الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائب رئيس التحرير Managing Editors Editorial Consultant in KSA Aidroos Abdulaziz Camille Tawil Saud Al Rayes Deputy Editor-in-Chief مديرا التحرير مستشار التحرير في السعودية محمد هاني Mohamed Hani الأمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز عيدروس عبد العزيز كميل الطويل سعود الريس 1987 أسسها سنة 1978 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير غسان شربل Editor-in-Chief Ghassan Charbel مـضـى عـــام عـلـى إطــاحــة نــظــام الأســــد (حـافـظ عاماً؛ ولم 54 وبشار) الـذي مضى عليه في الحكم تكن فرحة الأشقاء في سوريا أقل كثافة في الذكرى عما كانت عليه لحظة الـبـدايـة. التغيير هـذه المـرة لـم يكن مماثلا لمـا كـان عليه يـوم اشتعال «الربيع الـــســـوري» الــــذي انـتـهـى إلـــى حـــرب أهـلـيـة مـتـعـددة الأطـــــــراف والأبـــــعـــــاد، وجــــــاءت الــنــهــايــة مـــع دخـــول دمـــشـــق مـــن قــبــل جـبـهـة المـــعـــارضـــن الـــتـــي نجحت فــــي عــــبــــور المـــديـــنـــة بـــعـــد الأخـــــــــرى، حـــتـــى وصــلــت إلــى الـعـاصـمـة الـســوريـة، الـتـي يـُـطـلـق عـلـى اسمها «الـــشـــام»؛ تلخيصا لإقـلـيـم واســـع تـتـحـدد تخومه تبعا للناظرين. دمشق بالنسبة إلى سوريا والشام كانت كما كانت موسكو بالنسبة إلـى روسيا في زمـن الإمبراطورية والاتـحـاد السوفياتي وروسيا الاتــحــاديــة. أحـيـانـا تـكـون الـعـاصـمـة - الأمــويــة في هــذه الـحـالـة - هـي المـركـز الـــذي ينبت منه التغيير على بقية نـطـاق التأثير التاريخي مهما اتسعت أو ضـــاقـــت حــلــقــاتــه. الــحــكــم عــلــى مـــا حــــدث خــال شـهـرا لا يـــزال مـبـكـراً، ولـكـن المـيـاد كــان مواتيا 12 عـنـدمـا نـجـحـت الــقــيــادة الـــجـــديـــدة، «الــكــاريــزمــيــة» لأحـــمـــد الـــــشـــــرع، فــــي تـــرســـيـــخ الـــــشـــــروط الــخــاصــة بالدولة «الوطنية» في الخطاب العام، التي تجمع بالمواطنة ولا تفرق، والتي لا يُفصَل فيها السلاح عن السلطة السياسية، والتي ترسخ العلاقة بين أجزاء وطوائف سوريا ولا تفرقها. في مثل هـذه اللحظات الحاكمة في التاريخ، فــإن الـخـطـاب وحـــده ليس كـافـيـا، ورغـــم الحاضنة العربية التي رحبت بالتغيير في دمشق وجذبته إلـى الخليج والـجـزيـرة العربية، وقربته مـن خلال المـصـالـح المشتركة مـن الــولايــات المـتـحـدة وأوروبـــا وحتى روسيا والصين؛ فإن المسيرة كانت ولا تزال صعبة. فما زال هناك الكثير من العمل بين المركز فـــي دمــشــق والأطــــــراف فـــي الــشــمــال الــشــرقــي حيث «قـــوات سـوريـا الـديـمـقـراطـيـة» (قــســد)، وإن وافقت نـظـريـا عـلـى مـفـهـوم الــدولـــة الـوطـنـيـة، فـإنـهـا ظلت مـطـالِــبـة بــنــوع مـــن الاسـتـقـالـيـة لــقــواتــهــا، ومعها قدر من «اللامركزية» التي لا يعرف أحد حدودها وعمقها. العلاقة مع الساحل سادها توتر ودمـاء دفعت إلى لجنة تحقيق يكون في تكوينها اعتراف بما حـدث، وكيف حدث هـذا. الجنوب السوري في الـــســـويـــداء ســـرعـــان مـــا دفـــع إلـــى اضـــطـــراب الأقـلـيـة الـــدرزيـــة وإعـــانـــهـــا، أو بـعـض مـنـهـا، الــلــجــوء إلـى الإســرائــيــلــيــن وهــــو مـــا فــتــح بــابـــا لـلـفـتـنـة ومـعـهـا تدخلات إسرائيلية دموية وكارثية تضع السيادة السورية موضع اختبار صعب. إســــرائــــيــــل رغـــــم إعـــــانـــــات الــــقــــيــــادة الـــســـوريـــة الــــجــــديــــدة عــــن رغـــبـــتـــهـــا فــــي بـــنـــاء طـــريـــق لــلــســام الـسـوري - الإسرائيلي، فـإن الـدولـة العبرية نظرت إلـــى التغيير فــي ســوريــا بـوصـفـه فـرصـة لتعميق الاخـــتـــال فــي تـــوازنـــات الــقــوى الإقـلـيـمـيـة. الـبـدايـة كانت لحظة التغيير الكبرى بدخول دمشق عندما قامت الـطـائـرات الإسرائيلية بشن غـــارات على كل المواقع التي يُعتَقد أنها تحتوي على بقايا الجيش الـــســـوري. وتــاهــا تـقـدم الـــقـــوات الإسـرائـيـلـيـة لكي تتخطى الحدود التي أرستها اتفاقية فصل القوات ؛ وبعده 1974 ) السورية - الإسرائيلية في مايو (أيار زحــفــت ثـــم طـلـبـت إســـرائـــيـــل أن تــكــون المـنـطـقـة من دمشق حتى هـذه الـحـدود منزوعة الـسـاح. وعلى الرغم من العلاقات الـوديـة التي أنشأتها «سوريا الـجـديـدة» مـع الــولايــات المـتـحـدة وأوروبــــا وتركيا والتي تأمل دمشق في أن تساهم في رفع الضغط الإسرائيلي عليها، إلا أن التعنت الإسرائيلي ما زال قائماً. لم يكن الواقع في دمشق معفى من التعقيدات الـجـديـدة الـتـي ألمَّـــت بـالـصـراعـات الإسـرائـيـلـيـة مع الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومع الدولة اللبنانية في ناحية و«حزب الله» في ناحية أخرى. أزمـات العالم لم تكن أقل تعقيدا من تعقيدات إقليم الشام والشرق الأوســط. فالولايات المتحدة، بــــعــــد إبــــــــــرام اتـــــفـــــاق وقـــــــف الـــــنـــــار بـــــن «حــــمــــاس» وإسرائيل، سرعان ما انتقلت إلى الملف الأوكراني وتعقيداته الكثيرة. قائمة أعمال الرئيس الأميركي دونالد ترمب وضعت في مقدمة أولوياتها، التي مـــن مــبــدئــهــا «أمـــيـــركـــا أولاً»، الــــعــــودة إلــــى «مــبــدأ مـــونـــرو» الــــذي يـضـع أمـيـركـا الـاتـيـنـيـة عـلـى رأس الـقـائـمـة الاسـتـراتـيـجـيـة لـلـولايـات المـتـحـدة. آسـيـا، وفـي قلبها الـصـن، تأتي ثانية، وبعدها أوروبـــا، ثم الشرق الأوسط الذي يعني بالنسبة إلى سوريا والدول العربية ما الذي سوف تفعله واشنطن إزاء إسرائيل التي لم تضع فلسطين وحدها في فوهة البندقية، وإنما أضافت لها سوريا ولبنان وإيران. جدول الأعمال أمام «سوريا الجديدة» سوف يتسع كثيراً، حيث أولوياته لا تزال الحفاظ على الــتــمــاســك الـــداخـــلـــي فـــي انــتــظــار أن يـــكـــون الــزمــن مواتيا لإرضاء الشعب السوري الذي احتفل مرتين بــالــدولــة الـــجـــديـــدة، بـحـيـث تــعــود أجـــهـــزة الــدولــة إلـــى الـعـمـل، والاقــتــصــاد إلـــى الانــتــعــاش، والـسـلـم الأهـلـي إلــى الــواقــع، ومـنـع شـــرارة حـــروب الـجـوار من الانتقال إلى القلب السوري. عربيا فإن السلام والـتـقـدم الـسـوريَّــن جــزء مهم مـن منطقة أعياها الانـقـسـام وتـحـتـاج إلــى تفكير عـربـي جـديـد حول تحقيق الاستقرار. أبواب دمشق في مثل هـذا الوقت من كل عـام تتدفق التقارير من الحكومات والشركات والمؤسسات الدولية ومراكز البحث والنشر عن أداء ما جرى خلال العام وتوقعات عام مقبل. ومما يلفت النظر أن المؤشرات الاقتصادية الكلية مثل مـعـدلات التضخم، والـنـمـو الاقـتـصـادي، والــــبــــطــــالــــة عـــنـــدمـــا يــــذكــــر المـــــســـــؤولـــــون تـــحـــســـنـــا فـي مؤشراتها تقابَل في أحوال كثيرة برفض واستهجان مـــن عــمــوم الـــنـــاس. ولـــهـــذا الـتـنـاقـض أســـبـــاب يحسن بالمسؤولين إدراكها وتداركها؛ حتى لا تتسع الفجوة بين ما يُعلَن من أرقـام وما يُــدرَك من دلالاتها، وحتى لا تستشري الفجوة بين متخذي القرار والمتأثرين به. للاقتصاديين 2024 وفـي دراســـة صــدرت فـي عـام الزملاء في «معهد بروكنغز» ريان كامينز، وبن هاريس ونــيــل مــاهــونــي عـــن أســـبـــاب الــتــنــاقــض بـــن مــؤشــرات الاقتصاد الكلي الأميركي وشعور الأفـراد بمستويات مـعـيـشـتـهـم، أظـــهـــرت مـــؤشـــرات الــبــطــالــة أنـــهـــا أقــــل من متوسطاتها منذ مطلع القرن، والاقتصاد أظهر نموا حقيقيا ملموساً، كما أن الأجـور زادت بمعدلات أعلى مـن التضخم. فما هـو السبب فـي الانـفـصـال الملحوظ بين مقاييس انطباعات المستهلكين، مثل رقم ميشيغان القياسي الشهري لشعور المستهلكين المعمول به منذ ، ومؤشرات ثقة المستهلكين التي تصدر منذ 1978 عام ، عن المؤشرات الاقتصادية الكلية؟ 1967 عام وتــــــذهــــــب نــــتــــائــــج تــــتــــبــــع الـــــفـــــجـــــوة بــــــن شـــعـــور المستهلكين من المواطنين والمؤشرات الاقتصادية الكلية إلـى العوامل الآتية لتفسيرها، والتي يمكن أن تعين، إلى حد ما، في تفسير ظواهر مماثلة في بلداننا: أولاً: الأثر السلبي المستمر للتضخم رغم تراجعه، ففي حـن يـركـز المـؤشـر الاقـتـصـادي الكلي على معدل ارتفاع السعر وقد يحتفي المسؤولون بانخفاض معدل ارتــفــاعــه، ولـكـن المستهلك معني بــالأســاس بمستوى السعر نفسه الذي لم ينخفض. ثانياً: إن تقدير المستهلك السلبي لزيادة الأسعار قـــد يــكــون أكــبــر مـــن تــقــديــره الإيـــجـــابـــي لـــزيـــادة دخــلــه، بـافـتـراض حـــدوث زيـــادة دخــل تـفـوق زيـــادة أسـعـار ما يستهلكه. ثالثاً: الانحياز الإعلامي السلبي عن الاقتصاد؛ إذ تــشــيــر دراســـــــة مــشــتــركــة لـــاقـــتـــصـــادي جـــولـــز فـــان بينسبيرجين عن الأخبار الاقتصادية على مدار قرنين، .1960 إلى أنها تنزع للسلبية منذ عام رابـــــــعـــــــا: الانــــــحــــــيــــــاز الـــــســـــيـــــاســـــي، حــــيــــث تــشــيــر استطلاعات الـرأي إلى انحياز سلبي أكبر للمواطنين من الحزب المعارض للحكم لا للمتغيرات الاقتصادية الـجـاريـة ذاتــهــا، كما أن توقعاتهم أســـوأ عـن مستقبل ،2023 الاقــتــصــاد. وفـــي دراســــة تطبيقية أجــريــت عـــام مقارنة بـن الجمهوريين والديمقراطيين، أظـهـرت أن «الجمهوريين يشجعون بصوت أعلى ويستهجنون بضجيج أكبر». ذكـرت أن هذه التفسيرات للحالة الأميركية قد تفيد إلى حد ما، في غياب دراسات مماثلة، في فهم ظـاهـرة التناقض بـن المـؤشـرات الاقتصادية الكلية حــال تحسنها وشـعـور المـواطـنـن فـي بـلـدان نامية. فالوضع في البلدان النامية ذو اختلافات بيّنة يجب استجلاؤها؛ حتى لا ينبري البعض بـادعـاء أن ما نــــراه مـــن تـنـاقـض لـيـس مـخـتـلـفـا عـمـا قـــد نــجــده في «أميركا وربما أوروبا وبلدان متقدمة أخرى». وأول الاختلافات في البلدان النامية، أن كثيرا منها لا يـتـوفـر بـهـا مـــؤشـــرات دوريــــة رقـمـيـة معلنة عــن انـطـبـاعـات المستهلكين وشــعــورهــم، كتلك التي تستعين بها مثل هذه الدراسات التي أشـرت إليها. وثاني الاختلافات، أن المؤشرات الاقتصادية الكلية فـــي أحـــــوال كـثـيـرة تـعـانـي تـــأخـــرا فـــي إصـــدارهـــا في البلدان النامية، وهي بطبيعتها مؤشرات متباطئة ذات نظرة للوراء في بحثها عما كان في فترة زمنية سابقة ولا تلاحق الانطباعات الراهنة للمستهلكين. وثـالـث الاخـتـافـات، هـو ارتـفـاع حـــالات الفقر المدقع وســــوء تـــوزيـــع الـــدخـــل بـمـا يـجـعـل حــــالات التحسن النسبي، إن هي حدثت فعلاً، ذات أثـر متباين على عموم المواطنين وفقا لنصيبهم من الدخل والثروة. ورابع الاختلافات، هو مدى مصداقية الخطاب العام فـي التعامل مـع الأرقـــام الاقـتـصـاديـة الـتـي تصيبها مــوبــقــات الإنـــكـــار لــلــواقــع والــتــهــويــن مـــن الآثـــــار في حــالات تـراجـع الأداء، ثـم تصيبها آفــات المبالغة في التكرار والتهويل من الإنجازات في حالات التحسن النسبي. ربــمــا الـتـبـس الأمــــر عـلـى بـعـض المــســؤولــن في تفسير ومـمـارسـة مقولة منسوبة للقائد الفرنسي نابليون بونابرت مفادها أن «القائد هو تاجر أمل»، فـالمـقـصـود بــهــذا الأمــــل حـتـمـا لـيـس دربــــا مـــن دروب الخيال، أو وعودا واهية. والأخطر أن يصدق المسؤول ما يروّجه فيرتد إليه عمله بما يعقّد مسارات سعيه. والـــفـــيـــصـــل فــــي هـــــذا الأمــــــر هــــو الاســـتـــنـــاد إلـــى المــعــايــيــر المـــعـــتـــمـــدة: فــالمــعــايــيــر وظــيــفــتــهــا الــقــيــاس بانضباط واتساق، كما تهدف إلى تحقيق التوافق من دون تفاوت وانفلات، كما تهدف إلى تحديد نقطة مرجعية لنوعية الأداء. ولخطورة موضوع المعايير؛ خصص له البنك الدولي تقريره السنوي عن التنمية ، الذي صدر مؤخرا تحت عنوان 2025 في العالم لعام «معايير للتنمية». ويـدعـو هــذا التقرير إلــى تبني البلدان النامية المعايير والتوافق معها وتطويرها وهـي في سبيلها لتحقيق التنمية؛ ضاربا الأمثلة بــتــجــارب نــاجــحــة مـــن الـــشـــرق والـــغـــرب فـــي اعـتـمـاد المعايير والمقاييس مكونا غير منظور من مكونات الـــتـــحـــديـــث، لا تــقــل أهــمــيــة عـــن المـــكـــونـــات المــنــظــورة كشبكات الطرق والمواني وسائر البنية الأساسية. وفي استعراض التقرير للمعايير ودورها في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية، لم يفته التأكيد أن المعايير يمكن البناء عليها في دفع النمو وزيادة الـكـفـاءة، وأن التنمية هدفها فـي النهاية الارتـقـاء بمستوى معيشة الـفـرد بما يقضي على معضلة التعارض بين المؤشرات الكلية، وما يشعره المواطن إذا حــقــقــت المــعــايــيــر ارتــــقــــاء بـــالـــخـــدمـــات، خـاصـة التعليم والصحة. كما أنه من شأن المعايير أن تعين فـي إدارة المخاطر، وزيـــادة الـقـدرات الحكومية في إنجاز عملها وضبط أولوياتها بما يضيّق الفجوة بين الأداء الاقتصادي الكلي وما يستفيد به المواطن ويشعر به. مؤشرات ومشاعر! OPINION الرأي 13 Issue 17186 - العدد Wednesday - 2025/12/17 الأربعاء عبد المنعم سعيد محمود محيي الدين
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky