issue17183

شهدت الساحة السياسية البريطانية مؤخرا حدثَين مهمَّين. تمثَّل الأول والأكـثـر إثـــارة للاهتمام فـي تـبـرُّع رجل مـايـن جنيه 9 أعــمــال بـريـطـانـي مقيم فــي تـايـانـد بمبلغ إسترليني دفعة واحدة لصالح حزب «الإصلاح» البريطاني اليميني بقيادة نايجل فـاراج. الحدث تاريخي، ويُعَد الأول من نوعه في تاريخ التبرعات للأحزاب في بريطانيا. أما الآخـر فلا يقل إثـارة عن الأول، ويتمثَّل في مشروع قانون برلماني تقدَّم به نائب من حزب الديمقراطيين الأحرار يـوم الثلاثاء المنصرم، يطلب من وزراء الحكومة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق يتعلق بالاتحاد الجمركي نائب مـن أصل 100 مـع بروكسل. وصـــوَّت لصالح المـشـروع في البرلمان. 650 تـــزامـــن ذلـــك فـــي الـــيـــوم نـفـسـه مـــع خــطــاب ألـقـتـه زعيمة حـــزب المــحــافــظــن، كـيـمـي بـــادنـــوك، فـــي لـــنـــدن، اعــتــرفــت فيه لأول مرة بأن «بريكست» كان أحد ثلاثة عوامل تسبَّبت في إحــــداث صـدمـة لـاقـتـصـاد الـبـريـطـانـي، والــعــامــان الآخـــران » والأزمة المالية. علما بأن بادنوك كانت من 19- هما «كوفيد المؤيدين لـ«بريكست»، وهــذه هي المــرة الأولــى التي تعترف فيها علنا بتأثيره السلبي على الاقتصاد البريطاني. أحـدث التبرُّع المالي غير المسبوق في تاريخ بريطانيا لـــحـــزب نــايــجــل فــــــاراج هـــــزَّة غــيــر عــــاديــــة، وحـــظـــي بـاهـتـمـام إعـــامـــي لافــــت. وفــــي الـــوقـــت نــفــســه، رفــــع فـــجـــأة مـــن حـظـوظ الحزب اليميني الانتخابية، في وقت هو أحوج ما يكون فيه إلـى المــال مـن جهة، ومساعدته مـن جهة أخــرى على تجاوز فضيحة اتهام مدير الحزب في مقاطعة ويلز بتسلّم رشوة مـن المـخـابـرات الـروسـيـة، والـحـكـم عليه بالسجن لمــدة عشر سنوات مع التنفيذ. اللافت للاهتمام أن رجـل الأعمال المتبرع بالمال لحزب «الإصـــاح» البريطاني، حسب التقارير الإعـامـيـة، لا يريد في المقابل أي شـيء من الـحـزب. وهـو أمـر لا يتسق ومنطق الأشياء، إذ من المعروف أن علاقات رجال الأعمال بالأحزاب السياسية، سواء في بريطانيا أو غيرها من البلدان، قديمة وقائمة على مبدأ معترف بـه، وهـو «المـــال مقابل خـدمـات». أمــا الـتـبـرُّع بمبلغ غير مسبوق مـن دون مقابل لأي شـيء، فـكـأنـه صـدقـة أو إحــســان، أو كـذئـب يـتـطـوَّع مـجـانـا لرعاية زريبة أغنام وحمايتها. وتكمن أهمية المـال في دول الغرب وأميركا في أنه يفتح أمام أصحابه أبواب الحاكمين، ويتيح لهم اكتساب النفوذ فـي دواويـــن الحكومات والتأثير على سياستها لخدمة مصالحهم، أو يقرّبهم من فرص نيل ألقاب شرفية على الأقل. ما يزال حزب «الإصلاح» البريطاني، منذ أشهر، يتربَّع على قمة نتائج استطلاعات الـرأي العام بفارق ملحوظ في النقاط عن الحزبَين الرئيسيين، وقد بدأ الاستعداد لخوض غمار الانتخابات المحلية في شهر مايو (أيــار) المقبل. ومن المتوقَّع، حسب آراء المحللين، أن يُحدِث صدمة انتخابية. ومن المفيد الإشـارة إلى أن الانتخابات المحلية المقبلة، حـــســـب آراء المــحــلــلـــن والمـــعـــلـــقـــن، يـــتـــوقَّـــف عــلــيــهــا مـصـيـر رئيس الحكومة السير كير ستارمر، وكذلك مصير زعيمة المحافظين كيمي بــادنــوك. تشير الـتـوقـعـات الأولــيــة إلــى أن الـحـزبـن الـرئـيـسـيـن سـيـتـعـرضـان لـخـسـارة كـبـيـرة لصالح حزبَي «فاراج اليميني» و«الخضر اليساري». وأن الخسارة المتوقعة -ما لم يُتدارَك الموقف- ستؤدي إلى نفاد صبر نواب المقاعد الخلفية في الحزبَين، والسعي لسحب الثقة منهما. ويـبـدو ذلــك مـؤخـرا أكـثـر وضـوحـا فـي تململ نـــواب المقاعد الخلفية في حـزب العمال الحاكم منه في حـزب المحافظين. ويـعـود السبب فـي ذلــك إلــى تباطؤ الحكومة فـي إنـجـاز ما وعدت به في برنامجها الانتخابي، إذ لم يتحقَّق شيء منه على أرض الواقع. ثــمَّــة مــبــدأ مــتَّــفــق عـلـيـه فـــي بــريــطــانــيــا، وهــــو أن الــعــام الأول من عمر أي حكومة جديدة يكون عام إصـدار القوانين وتمريرها عبر البرلمان بغرفتَيه، وأن العام الثاني من عمرها يــكــون مـخـصَّــصـا لتنفيذ تـلـك الــقــوانــن وتـطـبـيـقـهـا، بحيث تُثمر خلال السنوات الثلاث الباقية من عمر البرلمان، وتمنح الحكومة فرصة الفوز في الانتخابات الجديدة. وتتفق التقارير الإعلامية على اختلافها على أن العد التنازلي قد بدأ للزعيم العمالي ستارمر، وأن قوائم جديدة بأسماء مرشَّحين للحلول مكانه قد بدأت الظهور والتداول بين النواب. كـــل هـــذه الـــتـــطـــورات مجتمعة تــرســم مـشـهـدا سياسيا بريطانيا معتماً. إنـهـا لا تشير فـقـط إلـــى تــحــوُّل فــي مــزاج الناخب البريطاني المرهق بتكاليف المعيشة وأزمــة السكن وتـفـاقـم الـهـجـرة بـأشـكـالـهـا، بــل تُــثـيـر خـشـيـة مــن أنـهـا تنذر ضـمـنـيـا بـنـهـايـة حـقـبـة سـيـاسـيـة بــــدأت مـنـذ نـهـايـة الـحـرب الـعـالمـيـة الــثــانــيــة، أي بـتـفـكـيـك هـيـكـلـي لمـؤسـسـة الـحـكـم في بريطانيا، كما عرفناها لعقود. الانتخابات المحلية في مايو لن تكون مثل سابقاتها، مجرد بالون اختبار لقياس 2026 شعبية الحكومة، بل ربما ستكون صافرة النهاية لجيل من القادة السياسيين، وبداية لعهد قد يكتب فيه نايجل فاراج المشهد البريطاني القادم. منذ منتصف القرن العشرين تنبّأ الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر بـأن شيئا ما سيحدث للإنسان بعد التفوّق الـتـقـنـي. لـيـس الإشـــكـــال فــي القنبلة الـــذريـــة، ولا فــي عـوالـم الاتــصــال الـتـي تـتـطـوّر، إنـمـا فـي عـاقـة كـل هــذه الكشوفات بـوجـود الإنــســان نفسه. ثمة حـالـة انــعــزال كثيفة مشهودة حاليا بين الصغار والكبار بسبب هذا التفوّق التقني المهول، الذي كتب عنه هيدغر. فــي حــــوار أجــــراه ريــتــشــارد فيسر مــع هـيـدغـر بعنوان «الفلسفة والمجتمع والتقنية والـكـائـن»، وترجمه الأستاذ إسماعيل المصدّق، اختصر هيدغر ذلك الربط بقوله: «يجب أن أقول في البداية بأنني لست ضد التقنية... إنني أرى في التقنية، وبالضبط في ماهيتها، أن الإنسان يوجد تحت قوة تتحداه ولم يبق حرا إزاءهــا، وأن أمـرا ما يعلن في ذلك عن ذاته، هذا الأمر هو علاقة للكون بالإنسان، وأن هذه العلاقة الـتـي تختفي فـي ماهية التقنية ربـمـا ستظهر للنور ذات يوم». بالتأكيد التقنية غـيّــرت مـن أنـمـاط الحياة والـوجـود، مهمّتنا اليوم تتركز على الفهم وتجاوز التحديات إزاء هذا المصير الذي نعيشه ولكن كيف؟! هنا نعود إلى الفيلسوف المعمّر إدغـار مــوران، الذي لــه إســهــامــات حـــول نـظـريـة الـحـيـاة وفـــن الـعـيـش، يـــرى أن «تحرير النفس من طغيان الزمن. إيقاعات حياتنا الحالية مبنية على الأجــنــاس الـدائـمـة. الـسـرعـة، هـطـول الأمـطـار، الانـطـاق الذهني، تجعلنا نعيش بوتيرة محمومة. قال سينيكا يجب أن نجعل أنفسنا سـادة الوقت، فهذا أغلى بكثير مـن المـــال. مثلما تـوجـد حـركـة طـعـام بطيئة، يجب تطوير وقت بطيء أو سفر بطيء أو عمل بطيء أو مدينة بطيئة. أن تعيش حياتك أهم من أن تجري خلفها. تتطلب إعـــادة تخصيص الـوقـت تنظيما جـديـدا للعمل، والنقل، وإيقاعات المـدرسـة، وإيقاعات الحياة. وهــذا يعني أيضا إعادة اكتشاف معنى (اغتنم اليوم أو وقت النهار ): تعلم الــعــيــش (هــنــا والآن)، كــمــا أوصــــت بـــه الـحـكـمـة الـقـديـمـة. يتطلب إصلاح الحياة تباطؤا عاما ومدحا للبطء. التوقف عـن الـجـري هـو وسيلة لاسـتـعـادة وقتنا الـداخـلـي. يجب أن نـسـتـبـدل زوجــــن يـجـمـعـان الـصـفـاء والـــشـــدة باكتئاب التناوب الخبيث والإثارة التي تميز حياتنا الحالية». بالتأكيد ثمة انزعاج واضـح من قبل التربويين الذين يرصدون حالة سُكنى التقنية؛ البعض يشتكي من أن أبناءه لا يحاورونه ولا يتحدّثون إلا بضع كلمات طوال اليوم، هذه كارثة. لسنا ضد التقنية فنحن نعيش في نعيمها، إنما في حالة نقد لطريقة استعمالها واستثمارها. قبل أيام راجت مبادرات فردية تؤسس للانعزال عن التواصل بضع ساعات فـي الـيـوم بغية التواصل الإنساني والـذهـاب إلـى الحدائق والجلوس مع الناس، وهـذه مهمة لأنها تعيد الإنسان إلى وجوده الحقيقي ضد الوجود التقني الزائف. مـــن أكــبــر أســـبـــاب انــتــشــار حــــالات الــكــآبــة والــقــنــوط أن الإنسان بات مسحورا بهذه الوسائل التواصليّة، يظن أنها تعوّضه عن أسرته وعائلته وناسه وأصدقائه. التقنية هي وسيلة وحـن تتحوّل إلـى غاية تبدأ الإشكالية الوجودية معها. كينونة الإنسان أنه متواصل مع أخيه الإنسان وهذا أساسي للوصول إلى كينونة معتدلة صافية. الخلاصة؛ أن أسئلة التقنية التي طُرحت منذ أكثر من قرن من الزمان لا تزال راهنة حتى اليوم، ومن دون مواجهتها فإننا سنظل والأجـيـال من بعدنا ضمن ضحاياها، برأيي الحل يكمن في إبقاء التقنية وسيلة استعمال وليست غاية عيش حينها نتمكّن من ضبط إدارة الحياة التي نريد، وأن نتقن «فن العيش» الذي تحدث عنه إدغار موران، لكن الأهم أن نتجاوز هذا التحدي نصرة لكينونة الإنسان. الطوفان التقني القادم أكبر بكثير من الذي نعيشه الآن، فالكشوفات المـزمـعـة مـهـولـة، ومــن قبل كتب هيدغر أن على الإنــســان أن يسيطر على التقنية لا أن يـكـون أسـيـرا لـهـا، ولـهـذا حديث يطول. بين فينة وأخرى، وعلى رغم ما حصل ويحصل، يـطـل علينا مـن يـنـدّد بــ «النظام الطائفيّ» في لبنان مُحمّلا إيّــاه مسؤوليّة ما آلت إليه أوضاع البلد المنكوب. و»النظام الطائفيّ» ليس شيئا قابلا للدفاع عنه، كما يستحيل تنزيهه عن بعض الـــكـــوارث الــتــي نــزلــت وتــنــزل بـالـلـبـنـانـيّــن، خصوصا منها تعزيزه الزبونيّة والفساد الذي تزيده المركزيّة فساداً. مـع هــذا، وسعيا وراء الـدقّــة والأمـانـة، يُستدعى رسـم الخيوط التي تشكّل حدود هذه المسؤوليّة. فحين لا يتم ترسيم كهذا، يــغــدو نـقـد «الـــنـــظـــام» جــــزءا مـــن ديـنـامـيّــات تبرئة النفس، على اعتبار أن هــذه النفس هــي المجتمع أو الـشـعـب، فيما الـنـظـام هو الـــغـــريـــب الـــــطـــــارئ الـــهـــابـــط عـــلـــى المــجــتــمــع مــــن خــــارجــــه. ونــــعــــرف أن تـــبـــرئـــة الــنــفــس، أي المــجــتــمــع والـــشـــعـــب، تـقـلـيـد أصـــيـــل من تقاليد الثقافة السياسيّة السائدة عربيّاً، وليس لبنانيّا فحسب. أمّــا هجاء النظام، بـهـذا المـعـنـى، فـهـو أيـضـا ابـــن تقليد عريق وعـابـر للحدود يعمل على نحو شبه آلـيّ، وكثيرا ما تنطوي في هـذا الهجاء، المطلق والمسبق، نزعة رافضة كـل تدخّل تنظيمي في العلاقات الاجتماعيّة المعطاة. وبـــعـــيـــدا مـــن ثــنــائــيّــة الــشــعــب المـــقـــدّس دائما والنظام المدنّس أبداً، ينبغي التذكير بـــأن «الـطـائـفـيّــة»، مـا دامـــت تشكّل أســـوأ ما فـي النظام السياسي الــســيّء، سابقة على النظام الطائفيّ. فهذا الأخير، أعادَت ولادته حين نشأ «لبنان الكبير» أم إلى 1920 إلـى حين استقلّ، هو الذي ورث الطائفيّة 1943 بوصفها شكلا للاجتماع الأهليّ. وبدورها تفرّعت تلك الطائفيّة، مـع دخــول الحداثة، عن شكل عصبي عشائري أسبق عهداً. فــــإذا كـــان الــنــظــام الــطــائــفــي قـــد حـافـظ على تلك الطائفيّة وأعاد إنتاجها، وهذا ما لا يُمارى فيه، فإنّه ظل دائما يلهث محاولا اللحاق بها. وإذا صح أن النظام هذا متقدّم على الطائفيّة الأهليّة الـخـام، فليس هناك أي دلــيــل صــلــب عــلــى أن المـجـتـمـع يـخـبّــىء لـنـا بــديــا شعبيّا قــويّــا يـتـجـاوز الطائفيّة ونظامها. ولئن كان معلوما وشائعا كيف تــقــلّــصــت أحــــــزاب ســيــاســيّــة ســـمّـــت نفسها عـــلـــمـــانـــيّـــة ومـــنـــاهـــضـــة لـــلـــطـــائـــفـــيّـــة، وكــيــف تـشـريـن مـثـا عن 17 قــدّمــت لحظة كلحظة الاستثناء الــذي يـؤكّــد الـقـاعـدة، فقد وفّــرت انتخابات المجالس البلديّة أقـوى البراهين عـلـى تـلـك الــحــجّــة. فـهـنـا تـــصـــوّت أغـلـبـيّــات المواطنين الكاسحة لمرشّحي طوائفها، علما بانعدام القيد الطائفي في تلك الانتخابات، على عكس الحال في الانتخابات النيابيّة. ولا بدّ، بالمناسبة، من بضع ملاحظات تــــحــــد مــــن الـــنـــظـــر الأحــــــــــادي إلـــــى «الـــنـــظـــام الـطـائـفـيّ» كعيب مطلق بـــذاتـــه. فـهـو ليس نـــظـــامـــا عـــســـكـــريّـــا مـــفـــروضـــا بــــالــــقــــوّة عـلـى الــســكّــان، بــل هــو نـتـاج عـمـلـيّــة بـرلمـانـيّــة قد تـسـتـحـق الـكـثـيـر مـــن الــطــعــون مـــن دون أن تسقط الطعون طاقتَها التمثيليّة. وبحثا عـــن نـــظـــرة أشـــــد تــــوازنــــا، تـحـضـر الـحـقـيـقـة الـعـصـيّــة عـلـى الـتـجـاهـل، وهـــي أن «الـنـظـام الـــطـــائـــفـــيّ» هــــذا جـــنّـــب لــبــنــان الــــوقــــوع في بــراثــن حـكـم عـسـكـري ديــكــتــاتــوري أو شبه تــوتــالــيــتــاري خـضـعـت لمـثـلـه بـــلـــدان عـربـيّــة عدّة. مــا قــد يـكـون أهـــم مــن ذلـــك أن لحظات تفجّر المسألة الطائفيّة واصطباغها بالعنف هي نفسها لحظات انفجار مسألة الهويّة على إيقاع الصراعات العابرة للحدود. فهذا مع صعود 1958 ما حصل للمرّة الأولى في 1975 الناصريّة والانقسام حولها، ثـم في مــع الانـقـسـام حـــول المـقـاومـة الفلسطينيّة، وأخـــيـــرا مـــع ولادة «حــــزب الـــلـــه» وحـــروبـــه. ولمّــا كانت تلك الـتـحـوّلات تترافق مـع حمل الـسـاح وانـتـشـاره، بــات تحصيلا حاصلا خـــوف الـجـمـاعـات الأضـعـف ومــا يستدعيه خـوفـهـا مـــن تــاحــم واســتــقــطــاب. لــكــن هـذه الــظــروف تـتـرافـق أيـضـا مـع تعطّل «النظام الـطـائـفـيّ»، لا مـع فعاليّته، إذ يـكـون سلاح الــــدولــــة أضـــعـــف مــــن أســـلـــحـــة المـيـلـيـشـيـات الــــطــــائــــفــــيّــــة، لا بـــــل قـــــد تـــــغـــــدو خـــدمـــاتـــهـــا وتقديماتها أقل ممّا تقدّمه تلك الميليشيات. ولا تكتمل اللوحة من دون الإشارة إلى أحــوال الجوار الـذي غالبا ما يمد مسلّحي الــــداخــــل بـــالـــســـاح أو المـــــال أو الــعــقــيــدة أو بـالـثـاثـة مــعــا. والـــحـــال أن فــي وســـع جــوار يشغله نـظـام كنظام الأســـد فـي ســوريّــا، أو النظام الخميني في إيــران، وقبلهما نظام عـــبـــد الــحــمــيــد الـــــســـــرّاج فــــي دولــــــة الـــوحـــدة المــصــريّــة – الـــســـوريّـــة، أن يــهــدّد أمـــن بـلـدان راسـخـة فـي الانـدمـاج الوطني والاسـتـقـرار، فــكــيــف لا يـــهـــدّد أمــــن بــلــد كــلــبــنــان، حـديـث النشأة وكثير الطوائف والثقافات الفرعيّة؟ وهــكــذا يــأتــي نـقـد «الــنــظــام الـطـائـفـيّ» في لبنان، من غير الإشـارة إلى جوار عديم الاكـــــتـــــراث بـــالـــقـــوانـــن والأعـــــــــراف الـــدولـــيّـــة وحـــســـن الــــجــــوار، وفــــي مـــعـــزل عـــمّـــا يـسـمّــى حروبا قوميّة عابرة للحدود، نقدا محمّلا بـــالـــتـــجـــاهـــل المـــــمـــــزوج بــكــثــيــر مــــن الـــنـــوايـــا الشرّيرة. فكيف حين يُستخدَم هذا النقد في زمــن كـهـذا، زمــن يعاني «الـنـظـام الطائفيّ» فـيـه أســــوأ أوضـــاعـــه وأشـــدّهـــا عـــجـــزاً، فيما تتمكّن الميليشيا الطائفيّة، المسمّاة «حزب الله»، من أن تجر البلد إلـى حـرب تدميريّة كالتي عشناها ولا نزال نئن تحت وطأتها؟ فـــمـــن شــــــاء الـــتـــغـــلّـــب عـــلـــى الـــطـــائـــفـــيّـــة ونظامها ستصطدم مساعيه بالاستحالة إن لم يرافقها، كحد أدنــى، ابتعاد كلّي عن الــقــضــايــا المـــســـمّـــاة قـــومـــيّـــة، ومــــا تـسـتـجـرّه مـــــن عـــــبـــــادة لـــلـــســـاح وتــــقــــديــــس لــــــه، ومـــن مشاعر ودّيّة حيال أنظمة أمنيّة وعسكريّة وتنظيمات ميليشيويّة لبنانيّة كـانـت أم غير لبنانيّة، ومن ممارسات التحاق بها أو ذوبان فيها. OPINION الرأي 12 Issue 17183 - العدد Sunday - 2025/12/14 الأحد أفكار حول التطوّر التقني وحيرة الإنسان المشهد البريطاني تحت قبضة «الإصلاح» عن هجاء «النظام الطائفي» في لبنان وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com حازم صاغيّة أسئلة التقنية التي طُرحت منذ أكثر من قرن من الزمان لا تزال راهنة حتى اليوم فهد سليمان الشقيران أحدث التبرُّع المالي غير المسبوق في تاريخ بريطانيا لحزب الإصلاح هزَّة كبيرة جمعة بوكليب

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky