issue17182

9 أخبار NEWS Issue 17182 - العدد Saturday - 2025/12/13 السبت ASHARQ AL-AWSAT واشنطن تريد سلاما بمقاييسها وأوروبا تتمسّك بـ«حل دائم وعادل» لأوكرانيا... وترمب يربط الحضور بـ«فرصة حقيقية» للتقدّم زيلينسكي لا يستبعد إجراء استفتاء وطني لتحديد مصير دونباس محادثات نهاية الأسبوع في أوروبا تحت مجهر البيت الأبيض الكرملين يرفض تعديلات أوروبا على «خطة السلام»... ويترقب الحوار مع واشنطن تـــــدخـــــل الـــــجـــــهـــــود الــــدبــــلــــومــــاســــيــــة لإنــــهــــاء الــــحــــرب فــــي أوكــــرانــــيــــا مـنـعـطـفـا جديدا وحاسماً، تزامنا مع استعدادات أوروبـــيـــة مكثفة لاسـتـضـافـة سلسلة من الاجتماعات المهمة بدءا من يوم السبت، وســــط ضـــغـــوط أمــيــركــيــة مـــتـــزايـــدة على كييف لقبول خطة سـام يـراهـا كثيرون منحازة لموسكو. ويأتي هذا الحراك الدبلوماسي في وقت يلوح فيه الرئيس الأميركي دونالد ترمب بإمكانية إرســال ممثل للمشاركة فـــي المـــحـــادثـــات الأوروبـــــيـــــة، لـكـنـه يـربـط قراره بوجود «فرصة جيدة لإحراز تقدم» نحو اتفاق وقف إطـاق النار، معبرا عن «إحباطه الشديد» من الطرفين بسبب ما يــــراه عـــدم «جـــديـــة» لــوقــف الـــحـــرب. وقــال الكرملين إن موسكو لا تعلم مـا إذا كان لقاء ترمب مع ممثلي أوكرانيا وأوروبـا سيتم عقده. وشـكّــلـت تصريحات تـرمـب والبيت الأبـــيـــض مـــــادة دســـمـــة لـــجـــدل مـتـصـاعـد حـــول حقيقة المــوقــف الأمــيــركــي، ومـــا إذا كان يهدف فعلا إلى سلام عادل أم يسعى لإنـهـاء الـصـراع بــأي ثمن يخدم مصالح موسكو على حساب كييف والأوروبيين. وفي المقابل، تواصل القيادات الأوروبية، مــمــثــلــة بــرئــيــســة المـــفـــوضـــيـــة الأوروبــــيــــة أورســـولا فــون ديــر لايــن، التمسك بهدف «ســـام عـــادل ودائــــم» لأوكــرانــيــا، محذرة مـن أن أي اتـفـاق يجب «ألا ينطوي على بـــذور نـــزاع مستقبلي ولا يـزعـزع البنية الأمنية الأوروبية برمتها». اشتراط أميركي وأعــلــن الــرئــيــس تــرمــب، الخميس، أن الــــولايــــات المـــتـــحـــدة قـــد تـــرســـل مـمـثـا للمشاركة في المحادثات بشأن أوكرانيا الـــتـــي ســتُــعــقــد فــــي أوروبـــــــــا، لــكــنــه شـــدد على أن ذلـك سيعتمد على مـدى قناعته بــوجــود «فــرصــة جــيــدة» لتحقيق تـقـدم. وقـال ترمب للصحافيين: «سنرى ما إذا كنا سنحضر الاجـتـمـاع أم لا»، مضيفاً: «ســنــحــضــر الاجـــتـــمـــاع يـــــوم الـــســـبــت فـي أوروبـــــا إذا كـنـا نـعـتـقـد أن هــنــاك فـرصـة جيدة. لا نريد أن نضيع الكثير من الوقت إذا كنا نعتقد أن الأمر ليس كذلك». وأكـــــــــــدت المــــتــــحــــدثــــة بـــــاســـــم الـــبـــيـــت الأبــيــض كـــارولايـــن ليفيت هـــذا الـتـوجـه، مــــشــــيــــرة إلــــــــى أن الـــــرئـــــيـــــس «ســـــئـــــم مــن الاجـتـمـاعـات الـعـديـدة الـتـي لا يـبـدو أبـدا أنها تفضي إلى اتفاق لإنهاء الحرب في أوكـــرانـــيـــا». وأوضـــحـــت ليفيت أن ترمب «مستاء للغاية من طرفي هـذه الحرب»، وقد «سئم عقد اجتماعات تقتصر الغاية منها على الاجــتــمــاع»، مـشـددة على أنه يريد حاليا «أفعالاً» لوضع حد للحرب. وتـــأتـــي هــــذه الــتــصــريــحــات بــعــد مـكـالمـة هـاتـفـيـة وصـفـهـا الــطــرفــان بـالــ«حـافـلـة» أجــراهــا تـرمـب الأربــعــاء مـع قـــادة فرنسا وألمـانـيـا وبريطانيا، تـنـاولـت احتمالات إجــــــــــراء مـــــحـــــادثـــــات فـــــي أوروبـــــــــــا مــطــلــع الأسبوع. ويُــنــظــر إلـــى هـــذا المـــوقـــف الأمـيـركـي عــــلــــى أنـــــــه ضــــغــــط مــــبــــاشــــر عــــلــــى كــيــيــف لـقـبـول الـخـطـة الأمـيـركـيـة لــلــســام، التي يرى كثير من المراقبين أنها تلبي بشكل كبير المطالب الروسية. وتتضمن الخطة الأمــيــركــيــة الــتــي أُرســـلـــت هـــذا الأســـبـــوع، ردا على مقترح أوكراني مضاد، اعترافا فعليا بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك وشــبــه جــزيــرة الــقــرم بـوصـفـهـا «أراضــــي روسية»، بالإضافة إلى تقاسم منطقتي خيرسون وزابوريجيا. وتطالب الخطة كييف بالتخلي عن طموحها للانضمام إلــــــى حـــلـــف شــــمــــال الأطــــلــــســــي (الــــنــــاتــــو) وتحديد سقف لعدد جنود جيشها. ألف جندي 800 أوكرانيا تطالب بجيش قوامه تـصـر أوكــرانــيــا عـلـى أن يـكـون قــوام ألــــــف جــنــدي 800 جــيــشــهــا المـــســـتـــهـــدف فــــي الــنــســخــة المـــعـــدلـــة مــــن خـــطـــة الـــســـام الأمـــيـــركـــيـــة. وقـــــال الـــرئـــيـــس زيـلـيـنـسـكـي للصحافيين فــي كييف الـخـمـيـس: «هــذا هـو الـقـوام الفعلي للجيش الآن، وقـد تم الاتـــفـــاق عـلـيـه مـــع الـــقـــيـــادة الـعـسـكـريـة». وأضاف أن هذا البند من المسودة الحالية بندا قد تم بالتالي تعديله 20 المكونة من بـشـكـل كــــاف. وكـــانـــت الــخــطــة الأمـيـركـيـة الأصــــلــــيــــة الــــتــــي تـــــم الإعـــــــــان عـــنـــهـــا فـي نوفمبر (تشرين الثاني) قـد نصت على ألف جندي أوكراني. 600 حد أقصى يبلغ ذكرت صحيفة «فايننشيال تايمز»، الـــجـــمـــعـــة، أن أوكـــــرانـــــيـــــا ســـتـــنـــضـــم إلـــى .2027 الاتــــحــــاد الأوروبــــــــي بــحــلــول عــــام ونــقــلــت الـصـحـيـفـة عـــن مـــصـــادر مطلعة أن المـــقـــتـــرح قـــيـــد الــــتــــفــــاوض مــــن جــانــب مسؤولين أميركيين وأوكرانيين بدعم من بروكسل. أوروبا ومواجهة الضغوط فــــــي المـــــقـــــابـــــل، تــــــواصــــــل الــــعــــواصــــم الأوروبية بذل الجهود لضمان أن يكون أي ســــام مـسـتـقـبـلـي مـبـنـيـا عــلــى أســس تحافظ على أمن القارة ووحدة أوكرانيا. وقــــالــــت رئـــيـــســـة المـــفـــوضـــيـــة الأوروبـــــيـــــة أورســـــــــــولا فــــــون ديــــــر لايــــــــن، الـــخـــمـــيـــس، إن «الأســــبــــوع المــقــبــل ســيــكــون حـاسـمـا» لأوكـرانـيـا، مؤكدة أنها أجــرت محادثات مـع الـشـركـاء فـي «تـحـالـف الـراغـبـن» من داعمي كييف. يُــــــرتــــــقــــــب أن يــــــــــــزور زيـــلـــيـــنـــســـكـــي بـــرلـــن يـــــوم الاثــــنــــن المـــقـــبـــل، بــحــســب مـا قــــال مـــســـؤول كـبـيـر لــــ«وكـــالـــة الـصـحـافـة الـفـرنـسـيـة»، الـجـمـعـة. وأضــــاف المـسـؤول الــــذي فــضّــل عـــدم الـكـشـف عـــن هـويـتـه أن «زيلينسكي سـيـكـون هـنـاك إذا سمحت الظروف الأمنية». وشددت فون دير لاين على أن الهدف الأوروبـــي هـو التوصل إلـى «ســام عـادل ودائــــم لأوكـــرانـــيـــا»، مـوضـحـة أن «عـبـارة دائـــم تعني أن أي اتــفــاق ســـام يـجـب ألا يـنـطـوي عـلـى بــــذور نــــزاع مستقبلي ولا يزعزع البنية الأمنية الأوروبية برمتها». كـمـا نـاقـشـت مـــع الـــقـــادة ضـــــرورة توفير «ضــمــانــات أمـنـيـة متينة ومــوثــوق بها» لـكـيـيـف، وهـــو مـــا يـتـطـابـق مـــع المــخــاوف الأوكـــــرانـــــيـــــة والأوروبــــــــيــــــــة حــــــول الــــــدور الأمـــيـــركـــي المــســتــقــبــلــي فــــي تـــوفـــيـــر هـــذه الضمانات، لا سيما مع التراجع في دعم واشنطن العسكري. بالتزامن مع الجهود الدبلوماسية، تـسـتـعـد بــروكــســل لـعـقـد قـمـة لـــقـــادة دول ديــســمــبــر 18 الاتــــــحــــــاد الأوروبـــــــــــــي فـــــي (كانون الأول) لمناقشة الخطة التمويلية لأوكـرانـيـا، مـع إمكانية استخدام أصـول روسية مجمدة في أوروبـــا. وفـي خطوة أولــــى، وافــقــت حـكـومـات الــــدول الأعـضـاء في الاتحاد الأوروبي مبدئيا على مقترح يـمـهـد الــطــريــق أمــــام اســـتـــخـــدام الأصــــول الــــروســــيــــة لـــتـــقـــديـــم قــــــروض لأوكــــرانــــيــــا، واتفقوا على إبقاء هذه الأصـول مجمدة بـشـكـل دائــــم بــــدلا مـــن تــمــديــد الـعـقـوبـات كل ستة أشهر. لكن هذه الخطوة تواجه مـــعـــارضـــة بـلـجـيـكـيـة، إذ يـــرفـــض رئـيـس الــــــــوزراء الـبـلـجـيـكـي بـــــارت دي ويـــفـــر أن تتحمل بلجيكا وحدها التبعات في حال حــــدوث أي مـشـكـلـة، ويـشـتـرط الـحـصـول عـــلـــى «ضـــمـــانـــات مُـــلـــزمـــة» ومـــوقـــعـــة مـن الدول الأعضاء لحظة اتخاذ القرار. كييف بين مطرقة واشنطن وسندان موسكو يجد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيــلــيــنــســكــي نــفــســه تـــحـــت ضـــغـــط هــائــل لقبول التنازلات الإقليمية التي تطلبها واشــنــطــن، وهـــي نقطة خـــاف جـوهـريـة. وقـــــــد أعــــلــــن زيـــلـــيـــنـــســـكـــي الـــخـــمـــيـــس أن الــولايــات المتحدة تطلب تـنـازلات كبيرة مـــن بــــاده فـــي مــفــاوضــات إنـــهـــاء الـحـرب مــع روســيــا، بـمـا فــي ذلـــك سـحـب قواتها مـــن دونــــبــــاس. وكــشــف عـــن أن واشـنـطـن تريد من كييف سحب قواتها من أجـزاء في منطقة دونيتسك، لإقامة ما تسميه «مــنــطــقــة اقـــتـــصـــاديـــة حــــــرة» خـــالـــيـــة مـن الـــســـاح بـــن الــجــيــشــن، وهــــو مـــا يثير مــخــاوف أوكــرانــيــا مــن الـتـسـلـل الـروسـي المحتمل في المنطقة إذا انسحبت كييف من دون إجبار موسكو على الانسحاب أيضا ً. ويشدد زيلينسكي على أنه لا يملك «الحق القانوني أو الأخلاقي» في التنازل عـن الأراضـــي لـروسـيـا، ويـــرى أن «الـعـدل هو عندما نقف حيث نقف، أي على خط التماس». وتظهر استطلاعات الرأي في أوكرانيا، وفقا لمعهد كييف الدولي لعلم في 54( الاجتماع، أن أغلبية الأوكرانيين المـــائـــة) يــعــارضــون الــتــنــازل عــن الأرض، حتى لو كان ذلك يعني استمرار الحرب. قراءة مغايرة للواقع الميداني تتناقض تـقـديـرات الـرئـيـس ترمب بأن أوكرانيا «تخسر الحرب» مع تقرير لـــصـــحـــيـــفـــة «وول ســــتــــريــــت جـــــورنـــــال» المحسوبة على الـجـمـهـوريـن، ينقل عن محللين عـسـكـريـن وضــبــاط أوكــرانــيــن عــلــى الـجـبـهـة نـفـيـهـم لــهــذه الــتــقــديــرات. ويشير التقرير إلـى أن الـقـوات الروسية تــحــقــق «مـــكـــاســـب هــامــشــيــة» و«بـتـكـلـفـة بـاهـظـة». وقـــال قـائـد كتيبة فــي الجيش الأوكــــرانــــي: «يـتـمـكـنـون أحــيــانــا مــن رفـع أعـــامـــهـــم والادعـــــــــاء بـــــأن مـــوقـــعـــا قــــد تـم الاسـتـيـاء عليه، ولكننا نـقـوم بعد ذلك بعمليات تطهير، ونزيل الرموز، ويبقى الموقع تحت سيطرتنا». وأكـــــدت نــائــبــة الأمــــن الـــعـــام لحلف شمال الأطلسي رادمـيـا شيكيرينسكا، أن ما يُرصد في ساحة المعركة «لا يزال تــقــدمــا، ولـكـنـه تــقــدم هــامــشــي»، مشيرة إلـى أن «شجاعة أوكرانيا كانت تعوض عــــن أوجــــــه الـــقـــصـــور هـــــــذه». ومـــــع ذلــــك، يقر التقرير بــأن كييف تـواجـه تحديات جـــــمّـــــة، أهـــمـــهـــا تـــجـــنـــيـــد عــــــدد كــــــــاف مـن الأفـــــــــراد، بـــالإضـــافـــة إلـــــى تـــطـــور روســـيـــا فـــي حـــرب الـــطـــائـــرات المـــســـيّـــرة، مـــا يمنح موسكو القدرة على «حـرب الاستنزاف» الـتـي تـهـدف إلــى إنـهـاك المــــوارد البشرية والعسكرية لأوكرانيا. فــــي خـــضـــم هـــــذا الـــتـــبـــايـــن، يـــواصـــل الأمين العام للناتو، مارك روته، تحذيراته الخطيرة حول خطورة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مؤكدا أن «الصراع على عتبة أبـوابـنـا»، وأن «بـوتـن منخرط في إعادة بناء إمبراطورية»، على حد قوله. ويرى روته أن ترمب هو «الوحيد» القادر على دفـع بوتين إلـى طـاولـة المفاوضات، ويحث الحلفاء على تسريع مساهماتهم العسكرية لكييف. قلق أوروبي من تراجع الدعم ويُــظــهــر تـقـريـر آخـــر للصحيفة أن أوروبــــــــا تــخــفــق فــــي تـــعـــويـــض انــســحــاب الـــدعـــم الأمـــيـــركـــي الــعــســكــري لأوكـــرانـــيـــا. ونقلت عن تحليل لمعهد كيل للاقتصاد العالمي أن أوروبـــا خصصت مـا يقل عن مـــلـــيـــارات دولار فــقــط مـــن المـــســـاعـــدات 5 سـبـتـمـبـر 1 الـــعـــســـكـــريـــة الــــجــــديــــدة بـــــن أكـــتـــوبـــر (تـــشـــريـــن الأول)، 31 (أيــــلــــول) و وهــــو «أقـــــل بـكـثـيـر مـــن أن يـــعـــوض وقــف الدعم الأمـيـركـي». ومـن المتوقع أن يكون «هــو الـعـام الــذي يسجل أدنـى 2025 عــام مـــســـتـــوى مــــن مـــخـــصـــصـــات المــــســــاعــــدات الــــعــــســــكــــريــــة الـــــجـــــديـــــدة عــــلــــى الإطــــــــاق لأوكــــرانــــيــــا مـــنـــذ انـــــــدلاع الــــغــــزو الـــواســـع .»2022 النطاق في عام هــــذا الـــتـــراجـــع فـــي الـــدعـــم الأوروبـــــي يـــــقـــــوّض المـــــوقـــــف الــــتــــفــــاوضــــي لــكــيــيــف ويثير القلق، خاصة أن موسكو صعدت هـــجـــمـــاتـــهـــا، إذ أطـــلـــقـــت روســــيــــا الــشــهــر طائرة مسيّرة بعيدة 5444 الماضي نحو في 2434 المـــدى على أوكـرانـيـا، مـقـارنـة بـــــ . ولـهـذا، 2024 ) نوفمبر (تـشـريـن الـثـانـي يــــــزداد الــضــغــط عــلــى أوروبـــــــا لـاعـتـمـاد على مبادرات مثل «قرض التعويضات» المــقــتــرح مـــن الأصـــــول الــروســيــة المـجـمـدة لــتــمــويــل الأســـلـــحـــة الـــتـــي تـــحـــتـــاج إلـيـهـا كييف بشدة. تــتــجــه الأنــــظــــار نـــحـــو الاجـــتـــمـــاعـــات الأوروبــــيــــة المــرتــقــبــة، لمــعــرفــة مـــا إذا كــان اشتراط ترمب «بفرصة حقيقية للسلام» ســيــتــحــقــق بـــمـــقـــايـــيـــس واشــــنــــطــــن الـــتـــي تضغط عـلـى أوكــرانــيــا بــــ«ســـام» يصب فـــي مـصـلـحـة روســـيـــا، أم أن الأوروبـــيـــن سينجحون في تأمين ضمانات «السلام الــــدائــــم والـــــعـــــادل» الـــــذي لا يـــقـــوّض أمــن الــقــارة ووحــــدة أوكــرانــيــا. ويـظـل العائق الأكبر، كما يؤكد المحللون، هو التنازلات الإقـلـيـمـيـة، الــتــي يـصـر زيلينسكي على أنـه ليس مـخـوّلا بتقديمها، تاركا الباب مفتوحا أمام تصعيد جديد أو استمرار حالة الجمود الميداني والدبلوماسي. بدا الجمعة أن النقاشات حول خطة السلام الأميركية في أوكرانيا بدأت تأخذ منحى أكثر تسارعاً، برغم تباعد المواقف بين موسكو من جانب، وكييف والعواصم الأوروبية من جانب آخر. ولفتت السجالات الروسية - الأوكرانية حول مصير منطقة دونباس، إلى انتقال الأطراف إلى مناقشة تفاصيل عملية التسوية المقبلة التي رأت أوساط في روسيا أنها «باتت قريبة». وبــــعــــد مــــــــرور ســـــاعـــــات عــــلــــى إعـــــان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي فكرة إجراء استفتاء وطني شامل لتحديد مستقبل دونباس، ما حمل مؤشرات إلى بـــدء الــخــطــوات الـعـمـلـيـة لـتـكـريـس الإقــــرار الأوكـــــــرانـــــــي الــــرســــمــــي بــــــضــــــرورة تــقــديــم تـــــنـــــازلات مـــيـــدانـــيـــة مــــؤلمــــة، رد الــكــرمــلــن بتأكيد أن روسـيـا لـن تتراجع عـن قــرارات ضـــم الأراضـــــي الــتــي بــاتــت «روســـيـــة وفـقـا للدستور». لكن اللافت أنـه أقـر في الوقت ذاته بإمكان تقديم تنازلات محددة لإنجاح خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في سياق الاستعداد لسحب الجيش الروسي مـسـتـقـبـا مـــن المـنـطـقـة، والاكـــتـــفـــاء بـقـوات شرطية لحفظ الأمن فيها. وقــــــــال يــــــــوري أوشـــــــاكـــــــوف، مــســاعــد الرئيس الروسي، إنه لا يستبعد احتمالية عدم وجـود أي قـوات روسية في دونباس فــــي نـــهـــايـــة المـــــطـــــاف، لــكــنــه أشــــــار إلـــــى أن وحــــدات «الــحــرس الــوطــنــي» قــد تبقى في إطار قوات للحفاظ على النظام. وتمسك أوشــاكــوف بموقف موسكو الـسـابـق حـــول أن «أي وقـــف لإطـــاق الـنـار لـــــن يـــتـــحـــقـــق إلا بـــعـــد انــــســــحــــاب الــــقــــوات الأوكرانية». لكنه أضـاف أن «ما سيحدث هــنــاك (فـــي دونـــبـــاس) بـعـد ذلــــك، فـبـرأيـي، يمكننا مناقشة ذلك؛ لأنه من الممكن تماما ألا يــكــون هــنــاك أي قـــــوات، ســــواء روسـيـة أو أوكــرانــيــة. نـعـم، لكن سيبقى (الـحـرس الوطني)، وشرطتنا، وكل ما يلزم للحفاظ على النظام وتنظيم الحياة». ورد الـسـيـاسـي الـــروســـي عـلـى فـكـرة زيـــلـــيـــنـــســـكـــي إجـــــــــراء اســـتـــفـــتـــاء لــتــحــديــد مستقبل المـنـطـقـة، مـــذكّـــرا بـــأن «دونــبـــاس بأكملها روسية وفقا للدستور الروسي». ورأى أن دونـــبـــاس «سـتـخـضـع عــاجــا أو آجـــا للسيطرة الـروسـيـة الكاملة (...) إن لـم يكن عـن طريق المـفـاوضـات، فعسكرياً. ســـتـــخـــضـــع هــــــــذه المــــنــــطــــقــــة (دونـــــــبـــــــاس) للسيطرة الـكـامـلـة لـاتـحـاد الـــروســـي. كل شـــــيء آخـــــر ســيــتــوقــف عـــلـــى ذلـــــــك». وقــــال مساعد الرئيس الروسي إن موسكو «قد لا تكون راضية تماما عن الوثيقة الأميركية المعدلة بشأن تسوية السلام في أوكرانيا التي ستتلقاها قريباً». وأوضـــــــح أن «الأمـــيـــركـــيـــن يــقــومــون حـــــالـــــيـــــا بــــالــــتــــنــــســــيــــق مـــــــع الأوروبــــــــيــــــــن والأوكــرانــيــن. وفــي نهاية المــطــاف، يجب عــــرض الـنـسـخـة الـنـهـائـيـة لـخـطـة الــســام علينا، وهـــو مــا سيثير، بطبيعة الـحـال، رد فعل مناسباً. ولا أعتقد أنـنـا سنكون راضــــن تـمـامــا عــنــهــا». وزاد أن بــــاده لم تطلع بـعـد عـلـى الـنـسـخ المـعـدلـة مــن خطة الـــســـام الأمـــيـــركـــيـــة، مـضـيـفـا أن مـوسـكـو «سـوف تنخرط بشكل فعّال مع واشنطن بـــــشـــــأن خــــطــــة الــــــســــــام فــــــي أوكــــــرانــــــيــــــا». وأوضــــــــح: «عــــاجــــا أو آجــــــا سـتُــسـتـأنـف الاتصالات الفعّالة مع الأميركيين؛ لأن ما ينسّقه الأميركيون حاليا مع الأوروبـيـن والأوكــرانــيــن يجب أن يُــعـرض علينا في نهاية المطاف». فــي غــضــون ذلــــك، بـــدا أن زيلينسكي الـــــــذي تــــعــــرض لـــضـــغـــوط أمـــيـــركـــيـــة قــويــة خـال الأيـــام الماضية، بـدأ يستعد بالفعل لـــخـــوض اســـتـــحـــقـــاق انـــتـــخـــابـــي رئـــاســـي. وكــــــانــــــت مــــوســــكــــو شـــكـــكـــت فــــــي شـــرعـــيـــة الــرئــيــس الأوكــــرانــــي أكــثــر مـــن مــــرة؛ كـونـه أجّـــل الاسـتـحـقـاق الانـتـخـابـي بـعـد انتهاء ولايته الرئاسية العام الماضي، مبررا ذلك بأن البلاد تعيش في حالة طوارئ بسبب الحرب. ووفقا لوكالة «آر بي سي - أوكرانيا»، يعتزم حـزب «خــادم الشعب» الحاكم عقد ديــســمــبــر (كــــانــــون الأول) 17 مــؤتــمــر فـــي لإعــــــادة انـــتـــخـــاب زعــيــمــه زيـلـيـنـسـكـي، ما يمهد لإطلاق عملية انتخابية في البلاد. ورأت تــحــلــيــات فــــي وســــائــــل إعــــام روسـيـة وأوكــرانــيــة أن إجـــراء الانتخابات وإعلان زيلينسكي احتمال إجراء استفتاء عــلــى الأراضـــــــي، يـــعـــدان مــؤشــريــن إلــــى أن «الــــــصــــــراع يـــقـــتـــرب مــــن نـــهـــايـــتـــه». ورأى خـــبـــراء أنــــه «مــهــمــا كـــانـــت الــنــتــيــجــة فهي حتما وخيمة على أوكرانيا (...) سيشعر بــعــض الأوكـــرانـــيـــن بــالــخــيــانــة، فـــي حين سوف يتساءل آخرون عن جدوى كل هذه التضحيات إذا ما تبين أن الاتفاق النهائي أســــــوأ مــــن ذلـــــك الــــــذي رفـــضـــتـــه كــيــيــف فـي . لكن 2022 ) إسطنبول في أبريل (نيسان ثـمـة أمـــر واحــــد واضـــــح: لـقـد بــاتــت نهاية الحرب أقرب بكثير». وكـــــان الــكــرمــلــن عـــلّـــق عــلــى تـصـريـح زيـــلـــيـــنـــســـكـــي بــــشــــأن اســـــتـــــعـــــداده لإجــــــراء انتخابات رئاسية فـي أوكـرانـيـا، بإشارة إلى أن «هذا التصريح جديد تماماً». وأشــــــــــار المــــتــــحــــدث بــــاســــم الــــرئــــاســــة الروسية، ديمتري بيسكوف، إلى «تطور» فــــي مـــوقـــف زيــلــيــنــســكــي، لــكــنــه ذكّــــــر بـــأن الرئيس فلاديمير بوتين كان قد أثـار هذا الموضوع سابقا مع نظيره الأميركي، وأكد الطرفان في حينه «الحاجة إلى مثل هذه الإجراء ات». وكـــــــان زيــلــيــنــســكــي أكــــــد اســــتــــعــــداده لـــانـــتـــخـــابـــات، لــكــنــه شـــــدد عـــلـــى ضـــــرورة إجـراء تعديلات تشريعية واتخاذ تدابير أمنية، بما في ذلك السماح لأفراد الجيش بــالــتــصــويــت. كــمــا أشـــــار إلــــى أن أولـــويـــة الـحـكـومـة يـجـب أن تـكـون ضـمـان شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها، فضلا عن حماية حقوق جميع المواطنين. أغسطس الماضي (رويترز) 18 ترمب برفقة قادة أوروبيين لبحث حرب أوكرانيا في البيت الأبيض يلي يوسفإواشنطن: موسكو: رائد جبر تؤكد القيادات الأوروبية أن أي اتفاق يجب ألا ينطوي على بذور نزاع مستقبلي ولا يزعزع البنية الأمنية الأوروبية برمتها

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky