــكـــردي أن يـجـد فــي الـعـربـيـة امـــتـــدادا لـه، وللقارئ العربي أن يـرى في الكردية مرآة تعكس جزءا من روحه. إن تجربة دار النشر (رامينا) هي محاولة لاستعادة ما فقدته الجغرافيا من قـدرة على جمع البشر. لقد بــــدأت فــي تـأسـيـس الــــدار حــن شـعـرت بـأن العلاقة بين العربية والكردية تحتاج إلى عناية تُنقذها من التباعد التاريخي، وبأن الأدب قـــادر عـلـى أداء هـــذا الــــدور إذا أُتـيـح للنصوص أن تنتقل بحرية بين الضفتين». انـــطـــلـــقـــت «رامـــــيـــــنـــــا» إلـــــــى الـــتـــرجـــمـــة بـــوصـــفـــهـــا عـــمـــا يـــتـــجـــاوز الـــتـــقـــنـــيـــة، ولـــم تبحث عــن «نـقـل الـكـلـمـات»، إنـمـا عــن نقل التجارب والمخيلات والـوجـدان، كما يقول مؤسسها. وكانت القفزة الأهم حين عملت -بدعم من مبادرة «ترجم» وبالتعاون مع وكالة «كلمات»- على مشروع ترجمة كتب عدة من الإبداعات السعودية إلى الكردية، وهو حدث يتحقق للمرة الأولى في تاريخ الأدبين العربي والكردي. لـقـد قــدَّمــت «رامــيــنــا» لـلـقـارئ الـكـردي نــــصــــوصــــا عــــربــــيــــة خـــلـــيـــجـــيـــة وســـــوريـــــة وعُــمـانـيـة وبـحـريـنـيـة، مترجمة إلـــى لغته الأم. وكذلك قدَّمت للقارئ العربي نصوصا كردية بأصوات متنوعة تمثِّل جغرافيات كـرديـة مـتـعـددة، وأعــــادت فتح نـافـذة على الأدب الـــســـريـــانـــي ضـــمـــن ســلــســلــة الـنـشـر الـسـريـانـيـة الــتــي خصصتها لإحــيــاء هـذا الإرث المـوشَّــى بالروحانية والشعر، وهو مــــن أعـــمـــق طـــبـــقـــات تــــاريــــخ المـــنـــطـــقـــة، كـمـا أطـلـقـت شــراكــات تـرجـمـة إلــى الإنجليزية، لـحـاجـة الأدب الـــكـــردي والــعــربــي إلـــى هـذا الأفـــق الـعـالمـي كــي لا يبقى أسـيـر لغته أو مكانه. مـن الأعـمـال التي شكَّلت نقطة تحول فـــــي هــــــذا المــــــشــــــروع: ســـلـــســـلـــة الإبـــــداعـــــات الــســعــوديــة المـتـرجـمـة إلـــى الـــكـــرديـــة؛ وهـو مـــشـــروع غــيــر مــســبــوق فــتــح بـــابـــا واســعــا لفهم جـديـد بــن الــقــارئ الــكــردي والمشهد الـــســـعـــودي، فــقــد نـقـلـت «رامـــيـــنـــا» لـلـقـارئ الـــكـــردي أعـــمـــالا لأدبــــاء ونــقــاد سـعـوديـن، منهم: سعد البازعي، ويوسف المحيميد، وأمـيـمـة الـخـمـيـس، وأمـــل الـــفـــاران، وطـــارق الجارد، وعزيز محمد، وغيرهم. والثاني، مشروع الترجمات العُمانية والبحرينية، مثل روايـــة «بـــدون» ليونس الأخزمي و«الـطـواف حيث الجمر» لبدرية الشحي؛ و«دخان الورد» لأحمد الحجيري، وهي نصوص أدخلت القارئ الكردي إلى سرديات لم يكن يصل إليها. والثالث، مشروع الترجمة من الكردية إلـــى الـعـربـيـة، الــــذي قــــدَّم لـلـعـربـي أصــواتــا كردية ذات حساسية عالية، تنقل الهويات المتعددة والمعاناة المتراكمة في كردستان ســـوريـــا والــــعــــراق وتـــركـــيـــا وإيــــــــران؛ حيث تُـــرجـــمـــت إلـــــى الـــعـــربـــيـــة عــــشــــرات الأعـــمـــال الـــكـــرديـــة لـــكُـــتَّـــاب كُــــــرد، مـــثـــل: عــبــد الـــقـــادر سعيد، وسيد أحمد حملاو، وصلاح جلال، وعمر سيد، وكوران صباح... وغيرهم. وأمــــــــا الــــــرابــــــع فـــهـــو مـــــشـــــروع الــنــشــر الـــســـريـــانـــي، الـــــذي يـعـيـد الاعـــتـــبـــار لطبقة ثـقـافـيـة مــهــمَّــشــة، ولـــغـــة أصــيــلــة مـــن تـــراث منطقتنا، ويمنحها موضعها الطبيعي داخل المشهد الأدبي. والــــخــــامــــس، إطــــــاق الـــتـــرجـــمـــات إلـــى اللغة الإنجليزية. يقول هيثم حسين إنـه «بهذه الحركة المــــتــــبــــادلــــة، صــــــار مــــشــــروع الـــتـــرجـــمـــة فـي (رامــــيــــنــــا) مـــشـــروعـــا لإعــــــــادة الـــنـــســـج بـن لغتين، وتأسيس حوار ثقافي طال غيابه». التراث الأدبي المشترك وردّا عـلـى ســـؤال لـــ«الــشــرق الأوســـط» عــمــا يـمـكـن أن يـضـيـفـه هــــذا المـــشـــروع إلــى التراث الأدبـي المشترك، يقول هيثم حسين إن مـــشـــروع الـــتـــواصـــل الأدبـــــي الــــذي تـقـوم بـــه «رامـــيـــنـــا»، يـضـيـف مـــا يـشـبـه «الـخـيـط المـــــفـــــقـــــود»، فـــــالـــــتـــــراث الــــعــــربــــي والـــــكـــــردي والسرياني ظـل متجاورا دون أن يتشابك بما يكفي. ويضيف: «الآن، حين يقرأ كردي نصا سعوديا بلُغته، أو يقرأ عربي رواية كردية، أو قـــارئ إنجليزي عـمـا مترجما مـن هذه الـبـيـئـات، تظهر طبقة جـديـدة مـن الـتـراث؛ طــبــقــة عـــابـــرة لــلــغــات والانــــتــــمــــاءات، تــرى الإنـسـان قبل كل شــيء. نحن لا ندَّعي أننا بـصـدد صنع أو تصدير تـــراث بـديـل، إنما نـحـاول أن نعيد تـوزيـع الـضـوء على تـراث مــــوجــــود، ولــكــنــه كــــان مـنـسـيـا فـــي الــظــال والهوامش». أما الثيمات التي تتكرر في إصـدارات «رامــيــنــا»، فـهـي تـكـاد تتقاطع حـــول هوية تــبــحــث عــــن مــكــانــهــا فــــي عـــالـــم مــضــطــرب: الذاكرة، بصفتها محاولة لمقاومة النسيان. الكتابات السيرية الذاتية والغيرية. المنفى، باعتباره إعـــادة تكوين لـلـذات. اللغة، بما تحمله مـن فجيعة وحـمـايـة فـي آن واحــد. الهوامش التي تتحول إلى مركز حين يُكتب عـنـهـا بـــصـــدق. الأمــكــنــة المــحــروقــة والــقــرى المطموسة والطفولة المهددة بالمحو. وهذه الثيمات امـتـداد لتجارب الكُتاب أنفسهم: كرداً، وعرباً، وسرياناً، ومهاجرين. وعــــــن الــــحــــركــــة الأدبـــــيـــــة الــــكــــرديــــة فـي ســــوريــــا، يـــقـــول هــيــثــم حـــســـن: «إن الـــقـــوة الأدبــــيــــة الــــكــــرديــــة فــــي ســــوريــــا نـــابـــعـــة مـن صدق التجربة وعمق الجرح. هناك كُتَّاب يـمـتـلـكـون لـغـة عـربـيـة مـتـمـاسـكـة، وأخـــرى كـرديـة راسـخـة، مـا يجعل أصواتهم قـادرة عـلـى الـــوصـــول إلـــى جــمــهــورَيــن. مـــن خـال الترجمة والـتـوزيـع فـي كـردسـتـان الـعـراق، ومـــن خـــال الـنـشـر فــي لــنــدن، أصــبــح لهذه الأصـــــــــوات مــــســــار يـــصـــل بـــهـــا إلــــــى مَــــــن لـم يـكـن يسمعها. أرى أن هـــذا الامـــتـــداد عابر لــلـــحـــدود، وأن الــكــتــابــة الـــكـــرديـــة الــســوريــة مرشَّحة لأن تكون أحـد أهـم أصــوات الأدب القادم من المنطقة». وردا عـلـى ســـؤال بـشـأن كيفية تقديم التراث الكردي والهوية الكردية للآخرين، قــــال مـــؤســـس «رامـــيـــنـــا»: «إن الـــــدار قــدَّمــت التراث عبر نصوصه؛ لا عبر خطاب خارجي عـنـه. فحين يـقـرأ قـــارئ عـربـي أو إنجليزي أو كردي نصا مترجما أو أصلياً، يكتشف مـــفـــردات الــهــويــة الـــكـــرديـــة كــمــا تـعـيـش في الحياة اليومية: في الأغاني، في اللغة، في القرى، في القصص العائلية، وفي تفاصيل الفقد والحنين. بهذا يصبح التراث الكردي جـزءا من المشهد الثقافي الـعـام، لا معزولا ولا مؤطَّراً. كما أن النصوص الأدبية تثبت الـعـنـاصـر المـشـتـركـة بـــن الــثــقــافــات؛ حيث تكشف النصوص أن الألـم واحـد، والحنين واحـد، وأسئلة الإنسان واحـدة. وتُظهر أن الاختلافات اللغوية لا تزيل جوهر التجربة الإنسانية؛ بل توسِّعها. حين يتجاور الأدب الـكـردي والعربي والسرياني والإنجليزي فـــي سـلـسـلـة نـشـر واحــــــدة، تــتــكــوَّن منطقة مشتركة؛ بلا حدود، يتقاطع فيها الإنسان مع الإنسان. وهذا هو جوهر المشروع الذي أردت لـ(رامينا) أن تكون منصته». الدمام: ميرزا الخويلدي هيثم حسين هيثم حسين: «نريد للقارئ الكردي أن يجد في العربية امتدادا له وللقارئ العربي أن يرى في الكردية مرآة تعكس جزءا من روحه»
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky