issue17188

ســـعـــدت بــاملــشــاركــة هـــذا األســـبـــوع فـــي أعـــمـــال الــــدورة الحادية عشرة ملنتدى األمم املتحدة لتحالف الحضارات، فـي مدينة الـريـاض، عاصمة التحالف والعيش املشترك، بــحــضــور األمـــــن الـــعـــام لـــأمـــم املـــتـــحـــدة الــســيــد أنـطـونـيـو غـوتـيـريـش، واألمـــيـــر فـيـصـل بــن فــرحــان وزيــــر الـخـارجـيـة الـسـعـودي، والـسـيـد ميغيل مـوراتـيـنـوس، املمثل السامي لــلــتــحــالــف واملـــبـــعـــوث الــــخــــاص لـــأمـــم املـــتـــحـــدة ملـكـافـحـة اإلسالموفوبيا، والعديد من القادة واملسؤولي ورجاالت الفكر والـديـن وممثلي عـن املنظمات الـدولـيـة واإلقليمية والقطاع الخاص واملجتمع املدني واألوســـاط األكاديمية والـشـبـاب والـفـنـون والــريــاضــة واإلعـــــ م، وكـلـهـم يؤمنون بضرورة بناء األسرة اإلنسانية الواحدة. ومــــع دخـــــول املــــبــــادرة األمــمــيــة لـتـحـالـف الــحــضــارات عـقـدهـا الــثــالــث، كـــان املــنــتــدى فــرصــة لـ حـتـفـال بـالـذكـرى العشرين لتأسيس املبادرة ورسـم خريطة طريق ملسارها املستقبلي في السعي لتحقيق السالم العاملي. وتطرقنا في هذا املنتدى ملشكالت تعاني منها البيئة األمنية الدولية، خصوصًا أن سماتها األربع: التقلب، والتوجس، والتعقيد، والغموض، هي سمات حقيقية تطبع أزمنتنا أكثر من أي وقــت مـضـى، وتجعل الـخـبـراء االستراتيجيي فـي بعض األحـــيـــان فــي حــيــرة مــن أمــرهــم عـنـدمـا يـــريـــدون تشخيص الحاضر وتوقع املستقبل للتأثير فيه سلميًا وحضاريًا... شارك كرسي األمم املتحدة الذي لي شرف ترؤسه في جلسات هذا اللقاء الدولي، وانطلقت في تدخلنا من بعض ما جاء في كلمة األمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، عندما تحدث عن الشباب قائالً: «إن أفضل مَن يُعبّر عن األمـل هم شريحة الشباب، وهـم قـادة املستقبل، ورســـل الـــســـ م، وال يسعني فــي هـــذا الـسـيـاق إال أن أُعـبـر عن بالغ سروري بوجود هذه األعـداد الكبيرة من الشباب في هـذه القاعة، كما أن هناك منتدى شبابيًا ينعقد على هامش هذا املنتدى، وسوف يستضيف هذا املكان تخريج الدفعة الثامنة من برنامج تأهيل القيادات الشابة ملشروع (ســ م) للتواصل الحضاري، وبـنـاء عليه يمكن القول إن هذا املنتدى لتحالف األمم املتحدة للحضارات هو منتدى الشباب». وهـذا الكالم صحيح، ويتماشى مع ما نقوم به في إطـار كرسي األمـم املتحدة لتحالف الحضارات؛ حيث برمجنا فيه بمعية األمم املتحدة مجموعة من التكوينات الجامعية املختصة في مجال تحالف الحضارات لصالح الشباب، بما في ذلك مسالك للماستر مختصة في مجال حل النزاعات الدولية، يدرس فيه طلبة من العديد من دول الـعـالـم، ويـقـوم بالتدريس فيه قـضـاة دولــيــون، وممثلون ســـامـــون لـبـعـض الــهــيــئــات الـــدولـــيـــة وجــامــعــيــون وخـــبــراء ومختصون عامليون يؤمنون بقواعد العيش املشترك، كما أحدثنا مدرسة للدكتوراه يتابع فيها طلبة من العديد من الجنسيات يُعدّون األطاريح في مجال تحالف الحضارات والـــحـــل الـسـلـمـي لــلــنــزاعــات، كــمــا نــقــوم بـعـمـلـيـة الـتـكـويـن واالسـتـشـارة وتنظيم دورات تكوينية ومنتديات دولية، والدفع بشباب العالم إلى التنظير اإليجابي والتأثير على مستقبل العالم. في كلمته االفتتاحية، شدد ميغيل موراتينوس على ضـــرورة أن تحظى جميع الثقافات والـحـضـارات بصوت متساو في تشكيل عالم يزداد تعقيدًا. وحذّر موراتينوس مـــن «عـــــودة الـــكـــراهـــيـــة»، وشــــدد عـلـى ضـــــرورة الـيـقـظـة في مـواجـهـة التمييز واالنــقــســام. واسـتـشـهـد بـآيـة مــن الـقـرآن الكريم من سورة الحجرات: «يَا أَيُّهَا النَّاس إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَر وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُم شُعُوبًا وَقَبَائِل لِتَعَارَفُوا إِن أَكْرَمَكُم عِند اللَّه أَتْقَاكُم إِن اللَّه عَلِيم خَبِيرٌ». كما جدد تأكيده على أن اإلســــ م ديـــن ســـ م، وعـلـى ضــــرورة عـــدم الـتـسـامـح مع اإلسالموفوبيا في أي دولة... وهــــذا الـــكـــ م هـــو الــــذي جـعـلـنـي أدعــــو إلـــى اسـتـعـادة روح «حلف الفضول» التاريخي، وإحياء قيمه اإلنسانية العظيمة، لتعزيز السلم في العالم، ونشر ثقافة التعايش، ونبذ العنف والكراهية، والسعي من أجل مصلحة اإلنسان فـي كـل مـكـان أو زمـــان، وتـعـزيـز روح الـسـ م املـسـتـدام في العالم. و«حلف الفضول» هو ذلك الذي عقده وجهاء قريش فـي الجاهلية لنصرة ضعفائهم، وامـتـدحـه النبي محمد (صـلـى الـلـه عليه وســلــم) قــائــ إنـــه لــو أدركــــه اللـتـحـق بـه. وحــري باملسلم أن يحذو حــذوه في مد اليد لكل من يريد إقامة ذلك العهد املنشود. هذا الحلف كان قد عقد في الجاهلية، ولم يكن مبنيًّا على أســـاس ديـنـي وال عـرقـي، بـل الـتـأم جميع رواده على مكارم األخـ ق والقيم النبيلة املشتركة بي بني اإلنسان؛ ولذلك زكاه اإلسالم وأشاد به، وهو موقف شرعي متجدد متى تجددت الحاجة إليه، فالدعوة إلى حلف فضول جديد تنبني على مقدمتي: أوالهما، الوعي املشترك لدى العقالء باملأزق الذي غدت البشرية تعيش فيه، بسبب عجز النموذج الحضاري املعاصر الـذي انخرطت فيه اإلنسانية جمعاء، عـــن تـلـبـيـة آمــالــهــا فـــي االزدهـــــــار واالســـتـــقـــرار. وثـانـيـهـمـا، القناعة بوجود قيم إنسانية مشتركة. إنها القيم الكونية التي ال تختلف فيها العقول، وال تتأثر بتغير الـزمـان، أو محددات املكان، أو نوازع اإلنسان، ألن لها منابت وأصوال تحفظها من عوادي الدهر وتعسفات البشر. فــي شـهـر ديـسـمـبـر (كـــانـــون األول) مــن كــل سـنـة يجد األفـــراد واملـؤسـسـات والـــدول وكــل األطـــراف املنتجة، أكانت منتوجات مادية أو رمزية فكرية، مطلوب منها بحكم عادة التقويم السنوي، وضع املنجز في امليزان بقصد توصيف األنشطة الحاصلة وتحديد ما لم ينجز بعد وظل عالقًا في النوايا أو حبرًا على ورق. وهـي في الحقيقة عــادة حسنة بفضلها تتم الرؤية املوضوعية ويُرسم املنشود واملطلوب تحقيقه بناء على دراسة الواقع واإلخفاقات. مغاربيًا؟ وماذا رصدت 2025 السؤال: كيف كانت سنة من مهام تحتاج إليها الشعوب املغاربية لرفع 2026 لسنة التحديات املتراكمة؟ ال شك في أن الحديث عن املنجز يُحتم علينا التركيز على املجال املادي، أي على االقتصادات، وكيف كان حالها خــ ل هــذه السنة الـتـي تفصلنا عـن نهايتها بضعة أيــام. ولــكــن تـقـويـم الــحــصــاد مــاديــ واقــتــصــاديــ ال يـمـنـع بـاملـرة مــن اإلشــــارة إلـــى أن الــحــدث األبــــرز فــي املــغــرب الـعـربـي في العام الجاري إنما يتصل بقضية الصحراء الغربية التي صــوَّت بخصوصها مجلس األمــن الـدولـي لصالح مبادرة الحكم الــذاتــي املـغـربـيـة. وهــو قـــرار يمثل تـطـورًا كبيرًا في هذه القضية التي تعد الشوكة في حلق التنمية في إقليم املغرب العربي. من جهة ثانية فإن الواضح هو أن معاينة نتائج الحسم األمـمـي فـي هـذا امللف الحساس ليست آلية وتحتاج إلى وقت صعب التكهن بحجمه، ومن ثم ال يمكن ربط املستقبل القريب التنموي في املنطقة بتجاوز قضية الصحراء الغربية، ذلك أن هناك تجاوزًا للملف على مستوى الــقــرار األمـمـي وتــجــاوزًا أيـضـ على مستوى أرض الـواقـع وتحديدًا في العالقات الجزائرية - املغربية لم يُر بعد. اقتصاديًا تقول اإلنــجــازات واألرقـــام إن االقتصادات املغاربية كانت صامدة خـ ل هـذه السنة الصعبة عامليًا: طبعًا الـصـمـود املـقـصـود ليس نفسه فـي كـل الـبـلـدان وإن كــــان هـــو نـفـسـه مـــن حــيــث اإلرادة. لــذلــك فــإنــه بـشـكـل عــام حـال االقتصاد املغاربي ال بـأس به رغـم بعض املشكالت، خصوصًا الهيكلية منها. فاملغرب حقق نموًا الفتًا ظهر خـصـوصـ فـــي ارتـــفـــاع الــــصــــادرات، مـمـا يـعـنـي أن املــيــزان الـتـجـاري فـي أحـسـن حـاالتـه مـقـارنـة بـالـسـنـوات املاضية، إضـــــافـــــة إلـــــى أن الـــجـــهـــد املـــــبـــــذول فــــي مـــجـــال االســـتـــثـــمـــار والــتــشــريــعــات الــجــاذبــة لـلـمـسـتـثـمـريـن قـــد بـــدأ يــأخــذ بيد االقتصاد املغربي. أيـضـ ليبيا الـتـي لـم تستقر سياسيًا بعدما شهدت نموًا اقتصاديًا بسبب زيادة اإلنتاج النفطي. أمـــا الــجــزائــر فـحـافـظـت عـلـى اســتــقــرارهــا االقـتـصـادي كـــالـــعـــادة، وذلـــــك بـــاالعـــتـــمـــاد بــشــكــل أســـاســـي عــلــى مــــوارد الطاقة الغنية بها مثل الغاز والنفط. كما تمكنت تونس من تحسي وضعها االقتصادي جزئيًا، وهذه نقطة مهمة إذا ما وضعنا في الحسبان خيار االعتماد باألساس على املــوارد األساسية للدولة، إضافة إلى انشغال الدولة بحل املــلــفــات االجـتـمـاعـيـة الـثـقـيـلـة، وهـــو أمـــر اســتــوجــب تكلفة باهظة ورصدًا ألموال من ميزانية الدولة. فتونس اختارت معالجة امللفات االجتماعية أوالً. إذن هناك صمود اقتصادي في بلدان املغرب العربي، وهـــو أمـــر جـيـد فـــي عــالــم تـعـصـف بـــه األزمــــــات والــتــوتــرات املفتوحة على مصاريعها. فـي مقابل ذلــك نالحظ أن هذا الصمود يحتاج إلى تقوية أسسه. وربما هذه النقطة هي العنوان الكبير ملا يجب أن يتم أو ينطلق في تشييده العام . فليس مطمئنًا تحقيق الصمود االقتصادي 2026 القادم اعتمادًا على موارد الطاقة كالنفط والغاز وغيرهما. فاملورد الحقيقي للقوة وللصمود االقتصادي الدائم هو االستثمار الــــذي يـمـثـل نـقـطـة ضــعــف فـــي املـــغـــرب الـــعـــربـــي. ومــــن دون االستثمار فـإن إدارة شـؤون املعيشة في البلدان املغاربية ستظل مهددة وخالية من األفق والبناء املستقبلي لشعوب املنطقة خصوصًا شبابها. هـنـاك تـحـديـات كـثـيـرة عـلـى رأســهــا املـديـونـيـة املثقِلة لكاهل امليزانيات، ومعضلة البطالة التي ال يمكن ألي دولة أن تحلها في معزل عن تشجيع االستثمار بشقيه الوطني واألجـنـبـي. بـل إن املـــوارد الطبيعية يجب أن تكون مموِّلة لالستثمار كــي تنتج الــربــح والــفــائــدة املـسـتـهـدفـة، وليس مـطـمـئـنـ بـــاملـــرة أن يـتـم الــتــصــرف فـيـهـا لـتـسـديـد الـنـفـقـات والرواتب. إن املغرب العربي منطقة غنية بمواردها وتاريخها وثقافتها وشبابها الـذكـي الـــذي بـرهـن على كـفـاءة عالية فـي مختلف املــجــاالت... ولكن الناقص هـو إرادة سياسية مغاربية تستثمر فـي مقومات الـثـروة واملــــوارد الطبيعية والبشرية من خالل فتح باب االستثمار والرهان على رئة االقـتـصـادات الـقـويـة وعـجـلـة التنمية الـتـي ال تـتـوقـف عن الدوران. سـنـة اإلقــــ ع االسـتـثـمـاري في 2026 فـهـل تـكـون سـنـة املـغـرب الـعـربـي، أو على األقـــل، سنة وضــع حجر األســاس النــــطــــ ق مــــســــارات االســـتـــثـــمـــار بـــمـــنـــاخ تــشــريــعــي جــــاذب ألصــحــاب رأس املـــال وبـتـرشـيـد مـداخـيـل الـطـاقـة لتنشيط مــجــال االســتــثــمــار وإشـــبـــاع تــوقــعــات الــشــبــاب فـــي العيش الكريم وتحقيق الطموحات في بلدانهم؟ االلــتــبــاس الـلـبـنـانـي معضلة وجــوديــة مـــزمـــنـــة، نـــاتـــجـــة مــــن حـــقـــبـــات مــتــعــاقــبــة مـن الــهــيــمــنــة والــــوصــــايــــات واالحـــــتـــــ الت. وقــد أفرزت هذه العوامل خطابي: كالهما وطني بــالــنــســبــة ملــتــبــنّــيــهــمــا، لـكـنـهـمـا فـــي الـــواقـــع متنافران، يعكسان بدقّة االنقسام اللبناني الــعــمــودي واألفـــقـــي حــيــال الـقـضـايـا الـكـبـرى والصغرى، الداخلية منها والخارجية، منذ نشأة الكيان. سابقًا وحديثًا، أدّى هذا االنقسام إلى بروز مواقف وشعارات «وطنية» و«سيادية» و«استقاللية» ملتبسة، تفتقر إلــى تعريف موحّد للسيادة، أو فهم مشترك لالستقالل، أو تـــوصـــيـــف جـــامـــع لــلــوطــنــيــة؛ مــــا جـعـلـهـا عرضة لتأويالت متناقضة تبعًا للمصلحة الـــســـيـــاســـيـــة، واالنــــتــــمــــاء اآليــــديــــولــــوجــــي أو الجماعاتي. وقد انعكس هذا التضارب سلبًا عـلـى بـنـاء الــدولــة ووحــــدة قــرارهــا الـوطـنـي، وتسبّب بتموضعات متناقضة في صراعات اإلقليم؛ وهـو ما يتمظهر اليوم في املعادلة الـــشـــائـــكـــة واملــــقــــاربــــة الـــحـــسّـــاســـة بــــن إيـــــران وإسرائيل. بي إيران التي خسرها لبنان (بصفتها داعــــمــــ ســـيـــاســـيـــ لـــكـــل الــلــبــنــانــيــن ال لـفـئـة معيّنة)، وإسرائيل التي يستحيل كسبها أو وصفها حليفة أو قريبة من أي طرف لبناني، أو وقـــــف تـــهـــديـــداتـــهـــا أو ردعــــهــــا عــســكــريــ، يــتــجــلّــى االلـــتـــبـــاس الــلــبــنــانــي فـــي املــوقــفــن الرسمي والنخبوي. فـــاملـــوقـــف الـــرســـمـــي واضــــــح وصـــريـــح، ويعبّر عنه وزير الخارجية يوسف رجّي في السقف الذي تلتزم به الحكومة لناحية هدف املــفــاوضــات مــع إســرائــيــل. أمّـــا فيما يتعلّق بـطـهـران، فمن الــضــروري أن يتشدّد الـوزيـر رجّــــــي دبـــلـــومـــاســـيـــ فــــي مــطــالــبــتــهــا بــالــكــف عـن الـتـدخّــل فـي الـشـؤون الـداخـلـيـة، لكن من األفضل – بصفته رئيسًا للدبلوماسية – أن يتوجّه إلى طهران نفسها، ال للمجاملة، بل ليسمعِها خـطـابـ صـريـحـ: خـطـابـ يحمي العالقات التاريخية بـن الشعبي، ويشرح للقيادة اإليـرانـيـة، التي تعاني حالة إنكار، الــــفــــرق بــــن الـــــــدور املــــرحَّــــب بــــه والـــنـــفـــوذ أو الهيمنة املرفوضَي. كما يوضح أن روابطها الثقافية والـتـجـاريـة واالجتماعية يجب أن تشمل جميع الجماعات اللبنانية، وليس من شأنها التذرّع بحماية جماعة معيّنة، بل من شـأن الـدولـة وحـدهـا حماية مواطنيها. أمّــا الخصوصية الشيعية، فـإن الكالم الواضح والـــصـــريـــح فـــي طـــهـــران هـــو حــمــايــة لشيعة لـــبـــنـــان ولــــــدورهــــــم، وحــــفــــاظ عـــلـــى الــــروابــــط الثقافية والروحية التي تجمعهم بإيران. األفضل أن تسمع القيادة اإليرانية في طهران، من مسؤول لبناني رفيع، أن لبنان وشـيـعـتـه ليسا منصة أو أداة تـوسّــعـيـة أو استراتيجية بيد طهران، وأنّه غير مسموح بــــاملــــغــــامــــرة بــــأبــــنــــاء طــــائــــفــــة مــــؤســــســــة فــي صراعات املنطقة نتيجة انتماءات عقائدية. وبما أن العالقات الدبلوماسية قائمة، فال مفر من التعامل مع إيــران بوصفها خصمًا سياسيًا هيمن على لبنان في فترة معيّنة، ال عـــدوًا وجـــوديـــ ، عـلـى غـــرار مــا فعلته دول عـربـيـة شقيقة، ويــبــرز الــنــمــوذج الـسـعـودي هنا مثاال على التعامل الواقعي واملسؤول. وفـي املقلب اآلخــر، ال يمكن، في سياق «االلتباس اللبناني»، خصوصًا عند بعض النخب، اعتبار السالم مع العدو اإلسرائيلي مـــجـــرّد خــيــار أو رغــبــة سـيـاسـيـة. فـرغـبـويـة بــعــض الـلـبـنـانـيـن بــســ م مـسـتـعـجـل، على غـــرار نـمـاذج ملتبسة حصلت فـي السنوات األخيرة في الظروف الحالية، خيار مرفوض لدى ما ال يقل عن نصف اللبنانيي. ونموذج ، (اتفاق أمني - 1983 ) أيار» (مايو 17« اتفاق سياسي بي لبنان وإسرائيل) الذي وُقّع في ظل االجتياح، لم يُفض إلى سالم، وقد تخلّى عنه من فاوض ألجله، ال من ادّعى أنّه أسقطه شــبــاط (فــبــرايــر) 6 فـيـمـا يــعــرف بـانـتـفـاضـة ضـد حكومة الرئيس 1984 العسكرية سنة أمـن الجميل. وتُظهر التجربة السابقة أنّه كلّما اقتربت النخب اللبنانية مـن التفكير فـي الـسـ م وفــق شـــروط وطـنـيـة، اصطدمت باستحالته البنيوية. وال يعني ذلـــك إغــــراق لـبـنـان فــي أعـبـاء الصراع العربي – اإلسرائيلي، بل االعتراف بــوجــود عــوائــق بـنـيـويـة داخـلـيـة تـجـعـل من املستحيل تمرير أي سـ م منفرد ال يندرج ضمن حل عربي شامل، أو ضمن املسار الذي تقوده الرياض واملشروط بـ«حل الدولتي». وهــو مـسـار تـدركـه دمـشـق أيـضـ ؛ إذ تسعى إلى اتفاقات أمنية تضع حدًا للنزاع املسلّح، وليس بإنهاء الصراع، الذي قد يتّخذ أشكاال أخرى غير عسكرية. وعليه، فإن االلتباس اللبناني بي إيران وإسـرائـيـل يحتاج إلـى تفكيك. فاملشتركات بي إيـران دولـة وشعبًا، وبي شعوب ودول املـنـطـقـة، كـبـيـرة وعـمـيـقـة، وتــتــجــاوز أفـعـال النظام وارتكاباته. أمّا في إسرائيل، فهناك مـجـتـمـع مــتــشــدّد ال يـعـتـرف بــــأي آخــــر، وقـد أظهر موقفه فيمن يمثّله سياسيًا؛ مجتمعٌ، بأغلبيته، ال يملك أدنـــى قـاسـم مـشـتـرك مع شعوب املنطقة. OPINION الرأي 12 Issue 17188 - العدد Friday - 2025/12/19 اجلمعة : اقتصادات الصمود النسبي 2025 المغرب العربي منتدى تحالف الحضارات... رسالة إنسانية خالدة إيران وإسرائيل وااللتباس اللبناني وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com مصطفى فحص في إسرائيل مجتمع متشدّد ال يعترف بأي آخر وبأغلبيته ال يملك أدنى قاسم مشترك مع شعوب المنطقة آمال موسى عبد الحق عزوزي

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==