issue17176

11 أخبار NEWS Issue 17176 - العدد Sunday - 2025/12/7 الأحد ASHARQ AL-AWSAT تحذيرات أميركية من تنامي نفوذ إيران و«حزب الله» في أميركا اللاتينية حملة واشنطن على فنزويلا بين حرب المخدرات ومساعي إسقاط النظام لا يـــــبـــــدو أن المــــشــــهــــد المُــــــعــــــقّــــــد بــن الـــولايـــات المــتــحــدة وفــنــزويــا يـسـيـر نحو الــتــهــدئــة، فـالـتـصـعـيـد فـــي الـــقـــول والـفـعـل هـو سيد المـوقـف حالياً، ومــن الـواضـح أن اسـتـراتـيـجـيـة الــرئــيــس الأمــيــركــي دونــالــد تــــرمــــب حــــيــــال كــــــاراكــــــاس الــــتــــي يــشــوبــهــا الغموض أحيانا لن ترضى بحلول جزئية وخـــطـــوات رمـــزيـــة، فـالـهـدف الـعـلـنـي الــذي وضـــعـــتـــه الإدارة الأمـــيـــركـــيـــة هــــو الـــحـــرب على المــخــدرات الـتـي تتدفق إلــى الـولايـات المــــتــــحــــدة، وتــــــــؤذي الأمــــيــــركــــيــــن، لــيــكــون شعار «أميركا أولاً» الـذي تعهّد به المبرر الأساسي لهذه الحملة. لـــكـــن خـــلـــف هـــــذه الــــســــرديــــة تــتــحــدث التسريبات والتقارير عن هدف مختلف هو تغيير نظام نيكولاس مـــادورو، وإزاحـتـه عـــن الـــحـــكـــم. كــمــا أتــــت تــصــريــحــات وزيـــر الـخـارجـيـة مــاركــو روبــيــو الــتــي أكـــد فيها أن فـنـزويـا هــي مـوطـئ قـــدم استراتيجي لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني، لتزيد من حجم التساؤلات حول دوافــــــع الـتـصـعـيـد وأســـبـــابـــه. يـسـتـعـرض بــرنــامــج «تــقــريــر واشـــنـــطـــن»، وهــــو ثـمـرة تـــعـــاون بـــن صـحـيـفـة «الــــشــــرق الأوســـــط» وقناة «الشرق»، أسباب فتح باب المواجهة بـــن واشــنــطــن وكــــاراكــــاس، والــــــدور الـــذي يلعبه كبار مسؤولي إدارة ترمب في هذه الاستراتيجية. مخاوف من التصعيد لم يستبعد ترمب توسيع الضربات الــــجــــويــــة عـــلـــى قـــــــــوارب فـــــي الـــكـــاريـــبـــي، لتشمل ضربات برية في فنزويلا. وفيما يُعرب ضابط الاستخبارات السابق في الــبــحــريــة الأمــيــركــيــة ورئـــيـــس مجموعة «بـــرايـــمـــر» لــلــخــدمــات الــحــكــومــيــة، دون بـــرايـــمـــر، عــــن أمـــلـــه فــــي عـــــدم حــــــدوث أي هـجـمـات بـــريـــة، خــوفــا مـــن تـصـعـيـد «قـد يــــخــــرج عــــن الــــســــيــــطــــرة»، فــــإنّــــه يــعــتــرف فـــي الـــوقـــت نـفـسـه بــــأن قــطــع طــريــق نقل المـــــخـــــدرات عـــبـــر الـــبـــحـــر ســـيـــدفـــع بـتـجـار المخدرات إلى اللجوء لعمليات نقل برية أو جـويـة، مما سـيـؤدي إلـى دفـع أميركا لتنفيذ ضربات برية لقطع هذه الطرق. مــن نـاحـيـتـه، يــحــذّر كبير الـبـاحـثـن في مركز «يـورو آسيا» في معهد الأطلسي، جايكوب هايلبرن، من تداعيات خطوة مـــن هــــذا الــــنــــوع. ويـــــرى أن إدارة تـرمـب تستعمل ذريــعــة المـــخـــدرات فــي فنزويلا كــمــا فـعـلـت مـــع أســلــحــة الـــدمـــار الـشـامـل في العراق، ويقول: «هذا قد يتحول إلى كــارثــة بالنسبة إلـــى الـــولايـــات المـتـحـدة، فترمب يسعى إلى تغيير نظام مادورو، لكنه يريد في الوقت نفسه تجنّب احتلال فنزويلا». أمـــا الـسـفـيـر الأمــيــركــي الـسـابـق لـدى هـــنـــدوراس، مستشار الـرئـيـس الأميركي سابقا لشؤون فنزويلا، هيوغو لورانس، فــيــعــد إدارة تــرمــب «غــيــر واضـــحـــة فيما يتعلق بـالـهـدف الـنـهـائـي فــي فـنـزويـا»، لـــكـــنـــه يـــشـــيـــر إلــــــى مـــجـــمـــوعـــة كـــبـــيـــرة مـن الأهــــــداف، مـنـهـا الـــحـــرب عـلـى المـــخـــدرات، وإبقاؤها خــارج الـولايـات المتحدة، وهو هــــدف داخـــلـــي ســيــاســي لــتــرمــب وعــــد به خلال حملته الانتخابية. «مشروع روبيو» يتحدث لورانس في الوقت نفسه عن الــدور الـبـارز الــذي يلعبه وزيــر الخارجية الأمـــيـــركـــي مـــاركـــو روبـــيـــو فـــي هــــذا المــلــف، ودوافــعــه فـي إزاحـــة مــــادورو عـن السلطة. ويــفــسّــر: «روبـــيـــو هـــو مـــن أصــــول كـوبـيـة، وهـــــو مـــتـــشـــدد ضــــد الـــيـــســـار فــــي أمـــيـــركـــا الـاتـيـنـيـة. بـالـنـسـبـة إلــيــه فــنــزويــا عــدو، وهو من بين أعضاء الإدارة الذين يودون تغيير النظام في فنزويلا». فـــي المـــقـــابـــل، يـشـيـر لـــورانـــس إلــــى أن هناك أعـضـاء مـن حركة «مـاغـا» يـحـذّرون مـــــن الـــــدخـــــول فـــــي هــــــذه المــــعــــركــــة، قــــائــــاً: «لـهـذا يـحـاول تـرمـب التركيز على قضية المـــخـــدرات والـسـعـي دبـلـومـاسـيـا للضغط عـــلـــى مـــــــــادورو لمـــــغـــــادرة الــــبــــاد مــــن دون الدخول في عملية عسكرية مع فنزويلا». وفـــي حــن يُــرجّــح هـيـوغـو احـتـمـال تنفيذ أميركا «ضربة استراتيجية» لدفع مادورو خارج السلطة، فإنه يتساءل: «في حال لم يــخــرج مــــــادورو مـــن ســيــكــون الـــخـــاســـر؟». ويوافق بريمر على الدور المهم الذي يلعبه روبــيــو فــي هـــذه المــواجــهــة، فـيـقـول: «هــذه المشكلة مع فنزويلا هي مشكلة شخصية جـدا للوزير روبـيـو وكـأنـه مـشـروع خاص لــــه. لــقــد أخــــذ هــــذا الـــصـــراع عــلــى عــاتــقــه». ويُـــــحـــــذّر مــــن انــــقــــاب هـــــذه المـــســـألـــة عـلـيـه فـي حــال تـذمـر الـقـاعـدة الشعبية لترمب، خصوصا أن مشكلة المـخـدرات لا تقتصر على فـنـزويـا فحسب، مُــذكــرا بــأن الصين هـــي المـــصـــدر الأســـاســـي لمـــخـــدّر الفنتانيل الـــذي يفتك بـالأمـيـركـيـن. وهـــذا مـا يكرره هـــايـــلـــبـــرن الــــــذي يــشــيــر إلـــــى عـــــدم وجــــود أي دلـيـل عـلـى كـــون فـنـزويـا المــــورد الأول لــلــمــخــدرات إلــــى الــــولايــــات المـــتـــحـــدة، وأن مشكلة الفنتانيل الـقـادم مـن الصين أكبر بكثير. ولهذا السبب، يشير إلى «مشكلة روبــيــو الـشـخـصـيـة ضــد فــنــزويــا»، لافتا إلـى أن مستقبله السياسي سيكون على المحك في حال تسبب هذه الأزمـة بإحراج ترمب، لكنه يتحدث في الوقت نفسه عن محفز آخر للرئيس الأميركي، وهو النفط الفنزويلي. ويشير إلـى أنـه لهذا السبب، يسعى لإزاحــة مـــادورو على أمـل أن يكون بديله رئيسا يتعاون مع أميركا في قضايا الاقــتــصــاد والــهــجــرة والـسـعـي لتخفيض أسعار النفط في الولايات المتحدة. ويُسلّط لـورانـس الضوء على منهج ترمب فـي التعامل مـع القضايا الدولية، ويقول إن «الرئيس الأميركي يؤمن إيمانا كبيرا بالاستراتيجية الاقتصادية المبنية على الطاقة المـيـسـورة التكلفة. هـو دائما يــبــحــث عـــن طــــرق مـــن أجــــل زيــــــادة تـوفـيـر الـــطـــاقـــة ومــــــواردهــــــا، لـــيـــس فــــي الــــولايــــات المتحدة فحسب، بل في الأســـواق الدولية أيــــضــــا، وفـــنـــزويـــا تــمــتــلــك أكـــبـــر مـــخـــزون للنفط الخام». إيران و«حزب الله» يُـــــرجّـــــح لـــــورانـــــس أنــــــه فـــــي حــــــال رفـــض مـــــــادورو الــتــنــحــي قـــد يــســمــح تـــرمـــب ببعض الـضـربـات العسكرية لإحـــال المـعـارضـة التي محل الرئيس 2014 كسبت الانتخابات في عام الفنزويلي في مرحلة انتقالية، مؤكدا وجود تواصل بين الاستخبارات الأميركية والعسكر في فنزويلا. لكنه يسلط الضوء على دور كوبا البارز في حماية مادورو، ويقول: «من يحمي مـــــــادورو اســتــخــبــاراتــيــا وأمـــنـــيـــا هـــو الــنــظــام الــكــوبــي. وأنــــا أضــمــن أن الـكـوبـيـن يـقـومـون بــكــل مـــا بــوســعــهــم لــحــمــايــة مـــــــادورو مـــن أي ضربة محتملة من الولايات المتحدة، لأنه من المعروف أنه في حال انهيار النظام الفنزويلي، سينتقل تـركـيـز الـــولايـــات المـتـحـدة إلـــى كوبا والنظام هناك. وهــذا ما يريده روبـيـو». وقد ذكر روبيو مؤخرا أن فنزويلا هي موطئ قدم لـــ«الــحــرس الـــثـــوري» الإيـــرانـــي و«حــــزب الـلـه» اللبناني. ويرى بريمر أن تصريحات من هذا النوع تؤكد أن الخلاف مع فنزويلا هو بالفعل أكـــبـــر مـــن قـضـيـة المــــخــــدرات، ولا يـشـمـل فقط الروابط مع إيـران، بل روابط قوية مع الصين وودائــــــع جـمـة مـــن الـنــفـط والمــــعــــادن الـثـمـيـنـة. ويــضــيــف: «إذن مـــا يـــجـــري هـــو لــيــس رســالــة لإيران فحسب، بل للصين أيضاً». ويشدد لورانس على عمق العلاقات بين فنزويلا والنظام الإيراني الذي يبيع الأسلحة إلــى مــــادورو ويــوفّــر لـه المـسـيـرات والـتـدريـب، عـــلـــى حـــــد قـــــولـــــه. كـــمـــا يـــتـــحـــدث عـــــن وجـــــود وكــــاء إيـــــران الإقــلــيــمــيــن، مــثــل «حــــزب الــلــه» في فنزويلا، مشيرا إلـى أن بعض عملياتهم تــنــطــلــق مــــن أمـــيـــركـــا الـــاتـــيـــنـــيـــة. ويــضــيــف: «إنها مسألة أمن قومي، من الصين وروسيا إلــــى إيــــــران و(حــــــزب الــــلــــه). وبـــعـــد الــضــربــات الإسـرائـيـلـيـة الـنـاجـحـة ضــد (حــــزب الــلــه) في لبنان، فقد تعي عليه الانتقال إلى الحضور بشكل أكبر في أميركا اللاتينية». (رويترز) 2025 ديسمبر 1 الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو يخاطب أنصاره في واشنطن: رنا أبتر زادت تصريحات روبيو حول تحوّل فنزويلا إلى موطئ قدم لـ«الحرس الثوري» من حجم التساؤلات حول دوافع التصعيد كالاس: الولايات المتحدة ما زالت «أكبر حليف» للاتحاد الأوروبي رأت مسؤولة السياسة الخارجية فــــي الاتـــــحـــــاد الأوروبــــــــــي كـــايـــا كـــــالاس، الــســبــت، أن الـــولايـــات المــتــحــدة مــا زالــت الــحــلــيــف الأكـــبـــر لأوروبــــــــا، وذلـــــك غـــداة نـــشـــر واشــــنــــطــــن اســـتـــراتـــيـــجـــيـــة الأمـــــن الـــــقـــــومـــــي الأمـــــيـــــركـــــي الـــــجـــــديـــــدة الـــتـــي انـتـقـدت المــؤســســات الأوروبـــيـــة. وقـالـت كــــــالاس فــــي مـــنـــتـــدى الــــدوحــــة ردا عـلـى ســـــــؤال حــــــول الاســـتـــراتـــيـــجـــيـــة الأمـــنـــيـــة الأميركية الجديدة: «طبعا هناك كثير مـن الانــتــقــادات، لكن أعتقد أن بعضها صحيح»، مضيفة أن «الولايات المتحدة ما زالـت حليفنا الأكـبـر... لا نتفق دوما عـلـى مـسـائـل مختلفة، لـكـن المـنـطـق هو عينه. ونحن أكبر الحلفاء، وينبغي أن نـبـقـى مــتــحــديــن». يــأتــي ذلـــك بـعـد نشر إدارة الرئيس الأميركي دونـالـد ترمب، الــجــمــعــة، اســتــراتــيــجــيــة جـــديـــدة لـأمـن القومي تقوم على شعار «أميركا أولاً». وانتقدت الاستراتيجية بشدّة الحلفاء الأوروبـيـن، وأشــارت إلـى تراجع حصة أوروبــا في الاقتصاد العالمي، وهـو أمر نـاجـم إلــى حـد كبير عـن صـعـود الصين وغيرها من القوى. وتـــقـــول إن «الـــتـــراجـــع الاقــتــصــادي يــطــغــى عــلــيــه احـــتـــمـــال حــقــيــقــي وأكـــثـــر وضـــوحـــا يـتـمـثـل بـالمـحـو الـــحـــضـــاري... إذا اسـتـمـرت الاتــجــاهــات الـحـالـيـة، فلن يعود من الممكن التعرّف على القارة في عاما أو أقل». 20 غضون وفـــــي وقـــــت يــســعــى تـــرمـــب لــوضــع حد للحرب في أوكرانيا بموجب خطة تمنح روسيا مزيدا من الأراضــي، تتّهم الاسـتـراتـيـجـيـة الأوروبـــيـــن بالضعف، وتؤكد أن على الولايات المتحدة التركيز على «محو الانطباع بأن (الناتو) حلف يـــتـــمـــدّد بـــا انـــقـــطـــاع، والــحــيــلــولــة دون تجسُّد ذلك على أرض الواقع». وفي لغة غير مألوفة عند مخاطبة حــلــفــاء مـــقـــرّبـــن، تـشـيـر الاسـتـراتـيـجـيـة إلـــى أن الإدارة الأمـيـركـيـة ستعمل على «تـنـمـيـة المــقــاومــة لمـسـار أوروبـــــا الـراهـن داخل البلدان الأوروبية نفسها». وجاء الـــرد الألمـــانـــي سـريـعـا؛ إذ شـــددت برلين على أنها ليست بحاجة إلى من يعطيها «نصائح من الخارج». ومنذ عودته إلى السلطة في يناير (كانون الثاني)، أمر ترمب بالحد بشكل كبير من الهجرة بعد مسيرة سياسية بُــنـيـت عـلـى إثـــــارة المـــخـــاوف مـــن تـراجـع نـــفـــوذ ومـــكـــانـــة «الأغـــلـــبـــيـــة الـــبـــيـــضـــاء». وتـــتـــحـــدّث الاســتــراتــيــجــيــة صـــراحـــة عن تـــعـــزيـــز هــيــمــنــة الـــــولايـــــات المـــتـــحـــدة فـي أميركا اللاتينية، حيث تستهدف إدارة تـرمـب مـهـرّبـي مـــخـــدرات مـفـتـرضـن في البحر، وتتدخل ضد قادة يساريين. لندن: «الشرق الأوسط» كيف يعيد ترمب تشكيل ركائز الأمن القومي الأميركي؟ «أنت مطرود». جملة تعوّدنا سماعها من الرئيس دونالد ترمب عندما كان يُقدّم ». يتعامل الرئيس The Apprentice« برنامج ترمب بصراحة مطلقة وعلنية مع الحلفاء، كـــمـــا الأعــــــــــــداء. لـــــم يـــعـــد هــــنــــاك مـــســـتـــويـــات بـــيـــروقـــراطـــيـــة لــصــنــاعــة وإعـــــــداد الـسـيـاسـة الخارجيّة الأميركيّة. كل شيء يأتي ويُعلن من البيت الأبيض مباشرة، أو عبر منصّة الرئيس ترمب «تـــروث سـوشـيـال». تُمارس الـــســـيـــاســـة الــــخــــارجــــيّــــة عـــبـــر رجـــــــال أعـــمـــال مقربين من الرئيس. وقياس النجاح في هذه المقاربة متعلق مباشرة بقيمة الاستثمارات لمرحلة ما بعد وقف الحرب. كـــانـــت مــــؤشــــرات هــــذه الاســتــراتــيــجــيّــة علنية وظاهرة من خلال سلوك وتصريحات كل من الرئيس ترمب ونائبه جي دي فانس. وإذا جُـــمـــعـــت هـــــذه المـــــؤشـــــرات، فـــقـــد يـمـكـن اسـتـنـتـاج سـيـاسـة جــديــدة مختلفة جـذريـا عن الإدارات السابقة. لكن الفارق اليوم مع استراتيجية الأمن القومي الجديدة، هو في النظرة الشاملة للولايات المتحدة الأميركية تجاه الأعداء والمنافسين كما الحلفاء. وبـــــنـــــاء عــــلــــى الــــوثــــيــــقــــة الــــتــــي نـــشـــرت الـجـمـعـة، ســـوف تــبــدأ الــــــوزارات والـــوكـــالات الأميركية التخطيط كل فيما خصّه، بهدف تــنــفــيــذ هـــــذه الاســـتـــراتـــيـــجـــيّـــة، وخــصــوصــا الـــبـــنـــتـــاغـــون. إنـــهـــا «مـــانـــيـــفـــســـتـــو» يــضــرب بالكامل ما كان قائماً، ليرسي واقعا جديدا لم يتخيّله أحد. إنه تحول جذري في العقيدة الاستراتيجية الأميركيّة، يستلزم تحوّلات كـبـرى على صعيد الثقافة الاستراتيجية، كـمـا عـلـى صعيد المــؤســســات والأشــخــاص. يـقـول أحـــد الـخـبـراء إن هـــذه الاستراتيجية تعكس قـنـاعـات الـرئـيـس تـرمـب، وتتجاهل الــــحــــزب الــــديــــمــــقــــراطــــي. وإنــــهــــا انـــطـــوائـــيّـــة تــــركّــــز عـــلـــى الـــــداخـــــل الأمــــيــــركــــي وحــمــايــتــه عـبـر مــشــروع الـقـبّــة الـذهـبـيّــة. ويــقــول عنها البعض الآخـر، إنها لن تـؤدّي إلى انسحاب الـولايـات المتحدة الأميركيّة مـن العالم، بل هـي استراتيجيّة تعتمد مـبـدأ الإكــــراه عبر التهديد بالقوة العسكرية، بهدف تحقيق مكاسب اقـتـصـاديّــة. وفــي مـقـاربـة كـهـذه، لا خطوط حمراء لا يمكن تجاوزها. كل شيء ممكن ومسموح، كالتخلّي عن الحلفاء إذا كانت الصفقة مُربحة. تعديلات ترمب على عقيدة مونرو تــــركّــــز الاســـتـــراتـــيـــجـــيّـــة عـــلـــى المــحــيــط المـــبـــاشـــر، ضــمــن تــرتــيــب جــديــد لــأولــويــات الـجـيـوسـيـاسـيّــة. فــي المــركــز الأول، الــداخــل الأمـيـركـي كما المحيط المـبـاشـر. تـأتـي آسيا فـي المـركـز الـثـانـي، والمــركــز الـثـالـث يتأرجح بين الشرق الأوسط وأوروبا. فهل عدنا إلى عقيدة الرئيس الأميركي جيمس مونرو عام ؟ لكن مع تعديلات ترمب؟ 1823 إذا كــــان الأمـــــر كـــذلـــك، ولـتـطـبـيـق هــذه الاستراتيجيّة والأولــويــات، وبـهـدف تأمين الوسائل العسكريّة، لا بد للرئيس ترمب من إعادة تموضع القوات الأميركية في العالم، كـــمـــا تـــعـــديـــل خــــرائــــط المـــنـــاطـــق الــعــســكــريــة . ولأن أوروبا 11 للقوات الأميركيّة، وعددها لــم تـعـد أولـــويّـــة لـلـرئـيـس تــرمــب، فــمــاذا عن الــقــوات الأمـيـركـيـة المنتشرة فـي أوروبــــا من ضـــمـــن حـــلـــف شــــمــــال الأطـــلـــســـي (الــــنــــاتــــو)، ألف؟ هل 100 والتي يصل عددها إلى نحو سيتم تخفيضها؟ أم تبقى مع إلزام أوروبا بتحمّل التكلفة المالية؟ أم هل سيتم سحبها بالكامل وتعريض حلف «الناتو» للانحلال؟ ومـــاذا عـن المظلّة النووية الأميركية لحلف «الــــنــــاتــــو»؟ وهــــل ســيــلــتــزم الـــرئـــيـــس تـرمـب بالبند الـخـامـس للحلف، هــو الـــذي قـــال إن هناك الكثير من التفسيرات لهذا البند؟ وإذا اعــتــبــر الـــرئـــيـــس تـــرمـــب فـــي هــذه الاستراتيجيّة أن أوروبا ضعيفة، متراجعة وتـــعـــانـــي مــــن تـــآكـــل حـــــضـــــاريّ، وإذا كــانــت الاستراتيجيّة لا تذكر حتى ولو مرّة واحدة أن روسيا تشكل خطرا على الأمـن القوميّ، فـلـمـاذا سيبقى حـلـف «الــنــاتــو»؟ وضـــد من ســتــكــون المــظــلّــة الـــنـــوويـــة الأمـــيـــركـــيّـــة؟ فهل سنشهد قريبا وعبر تقرير إعــادة تموضع الـــقـــوات الأمــيــركــيّــة فـــي الـــعـــالـــم، الانــســحــاب الأميركي الكامل من القارة العجوز؟ هذا في أوروبا، أما الصين فهي مرحلة جــــديــــدة وهـــــي الــــتــــحــــدّي الأكــــبــــر لـــلـــولايـــات المـــتـــحـــدة الأمـــيـــركـــيّـــة وفــــي كـــل الأبــــعــــاد. ألــم تــصــل الـــرســـالـــة الـصـيـنـيـة لـلـبـيـت الأبــيــض خلال العرض العسكري الصيني الهائل في سبتمبر (أيلول) الماضي؟ في الشق الأمني - العسكري، لم تذكر الوثيقة الصين مباشرة. لكنها شدّدت على الحفاظ على خط الجزر الأول حـول الصين )، كــــون الـــصـــن بـــدأت First Chain Island( تحضر بحريتها الزرقاء لتجاوز هذا الخط. كـــذلـــك الأمــــــر، ودون ذكــــر الـــصـــن، انــتــقــدت الوثيقة بعض الــدول التي تحاول التوسع في بحر الصين الجنوبيّ. وشدّدت الوثيقة عـلـى ضــــرورة اسـتـعـداد الــــدول الحليفة في تلك المنطقة على التعاون، والاستثمار في القدرات العسكرية لإبقاء الخطوط البحرية الـتـجـاريـة مـفـتـوحـة وآمـــنـــة. وأخـــيـــرا وليس آخــــــراً، تـــشـــدد الــوثــيــقــة عــلــى الـــحـــفـــاظ على موازين القوى في تلك المنطقة، بهدف إبقاء إمكانيّة الدفاع عن تايوان قائمة. قواعد جديدة إنها استراتيجيّة بوقع حدث «البجعة الـــــســـــوداء». فــهــو حــــدث يـــضـــرب كـــل مـــا كــان قـائـمـا، لـيُــرسـي ديناميكيّة جــديــدة، قـواعـد جـــديـــدة، بــاتــجــاه تـشـكـيـل نــظــام مستقبلي لـــم يـحـصـل بــعــد. وفـــي المــرحــلــة الانـتـقـالـيـة، تــــدب الــفــوضــى، وتـسـتـعـر الـــحـــروب، وتـطـل الــــصــــراعــــات الـــقـــديـــمـــة بـــرأســـهـــا. ويــــبــــدأ كـل مــــن يـــقـــدر مــــن الـــاعـــبـــن اســـتـــغـــال الـــفـــرص الجيوسياسيّة لفرض أمر واقع في محيطه المباشر. فماذا عن التحوّلات في الاستراتيجيّات الأمـيـركـيـة الــكــبــرى؟ خـــال الــحــرب الــبــاردة، كانت أوروبا المسرح الأساسي ضد الاتحاد السوفياتي. يليها المسرح الآسيوي، وبعده منطقة الــشــرق الأوســــط الـتـي كـانـت تُسمّى ). فهي Shatterbelt( » بــــ«الـــحـــزام المُـــتـــصـــدّع مـنـطـقـة مُـــجـــزأة سـيـاسـيـا، وغــيــر مـسـتـقـرّة، وتشكل مسرح صــراع بـن الـقـوى العظمى. بـعـد ســقــوط الاتـــحـــاد الــســوفــيــاتــي، تــبــوّأت أميركا مركز الصدارة العالمية، بحيث سُمي النظام العالمي آنـــذاك بــ«الـنـظـام الآحـــادي». في هذه المرحلة، تحوّل مركز الثقل العالمي إلــــى واشـــنـــطـــن، الأمــــر الــــذي حــــدا بـالـرئـيـس بوش الأب إلى إعلان قيام نظام عالمي جديد. ســبــتــمــبــر، احـــتـــل الـــشـــرق 11 وبـــعـــد كــــارثــــة الأوســـــــــط، مــــن ضـــمـــن الــــحــــرب الاســتــبــاقــيــة والحرب العالمية على الإرهــاب، المركز الأول فـي الاهـتـمـامـات الجيوسياسيّة الأميركيّة وفي كل استراتيجيات الأمن القومي آنذاك. وتراجعت حينها أوروبا إلى المركز الثاني. ، كتبت وزيرة الخارجيّة 2011 وفي عام الأمـــيـــركـــيّـــة مـــقـــالا نُـــشـــر فـــي مـجـلـة «فـــوريـــن The( » بـــولـــيـــســـي» تـــحـــت عــــنــــوان «المـــــحـــــور )، أو القرن الأميركي في الهادئ، وذلك Pivot إعلانا بانتقال اهتمام الولايات المتحدة إلى شـــرق آســيــا. وعــلــيـه، احـتـلـت الــصــن المـركـز الأول. بـــعـــد الــــحــــرب عـــلـــى أوكـــــرانـــــيـــــا، عــــادت أوروبـــا إلـى المركز الأولّ. فتوسّع «الناتو»، وعادت أميركا مع الرئيس جو بايدن بكامل ثقلها لدعم أوكرانيا والحلف الأطلسي. في تـلـك المــرحــلــة، احــتــل الــشــرق الأوســــط المـركـز أكتوبر (تشرين الأول). 7 الثاني بعد كارثة أمــا الـصـن، فهي كانت حــرّة تقريبا بسبب الانشغال الأميركي في أماكن أخرى. المحلل العسكري كايا كالاس تتحدّث في منتدى الدوحة أمس (أ.ف.ب)

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky