4 تحقيق FEATURES Issue 17178 - العدد Tuesday - 2025/12/9 الثلاثاء ASHARQ AL-AWSAT رهان على دور أميركي للجم نتنياهو بعد تمدد عسكري غير مسبوق الجنوب السوري... حرب صامتة بين دمشق وتل أبيب ظلت جبهة هضبة الـجـولان السورية، كيلومترا جنوب غربي 60 التي تبعد نحو دمشق، واحتلتها إسرائيل إثر حرب يونيو هــادئــة طــــوال سـنـوات 1967 (حـــزيـــران) عـــام حكم الأسد الأب ومن بعده الابن، وذلك بعد تــوقــيــع ســـوريـــا وإســـرائـــيـــل اتــفــاقــيــة «فـصـل الـــقـــوات» فــي أعــقــاب حـــرب أكــتـوبــر (تـشـريـن ، حـــيـــث أبـــقـــت إســـرائـــيـــل 1973 الأول) عـــــام بــمــوجــبــهــا عـــلـــى احـــتـــالـــهـــا لــثــلــثــي أراضـــــي الـهـضـبـة الــتــي تـــقـــدَّر مـسـاحـتـهـا الإجـمـالـيـة كيلومترا مربعاً. 1860 بـ لكن مـع إسـقـاط نـظـام بـشـار الأســـد في 2024 ) الــثــامــن مـــن ديـسـمـبـر (كـــانـــون الأول وفــــــراره إلــــى مــوســكــو، لـــم تــمــر ســــوى بضع ســـاعـــات عــلــى الـــحـــدث الــتــاريــخــي الـــــذي هز العالم، حتى أعلنت إسرائيل انهيار اتفاق فـصـل الــقــوات واحــتــال المنطقة الـعـازلـة في الأراضي السورية، فيما يشبه حربا صامتة متواصلة. وتـمـتـد المـنـطـقـة الــعــازلــة الــتــي أسسها كيلومترا من شمال 75 اتفاق الفصل لنحو الهضبة إلى جنوبها، المحاذي لمنطقة وادي اليرموك بمحافظة درعا، بعرض يتراوح بين كم، وبمساحة تبلغ نحو 14 مئات الأمتار و كيلومترا مربعاً. 235 وقـــــــــــد شــــــنــــــت المــــــــقــــــــاتــــــــات الــــحــــربــــيــــة الإسرائيلية في الأيام الأولى للتحرير مئات الــــغــــارات، دمــــرت خـالـهـا مـــطـــارات عسكرية ومـــــا تــبــقــى مــــن مــــقــــدرات الـــجـــيـــش الـــســـوري مــــن أســـلـــحـــة ثـــقـــيـــلـــة. ولـــــم تـــكـــتـــف إســـرائـــيـــل باحتلال المنطقة العازلة، بل واصلت توسيع سيطرتها شرقا في ريفي القنيطرة ودرعـا، ويقوم جيشها بشكل يومي بعمليات توغل وإقامة الحواجز واعتقال مواطنين. ويؤكد مسؤولون سوريون أن إسرائيل نفَّذت أكثر من ألف غارة جوية على سوريا، عـمـلـيـة تـــوغـــل بـــريـــة عــابــرة 400 وأكـــثـــر مـــن لــلــحــدود نــحــو المــحــافــظــات الــجــنــوبــيــة منذ ديــســمــبــر (كــــانــــون الأول) المــــاضــــي، بـيـنـمـا تذكر دراسـات أن المساحة التي احتلتها من الأراضـي السورية منذ اليوم الأول للتحرير كيلومترا مربعاً، أنشأت فيها 460 تتجاوز قـواعـد عسكرية ونـقـاط مراقبة وتفتيش، 9 إضـــافـــة إلـــى احـتـالـهـا المــرصــد الـــســـوري في جبل الشيخ الذي باتت ترصد منه التحركات داخــــل الأراضـــــي الــســوريــة والـلـبـنـانـيـة حتى الحدود العراقية. وثــمــة تـفـسـيـرات لـلـسـلـوك الإسـرائـيـلـي في سوريا بعد هروب الأسد. ويرى الخبير الــــعــــســــكــــري الــــــســــــوري عـــصـــمـــت الـــعـــبـــســـي، لـــم يعد 1974 أن إســـرائـــيـــل تــــرى أن اتـــفـــاق يـــخـــدم مــصــالــحــهــا الأمـــنـــيـــة، خــصــوصــا مع عــودة سـوريـا إلـى الساحة الدولية وتنامي حضورها الإقليمي. كما أن التصعيد الإسرائيلي، وفق ما يـقـول العبسي لـــ«الــشــرق الأوســـــط»، يهدف إلـــى فـــرض وقــائــع مـيـدانـيـة جــديــدة قـبـل أي تفاهمات محتملة، وإرســـال رسـالـة بـأن تل أبيب لـن تلتزم بقيود قـد تحد مـن حريتها الــعــمــلــيــاتــيــة، بـــالإضـــافـــة إلـــــى رغــبــتــهــا فـي اختبار الموقف الأميركي والدولي تجاه أي خرق للقانون الدولي في الجولان. وتــــــــتــــــــذرع الـــــحـــــكـــــومـــــة الإســــرائــــيــــلــــيــــة بـــــ«ضــــمــــان الأمــــــن لمـــســـتـــوطـــنـــات الــــجــــولان» لـــتـــبـــريـــر احـــتـــالـــهـــا المـــنـــطـــقـــة الــــعــــازلــــة بـعـد انسحاب جيش النظام السابق من مواقعه، لكن هــذه الحجة تـبـدو واهـيـة لكثيرين مع نجاح السلطات السورية الجديدة في إنهاء وجـــود الميليشيات الإيـرانـيـة و«حـــزب الله» الـلـبـنـانـي ومـجـمـوعـات مسلحة تـابـعـة لها على الأراضــي السورية، مع استمرارها في مـاحـقـة مــا تـبـقـى مــن خــايــا نــائــمــة. وبــات يُنظر على نطاق واسع إلى انكسار ما يعرف بـ«محور المقاومة» المدعوم من إيران بوصفه «إنــــجــــازا اســتــراتــيــجــيــا» غـــيَّـــر مـــن تـمـوضـع دمشق على الخريطة الدولية. حماية الدروز مـــع انــفــجــار أزمـــــة مـحـافـظـة الــســويــداء ذات الأغـــلـــبـــيـــة الـــــدرزيـــــة والــــواقــــعــــة جــنــوب سوريا باشتباكات دامية في يوليو (تموز) بــن فـصـائـل مسلحة درزيــــة مــن جهة 2025 ومسلحين مـن عشائر الــبــدو، تدخلت فيها قـــــوات مـــن الــجــيــش والأمــــــن الـــســـوريـــن لفك الـــــنـــــزاع، وجــــــدت إســـرائـــيـــل فــــي ذلـــــك فــرصــة إضـــافـــيـــة لـــتـــدخـــل عـــســـكـــري بــحــجــة حــمــايــة الدروز. وكــــان الــتــدخــل الإســرائــيــلــي الـعـسـكـري هو الأعنف ضد الحكومة السورية الجديدة مـنـذ الـتـحـريـر، إذ قـصـفـت مــقــاتــات حربية مبنى قيادة 2025 يوليو 16 إسرائيلية في الأركــــــــــــان وســـــــط دمــــشــــق ومــــحــــيــــط الـــقـــصـــر الـــرئـــاســـي، بـيـنـمـا اسـتـهـدفـت غـــــارات أخـــرى آليات تابعة لـوزارتـي الداخلية والـدفـاع في مدينة الـسـويـداء ومحيطها، مما أسفر عن مقتل العشرات من عناصر الجيش والأمـن، بالتزامن مع غارات مماثلة استهدفت مواقع عسكرية في درعا والقنيطرة. ومـــع اسـتـمـرار إسـرائـيـل فــي مـحـاولات إظــــهــــارهــــا «حــــامــــيــــة» لــــلــــدروز فــــي ســـوريـــا، رأى محللون أن تـطـورات الأحـــداث تؤكد أن أهدافها من هذا التدخل أبعد من ذلك بكثير، وتتمثل في «إضـعـاف سوريا الجديدة عبر تقسيمها ومنع وجـود الجيش السوري في المـحـافـظـات الـجـنـوبـيـة (درعـــــا، والـقـنـيـطـرة، والسويداء) وحتى في ريف دمشق الجنوبي الـــــغـــــربـــــي»، وهـــــــو مـــــا أعـــــلـــــن عــــنــــه صــــراحــــة مسؤولون إسرائيليون مرات عدة. وأشار هؤلاء المراقبون إلى أن إسرائيل وجـــــــدت فــــي شـــيـــخ الـــعـــقـــل الــــــــــدرزي حـكـمـت الهجري أداة مناسبة لتنفيذ ما تخطط له، فقد دعـمـت دعـوتـه بانفصال الـسـويـداء عن الدولة السورية، بينما واظب هو على تقديم الشكر لها، ورفــع أتباعه العلم الإسرائيلي وصــــور نـتـنـيـاهـو فـــي الـــشـــوارع والــســاحــات العامة، وربط المحافظة المعروفة باسم «جبل العرب» بإسرائيل عبر إطلاق اسم «باشان» عليها، وذلك بعد تشكيله ما تُعرف بـ«قوات الحرس الوطني» من الفصائل والمجموعات الــــدرزيــــة المـسـلـحـة المــنــتــشــرة فـــي المـحـافـظـة، وسيطرته على القرار فيها واتباعه سياسة تكميم الأفواه. وحسب المراقبين، فإن مشروع الهجري يــواجــه صـعـوبـات مــتــزايــدة، فــي وقـــت تؤكد دول عـــربـــيـــة وإقـــلـــيـــمـــيـــة ودولـــــيـــــة تـمـسـكـهـا بـوحـدة الأراضـــي السورية ومعارضتها أي خـطـوات باتجاه الانـفـصـال. وأضـــاف هـؤلاء أن فـعـالـيـات فــي الــســويــداء عــبَّــرت بـقـوة عن رفضها للمشروع، مما دفعهم إلى الاعتقاد بــأن اتـسـاع دائـــرة الـرفـض دفــع الهجري إلى تصفية معارضين، ويجري ربط ذلك بمقتل شيخي العقل رائد المتني وماهر فلحوط، في أثناء اعتقالهما من «الحرس الوطني». وألقت سيارة تابعة لـ«الحرس الوطني» جثة رجل 2025 ديسمبر 2 بعد منتصف ليل أمام بوابة المشفى الوطني في المدينة، تبين لاحقا أنها لرجل الدين الـــدرزي رائــد المتني نوفمبر (تشرين الثاني) 29 الذي اعتُقل في الماضي، وتضاربت الروايات بشأن مقتله. و«الحرس الوطني» فصيل درزي شبه 23 عـسـكـري مــقــرّه الــســويــداء أُعــلــن عـنـه فــي كقوة تضم مسلحين في 2025 ) أغسطس (آب المحافظة. مفاوضات متعثرة مـنـذ تسلمه منصبه، أعـلـن الرئيس أحــمــد الــشــرع أن أولـــويـــات الـحـكـومـة هي ترميم علاقات سوريا مع الــدول العربية والإقـــلـــيـــمـــيـــة والـــغـــربـــيـــة لإخــــراجــــهــــا مـن الــعــزلــة، ورفــــع الـعـقـوبـات مــن أجـــل تدفق الاســـتـــثـــمـــارات الـــخـــارجـــيـــة بـــهـــدف إعــــادة الإعمار. وقد وجه الشرع رسالة غير مباشرة إلى إسرائيل بتأكيده أن «سوريا الجديدة لا تريد خـوض مزيد من الـحـروب»، أخذا بـعـن الاعــتــبــار وضـــع الــبــاد المـنـهـك بعد نحو عقد ونصف من الحرب. وخـــــال زيــــارتــــه الــتــاريــخــيــة الأولــــى إلـــــــى واشــــنــــطــــن الــــشــــهــــر المــــــاضــــــي، الـــتـــي التقى خلالها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أجــرى الشرع مقابلة مع صحيفة «واشنطن بوست»، أوضح فيها أن سوريا تـــنـــخـــرط فــــي مـــفـــاوضـــات مــــع إســـرائـــيـــل، وقطعت شوطا طويلا في طريق التوصل إلى اتفاق أمني، «لكن للتوصل إلى اتفاق نـهـائـي، يـجـب عـلـى إســرائــيــل الانـسـحـاب من الأراضي التي احتلتها في الثامن من ديسمبر». ولـــفـــت إلـــــى أن «الــــــولايــــــات المــتــحــدة معنا فــي هـــذه المــفــاوضــات، والـعـديـد من الأطـــراف الدولية تدعم وجهة نظرنا في هــــذا الـــصـــدد. الـــيـــوم وجـــدنـــا أن الـرئـيـس ترمب يدعم وجهة نظرنا أيضاً، وسيدفع بأسرع وقت ممكن للتوصل إلى حل لهذه المسألة». وفـــــي حـــديـــثـــه لـــــ«الــــشــــرق الأوســـــــط»، ذكـر العبسي أن المفاوضات مع إسرائيل تواجه عقبات جوهرية، تتمثل في غياب الثقة المتبادلة والانقسام داخـل المؤسسة الإسرائيلية بين من يرى ضرورة التفاهم لــتــجــنــب مـــواجـــهـــة شـــامـــلـــة، ومـــــن يـفـضـل الــتــصــعــيــد لـــفـــرض شــــــروط قـــاســـيـــة، لـكـن «رغــــــم ذلــــــك، فـــــإن الانـــفـــتـــاح الــــدولــــي عـلـى ســـوريـــا، خــصــوصــا الأمـــيـــركـــي، قـــد يفتح نافذة لإمكانية التوصل إلى تفاهمات إذا ما توافرت إرادة سياسية حقيقية». ويـــبـــرز ســــؤال جـــوهـــري عــن إمـكـانـيـة أن يستجيب نتنياهو لضغوط ترمب من أجل توقيع اتفاق أمني جديد مع سوريا. ويـــقـــول الــعــبــســي إن «تـــجـــاهـــل الـضـغـوط الأمـــيـــركـــيـــة قــــد يـــضـــع رئــــيــــس الــحــكــومــة الإســـرائـــيـــلـــيـــة فـــي مـــواجـــهـــة مـــبـــاشـــرة مع واشــنــطــن، وهـــو أمـــر لا يــرغــب بــه فــي ظل أزماته الداخلية». لذلك، من المرجح أن «يناور نتنياهو بــــــن إظــــــهــــــار الانــــــفــــــتــــــاح الــــشــــكــــلــــي عــلــى المـــفـــاوضـــات وبــــن تـعـطـيـلـهـا عـمـلـيـا عبر شروط تعجيزية»، حسب العبسي. سيناريوهات محتملة فــــي حـــــال إصـــــــرار نــتــنــيــاهــو عـــلـــى عـــدم تـوقـيـع الاتـــفـــاق، فـــإن الــجــنــوب الـــســـوري قد يشهد، حسب العبسي، أحد السيناريوهات الــــتــــالــــيــــة: تـــــواصـــــل الـــتـــصـــعـــيـــد الـــعـــســـكـــري الإسرائيلي لفرض واقع ميداني، أو التدخل الدولي المتزايد عبر دخـول روسيا وأميركا على خط الأزمـة بشكل مباشر لمنع الانـزلاق إلـــــى مـــواجـــهـــة شـــامـــلـــة، أو تـــنـــامـــي مــقــاومــة محلية ضد القوات الإسرائيلية. وإلى جانب هذه الاحتمالات المقلقة، قد يـعـزز فشل الاتـفـاق فــرص اسـتـعـادة «محور المـــقـــاومـــة» لـنـشـاطـه، ويــضــع إســرائــيــل أمـــام تــحــديــات اسـتـراتـيـجـيـة طــويــلــة الأمـــــد، ذلــك أن مــصــادر مطلعة تـــرى أن «الــتــطــورات في الجنوب السوري ومحاولات إعادة الاستقرار إليه ليست معزولة عن التطورات والتحولات العميقة التي تشهدها وستشهدها البيئة الإقـلـيـمـيـة والـــدولـــيـــة، خـصـوصـا فـــي لبنان وإيران والعراق». وكشفت المصادر التي فضّلت عدم ذكر اسمها لـ«الشرق الأوســط»، عن أن الوساطة الأمـيـركـيـة بــن دمـشـق وتـــل أبـيـب قــد مكَّنت الـــجـــانـــبـــن مــــن الـــتـــوصـــل إلـــــى اتــــفــــاق أمــنــي مـــكـــتـــوب، كـــــان مــــن المـــفـــتـــرض تــوقــيــعــه عـلـى هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة فــي سبتمبر (أيـــلـــول) المـــاضـــي، الــتــي شــارك فيها الشرع، لكن نتنياهو رفض التوقيع. وبــــعــــد أن وصــــفــــت المـــــصـــــادر الـــوضـــع فـــي الـــجـــنـــوب الــــســــوري بـــأنـــه «مــقــلــق لأبـعـد الـــحـــدود»، لفتت إلـــى أن دمـشـق تتطلع إلـى دور أمـيـركـي فـي إعـــادة الـوضـع إلــى مـا كان عـلـيـه، لأن الـرئـيـس تـرمـب هــو مــن يستطيع التأثير على إسرائيل لإنهاء تصعيدها في كل جنوب سوريا. تصاعد الدخان جرّاء اشتباكات بين مقاتلين من العشائر وفصائل درزية في السويداء يوليو الماضي (د.ب.أ) دمشق: موفق محمد «التصعيد الإسرائيلي يهدف إلى فرض وقائع ميدانية جديدة في الجنوب السوري قبل أي تفاهمات محتملة» سوريا الجديدة أوضح مثال على «عدوانية» إسرائيل تجاه جيرانها فــــي لــيــلــة مـــمـــطـــرة مــــن لـــيـــالـــي نـوفـمـبـر ، وبينما كانت رام الله 2025 ) (تشرين الثاني تئن تحت هجوم لقوات الجيش الإسرائيلي فــي قـلـب المـديـنـة، وعـلـى بُــعـد أمــتــار مــن مقر الرئاسة، جلس مسؤول فلسطيني مبتسما بـــمـــرارة، لــيــقــول: «لــســت راغـــبـــا فـــي الـحـديـث عـن فلسطين، ولا فـي إعـــادة تـرديـد شعارات عـــن إســرائــيــل كـــدولـــة اسـتـعـمـاريـة لا تـعـرف الـــحـــدود. مـــا أريـــــده الآن هـــو أن أتـــحـــدث عن سوريا». يـــرى المـــســـؤول الفلسطيني أن سـوريـا بـــاتـــت أكـــبـــر مـــثـــال عـــلـــى أن رئـــيـــس الـــــــوزراء الإســـرائـــيـــلـــي، بــنــيــامــن نــتــنــيــاهــو، لا يـريـد ســـامـــا حــقــيــقــيــا فـــحـــســـب، بــــل إنـــــه لا يــريــد جـــيـــرانـــا لـــدولـــتـــه أيـــضـــا، خــصــوصــا بــعــد أن اتـــخـــذت الـــقـــيـــادة الــســيــاســيــة الـــجـــديـــدة في دمشق موقفا صريحا بأنها لا تريد الحرب ولا الــعــداء تـجـاه إســرائــيــل، الـتـي تـقـوم رغـم ذلــك بانتهاك حـرمـة الـشـام بتنفيذ عمليات عــســكــريــة شـــديـــدة الــفــظــاظــة. كــــان المـــســـؤول الــفــلــســطــيــنــي يــــحــــاول إثــــبــــات أن الــحــكــومــة الإسرائيلية عدوانية ليس فقط تجاه الشعب الفلسطيني، بـل ضـد العالم العربي أيضاً، قــائــاً: «إذا كـانـت حـركـة (حــمــاس) قـد شنت أكـتـوبـر (تشرين 7 حـربـا عـلـى إسـرائـيـل فــي ، و(حـــزب الـلـه) بــادر إلـى قصف 2023 ) الأول إسرائيل، و(الحوثيون) انضموا إلى (حرب الإسناد) التي دعت إليها إيـران وقدمت لها الـدعـم والتشجيع... فــإن سـوريـا فـي المقابل اخـتـارت البقاء خــارج الـصـورة، بـل أكثر من ذلك». مـــع وصـــولـــهـــا إلــــى دمـــشـــق بــعــد نـجـاح عـمـلــيـات «ردع الـــــعـــــدوان»، كـشـفـت الــقــيــادة الـــســـوريـــة الـــجـــديـــدة عـــن نـــوايـــاهـــا بــأنــهــا «لا تُـــشـــكّـــل أي تــهــديــد لأي دولـــــة مــــجــــاورة بما فيها إسـرائـيـل»، ولا سيما أن سقوط نظام بـشـار الأســـد وانــكــســار المــحــور الإيـــرانـــي في أهـم موقع استراتيجي له في المنطقة، كانا من المفترض أن يُشكّلا نقطة لتلاقي المصالح بـــــن إســــرائــــيــــل وســــــوريــــــا. يــــقــــول المــــســــؤول الفلسطيني: «أخشى أن الإسرائيليين نسوا هــــذه الـــحـــقـــائـــق؛ لأن أرض ســـوريـــا لـــم تعد مرتعا للميليشيات الإيرانية». الـــحـــال، أن الــــولايــــات المــتــحــدة وتـركـيـا وأذربيجان عرضت التوسط لمحادثات بين الـــطـــرفـــن، وأبـــــدت الاســـتـــعـــداد لإبـــــرام اتــفــاق عــلــى تــفــاهــمــات أمــنــيــة تـجـعـل الـــحـــدود بين الطرفين آمنة. وحتى عندما تذمّرت إسرائيل من المحادثات غير المباشرة، وافقت سوريا على إجراء لقاءات مباشرة. وبالفعل، عُقدت ستة لقاءات بمشاركة وزير الخارجية أسعد الشيباني مع وزيــر الـشـؤون الاستراتيجية الإســــرائــــيــــلــــي رون ديـــــرمـــــر. وفــــــق مـــصـــادر إسـرائـيـلـيـة، فـــإن دمــشــق مـسـتـعـدة للتعامل بـمـرونـة فــي سـبـيـل الـتـوصـل إلـــى اتـفـاقـيـات كــبــيــرة، فــهــي مـسـتـعـدة لإبـــــرام اتـــفـــاق ســام شامل مع إسرائيل، بشرط استعادة جميع ،2024 و 1967 أراضــيــهــا المـحـتـلـة مــن عــامَــي لكنها مستعدة لدراسة اقتراحات وسطية، سنة، 15 مثل تأجير الجولان لمدة تصل إلى أو الـتـوجّــه إلــى اتـفـاق على تفاهمات أمنية .1974 تعود إسرائيل في إطارها إلى حدود وتصل استعدادات دمشق أيضاً، وفقا لـلـمـصـادر، إلـــى الانـضـمـام إلـــى «الاتـفـاقـيـات الإبــراهــيــمــيــة»، مـــا يـعـنـي عـمـلـيـا أن الـنـظـام السوري يمد يد السلام لإسرائيل، في خطوة غير مسبوقة، لكنها لحظة سياسية فارقة .1948 تتمناها إسرائيل منذ تأسيسها عام لكن كيف تصرفت إسرائيل في المقابل؟ لقد اختارت طريق التهديد؛ إذ تفيد الوقائع ،2024 ) بـــأنـــه مــنــذ ديــســمــبــر (كــــانــــون الأول وقبل أن تلتقط القيادة الجديدة في دمشق غـــارة 500 أنــفــاســهــا، شــنّــت إســرائــيــل نـحـو حــربــيــة عــلــى المــــطــــارات الــعــســكــريــة وقـــواعـــد بــالمــائــة مـــن قـدراتـهـا 85 الــجــيــش، وحـطـمـت الدفاعية. واحتلت إسرائيل أرضـا بمساحة كـيـلـومـتـرا مـربـعـا، تـمـتـد مــن قـمـم جبل 450 الشيخ حتى محافظة درعا بعمق يزيد على كيلومترات، ونفذت عمليات اجتياح بري 7 9 كيلومتراً، وأقامت 20 في عمق يصل إلـى مواقع عسكرية في قلب الأراضي السورية. وسـاهـمـت إســرائــيــل أيـضـا فــي تأجيج صــــــراع داخــــلــــي بـــذريـــعـــة «حـــمـــايـــة الــحــلــفــاء الدروز وإحقاق حقوقهم»، رغم أن المواطنين الــــــدروز فـــي إســرائــيــل يــعــانــون مـــن التمييز العنصري من كل حكومات إسرائيل. وراحت إسـرائـيـل تشكك فـي نـوايـا الـقـيـادة الجديدة في دمشق بحجة ارتباطات قديمة تعود إلى «جـبـهـة الــنــصــرة»، فــي حــن أن مستشفيات مــيــدانــيــة تــابــعــة لـلـجـيـش الإســـرائـــيـــلـــي، أو مـسـتـشـفـيـات فـــي صــفــد وحــيــفــا وتــــل أبــيــب، كانت قـد استقبلت خـال السنوات الماضية عديد الجرحى من «جبهة النصرة»، وقدمت لهم العلاج. كشف الإسرائيليون في الأيـام الأخيرة أن الــرئــيـــس الأمـــيـــركـــي، دونــــالــــد تـــرمـــب، قد «وبّــــــخ» إســـرائـــيـــل ورئـــيـــس حـكـومـتـهـا على مقاربتها السياسية مــع ســوريــا الـجـديـدة، وطـالـبـهـا بـــإحـــداث تغيير جــوهــري مــع هـذا الــبــلــد. وكــــان مـــن الـــواضـــح أن تــرمــب اخـتـار طــريــقــا إيــجــابــيــا مـــع الـــقـــيـــادة الـــجـــديـــدة في دمــــشــــق، بـــنـــاء عـــلـــى طـــلـــب المــمــلــكــة الــعــربــيــة السعودية والأمير محمد بن سلمان، ويرى في المقابل أن إسرائيل «ترتكب خطأ وحماقة فـــي تـعـامـلـهـا فـــي هـــذه الــجــبــهــة»، وفـــي هـذه الحالة يميل كثيرون إلى الاعتقاد بأن البيت الأبيض تحت قيادة ترمب هو الوحيد القادر على كبح جماح نتنياهو ضد سوريا. لكن، حتى نـرى تأثيرا حقيقيا على الأرض، ثمة من يطرح أسئلة عن «الرسالة التي تقدمها إسـرائـيـل لمحيطها الإقليمي بتعاملها هذا مع سوريا؟». تل أبيل: نظير مجلي يشهد الـجـنـوب الــســوري، منذ الـيـوم الأول لإسقاط نظام بشار الأسد قبل عام، ما تصفه دمشق بـ«انقلاب ،1974 إسرائيلي» على اتفاق «فصل القوات» الموقَّع عام والـــذي شـكّــل على مــدى خمسة عـقـود الإطـــار القانوني والأمــنــي لضبط الــحــدود فــي هضبة الــجــولان الـسـوريـة المـحـتـلـة. فـقـد اسـتـثـمـرت تـــل أبــيــب الـــتـــطـــورات الأخـــيـــرة، وشــرعــت فــي تصعيد عـسـكـري غـيـر مـسـبـوق، احتلت خـالـه أراضـــي جـديـدة فـي محافظتي القنيطرة ودرعــا جنوب البلاد. وبينما يسعى الحكم الجديد فـي سـوريـا إلـى إبـرام اتفاق أمني مع إسرائيل تنسحب بموجبه من الأراضي التي احتلتها بعد الإطاحة بالأسد، تتطلع دمشق إلى دور أميركي فاعل في ذلك؛ بوصف واشنطن الطرف الأكثر قـــدرة على إقـنـاع إسـرائـيـل بالتوقيع على هــذا الاتـفـاق، بعدما رفضت ذلك، وفقا لمصادر عليمة.
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky