issue17180

5 إيران NEWS Issue 17180 - العدد Thursday - 2025/12/11 الخميس ASHARQ AL-AWSAT مؤشر على اهتزاز العلاقات الدبلوماسية بين بيروت وطهران وزير الخارجية اللبناني يرفض دعوة لزيارة إيران ويقترح لقاء في «دولة محايدة» عكس رفض وزير الخارجية اللبناني يوسف رجـي، تلبية دعـوة نظيره الإيراني عـبـاس عـراقـجـي لــزيــارة طـهـران فـي الوقت الـــــراهـــــن، واقــــتــــراحــــه عـــقـــد لــــقــــاء فــــي دولــــة ثـــالـــثـــة، مــــؤشــــرا عــلــى تـــبـــدل فــــي الــعــاقــات الدبلوماسية بين بيروت وطهران. وقال رجي، في تغريدة، الأربعاء، إنه يعتذر عن عـدم قبول دعــوة لـزيـارة طهران في الوقت الراهن، واقترح بدلا من ذلك عقد لقاء «فـي دولـة ثالثة محايدة يتم التوافق عـلـيـهـا». وأضـــــاف أن «الـــظـــروف الـحـالـيـة» هـــي ســبــب قــــــراره عــــدم زيــــــارة إيـــــــران، دون ذكـــر مــزيــد مــن الـتـفـاصـيـل. وشــــدد عـلـى أن هذا «لا يعني رفضا للنقاش، إنما الأجواء المؤاتية غير مـتـوافـرة». وشــدد على أن أي انطلاقة جديدة بين بيروت وطهران يجب أن تقوم على أسس واضحة، تشمل احترام السيادة الوطنية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والالتزام المتبادل بالمعايير التي تحكم الـعـاقـات بـن الـــدول. كما أعـــرب عن اســتــعــداد بــــاده لـبـنـاء عـاقـة «بـــنّـــاءة» مع إيران تتسم بالوضوح والاحترام. وكان وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي دعا نظيره اللبناني لزيارة طهران فـــي المـسـتـقـبـل الــقـــريـــب لمــنــاقــشــة الــعــاقــات الثنائية. وقـــالـــت مـــصـــادر رســمــيــة لـبـنـانـيـة إن قــــرار الـــوزيـــر رجـــي «مـتـعـلـق بــه حــصــرا لأن الدعوة وصلت إليه، ولـم تصل إلـى الدولة اللبنانية». وأشـارت المصادر، في تصريح لــــ«الـــشـــرق الأوســـــــط»، إلــــى أن هــــذا المــوقــف «عائد له (رجي)، ويعبّر عنه». ولا تـــزال الـعـاقـات بـن لبنان وإيـــران مستمرة، رغم المواقف الحادة التي تبلغها بيروت للمسؤولين الإيرانيين تأكيدا لموقف لبنان الرسمي الرافض لأي تدخل بشؤونه الداخلية. واستقبل مسؤولون لبنانيون، وتــحــديــدا رؤســــاء الـجـمـهـوريـة والـحـكـومـة والــــبــــرلمــــان، فــــي أغـــســـطـــس (آب) المـــاضـــي، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني في بيروت. لــكــن فـــي تــلــك الــــزيــــارة، بــــرز تـــوتـــر في العلاقة مع الوزير رجـي، إذ قال لاريجاني إنه ليس لديه الوقت الكافي للقاء رجي، ما دفع الأخير للردّ: «حتى لو كان لدي الوقت، لم أكن لألتقي به». وليست تلك المرة الأولى التي يتحدث فيها رجي عن الاجتماع ببلد ثالث، لكنها المـــرة الأولــــى الـتـي تـأخـذ الـطـابـع الـرسـمـي. ففي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، دعا رجي نظيره الإيراني للتفاوض خلال لقاء تلفزيوني، ورد عراقجي بالقول: «نحن لا نتدخّل في الشؤون الداخلية للبنان، لكننا نـرحـب بــأي حـــوار بـهـدف تـعـزيـز الـعـاقـات الثنائية بين إيران ولبنان، ولا حاجة لبلد ثــــالــــث». وأضـــــــاف: «أدعــــــو زمــيــلــي يـوسـف لـزيـارة طـهـران، وأنــا مستعد أيضا لزيارة بيروت بكل سرور إذا تلقيت دعوة رسمية لذلك». علاقة غير مكتملة ويحمل مـوقـف رجــي الأخـيـر إشــارة دبـلـومـاسـيـة إلـــى أن الــعــاقــة بـــن لبنان وإيــــــران «غـــيـــر مـكـتـمـلـة»، حـسـبـمـا يـقـول وزيـر الخارجية اللبناني الأسبق فارس بـويـز، الـــذي يــرى أن هــذا المـوقـف «يشير بـوضـوح إلـى أن العلاقات الدبلوماسية اللبنانية - الإيرانية ليست على ما يُرام»، مـوضـحـا: «عـنـدمـا تـكـون هـنـاك تباينات أو إشــــكــــالات، عــــادة مـــا يُــعــقــد الاجــتــمــاع الأول فـــــي بــــلــــد ثـــــالـــــث، بـــــغـــــرض وضــــع أسس لحلحلة الإشكالات والتوصل إلى تفاهمات». وأكّـــــد بـــويـــز، فـــي تـصـريـح لـــ«الــشــرق الأوسـط»، أن وزير الخارجية، في العادة «لا يـــخـــرج عــــن المــــوقــــف الـــرســـمـــي، حـتـى لــــو كـــــان لــــه خــــــروج طــفــيــف وشـــكـــلـــي عـن هــــذا المــــوقــــف». وعـــلـــيـــه، «يُـــنـــظـــر إلــــى هــذا الموقف على أنه يعبر عن موقفي رئيسي الــجــمــهــوريــة جـــوزيـــف عـــــون، والـحـكـومـة نـــواف ســـام، ويحمل محاولة للقول إنه يفترض أن تـوقـف طـهـران دعمها لفريق معين في لبنان، وتوقف التدخل»، مشددا على ضــرورة أن يوجد اللقاء المقترح في دولة ثالثة حلولا للملفات المطروحة. حدود السيادة والاحترام ويـــــتـــــهـــــم لـــــبـــــنـــــان إيـــــــــــــران بــــالــــتــــدخــــل فـــــي شـــــؤونـــــه الــــداخــــلــــيــــة. وأعـــــــــاد رئـــيـــس الـجـمـهـوريـة فــي لـقـائـه مــع لاريــجــانــي في أغـسـطـس المـــاضـــي، الـتـأكـيـد عـلـى المـوقـف المبدئي والرسمي اللبناني، إذ أكد أنه من غير المسموح لأي جماعة في لبنان حمل الــســاح أو الاعــتــمــاد عـلـى مـسـانـدة طـرف خارجي. وأضـاف في بيان: «نرفض أي تدخل فــــي شـــؤونـــنـــا الـــداخـــلـــيـــة مــــن أي جـــهـــة»، مــــوضــــحــــا أن «لــــبــــنــــان الــــــــذي لا يـــتـــدخـــل مطلقا بــشــؤون أي دولـــة أخــــرى، ويحترم خصوصياتها، ومنها إيران، لا يرضى أن يتدخل أحد في شؤونه الداخلية». كما أكّد أن لبنان منفتح على الـتـعـاون مـع إيــران، لكن في حدود السيادة الوطنية والاحترام المتبادل. تصحيح العلاقات الدبلوماسية وشــهــدت الـعـاقـة الـدبـلـومـاسـيـة بين ، حين 1990 إيران ولبنان استقرارا منذ عام أعـــاد بـويـز تصويب العمل الدبلوماسي «وفـق الأصــول والتزاما بمقررات اتفاقية فــيــيــنــا». وأشــــــار فـــي تــصــريــح لــــ«الـــشـــرق الأوسط» إلى أنه خلال فترة الحرب، كانت الـــوفـــود الإيــرانــيــة تـصـل إلـــى بــيــروت عبر سوريا، من دون إبلاغ السلطات اللبنانية، وكانت تلتقي بـ«حزب الله». وبعد توليه حقيبة الخارجية، طلب الـسـفـيـر الإيـــرانـــي آنــــذاك مــوعــدا مـنـه، عـام ، واستقبله بـالـقـول: «آمـــل ألا تكون 1990 هذه آخر زيارة لك إلى الخارجية، بالنظر إلـــــى أن وفـــــودكـــــم لا تــجــتــمــع مــــع الـــدولـــة الــلــبــنــانــيــة كـسـلـطـة ســيــاســيــة ولا تـدخـل حــســب الأصــــــول، واخـــتـــرتـــم الــتــعــاطــي مع فئة معينة في لبنان، وليس الـدولـة، فإذا واصـلـتـم تجاهل الــدولــة واتـفـاقـيـة فيينا، فذلك سيكون آخر لقاء». ويــضــيــف بـــويـــز: «طــلــبــت مــنــه إبـــاغ وزيـــر الـخـارجـيـة آنـــذاك علي أكـبـر ولايتي بــمــوقـــفــنــا، وبـــالـــفـــعـــل تــلــقــيــت رســــالــــة مـن ولايــــــتــــــي بــــعــــد يـــــومـــــن بـــــالمـــــوافـــــقـــــة عــلــى تصحيح العلاقة الدبلوماسية، وتبادلنا الرسائل والــزيــارات الرسمية، واجتمعنا ووقعنا اتفاقيات أثمرت تصحيحا للخلل في العلاقة، وأعيد انتظام الأمور». ويـــذكّـــر بــويــز بـمـوقـفـه الــــذي قــالــه في مـؤتـمـر صـحـافـي مـشـتـرك مــع ولايــتــي في وزارة الخارجية اللبنانية، حـن قــال: «لا تـــوجـــد مـــقـــاومـــة إلا تــحــت ســقــف الـــدولـــة، وعــلــيــهــا أن تــتــنــاغــم مـــع ســيــاســة الـــدولـــة لإنــتــاج تـكـامـل يــــؤدي إلـــى تـحـريـر جنوب لــــبــــنــــان»، لافــــتــــا إلــــــى أنــــــه دعــــــا «المـــقـــاومـــة لـلـتـنـاغـم مـــع الـسـيـاسـة الـرسـمـيـة لتقوية موقف الدولة والقضية معاً». تراجع الدور الإيراني ويـــــــرى لـــبـــنـــانـــيـــون أن مــــوقــــف وزيــــر الخارجية الأخير يؤشر إلى تراجع الدور الإيــرانــي فـي لـبـنـان، والتأثير الـــذي كانت تــمــتــلــكــه طــــهــــران فــــي الــــدولــــة الــلــبــنــانــيــة، كامتداد لنفوذ «حـزب الله» فيها. غير أن بويز يربط تأثير إيران بواقع علاقتها مع واشنطن، ويوضح: «في الواقع، لا يمكن أن نتحدث عن المقاومة (حزب الله) في لبنان، مـــن دون الـــحـــديـــث عـــن الـــدعـــم الـسـيـاسـي والمعنوي والمالي والعسكري الإيراني لها. وانطلاقا من ذلك، فإن جزء من العلاقة بين المقاومة والدولة اللبنانية يرتبط بعلاقة طـــهـــران مـــع المــجــتــمــع الــــدولــــي والــــولايــــات المتحدة»، مشيرا إلى الحوار بين واشنطن وطهران حول تحرير إيـران من العقوبات والإفـــراج عن أموالها المحتجزة، ويضيف بـــويـــز: «لا أحــــد يـنـكـر انــعــكــاس الــعــاقــات الأميركية الإيرانية على المسرح اللبناني، كلما تعكرت الأمور انعكست تصعيدا في لبنان، وكلما ارتاحت المفاوضات الإيرانية الأميركية، انعكست ارتياحا على الساحة اللبنانية». (إرنا) 2025 أرشيفية لوزير الخارجية اللبناني يوسفرجي يستقبل نظيره الإيراني عباس عراقجي في بيروت في يونيو بيروت: نذير رضا «لا يعني رفضا للنقاش إنما الأجواء المؤاتية غير متوافرة» : النظام في إيران مأزوم في انتظار «ما بعد خامنئي» خبراء لـ المفاوضات النووية... «برودة» في واشنطن و«استعداد مشروط» في طهران لــــــم يــــكــــن الــــصــــمــــت الأمـــــيـــــركـــــي إزاء الـــدعـــوات الإيــرانــيــة المــتــكــررة لـلـعـودة إلـى المـفـاوضـات النووية مجرد غياب اهتمام دبـلـومـاسـي؛ بــل بـــدا، بالنسبة لكثيرين، أشــــبــــه بـــــ«رقــــصــــة أعـــــصـــــاب» عـــلـــى حـــافـــة مــرحــلــة شـــديـــدة الـحـسـاسـيـة فـــي طــهــران. فـــبـــيـــنـــمـــا تـــنـــهـــمـــك واشــــنــــطــــن فـــــي مــلــفــات خارجية متشابكة، تتآكل الدولة الإيرانية مــــن الـــــداخـــــل، حـــســـب مــــا يـــقـــول مــنــتــقــدون لسياسات حكومتها، تحت وطــأة تراجع اقـــتـــصـــادي غــيــر مــســبــوق، وعـــــدم وضـــوح الرؤية حول مستقبل السلطة بعد المرشد علي خامنئي. وفــي حـن تـواصـل طهران إرســـــــــال إشــــــــــارات «اســـــتـــــعـــــداد مــــشــــروط» لـلـحـوار، تلمح واشنطن إلــى أنـهـا تفضّل الانتظار، ربما لمزيد من الانهيار، وربما لمشهد سياسي مختلف تُعاد فيه صياغة التوازنات الإيرانية بالكامل. فــــي الأســـابـــيـــع الأخـــــيـــــرة، تـــكـــثّـــف فـي الخطاب الرسمي الإيـرانـي حـديـث متكرر عن استعداد طهران لـ«مفاوضات جدية» مــــع الـــــولايـــــات المـــتـــحـــدة بـــشـــأن الــبــرنــامــج الـــنـــووي، فــي مـقـابـل صـمـت أمـيـركـي لافـت تجاه هذه الدعوات. وبينما تُصر طهران عـلـى إظــهــار رغـبـتـهـا فــي الـــحـــوار بـشـروط «عــادلــة ومـــتـــوازنـــة»، تـبـدو واشـنـطـن غير مستعجلة، في موقف يراه بعض الخبراء مـزيـجـا مــن التكتيك وتـرتـيـب الأولـــويـــات، فـي وقــت تشهد إيـــران تـوتـرات اقتصادية وسـيـاسـيـة وعــــدم وضــــوح حـــول مستقبل القيادة في مرحلة ما بعد المرشد الحالي. ملف إيران وأولويات واشنطن يرى باتريك كلاوسون، مدير الأبحاث فـــي «مــعــهــد واشــنــطــن لــســيــاســات الــشــرق الأدنــــــى»، أن الـــبـــرودة الأمـيـركـيـة فــي الــرد ليست تعبيرا عن رفض نهائي، بل نتيجة طبيعية لبيئة سياسية أميركية مزدحمة بملفات ملحّة «من فنزويلا إلى أوكرانيا، فضلا عـن الضغوط الداخلية». ويضيف كلاوسون في حديث مع «الشرق الأوسط» أن فريق الرئيس الأميركي دونـالـد ترمب يرى أن البرنامج النووي الإيراني «تعرض لانتكاسات كبيرة في السنوات الماضية، ولا يمثل تهديدا فورياً»؛ الأمر الذي يجعل مـــن المــلــف «غــيــر عـــاجـــل». كــمــا يـشـيـر إلــى أن كـبـيـر المــفــاوضــن الأمــيــركــيــن، ستيف ويـــتـــكـــوف، يـــتـــولـــى مـــلـــفـــات يــــراهــــا الـبـيـت الأبيض أكثر إلحاحا في المرحلة الراهنة. هــذا الـتـوجـه يمنح واشـنـطـن هامشا زمنيا مريحاً. فـــالإدارة الأميركية لا تريد الـدخـول فـي جـولـة جـديـدة مـن مفاوضات معقدة ومكلفة سياسيا قبل التأكد من أن الظروف الناضجة متوافرة، خصوصا في ظل غياب مؤشرات واضحة إلى استعداد إيــــرانــــي لــتــقــديــم تــــنــــازلات فـعـلـيـة تـتـعـدى الخطاب. رسائل «انفتاح مشروط» في المقابل، تكثّف طهران رسائلها العلنية. ففي مقابلة مع وكالة «كيودو» اليابانية، أكد وزيـر الخارجية الإيراني عـــــبـــــاس عـــــراقـــــجـــــي أن بــــــــــاده لا تــــــزال «مـنـفـتـحـة عـلـى الــدبــلــومــاســيــة»، لكنها «غـيـر مقتنعة» بـــأن واشـنـطـن مستعدة لمـــفـــاوضـــات «حـقـيـقـيـة وجــــــــادة». ويـــرى عـراقـجـي أن واشـنـطـن مــا زالـــت تتعامل بـمـنـطـق «الإمــــــــاء»، وأن أي عـــــودة إلــى طـــاولـــة الـــتـــفـــاوض يــجــب أن تـــقـــوم على «نتائج عادلة ومتوازنة». ولــــــــم تــــكــــتــــف طــــــهــــــران بـــالـــحـــديـــث الـــســـيـــاســـي، بـــل فــتــحــت بـــابـــا تـقـنـيـا مع الـيـابـان، طـالـبـة الاسـتـفـادة مـن خبرتها فـي معالجة تـداعـيـات الأزمــــات النووية لتأمين المنشآت الإيرانية التي تعرضت لـــهـــجـــمـــات إســـرائـــيـــلـــيـــة وأمــــيــــركــــيــــة فـي الأشـــهـــر المــاضــيــة. ويـعـكـس هـــذا الطلب اعـــتـــرافـــا ضـمـنـيـا بـحـجـم الأضــــــرار الـتـي لحقت بالبنية التحتية النووية، وإن ظل عـراقـجـي يصف الهجمات بأنها «أكبر انتهاك للقانون الدولي». غـــيـــر أن هـــــذا الانــــفــــتــــاح الـــتـــقـــنـــي لا يعني تغييرا في جوهر الموقف. فطهران تتمسك بــ«الـحـق فـي التخصيب» تحت مـظـلـة مــعــاهــدة عـــدم الانـــتـــشـــار، وتـربـط القبول بقيود جـديـدة بوقف العقوبات والاعـتـراف الدولي بـ«البرنامج النووي السلمي». انقسام داخلي عميق فـــي الــــداخــــل، يـــــزداد المــشــهــد تـعـقـيـداً. وبينما يـتـحـدث كــاوســون عــن «تـاسـن» غـيـر مـسـبـوق بــن المــســؤولــن الإيــرانــيــن، وتـــــــــوقـــــــــعـــــــــات عـــــلـــــنـــــيـــــة فــــــــــي خـــــصـــــوص ســــيــــنــــاريــــوهــــات مــــــا بــــعــــد المــــــرشــــــد عــلــي خامنئي؛ ما يعكس تباينات حـادة داخل الــنــخــبــة، يــــرى الــبــاحــث الإيــــرانــــي فــارزيــن نــديــمــي أن «المـــواجـــهـــة الــحــقـيــقـيــة» تـــدور بـن معسكرين رئيسيين: خامنئي ومعه مؤسساته، مقابل حسن روحاني وفريقه الطامح إلى لعب دور محوري في المرحلة المقبلة. طبعاً، توجد مجموعات مختلفة أخـرى بينهما، لكن هذين الفصيلين هما الرئيسيان، حسب نديمي. يضيف نديمي في حديث مع «الشرق الأوسط» أن «الحرس الثوري» يقف حاليا فـي مـوقـع مــراقــب، رغــم الـتـزامـه بخامنئي مــبــاشــرة. لكنه قــد يـتـحـرك بـقـوة إذا غـاب الأخــيــر عــن المـشـهـد، لـتـبـدأ عـنـدهـا مرحلة صـــراع محتمل بــن «الـــحـــرس» وروحــانــي «إذا لـم يتعرض الأخـيـر لـحـادث إقـصـاء»، على حد تعبيره. وتــــعــــيــــش إيـــــــــــران فــــــي الــــــواقــــــع أزمــــــة اقتصادية شديدة. فالعملة الوطنية فقدت 10 في المائة من قيمتها خلال 10 أكثر من أيـــام فـقـط، وســط نقص مستمر فـي المياه وانـــقـــطـــاعـــات مــتــكــررة لــلــكــهــربــاء، إضــافــة إلـــى سـيـاسـات اقـتـصـاديـة تــوصــف بأنها «عاجزة». ويضرب كلاوسون مثالا بنظام تـسـعـيـر الــبــنــزيــن الـــجـــديـــد، الـــــذي يـفـرض سـعـرا «مـرتـفـعـا» عـلـى الاسـتـهـاك الــزائــد، لكنه لا يزال أقل من تكلفة استيراد البنزين مليارات دولار 4 الذي تنفق عليه الحكومة سـنـويـا. ويــصــف خــبــراء هـــذا الـنـهـج بأنه «دليل واضح على سوء الحوكمة». تصعيد صاروخي واستعداد لمواجهة إسرائيل إقليمياً، يبقى الـعـامـل الإسـرائـيـلـي حــاضــرا فــي حـسـابـات طــهــران. فالباحث في مؤسسة «نيو أميركا» في واشنطن، باراك بارفي، يرى في حديث مع «الشرق الأوسط»، أن إيران «لا تقدم أي إشارة» إلى اسـتـعـدادهـا لخفض مستوى برنامجها الـــنـــووي أو الـــصـــاروخـــي، بــل تـعـمـل على «تكديس» صواريخها اسـتـعـدادا لجولة جديدة من المواجهة مع إسرائيل. ويعتقد بارفي أن طهران تسعى إلى امتلاك قدرة عـلـى إرهــــاق الــدفــاعــات الإسـرائـيـلـيـة عبر كثافة الإطلاقات الصاروخية. إلا أن بـــارفـــي يـسـتـبـعـد فـــي المــقــابــل إقــــــــدام إســــرائــــيــــل عـــلـــى ضــــربــــة عــســكــريــة قـــريـــبـــة، لأســـبـــاب تــرتــبــط بــالــحــاجــة إلــى المحافظة على «حرية العمل» في الأجواء الإيرانية، والمخاوف من إعادة بناء طهران مــنــظــومــات دفـــاعــهـــا الــــجــــوي. كــمــا يضع صـانـع الــقــرار الإسـرائـيـلـي فــي الحسبان «إنـــهـــاك الـجـبـهـة الــداخــلــيــة» واحــتــمــالات الــــفــــشــــل فــــــي ضـــــربـــــة غــــيــــر حـــــاســـــمـــــة، لا سيما مــع اقــتــراب الانـتـخـابـات النصفية .2026 الأميركية في فـــي المــحــصــلــة، تـــبـــدو واشـــنـــطـــن في مــوقــع مـــن يـسـتـطـيـع الانـــتـــظـــار، فـــي حين تبدو طـهـران فـي موقع مـن يـحـاول كسب الـــوقـــت. ومـــع تـفـاقـم الــضــغــوط الـداخـلـيـة والـــــصـــــراعـــــات بــــن الــــتــــيــــارات الإيـــرانـــيـــة المختلفة، قد تكون قيادة البلاد في حاجة إلــــى تـهـدئـة خــارجــيــة أكــثــر مـــن حاجتها إلــى اتــفــاق شــامــل. فــي مـقـابـل ذلـــك، تــدرك الإدارة الأميركية أن أي مفاوضات جديدة تــتــطــلــب بــيــئــة مــخــتــلــفــة وأدوات ضـغـط إضـــافـــيـــة، ســــواء عــبــر الــعــقــوبــات أو عبر قدرة إسرائيل على استمرار «المعركة بين الـــحـــروب». لــذلــك؛ قــد تستمر «الـــبـــرودة» الأميركية، ليس بوصفها رفضا نهائياً، بـــــل جــــــــزءا مـــــن اســـتـــراتـــيـــجـــيـــة الانـــتـــظـــار والمراقبة بينما يتفاعل الداخل الإيراني. ويـــبـــدو الـسـيـنـاريـو الــوحــيــد الــقــادر عــلــى فــتــح نـــافـــذة تـــفـــاوض حـقـيـقـيـة، هو دخول إيران في مرحلة ما بعد خامنئي، حـــــن يـــعـــيـــد الــــنــــظــــام تـــرتـــيـــب هـــرمـــيـــتـــه، وعندما يصبح الاقتصاد المنهك والقنبلة الاجـتـمـاعـيـة المـوقـوتـة عــامــا دافــعــا نحو تــــنــــازلات أبـــعـــد مــمــا تـسـمـح بـــه الـــظـــروف الحالية. واشنطن: إيلي يوسف أعلام إيرانية وسط العاصمة طهران أمس (إ.ب.أ)

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky