issue17190

الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائب رئيس التحرير Managing Editors Editorial Consultant in KSA Aidroos Abdulaziz Camille Tawil Saud Al Rayes Deputy Editor-in-Chief مديرا التحرير مستشار التحرير في السعودية محمد هاني Mohamed Hani الأمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز عيدروس عبد العزيز كميل الطويل سعود الريس 1987 أسسها سنة 1978 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير غسان شربل Editor-in-Chief Ghassan Charbel التجاهل ليس جهلاً، بل هو تعمّد رفض المعرفة وادعــاء الجهل، والتعامي ليس عمى بــصــريــا، بــل هــو مــحــاولــة لـلـتـغـاضـي الــواعــي الذي لا يختار غض الطرف بصريا عن بعض المـــشـــكـــات، بـــل يــخــتــار غــــض الــعــقــل وتغطية بصيرته، فهما أي التجاهل والتعامي عملان ذهنيان يختاران عن وعي رفض العلم وانتقاء الجهل، ورفض البصيرة واختيار طمسها في الـعـقـل، ومــن هنا فـالـواقـع وأحــداثــه ومعانيه وتفسيراته الراشدة، من خلال هذه الفكرة، لا تَعْنِي شيئاً، لا لمفكر ومثقف ولا لصانع قرارٍ. تــــحــــدّث المـــفـــكـــر الألمــــانــــي الــكــبــيــر مــاكــس فـــيـــبـــر عــــن «الـــعـــلـــم والــــســــيــــاســــة، بــوصــفــهــمــا حـرفـةً» وهـا نحن نشهد اليوم انعكاس الآية ومناقضة فكرته في سياقنا الحضاري، وذلك حـــن يــخــتــار الــبــعــض «الــتــجــاهــل والـتـعـامــي بـوصـفـهـمـا حـــرفـــةً»، ولــئــن كــانــت أفـــكـــار فيبر تعبّر عـن سعي حثيث لـتـرق حـضـاري يفتح آفـــاق المستقبل، فـــإن هــذه الـفـكـرة لـديـنـا حـول «التجاهل والتعامي» لا تعني شيئا أكثر من اختيار التقهقر الحضاري. بــــعــــض الأفـــــــكـــــــار الـــــتـــــي يــــجــــمــــد عــلــيــهــا أصــحــابــهــا، وإن كـــانـــت خـــاطـــئـــةً، تـــــؤدي عبر الــعــنــاد إلــــى كـــــوارث مــتــعــددة المـــســـتـــويـــات، لا لشيء إلا لعدم الاستعداد للاعتراف بالخطأ والـــتـــراجـــع عـــنـــه، فـتـصـبـح المـــكـــابـــرة ســيــاســة عـامـةً، تتأزم كلما تجلت الحقائق وانكشفت المعلومات الموثقة، وهذه سبيل لاحب لاعتماد «سياسة النعامة» التي تحدث عنها العرب، فجعلوها مـثـا للجبن والــخــور، وأنـهـا تدس رأسها في التراب. الحديث السائد، الـذي يـروّج على نطاق واسـعٍ، هو أن «الإرهـاب انتهى»، و«الأصولية تلاشت»، و«التطرف تبخّر» من واقـع العالم، ومــن التأثير على سـيـاسـاتـه، وكـذلـك لـم يعد لـــه مـــكـــان فـــي تــهــديــد الــبــشــريــة بــــأي حــــال من الأحـــــوال، فــا إرهــــاب ولا إســـام سـيـاسـي ولا تناقضات في المصالح ولا اختلافات سياسية في المنطقة ولا صراعات دولية، فالأمور كلها تحت السيطرة ما دامت الأماني واسعة. المشكلة الكبرى التي نعاني منها اليوم هــي أن أحــــدا لــم يـخـبـر عـنـاصـر «داعـــــش» في العالم وفــي سـوريـا والــعــراق بـذلـك، والأخطر أن أحدا لم ينبّه عناصر «القاعدة» في المكانين نفسيهما على الأمر ذاته، فظلت تلك العناصر تتصرف على ما تربّت عليه عقودا من الزمن، دون أن تنتبه لما أصبح يروّج عن انتهائها من قِبَل محللين وسياسيين رغبويين. لمــــاذا اغـــتـــال عـنـصـر أمــنــي ســــوري ثـاثـة أمــيــركــيــن؟ ولمــــــاذا تـــحـــرك إرهــــابــــي قـــاتـــل مع ابنه لقتل الكثيرين من الآمنين في أستراليا يهودا كانوا أم غير يهودٍ؟ ولماذا تتم التعمية المقصودة على كل تحركات الإرهـاب المخيفة، مـع أنـهـا مستمرة وتـتـكـرر حــول الـعـالـم؟ هذا الأمــــر تـحـديـدا يـعـبّــر فعليا وواقــعــيــا عــن أمــر مـــخـــيـــف حــــن نـــتـــخـــلَّـــى عــــن الـــعـــقـــل والمـــنـــطـــق والواقع لصالح الأماني والأحلام. فــــي الإعــــــــام الــــعــــربــــي أصــــبــــح مــــن المــهــم الاهــتــمــام بـمـا لا يــهــم، وفـــي الـثـقـافـة الـتـثـقّــف بـــمـــا لا يـــثـــيـــر، ويـــجـــب إعـــــــادة تـــرتـــيـــب مـكـانـة المواطنين والبشر والكفاءات بمعايير جديدة، فـمـن يــخــدم الأمـــانـــي والأحـــــام يــكــون مـقـدمـا، ومَــن ينشر الأوهـــام يكون مـؤثـراً، ومَــن يـروّج للتفاهات يحظى بكل الـدعـم والتأييد ماديا ومعنويا ً. إنها بالفعل معادلة قاتلة، بحيث تضمن إفراغ الدول والمجتمعات من أي مثقف محترم أو مفكر معتبر أو محلل ذي رأي، وهذه وصفة للهلاك لا للانتعاش الحضاري لأي دولـــة أو أمــة أو شعب يسعون للمنافسة على المراكز الأولــى في النجاح والإنـجـاز والتميز العالمي في كل المجالات. إن الزعم باختفاء كل المشكلات خصوصا المعقدة منها مثل الأصولية والإرهاب بمجرد «الــتــجــاهــل» و«الـــتـــعـــامـــي» عـنـهـا إنــمــا يـــؤدي إلـــى تـفـاقـمـهـا وانــتــشــارهــا وتـفـشـيـهـا، بينما الــحــل ســهــل بـالـعـلـم والمــعــرفــة والــعــمــل، وذلــك بالاستمرار في النجاحات التنموية مع الأخذ بــالاعــتــبــار أن الــتــحــديــات الــقــديــمــة وضــاربــة الجذور في المجتمعات لا يمكن أن تختفي بين يوم وليلةٍ. جـعـل «الاقـــتـــصـــاد» و«الــتــنــمــيــة» أولـــويـــة أمــــر بــالــغ الأهــمــيــة وعـظـيـم الأثــــر عـلـى الـــدول والمــجــتــمــعــات والـــشـــعـــوب، ولـــكـــن يـنـبـغـي ألا نغفل عن التحديات التي تواجههما، فلا بد من التصدي لها ورسم الخطط لحلها بشكل تكتيكي واستراتيجي في آن واحدٍ. أحـــمـــد الأحـــمـــد المــــواطــــن الأســـتـــرالـــي من أصـــول ســوريــة أثـبـت للعالم أجـمـع أن المسلم ليس إرهابياً، بل الإرهابيون هم فئة مريضة مــتــمــردة عـلـى الأديـــــان والــثــقــافــات والـبـشـريـة جـمـعـاء، وهـــو الــــذي خــاطــر بـحـيـاتـه لمـواجـهـة الإرهـــــــــاب بــنــفــســه مــــا جـــعـــل مـــنـــه بــــن عــشــيــة وضـــحـــاهـــا بـــطـــا عــالمــيــا يـسـتـحـق كـــل أنــــواع الإشـادات والتكريم، بينما الإرهابي القاعدي فـي سـوريـا خـان الأمـانـة، ونفذ عملية غــادرة لـتـهـديـد مـسـتـقـبـل ســـوريـــا الـــجـــديـــدة، وإثــــارة اللغط حــول كثير مـن التفاصيل المهمة التي اخـــتـــار الــبــعــض تـجـاهـلـهـا والــتــعــامــي عـنـهـا، حتى احـتـرف «التجاهل» و«التعامي» حرفة لا يمكن أن توصل الدول والمجتمعات إلى أي شكل من أشكال بحر الأمان. أخــــــيــــــراً، فــــالــــتــــجــــاهــــل والــــتــــعــــامــــي حــن يــتــحــولان لــحــرفــةٍ، فـإنـهـمـا مـــؤذنـــان بتخلّف الــدول والأمــم وتقهقر المجتمعات والشعوب، فـــــا شــــــيء يــــعــــدل الـــعـــلـــم والمــــعــــرفــــة فـــــي رفـــد ًالسياسة وفرض الرخاء. التجاهل والتعامي بوصفهما حرفة لا توجد سوى دولة واحدة لها تأثير دائم على اليمن، سواء أكان موحَّدا أم مجزأً، هي السّعودية، وبدرجة ثانية سلطنة عُمان التي لهَا حدود غربا مع الجنوب اليمني. والـجـغـرافـيـا تـبـقَــى - كـمَــا قـــال نـابـلـيـون - «الحقيقة الـــوحـــيـــدة فـــي الــســيــاســة». هــنــاك دول عـــديـــدة تستطيع الـــحـــضـــور فـــي الأزمـــــــات، بــمــا فـيـهـا الـــــــدّول الـــكـــبـــرى، إنَّــمــا ديمومة التأثير تبقَى العامل الأهم للقوى اليمنية، وهنا تُوكّد الحتمية الجغرافية. الـــقـــوى فـــي الـــجـــنـــوب، وكـــذلـــك فـــي الــشــمــال مِــــن دون الجارة الشمالية الكبرى، لا تستطيع إنجاح مشاريعِها السياسيةِ، ولو نجحت لحين، تاريخيّا ومنذ السّتينات والتدخل المصريِّ، وإلى اليوم. حـــتَّـــى الـــحـــوثـــي، بــمــا أوتـــــي مـــن قـــــوة ودعـــــم إيـــرانـــي، يعيش فـي قوقعة مغلقة. الحوثي يختلف... فهو وكيل لإيــــــران وصـــاحـــب مـــشـــروع آيـــديـــولـــوجـــي، ولـــيـــس مـكـوَّنـا يمنيّا وطنيّاً. أخيراً، أصبح يدرك أن علاقتَه بإيران عبء قــد يكلفه وجـــــودَه، وأن فـرصـتَــه فــي الــبــقــاء بـــصـــورة مَــا، مرهونة بالتوافق الداخلي والعلاقة مع الرياض. الوقت استراتيجيّا هو في صف الجغرافيا الحدودية الطويلة، وإن مرَّت سنوات من عدم الاستقرار. مع الجغرافيا، هناك أيضا الديموغرافيا. فأكثر من مليوني يمني يعيشون في المملكة يمثلون شريان حياة لبلدهم، وستستمر العلاقة الخاصة لعقود طويلة. هذه حقائق ثابتة ومستمرَّة في المعادلة الداخلية والخارجية لليمن. المـجـلـس الانـتـقـالـي لـديـه مــشــروع مــــوازٍ، وهــو إعــادة إحـــــيـــــاء دولــــــــة الـــجـــنـــوب المـــســـتـــقـــلـــة. يــســتــطــيــع إنـــجـــاحُـــه بشرطين: القَبول اليمني له الـذي يتطلَّب طرحا سياسيّا مُوائما وجامعا يعالج مخاوف بقية اليمنيين، بما فيهم الجنوبيون. والثاني، التأييد السعودي. مِن دون ذلك، فـ«الانتقالي» لن يستطيع المضي بعيدا وطـويـاً، بـل قـد يـدمّــر مفهوم الرابطة الجنوبية نفسِها، التي تلتقي في العلاقة مع الرياض. ونتيجة تـكـرّر الأزمــــاتِ، سيكتشف بقية الــرفــاق في المجلس الانـتـقـالـي أن قـيـادتَــه ربـمـا هـي الـعـقـبـةُ، وليست فكرة الانفصال نفسها. وهذا ما كان مع الرئيس عبد الله السَّلال في صنعاءَ، الذي اجتمع القبليون والجمهوريون على إبعاده، في أعقاب التَّصالح السّعودي المصري عام .1967 مــا فعلته قـــيـــادة «الانــتــقــالــي»، مــع أنَّــهــا لــم تتجاوز تـخـوم حـضـرمـوت فـي عملية استعراضية إعـامـيـة، هو أنَّها افتعلت أزمــة لم تحقق سـوى أنَّها نبشت الخلافات مع قوى جنوبية مضادة، بما فيها الحضرمية. الهجوم العسكري وسَّع مفهوم الانفصال والاستقلالات، كما عزَّز خطاب المرتابين بأن «الانتقالي» ليس إل مشروع حوثي آخر، وخطر كذلك على جارتي اليمن. كان من المنتظر أن يكون «الانتقالي» أكثر تفاعلا مع الحكومة الشرعية، وليس التمرد عليها، لأن له مقاعد في المجلس الـرئـاسـي، وهــو الإطـــار القانوني الـــذي يمكن أن يسهّل عملية الفصل لو جاء الوقت لذلك. لـانـفـصـالـيـن حـــاجـــة أكــبــر فـــي إقـــنـــاع كــــل الأطــــراف الخارجية والداخلية بمشروع الدولة، ليس بالمدرعات، بل بالتوافق. وبــأن محافظاتٍ، في ما كـان اليمن الجنوبي، تتفق على نظام الحكم المقبل، وليست تقبل بالانفصال فـقـط. فــالــســؤال هــو مَـــن سيحكمهم غـــداً؟ ويـتـطـلَّــب الأمـــر إقناع القوى اليمنية الشمالية بأن الدولة لن تكون مصدر أزمــات، مع طمأنة الجارتين بـأن المـشـروع لا يشكل خطرا على أمنِهما. ما يفعله «الانتقالي» منذ فترة، وهو مستمر فيه، أنَّه يستفز المكونات الجنوبية. فقد هاجم أكبرُها حضرموت، وكذلك المهرة التي أخافتهم من «الانتقالي». ولنَا عبرة في البريطانيين الذين استعمروا الجنوب سنة. فرغم أنَّــهـا الـدولـة العظمى فـي العالم 128 َّ اليمني آنذاك، فقد سعت بريطانيا إلى احتواء المناطق لتكتشف أن المهمة ليست سهلة، وقد نجحت. أسَّست مجلسا لسلاطين سـاطـن، ثم 6 الـجـنـوب الـعـربـي، فـي الـبـدايـة شكَّلته مـن . ومع كثرة الخلافات وسَّعته 15 ، ثم إلى 11 زادته ليصبح عضوا يمثّلون مناطق مختلفة. 23 ُ ليبلغ العدد يفترض مـن المجلس ورئـيـسِــه السيد الـزبـيـدي، قبل 48 أن يأمر ميليشياتِه بالهجوم على محافظة مساحتها مــرة من مساحة محافظتِه الضالع، أن يفكر في خطورة التبعات. مـثـالـيّــا وعـمـلـيّــا، خــيــار «الانـتـقـالـي» أن يـعـمـل داخــل المـجـلـس الــرئــاســي وضـمـن أطــــرِه الـشـرعـيـة. ومـــن خـالِــه، بمقدوره أن يحقّق مشروعَه في إقامة الدولة الجنوبية، إن كان ذلك يَلْقَى موافقة القوى الأخرى المعنية. «الانتقالي» فتح عش الانفصاليين OPINION الرأي 13 Issue 17190 - العدد Sunday - 2025/12/21 الأحد بعض الأفكار التي يجمد عليها أصحابها، وإن كانت خاطئةً، تؤدي عبر العناد إلى كوارث متعددة المستويات عبد الله بن بجاد العتيبي عبد الرحمن الراشد كان من المنتظر أن يكون «الانتقالي» أكثر تفاعلا مع الحكومة الشرعية وليس التمرد عليها [email protected]

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky