12 حــصــاد الأســبـوع ANALYSIS Issue 17175 - العدد Saturday - 2025/12/6 السبت • في السياسة الخارجية يريد عصفورة إبعاد هندوراس عن دائرة النفوذ الفنزويلي • نصر الله صحافي يتمتع بشهرة واسعة ويتفاخر بأصوله العربية بعد عملية فــرز مـاراثـونـيـة ومـحـاطـة بـمـخـاوف كثيرة من احــتــمــالات تـــدخّـــل الـــقـــوات المـسـلـحـة الــهــنــدوريــة لـقـلـب الـنـتـائـج عـامـا)، مرشحة الحزب 60( لصالح المحامية ريكسي مونكادا اليساري الحاكم الذي كان قد أوكل إلى الجيش مهمة الإشراف على تجميع قوائم الاقتراع وفرزها في الثكنات العسكرية، وبعد سلسلة مـن التصريحات المتضاربة بـن عصفورة ونصر الله اللذين كان كل منهما يطمئن مناصريه بأن الفوز بات حليفه، أعلن الناطق باسم المجلس الانتخابي الوطني، مساء الثلاثاء الماضي، أي بعد يومين على نهاية العملية الانتخابية وفرز ما يقارب من ثلثي لوائح الاقتراع، أن النتيجة هي «تعادل تقني» بين الاثنين (عصفورة ونصر الله) بعدما حصل كل منهما على في المائة لمرشحة 20 في المائة من الأصوات، في مقابل 40 قرابة الحزب الحاكم. وبعد يوم من ذلك، أظهر إحصاء جديد من هيئة الانـتـخـابـات أن سـلـفـادور نصر الـلـه، مـرشـح الـحـزب الليبرالي في المائة 40.34 الوسطي، يتصدر الانتخابات الرئاسية بنسبة في المائة من الأصوات. وبيّنت هذه النتائج أن مرشح 79 بعد فرز في المائة. 39.57 الحزب الوطني المحافظ عصفورة يليه بنسبة وكـانـت المنافسة محتدمة بـن المرشحين الثلاثة الساعين لخلافة الرئيسة اليسارية زيومارا كاسترو التي شغل زوجها .2009 مانويل زيلايا الرئاسة أيضا قبل أن يُطاح بانقلاب عام وعـلـى الــرغــم مــن أن الــتــراجــع الــقــوي فــي الـتـأيـيـد الشعبي لــلــحــزب الــحــاكــم (حــــزب «لـــيـــبـــري») بــــدّد المـــخـــاوف مـــن احـتـمـال التلاعب بالنتائج، بقي الترقّب على أشدّه لمعرفة الفائز في هذه الانتخابات التي تحولّت مسرحا جديدا للمواجهة بين دونالد ترمب والرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، سيّما وأن القانون الانــتــخــابــي فـــي هـــنـــدوراس يـلـحـظ، فـــي حـــال الــتــعــادل الـتـقـنـي، إعــادة عملية الفرز بشكل مفصّل ومراجعة الطعون والقسائم المـشـبـوهـة، وإعـــــادة الانـتـخـابـات بــن المـرشـحـن المـتـعـادلـن في مهلة لا تـتـجـاوز عشرين يـومـا إذا استمر الـتـعـادل. وكـــان هذا الاحـتـمـال قـد تـعـزز عندما وصــل الــفــارق بـن عـصـفـورة ونصر صوتا فقط. وتراجعت حدة التوتر الـذي ساد في 515 الله إلى الساعات الأولى بعد تأكد هزيمة الحزب الحاكم، عندما أقر عدد من الـــوزراء في الحكومة الحالية بخسارة الـرهـان الانتخابي، وباشروا التحضير لتسليم مهامهم إلى الحكومة الجديدة. لكن عاد التوتر ليسود الأجواء مع تأخر المجلس الانتخابي فـــي تـحـديـث الــنــتــائــج، وخـــاصـــة بـعـد المــؤتــمــر الـصـحـافـي الـــذي عقدته الرئيسة الحالية، حيث نفت ما يشاع عن خسارة الحزب الحاكم، وأدانت «التدخل الأجنبي»، مشيرة بصورة مباشرة إلى الـولايـات المتحدة والرئيس ترمب، ومـؤكـدة أنها ستبقى «إلى جانب الشعب؛ لأن الانتخابات لم تحسم بعد». نصري عصفورة يتحدر نـصـري عـصـفـورة مـن أســـرة فلسطينية هاجرت إلـــــى هـــــنـــــدوراس أواســـــــط الــــقــــرن المــــاضــــي، وهـــــو رجـــــل أعـــمـــال نــاشــط فـــي مــجــال الــبــنــاء والـــعـــقـــارات، ومُـــجـــاز فـــي الـهـنـدسـة المدنية. بدأ حياته العامة متوليا مناصب مختلفة في بلدية تيغوسيبالغا، عاصمة البلاد، وبرز خلالها بتنفيذه عددا من مشاريع البنى التحتية، متميزا بروح عملية عالية وقدرة على حل المشكلات وسهولة في التعامل. أكسبه ذلك شعبية واسعة لازمته طوال مسيرته السياسية. وبعد محاولة فاشلة لتولي ،2013 رئاسة بلدية العاصمة، نجح في محاولته الثانية عام ، حيث بدأ يخطط للوصول إلى 2017 ثم أعيد انتخابه في عام سدة رئاسة الجمهورية. تـــمـــيّـــزت الـــســـنـــوات الــثــمــانــي الـــتـــي أمـــضـــاهـــا فـــي رئــاســة بــلــديــة الــعــاصــمــة بـتـنـفـيـذه عـــــددا كــبــيــرا مـــن مــشــاريــع الـبـنـى التحتية الضخمة، خاصة فـي الأحـيـاء الفقيرة التي ازدادت فيها شعبيته، لكن دون أن تمكّنه من الفوز في الانتخابات وخسرها أمام الرئيسة 2021 الرئاسية التي خاضها في عام الحالية تشيمينا كاسترو التي أصيبت بهزيمة قاسية في هذه الانتخابات. وعاد عصفورة مطلع السنة الحالية لخوض الانــتــخــابــات الأولـــيـــة لـلـحـزب الــوطــنــي، وفــــاز عـلـى منافسته السيدة الأولى السابقة آنا غارسيّا بما يزيد على ثلاثة أرباع الأصوات التي تم الإدلاء بها، معززا بذلك زعامته على التيار اليميني المحافظ الذي أوصله إلى رئاسة كبرى بلدان أميركا الوسطى. يقوم برنامج عصفورة على خطته التي أعلنها في بداية حملته الانتخابية تحت عنوان «رؤية النجوم الخمس» التي تضم مجموعة من الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية الــرامــيــة إلـــى وضـــع الــبــاد عـلـى «الــطــريــق الـصـحـيـح»، حسب تـعـبـيـره. وتــــدور هـــذه الـخـطـة حـــول مــحــور مــركــزي لتنشيط الاقـــتـــصـــاد وإيــــجــــاد فــــرص الــعــمــل وتــشــجــيــع الاســـتـــثـــمـــارات الخاصة والأجنبية وتوفير الضمانات القانونية لها، فضلا عـــن رقــمــنــة الإدارة الـــعـــامـــة والــتــعــلــيــم، ومـــشـــاريـــع إسـكـانـيـة للطبقتين المتوسطة والفقيرة. في السياسة الخارجية، يطرح عصفورة توثيق العلاقات مـــع الــــولايــــات المـــتـــحـــدة لـــلـــوصـــول إلــــى تــحــالــف اسـتـراتـيـجـي معها، واستعادة العلاقات مع تايوان بعد أن كانت الحكومة الحالية قطعتها لصالح بكين، والتقارب مع إسرائيل، وإبعاد هندوراس عن دائرة النفوذ الفنزويلي. وإذا كـان انحصار المنافسة بين مرشحين متحدرين من أصول عربية قد ميّز هذه الانتخابات الرئاسية في هندوراس، فــإن دخـــول الإدارة الأمـيـركـيـة بشكل مباشر وعلني للتأثير فـــي نـتـيـجـتـهـا، يـــؤكـــد الــنــمــط الـــــذي يـنـهـجـه الــرئــيــس تــرمــب، منذ بداية ولايته الثانية في يناير (كانون الثاني) الماضي، داعما المرشحين الذين يتماهون مع خطه السياسي، ومهددا بعواقب اقتصادية فـي حـال عـدم وصولهم إلـى الحكم. وهو توعد، مساء الاثنين الماضي، الحكومة الحالية في هندوراس بالجحيم إذا حاولت التلاعب بنتائج الانتخابات. وكان الأسبوع الماضي قد شهد سلسلة من التصريحات والتغريدات للرئيس الأميركي على منصته «تروث سوشيال» أعلن فيها دعمه الصريح لنصري عصفورة ووصفه بالحليف المـوثـوق لمحاربة الشيوعيين ومهربي المــخــدرات، معتبرا أنه الـقـادر على ترسيخ الـحـريـات والديمقراطية فـي هـنـدوراس. وكـــــان لافـــتـــا، فـــي هــــذا الـــدعـــم المـــبـــاشـــر، أن تـــرمـــب وضـــعـــه في سياق المواجهة مع فنزويلا وحلفائها في المنطقة، مثل كوبا ونـيـكـاراغـوا، وضـمـن مساعيه لمـحـاصـرة الأنـظـمـة اليسارية. وكـــانـــت انـــدفـــاعـــة الــرئــيــس الأمـــيـــركـــي لـــدعـــم عـــصـــفـــورة، الـــذي رجـحـت الاسـتـطـاعـات الأخــيــرة قبل الاقــتــراع أنــه سيأتي في المركز الثالث، قد بلغت ذروتها عشية الانتخابات عندما أعلن أنـه سيصدر عفوا كاملا عن رئيس هـنـدوراس الأسبق خوان عاماً 45 أورلاندو هرنانديز الذي كان يقضي عقوبة بالسجن فـي الــولايــات المـتـحـدة بعدما أدانــتــه محكمة أميركية بتهمة طن من الكوكايين والتواطؤ مع منظمات إجرامية. 400 تهريب وقـــد أثــــار هـــذا الإعـــــان، الــــذي كـــان يــهــدف إلـــى تـجـيـيـر تأييد أنصار أورلاندو لصالح عصفورة، موجة من الانتقادات داخل الـــولايـــات المـتـحـدة وخــارجــهــا، خـاصـة وأن واشـنـطـن وضعت نشر قواتها في البحر الكاريبي وقبالة السواحل الفنزويلية تحت عنوان مكافحة تهريب المخدرات وقطع طرق الإمـدادات التي تستخدمها المنظمات الإجرامية في المنطقة. وفوز عصفورة في انتخابات الأحد الماضي التي شملت أيضا تجديد البرلمان والمجالس البلدية، من شأنه، إذا ما تحقق فعلاً، أن يعيد المشهد السياسي فـــي هــــنــــدوراس إلــــى الـــســـيـــاق الـيـمـيـنـي المـحـافـظ الذي تميّز به تاريخيا ولم تقطعه سوى فترات قـصـيـرة مــن الـعـهـود الإصــاحــيــة الــتــي حـاولـت تقليص نفوذ الولايات المتحدة، علما أن الأخيرة تملك في هذا البلد أكبر قواعدها العسكرية في أميركا الوسطى. وبنت الـولايـات المتحدة هذه القاعدة في أواسط ثمانينات القرن الماضي على مقربة مـن العاصمة، لتكون منصة لوجيستية تنتشر منها القوات الأميركية في المحيط الإقليمي، وكـــي تـكـون مـقـرا لـلـقـيـادة الجنوبية للجيش الأمـــــيـــــركـــــي. ونـــتـــيـــجـــة لـــــوجـــــود هـــذه القاعدة، صار يُطلق على هندوراس لقب «حاملة الطائرات الأميركية» في المنطقة. وتجدر الإشارة، في هذا الإطار، إلــى أن آخــر الـعـهـود الإصـاحـيـة في هـــــنـــــدوراس كـــــان الـــعـــهـــد الــــــذي قــــاده الرئيس الأسبق مانويل زيلايا قبل سقوطه في انقلاب عسكري تحاشت واشـــنـــطـــن إدانــــتــــه. وكـــــان زيـــايـــا قد علّق على إعـان الرئيس ترمب قرار العفو عن الرئيس السابق أورلانـدو قـائـا إنـه يهدف إلـى «حماية ناهب الــــدولــــة»، مـضـيـفـا أن الـهـزيـمـة الـتـي مُـــنـــي بــهــا الـــحـــزب الـــحـــاكـــم فـــي هــذه الانـــتـــخـــابـــات لــــن تــثــنــيــه عــــن سـعـيـه لإرســاء أول تجربة يسارية حقيقية في هندوراس. سلفادور نصر الله هذه كانت محاولة نصر الله الرابعة للوصول إلى الرئاسة، وهو صحافي يتمتع بشهرة واسعة من وراء البرامج الرياضية والمنوعات التلفزيونية التي يقدمها منذ أكثر من أربعين عاماً. يتحدر مـن أســـرة لبنانية. هـاجـر والـــده إلــى هــنــدوراس بينما هاجرت أمه إلى تشيلي. وهو اعتاد المفاخرة بأصوله العربية، وبــــالــــدور الــــذي لـعـبـتـه الــجــالــيــات الــعــربــيــة فـــي نـهـضـة أمـيـركـا اللاتينية منذ مطالع القرن الماضي. ، وتــــرشــــح لــرئــاســة 2011 بـــــدأ مــســيــرتــه الـــســـيـــاســـيـــة عـــــام عن حـزب مكافحة الفساد الــذي كان 2013 الجمهورية في عـام شـارك في تأسيسه بعد أن كانت هـنـدوراس غارقة في سلسلة من الفضائح المالية، وفي دوامة من العنف الاجتماعي على يد 2017 المنظمات الإجرامية. ثم عاد وترشح للمرة الثانية في عام عن تحالف المعارضة المناهض للنظام الدكتاتوري. وفـي عام أسـس حـزب سلفادور (مخلّص) هـنـدوراس، وترشح عن 2021 التحالف الــذي كـان يضم هـذا الحزب إلـى جانب حـزب الوحدة والابتكار، لكنه عاد وسحب ترشيحه لينضم إلى لائحة الرئيسة الحالية نائبا لها، ويستقيل من منصبه بعد أشهر من فوزها في الانتخابات؛ احتجاجا على عدم تمتعه بالصلاحيات التي كانت وعدته بها. ويرجّح أن ذلك التحالف مع الرئيسة الحالية التي كانت قريبة من النظام الفنزويلي، هو الذي دفع الرئيس الأمـيـركـي تـرمـب إلــى تأييد منافسه المـرشـح اليميني المحافظ نصري عصفورة. وفـي مطلع هـذا الـعـام، انـضـم نصر الله إلى الحزب الليبرالي الذي اختاره مرشحا رئاسيا له. وفي أول تعليق له على العفو الذي أصدره ترمب عن رئيس هندوراس الأسبق، خوان أورلاندو هرنانديز، قال نصر الله إن الأخير يجب أن يمثُل أمام القضاء في هندوراس، وإنه سيطلب من واشنطن تسليمه، في حال فاز بالرئاسة. ومعلوم أن الفساد وارتـبـاطـه بتجارة المـخـدرات يشكلان تحديا كبيرا لهندوراس التي تسجل أحــد أعلى مـعـدلات الجريمة فـي المنطقة. وحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، يعيش ما يقرب من ثلثي سكان فــي المــائــة مــن الـنـاتـج المحلي 27 هـــنـــدوراس فــي الـفـقـر، ويــأتــي الإجمالي للبلاد من تحويلات مواطنيها المقيمين في الولايات المتحدة، والتي تبلغ عشرة مليارات دولار. عصفورة ــ نصر الله... معركة عربية على رئاسة هندوراس فلسطيني يريد تقاربا مع أميركا وإسرائيل... وفنزويلا تُقلق ترمب من المرشح اللبناني ليس سابقة، ولا مستجدّاً، وصول متحدر من أصول عربية إلى سدّة الرئاسة في أميركا اللاتينية التي تعاقب عليها كُثر من أبناء المهاجرين الذين نزلوا في تلك البلاد عندما كانت لا تزال مواطنهم الأصلية ترزح تحت حكم السلطنة العثمانية. كانوا يُعرفون بالأتراك نتيجة حملهم وثائق سفر الدولة Turcos المستعمرة، قبل أن تنال بلدانهم استقلالها عن دول الانتداب التي ورثت السلطنة بعد انهيارها النهائي في أعقاب الحرب العالمية الأولى. لكن الانتخابات الرئاسية والعامة التي أُجريت يوم الأحد المضي في هندوراس شهدت سابقة تمثلت في أن المنافسة، في شوطها الأخير، انحصرت بين اثنين من المرشحين يتحدر كلاهما من أصول عربية، عاماً) المولود من 67( هما نصري عصفورة أب فلسطيني وأم هندورية، وسلفادور نصر عاماً) المتحدر من أسرة لبنانية. وقد 72( الله حبست هذه المنافسة أنفاس المراقبين طيلة أيام، في انتظار أن يتم حسمها، وبفارق ضئيل، لصالح أحدهما، علما أن الرئيس الأميركي دونالد ترمب دخل مباشرة على خط الاقتراع الهندوري داعما عصفورة، واصفا إياه بالحليف الموثوق في دعم الحرية والديمقراطية ومحاربة تجارة المخدرات والمنظمات الإجرامية التي تقف وراءها. مدريد: شوقي الريّس ASHARQ AL-AWSAT أميركا اللاتينية... قوى اليمين تتمدد من السمات المألوفة في المشهد السياسي الأميركي اللاتيني منذ عقود، وجود > شخصيات متحدرة من أصول عربية، غالبا لبنانية، وأحيانا فلسطينية وسورية، فــي المــنــاصــب الـرسـمـيـة الـعـلـيـا مــن وزراء فــي الــحــكــومــات، أو أعــضــاء فــي المـجـالـس النيابية، أو زعماء نقابيين وقيادات في الحركات الثورية، وصولا إلى سدة الرئاسة في بلدان مثل كولومبيا، والبرازيل، والأرجنتين، والإكوادور، وبوليفيا، والسلفادور، وهندوراس، والدومينيكان والباراغواي. لكن الانتخابات الرئاسية التي أُجريت في هـنـدوراس الأحـد الماضي ستعني، فـي حــال الـفـوز غير المـتـوقـع لمـرشـح الـحـزب اليميني المـحـافـظ نـصـري عـصـفـورة، أن المنطقة أمـام منعطف يسمح بعودة القوى والأحــزاب اليمينية إلى بسط سيطرتها على الحكم في أميركا اللاتينية، بعد سنوات من تمدد اليسار الذي استفاد من انكفاء الولايات المتحدة (قبل وصول ترمب إلى سدة الحكم في ولايته الجديدة) عن التدخل المباشر لدعم القوى اليمينية، وبخاصة العسكرية، في بلدان وازنة مثل الأرجنتين، والبرازيل، والبيرو وتشيلي. وكـان صعود القوى اليسارية والتقدمية في أميركا اللاتينية قد اتخذ أنماطا مختلفة، حيث أنـتـج فـي معظم الـحـالات أنظمة ديمقراطية على النمط الأوروبـــي، تناوبت فيها الأحـــزاب السياسية على الحكم، وتـعـززت الحريات العامة والفردية. لـكـن مـــع وصــــول هــوغــو تـشـافـيـز إلـــى الـحـكـم فـــي عـــز الــطــفــرة الـنـفـطـيـة الـفـنـزويـلـيـة، وظهور نيكولاس مــادورو بعد وفاته، وجنوح دانييل أورتيغا في نيكاراغوا نحو نظام استبدادي، مالت هذه الأنظمة ناحية النمط الكوبي، وأحكمت قبضتها على السلطة والمؤسسات العامة، قاطعة الطريق أمام أي تناوب على الحكم. وبعد انهزام اليسار في الانتخابات البوليفية الأخيرة، وتزايد احتمالات وصول المرشح اليميني المتطرف أنطونيو كاتس إلى رئاسة تشيلي في الدورة الثانية من الانتخابات المقررة منتصف هــذا الـشـهـر، جــاء بـــروز اســم نـصـري عـصـفـورة فــي انـتـخـابـات هــنــدوراس، مدعوما بقوة من الرئيس الأميركي ترمب، ليفتح باب التساؤل حول ما إذا كان المد اليميني سيواصل توسيع دائرته، وما إذا كانت القوى اليسارية ستجنح بدورها نحو الاعتدال واحترام الإرادة الشعبية والتنازل عن السلطة بالطرق الديمقراطية في انتخابات حرة ونزيهة.
RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky