قـبـل أن نهتم بـمـا إذا كـــان تـرمـب سـيـجـرّم جماعة «الإخــــوان المسلمين» أم لا، علينا أن ننظر إلــى أنفسنا ودولـــنـــا، ونــــرى كـيـف واجـهـنـا نـحـن هـــذه التنظيمات، وهل انتهينا نحن من تبعاتها وأثرها وجرائمها، وهل أتممنا معركتنا ونستطيع أن نحمي أجيالنا القادمة منها، أم أن معركتنا معها في دولنا كانت مجرد فاصل ونواصل! تجريم جماعة الإخوان المسلمين في الدول العربية تـــم قــانــونــيــا، وجــــاء مــتــأخــرا جــــداً، إنــمــا نـحـن نـعـلـم أن مـاحـقـة زعــمــاء وكـــــوادر تـلـك الـتـنـظـيـمـات إجــــراء أمني يلاحق الأشـخـاص لا الأفـكـار، فالأفكار مـا زالــت تـروج، ولـديـهـا مـشـروعـهـا بـأنـه يـومـا مــا سـتـكـون هـنـاك دولــة الأمـــة، أو دولــة القومية، أو دولــة الاشـتـراكـيـة، أو حتى الــــادولــــة، كـمـا تــدعــو الــجــمــاعــات الــيــســاريــة المـتـطـرفـة. جــمــيــع تـــلـــك الــــتــــيــــارات الـــفـــكـــريـــة والـــجـــمـــاعـــات تـــــرى أن «الدولة الوطنية» عدو وخصم، وعائق لا بد من إزالته، يحول بين الشعوب ومشروعها، فالعقيدة التنظيمية السياسية التي انطلقت منها تلك الجماعات تقف على الجهة المضادة لـ«الدولة الوطنية». فكذلك كانت التنظيمات الشيوعية والاشتراكية وحـتـى الـقـومـيـة، كلها كـانـت تـــرى فــي الــدولــة الوطنية خصما يجب تفتيته وهـدمـه فكريا وعقائديا وتفكيك بنيته المؤسساتية، وأي نظام سياسي كان يقف عائقا أمام هدف التفكيك، هو رجعي في نظر هذه التنظيمات، أما في نظر التنظيمات الإسلامية فهو عدو للإسلام. أما «الدولة الوطنية» فظلت خجلة من طرح نفسها بديلاً، والإعلان عن نفسها للأجيال الجديدة بوصفها وعاء وانتماء وهوية جامعة لأبنائها. سابقا لم تبادر دولـة من دولنا إلى تعزيز مفهوم ومــعــنــى «الــــدولــــة الـــوطـــنـــيـــة»، مــقــابــل فــكــر الــجــمــاعــات الإسلامية أو القومية منها، خشية اتهامها بتلك التهم الملتصقة والمعلبة والجاهزة؛ بل كثيرا ما رددت معها وعــــززت مـفـهـوم الأمـــة والـقـومـيـة، وكـــل جـامـع ممكن أن يــكــون قـاسـمـا مـشـتـركـا، حـتـى إن كـــان مــبــدأ اقـتـصـاديـا كالاشتراكية، خـوفـا مـن مواجهة تلك الجماعات التي أعـجـبـت بــأفــكــارهــا أجـــيـــال عـربـيـة لـعـقـود وتـــربـــت على طاعتها وحمايتها، بالمقابل فإن الحكومات والأنظمة أرجأت مفهوم «الدولة الوطنية»، ولم تقدمه فكرا بديلا للفكر الآيديولوجي، ولم تتبنَّه الدول العربية مشروعا يـقـدم للأجيال منذ صغرهم يشكّل لهم حصنا وقلعة تحميهم من الاختطاف وتشتيت الهوية. كانت الدولة الوطنية؛ فكرة ثم مشروعاً، لا تعرف كيف تدافع عن نفسها أمام طوفان العقائد، والهويات التي تتخاطف عقولنا يمنة ويسرة، فوجدت التنظيمات فضاء خاليا وأرضا عذراء، فطرحت نفسها وأجادت في تقديم نفسها وصنعت لنفسها المشروعية، فأصبح كل مـن يجرؤ على أن يقدم مصلحة لوطنه على مصلحة لأي من الدول الأخرى في مشروع الأمة أو القومية، هدفا للإقصاء والتحطيم، وهو عدو الأمة. لذا، كان علينا أن نـدوس على أي مصلحة وطنية خاصة مقابل مصالح دول أخرى. لا بد للدول العربية أن تنحاز لـ«الدولة الوطنية»، وتعمل على إعادة الاعتبار لها، وجعلها أولوية من دون حرج أو تردد. فـقـبـل أن نـنـتـظـر تـجـريـم تـلـك الــجــمــاعــات مـــن قبل أمــيــركــا أو الـــغـــرب عــمــومــا، الــتــي اســتــنــزفــت مـشـاعـرنـا ومـــقـــدراتـــنـــا، وبـــعـــد أن جـــرمـــت تــلــك الــجــمــاعــات وتـمـت ملاحقة قادتها، علينا أن نملك الـجـرأة لجعل «الـدولـة الــوطــنــيــة» المـــشـــروع الأول لــلــدولــة بـجـمـيـع مـكـونـاتـهـا، تضع له القواعد والأســـاس ويـقـدَّم للأجيال، نعيد فيه ترتيب البناء الفكري لشبابنا، فنجعل الدولة الوطنية فــخــرا وانــتــمــاء لـــه، ولا يـسـتـحـي ولا يـخـشـى أن تـكـون لـهـا الأولـــويـــة فــي المــقــام عـنـده تـتـبـدى مصلحتها فـوق أي اعتبار، وعلينا أن نقدم فكرة لتحل محل الأخــرى، ومشروعا ليحل محل المشروع الآيديولوجي السابق. في كل مرة تُطرح فيها فكرة مسلسل عن شخصية مــن تـاريـخـنـا الإســامــي والـعـربـي يُــثــار حـولـهـا الـجـدل. والـــشـــيء ذاتـــــه يـــحـــدث الآن فـــي الــحــديــث عـــن شخصية خالد بن الوليد. شخصية عظيمة وسيرة ثرية مملوءة بالأحداث، مناسبة لطبيعة العمل الدرامي. أحـــد نــقَّــاد شخصية خــالــد بــن الـولـيـد يــقــول: لمــاذا تُــبــجَّــل شخصية قــادمــة مــن الــجــزيــرة الـعـربـيـة؟ وكيف أنــه طلب مـن الـشـعـراء مـدحـه ونـسـج قصص مزيفة عن بطولاته، وأنــه استغل خـبـرات غير الـعـرب لينتصر في معاركه! طرح متطرف؛ أي شخصية كبيرة في التاريخ لا تُحدَّد بمكان جغرافي، ولا بِدِين، ولا بِعِرق. العظماء من كل دين وعرق وجغرافيا وثقافة. خالد بن الوليد شخصية إنسانية كبيرة يستحق أن تُـــــروى حـكـايـتـهـا لــلــتــاريــخ. والاعـــتــمـــاد عـلـى خـبـرات شعوب أخرى ليس بعيب؛ بل ميزة. التعلُّم والاستفادة مـن الشعوب الأخـــرى والاعــتــراف بخبراتهم دليل فطنة وذكاء وليس بعيب. مـعـاويـة بــن أبـــي سـفـيـان اسـتـفـاد مــن الـخـبـرات في بـــاد الـــشـــام، وأســــس دولــــة كــانــت بـحـاجـة إلـــى مؤسسة بيروقراطية لم تكن موجودة في الجزيرة العربية. النقطة الأخـــرى: إن هــذه الشخصيات الكبيرة في تــاريــخــنــا هـــي أيـــضـــا مـهـمـة لــلــتــراث الإنـــســـانـــي، ولـيـس فـقـط لـلـتـراث الـعـربـي والإســـامـــي، ويــجــب أن تُــفـهـم في هـذا السياق، وإلا سيتم التقليل من قيمتها والحد من دورهــــا. شخصيات استطاعت أن تُسهم فـي بـنـاء دول وإمــبــراطــوريــات مـتـرامـيـة الأطـــــراف، وأسـهـمـت فــي بناء حضارات، وقادت جيوشاً، ومرت بمِحَن وصراعات. من الظلم أن يتقلص دورهــا ويُــوضَــع في زاويــة معتمة من التراث. وفـــي كــل مـــرة تُــطــرح شخصية بــهــذا الـحـجـم تُــثـار أسئلة كثيرة. سأحاول أن أجيب عن بعضها. الـسـؤال الأول: لمــاذا تُــطـرح شخصيات مـن التاريخ القديم؟ وهذا سؤال يُطرح من جهتين: جهة تقول إنه يجب ألا نــخــوض فـــي المـــاضـــي بـسـبـب الـحـسـاسـيـات الـديـنـيـة والطائفية، وجهة أخرى تقول: ما الفائدة من طرح هذه الشخصيات التاريخية القديمة؟ وما أهميتها؟ قــد يــكــون الــطــرح الأول منطقيا ومــقــبــولا إذا قُـــدِّم العمل الدرامي لتأجيج العصبيات وشحن المجتمعات. وهناك أعمال درامية رديئة استخدمت هذه الشخصيات الـــتـــاريـــخـــيـــة، ووظــفــتــهــا لـــرفـــع درجـــــة الــغــلــيــان الــديــنــي والـــطـــائـــفـــي. ولـــكـــن مــــا تـــطـــرحـــه الأعـــــمـــــال المـــهـــمـــة لــهــذه الــشــخــصــيــات فـــي تــاريــخــنــا هـــو بـــهـــدف آخــــر مـخـتـلـف، وهـو تناولها بصورة أوســع وأكـبـر: دورهــا التاريخي، والــــعــــقــــبــــات الــــتــــي واجــــهــــتــــهــــا، وتـــركـــيـــبـــتـــهـــا الــنــفــســيــة والـــعـــاطـــفـــيـــة، وتـــأثـــيـــرهـــا عــلــى عـــصـــرهـــا، وكـــيـــف لعبت دورا كـبـيـرا فــي بـنـاء دولــــة تـوسـعـت حـتـى تـحـولـت إلـى إمبراطورية. عدم طرحها لأي حجة هو خسارة للجميع. ســـيُـــقـــزِّم هـــــذه الــشــخــصــيــات ويــجــعــلــهــا أداة لـلـتـنـاحـر الـطـائـفـي، ولـــن يكشف عــن الـبـعـد الأكــبــر لـهـا، وهـــي في النهاية فوق الحروب الصغيرة. من المهم أن تُطرَح بكل جوانبها لأنها في النهاية شخصيات بشرية وليست ملائكة. طرحها بشكل تقديسي يحوِّلها إلى شخصيات خشبية غير مقنِعة، ولن تؤثر في المشاهدين. حتى أكبر الشخصيات في التاريخ لها عيوبها ونقائصها، وهذا لا يقلل منها؛ بل على العكس. الجهة الأخرى تقول: لماذا تُطرح هذه الشخصيات فــــي عــــالــــم مــخــتــلــف تـــمـــامـــا، عــــالــــم الـــتـــقـــنـــيـــات والــــذكــــاء الاصــطــنــاعــي والـــســـيـــارات الـكـهـربـائـيـة؟ يــقــولــون: لمـــاذا نغوص في الماضي السحيق؟ هـنـاك أكـثـر مـن إشكالية فـي هــذا الــطــرح. الأولـــى أن طــــرح شـخـصـيـات مـــن الـــتـــاريـــخ لا يــتــعــارض مـــع الـتـقـدم والـتـطـور. السينما الأميركية -عـلـى سبيل المــثــال- تقدم على الدوام شخصيات من التاريخ الأميركي والأوروبي، ورفـــوف المكتبات مملوءة بأغلفة مطبوعة عليها صور مـلـوك وأبــاطــرة وبــابــوات مـن الــقــرون الـوسـطـى. بـل على العكس؛ كلما زاد تقدم المجتمعات زاد وعيها بتاريخها، ولكن ليس بصورة ضيقة؛ بل بصورة أكثر سعة وعمقاً، 300 وليس بطريقة دعائية فجة. لنتذكر أن هناك أكثر من فيلم أُنتج عن الرئيس الأميركي أبراهام لينكولن، أُنتجت في استوديوهات لا تبعد كثيرا عن السيليكون فالي. الإشكالية الأخـرى في هذا الطرح المتعالي، هي أن عـدم طـرح هـذه الشخصيات بطريقة عميقة سيجعلها رهينة في يد الشخصيات المتطرفة التي تُــقـزِّم قيمتها وتوظفها في صراعاتها. الإشكالية الثالثة هي أن التاريخ يلعب دورا مهما في تشكيل وعي الناس، ويشكِّل جزءا من هويتهم، ولهذا الـسـبـب نـــرى اهــتــمــام الـــنـــاس بـالـشـخـصـيـات التاريخية والمسلسلات التي تقدمها؛ لأنها تمثل قيمة كبرى لديهم. تجاهلهم يعني أن هناك من سيوظفهم لأهدافه الخاصة. الــقــضــيــة الأخــــــرى هـــي الــتــعــاطــي مـــن كـــل الأطـــــراف المتناحرة مع هذه الشخصيات أو المسلسلات، من خلال عقلية الصراع والصدام وليس فهم التاريخ والاستفادة منه. ورغم خطورة هذه المسألة فإنها نتاج ثقافة طويلة ساهمت في مثل هذا الشحن، واستخدمت الشخصيات التاريخية في صراعاتها وآيديولوجياتها. إصلاح هذه الثقافة ودفعها أكثر نحو الاعـتـدال والتسامح يحتاج إلى وقت، ومن بينها طرح الأعمال الفنية التي تتناول هذه الشخصيات الكبيرة في تاريخنا بروح إنسانية. الـــخـــلـــفـــاء الـــــراشـــــدون وشـــخـــصـــيـــات كـــبـــيـــرة أخــــرى فــي تـاريـخـنـا لعبت دورا كـبـيـرا فــي الــتــاريــخ الإسـامـي والإنـسـانـي، وهـي فـوق التصنيفات والـطـوائـف، وتجب رؤيــتــهــا بـــصـــورة أوســــع مـــن الـــرؤيـــة الـضـيـقـة المـــحـــدودة ودمجها في الحضارة المعاصرة. ليس الـسـام فـي لبنان خــيــاراً، على ما باتت تدرك أغلبية القوى السياسية وأركان الـــســـلـــطـــة؛ بــــل بــــــات يـــحـــمـــل ســــمــــات الـــشـــرط الـــوجـــودي والــتــوجــه الـقـسـري الــــذي فرضته الـــدولـــة بـاقـتـصـادهـا المــنــهــار ومـؤسـسـاتـهـا، وبعض ركائز عقدها الاجتماعي. اسـتـلـزم الإقــــرار علنية بلحظة التحول الـــحـــذرة والــهــشــة هــــذه، تــوظــيــف ثــقــل زيــــارة الـبـابـا لـيـو الــرابــع عـشـر إلـــى بــيــروت. جــاءت الــــــزيــــــارة كـــفـــعـــل مــــبــــاركــــة رمـــــزيـــــة لـــخـــيـــارات سياسية تنطوي حكما على تنازلات مؤلمة، فـــي رحــلــة الـــخـــروج بـلـبـنـان مـــن أَسْـــــر عقيدة «المــقــاومــة» إلـــى الـواقـعـيـة الـقـسـريـة، وخـدمـة الاستقرارين الاقتصادي والسياسي. استبقت إسرائيل المشهدية الفاتيكانية في بيروت باغتيال القائد العسكري لـ«حزب الله» هيثم علي طبطبائي، رهانا منها على أن المــظــلــة الـــدولـــيـــة والـــروحـــيـــة والإنــســانــيــة ستمنع أي رد عسكري، إن كان لا يزال بوسع الحزب أن يرُد. كما أرادت للاغتيال وعدم الرد عليه أن يكونا بمثابة اعــتــراف ضمني بأن تكلفة فتح جبهة شاملة باتت تتجاوز قدرة الحزب، وتعلن نهايته العملية. الزيارة التي استبقها اغتيال طبطبائي، أعـقـبـهـا تـعـيـن الــرئــيــس الـلـبـنـانـي جــوزيــف عون الدبلوماسي السابق المحامي سيمون كـــرم، لـقـيـادة الــوفــد الـلـبـنـانـي فــي مـحـادثـات الناقورة مع إسرائيل. المعاني التي انطوى عليها تعيين كرم تتجاوز صفته المدنية إلى هويته السياسية السيادية الصلبة المضادة للسلاح، وإرثـــه المـديـد فـي تأسيس اللقاءات والتجمعات والأحلاف المضادة لمنطق الحزب ومرجعياته الخارجية. المفاوضات التي يترأسها كـرم تتجاوز هــــــــذه المـــــــــرة الــــبــــحــــث فــــــي شـــــــــؤون الـــــحـــــدود والأراضــــي إلــى البحث فـي ترتيبات خاصة للتحقق «الأجنبي» من نزع السلاح، وخطط تالية تبحث في المستقبل الوظيفي للحدود الـــلـــبـــنـــانـــيـــة الإســــرائــــيــــلــــيــــة، عـــبـــر الاقـــتـــصـــاد والتنمية وإعـادة الإعمار. الهدف غير المعلن هو تحويل مسار نزع السلاح وإعادة الإعمار إلـــى جـــزء عـضـوي مــن آلـيـة أشــمــل، لاجتثاث سلاح «حزب الله». أن يحظى هذا الاختيار بموافقة عابرة للطوائف، ولـو على مضض شيعي، مؤشر إلــــــى تــــحــــول هـــيـــكـــلـــي، يــــعــــزز لـــلـــمـــرة الأولــــــى صــدقــيــة خــطــاب لــبــنــان عـــن الالــــتــــزام الـكـامـل . وفـي هـذا السياق لا يمكن إلا 1701 بالقرار التوقف عند تصريحات النائب علي حسن خــلــيــل، المـــعـــاون الــســيــاســي لــرئــيــس مجلس النواب نبيه بري، وأبرز حلفاء «حزب الله». اســتــعــار خـلـيـل مـــن الــشــيــخ الـجـلـيـل الــراحــل مــحــمــد مـــهـــدي شـــمـــس الـــــديـــــن، مــــن دون أن يسميه، قاعدة «ضـرورات الأنظمة وخيارات الشعوب (الأمة)»، معتبرا أن «إسرائيل تبقى الــعــدو»، ومـلـوحـا فـي الـوقـت نفسه بالقبول الواقعي بالسلام والتطبيع. كــمــا الـتـغـطـي بــالــبــابــا، يـتـغـطـى بعض الخطاب الشيعي بفقه الاجتماع السياسي المــعــاصــر لـشـمـس الـــديـــن، بـغـيـة تــبــريــر فتح الباب الخلفي للتطبيع الوظيفي. فـــي ســيــاق مــمــاثــل، جــــاءت تـصـريـحـات الأمــــــن الــــعــــام لـــــ«حــــزب الــــلــــه» نــعــيــم قـــاســـم، واضحة في أن الحزب يواكب توجهات الدولة الــلــبــنــانــيــة، ويـــقـــف خــلــف قــــرارهــــا بـاعـتـمـاد الــحــلــول الــدبــلــومــاســيــة. أمــــا تـــشـــدده فـــي أن «مسألة نــزع ســاح المـقـاومـة غير مطروحة، ولم ولن تكون موضع قبول»، فما هو إلا لغو مخصص لـجـمـهـوره، لتمرير قبوله بما لم يكن ممكنا للحزب أن يقبله سابقاً. مع ذلـك، يتسم مسار السلام والتطبيع اللبناني- الإسرائيلي القسري بمتانة هشة؛ حــيــث تـــتـــوازن عـــوامـــل الــبــقــاء مـــع تــهــديــدات داخــلــيــة وخـــارجـــيـــة عـمـيـقـة. يـــوفـــر الإجـــمـــاع الـعـابـر لـلـطـوائـف بــن الــقــيــادات عـلـى تجنب حـــرب جـــديـــدة، مـدعـومـا بـرغـبـة «حـــزب الـلـه» البراغماتية في عدم تدمير بيئته الحاضنة أكثر، إلى جانب الاهتمام الأميركي- الفرنسي الـــواضـــح بتثبيت الـــهـــدوء وإعـــــادة الإعــمــار، حوافز كبرى لنجاح هذا المسار. بيد أن هذا الإجماع تهدده نقاط ضعف جـــوهـــريـــة، عـــلــى رأســــهــــا أن مــســلــك الــقــيـــادة السياسية يعطي الانطباع -خلافا للواقع- أن لبنان يتخذ قـراراتـه بفعل الضغط الـدولـي، وليس بفعل الإرادة الشعبية الأصيلة، وهو ما يفتح الباب واسعا أمام الطعن في وطنية هذا المسار برمَّته. أما «حزب الله» الذي يُظهر أعلى درجات ضبط النفس، فإنه يحافظ على «التهديد بالرد» إذا تجاوزت المحادثات الأمن إلى نزع السلاح كاملاً، أو انخراط لبنان في ترتيبات سياسية واقتصادية وأمنية بعيدة المدى. وإذ يـــــلـــــوح خــــطــــر انـــــتـــــهـــــاء تـــفـــويـــض «اليونيفيل» وتناقض المـوقـف الإسرائيلي بـن خـطـاب «الــفــرص السياسية» والمطالب الأمنية، والمـراوغـة الإيـرانـيـة على «تقطيع» فـــتـــرة ولايـــــة الـــرئـــيـــس تـــرمـــب، يـــتـــحـــول هـــذا المــســار فعليا إلـــى مـــادة مـؤجـلـة للطعن في وطنية مَن هندسوه وسـاروا فيه، وتحويل فـــرصـــة الــــســــام إلـــــى حــلــقــة خـــيـــانـــة جـــديـــدة تـــتـــطـــلـــب الـــتـــصـــحـــيـــح الـــــثـــــوري حـــــن تــحــن الفرصة. يمثل التحول اللبناني الـجـاري خطوة ضرورية للبقاء، تدعمها درع دولية أميركية فاتيكانية بشكل رئيسي، ومناخ عربي موازٍ، وتـسـتـفـيـد مـــن عــجــز داخـــلـــي عـــن إسـقـاطـهـا. ولـكـن مــا لا ينبغي الـسـمـاح لــه بـــأن يترسخ أكثر، هو أن تظل هذه اللحظة «مسار سلام بلا ثقة». فينبغي تمتين الأسـاس السياسي والشعبي لخيار السلام في لبنان، بوصفه رؤيـــة للمستقبل، ولـيـس فقط عملية تــوازن قسرية دقيقة للمصالح بين القوى الإقليمية. إن جـــوهـــر الــلــحــظــة يــجــب أن يـــكـــون أن لـبـنـان قـــرر أن مستقبله يـكـمـن فـــي صناعة الـــســـام لـنـفـسـه ولـلـمـنـطـقـة، وعــــدم الاكــتــفــاء بخطوات أولى لتفكيك سلاح الحزب. OPINION الرأي 12 Issue 17178 - العدد Tuesday - 2025/12/9 الثلاثاء الهجوم على خالد بن الوليد هل يكفي التجريم فقط؟ تحول لبنان الهش نحو السلام الآن وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com نديم قطيش ممدوح المهيني سوسن الشاعر
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky