بـــلـــغـــة واضــــــحــــــة لا تـــخـــلـــو مــــــن حــــــدة، وعـقـب زيــــارة رئـيـس مجلس الــســيــادة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إلى الـــقـــاهـــرة، أصـــــدرت الــرئــاســة المــصــريــة بيانا نـقـاط 3 حــــول الـــحـــرب الـــســـودانـــيـــة، تـضـمـن وصفتها بالخطوط الحمراء، وقالت إنها لن تسمح بتجاوزها أو التهاون بشأنها، لأنها تمس الأمـن القومي المصري المرتبط بالأمن القومي السوداني مباشرةً. وجاءت الإشارة إلـــى تفعيل «اتـفـاقـيـة الـــدفـــاع المــشــتــرك» بين البلدين تلويحا بإمكانية إلقاء مصر بثقلها العسكري والسياسي والدبلوماسي لصالح الجيش السوداني. رسائل إقليمية ودولية اعـتـبـر الــكــاتــب الـصـحـافـي الــســودانــي، رئـــيـــس تــحــريــر صـحـيـفـة «الـــتـــيـــار»، عـثـمـان مــيــرغــنــي، الــتــصــريــحــات المـــصـــريـــة، رســائــل إقليمية ودولية في سياق التطورات الأخيرة المـــرتـــبـــطـــة بــــمــــهــــددات أمـــنـــيـــة خـــطـــيـــرة عـلـى الـــســـودان، مـشـيـرا إلـــى «تــمــدد (قــــوات الـدعـم السريع) في إقليمي دارفور وكردفان بصورة تـــهـــدد الأمــــــن الـــقـــومـــي الــــســــودانــــي المـــصـــري المشترك، مع وجود مخاطر انقسام جغرافي يهدد وحدة السودان». ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوســط»، أن مـصـر لأول مـــرة تـسـتـخـدم لــغــة مـبـاشـرة وخـــشـــنـــةً، وتـــلـــوح بــإمــكــانــيــة تــدخــلــهــا وفــق الــــقــــانــــون الــــــدولــــــي فـــــي أحـــــــــداث الــــــســــــودان، وأضــــــــاف: «هــــــذا يــعــبــر عــــن مـــســـتـــوى الـقـلـق المــصــري مــن الــوضــع فــي الـــســـودان». وأشـــار مـيـرغـنـي إلــــى إمــكــانــيــة «الـــتـــدخـــل المــبــاشــر» تحت ذريعة القانون الدولي وفقا لما جاء في بيان الرئاسة المصرية، وقــال إن «الخطوط الحمراء رسالة موجهة للجميع، فاللاعبون المؤثرون في المشهد السوداني كثر». الخطوط الحمراء أول الــخــطــوط الـــحـــمـــراء الـــتـــي ذكـرتـهـا الـقـاهـرة، هـي الـحـفـاظ على وحـــدة الـسـودان وســـامـــة أراضــــيــــه، وعــــدم الــعــبــث بـمـقـدراتـه ومـقـدرات الشعب السوداني، وعـدم السماح بــانــفــصــال أي جــــزء مـــن أراضــــــي الــــســــودان، وجـــددت رفضها الـقـاطـع إنـشـاء أي كيانات مـــوازيـــة أو الاعــــتــــراف بــهــا بــاعــتــبــار أن ذلــك يمس وحدة السودان وسلامة أراضيه. وشددت مصر وفقا للبيان على الحفاظ عــلــى مـــؤســـســـات الــــدولــــة الـــســـودانـــيـــة ومـنـع المـسـاس بها، مـؤكـدة على حقها الكامل في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات اللازمة التي يكفلها الـقـانـون الـــدولـــي، مــن بينها تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين الشقيقين لضمان عدم المساس بهذه الخطوط الحمراء أو تجاوزها. وزير الخارجية السوداني السابق على يوسف أشار إلى توقيت زيـارة البرهان إلى القاهرة، وقال إنه جاءت عقب زيارته الاثنين المـــاضـــي إلــــى المــمــلــكــة الــعــربــيــة الــســعــوديــة، وزيـــارة ولـي العهد السعودي الأمير محمد بـــن سـلـمــان إلــــى الــــولايــــات المــتــحــدة، وتــأتـي فـي إطـــار جـهـود إنـهـاء الـحـرب فـي الـسـودان عـبـر الآلــيــة الـربـاعـيـة الـتـي تـضـم السعودية والإمــارات ومصر وأميركا، وأوضـح يوسف لـ«الشرق الأوسط»، أن البرهان أطلع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على مخرجات زيـارتـه إلـى السعودية، وآخــر التطورات في السودان. وقــــــــال إن الـــــــزيـــــــارة لا تـــشـــبـــه مــــراســــم الزيارات العادية، وجـاءت نتيجة لتطورات الــحــرب الــســودانــيــة، لأن أمـــن مـصـر مـرتـبـط ارتـبـاطـا عضويا بـأمـن الـــســـودان، ونـبـه إلى أن مصر جزء من الآلية الرباعية التي تسعي لإنهاء الحرب التي اقتربت من عامها الثالث. الخبير العسكري السوداني، المعتصم عبد القادر، قال إن تفعيل الاتفاقية المشتركة بــن الـــســـودان ومـصـر يعني أن يـكـون هناك تـدخـل مــصــري، بـأشـكـال مختلفة، يمكن أن يشمل توفير الأسلحة والذخائر أو التدخل المباشر، وحسب بنود الاتفاقية التي تنص عـلـى أن عـلـى جـيـشـي الــدولــتــن الـــدفـــاع عن الأخــــــرى، وأضــــــاف: «الــخــطــوط الــتــي جـــاءت فـي بيان الـرئـاسـة المصرية خطوة متقدمة، وتعني الكثير للدولة السودانية». ووصف عبد الـقـادر فـي حديثه لــ«الـشـرق الأوســـط»، حــمــايــة الــبــلــديــن لـبـعـضـهـا الــبــعــض، بـأنـهـا «مسألة تاريخية ممتدة منذ الحروب التي حدثت في مصر في القرن الماضي، وشاركت فيها القوات المسلحة السودانية». رأي «الدعم السريع» قـــــــال مـــســـتـــشـــار قـــــائـــــد «قــــــــــوات الــــدعــــم الـــســـريـــع»، الــبــاشــا طــبــيــق، فـــي تـصـريـحـات عــلــى صـفـحـتـه بـمـنـصـة «إكــــــس»، إن مـوقـف مصر الــوارد في البيان «يُعد تدخلا سافراً، وانحيازا لطرف معين، وتعاملا استعمارياً، ينظر إلــى الــســودان بوصفه حديقة خلفية لها». مصدر آخر موال لـ«الدعم السريع» قال إن الاتهامات لمصر بدعم الجيش لم تتوقف يوما منذ بدايات الحرب، وأشار إلى وجود قــــــوات مـــصـــريـــة فــــي قــــاعــــدة مــــــروي الــجــويــة بـشـمـال الــبــاد فــي بــدايــات الــحــرب، حــن تم أسر بعض الجنود والضباط المصريين، ثم تسليمهم إلى القاهرة لاحقاً. وأشــــار المــصــدر أيــضــا إلـــى اتــهــام قائد «قـــوات الـدعـم الـسـريـع» محمد حـمـدان دقلو ،2024 ) «حميدتي» في أكتوبر (تشرين الأول الـــجـــيـــش المــــصــــري، بـــــ«شــــن ضــــربــــات جــويــة عــلــى قــــواتــــه»، وإمـــــــداد الــجــيــش الـــســـودانـــي بــطــائــرات مـسـيـرة وتـــدريـــبـــه. وأن حميدتي جدد اتهاماته في يونيو (حـزيـران) الماضي بدعم الـقـاهـرة للجيش الـسـودانـي وتـزويـده بطائرات يقودها طيارون مصريون قصفت مــنــاطــق ســيــطــرة قــــواتــــه، وتــــزويــــد الـجـيـش بـــأســـلـــحـــة ووقـــــــــود طــــــائــــــرات، مـــعـــتـــبـــرا ذلـــك «عـــدوانـــا ســـافـــرا عـلـى الـشـعـب الـــســـودانـــي». ويــقــول المـــصـــدر، الــــذي طـلـب حـجـب هـويـتـه، إن مصر تتدخل في الحرب في السودان من الأسـاس، وتفعيل اتفاقية «الدفاع المشترك» ما هو إلا تحصيل حاصل. ترف الوقت السفير الـسـودانـي الــصــادق المقلي قال إن مــصــر تـعـمـل مـــع الــســعــوديــة والمـجـمـوعـة الـــربـــاعـــيـــة الــــدولــــيــــة، بـــإيـــعـــاز وتـــنـــســـيـــق مـع الولايات المتحدة، لإعطاء دفعة قوية لموضوع الـــســـودان، وأضـــــاف: «أمــيــركــا تـسـتـخـدم الآن القوة الناعمة بدلا عن العصا، التي هي خيار مؤجل لحين استنفاد المساعي المكوكية التي يقوم بها كبير مستشاري الرئيس الأميركي مسعد بولس في المنطقة». وأوضــــــح المــقــلــي فـــي إفــــادتــــه لــــ«الـــشـــرق الأوســط»، أن واشنطن تعلم تماما تأثير كل من السعودية ومصر، وقدرتهما على إقناع وتليين موقف الحكومة السودانية الرافض للمبادرة الأميركية الأخيرة. وقـــــال إن الـــبـــرهـــان لا يـمـلـك فـــي الــوقــت الحالي «ترف الوقت»، فما يجري في السودان هــــو أســــــوأ كــــارثــــة إنـــســـانـــيـــة بــحــســب وصـــف المــجــتــمــع الــــدولــــي لـــهـــا، وأضـــــــاف: «المـــاحـــظ أن مـصـر فــي شـخـص وزيـــر خـارجـيـتـهـا بـدر عبد العاطي شبه تفرغ لإنجاح (الرباعية)، بـــاعـــتـــبـــار أن اســـتـــمـــرار الــــوضــــع الــــراهــــن فـي السودان يهدد أمنها القومي». ووصف السفير المقلي زيارتي البرهان لـــكـــل مـــــن الــــــريــــــاض والـــــقـــــاهـــــرة بـــــ«الأمــــتــــار الــــقــــصــــيــــرة» الــــتــــي عـــلـــى الــــبــــرهــــان قـطـعـهـا للاقتناع بمبادرة «الرباعية»، وتابع: «زيارة الـسـعـوديـة أحــدثــت نقلة نـوعـيـة فــي المـوقـف الـــرســـمـــي لــلــحــكــومــة الـــســـودانـــيـــة، وأعـــربـــت بـعـدهـا الـخـارجـيـة عــن حـــرص بــورتــســودان عــلــى الـــتـــعـــاون مـــع الـــرئـــيـــس دونــــالــــد تـرمـب ووزيــــــــــر خــــارجــــيــــتــــه ومــــســــتــــشــــاره بــــولــــس، وجـهـودهـم لتحقيق الـسـام فـي الــســودان»، وتــــوقــــع مـــســـتـــجـــدات وشـــيـــكـــة لـــحـــل الأزمــــــة السودانية قد تحدث اختراقا كبيراً. 8 السودان NEWS Issue 17189 - العدد Saturday - 2025/12/20 السبت محلل سوداني: «الخطوط الحمراء رسالة موجهة للجميع فاللاعبون المؤثرون في المشهد السوداني كثر» ASHARQ AL-AWSAT : بدأت «ناعمة» وقد تتصاعد في المستقبل القريب خبراء سودانيون لـ ماذا تعني الخطوط الحمراء المصرية لحرب السودان؟ محادثات الرئيس المصري مع عبد الفتاح البرهان في القاهرة الخميس (الرئاسة المصرية) بورتسودان: وجدان طلحة اتفاقية الدفاع المشترك ، وقّــعــت مـصـر والـــســـودان «اتفاقية 2021 • فــي مـــارس (آذار) مــن عـــام للتعاون العسكري»، تغطي «مجالات التدريب، وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه البلدان في في عهد حكم الرئيسين السوداني جعفر نميري، والمصري أنور 1976 عام السادات، ونصت المادتان الأولى والثانية على أن أي اعتداء على طرف يعد اعـتـداء على الآخـــر، وعلى التشاور الـفـوري الــذي يتضمن استخدام القوة المسلحة لرد العدوان، وعلى التزام الطرفين بتنسيق سياساتهما الدفاعية والعسكرية في المسائل المتعلقة بأمن البلدين القومي. وبعد سقوط نظام ، أبـلـغ رئـيـس الـــــوزراء وقتها 1985 جعفر الـنـمـيـري بـالـثـورة الشعبية فــي الصادق المهدي القيادة المصرية رغبته في إلغاء «اتفاقية الدفاع المشترك» ، لم 1987 بين البلدين، وبدلا عنها تم توقيع ما عُرف بـ«ميثاق الإخاء» في ، لكن لم يتم الحديث عنها أو تحريك 1976 ينص صراحة على إلغاء اتفاقية «آلياتها» منذ ذلك الوقت. النميري (يسار) ضابطا في القاهرة قبل عاما (أ.ف.ب) 15 توليه الرئاسة بـ هل تلجأ مصر إلى الخيار العسكري لدعم «وحدة السودان»؟ تــــعــــددت الــــتــــســــاؤلات حـــــول طــبــيــعــة الـــتـــحـــركـــات المــصــريــة المـسـتـقـبـلـيـة فـــي الأزمــــــة الـــســـودانـــيـــة، واحـــتـــمـــالات الـــلـــجـــوء إلــى الـــخـــيـــارات الــعــســكــريــة، بــعــد المـــوقـــف الـــافـــت بـتـحـديـد «خــطــوط حــــمــــراء» لــلــحــفــاظ عـــلـــى «وحـــــــدة الــــــســــــودان»، وكــــذلــــك الــتــلــويــح بـ«اتفاقية الـدفـاع المـشـتـرك»، وذلــك فـي ظـل وضـع ميداني معقد سنوات. 3 جراء الحرب المستمرة منذ ما يزيد على وتمثلت المحددات المصرية للخطوط الحمراء في «الحفاظ على وحـدة الـسـودان، وعـدم العبث بمقدرات الشعب السوداني، والـــحـــفـــاظ عــلــى مــؤســســات الـــدولـــة الـــســـودانـــيـــة، وعــــدم الـسـمـاح بــانــفــصــال أي جــــزء مـــن أراضـــــي الـــــســـــودان». وجـــــاءت الـخـطـوط الــحــمــراء مـقـتـرنـة بـالـتـأكـيـد عـلـى «الـــحـــق الــكــامــل فـــي اتـــخـــاذ كل التدابير والإجـراءات اللازمة التي يكفلها القانون الدولي»، ومن بينها «تفعيل اتفاقية الدفاع المشترك بين البلدين»، وفـق بيان صادر عن الرئاسة المصرية، الخميس. الخيار العسكري مستبعد واتفق خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوســط»، على أن «الخيار الــعــســكــري يـبـقـى مـسـتـبـعـدا فـــي حــــال لـــم يــتــم تـــجـــاوز الـخـطـوط الحمراء»، وأن «لغة البيان المصري دفاعية بالأساس، وإن كانت تحمل لغة مـغـايـرة عـن الـخـطـابـات الدبلوماسية الـتـي حرصت مــصــر عـلـيـهـا مــنــذ انـــــدلاع الـــحـــرب، وتــبــقــى تـــقـــديـــرات اســتــخــدام الأســـالـــيـــب الــخــشــنــة مـــتـــروكـــة وفـــقـــا لــحــســابــات عـــديـــدة يـصُــعـب تـقـديـرهـا الآن». وقـــال رئـيـس الهيئة الـعـامـة لـاسـتـعـامـات في مصر، ضياء رشــوان، في تصريحات إعلامية، مساء الخميس، إن «من المهم عدم تجاوز الخطوط الحمراء لمصر في السودان»، مؤكدا موقف القاهرة الثابت تجاه دعم استقرار ووحدة الدولة السودانية. ولفت إلـى أن «اتفاق الدفاع المشترك بين مصر والـسـودان قائم، ويشمل مواجهة أي أخطار أو تهديدات تمس أمن البلدين»، موضحا أن «مصر ترفض أي تهديد لوحدة السودان من أي طرف كان، بما في ذلك محاولات فرض حكومة موازية»، مؤكدا «التزام القاهرة بالحفاظ على سـيـادة الـسـودان ووحـــدة أراضــيــه». وفـي مــارس (آذار) مـن عام ، وقّعت مصر «اتفاقية للتعاون العسكري» مع السودان، تغطي «مجالات التدريب، 2021 وتأمين الحدود، ومواجهة التهديدات المشتركة»، وسبقها «اتفاق للدفاع المشترك» وقّعه ، في مواجهة «التهديدات الخارجية». 1976 البلدان في عام الهدف وقف النار الخبير الاسـتـراتـيـجـي المــصــري، الــلــواء سمير فـــرج، أكـــد أن «مـصـر لـديـهـا هـدف رئيسي يتمثل في وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات والحفاظ على وحدة السودان، وأن الخطوط الحمراء تؤكد أن السودان امتداد استراتيجي للأمن القومي المصري ولن تسمح مصر بأن ينقسم إلى دويلات، وبالتالي فإن الهدف دفاعي في المقام الأول». وجـــاء الـبـيـان المـصـري الـــذي أكــد «الــرفــض الـقـاطـع لإنـشـاء أي كـيـانـات مــوازيــة، أو الاعـتـراف بها، باعتبار أن ذلـك يمس وحـدة الـسـودان وسلامة أراضـيـه»، بالتزامن مع زيـــارة قـام بها الخميس، رئيس مجلس السيادة الانتقالي فـي الــســودان، الفريق أول عبد الفتاح البرهان إلى القاهرة، التقى خلالها الرئيس عبد الفتاح السيسي. وعقب عودته إلى السودان، وجه البرهان رسالة إلى الرئيس المصري في تغريدة له على منصة «إكس»، مساء الخميس، قائلاً: «شكرا مصر... شكرا الرئيس عبد الفتاح السيسي». واعتبر الخبير فـي شــؤون الأمــن القومي، الـلـواء محمد عبد الـواحـد، أن «جميع السيناريوهات مطروحة طالما أن الموقف المصري ربط بين وحدة السودان واستقراره وحماية الأمن القومي المصري، ويبقى الخيار العسكري بيد السلطة السياسية والقائد الأعلى للقوات المسلحة (رئيس الجمهورية) وفقا لحسابات عديدة ومعقدة». وأضاف أن «مصر هدفت لإحداث توازن بين لغة التصعيد للدفاع عن مصالحها، والإشارة إلى المبادرة الأميركية لوقف إطلاق النار ودعم المسارات السياسية، ما يشير إلى أن القاهرة غير مندفعة نحو الـخـيـار الـعـسـكـري، وتنتظر تـراجـعـا مـن الأطــــراف الـتـي تعمل على تقويض استقرار السودان وتقسيم أراضيه بما يشكل تهديدا للأمن القومي المصري». خطاب ردع وتضمن بيان «الخطوط الحمراء» تأكيدا على «حرص مصر الكامل على استمرار العمل في إطار (الرباعية الدولية)، بهدف التوصل إلى هدنة إنسانية، تقود إلى وقف لإطــاق الـنـار، يتضمن إنشاء مــاذات ومـمـرات إنسانية آمنة لتوفير الأمــن والحماية للمدنيين الـسـودانـيـن، وذلـــك بالتنسيق الـكـامـل مــع مـؤسـسـات الــدولــة الـسـودانـيـة». لكن عبد الواحد في الوقت ذاتـه، شدد على أن «الخطوط الحمراء» تمثل نقطة تحول استراتيجي في الخطاب السياسي من التهدئة الدبلوماسية إلى التهديد، أو ما يمكن وصفه بـ«التصعيد الدفاعي» في ظل تـطـورات ميدانية تشير إلـى تقدم «قــوات الدعم السريع»، وبالتالي فإن الموقف الأخير هو «خطاب ردع». ومن وجهة نظر عبد الواحد، فإن «استدعاء القانون الدولي يشير إلى أن القاهرة مــن مـيـثـاق الأمـــم المـتـحـدة الـتـي تتيح لــلــدول الــدفــاع عــن نفسها إذا 51 تُــذكــر بــــ(المـــادة تعرضت للمخاطر)، كما أن تفعيل (اتفاقية الـدفـاع المشترك) يؤشر على تنسيق في مجالات التبادل المعلوماتي والتدريبات المشتركة، وغيرها من مجالات التعاون التي تدعم حماية الأمن القومي». ووسعت «قوات الدعم السريع» عملياتها باستخدام الطائرات المُسيرة، وأطلقت، الخميس، هجوما واسعا على مدن عطبرة والدامر وبربر في شرق السودان باستخدام طائرة مسيرة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». 35 الكرة في ملعب «الدعم» مساعد وزير الخارجية المصري السابق لشؤون السودان، السفير حسام عيسى، أكـد أن «الحديث عن الخيارات العسكرية سابق لأوانـــه، فلكل حــادث حديث في حال جـرى تجاوز الخطوط الحمراء، والكرة الآن في ملعب (قــوات الدعم السريع) بإعادة النظر في خططها الساعية لتقسيم السودان بما يضمن وحدة البلاد والحفاظ على مؤسسات الدولة مع التدمير الواسع الذي تقوم به على مستوى البنية التحتية، وبما يمنع من تكرار جرائم الحرب الشنيعة التي وقعت في دارفـور». وأشار إلى أن الموقف المصري الأخير جاء مع تنامي الأخطار المحيطة بالدولة المصرية مع تدفق أعداد هائلة من اللاجئين، وتهديد أمن الحدود والوضع العملياتي على الأرض الذي يحمل خطورة كبيرة على الأمن القومي المصري. وحـذر وزيـر الخارجية المـصـري، بـدر عبد العاطي، الشهر المـاضـي، من «رد فعل قوي لبلاده، حال تهديد أمنها القومي المباشر»، مشيرا في تصريحات متلفزة عقب زيارته بورتسودان، إلى أنه «لا يمكن السماح لأي طرف تحت أي ظرف المساس بحدود بلاده». القاهرة: أحمد جمال
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky