حتى الآن يـروّج البعض مقولات عن نهاية الإرهـاب؛ يقولون إن الأصولية في حالة أفول وهذا قول فظيع تنكره الوقائع والأحداث المتتابعة. لقد أثبتت واقعة سيدني الدموية أن الإرهاب متجذّر وفـــعّـــال ولـــم يـكـن مـفـاجـئـا أن يـسـتـهـدف تـنـظـيـم «داعــــش» دولة مسالمة واعتيادية مثل أستراليا وبخاصة في موقع احتفالي ديني. صحيح أن أستراليا جرّمت «الحرس الثوري» ودخلت جزئيا فـي تحييد الإرهــــاب، بيد أنـهـا لـم تكن رأس حربة قويّة على غرار أميركا أو الدول الإقليمية التي أخذت على عاتقها تجريم وسحق الإرهاب. لــطــالمــا بـقـيـت بــعــض الـــــدول مــــتــــرددة بــشــأن الإرهــــاب وتوصيفه. بعضهم يحيّد «الإخـــوان المسلمين» الذين هم أســـاس تــكــوّن كــل هـــذه المـنـظـمـات الإرهــابــيــة. بــل إن بعض الـدول اعتبرت «الإخــوان» جماعة مدنيّة تطالب بالحقوق والعدل! إن هذه الأزمات الإرهابية والعمليات المجرمة مردّها النظري كله إلى بيئة وماكينة «الإخوان» المسلمين النظرية. إن هــــجــــوم «ســــيــــدنــــي» يـــعـــبّـــر عــــن تــــحــــد شــــديــــد مـن الإرهــابــيــن وخـاصـتـه فــي نقطتين اثـنـتـن؛ الأولــــى: أنهم يتّجهون للمناطق الرخوة والآمنة بغية إيصال رسائلهم الـسـيـاسـيـة عــبــر الـتـنـفـيـذ الإرهــــابــــي بـغـيـة إثـــبـــات صـابـة وجـودهـم فـي كـل مـكـان، وآيــة ذلـك أن الهجوم الــذي تحقق به السلطات الأسترالية الآن ليس عابرا وإنما ربما يشكّل سلسلة قد تتكرر في أماكن عدة ليس لها علاقة بمكافحة الإرهـــــــاب ولا مــــطــــاردة الإرهـــابـــيـــن وذلـــــك نـــكـــايـــة بـــالـــدول التي تحاربهم وتسحقهم. الثانية: أنهم يـريـدون تعميم الــفــوضــى، فـهـم حينما يـكـونـون فـوضـويـن فــي إداراتـــهـــم السياسية، إنما يريدون ترسيخ هـذا النموذج على بقية المسلمين والـعـالـم، ومــا كــان الـهـجـوم الهمجي اعتباطياً، وإنــمــا لــه أســاســه الـنـظـري الإرهـــابـــي الــــذي قــلــت إن جــذره الفكر الإخــوانــي المـتـأصّــل والمــؤصّــل للجماعات الإرهابية في العالم؛ لقد تربّى أسامة بن لادن والـظـواهـري وحسن الـــتـــرابـــي وأبـــــو بــكــر الـــبـــغـــدادي عــلــى الــنــظــريّــة الـسـيـاسـيـة الإخوانية. لـطـالمـا سـعـى الإرهـــابـــيـــون إلـــى تـبـويـب وجـــودهـــم في المجال العام عبر استخدام مفهوم «الدولة» أو حتى العولمة؛ بـل إن بعض المحللين اعتبروا الجماعات حالة اعتيادية أتـت ضمن فضاء العولمة الــذي سـاد فـي الثلث الأخـيـر من القرن العشرين، وبخاصة من المفسّرين اليساريين لحالة الإسلام السياسي. إن الـتـفـسـيـر الــعــولمــي لمـــوضـــوع الإرهــــــاب كـــان مغريا للإسلاميين وللإرهابيين بوصفه اختراقا معرفيا لتبرئة ســـاحـــتـــهـــم مــــن الإدانـــــــــة والمــــســــؤولــــيــــة، ولــتــحــمــيــل الـــغـــرب والإمبراطورية الأميركية عبء نشوء «القاعدة» بوصفها جـــريـــرة أفــغــانــســتــان، و«حــــمــــاس» لــكــونــهــا نـتـيـجـة تـعـثّــر موضوع فلسطين، و«حزب الله» لأنها حركة مقاومة تقوم بحماية المدنيين من بغي إسرائيل. فــــي مـــقـــالـــة لـــأســـتـــاذ مــــشــــاري الـــــذايـــــدي عــنــوانــهــا: «تـــعـــايـــشـــوا مـــع الإرهــــــــاب» نُـــشـــرت بـــهـــذه الـــجـــريـــدة كتب مقولات مهمة خلاصتها الآتي: «مشكلة الإرهـاب الديني أنـه يستند، في الأســـاس، إلـى خطاب مغلق نــاف للآخر، خـطـاب واثـــق، مصمت، مـجـروح، غـاضـب، هـائـج، لـن يقر له قـرار حتى يهدم المعبد على من فيه. خطاب يعتقد أن الكمال مفقود، والمشروعية غائبة... لا يمكن القضاء على ولادة جـنـدي إرهــابــي إلا بـالـقـضـاء عـلـى المــنــاخ الثقافي والاجتماعي الذي يسهل عملية ولادته، ولا يمكن القضاء على هذا المناخ إلا بمواجهة قاسية مع علل الـذات. ليس فـي هــذا نـكـران للهوية، ولا هـجـاء لحضارتنا، بـل دفـاع عنها وعمن يسوقنا كلنا إلى انتحار جماعي كالحيتان المجنونة». الـخـاصـة أن الـعـمـلـيـات المــنــفّــذة حـديـثـا وربــمــا تنفّذ وبـخـاصـة أن الـعـالـم فـي مـواسـم مقبلة على الأعــيــاد تنذر بخطر محدق كما حـدث في عمليّة إسطنبول الجهنمية؛ الـفـكـرة أن الـقـضـاء الأمــنــي المــؤقــت عـلـى الإرهــــاب ضـــروري وطـبـيـعـي، ولــكــن الأســـــاس يـكـمـن فـــي الـتـجـريـم الـقـانـونـي الحاسم ضد هذه الجماعات كلها سنية أو شيعية. إن هـــجـــوم «ســـيـــدنـــي» يــمــثّــل تــهــديــدا كــبــيــرا لـلـعـالـم، وحلّه سهل وواضــح؛ أن يتم تجريم جـذر هـذه الجماعات الإرهابية وأعني به تنظيم «الإخوان المسلمين». تعود البعثة الدولية في ليبيا لإعــادة استخدام الآلـــيـــات الـسـابـقـة نفسها الــتــي فـشـلـت فــي إنــتــاج حل واقعي قابل للتطبيق والتعايش في ليبيا، مما يجعل مــســتــشــاري الـبـعـثـة الأمــمــيــة فـــي لـيـبـيـا يـسـتـخـدمـون الأساليب الفاشلة نفسها ويتوقعون نتائج جديدة. فاليوم تطرح علينا بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ليبية وليبيا 120 مــشــروع «الـــحـــوار المـهـيـكـل» بنحو يمثلون البلديات، والأحـزاب السياسية، والجامعات، والمـــؤســـســـات الــفــنــيــة والأمـــنـــيـــة، ومـــكـــونـــات المـجـتـمـع المختلفة، وهو الأمر نفسه الذي لا يختلف عما قامت به المبعوثة السابقة ستيفاني ويليامز التي سبق أن شخصا لا يعرف إلى يومنا 75 شكلت لجنة الحوار من هـــذا مـــا هـــي مـعـايـيـر الاخـــتـــيـــار، ومـــن قـــام بـالاخـتـيـار وقــدم الأسـمـاء، والـيـوم تطرح البعثة نفسها «الحوار شخصاً، وهــو فـكـرة المـشـروع الفاشل 120 المهيكل» بــــ ، ولكن 120 إلى 75 السابق نفسها مع اختلاف الرقم من بالأخطاء نفسها والآليات ذاتها، بل وتكرار العديد من الشخوص أنفسهم، وانتظار حل أو نتائج مختلفة، وهذا يؤكد أن البعثة الدولية في حالة إرباك سياسي بسبب هذا السلوك المتناقض والمتكرر. البعثة الأممية في ليبيا تقول إن «الحوار المهيكل» أحـد المكونات الأساسية لخريطة الطريق السياسية التي وضعتها في سعيها لمعالجة الإشكالات المعقدة والسعي نحو الاستقرار والازدهار، بحسب ما أعلنته الممثلة الخاصة للأمين الـعـام فـي ليبيا، حنا تيتيه، أمام مجلس الأمن في شهر أغسطس (آب)، إلى جانب ) اعتماد إطـار انتخابي فني سليم وقابل للتنفيذ 1( سياسيا لإجـــراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ) تـوحـيـد المــؤســســات مـــن خـــال حـكـومـة مـوحـدة 2( و جديدة، كما تقول إن الحوار المهيكل يهدف إلى توسيع المـشـاركـة فـي العملية السياسية، ومعالجة الأسباب الجذرية للصراع، وبناء رؤية مشتركة لمستقبل البلاد. وتــبــرر الـبـعـثـة اخـتـيـاراتـهـا بــالــقــول إن «معايير الترشيح تشمل الخبرة أو المعرفة في واحد على الأقل مـن المـجـالات الأربـعـة: الحوكمة، والاقـتـصـاد، والأمــن، والمصالحة الوطنية وحقوق الإنسان» دون التوضيح كيف كـانـت ضـوابـط وآلـيـات التأكد مـن حجم المعرفة بالمجالات الأربعة. في حين تزعم البعثة الأممية أن الـحـوار المهيكل يهدف إلــى توسيع المـشـاركـة فـي العملية السياسية، ومعالجة الأسـبـاب الـجـذريـة لـلـصـراع؛ فهي تتجاهل أطـــرافـــا أســاســيــة بـاعـتـبـارهـا شـريـكـا فـــي الـــحـــوار، بل تشرك أطرافا هي السبب الرئيسي في استمرار الصراع والتنفع منه. وبــــن الــــحــــوار الـــشـــامـــل والــــحــــوار المــهــيــكــل تبقى الـحـكـومـات الليبية المـتـنـازعـة الشرعية فـي ليبيا في حـالـة صـــراع نفعي دائـــم ومستمر، بـــدءا مـن الحكومة الليبية المؤقتة المعترف بها من البرلمان المنتخب، إلى حكومة الإنقاذ التي شكلها تنظيم الإخوان بالشراكة مــع الـجـمـاعـة الليبية المـقـاتـلـة فـــرع «الــقــاعــدة» الليبي عقب حـرب ميليشيات «فجر ليبيا» وسيطرتها على العاصمة ونزوح الحكومة الشرعية إلى الشرق الليبي، وبعدها حكومة «الوفاق الوطني» وحكومة «الوحدة» الوطنية ومنتهية الولاية ومنافسها الحكومة الليبية المعترف بها من البرلمان الليبي. رفــــضــــت جــــمــــاعــــات الإســـــــــام الـــســـيـــاســـي نـتـيـجـة الانتخابات والإقرار بالهزيمة لصالح حكومة «الوفاق» التي شكَّلها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة الإسباني برناردينو ليون، دون أن تنال الثقة من البرلمان الليبي، مما جعلها حكومة منقوصة السيادة وغير شرعية. أمـا دول الجوار الليبي فتختلف مواقفها حسب مصالحها ومكانتها الجغرافية مـن ليبيا... فمصر الشقيقة الكبرى تتعاطى بشكل إيجابي وبتوازن مع الـطـرفـن دون انـحـيـاز، وهـــذا مـا دأبـــت عليه الـقـاهـرة؛ فـــالـــدولـــة المـــصـــريـــة فـــي أكـــثـــر مـــن مــنــاســبــة تـــؤكـــد هــذا الـــتـــوازن، ســــواء بـتـأكـيـد اعـتـرافـهـا بـالـجـيـش الليبي، وتـعـاطـيـهـا بـإيـجـابـيـة مـــع حـكـومـة الـــوحـــدة الـوطـنـيـة بـاعـتـبـارهـا حـكـومـة نـتـاج لاتــفــاق سـيـاسـي، وإن كـان حاليا في حكم «الميت سريرياً»؛ حيث سعت الحكومة المصرية لرعاية اجتماعات لتوحيد الجيش الليبي في مؤسسة عسكرية واحدة تحت عقيدة وطنية تنبذ الإرهاب والفكر الميليشياوي. بـيـنـمـا دول الـــجـــوار الـلـيـبـي مـــن جــهــة الــصــحــراء كالسودان وتشاد والنيجر، فجميعها ليست في حال يقدم حلا في ليبيا، وهي الأخـرى منكوبة بصراعات داخلية قد تكون أشد مما هو في ليبيا، التي توقفت فــيــهــا أصــــــــوات المـــــدافـــــع، وتـــعـــالـــت فــيــهــا الـــصـــراعـــات السياسية، بينما السودان وتشاد، والنيجر ثالثهما، لا تــــــزال أصـــــــوات الــــرصــــاص والـــقـــنـــابـــل تــســمــع فـيـهـا بوضوح. دول الجوار الليبي ليس بينها توافق كبير حول رؤيـة شاملة للحل في ليبيا؛ فـدول الـجـوار الست، لم تستطع التوافق فيما بينها على رؤية موحدة، خاصة بعد أن يئست دول الجوار من كثرة الخروج بتوافقات منقوصة غـيـر قـابـلـة للتعايش والـسـعـي نـحـو الـدفـع لاستقرار ليبيا خالية من التنظيمات الإرهابية، مما سيحقق استقرارا ليبيا وإقليمياً. بـالـنـظـر فـــي الــتــجــارب الـسـابـقـة لمــخــرجــات لـجـان »، فـا يمكن 75 الــحــوار، وليس بآخرها لجنة «حـــوار »؛ فهي مجرد 120 أن نتفاءل بلجنة «الـحـوار المهيكل تكرار لوسيلة حل صراع فاشلة، وانتظار حل جديد، وصعود الـدخـان الأبيض الــذي طـال انتظاره ولا أراه قــريــبــا، طــالمــا لا تــــزال تـسـتـخـدم طــــرق الــحــل الـفـاشـلـة نفسها. هناك أحداث قليلة الأهميّة إلا أن قلّة أهميّتها هي تحديدا ما يمنحها الأهميّة. والمـقـصـود هنا تغيير اســم «حــزب البعث العربي الاشتراكيّ» في لبنان إلـى «حزب الراية الوطنيّ». أمّــــا مــصــدر الأهـــمـــيّـــة الأوّل فـانـتـمـاء الـحـدث المــذكــور إلــى تلك الــحــالات القليلة الــــــتــــــي لا يُـــــلـــــمـــــس حـــــضـــــورهـــــا إلا عـــنـــد احـــتـــضـــارهـــا. ذاك أن الانـــتـــبـــاه إلـــــى هـــذا الــــحــــزب، الــــــذي لا يُــــــرى إلا بـــالمـــجـــهـــر، لـم يحصل إلا بعد تغيير اسمه. وأمّــا مصدر الأهميّة الثاني فمفارقة تتعلّق بالاسم نفسه. فقد لا يكون مألوفا وجـــود أجـسـام بـا أســمــاء، غير أن وجـود أسماء بلا أجسام فهذا يشبه المستحيل. صـحـيـح أن الأحـــــزاب الـنـضـالـيّــة كـثـيـرا ما تحايلت عـلـى اسـتـحـالـة كــهــذه، وانـدفـعـت بعيدا بقوّة العُظام الممزوج بتزوير الواقع: فـلـطـالمـا شــاهــدنــا بـضـعـة شـــبّـــان يـسـمّــون أنفسهم «حزباً» للطبقة الكادحة الفلانيّة، أو «طليعة» للحركة المناضلة الـعـاّنـيّــة، أو «جبهة» تنضوي فيها تــيّــارات وقـوى جماهيريّة شــتّــى... لـكـن الصحيح أيضا أن حـزب البعث في لبنان يبقى أمــرا أشد تعقيداً. فهو امـتـداد لحالة بالغة الجدّيّة حـكـمـت بـلـديـن عـربـيّــن كـبـيـريـن لـعـشـرات الـــــســـــنـــــن، وقــــطــــعــــت شـــــوطـــــا بــــعــــيــــدا فــي تدميرهما. إلا أن «البعث» بقي، في شائع الـوعـي الـعـامّ، شيئا لا يحصل فـي لبنان. فهذا الأخير ليس المكان الصالح للانقلاب العسكري الـــذي احـتـرفـه ضـبّــاط «البعث» فـــي الــبــلــدان المــــجــــاورة. وقــــد ســبــق لـحـزب آخـر، هو «الـسـوري القومي الاجتماعيّ»، وفي 1949 أن تمتّع بذكاء حـاد دفعه، في ، إلى تنفيذ انقلابين تحوّلا مهزلتين 1961 مطنطنتين. كذلك فشعار الوحدة العربيّة الـــعـــابـــرة لــلــحــدود لـــم تـنـشـأ لـــه فـــي لـبـنـان قـاعـدة صلبة تسعى إلــى اسـتـبـدال بلدها بتلك الـوحـدة، وإن ظهرت قـوى تستخدم ذاك الـــشـــعـــار لأغـــراضـــهـــا الـــفـــئـــويّـــة. وفـــي المــقــابــل، لـــم يـسـتـطـع «الــبــعــث» الـلـبـنـانـيّ، ولأسباب عدّة، أن يكون الطرف الذي يمثّل التذمّرات الطائفيّة ويقودها، وإن استطاع دائما أن يلتحق بالأطراف التي تمثّل تلك الـتـذمّــرات، أو تُجيد توظيفها، كالمقاومة الفلسطينيّة و»حــزب الله» وأجهزة الأمن الأسديّة. والـحـال أن تغيير اسـم الـحـزب، وهو على مـا يـبـدو أهـــم مـا فـيـه، لـم يـتـرافـق مع تغيير القائد الذي هو السيّد علي حجازي، علما بأن الأخير لم يتسن له الانتساب إلى صنف «القادة التاريخيّين الخالدين» ممّن لا يــمــتــازون عــنــه، والـــحـــق يــقــال، بــــأي من الصفات والمزايا. فكيف، والحال هذه، فقد الحزب تماسّه مع أوضاع جديدة فيما لم يفقد قائده هذا التماسّ؟ ولا بــدّ، بالمناسبة، مـن التعريج على الـعـاقـة بــن الاســــم والمــهــمّــات المـوكـلـة إلـى المـسـمّــى. فاختيار «حـــزب الــرايــة الوطنيّ» يـــــذكّـــــر بـــنـــشـــرة «الـــــــرايـــــــة» الــــتــــي أسّـــســـهـــا بعثيّون موالون لصلاح جديد في سوريّا قــبــل أن يــســتــولــي عـلـيـهـا بـــالـــقـــوّة، وعـلـى جـــاري الــعــادة، البعثيّون المــوالــون لحافظ الأســــد. لـكـن مــن اعـتـمـدوا هـــذا الاســـم الــذي لا يقول الكثير، بل يشابه أسماء النوادي الــريــاضــيّــة، يـصـفـون أنـفـسـهـم وتغييرَهم اسمَهم بأوصاف لا يدّعيها لنفسه أي ناد ريــاضــيّ. فهم يـقـولـون: «لقد جــاء التغيير امتدادا ناضجا لمسيرتنا لا خروجا عنها، في خطوة تعبر عن وعينا لحجم المرحلة وتغيراتها وتمسكنا بموقعنا الطبيعي في قلب المواجهة وفـي قلب الـدفـاع عن الناس والـوطـن والأمـــة، نحن الـيـوم لا نعلن اسما جديدا فحسب، نحن نعلن إرادة متجددة ورؤية أوضح وانطلاقة تستند إلى المراجعة الصادقة لا إلى الظرفية الموسمية». لـقـد أوحـــى الــحــزب بـــأن تغيير اسمه إنّــــمــــا جـــــاء لمــــاقــــاة تـــغـــيّـــرات المـــرحـــلـــة، أو بلغته: «نتجه إلى مرحلة جديدة مختلفة عنوانها الانـفـتـاح والـتـاقـي والــحــوار من دون أي تخل عن الثوابت»، وللغرض هذا أضاف الأرزة إلى علَم الراية، أي علَم العلَم، «لأنّـــنـــا مــن جـــذور هـــذه الأرض، جئنا من صميم تاريخها وألمها». لـــــكـــــن مـــــا لا يـــــريـــــد أصـــــحـــــاب الاســـــم الجديد الاعتراف به أن «الثوابت» البعثيّة أكــثــر مـــا حـــال دون «الانـــفـــتـــاح والــتــاقــي» بــــن الـــلـــبـــنـــانـــيّـــن، وأن جــــائــــزة الــتــرضــيــة الممثّلة بتضمين العلم الحزبي أرزة أقرب إلـــى أطـــفـــال كـسـالـى يــتــذاكــون ويـحـتـالـون عـلـى معلّميهم تـبـريـرا لـتـهـرّبـهـم مــن أداء واجباتهم المدرسيّة. والأمــــــر كـــلّـــه بـــــات، فـــي آخــــر المـــطـــاف، مادّة للسخرية والتندّر اللذين يضاعفهما أن بـعـثـيّــن آخـــريـــن فـــي لــبــنــان، يتزعّمهم النائب السابق عـاصـم قـانـصـوه، رفضوا بــقــوّة تغيير الاســــم الــتــاريــخــيّ، وشــهّــروا بالمُغيّرين. والمذكورون هم الذين سبق أن انـشـقّــوا عـن الـسـيّــد حـجـازي أو انـشـق هو عـنـهـم، تــاركــن للمراقبين تــأويــل الـخـاف بالتنافس على مــدى الـقـرب مـن «الـرفـاق» في الأمن السوريّ. لكن لئن فاقت رداءة من يتمسّك بـ»البعث» رداءة من يتخلّى عنه، بقي أن السخرية والتندّر يختلطان بكثير مـــن الـــقـــرف الــــذي أثــــــاره، قـبــل أيّـــــام قليلة، شـــريـــط «الـــرفـــيـــقـــن» بـــشّـــار الأســـــد ولــونــا الشبل، وهما يـتـداولان فـي أصــول الحكم والحاكميّة والنظرة إلى الشعب والعالم. يبقى أن الأهم في ما خص الظاهرات غير المهمّة هذه أن بعضها راح يغيّر اسمه وبـعـضـهـا جـعـل يـغـيّــر جــلــده والآتـــــي، في أغلب الظنّ، أعظم. أمّا أن يكون الدَعِي قد كذب بما ادّعى، على ما قال الشاعر البعثيّ، وأن «البعث» لن يتصدّع، فهذا موضوع آخر لقصّة أخرى. OPINION الرأي 12 Issue 17186 - العدد Wednesday - 2025/12/17 الأربعاء ليبيا والحوار المهيكل هجوم سيدني... الإرهاب ليس بحالة أفول ًحزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهما وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة جبريل العبيدي فهد سليمان الشقيران
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky