issue17187

Issue 17187 - العدد Thursday - 2025/12/18 اخلميس كتب BOOKS 17 محمد سيد إسماعيل في قراءة للقصة النسائية القصيرة «الخروج من الظل»... تفكيك فكرة الرجولة وشخصيات متمردة يــنــصــب الـــتـــمـــرد غــالــبــا عــلــى ســلــطــة اجـتـمـاعـيـة تـتـشـبـث بـــأعـــراف وتــقــالــيــد ومــفــاهــيــم تــحــاصــر املــــرأة وتحد من حريتها فـي كتابه «الــخــروج مـن الـظـل - قـــراءة فـي القصة النسائية القصيرة في مصر» الصادر حديثا عن الهيئة املـصـريـة الـعـامـة لـلـكـتـاب، يـركـز الـنـاقـد الــراحــل دكـتـور محمد سيد إسماعيل على نــمــوذج األنــثــى املـتـمـردة، كما رسمت مالمحها عدد من الكاتبات اللواتي يمثلن تجارب ومنطلقات مختلفة مثل رضوى عاشور وهالة البدري وسلوى بكر، مشيرًا إلى أن هذا التمرد غالبا ما يتجه إلـى سلطة اجتماعية تتشبث بـأعـراف وتقاليد ومفاهيم تحاصر املرأة وتحد من حريتها تحت مبررات واهية. عشق يصدم المجتمع فـي قصة «رأيـــت النخل» لـرضـوى عـاشــور، تبدو الــشــخــصــيــة الـــرئـــيـــســـيـــة فــــي مـــواجـــهـــة مـــجـــمـــوعـــة مـن «التقاليد» املجتمعية الراسخة التي تقرر للمرأة بعض األعمال وتستهجن قيامها بأعمال أخرى. لكن (فوزية) ال تقر هذا وال تلتزم به وتؤكد «تمردها» الدائم عليه. هي مغرمة بالنبات، غراما يجعلها تــراه في أحالمها وتستحضر دائما ما كان يرويه أبوها عن النخل الذي يشبه اإلنسان في استقامة القد والجمال، وخلقه من ذكر وأنثى وكيف أن «جُماره» في رأسه كعقل اإلنسان في رأسه إن أصابها سوء هلك؛ ولهذا فقد كانت تركض خلف نواه وتخبئه في جيبها العميق، وعندما ترجع إلى البيت تضعه في قطنة مبللة حتى يلني وينتفخ ثم تدفنه في الطني وتغمره باملاء. تقول فـوزيـة: «فـي عملي ال يفهمونني، وفـي الحي أيــضــا. سمعتهم بــأذنــي يـقـولـون فــوزيــة املـجـنـونـة التي تلقي بنفسها على نـوى تمر كأنه جنيهات الـذهـب». إن االعـتـراض على هـذا العمل يرجع في األســاس إلـى النظر إليه بوصفه من أعمال الرجل؛ وأن األنثى التي تمارسه إنما تخرج بذلك عن طبيعتها؛ وهي نظرة ال ترى في املرأة إال كائنا ضعيفا أو ينبغي أن يتصف بالرقة والجمال الحسي إلى آخر هذه املواصفات التقليدية الشائعة. يظهر ذلـك بوضوح في اعتراض إحـدى زميالت (فـوزيـة) على سلوكها: «فـي العمل أيضا يتهامسون وراء ظهري. في مرة قالت لي زميلتي: - انظري يا فوزية إلى يديك. ففهمت أنها تشير إلـى الخطوط الـسـوداء تحت األظافر فقلت - هذه ليست وساخة، إنه طني متخلف من الزرع الذي أزرعه. قالت وهي تربت على كتفي: «ال يليق ال يليق أبدًا وأنت موظفة!». القاهرة: رشا أحمد النص الكامل على الموقع اإللكتروني هدى سويد توثِّق ذكريات الحرب اللبنانية بروح أدبية في كتابها الجديد «عـزف على أوتــار مدينة»، الصادر عن «دار بيسان للنشر والتوزيع» (الطبعة األولــى، نوفمبر )، تعود الكاتبة اللبنانية- اإليطالية 2025 » «تشرين الثاني هـــدى سـويـد إلـــى واحــــدة مــن أكـثـر املــراحــل قـسـوة فــي تـاريـخ لــبــنــان، لــتــقــدِّم عــمــ أدبــيــا يستند إلـــى الـــذاكـــرة الشخصية والـجـمـاعـيـة، ويـعـيـد صـيـاغـة تـجـربـة الــحــرب األهــلــيــة بلغة وجدانية وتأملية بعيدة عن املباشرة والتقرير. الكتاب ليس سردًا زمنيا للحرب، وال توثيقا صحافيا بــاملــعــنــى الــتــقــلــيــدي؛ بـــل هـــو مــجــمــوعــة نـــصـــوص مـفـتـوحـة تتداخل فيها السيرة الذاتية مع املشهد العام، ويتحوَّل فيها املــكــان إلـــى كـائـن حـــي، واملـديـنـة إلـــى وتـــر مــشــدود عـلـى األلــم والفقد والصمود. تستعيد هـدى سويد نصوصا كُتبت فـي قلب الحدث أو على مقربة منه، وتعيد جمعها بعد سنوات طويلة، في محاولة ملواجهة الذاكرة؛ ال للهروب منها، ولتحويل ما تبقَّى من الرماد إلى كتابة. تتنقَّل نصوص الكتاب بني الوجداني والـــــســـــردي، بـــ الـــيـــومـــي والـــــرمـــــزي، حــامــلــة آثـــــار الــقــصــف، والرحيل، والخوف، وأسماء األمكنة التي تغيَّرت أو اختفت، وأصوات البشر الذين مرُّوا في الحياة ثم غابوا. وفي خلفية هذه النصوص، تبرز تجربة الكاتبة الصحافية التي عملت في الصحافة االستقصائية والتحقيقات امليدانية واملقابالت الثقافية والسياسية، مـا يضفي على اللغة حسّا واقعيا ال يلغي بُعدها الشعري. فـي مقدمة الـكـتـاب، تكشف هــدى سـويـد عـن الصعوبة التقنية والنفسية الـتـي رافــقــت جـمـع هـــذه الـنـصـوص، بــدءًا مـن استعادتها مـن أرشيف صــــحــــافــــي قــــــديــــــم، وصـــــــوال إلـــــــى الـــــغـــــوص مـــــجـــــددًا فــي زمـــــن الــــحــــرب. تـــعـــتـــرف بـــأن الـــــعـــــودة إلــــــى تـــلـــك املـــرحـــلـــة أعادتها إلـى ليالي القصف ونهارات الخوف، إلى صور املـــوت والتهجير وسـيـارات اإلســـعـــاف، وأنـــهـــا كـثـيـرًا ما تــــوقــــفــــت أمـــــــــام الـــنـــصـــوص باكية، مثقلة بثقل الذاكرة. مــــــن هـــــنـــــا، يـــــأتـــــي الــــكــــتــــاب بوصفه فعل مواجهة، ال حنينا، ومحاولة لفهم املـاضـي ال لتجميله. تضم املجموعة عناوين تشكِّل معا لوحة فسيفسائية ملدينة مجروحة، مثل: «حني يصغر املكان»، و«أضغاث وقت»، و«طريق الصحراء»، و«لك املدينة»، و«عزف رحيل على أوتار مدينة». وهي نصوص ال تَعِد القارئ بالفرح، ولكنها تفتح له باب التأمل فيما جـرى، وفي أثـره املستمر على الحاضر؛ خصوصا لجيل لم يعش الحرب؛ لكنه يرث ظاللها. شهادات نقدية في مقدمة الكتاب، يرى الناقد والشاعر محمد فرحات أن هدى سويد تلتقط من الحرب «قبسا؛ ال املحرقة كاملة»، وتـــحـــوِّل الـتـجـربـة إلـــى لـغـة تـصـف الـــواقـــع وتـعـيـد نـحـتـه في آن. ويـشـيـر إلـــى أن الـكـتـابـة هـنـا لـيـسـت تحقيقا صحافيا؛ بـل هـي أدب يـعـيـد رســـم األمــكــنــة والــبــشــر فـي زمـــن الـــزلـــزال؛ حيث تتخذ اللغة شـكـ مفتوحا، مـرنـا، قـــادرًا على احـتـواء الفوضى اإلنسانية للحرب األهلية. أما الكاتب والصحافي أحمد أصفهاني، فيتوقف عند فعل «االنـتـقـاء» الــذي قامت به الكاتبة لنصوصها القديمة، معتبرًا أن هذا الفعل يشبه نفض غبار العمر عن لحظات والدة قاسية. ويؤكد أن سويد لم تفصل ذاتها عن الحدث؛ بل أخذت القارئ معها في رحلة إلى أمكنة وأزمنة ما زالت محفورة في الذاكرة؛ حيث تتقاطع املهنية الصحافية مع الحس اإلنساني العميق. من جهته، يرى الشاعر والناقد أنطوان أبو زيد أن «عزف عـلـى أوتــــار مـديـنـة» يــنــدرج ضـمـن أدب الـــذكـــرى والــتــأمــل في الزمن املُر، ويشير إلى أن القارئ يواجه نوعني من النصوص: وجــدانــيــات مشبعة بـالـخـوف والـفـقـد والــوحــشــة، ونـصـوص تخييلية جميلة تنفتح على التحليل والتأمل. ويعتبر أن قوة الكتاب تكمن في قدرته على تحويل األلـم إلـى مـادة أدبية، ال لتثبيته؛ بل إلعادة التفكير فيه. بيروت: «الشرق األوسط» كتب تستكشف «الوعود» والمخاطر االقتصادية 5 ما الذي حصل للحلم األميركي؟ فــــي غـــضـــون خــمــســ عـــامـــا مـن االســـتـــقـــ ل، شـــيّـــدت أمــيــركــا رؤيــتــ مــــتــــنــــاقــــضــــتــــ : الـــــنـــــشـــــوة، والــــحــــلــــم األمــــيــــركــــي. كــــانــــت األولــــــــى مـــدفـــوعـــة بـــحـــمـــاس نـــهـــايـــة الـــعـــالـــم الــــــذي رافــــق الــــصــــحــــوة الــــكــــبــــرى الــــثــــانــــيــــة، فـيـمـا اسـتُــمـدّت الـرؤيـة الثانية مـن التفاؤل الــجــامــح لـلـمـؤسـسـ أمــثــال تـومـاس جــــيــــفــــرســــون. وَعَــــــــــــــدَت األولـــــــــــى بــــأن الصالحني سـيـرتـقـون، فيما أقسمت الثانية بأن بإمكان الجميع فعل ذلك. لكن اليوم، تبدو أسس الصعود غير ذات صلة. كل شيء أصبح أغلى ثـــمـــنـــا -رعـــــايـــــة األطـــــفـــــال، واإليـــــجـــــار، والرهون العقارية، والتأمني الصحي، وفــــــواتــــــيــــــر الــــــخــــــدمــــــات، والــــبــــقــــالــــة، واملطاعم، واألدوات املنزلية، وخدمات الــبــث، وتـــذاكـــر الــحــفــ ت املـوسـيـقـيـة، وتذاكر الطيران، ومواقف السيارات، نــاهــيــك بـــهـــدايـــا األعـــــيـــــاد... الـــرواتـــب ثــــابــــتــــة، وقـــــــــوة الــــعــــمــــال مـــتـــحـــجـــرة، ومـعـركـة مكافحة التضخم مستمرة للعام الخامس. كـــيـــف ومــــتــــى أصــــبــــح االرتـــــقـــــاء االجتماعي بعيد املـنـال كما يبدو؟ تـتـنـاول الكتب املـعـروضـة هـنـا، هذا الــســؤال مـبـاشـرةً؛ إذ يتعمق بعض املـؤلـفـ فــي كيفية تـشـكـل الـثـغـرات فـــي طــريــق الــحــيــاة األفـــضـــل؛ بينما يـــــحـــــدد آخـــــــــــرون مــــــواطــــــن الـــضـــغـــط الـــــحـــــالـــــيـــــة. وتُـــــظـــــهـــــر هــــــــذه الـــكـــتـــب مــجــتــمــعــة أن األمـــيـــركـــيـــ كــافــحــوا إلصــــ ح اقــتــصــادهــم مــنــذ تـأسـيـس الــواليــات املـتـحـدة، وأن جـهـود جيل ما غالبا ما تؤتي ثمارها في الجيل الذي يليه. كتاب «ثمن الديمقراطية» لفانيسا ويليامسون مــــــــــن الـــــــــضـــــــــرائـــــــــب املـــــــفـــــــروضـــــــة خــــ ل حـفـلـة شــــاي فـــي بــوســطــن إلــى الـــتـــعـــريـــفـــات الــجــمــركــيــة فــــي الـعـصـر الذهبي، قلّما نجد ما يُحدد التاريخ األمـــيـــركـــي مـــثـــل الــــضــــرائــــب. فــــي هـــذا الــســرد التحليلي الـدقـيـق للضرائب فــــــي الــــــــواليــــــــات املــــــتــــــحــــــدة، تُـــــجـــــادل ويـــلـــيـــامـــســـون، الـــبـــاحـــثـــة فــــي مـعـهـد بروكينغز، بـأن السياسة الضريبية تتجاوز مجرد تمويل الحكومة، فهي آلية لتوزيع السلطة والحفاظ عليها، فلطاملا دعمت الضرائب أثرياء البالد عــلــى حـــســـاب بـقـيـة الــشــعــب. وتـكـتـب ويـلـيـامـسـون أنـــه بـعـد الـــثـــورة، كانت أبـيـجـيـل آدامـــــز مـــن بـــ الـنـخـب الـتـي اشـــتـــرت ســـنـــدات الـــحـــرب الـحـكـومـيـة مــتــراجــعــة الـقـيـمـة بــأبــخــس األثـــمـــان، ثـــم شـــاهـــدت قـيـمـتـهـا تـرتـفـع مـــع رفـع ماساتشوستس الضرائب لسدادها، عـلـى حــســاب املـــزارعـــ الـبـسـطـاء في الغالب. وعلى الرغم من هذه التفاوتات، فـــإن أطـــروحـــة ويـلـيـامـسـون املـفـاجـئـة هــــي أن الــــضــــرائــــب، عـــنـــد تـطـبـيـقـهـا بشكل صـحـيـح، تُــفـيـد الـديـمـقـراطـيـة. فـقـد أسـهـم فـــرض ضـريـبـة الــدخــل في ستينات القرن التاسع عشر في دعم املجهود الحربي لالتحاد، مما ضمن عــــدم تـحـمـيـل الـــفـــقـــراء وحـــدهـــم عــبء التكاليف. وبـــعـــد الـــحـــرب، فـــرضـــت حـكـومـة إعادة اإلعمار في كاروالينا الجنوبية ضـرائـب على األراضـــي، مما زاد عدد األطـــــفـــــال الــــذيــــن يــمــكــنــهــم الــحــصــول عـلـى التعليم الــعــام بـأكـثـر مــن أربـعـة أضعاف، حتى في ظل تفشي التهرب الضريبي. وتــــــــجــــــــادل ويـــــلـــــيـــــامـــــســـــون بـــــأن مــعــارضــة الـــضـــرائـــب لــطــاملــا تـسـتّــرت وراء دعـــــــوات الــــعــــدالــــة، لـــكـــن الـخـطـر الـحـقـيـقـي يـكـمـن فـــي غـــيـــاب الـشـعـور بـــاالنـــتـــمـــاء. وتـــكـــتـــب أنـــــه فــــي نــهــايــة املـــــطـــــاف، عـــنـــدمـــا يــســهــم الــــنــــاس فـي تـــمـــويـــل حـــكـــومـــة فـــعّـــالـــة، يـصـبـحـون أكثر ميال للمطالبة بحقهم في إبداء رأيـهـم فيما تفعله، ويتوقعون منها االستجابة. «حريةرجل واحد» لنيكوالس بوكوال بني مقاطعة حافالت مونتغمري فـــــــي خــــمــــســــيــــنــــات الـــــــقـــــــرن املـــــاضـــــي ، طــــرح زعـيـم 1964 وانــتــخــابــات عــــام الــحــقــوق املــدنــيــة مـــارتـــن لـــوثـــر كينغ واملـرشـح الـرئـاسـي الجمهوري بـاري غولد ووتر، أفكارًا مؤثرة حول معنى «الحرية» في أميركا. في هذه الصورة املــــــزدوجــــــة املُـــلـــهـــمـــة، يُـــعـــيـــد بـــوكـــوال بــنــاء كـيـفـيـة تـــصـــادم حـركـتـيـهـمـا، إذ قـــــدّم كـــ الـــرجـــلـــ مــفــهــومــا مختلفا للحرية، مُرسّخا فهما مُغايرًا للنظام االقـــتـــصـــادي األمـــثـــل: اقـتـصـر مفهوم كـيـنـغ عـــن الــحــريــة عـلـى املـــســـاواة في الــــــوصــــــول إلـــــــى الــــســــلــــع والــــخــــدمــــات الـــعـــامـــة، فـيـمـا اســتــنــدت رؤيـــــة غـولـد ووتـــــــر لـــلـــحـــريـــة إلـــــى حــــقــــوق املــلــكــيــة الشخصية. يتتبع بــوكــوال، أســتــاذ الفلسفة الـسـيـاسـيـة فـــي جـامـعـة «كـلـيـرمـونـت مــــاكــــيــــنــــا»، كـــيـــف أصـــبـــحـــت رؤاهــــمــــا املتنافستان، اللتان عَــبّــرا عنهما في خطاباتهما ومواعظهما ومناقشات مـجـلـس الـــشـــيـــوخ، املــنــطــق األخـــ قـــي املـــــزدوج ألمـيـركـا الـحـديـثـة: أحـدهـمـا يُــــــقــــــدّس الــــــســــــوق، واآلخــــــــــر يُـــطـــالـــب بـــإصـــ حـــهـــا. حــــــذّر غـــولـــد ووتــــــر مـن أن «الـحـكـومـة الـكـبـيـرة» -بضرائبها وشــــــبــــــكــــــات األمــــــــــــــان االجـــــتـــــمـــــاعـــــي- و«الــــعــــمــــالــــة الــــكــــبــــيــــرة» -بــضــغــطــهــا الـــتـــصـــاعـــدي عــلــى األجـــــــور- تُــــهــــدّدان «نمط الحياة االقتصادي األميركي». ورد كـيـنـغ بــــأن الــحــقــوق الـسـيـاسـيـة دون فـــــرص اقـــتـــصـــاديـــة هــــي حــقــوق جــــوفــــاء. ويــــــرى بــــوكــــوال أن تـحـالـف الحقوق املدنية الذي قاده كينغ أسهم فـــي إفـــشـــال حـمـلـة غـــولـــد ووتــــــر، لكن أفكار غولد ووتر انتشرت في أوساط الــســيــاســة األمــيــركــيــة، مُــشــكّــلــة ثـــورة ريغان وعوملة السوق الحرة في عهد كلينتون. «أمراء التمويل» للياقت أحمد فــــي كـــتـــابـــه الـــتـــاريـــخـــي الـــحـــائـــز ، يتتبع 2009 جـائـزة «بـولـيـتـزر» عــام أحـمـد مـسـيـرة أربــعــة رجـــال سيطروا على البنوك املركزية الكبرى في العالم فـــي الـــســـنـــوات الـــتـــي ســبــقــت الــكــســاد الكبير، وهم: مونتاجو نورمان (بنك إنـجـلـتـرا)، وبـنـيـامـ سـتـرونـغ (بنك االحتياطي الفيدرالي في نيويورك)، وإميل مـورو (بنك فرنسا)، وهياملار شاخت (بنك الرايخ). يـــتـــنـــاول هـــــذا الـــكـــتـــاب الـــتـــاريـــخ العاملي، ولكنه يُعد جزءًا ال يتجزأ من الـتـاريـخ األمــيــركــي، إذ لـطـاملـا امـتـدت آثار االقتصاد األميركي عبر الحدود الوطنية. وبينما كانت االقتصادات األوروبـــــيـــــة تــعــانــي مـــن الــــركــــود بعد الـــحـــرب الـعـاملـيـة األولـــــى تـحـت وطـــأة الـــتـــعـــويـــضـــات والــــــديــــــون، اســـتـــخـــدم سترونغ خطوط االئتمان األميركية لــــلــــمــــســــاعــــدة فــــــي إنــــــعــــــاش الــــبــــنــــوك األوروبية. «الصندوق الراديكالي» لجون فابيان ويت لــــم يــعــتــمــد األمـــيـــركـــيـــون دائـــمـــا عـلـى الـحـكـومـة لـتـحـسـ أوضـاعـهـم املــعــيــشــيــة. فـــقـــد شـــهـــدت عــشــريــنــات الــقــرن املــاضــي ازدهـــــارًا فــي األســـواق وتـــفـــاقـــمـــا فــــي عـــــدم املـــــســـــاواة. وكــــان رأس املـــــــال الـــــخـــــاص فـــــي كـــثـــيـــر مــن األحــيــان شـريـان الـحـيـاة الـوحـيـد ملن يكافحون الفقر والفصل العنصري املتجذر واالعتداء واسع النطاق على الحريات املدنية. ، رفـــــض تــشــارلــز 1922 فــــي عـــــام غـــــــــارالنـــــــــد، وريـــــــــــث وول ســــتــــريــــت، عاما 23 املـصـرفـي الـبـالـغ مــن الـعـمـر مـــن واليــــة مـاسـاتـشـوسـتـس، الـتـربـح مـــن نـــظـــام رآه ظـــاملـــا، وتـــبـــرع بـكـامـل ميراثه البالغ مليون دوالر؛ لتأسيس الصندوق األميركي للخدمة العامة. وكما يُبني ويـت في كتابه التاريخي الشيق عن الصندوق الفيدرالي، فقد أصبح هذا التنازل محركا ماليا دعم األفـــــــراد واملـــؤســـســـات الـــتـــي سـتُــشـكـل الحـــقـــا بـــرنـــامـــج الــصــفــقــة الـــجـــديـــدة، وحركة الحقوق املدنية. تـــحـــت قــــيــــادة روجـــــــر بـــالـــدويـــن، مـــــن االتــــــحــــــاد األمــــيــــركــــي لـــلـــحـــريـــات املدنية، دعم الصندوق مشاريع عالم االجــتــمــاع األســــود دبـلـيـو إي بــي دو بــويــز. دو بــويــز، ونـــورمـــان تـومـاس، حـــــامـــــل لـــــــــواء الــــــحــــــزب االشـــــتـــــراكـــــي، ومـــاري وايـــت أوفـيـنـغـتـون، املؤسِّسة املشاركة للجمعية الوطنية للنهوض بامللوَّنني. وأشعلت نضاالتهم شرارة تــحــالــفــات عــمــالــيــة واســـعـــة الــنــطــاق، مــثــل مــؤتــمــر املــنــظــمــات الـصـنـاعـيـة، والـــحـــمـــ ت الـــقـــانـــونـــيـــة الـــتـــي بـلـغـت ذروتها في قضية براون ضد مجلس التعليم. «بابيت» لسنكلير لويس يـــســـأل جـــــورج ف. بــابــيــت، رجــل الــعــقــارات املــولــع بــاألجــهــزة، وسـائـق ســــيــــارة بــــويــــك، واملـــنـــتـــمـــي إلــــــى نــــاد ريــــفــــي، والـــــــذي يُـــمـــثّـــل مـــحـــور روايـــــة لـــويـــس الـــســـاخـــرة الـــتـــي صـــــدرت عــام ، عــــن الــــرضــــا الـــــذاتـــــي لـلـطـبـقـة 1922 الــوســطــى: «بــصــراحــة، هــل تعتقدين أن الـنـاس سيظنونني ليبراليا أكثر من الـ زم لو قلت إن املضربني كانوا محترمني؟». تدور أحداث هذه الرواية وســـــط احـــتـــجـــاجـــات عــــامــــ ت بـــدالـــة الـهـاتـف فــي مـديـنـة زيـنـيـث الخيالية في الغرب األوسط األميركي. تـــجـــيـــبـــه زوجــــــتــــــه: «ال تـــقـــلـــق يـا عــــزيــــزي، أعــــــرف أنـــــك ال تــعــنــي كـلـمـة مما تــقــول». ومــع ذلـــك، فــإن مساعدة املــضــربــ هـــي أول مـــا سـيـفـعـلـه ذلـك الـــشـــاب الــجــامــعــي -الــــــذي كــــان يحلم بـــالـــدفـــاع عـــن الـــفـــقـــراء. يــعــتــرف البـنـه الحـــقـــا قــــائــــ ً: «لــــم أفـــعـــل فـــي حـيـاتـي شــيــئــا أردتــــــه حــــقــــا!». ثـــم يــمــر بــأزمــة منتصف العمر قصيرة األمد. ينخرط في األوساط البوهيمية، ويقيم عالقة غـرامـيـة مــع أرمـــلـــة، ويـثـيـر ضـجـة في نــاديــه الــريــاضــي. لـكـن عـنـدمـا يُقابل بتجاهل مجتمعه، ومـــرض زوجـتـه، ينهار بابيت. حققت الـــروايـــة مـبـيـعـات هائلة، ودخـــل عـنـوانـهـا إلـــى الـلـغـة الـــدارجـــة: أصبح «بـابـيـت» اخـتـصـارًا للشخص املتوافق مع التيار السائد، العالق في عالم ضيق األفق. لقد أدرك لويس، أول أميركي يفوز بجائزة نوبل في األدب، مـــا يــغــيــب غــالــبــا عـــن االقـــتـــصـــاديـــ : الحلم الـذي انتقده ليس طموحا، بل هو إجباري. االنسحاب يعني النفي، لـــذا يبقى معظم الــنــاس فــي الــداخــل، مبتسمني في الفراغ. * تكتب أليكسس كو عمودًا عن التاريخ األميركي في ملحق الكتب بصحيفة «التايمز». وهي زميلة بارزة في مؤسسة «نيو أميركا»، ومؤلفة كتاب «لن تنسى أبدًا بدايتك: سيرة جورج واشنطن». خدمة «نيويورك تايمز». *نيويورك: أليكسس كو يتعمق مؤلفون في كيفية تشكل الثغرات في طريق الحياة األفضل؛ بينما يحدد آخرون مواطن الضغط الحالية

RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==