issue17175

خــــال لــقــاء جــــرى الـــثـــاثـــاء المـــاضـــي فـــي الــبــيــت الأبــيــض، تحدث وزيــر الحرب الأميركي بيت هيغسيث بلهجة لا تخلو من الفوقية الإمبريالية، في حضور الرئيس ترمب، مشيرا إلى أن الجيش الأميركي «بدأ توا في إغـراق إرهابيي المخدرات في قاع المحيط». هـل خـالـف هيغسيث دلـيـل قـانـون الـحـرب الـتـابـع لـــوزارة الــدفــاع الأمـيـركـيـة؟ لــدى الكثيرين فـي الــداخــل الأمـيـركـي، جاء إطـــاق الــنــار عـلـى الـنـاجـن مــن غـــرق الـسـفـن فــي الـكـاريـبـي، في الــثــانــي مـــن سـبـتـمـبـر (أيــــلــــول) المـــاضـــي، كــمــثــال عــلــى أمــــر غير قانوني يتعين على أفراد الخدمة العسكرية رفضه. يـنـص الـدلـيـل عـلـى أن «أولـــئـــك الــذيــن أصـبـحـوا عـاجـزيـن بسبب الجروح أو المرض أو غرق السفينة هم في حالة عاجزة، وســـيـــكـــون مــــن غـــيـــر المــــشــــرّف وغـــيـــر الإنـــســـانـــي جــعــلــهــم هــدفــا للهجوم». وهل تحول هيغسيث الإعلامي، وليس الجنرال، إلى عبء على ترمب؟ رفض فرانك كيندال وزير القوات الجوية السابق في إدارة بايدن، تبريرات الأدميرال فرانك برادلي الذي استهدف في ضربة ثانية بعض الناجين من قارب متهم بتهريب المخدرات. كيندال رفض مبررات برادلي، مشددا على أنه في الظروف العادية كـان سيحال إلـى محاكمة عسكرية، بعد أن يُعفى من منصبه. وهل تعيش الولايات المتحدة اليوم أوقاتا غير اعتيادية؟ من الواضح أن إدارة الرئيس ترمب تلجأ إلى صيغة ملتوية من المنطق والتبرير لما تفعله، وهو ما يخالف كل التاريخ القانوني والسوابق للقوات المسلحة الأميركية. تبدو الـيـوم واشنطن فـي حالة فتنة عميقة بعد «ضـربـة هيغسيث المــزدوجــة»، والـتـي وصفها العديد مـن الــقــادة الحكوميين والعسكريين السابقين بأنها انتهاك للسمعة العسكرية الأميركية؛ تلك التي جابهت ذات مرة الفاشية والنازية. يخطر لنا أن نتساءل: هل المشهد يتطور يوما تلو الآخر ليصبح أزمـة اختبار لـ«هيراركية» تسلسل القيادة الأميركية المعروفة بانضباطها الفائق الوصف؟ تبدو الفتنة قائمة وقادمة، لا سيما إذا انسحب الأمر عما قريب إلـى الرئيس ترمب نفسه، الأمــر الــذي يفتح الباب لأشد ما تخشاه واشنطن، وقد كثر الهمس به من وراء الجدران؛ أي فكرة الانقلاب العسكري ولو بشكل صامت. وهناك في مشهد دلائــل على إمكانية 2020 ) الـسـادس مـن يناير (كـانـون الثاني حدوثه، حين تواصل رئيس الأركان وقتها الجنرال مارك ميلي مرتين بنظيره الصيني، الجنرال لي تشو تشنغ، في محاولة لتهدئة مخاوفه من حدوث انفلات نووي في الداخل الأميركي، بـعـدمـا بـــدا أن هــنــاك مـــن يـــحـــاول الـسـيـطـرة عـلـى الـكـونـغـرس، وتغيير نتيجة انتخابات الرئاسة بالقوة. لاحـــقـــا، اعـتـبـر تــرمــب أن مـــا قـــام بـــه مـيـلـي يـعـد نــوعــا من الخيانة يستوجب المحاكمة والإعـــــدام؛ ولـهـذا ســـارع الرئيس السابق بايدن إلى تحصين ميلي قبل أن يغادر موقعه الرئاسي، خوفا من انتقام ترمب. يـــكـــاد الـــحـــاضـــر يــشــبــه المـــاضـــي بـــصـــورة أو بـــأخـــرى، وبــخــاصــة فـــي ظـــل أزمــــة فــنــزويــا المــتــصــاعــدة؛ إذ الــقــوات المـسـلـحـة الأمـيـركـيـة عـلـى أهــبــة الاســتــعــداد لـعـمـل كـبـيـر قد يتجاوز كاراكاس إلى عواصم أخرى في جوارها، لا سيما في كولومبيا وكوبا، وغيرهما. هـــنـــا تـــطـــفـــو عـــلـــى الـــســـطـــح فـــرضـــيـــة مـــخـــيـــفـــة مـــوصـــولـــة بمجريات المشهد العسكري: ماذا لو أطلق سيد البيت الأبيض شرارة الاجتياح العسكري الواسع لفنزويلا؟ المـــؤكـــد أن الـضـحـايـا مـــن المــدنــيــن ســيــتــجــاوزون الآلاف، مــا يـمـكـن أن يعتبر جــرائــم حـــرب وإبـــــادة مـتـعـمـدة، سـتـعـرّض أصـحـابـهـا عـنـد لـحـظـة زمـنـيـة بعينها إلـــى مـحـاكـمـات دولـيـة مشابهة لما جرى في محاكمات نورمبرغ. في هـذا الـصـدد، حـدث تطور مثير يعبر عن تزايد القلق بين أفـراد الخدمة العسكرية، الذين قد يُطلب منهم تنفيذ أمر غير قانوني؛ فقد بـدأت «منظمة مشروع الأوامـــر»، وهي هيئة مستقلة تقدم المشورة القانونية المجانية للعسكريين، في تلقي مـكـالمـات مـتـزايـدة بـوتـيـرة عالية مـن ضـبـاط الأركــــان المشتركة المـسـاهـمـن فــي التخطيط لـلـضـربـات والأعـــمـــال العسكرية في الكاريبي. جــــاءت هـــذه الـــتـــطـــورات عـلـى الـــرغـــم مـــن أن هــنــاك مـذكـرة صـادرة عن وزارة العدل الأميركية هذا الصيف، أشـارت بشكل استباقي إلــى أن الـقـوات الأميركية المـشـاركـة فـي الـضـربـات لن تتعرض للخطر القانوني. يعني ذلك باختصار تفاقم حالة عدم اليقين التي يعيشها أفراد الخدمة العسكرية بشأن ما يمكن أن يُطلب منهم في الأيام القليلة المقبلة. فـتـنـة «الـــضـــربـــة المــــزدوجــــة» تـتـفـاقـم بــعــد أن دخــــل تـرمـب سجالا حـادا مع ستة نـواب ديمقراطيين في الكونغرس بشأن فيديو نُشر الشهر الماضي يُذكّر أفراد الخدمة بإمكانية تحدي الأوامــر العسكرية غير القانونية، في حين دعا ترمب لاعتقال هــؤلاء الـنـواب، وجميعهم من ذوي الخلفية العسكرية، أو من رجـالات الأمـن القومي السابقين. هل أميركا واقعة بين مطرقة ثيوثيديدس وسندان فخ سالوست؟ تمنحنا نهاية كـل عــام فـرصـة لمـراجـعـة مـا وصلنا إليه وإلــــى أيـــن نـــرى عـالمـنـا مـتـجـهـا. لـقـد اعـــتـــدت أن أسـتـغـل هـذه الـلـحـظـات فــي الــتــأمــل، مـــحـــاولا مــراقــبــة الــصــعــود والــهــبــوط، والتغيّرات الجوهرية، وأهمية العام في ختامه. بالنظر إلى مــا فــكــرت فـيـه وكـتـبـت عـنـه هـــذا الــعــام، المــوضــوعــات المـتـكـررة كانت الفوضى والارتباك، حاجتنا إلى التعاطف والتسوية، وبالطبع الذكاء الاصطناعي. هناك شعور اليوم بأن البشرية تقف عند مفترق طرق، تواجه خيارا بين التعاطف واللامبالاة، بين الحقيقي والمصطنع، بين التعامل مع الفوضى والعمل معا من أجل السلام والاستقرار. ربما أكـون قد كشفت حكمي مسبقاً. ومـن الممكن أيضا أن يكون عمري واضحاً. على مـدار حياتي الطويلة، شهدت اتجاهات رئيسية وتحولات كبيرة تحدث داخل مجتمعاتنا، وكذلك داخـل المجتمع الدولي. لقد حققنا، مجتمعين، تقدما هائلا في جودة الحياة وفي الحد من الفقر ووفيات الأطفال خــــال الـــقـــرن المـــاضـــي. وفــــي الـــوقـــت نــفــســه، تــاشــت المــراســي والــــروابــــط الــعــائــلــيــة، والــقــيــم الــديــنــيــة، والـــشـــعـــور بـالـتـوجـه المـشـتـرك لـلـبـشـريـة. وعـلـى الــرغــم مــن ارتـبـاطـنـا الــدائــم ببقية العالم، فإننا أكثر عزلة من أي وقت مضى. ومن الاتجاهات الأخرى التي شهدتُها، تجدد الشوق إلى السلطة. فالنخب التي كانت متربعة على قمم السلطة لم يعد يتم تجديد عقود سلطتها بالسهولة ذاتها؛ بل أصبح عليها أن تـقـاتـل مــن أجـــل الـسـلـطـة. ونـتـيـجـة لــذلــك، أصــبــح الــصــراع على السلطة في كل مجال أكثر وضـوحـا، مدعوما بنظرتنا للحياة والـعـالـم بوصفه مـجـالا خاضعا لسيادتنا. فعندما تشيخ حيواناتنا الأليفة، نذهب إلى الطبيب البيطري لإنهاء حياتها. ونجبر آبــاءنــا على توقيع إقـــرار «لإيــقــاف الـعـاج» في حـال مرضوا وعجزوا عن التواصل. وفـي أفريقيا، يـوزّع الـغـربـيـون الـحـيـوانـات الــذكــور عـلـى حــدائــق الـسـفـاري لخلق نسخة مصوّرة من «البرية»، مع زُمَر من الأسود تحمل أسماء مــثــل جــــورج ودوروثـــــــي لـيُــعـجـب بــهــا الأثــــريــــاء. نـزعـتـنـا هي السيطرة، وممارسة قوتنا. إذا لــم تـكـن الطبيعة أو مـــواردنـــا الـذاتـيـة كـافـيـة لمنحنا هـذه السيطرة على العالم، فإننا نبحث عن أساليب جديدة لـلـسـيـطـرة. فـعـنـدمـا نـفـرغ الـبـحـر مــن أســمــاكــه، ننشئ مـــزارع سمكية ضـخـمـة. وعـنـدمـا تـنـفـد مــصــادر الـطـاقـة الـرخـيـصـة، نحفر بحثا عــن مـزيـد مــن الــغــاز الطبيعي. وعـنـدمـا نخشى أنـنـا فـقـدنـا مـيـزة جـسـديـة أو ذهـنـيـة عـلـى خـصـومـنـا، نطور الذكاء الاصطناعي لصنع أسلحة متطورة وآلات قاتلة. هذه هي الغطرسة القصوى للجنس البشري، غطرسة التعطش الـدائـم للقوة. وقـد أفصح بعض كبار رؤســـاء التقنية وكبار المـسـؤولـن عـن سعيهم إلــى الخلود الفعلي. ففي كـل مجال، نسعى للسيطرة على ساعة الحياة والمـــوت، التي كانت في يوم من الأيام حكرا على خالقنا. والمـــفـــارقـــة، أنـــه بينما يــــزداد اخــتــيــار المـتـنـفـذيـن لوضع آمالهم وثقتهم في الذكاء الاصطناعي، تزداد احتمالية أن هذا الذكاء «الاصطناعي» ذاته سيسلب السلطة منهم ومنا يوما مـا. قبل عشر سـنـوات، أخبرنا خـبـراء التقنية أننا سنسافر جميعا بأمان وكفاءة في سيارات ذاتية القيادة اليوم، ولكن في الغالب، نسمع فقط أنها تسببت في قتل شخص ما عن طــريــق الــخــطــأ. الـــطـــائـــرات المــســيّــرة والـــروبـــوتـــات والأسـلـحـة المـــعـــتـــمـــدة عـــلـــى الــــذكــــاء الاصـــطـــنـــاعـــي يـفـصـلـهـا خـــلـــل تـقـنـي واحـــد فـقـط عــن تـوجـيـه أسلحتها نـحـونـا. ومـــع ذلـــك، تسمح الـقـوانـن للنخب بممارسة أقـصـى قــدر مـن السلطة مـن دون أدنــى مـسـاءلـة. ولا توجد طريقة أفضل لتوضيح الغطرسة والنخبوية التي نعيشها اليوم. لقد تـطـورت غطرستنا أيـضـا إلــى نقص فـي التعاطف، مما يؤثر ليس فقط على الأقوياء ولكن على البقية منا أيضاً. فعلى الـرغـم مـن تـوفـر الاتــصــالات والمـعـلـومـات الـفـوريـة، فإن الـحـروب المستعرة حــول العالم وعـشـرات الآلاف مـن الأبـريـاء الذين يُقتلون بوحشية، بالكاد تظهر على راداراتنا اليومية أو العاطفية. فالحرب المـدمـرة فـي غــزة لـم يكن العالم ليقبل استمرارها لأي مـدة قبل بضعة عقود فقط. ولمـن يظنون أن تعاطفا صادقا قد أُبدي بالفعل تجاه أطفال غزة، أود أن ألفت الانتباه إلـى حقيقة مفادها أن رأي أحـد لم يتغير بما يكفي لإنهاء الحرب، وأن حربا أهلية لا تزال مستعرة في السودان . وحتى في 2023 حتى اليوم، وتقتل عشرات الآلاف منذ عام الحروب التي يشارك فيها الغرب، أصبحنا بعيدين للغاية عن الدماء المتدفقة من الأجساد، لدرجة أننا نستطيع وضع هذه الحقيقة المزعجة جانباً، حتى رغم وجود الصور. الـيـوم فـقـط، حـــذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل مـاكـرون في بكين من «تفكّك النظام الدولي». ومع ذلك، هذا هو النظام الجديد الذي نعيش فيه الآن، إدراك قاتم نختتم به عامنا. إنه نظام من الفوضى والارتباك، بلا تعريف أو نتيجة منشودة. وليس من قبيل المصادفة أن يحدث هـذا في وقـت فقدنا فيه قيمنا الــروحــيــة ومــرتــكــزاتــنــا، وروابــطــنــا الـعـائـلـيـة المـمـتـدة، وإحساسنا بالانتماء إلى قضية أسمى. نحن أحرار في تبرير الـــصـــواب والـخـطـأ بـمـا يـزيـد مــن قـوتـنـا وسـيـطـرتـنـا. تُــوضـع المشاعر والتعاطف جانبا عندما تعترض طريقنا؛ ولم نعد قادرين على وصف الألم أو الحب ببلاغة ومعنى. وبمعنى ما، نحن نصبح أكثر شبها بالروبوتات التي نصنعها. ومـــع فـقـدانـنـا لأشـــكـــال الـتـوجـيـه الــراســخــة عـبـر الــزمــن، فقدنا أيضا كل القيود التي كانت تمنع سعينا إلى السلطة والمـكـاسـب لأنفسنا، أو حتى اتباعنا لشعبويين مشبوهين يـعـدونـنـا بــهــا. لـقـد سـبـقـنـا الـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي مـنـذ لحظة عجزنا عـن تعريف مـا هـو حقا أو مـا يمكن أن يـكـون. الذكاء الاصطناعي هو تسمية خاطئة نوعا ما، لأنه حقيقي. آمـــل مــع نـهـايـة هـــذا الــعــام وبــدايــة عـــام جــديــد، أن نأخذ جـمـيـعـا بــعــض الـــوقـــت لـلـتـفـكـيـر فـــي أيــــن نــحــن فـــي حـيـاتـنـا الــيــوم؟، وإلــى أيــن يتجه عـالمـنـا؟. إن الصلصال الــذي خُلقنا منه بوصفنا بشرا لا يحتوي على أي مكونات اصطناعية؛ بل ينبغي أن يؤسسنا على القيم الراسخة والعناية بأرضنا وكـل فـرد من ساكنيها. وكما قـال ذات مـرة المهاتما غاندي: «فــــي الـــيـــوم الـــــذي تـتـغـلـب فــيــه قــــوة الـــحـــب عــلــى حـــب الـــقـــوة، سيعرف العالم السلام». كانت بوينوس آيـرس «باريس أميركا اللاتينية» بلا منازع عشية الحرب العالمية الأولـى، يتمتع سكانها برخاء لم يتوفر في معظم المدن الكبرى في العالم في ذلك الوقت. في النصف الأول من القرن العشرين، كانت الأرجنتين في مصاف الدول الغنية، نصيب الفرد فيها من السيارات يضاهي ألمانيا أو فرنسا. بدأ الانهيار السياسي والاقتصادي بعد الحرب العالمية الثانية ولم يتوقف كليا حتى الآن. تـقـرأ فـي الـتـاريـخ فتتنبه أيـضـا إلــى أن عـقـودا قليلة فصلت بـن استقلال الـولايـات المــتــحــدة عـــن بــريــطــانــيــا وانـــتـــهـــاء الاحـــتـــال الإســبــانــي لـجـارتـهـا المـكـسـيـك. الــيــوم تقطع الـحـدود بين البلدين في دقائق لكن يمكنك قياس الفرق في مستوى المعيشة بالسنوات الضوئية. تكتشف أن انهيار الدول، أو «فشل الأمـــم» بحسب داريـــن أسيموغلو وجايمس روبــنــســون، قــد يـسـتـغـرق عــقــودا طـويـلـة، أو قرونا في بعض الأحيان. مرحبا بك في لبنان. متى بدأ الانحدار هنا؟ ومتى ينتهي؟ قـد نختلف حـول تـاريـخ البداية لكن لا نـهـايـة تـلـوح فــي الأفــــق. أنـتـمـي إلـــى معسكر يرى أن النظام السياسي والاقتصادي الذي حـكـم لـبـنـان مـنـذ ولادتــــه حـمـل بـــذور الفشل الــذي نعيشه اليوم بتكريسه لمصالح طبقة ضـــيـــقـــة «أطــــبــــقــــت» عـــلـــى مـــصـــالـــح الـــشـــعـــب. تـسـتـر حــمــاة هـــذا الــنــظــام وراء ديـمـقـراطـيـة زائفة وشعارات أكثر زيفا مثل أن قوة لبنان فـــي ضــعــفــه. اســـتـــعـــان أركــــانــــه بــالــوصــايــات الأجنبية الـواحـدة تلو الأخــرى في حروبهم الداخلية ثـم ادعـــوا أن لبنان أضحى ساحة لحرب الآخرين. اليوم يرى شركاء لبنان وحلفاؤه الأمر على حقيقته. مــــــع مــــطــــلــــع الــــــعــــــام الــــــحــــــالــــــي، ســـألـــت دبـلـومـاسـيـا عـربـيـا كـبـيـرا عـــن تـقـيـيـم بـــاده لـــلـــوضـــع فــــي لـــبـــنـــان بـــعـــد انـــتـــخـــاب الــعــمــاد جوزيف عون رئيسا للجمهورية والقاضي نوّاف سلام رئيسا للحكومة، فقال إن فرص الــنــجــاح «أكـــثـــر تـعـقـيـدا بـكـثـيـر» مـــن سـوريـا الــــخــــارجــــة لـــلـــتـــو مـــــن حــــــرب أهـــلـــيـــة قــطّــعــت أوصالها ودمــرت اقتصادها. لا يشكك أحد فـي نـيـات العهد الجديد وإخـــاص مـن فيه: تــــرك ســــام رئـــاســـة مـحـكـمـة الـــعـــدل الــدولــيــة ليترأس الحكومة، وتخلى رجــل مثل عامر بــســاط عــن مـنـصـب مــرمــوق فــي أكــبــر شركة لإدارة الأصـــــول المــالــيــة فـــي الــعــالــم لـيـتـولـى حقيبة الاقتصاد. غـــيـــر أن هـــــذا الـــعـــهـــد الـــجـــديـــد ولـــــد مـن رحـم النظام القديم. في هـذا السياق، تحدد الطائفة المذهبية التي ينتمي إليها بساط مــثــا حــــدود نـــفـــوذه الـتـنـفـيـذي والـسـيـاسـي قـــبـــل كـــفـــاءتـــه وعــــاقــــاتــــه الــــدولــــيــــة. كـــمـــا أن مـسـؤولـيـه لـــم يــســاعــدوا أنـفـسـهـم، فـأطـلـقـوا شعارات وردية وعدت بعودة سيادة الدولة وســيــطــرتــهــا عـــلـــى الــــســــاح وإعــــــــادة أمـــــوال المـــودعـــن، مــن دون مـصـارحـة الــنــاس بمدى صــعــوبــة تـحـقـيـق هــــذه الأهـــــــداف أو الــوقــت المطلوب لذلك، أو «استحالة» عودة الودائع بقيمتها الحقيقة. والنتيجة أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع فــــي الـــبـــيـــت الأبــــيــــض، وتــــــرك لـــبـــنـــان يـعـانـي الأمـــــرّيـــــن مــــع مـــوظـــفـــي الإدارة الأمـــيـــركـــيـــة. حـــل الــشــرع أيــضــا ضـيـفـا عـلـى كريستالينا غـورغـيـيـفـا مـــديـــرة صـــنـــدوق الــنــقــد الـــدولـــي في واشنطن، في حين يبدو أن إقـرار قانون «الفجوة التمويلية» من قبل مجلس النواب اللبناني الذي سيمهد لقرض من الصندوق ومزيد من المساعدات سينتظر إلـى ما بعد انتخابات العام المقبل، وكأننا نمتلك ترف الانتظار. إعـــــادة الاســـتـــقـــرار الــســيــاســي والأمــنــي والاقـــتـــصـــادي لـــســـوريـــا تـبـقـى هـــدفـــا صعب التحقيق، لكن الزخم العربي والدولي لدعم الإدارة الجديدة واضح كالشمس. في المقابل، لم تعد الوعود أو الأعــذار في لبنان تنطلي على أحد، حتى وإن كانت نابعة من تحديات حقيقية، مثل أن القصف الإسرائيلي المستمر للجنوب يظهر عجز الـدولـة عـن الـدفـاع عن مواطنيها. بعد نحو شهر من انتخاب الرئيسين عـون وســام، حـذّر الصديق والمحلل الجيو - ســـيـــاســـي هـــانـــي صــــبــــرا، مـــؤســـس شــركــة «ألـــــف» لــاســتــشــارات، عـــمـــاءه مـــن الإفــــراط فــي الــتــفــاؤل بــقــدرة الـحـكـومـة عـلـى تحقيق أي مــن مـطـالـب المـجـتـمـع الـــدولـــي الرئيسية خلال عام واحد. قاربت السنة على الانتهاء فتحدثت إلى صبرا وعـدد آخر من المحللين عـقـب حـضـورهـم لمـؤتـمـر اقــتــصــادي نظمته الحكومة الشهر المـاضـي فـي بـيـروت، لأجد مزيدا من التشاؤم. الــــحــــل أكــــبــــر مـــنـــي بـــكـــثـــيـــر، لـــكـــنـــه يــبــدأ بالمصارحة علنا مع الناس في الـداخـل قبل الــخــارج، ومـحـاولـة ضبط سقف التوقعات، وينتهي بتفكيك النظام السياسي الذي قادنا إلـى الفخ نفسه الـذي وقعت فيه الأرجنتين. لــــــدى الأرجـــــنـــــتـــــن، عـــلـــى الأقـــــــــل، مــــــارادونــــــا وميسي، في حين منحنا نحن رئيس الفيفا جواز سفر لا يمكنه معه حضور كأس العالم حتى من مقاعد المشجعين! OPINION الرأي 14 Issue 17175 - العدد Saturday - 2025/12/6 السبت نهاية عام أزمة فنزويلا وفتنة «الضربة المزدوجة» هل أصبح إصلاح لبنان أصعب من إعادة بناء سوريا؟ وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com علاء شاهين صالحة ًالحل يبدأ بمصارحة الناس علنا حسان يوسف ياسين إميل أمين

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky