issue17180

كـــمـــا الـــســـحـــرة المــــهــــرة، تــمــكــن دونــــالــــد تـــرمـــب مـن تــحــويــل الــهــزيــمــة الأمــيــركــيــة فـــي أوكـــرانـــيـــا إلــــى فشل أوروبـي ماحق. أكثر من ذلـك، لم تعترض أوروبــا، ولم تقل كلمة واحدة عن لعبة تغيير الطرابيش التي قادتها الـــولايـــات المـتـحـدة بـبـراعـة، متنصلة مــن مسؤوليتها فـي إشـعـال الاقـتـتـال، بـل عضت على الـجـرح، وتحاول تضميده بمفردها. أمـــيـــركـــا هـــي الـــتـــي ضـيـقـت الـــخـــنـــاق عــلــى روســيــا وحــاصــرتــهــا مـــن جــهــة أوكـــرانـــيـــا، واســتــفــزتــهــا. ومــن ثـــم عــنــدمــا جــــن الـــرئـــيـــس الــــروســــي فــاديــمــيــر بــوتــن، وبـــدأ هـجـومـه عـلـى أوكــرانــيــا، تـولـت أمـيـركـا التسليح والتمويل والتجييش والعقوبات والحصار، والمعركة الدبلوماسية ضـد روسـيـا فـي الأمـــم المـتـحـدة، ومــن ثم إجــبــار أوروبـــــا عـلـى مـقـاطـعـة الــغــاز الـــروســـي، شـريـان الحياة والاقتصاد لعشرات ملايين الأوروبـيـن، الذين أوقعتهم الخطة الأميركية فـي الفاقة والعجز وإقفال المصانع وإفلاس الشركات، وبخاصة في ألمانيا. أسوأ من ذلك، تصالحت أميركا مع روسيا وعقدت القمم، ولم تعد تعتبرها تهديداً؛ بحسب استراتيجية صفحة، محددة 33 ترمب للأمن القومي التي نشرت في سياسته للسنوات المقبلة. لم تذكر هذه الاستراتيجية الـــصـــن بــاعــتــبــارهــا عــــــدواً، ولا مـــصـــدر وبـــــاء قـــاتـــل أو ديـكـتـاتـوريـة خــطــرة، بــل بوصفها منافسا نـــداً، وبـلـدا يعزز قدرته التسلحية النووية. أمـــا أوروبـــــا، حليفة الأمــــس، فـهـي المـشـكـلـة؛ لأنها محكومة بضعفاء فقدوا البوصلة، وعليهم أن يصلحوا أحوالهم لتقبل بهم أميركا شركاء عبر الأطلسي. «القوة هي التي تصنع الحق» عند الرئيس ترمب. هذا قاله في مقابلته مع «بوليتيكو» قبل أيـام، وعليه بنى رؤيته الاستراتيجية. روسيا نالت رضــاه، لأنها «كانت قوية، وصارت أقوى بكثير». أما أوكرانيا «فقد خسرت شريطا ساحليا كـامـاً، وأراضـــي واسـعـة، قبل وصـــولـــي». أي أن تـرمـب لا يعتبر نفسه مـــســـؤولا عن هزيمة بلاده، بل هو الإطفائي الآتي لإعادة الاستقرار وفـرض السلام بالقوة، حتى من دون موافقة أوروبــا، ولـــيـــذهـــب المـــغـــتـــاظـــون إلــــى الــجــحــيــم، أولـــهـــم الــرئــيــس الأوكـرانـي فولوديمير زيلينسكي الـذي عليه أن ينظم انتخابات، وهو ما سيفعله صاغراً. هكذا حوّلت أميركا حليفتها الأولـى أوروبــا، إلى كبش فـــداء. والغريب أن أوروبـــا تمعن فـي التوغل في ورطتها، معتبرة أن الحرب ستبقى مستمرة. قبل أيام، دعــا رئـيـس هيئة أركـــان الـجـيـوش الفرنسية الجنرال فـابـيـان مــانــدون، رؤســـاء الـبـلـديـات إلــى إعـــداد الشعب الـفـرنـسـي نفسيا لتقبل مــا ســمّــاه بـسـيـنـاريـو «فـقـدان الأبناء» في نزاعات مستقبلية. وهو ما أثار صدمة في نفوس الناس. هدأت النار الأميركية، لكن أوروبا تعتبرها مجرد هدنة. لهذا فإن عمليات إنعاش الصناعات العسكرية عـــلـــى أشـــــدهـــــا، وخـــطـــط إكــــمــــال الــــحــــرب مــشــتــعــلــة فـي الضمائر، رغم أنهم يعلمون أنهم أضعف مما يتمنون. الـصـدمـات تتوالى على أوروبــــا، بسبب تحالفها الأعــــمــــى مــــع أمــــيــــركــــا، لا ســيــمــا فــــي حـــــرب أوكــــرانــــيــــا. الحماسة الزائدة لقتال روسيا، واستعدائها، والسطو عـــلـــى أمـــوالـــهـــا فــــي الـــبـــنـــوك، لـــيـــس فــــي صـــالـــح دول لا تستطيع الدفاع عن نفسها. استراتيجية تـرمـب، جعلت التحالف مـع أميركا مـنـذ الــحــرب الـعـالمـيـة الـثـانـيـة يـنـهـار فـعـلـيـا، وإن كـان بعض الأمل لا يزال يراود بعض الأوروبيين. لكن ترمب واضح، لم يعد «الناتو» مجندا بتمويل أميركي للدفاع عنهم مـن دون أن يدفعوا الثمن، ولو كـانـوا مفلسين. ومـن الـشـروط العصيبة، أن عليهم أن يعودوا قارة بيضاء. هذه الأجناس الملونة والهجرات الـتـي يصفها بــ«الـكـارثـيـة» لا تعجب تــرمــب. «أوروبــــا مـهـددة بــالــزوال بعد عشرين عـامـا، إذا بقيت فـي هذا المسار»، وليتدبروا أمر اختلال الديموغرافيا بمفردهم. كــمــا أن عـلـيـهـم أن يــقــبــلــوا الــيــمــن المـــتـــطـــرف بــأفــكــاره الإقـصـائـيـة وعنصريته، لا بـل أن يتقبلوا «المـقـاومـة» التي ستشعلها أميركا فـي أوروبـــا لإيـصـال متطرفين إلى السلطة. 7 بـنـاء دفـــاع أوروبـــــي مـتـمـاسـك يـحـتـاج أقـلـه إلـــى سنوات، فهل تملك أوروبـا الوقت والمـال؟ حاليا يوجد جيشاً، لكل منها رؤيـة وعقيدة، ولكل دولـة وجهة 27 نــظــر، وكــأنــمــا لــم يـكـن يجمعهم غـيـر «الـــنـــاتـــو»، الــذي يذوي. وبينما تعاود أوروبا بناء نفسها إن أمكنها ذلك، تتلقى الهجمات مـن كـل الـجـهـات، حتى إيـلـون ماسك مليون 120 الـغـاضـب بسبب حـكـم قـضـائـي عليه دفـــع يـورو غرامة، لا يتوانى عن الجزم واثقا من أنه «يجب إلـغـاء الاتـحـاد الأوروبــــي»، وأنــه سينتقم لنفسه بمنع المفوضية مـن نشر إعلاناتها على «إكـــس». هـذا ليس مـجـرد تهديد لفظي، فالتعاون مـع أعـــداء الاتـحـاد في داخل أوروبا على قدم وساق، لشد عضدهم. أوروبا رغم إمكاناتها الهائلة، في وضع لا تحسد عـلـيـه، لأســبــاب سيكولوجية قـبـل أي شـــيء آخـــر، فقد بقيت فـي حمى الـقـوة الأميركية ثمانين عـامـا، وتجد نفسها عارية، مهددة من دونها. شـــــــروط ســـوريـــالـــيـــة تــــفــــرض عـــلـــى الأوروبــــــيــــــن. الـفـرنـسـيـون يـتـحـدثـون عـــن إحـسـاسـهـم بــــ«الـــذهـــول»، وعـــــن «إذلال»، و«إهــــــانــــــة»، و«إخــــــضــــــاع»، و«إلــــحــــاق بالإمبراطورية الأميركية»، وعـن ضياع «حـن يصبح حليفك عدوك». كتب أحد المحللين: «يريدون الاحتفاظ مليون نسمة، وسوق 450 بنا للحاجة والمصلحة لأننا معتبرة. ما عدا ذلك يعتبروننا إحدى أذرعهم، تماماً، كما حركة (حماس) بالنسبة لإيران». مَــا يجرِي في حضرموت اليوم لا يمكن قراءتُه بـــمـــعـــزل عـــن تــــاريــــخ طـــويـــل مـــن الــتــشــكّــل الــسّــيــاســي والاجـتـمـاعـي فــي جـنـوب الـيـمـن، ذلـــك الــتــاريــخ الــذي يــشــرحــه الأمـــيـــركـــي جــــون ويــلــيــس أســــتــــاذ الــتــاريــخ فـــي جــامــعــة كــــولــــورادو فـــي كــتــابــه «تـفـكـيـك الـشـمـال والجنوب: خرائط للذاكرة اليمنية» الصادر عن دار .2012 هيرست عام في كتابه هذا يبي ويليس أن الجنوب - وبخلاف الصّورة النّمطية التي تُقدّم أحيانا عنه - لم يكن يوما كتلة سياسية واحـدة، بل فضاء واسع من الشَّبكات المحلية والـــولاءات والمـراكـز المتعددة. وهـذه الخلفية تــجــعــل أي مـــحـــاولـــة لـــفـــرض الـــسَّـــيـــطـــرة عَـــــنْـــــوَة على محافظة بحجم حضرموت مجرد اصطدام بتاريخ لا يقبل الهيمنة المفاجئة ولا التحولات القسريَّة. الـــتَّـــحـــركـــات الأحـــــاديَّـــــة الـــتـــي قـــــام بــهــا المــجــلــس الانتقالي في حضرموت قبل أيام هي محاولة لخلق واقـع يتجاوز المجتمع المحلي وتـوازنـاتـه، متجاهلا الطبيعة الخاصة لهذه المنطقة، التي طالمَا حافظت على مسافة سياسية عن مراكز التوتر. هذا مَا يفسّر الـــحـــزم الــــذي أظــهــرتــه الـسـعـوديـة فــي بـيـانـهـا، حيث أعـلـنـت بــوضــوح رفـضـهـا الــقــاطــع لـسـيـطـرة المجلس الانتقالي على حضرموت، وعدّت ذلك خرقا مباشرا لـلـمـرحـلـة الانــتــقــالــيــة وتــقــويــضــا لـسـلـطـة الـحـكـومـة الـشـرعـيـة، ومـحـاولـة تستدعي مـواجـهـة سياسية لا تُبنَى على منطق السلاح. لــــــذَا، فـــــإن الــــريــــاض أكـــــدت فـــي بــيــانــهــا ضـــــرورة انـــســحــاب قــــوات المــجــلــس الانــتــقــالــي مـــن محافظتي حـضـرمـوت والمــهــرة، وعــــودة الأوضــــاع إلــى مـا كانت عـلـيـه، وتـسـلـيـم المــواقــع والمـعـسـكـرات إلـــى قـــوات درع الــوطــن، وهـــذا الإصــــرار ليس مـجـرد إجــــراء عسكري، بل محاولة لقطع الطّريق أمـام تكرار نماذج انفلات مشابهة شهدها اليمن خـــال العقد المـاضـي، ولمنع انزلاق حضرموت إلى فوضَى لا طاقة لها بها. وتــرى الـجـارة الكبرى السعودية، بعين الخبير والعارف بالتاريخ، أن القضية الجنوبية، هي قضية عـــادلـــة لا يـمـكـن تـــجـــاوزهـــا، وهــــو مـــا ذكـــــره ويـلـيـس أيضا في كتابه المذكور، بأن «اليمن الجنوبي لم يُبن تاريخيّا على قـيـادة أحـاديـة أو مرجعية واحـــدة، بل على تعدُّد الأصـوات والمكونات». ولهذا، فإن اختزال الـقـضـيـة الـجـنـوبـيـة فــي شــخــص أو فـصـيـل واحــــد لا ينسجم مع تاريخ الجنوب ولا مع طموحات شعبه، والقضية ـ كما تراها الرياض ـ تخص أبناء الجنوب بكل تنوّعهم، ومن غير المقبول تحويلُها إلى ذريعة لفرض السّيطرة أو تغيير الوقائع بالقوة. وبناء على هـذا، فـإن المجلس الانتقالي يتحمَّل مـسـؤولـيـة الـــتـــجـــاوزات الــتــي ارتـكـبـتـهـا قـــواتُـــه خــال الأيام الماضية في حضرموت، وما حدث من اعتقالات أو إخـــفـــاء قــســـري ونـــهـــب وإخـــــاء لــلــمــنــازل بــالــقــوة، وهي أفعال مقلقة وتتقاطع مع ممارسات الميليشيا الحوثية، ما يجعل رفض الرياض قاطعا لأي محاولة لاستنساخ هذا النموذج في الجنوب أو الشرق. وتدرك العديد من دول العالم أن المواطن اليمنيَّ، الذي يواجه اليوم انهيارا اقتصاديا غير مسبوق، لا يحتمّل فتح جبهات داخلية جـديـدة، ولذلك حينما دَعت الرياض جميع المكوّنات اليمنية إلى العودة إلى مظلَّة مجلس القيادة الرئاسي، فإنَّها تقوم بدورها الـــدولـــي والإقـلـيـمـي لـتـقـديـم الأولـــويـــات الاقـتـصـاديـة والــتــنــمــويــة عــلــى حـــســـاب صـــــراع الـــنـــفـــوذ، والــعــمــل بروح واحدة لوقف الانحدار الذي يعيشه البلد منذ سنوات. ما حدث في حضرموت ليس مجرد تنازع على الـسـيـطـرة، بــل اخـتـبـار حقيقي لمـــدى قــــدرة اليمنيين عـــلـــى احــــتــــرام رواســـــــب تـــاريـــخـــهـــم، ولـــقـــدرتـــهـــم عـلـى بـــنـــاء اســـتـــقـــرار لا يــقــوم عــلــى فــــرض الـــقـــوة، والـعـمـل على منع تـكـرار أخـطـاء المــاضــي، وإعــــادة اليمن إلى مسار سياسي يضمن للجميع شراكة عادلة تحفظ الأمـنَ، وتعيد رسم مستقبل لا مكان فيه للمغامرات الـعـسـكـريـة ولا لمــحــاولات إعــــادة هـنـدسـة الجغرافيا السياسية عَنوَةً. صــــــادفــــــت هــــــــذا الأســـــــبـــــــوع مــــقــــالــــن: أحـــدهـــمـــا «الـــهـــويـــة الإســـامـــيـــة والمــــؤامــــرة عليها» للدكتور ناصر دسوقي رمضان، . أما الآخر فهو «الحق 2009 وقد نشر في في الكرامة والهوية المغلقة» للدكتور عبد الجبار الرفاعي، ونشر الأسبوع الماضي. كــــا المـــقـــالـــن يـــعـــالـــج مـــســـألـــة مــثــيــرة للجدل، تنطوي في سؤال: هل يمثل الدين هـــويـــة خـــاصـــة لأتـــبـــاعـــه، تــنــفــي الــهــويــات الأخـرى أو تزاحمها، أم أنـه، على العكس: هوية مفتوحة، تتفاعل مع غيرها، أو على الأقل تقبل مجاورتها والتداخل معها؟ الـقـائـلـون بـــأن الــديــن هــويــة مـتـفـردة، يعتبرون السؤال ذاته دينياً. أي أن الهوية، من حيث المـبـدأ، موضوع ديني، وينبغي أن يأتي تكييفه من داخل الدين. بناء على هـــذا؛ فــإن الـديـن يضع نفسه وأتـبـاعـه في دائـــــرة خـــاصـــة، تـفـصـلـهـا حــــدود واضــحــة عــن بقية الانــتــمــاءات، بـمـا فيها الانـتـمـاء الــعــائــلــي والــقــبــلــي والمـــهـــنـــي والــســيــاســي والــقــانــونــي وغـــيـــره. هـــذه الـــحـــدود ليست مجرد اختلاف في الأفكار، بل مخالفة في النظام الاجتماعي والتراتب وحتى نمط العيش. أمــــا الــتــصــور الآخـــــر فــيــقــود منطقيا إلى الاستنتاج، بأن الدين - في ذاته - أداة تواصل أو موضوع تواصل بين المختلفين. وفــقــا لــهــذه الـــرؤيـــة، فـــإن الانــتــمــاء لـلـديـن، يـعـنــي أن تـصـعــد الــجــســر الـــــذي يـوصـلـك إلـــى بقية الـخـلـق، بـشـرا ونـبـاتـا وحـيـوانـا وجــــــمــــــاداً، مــــن خــــــال اســـتـــيـــعـــاب الـــنـــظـــام الكوني الذي خلقه الله وسخَّره للإنسان، والقيم العليا التي يقبلها بنو آدم كافة، بــغــض الــنــظــر عـــن أديـــانـــهـــم وأعـــراقـــهـــم أو بلدانهم. يـــركـــز الـــفـــريـــق الأول عـــلـــى «تـــمـــايـــز» المـسـلـمـن عـــن غــيــرهــم. وهـــو يــصــرف هـذا التمايز إلى مختلف أطـراف الحياة. لكنه - فــــي الــتــطــبــيــق - يــقــصــر اهـــتـــمـــامـــه عـلـى التمايز المظهري، كما في اللباس واللغة والـهـيـئـة وأمـثـالـهـا. وبــنــاء عـلـى الـتـمـايـز، فــإنــه يــرجــح الانــقــطــاع أو حـتـى المــنــازعــة، كمضمون للعلاقة مع المختلفين، لا سيما أتــبــاع الأديـــــان الــتــي تــبــدو مـنـافـسـة. وفـي الـــوقـــت الـــراهـــن يـمـثـل الـــصـــراع مـــع الـغـرب الثقافي والحضاري، مـادة أثيرة للنقاش والــتــعــبــئــة عـــنـــد أهـــــل هـــــذه الـــــرؤيـــــة، لـكـنـه – لـلـسـبـب المـــذكـــور نـفـسـه – صـــــراع يـــدور حـــول الــجــوانــب المــظــهــريــة، ولــيــس – على سبيل المثال – الاقتصاد والعلم والابتكار وحـــقـــوق الإنــــســــان وأمـــثـــالـــهـــا. كــمــا ينظر للغرب باعتباره مسيحيا أو يهودياً، أي ديــنــا مـنـافـسـا، ولـيــس بـاعـتـبـاره حـضـارة مختلفة، يمكن التفاعل معها أو الاستفادة من تجربتها. فـــي المـــقـــابـــل، يـــدعـــو الـــرفـــاعـــي لـهـويـة منفتحة، تسمح بمشاركة الآخـريـن، بمن فيهم أتـبـاع الأديـــان الأخـــرى ومــن لا يتبع دينا على الإطلاق. ويرى أن النموذج الذي يعرضه القائلون بتفرد الهوية الدينية، قـد أسـهـم فـي تحويل الـديـن آيديولوجيا مغلقة، أشـبـه بقلعة، يـتـعـارف الـنـاس في داخــلــهــا، ويــنــكــرون المـخـتـلـفـن الـــذيـــن في خارجها. تقديم الدين كهوية منفتحة، وقادرة عـــلـــى الـــتـــفـــاعـــل مـــــع الــــهــــويــــات والأديـــــــــان والآيــــديــــولــــوجــــيــــات المـــخـــالـــفـــة، يــعــنــي أن الـــجـــوانـــب المــظــهــريــة والــشــكــلــيــة، أي تلك العناصر الحياتية التي تميز المسلمين عن غيرهم، ليست جـزءا من جوهر الدين، بل هـي وعــاء لحياة أتباعه، يرتبط بظرفهم المعيشي فحسب. هــذا المـفـهـوم مقبول مـن حيث المـبـدأ، فــــي المــــاضــــي والــــحــــاضــــر، ونـــعـــرفـــه بــاســم تـــأثـــيـــر الـــــزمـــــان والمـــــكـــــان فـــــي الاجــــتــــهــــاد، وقابلية الأحكام الشرعية للتشكل حسب ضـــرورات الـظـرف الـخـاص للمكلفين. لكن هذه القاعدة، أي تأثير الزمان والمكان، لم تتحول قاعدة حاكمة، بل بقيت هامشية في معظم العمل الفقهي المعاصر. وتظهر هــامــشــيــتــهــا فــــي جـــعـــل نـــصـــوص الــكــتــاب والسنّة، متراسا لمنع التصرف في الأحكام الـتـي لـم تعد مناسبة لـحـاجـات المسلمين وضـــــــــرورات حــيــاتــهــم المــــعــــاصــــرة. فـكـلـمـا احتاج المسلمون إلـى حكم جديد، بحثوا فـي منطوق النص وليس فـي حكم العقل كما يفترض. أعـتـقـد أن الــقــول بـالـهـويـة المنفتحة، يـسـنـده أصـــل سـابـق لـلـديـن، وهـــو اعتبار الــتــعــرف والــتــعــارف وكــســب المــعــرفــة، علّة لـــخـــلـــق الــــنــــاس مــخــتــلــفــن، كـــمـــا ورد فـي الــتــنــزيــل الــحــكــيــم «وَجَــــعَــــلْــــنَــــاكُــــم شُـــعُـــوبًـــا وَقَــــبَــــائِــــل لِــــتَــــعَــــارَفُــــوا». فــهــل يـمـكـن لـلـديـن أن يـلـغـي عـلـة مـــن عـلـل الـخـلـق والـتـكـويـن الرباني؟ OPINION الرأي 12 Issue 17180 - العدد Thursday - 2025/12/11 الخميس ماذَا يحدث في حضرموتَ؟ تجيير الهزيمة بين هويتين... مغلقة ومفتوحة وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com توفيق السيف هل يمكن للدين أن يلغي علّة من علل الخلق والتكوين الرباني؟ زيد بن كمي سوسن الأبطح

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky