issue17185

الرئيس التنفيذي جمانا راشد الراشد CEO Jomana Rashid Alrashid نائب رئيس التحرير Managing Editors Editorial Consultant in KSA Aidroos Abdulaziz Camille Tawil Saud Al Rayes Deputy Editor-in-Chief مديرا التحرير مستشار التحرير في السعودية محمد هاني Mohamed Hani الأمير أحمد بن سلمان بن عبد العزيز عيدروس عبد العزيز كميل الطويل سعود الريس 1987 أسسها سنة 1978 أسسها سنة هشام ومحمد علي حافظ رئيس التحرير غسان شربل Editor-in-Chief Ghassan Charbel OPINION الرأي 13 Issue 17185 - العدد Tuesday - 2025/12/16 الثلاثاء استراتيجية الأمن القومي الأميركي الجديدة نحو عام جديد... نرفع الأشرعة تعبر الاستراتيجية الأميركية الجديدة عــن رؤيـــة «تـرمـبـيـة» واضــحــة أكـثـر مـمـا تعبر عن ما كان -سابقاً- بمثابة ثوابت في الرؤية الأميركية للعالم وأولــويــات التحديات التي تـواجـهـهـا واشـنـطـن وكـيـفـيـة الـتـعـامـل معها، ومع الخصوم التقليديين، وذلك بالتعاون مع الحلفاء الاستراتيجيين أو الأطلسيين (نسبة للحلف الأطلسي). بالطبع تبدأ بالتأكيد على الشخص «رئيس السلام» وكذلك رؤيته والتي تشكل قطيعة أو ابتعادا عـن المـاضـي القريب والبعيد. وللتذكير فإن إدارة ترمب الأولى -وبعدها إدارة بايدن- كانت تلجأ لما صار بمثابة لغة تقليدية فـي اتـهـام الـصـن الشعبية وروسـيـا الاتــــحــــاديــــة بـــأنـــهـــمـــا تـــعـــمـــان عـــلـــى صــيــاغــة نـظـام عـالمـي جـديـد نقيض للمصالح والقيم الأمـــيـــركـــيـــة: الـــصـــن الــشــعــبــيــة عـــبـــر سـيـاسـة التنافس الاقـتـصـادي بشكل خــاص وروسـيـا الاتحادية عبر سياسات عدوانية وتخريبية. الخطاب الجديد بعيد كل البعد عن لغة واشنطن السابقة مع الحلفاء الغربيين بشأن صياغة نظام عالمي ليبرالي يندرج في منطق وكــذلــك فــي مـسـار الــعــولمــة، ولـــو كـانـت هنالك الحاجة إلى احتواء بعض الآثار السلبية لتلك الـعـولمـة الـجـارفـة. الـعـولمـة الـتـي تعكس مسار «الانـتـصـار الـغـربـي» فـي المــجــالات السياسية والاقـــتـــصـــاديـــة والــقــيــمــيــة عــلــى الـــشـــرق الـــذي انتهى إلى غير رجعة. اســـتـــراتـــيـــجـــيـــة الأمــــــن الـــقـــومـــي الـــجـــديـــدة تهدف لأن تكون خريطة طريق لتبقى الولايات المـتـحـدة «الأمــــة الـعـظـمـى». مـفـاهـيـم الـتـعـاون الـــدولـــي والأمـــمـــي المـتـعـدد الأطـــــراف والأبــعــاد ليست مــوجــودة فـي «عـقـيـدة تــرمــب»، وكـذلـك الأمر بالنسبة إلى مفهوم الحلف الغربي الذي يعبر عنه بشكل خاص وليس وحيدا بالطبع منظمة حلف شـمـال الأطـلـسـي. إنـهـا سياسة الأحــاديــة الــحــادة والـتـعـاون بالقطعة وخلط الأولـــويـــات والمــقــاربــات كما يـقـال الـتـي تشكل أســـــاس «الـــعـــقـــيـــدة الـــتـــرمـــبـــيـــة». الأولــــويــــة في العقيدة الترمبية تبقى لـ«القارة الغربية» أو الأميركتين، وهـذا يذكر بالعودة إلـى «عقيدة ) حيث تعتبر أميركا الجنوبية 1823( » مونرو منطقة النفوذ الأساسي وكذلك الموقع الأولي في استراتيجية واشنطن. ستواجه الولايات المتحدة وضعا قوامه أن الصين الشعبية هي الشريك التجاري الأول لأميركا الجنوبية وأن لروسيا الاتحادية علاقات عسكرية متطورة مع بعض دول الإقليم اللاتيني. رغم ذلك يبقى الهدف الأميركي بناء منطقة نفوذ شبه مطلق في المنطقة. وعــلــى صـعـيـد أوروبــــــا، المـثـيـر لـاهـتـمـام بـــشـــكـــل خــــــاص هـــــو الـــتـــركـــيـــز عـــلـــى المـــخـــاطـــر الـتـي تـواجـهـهـا الــقــارة الـقـديـمـة، والــتــي ليس مـصـدرهـا عسكرياً، أو جيوسياسياً، حسب الرؤية الأميركية، بل ناتجة من انهيار الهوية الـثـقـافـيـة ومــخــاطــر الـــتـــحـــولات الـديـمـغـرافـيـة وتــداعــيــاتــهــا الـــتـــي تـشـهـدهـا أوروبــــــا بسبب ازدياد الهجرة وانعكاساتها السلبية المختلفة على المجتمعات الأوروبية كما يكرر الرئيس الأمــيــركــي. الأمــــر الــــذي بـــدأ تــرمــب بمعالجته فـــي الــــولايــــات المــتــحــدة عــبــر ســيــاســات إقــفــال الحدود والتخلص التدريجي والانتقالي من بعض أنـــواع الهجرة أو تحديدا وفـقـا لهوية المـهـاجـريـن. ويلتقي تـرمـب فـي هــذا الأمـــر مع الــــتــــيــــارات الــيــمــيــنــيــة المـــتـــشـــددة فــــي أوروبـــــــا. فالخطر بالنسبة إلى أوروبا ليس في الحرب الأوكـــرانـــيـــة أو الــطــمــوحــات الــخــاصــة بـتـمـدد النفوذ الـروسـي عبر الـحـرب التي قــدم ترمب مقترحات واقعية وعملية «لحلها» أو لإطلاق مسار الحل، بل يكمن الأمر في معالجة جذرية لــلــمــخــاطــر الــــتــــي تـــتـــعـــرض لـــهـــا المــجــتــمــعــات الأوروبـيـة من خـال فتح أبــواب الهجرة التي تحمل «مخاطر محو الحضارة» الأوروبية. وفـــــــي مـــــا يـــتـــعـــلـــق بــــآســــيــــا، أو تـــحـــديـــدا منطقة المحيطين، «فـواقـعـيـة» تـرمـب تعترف أن هنالك تنافسا وتـصـادمـا وكـذلـك إمكانية تسويات وتوافقات في المجالات الاقتصادية والسياسية الاستراتيجية بـوجـود مصالح وأدوار لــقــوتــن عـظـمـيـن بـشـكـل خــــاص هما روسيا والصين الشعبية: إنه من جديد منطق الـتـعـاون بالقطعة أو تـقـاطـع المـصـالـح بعيدا عـــن الـــعـــنـــاويـــن الآيـــديـــولـــوجـــيـــة مـــن لـيـبـرالـيـة وحرية وديمقراطية وغيرها. يأتي ذلك تحت عنوان هو «كسب المستقبل الاقتصادي ومنع المواجهات». تــشــكــل أفـــريـــقـــيـــا أيـــضـــا مــنــطــقــة تــنــافــس طـــبـــيـــعـــي أمـــــيـــــركـــــي مــــــع الآخــــــــريــــــــن، وتــــأتــــي الاســتــراتــيــجــيــة الأمــيــركــيــة الـــجـــديـــدة حـامـلـة لعنوان تهدئة الـنـزاعـات والعمل أو المشاركة في تسويتها عندما يمكن القيام بذلك والدفع نحو تعزيز العلاقات التجارية في ظل ازدياد الـــــدخـــــول والـــتـــمـــركـــز الاقــــتــــصــــادي الــصــيــنــي المتزايد في أفريقيا. ويحظى الـشـرق الأوســـط بأهمية خاصة فـــي الاســتــراتــيــجــيــة الأمــيــركــيــة الـــجـــديـــدة مع الــتــحــولات الـحـاصـلـة فــي المـنـطـقـة بــن خليط من الفرص والتحديات: فرص تعزيز التعاون الاقـــتـــصـــادي والاســتــثــمــاري فـــي المـنـطـقـة كما تقول واشنطن، وتحديات الحروب والأزمـات والتحولات المترابطة بشكل أو آخر والمفتوحة عـلـى احــتــمــالات مــتــعــددة. يـحـصـل ذلـــك فيما تـــنـــشـــط واشــــنــــطــــن فـــــي «دبــــلــــومــــاســــيــــة بـــنـــاء الـــســـام»، كـمـا تــقــول، مــن دون أن يعني أنها سـتـنـجـح فـــي مـقـاربـتـهـا مـــا دامــــت لـــم تعتمد الأســــس الــتــي صــــارت مــعــروفــة لـلـتـوصـل إلـى السلام الفعلي والمطلوب، وليس إلى ترتيبات تبقى موقتة وهشة، لإنقاذ المنطقة من المزيد من الحرائق. المستقبل -القريب والبعيد- سيظهر مدى نجاح الاستراتيجية الأميركية الجديدة في رؤيتها ومقارباتها ومساراتها العملية في الأقاليم المعنية حسب تلك الاستراتيجية. بــمــرور الــوقــت، تـعـوّدنـا نـحـن الـبـشـر لـدى نهاية عام وبدء آخر، على ألا تأتي الرياح بما تشتهي قلوبنا من أمنيات. لا أحد يلوم الرياح على خذلانها لنا، أو يجبرها قسرا على تغيير اتجاهها بما يتفق واتجاه مراكب أمانينا. وإذا صدّقنا المؤرخ اليوناني هيرودوتوس، فإن الليبيين من دون شعوب الأرض قاطبة، هم مـــن تــجــرأ عـلـى مــحــاربــة الــــريــــاح، بــــأن اخـــتـــاروا الـتـصـدي لـــ«ريــح الـقـبـلـي» فــي سـابـقـة تاريخية أولــى وأخـيـرة؛ إذ يقول هـيـرودوتـوس إن قبيلة قديمة ليبية ضاقت ذرعا بما تفعله تلك الرياح المسمومة بالزرع والضرع، وقرروا التصدي لها بأن ارتدوا لباس الحرب وخرجوا لملاقاتها، فلم يعد منهم أحد. الليبيون يصفون أنفسهم بأنَّهم «شعب صعب عناده». والوصف، رغم نبرة السُّخرية الصريحة فيه، لا يخلو من حقيقة. وعنادهم لــيــس فـــي حـــاجـــة حــتــى إلــــى مـــــؤرخ فـــي شـهـرة هـيـرودوتـوس لتأصيله، وهــو الــذي قــال: «من ليبيا يأتي الجديد». هـــا نــحــن، مــــرة أخـــــرى، نــقــف عــلــى مـسـافـة أيام قليلة من نهاية عام وبدء آخر. وها نحن، ككل مرة، نستعد لمصافحة أحبابنا وتهنئتهم بـالـقـادم الجديد متمنين لهم تحقيق الأمـانـي والـــرغـــبـــات والأحـــــــام. بـعـضـنـا قــــرر الـــكـــف عن تـكـرار ممارسة هــذه اللعبة بـدافـع المـلـل؛ إذ ما الجدوى من أن تتمنى أمنية صغيرة على مدار الـسـنـن ولا تــراهــا تـتـحـقـق؟ هــــؤلاء يصنّفون عادة تحت خانة المتشائمين، وليس بمستطاع أحد لومهم. وفي المابين يوجد «المتشائلون»، أو بــــالأحــــرى الـــــحـــــذرون، الـــذيـــن يــفــضــلــون ألا يضعوا كل بيضهم في سلة واحدة. رحـمـة الـلـه لا تنقطع مـن الأرض والطمع فيها لا يـتـوقـف. والأمــــل كـذلـك بـــذر بــــذوره في الــقــلــب الإنـــســـانـــي مــنــذ قــديــم الـــزمـــن ومــــا يـــزال يــزهــر فـــي أغــلــب الــقــلــوب. والأعــــــوام لامـبـالـيـة، كما عرفناها، تواصل سيرها غير ملتفتة لما نشتهيه أو نخافه. والحلم بغد أفضل وبحياة إنسانية تسودها المحبة والإخـاء لن يطفأ؛ إذ لو حدث ذلك لفقدت الحياة الإنسانية معناها. ، لا نـتـوقـع - حسب 2026 وعـــن الــعــام الـجـديـد المـعـطـيـات المـــوجـــودة - أن يـكـون أفـضـل مــن سابقه أو مـتـمـيّــزا عــنــه. بـمـعـنـى أنــنــا خــالــه قـــد لا نشهد نـهـايـة مـأمـولـة لـلـحـرب بــن روســيــا وأوكـــرانـــيـــا، أو بين الأخوة الأعداء في السودان، ولا نطمع أن تغيّر قوات الاحتلال الإسرائيلي من مسلكها ضد سكان قطاع غـزة، أو يتوقف المستوطنون الصهاينة عن الــتــوســع فـــي الـضـفـة الــغــربــيــة، أو تـعـتـرف حكومة الائـتـاف اليميني بحق الفلسطينيين فـي العيش في دولة مستقلة. ومن المحتمل أن نشهد الأميركيين يـخـوضـون بـقـواتـهـم فــي أوحــــال مستنقعات حـرب أخرى، هذه المرّة في حديقتهم الخلفية في فنزويلا. فـهـم قــد بــــدأوا الـتـحـضـيـرات لـهـا مـنـذ وقـــت. وســـوء الأحوال في القارة الأفريقية وحروبها التي لا تنتهي ستتواصل، وبالتالي يتواصل مسلسل الهجرة غير القانونية. أمـا فـي بلدي ليبيا، لـن تحدث معجزة فجأة وتتفق الأطراف على إجراء انتخابات نيابية ورئاسية تخرجنا من النفق المعتم الذي انزلقنا فيه منذ سنوات. ربـــمـــا لــتــلــك الأســــبــــاب المُـــحـــزنـــة نـسـتـقـبـل العام الجديد بقلوب متعبة، لكنها في الوقت ذاتــــه قــلــوب مـؤمـنـة. هـــذا الإيـــمـــان لـيـس مبنيا عـلـى أوهـــــام وأضـــغـــاث أحـــــام، بـــل عـلـى نـظـرة اسـتـشـرافـيـة لـلـتـاريـخ الإنــســانــي فـــي مسيرته الطويلة. وهذا، على وجه التحديد، ما يجعلنا نــرفــع أشـــرعـــة مــراكــبــنــا عــلــى أمــــل أن تـواتـيـهـا قريبا الرياح المشتهاة وتبحر بنا إلى مرافئنا المأمولة والموعودة. لقد سخر المؤرخ هيرودوتوس من أجدادنا الليبيين الذين خرجوا لمحاربة «ريح القبلي»، وهـو معذور في ذلـك؛ لأنـه، في رأيــي، لم يدرك أن تلك المعركة لم تكن بحثا عن نصر عسكري كما يبدو من الظاهر، بل كانت إعلانا عن رفض الانكسار. واليوم، ونحن نواجه رياحا عاتية لا تختلف عن «القبلي» من الأزمات والحروب، ندرك أن قدرنا هو هذا «العناد الصعيب». نـعـم، سنمضي نـحـو الــعــام الـجـديـد مثقلين بـــالـــخـــيـــبـــات وبــــالــــخــــوف ولــــكــــن يــســكــنــنــا الأمــــــل. سنمضي لأن التوقف يعني الاستسلام والهزيمة، ولإيماننا بأن رحمة الله بمقدورها التدخل في أي لحظة لإنقاذنا من أي سقوط محتمل. ناصيف حتي جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky