issue17182

12 حــصــاد الأســبـوع ANALYSIS Issue 17182 - العدد Saturday - 2025/12/13 السبت هولندا... حكومات ائتلافية منذ الحرب العالمية الثانية مـنـذ نـهـايـة الــحــرب الـعـالمـيـة الـثـانـيـة، تـحـكـم هـولـنـدا > حكومات ائتلافية مكونة من حزبين أو أكثر في أحيان كثيرة، بسبب القانون الانتخابي المعتمد الذي يجعل من المستحيل على حزب واحد أن يفوز بالأغلبية. وطغى مارك روته وحزبه حــزب «الشعب للحرية والديمقراطية» المحافظ الليبرالي، الأخـيـرة تقريباً. 14 على الحياة السياسية فـي الـسـنـوات الــــ ، ضم 2024 و 2010 حكومات متتالية بين العامين 4 فهو ترأس وانتقاله 2023 معظمها أكثر من حزبين، حتى استقالته عام ليصبح أمـن عـام حلف شمال الأطلسي (الـنـاتـو). وحظيت حكومته الأولـى التي كانت حكومة أقلية وشكَّلها مع حزب «نــــداء الـديـمـقـراطـيـة المـسـيـحـي»، بــدعــم مــن حـــزب «الـحـريـة» اليميني المتطرف من دون أن يشارك الأخير في الحكومة. ولكن الحكومة لم تدم أكثر من عامين بعد خلافات مع خيرت فيلدرز الذي سحب دعمه لها، مما أدى إلى سقوطها. أحـــزاب بينها 4 وشـكَّــل روتـــه حكومته الثانية الـتـي ضمت حزب «العمال»، مما سمح لها بأن تحكم طوال فترة ولايتها لخمس سـنـوات، وكـانـت الأكـثـر اسـتـقـرارا فـي تـاريـخ هولندا 3 لتحكم لمدة 2017 الحديث. وشكَّل روته حكومته الرابعة عام أحزاب ولكنها سقطت مبكرا بعد تداعيات 4 سنوات، وضمت أزمة كورونا. وكانت الحكومة الأخيرة التي شكَّلها روته من ، الأقصر عمراً، واستغرق تشكيلها وقتا 2022 أحـزاب عام 4 يـومـا، ولكنها انــهــارت سريعا بعد 299 قياسيا وصــل إلــى خلافات حول الهجرة، ولم تحكم فعليا أكثر من عام ونصف، ولكنها بقيت حكومة تصريف أعمال لنصف عام إضافي. ، حقق حــزب الـحـريـة اليميني المتطرف 2024 وفــي عــام بزعامة فيلدرز فوزا تاريخياً، ولكن فيلدرز نفسه لم يصبح رئيس حكومة بسبب اشتراط الأحــزاب الأخـرى التي وافقت على دخــول الائـتـاف الحكومي معه، على تعيين شخصية أخرى. وتوافقت الأحزاب في النهاية على ديك شوف لرئاسة أحــــزاب مــن بينها حـــزب «الـحـريـة» 4 الـحـكـومـة الـتـي ضـمـت الـــذي خــاض تجربته الأولـــى فـي الـحـكـم، ولكنه سـرعـان من انسحب من الحكومة في صيف العام الجاري بعد خلافات مع الأحزاب الأخرى حول سياسات هجرة متشددة ومخالفة للقانون أراد تطبيقها. اعتمد استراتيجيات تستهدف اليمين المتطرف، جاعلا العلم الهولندي ومسألة الهجرة من محاور حملته الانتخابية عــامــا) أن هـزيـمـة أحــــزاب أقــصــى اليمين 38( أثــبــت روب يــن ممكنة، ليعطي فوز حزبه في الانتخابات العامة في هولندا، أملا للكثير مـن الأحــــزاب الأوروبـــيـــة الوسطية الـتـي تكافح هـي نفسها للبقاء أمام مد اليمين المتطرف الذي يلف القارة العجوز. يتن نفسه هلل فور صدور النتائج بأن هولندا «أغلقت فصل خيرت فيلدرز»، متعهدا بالعمل على تشكيل «ائتلاف متين يقود هولندا إلى الأمام». وأضــاف أن فـوز حزبه أثبت أن «الأحـــزاب الوسطية أظهرت أنـه من الممكن هزيمة الأحزاب الشعبوية وأقصى اليمين». وقاد يتن حملة انتخابية شعارها «التغيير والإيجابية» مستعينا بشعار بـاراك أوبــامــا «يمكننا الـتـغـيـيـر»، فــي إشــــارة إلـــى اسـتـبـدال حـــزب معتدل باليمين المتطرف. ولاقت إيجابيته صدى لدى الناخبين الهولنديين الذين يبدو أنهم تعبوا من السلبية التي طبعت الحياة السياسية منذ الانتخابات التي سبقت أن أوصلت حزب الحرية إلى الطليعة ولـكـن مـن دون فــوز كـاسـح، مـا يعني أن فيلدرز لـم يكن قـــادرا على الحكم بمفرده، وعجز عن إقناع الأحــزاب الأخـرى التي شكلت معه الحكومة مشترطة ألا يترأسها هـو شخصياً، باعتماد سياسته المتطرفة حول الهجرة، وهو ما تسبب في النهاية بانهيار الحكومة. ونقلت وسائل إعلام هولندية إحصاءات تشير إلى التأييد الواسع لتولي يتن رئاسة الحكومة بين مؤيدي الأحــزاب اليمينية. ونقلت شبكة أخبار «آر تي إل» الهولندية عن أحـد الناخبين قوله إنـه «لا يــوافــق دائــمــا عـلـى سـيـاسـات الـديـمـقـراطـيـن ولــكــن روب يــن رجـل (عـــادي) يمكنه أن يـــؤدي وظيفة تمثيل الـبـاد بشكل جـيـد». وقـال عن فيلدرز إنه لو تولى رئاسة الحكومة فإن الأمور «لن تنجح معه وإنه سيريد على الأرجح أن يمرر سياسته، وفي حال لم ينجح بذلك فسينسحب مرة جديدة». اغتيال مخرج... وإحراق مدرسة إسلامية ويأتي فوز يتن على اليمين المتطرف وصعوده السريع وهو ما زال في عقده الثلاثين، متناغمين مع دخوله عالم السياسة في من العمر. بداية قصته في السياسة 17 سن فتيّة أيضا وهو في الـ شكل اغتيال 2004 كانت مرتبطة أيضا باليمين المتطرف؛ ففي عام المخرج السينمائي تيو فـان غـوخ على يد متطرف هولندي من أصل مغربي، لحظة مفصلية تسببت بتداعيات دفعت بيتن إلى دخول عالم السياسة. وكان إحراق مجموعة من الشبان المنتمين إلـى اليمين المتطرف لمـدرسـة ابتدائية تعلّم الـديـن الإسـامـي في بلدته في أودن، سبب توجهه إلى النضال ضد اليمين المتطرف. وقال مؤخرا عن بداياته إن الشبان الذين أحرقوا المدرسة كانوا من رفاقه في فريق كرة القدم وكان يعرفهم جيداً، ولكنه أراد أن يُظهر صورة مختلفة للعالم وأن بلدته ليست مجرد مكان مليء بشبان «لا يعرفون مـاذا يفعلون».وبقي كفاح يتن ضد اليمين المتطرف أساسيا خلال مسيرته السياسية. وحتى في الحملة الانتخابية التي قادها، اعتمد يتن استراتيجيات تستهدف اليمين المتطرف، مثل جعله العلم الهولندي محوريا خلال الحملة، وقوله إنه يريد «استعادته» من اليمين المتطرف الـذي غالبا ما يستخدم العلم. ولـــم يــتــردد كــذلــك بـجـعـل مـسـألـة الــهــجــرة الــتــي أوصــلــت فـيـلـدرز للفوز في الانتخابات التي سبقت، محورية خلال حملته. ورغم ليبراليته، وارتباطه بلاعب هوكي محترف أرجنتيني سيعقد قرانه عليه العام المقبل، فقد أكد للناخبين أنه سيعتمد سياسة هجرة متشددة تجاه المرفوضة طلباتهم وسيعتمد حدا أقصى لأعـــــداد المــهــاجــريــن. ويـــبـــدو أن تـعـهـداتـه هـــذه لاقـــت تــجــاوبــا من فـي المـائـة من 7 الناخبين، إذ أكــد لاحقا متحدث باسم حزبه أن ناخبي حزب الحرية صوتوا هذه المرة للديمقراطيين. وحــتــى قـبـل الانــتــخــابــات وبــــدء الـحـمـات الانـتـخـابـيـة، كـان يتن يدعو لاعتماد سياسة هجرة جديدة في هولندا والخروج مـن عـبـاءة الاتــحــاد الأوروبـــــي. وروّج لاعـتـمـاد نـظـام مبني على النظام الكندي ينقل البحث والبت بطلبات اللجوء إلى خارج دول الاتحاد الأوروبي ورفض استقبال من يصلون خارج هذا النظام إلى هولندا. تشديد قوانين الهجرة ودعـــــا كـــذلـــك إلــــى مــراجــعــة المـــعـــاهـــدات الـــدولـــيـــة الـخـاصـة باللاجئين «لكي تعكس الواقع الجديد» في خـاف للسياسة التي كـان يعتمدها الديمقراطيون. ونقلت عنه وسائل إعلام هولندية قوله إن «قانون الهجرة المعتمد حاليا لم يعد صالحاً، علينا أن ننتقل من هجرة تتحكم بنا، إلى هجرة نحن نتحكم بها، ليس فقط بسبب مواطنين هولنديين قلقين من الأعــداد الـــوافـــدة ولــكــن أيــضــا لــأشــخــاص الـــذيـــن يــهــربــون مـــن العنف والمـاحـقـة». وبحسب خطة يــن، فــإن هولندا لـن تقبل إدخــال لاجئين إلا أولئك الذين يتقدمون للحصول على لجوء من خارج الاتحاد الأوروبي ويتم قبولهم. ويعد أن نظاما كهذا سيساعد على وقف طرق التهريب الخطيرة وينقذ أرواحاً.وحالياً، يتم إدخـــال بعض اللاجئين إلـى أوروبـــا عبر نظام شبيه تعتمده الأمـم المتحدة لتوزيع اللاجئين ولكن أعــداد هـؤلاء قليلة جدا مقارنة بالذين يدخلون بشكل غير قانوني ويتقدمون بطلبات لجوء. ويريد يتن توسيع هذا النظام بشكل كبير لكي يصبح الطريقة الأساسية لاستقبال اللاجئين في هولندا. ولكنه يعي أن هذه الخطط تستغرق وقتا طويلاً. وحتى ذلك الحين، وفي المرحلة القصيرة المــدى يطالب بقوانين أشـد لطالبي اللجوء الـذيـن يـعـدّون عبئاً، خاصة أولـئـك الـقـادمـن مـن دول مصنفة «آمـنـة» أي لا خــوف مـن ملاحقات بحق الـقـادمـن منها الذين لا يتمتعون أصـــا بحظوظ كبيرة فـي الـحـصـول على لجوء. ومن أقواله عن هؤلاء إن «الذين يأتون ويتسببون بمشاكل ولا يتوجب عليهم أن يكونوا هنا، يجب أن يتم إرسالهم إلى ملاجئ مغلقة، ويفهموا أنهم يدخلون بلدا بقيم ليبرالية، وإذا كانوا لا يحترمونها فسيخسرون بعض الحقوق». فـــي المــقــابــل يـــــروّج يـــن لانـــدمـــاج أفــضــل لطالبي اللجوء الناجحين ويدعو إلى إدخالهم في صفوف تعلّم اللغة «منذ الـيـوم الأول» ومساعدتهم في العثور على وظيفة «بأسرع وقت ممكن». وقبل ،2023 الانتخابات ومنذ تـرأسـه حزبه عـام حـــــذّر بــــأن إبـــقـــاء الأشـــخـــاص عــلــى نـظـام الإعـانـات من دون دمجهم في المجتمع وســوق العمل «مــؤذ لهم وللمجتمع بشكل عــام، ويـغـذي الإحـبـاط لدى الهولنديين». ويعد يتن أن على الأحـــــزاب الـوسـطـيـة أن «تـقـود الــخــطــاب الـسـيـاسـي عوضا عـن أن تـتـرك ذلــك لـأحـزاب اليمينية المتطرفة». حل أزمة السكن... بناء جزيرة جديدة سياسة الهجرة هـذه التي يــــــــروج لــــهــــا يـــــن مــــنــــذ تــــرأســــه حـــــزبـــــه، قـــــد تــــكــــون أكــســبــتــه أصـواتـا من اليمين واليمين المــــتــــطــــرف، ولـــكـــن الأصــــــوات الأخــرى التي نجح بإضافتها لـــــحـــــزبـــــه جـــــذبـــــهـــــا مـــــــن خـــــال خـطـاب أوســـع يـتـنـاول مـخـاوف الناخبين بشكل مباشر من قضايا تـــتـــعـــلـــق بــــالــــســــكــــن الـــــتـــــي كـــانـــت أيـــضـــا مـــن الــقــضــايــا الأســاســيــة فــــي الانـــتـــخـــابـــات الــهــولــنــديــة. فهولندا، مثل الكثير من الدول 400 الأوروبـيـة، تعاني من نقص ألـف وحـدة سكنية ما يـؤدي إلى رفــــع دائـــــم فـــي أســـعـــار الـــعـــقـــارات والسكن ما يزيد من العبء على الـــســـكـــان. ورغـــــم أن كـــل الأحـــــزاب الــتــي خــاضــت الانــتــخــابــات جـعـلـت من مسألة البناء أساسية في معركتها، فــإن طــروحــات الديمقراطيين كانت الأكثر ثورية. وفيما كانت الأحزاب الأخرى تقترح إغلاق مطارات للبناء على أراضيها، أو توسيع مجمعات موجودة أصلاً، اقترح يتن بناء جزيرة جديدة على أرض مغطاة حاليا بالمياه، في بلد ربعه يقبع تحت مستوى البحر. وتعهد ببناء مدن ألف وحدة سكنية مع مساحات خضراء 60 جديدة تضم ومياه وأماكن ترفيه. مـا إذا كــان سينجح بتحقيق أي مـن طـروحـاتـه تلك، إن كانت المتعلقة بالهجرة أو تلك المتعلقة بالسكن، غير واضـــح ومـرتـبـط بـالائـتـاف الـــذي سينجح بتشكيله في النهاية والخطط التي يتفق عليها مع الأحــزاب الأخـرى. ولـــكـــن عــلــى الأقـــــل هـــي خــطــط طــمــوحــة لاقــــت صــــدى لــدى الناخبين وأوصلت من قد يصبح أصغر رئيس حكومة في هولندا إلى رأس السلطة. والواقع أن صعوده السريع وهو في سن يافعة، دفع البعض للتشكيك بقدراته أحياناً. أما سياسته الأخرى، فهي مناقضة تقريبا لسياسات فيلدرز واليمين المتطرف في هولندا المشكك في الاتحاد الأوروبي وفي التأييد الأوروبي لأوكرانيا ومعاداة روسيا. ويـعـد يـن مـؤيـدا للاتحاد الأوروبــــي ولـدعـم أوكـرانـيـا في حربها ضد روسيا. وعندما كان وزيرا للطاقة في حكومة مارك روته التي سبقت حكومة فيلدرز، دفع يتن بسياسة طاقة لا تعتمد على الغاز الروسي. وقد خدم في حكومة 2022 روتــــه الـــرابـــعـــة وزيـــــرا لـلـمـنـاخ والـــطـــاقـــة بـــن عــامــي . ودخـــل يـن الـبـرلمـان الهولندي للمرة الأولـــى عام 2024 و وكان متحدثا باسم كتلته عن المناخ والطاقة. وفي 2017 انتخب زعيما للكتلة النيابية للديمقراطيين 2018 عــام ليصبح أصغر زعيم للكتلة فـي تـاريـخ الـحـزب. وفـي عام انتخب حزبه الدبلوماسية المخضرمة سيغريد كاخ 2020 لزعامته في معركة لم يترشح فيها يتن. ولكنه لم ينتظر كثيراً، إذ وجد فرصة سانحة بعد استقالة كاخ في صيف وانتخب لزعامة الحزب. 2023 عام روب يتن... هزم اليمين المتطرف ويستعد ليصبح أصغر رئيس حكومة لهولندا يعطي الأمل للأحزاب الوسطية الأوروبية تطلب الأمر شابا مفعما بالحياة ومليئا بالأمل لهزيمة اليمين المتطرف في هولندا. فقد نجح روب يتن، السياسي الشاب الذي لم يدخل بعد عقده الأربعين، بإعادة حزب «الديمقراطيين ،1966 » الليبرالي الوسطي الذي تأسس عام 66 إلى واجهة الحياة السياسية في هولندا وقاده إلى تحقيق أفضل نتائج له منذ تأسيسه. ورغم أن الحزب لم يفز فعليا بالانتخابات التي جرت نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بل تعادل مع حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز، فإن النتائج تعد فوزا للديمقراطيين وخسارة لأقصى اليمين؛ 150 مقعدا من أصل 26 وبتحقيق كلا الحزبين داخل البرلمان، يكون الديمقراطيون قد ضاعفوا مقاعد في 9 مرات تقريبا من 3 مقاعدهم بـ مقعداً، فيما 26 الانتخابات التي سبقت إلى مقعدا وانخفض تمثيله 11 خسر حزب الحرية نائباً. ورغم أنه ما زال 26 نائبا إلى 37 من غير واضح ما هي الأحزاب التي قد تشارك في الائتلاف الحاكم، فمن المؤكد أن حزب الحرية سيكون خارج الحكم. إذ تعهدت الأحزاب الأخرى بعدم العمل مع خيرت فيلدرز من جديد بعد تجربة الحكم الأخيرة التي لم تدم شهراً. 11 أكثر من برلين: راغدة بهنام ASHARQ AL-AWSAT حكومات هولندية متتالية (رويترز) 4 مارك روته قاد

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky