issue17174

انتهت المباحثات بين وفـد أميركي مكوّن من المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، وصهر ترمب، جاريرد كوشنر، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين من دون إحراز اتفاق كبير لإنـهـاء حــرب أوكـرانـيـا، وســط خـافـات حــول ملف الأراضـــي وانضمام كييف لـ«ناتو». في المقابل، أكد الرئيس الأميركي دونـالـد ترمب أن نظيره الـروسـي يريد إنهاء الـنـزاع، بينما تـتـقـدم الـــقـــوات الــروســيــة مــيــدانــيــا، وتــطــالــب كـيـيـف بــزيــادة الضغط الدولي على موسكو لدفعها نحو التسوية. أظـــن أنـــه مــع اســتــمــرار المـــفـــاوضـــات، واشــتــعــال الـسـعـار الكلامي بين الرئيس الروسي والقادة الأوروبيين، ستتنازل أوكرانيا عن بعض أراضيها وستعطى ضمانات إلى موسكو أن كييف لن تنضم أبدا إلى الحلف الأطلسي. ولكن لماذا هذا التخوف من الحلف الأطلسي؟ على الرغم من بعض الدعم الذي تظهره دول الأطلسي من حيث المبدأ بشأن الطلب الأوكراني المتكرر للانضمام إلى الحلف الأطلسي، فإن ذلك قد يسبّب تصعيدا في النزاع؛ لأن روسيا تعتبر مثل هذا التوسع خطا أحمر، بخاصة مع ما تتضمنه المادة الخامسة من ميثاق حلف «ناتو» من مواجهة مباشرة للحلف حال تعرض أي دولة لنزاع مُسلّح. وتنص هاته المادة على أن «أي هجوم أو عدوان مُسلّح ضد طرف من أعضاء (ناتو)، يعتبر عدوانا عليهم جميعاً، ومِن حقّهم الرد باتخاذ الإجـــراءات التي يراها الحلف ضرورية على الفور، بشكل فـــردي وبـالـتـوافُــق مـع الأطــــراف الأخــــرى، بما فـي ذلك استخدام قوة السلاح، لاستعادة والحفاظ على أمن منطقة شمال الأطلسي». إن الساكنة التي يسهم الحلف في وضع مظلة وقائية مليون نسمة، أي مجموعة ساكنة 900 لها يقرب عددها من دول أعــضــائــه، كـمـا أن عـــدد الـتـحـديـات فــي تــطــور مستمر: الدفاع عن الحدود، الحد من انتشار أسلحة الدمار الشامل، تــحــدي الـهـجـومـات الــصــاروخــيــة، الإرهــــــاب، الـقـرصـنـة، إلـى غـيـر ذلـــك. وهـــذا يعني مـمـا يعنيه كـثـرة المـشـاكـل الـداخـلـيـة بــن الــــدول المـكـونـة للحلف وصـعـوبـة إيــجــاد تــوافــقــات بين دول مختلفة اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وذات تموقع جـغـرافـي مختلف. فأميركا ليست فـرنـسـا، وفـرنـسـا ليست تـركـيـا أو بـولـونـيـا. كـمـا أن الأزمــــات المتتالية الـتـي تعرفها المنطقة (الحرب في أوكرانيا، ضم شبه جزيرة القرم من طرف روسيا) تعقّد السيناريوهات التي تضعها الـدول المحورية في الحلف. فروسيا ما زالت دولة نووية يمكن أن تزيل دولا من الخريطة الجغرافية ولا يمكن مجابهتها عسكريا وإلا دخـلـت المنطقة فيما لا يمكن أن تُحمد عـقـبـاه، كما أن عدم التحرك سيضع لبنات النظام الدولي في مستنقع المجهول؛ لذا فاستراتيجيا أظن أن هاته الفترة هي أعقد فترة يمر بها الحلف الأطلسي. ثـم إن دول أوروبـــا الوسطى والشرقية تتخوف اليوم كثيرا مـن روسـيـا بعد حـرب أوكـرانـيـا وضـم الـقـرم، وتسعى جــاهــدة فــي قـمـم «نـــاتـــو» إلـــى أن يـشـيـر الـحـلـف صــراحــة في بياناته إلــى أن روسـيـا هـي الـعـدو الأول للحلف. ولـكـن في مثل هاته الظروف، يرى استراتيجيو الحلف ضرورة التمتع بالحكمة الاسـتـراتـيـجـيـة فــي مـقـابـل دولـــة نــوويــة هــي جـزء رئيسي من النظام الإقليمي والنظام العالمي، ويستحيل ترك دول تفرض على الحلف تخوفات اللحظة لتؤخذ قرارات قد تقوض مبادئ التعايش مع روسيا. وأظـن أنه رغم التصريحات المتباينة من طرف رؤساء أوروبـا، ودعم هؤلاء العسكري والمـادي لكييف، فإن التوجه الحالي هو دفع أميركا إلى إيقاف الحرب في المنطقة، وعدم التصعيد العسكري مع روسيا وعـدم دفن الاتفاق المؤسس بين روسيا والحلف. إن مسألة التدخل الغربي الجماعي المباشر ضد روسيا يبقى أمـرا مستحيلاً؛ لأنه سيضغط فيه على الـزر النووي، كـمـا أن تفعيل المــــادة الـخـامـسـة مــن مـيـثـاق «نــاتــو» سيبقى رهينا بموافقة الرئيس الأميركي ترمب، وهو ما لا يمكن أن يحدث أبداً؛ وفي الجانب الروسي فإن العقيدة الاستراتيجية للبلد لا تنظر فقط إلى الجالس الحالي على كرسي الحكم في البيت الأبيض، وإنما إلى من سيخلفه فيما بعد؛ فلا أخال روسيا ستسمح بانضمام كييف إلى الحلف الأطلسي، كما أن أوروبا بسبب ضعفها العسكري، تضع اليوم حدا لأوهام الاستقلال الاستراتيجي الأوروبي: لن يتمكن الأوروبيون من استبدال دور أميركا الحاسم بوصفها موفرة للأمن. والـــنـــتـــيـــجـــة، أن الأوروبــــــيــــــن ســـيـــقـــبـــلـــون ســــــرا كــــل مـا سـتـسـطـره الإدارة الأمــيــركــيــة لــحــل هــــذا الــــنــــزاع؛ كــمــا ظهر للخاص والعام أن الحلف الأطلسي لا يعني اليوم استعمال القوة بطريقة أوتوماتيكية لتحقيق النتائج المرجوة، كما أنه يحقق استراتيجية ردعية وحمائية جزئية فقط... بمعنى أن الحلف العسكري يجب أن يكون له حضور دبلوماسي في حظيرة الأمـم، وأن يستعمل الأدوات التفاوضية وبأساليب مدنية، ومن هنا مسألة الحكمة الدبلوماسية والتفاوضية التي بدأ يؤمن بها القادة الأوروبيون في زمن سماته الأربع: الـتـوجـس والـغـمـوض والـايـقـن والمـجـهـول، وهــي سـمـات لا تسمح بارتكاب الخطأ. يـمـكـن الافــــتــــراض أن كـــل الأفـــكـــار والمـــشـــاعـــر والـقـيـم تـسـيـر عـلـى خـطـى الــكــائــن الــبــشــري فــي حــاجــاتــه المــاديــة مـثـل الــشــراب والمـــأكـــل، وفـــي بحثه الـــوجـــودي عــن إشـبـاع هـــذه الـحـاجـات وغـيـرهـا. ربـمـا كلمة «الــحــاجــة» هــي من كلمات الحياة السريّة، ولكننا لا ننتبه إلى طبيعة النسق الثقافي العربي الــذي ننتمي إليه والـــذي يتميز بنظرة قدسية لعدد من المشاعر والقيم ويتعاطى معها بثبوتية. وصـــراحـــة لا تـكـفـي المــعــرفــة الـنـظـريـة لـانـتـبـاه إلـى الكينونة الحيّة لمشاعر وأفكار عدّة. التجربة في الحياة تمثل مــصــدرا مهما مــن مــصــادر تــراكــم المـعـرفـة عموماً، وكذلك في بعدها الذاتي، أي أن لكل واحد منا تراكما من المـعـرفـة الـذاتـيـة نجمعه مـن تجاربنا وخيباتنا والمحن التي نمر بها. لنضرب مـثـا الــحــبّ، ألــم تثبت تـجـارب المحبين أن الحب يحتاج إلى تلبية حاجات ورعاية مخصوصة كي يستمر أكثر ما يمكن؟ ألم نكتشف من خلال تجارب أفراد المجتمع أن عدم الاهتمام بين الزوجين يقتل مشاعر الحب ببطء شديد؟ أليس الفقر وتراكم فواتير الماء والكهرباء ومصاريف تربية الأولاد ودراستهم... كل هذا يُؤدي في حـالات عـدّة إلـى الـطـاق، باعتبار أن السبب الاقتصادي هو من أهم أسباب ظاهرة الطلاق، ومن ثم فإن هذا الحب لـم يستطع فـي حــالات لا تحصى ولا تعد الصمود أمـام الإكــــراهــــات الاقــتــصــاديــة، مـمـا يـفـيـد بـــأن الـــحـــب يشترط حاجات مادية للاستمرار كي لا يتحول إلى جحيم ولعنة. المعنى الذي نريد إيصاله من خلال هذا المثال الأقرب إلى تجارب النّاس هو أن المشاعر ليست ثابتة، ولا تمتلك قــــدرة خـــارقـــة لــلــعــادة عـلـى الــصــمــود فـــي حـــال اسـتـحـالـة تلبية حـاجـاتـهـا للبقاء والــثــبــات. كــل المـشـاعـر الجميلة وذات القيمة الإنسانية العالية تعطش وتـجـوع ولا بد من توفير الأكـل والـشـراب لها، ومـن دون ذلـك فمصيرها الانكسار والمـوت. بلغة أخـرى، فإن للمشاعر غذاء أيضاً، وهي تتغذى منه كي تستمر في الحياة. وكما أن المشاعر السلبية مثل الـكـراهـيـة والـحـقـد والانـتـقـام تكبر وتنمو بـــالأفـــعـــال الـسـيـئـة فــــإن المــشــاعــر المـــوصـــوفـــة بـالإيـجـابـيـة تـحـتـاج أيـضـا إلـــى الـــغـــذاء، وهـــذا مــا يفوتنا مــع الأســـف، وذلـــك لأن المـخـيـال الثقافي الـعـربـي الـــذي يشكل إدراكـنـا للمشاعر الكبرى التي نتغنى بها شعرا وموسيقى وفنا وحـــيـــاة، إنــمــا هـــي مـصـاغـة عـلـى نـحـو ثــبــوتــي، وننسى أن الــشــعــور بــوصــفــه قـيـمـة مـيـتـافـيـزيـقـيـة شـــــيء، وعـنـد استدعائه بوصفه رابطة في العلاقات التي يقيمها الفرد مع الآخر بأشكاله المتعددة شيء آخر. هذا بشكل عام، إضافة إلى معطى آخر يتمثل في أن المشاعر والأفـكـار والقيم تتغير درجــة أو أكثر من عصر إلـى آخــر، ومـن جيل إلـى آخــر. فالحب القوي اليوم قد لا يساوي أكثر من علاقة عابرة في زمن الحب العذري. بيت القصيد في هذا المقال هو أن المشاعر الوطنية، أو حــب الـوطـن يحتاج أيضا إلــى الــغــذاء، وإذا مـا عززنا ذلك فإن هذا الحب يصاب بالوهن. أعرف أن هذه الفكرة صادمة ولكنّها حقيقية. ومـن الوهم الاعتقاد أنـه يمكن للمواطن الـيـوم أن يحافظ على حبّه للوطن، خصوصا فئة الشباب التي نشأت على قيم الفردانية ومركزية الذات فـي صـــورة تيقنهم أن هــذا الـوطـن لا يـقـدم لطموحاتهم وأحـامـهـم شـيـئـا. فالبعد المــــادي الــيــوم يهيمن عـلـى كل أنـــواع الـعـاقـات: العلاقة بـن الأولــيــاء والأبــنــاء، والـــزوج وزوجــتــه، والـصـديـق وصـديـقـه، وأيـضـا المـواطـن ووطنه. ما يجعل أي علاقة من هذه العلاقات تستمر هو أن يجد الشعور الغذاء الذي يشبعه. لقد تغير النّاس وتغيرت نظرتهم لتركيبة المشاعر وصـيـاغـتـهـا الـكـيـمـيـائـيـة. فــانــســداد الأفــــق داخــــل الـوطـن يخنق الشعور بحب الوطن. والشيء نفسه يفعله الفقر والــبــطـالــة وضــيــق ذات الــيــد. ذلـــك أن ذات الــيــد الضيقة ضعيفة وهـشـة ولا تـقـدر على الانــخــراط فـي أي مشاعر إيجابية. إن قـــــرار الــهــجــرة والــبــحــث عـــن أرض أخـــــرى يعني البحث عن وطن آخر. في الستينات والسبعينات وحتى الثمانينات كان السبب الغالب على الهجرة هو الدراسة وإثـــراء التجربة المهنية، أمـا اليوم فالسبب الغالب على قـرار الهجرة هو البحث عن وطـن جديد وحياة جديدة. إنـــه الـــرفـــض المـقـنـع بــالــهــجــرة. والـنـتـيـجـة هـــو أن الـوطـن الأصلي الجدير بالشعور بحب الوطن يتحول إلى مجرد ذكرى وزيارة من سنة إلى أخرى، وبعد فترة تبدأ وتيرة الزيارات بالانخفاض، مع ما يعنيه ذلك من نوم الشعور الوطني في سراديب الذاكرة، وخروجه من مجال الحياة اليوميّة للفرد. الـــرّهـــان: عـلـى كــل دولـــة أن تـقـدم كــل مــا فــي وسعها من غذاء للشعور بحب الوطن لدى مواطنيها. فالمشاعر الوطنية لا تقتات من نفسها، بل تقدم لها الدولة ما يلبي حاجاتها من حلم وعمل وكـرامـة وحياة كريمة وإبــداع. هكذا يمكن للمواطن أن يحب حتى بــاد مـن حجر، ولا شمس فيها ولا بحر. ربـــــــــــط الــــــلــــــبــــــنــــــانــــــيــــــون، خــــصــــوصــــا الجنوبيين، قلقهم مـن احـتـمـالات الحرب بـمـا بـعـد زيـــــارة الــبــابــا لـيـو الـــرابـــع عـشـر، وافـــتـــرض أغـلـبـهـم أن الـــعـــد الــتــنــازلــي لها يبدأ بعد مغادرته. وجـزء من الجنوبيين وســـــكـــــان الــــضــــاحــــيــــة بــــــــــدأوا الاســــتــــعــــداد لــــانــــتــــقــــال إلـــــــى مـــــا كـــــــان خــــــــارج المـــحـــيـــط المـفـتـرض للعمليات الإسـرائـيـلـيـة؛ فهناك جــــزء مــقــتــدر مـــن أبـــنـــاء الــجــنــوب وســكــان الـضـاحـيـة المــيــســوريــن اســـتـــأجـــروا مـنـازل في أماكن تُعد آمنة أو بعيدة عن احتمال القصف، أمّا غالبيتهم فتبقت تحت رحمة الــــتــــهــــديــــدات الإســــرائــــيــــلــــيــــة، والــتــصــعــيــد الــــذي يـسـبـق أي مــواجــهــة بـوصـفـه إنــــذارا بـــالإخـــاء. وهـــــؤلاء لا الـــدولـــة قـــــادرة على تــــأمــــن احـــتـــيـــاجـــات نــــزوحــــهــــم، ولا لـــدى «ثنائي حزب الله وأمل» ما يكفي لتغطية تكلفة خروجهم. وقد باتوا أهدافا لعدوّهم الذي يخطّط لعقاب جماعي، ورهائن لدى «الـثـنـائـي» الـــذي يهيمن عليهم فــي لعبة المقايضة لإنقاذ نفوذه. فـــي الـلـحـظـة الــتــي بـــدأ الـجـمـيـع الـعـد العكسي لانفجار أو مواجهة أو اجتياح أو تصعيد، أخـرجـت الـدولـة ورقــة رابحة: عـــيّـــنـــت الـــســـفـــيـــر الــــســــابــــق ســـيـــمـــون كـــرم بـوصـفـه أول مـدنـي فــي لجنة الميكانيزم. تعيين اختلف اللبنانيون في تفسيره؛ من الطبيعي أن يـعـدّه «حـــزب الـلـه» خضوعا لــإرادتــن الأمـيـركـيـة والإسـرائـيـلـيـة، ومن الــطــبــيــعــي جـــــدا أن تُــــتــــرك لأبــــواقــــه مـهـمـة تــخــويــن الـــرجـــل وشــيــطــنــتــه. لــكــن الــحــزب تــنــاســى أن الـتـعـيـن جــــاء بــعــد الـتـنـسـيـق بين الرئاسات الثلاث، ما يعني أن شريك الــــحــــزب فــــي الــســلــطــة والــــســــاح - رئــيــس مجلس النواب نبيه بري أو «الأخ الأكبر» كما وصـفـه الأمـــن الـعـام للحزب - موافق على توسعة الميكانيزم وعلى الاسم الذي تـــم اخـــتـــيـــاره. والمـــاحـــظـــة هــنــا أن قــواعــد «حركة أمل» لم تتطرّق إلى الموضوع، على غرار قواعد الحزب. فـــــي المــــيــــكــــانــــيــــزم، عـــســـكـــريـــا كـــــــان أم مدنياً، لا بـــوادر اتـفـاق ســام، ولا التحاق بالمشروع الإبـراهـيـمـي، ولا تطبيع. وهـذا مــا فــسّــره سـريـعـا رئــيــس مـجـلـس الــــوزراء نــــواف ســـام فــي ردّه عـلـى كـــام نتنياهو حــــول المـــســـار الاقـــتـــصـــادي. بـــل هـــنـــاك أمــر واقـــع استراتيجي فـي المنطقة تغيّر بعد ،2023 ) السابع من أكتوبر (تشرين الأول بعدما نجح العدو الإسرائيلي في تحقيق معظم أهـــدافـــه، ولــديــه بـنـك أهــــداف أخطر يرغب في تحقيقها. فمشروع نتنياهو هو استكمال الحرب تحت ذريعة إزالة التهديد الديموغرافي من حـدود كيانه الشمالية، وهـــــذا يـعـنـي إنـــهـــاء عـــــودة أهـــالـــي جـنـوب الــنــهــر إلــــى قــــراهــــم، وصــــــولا إلــــى تعطيل الحياة فـي مناطق شمال النهر وتحويل جزء منها إلى مناطق فاصلة. فـإذا كانت المفاوضات قادرة - ولو نسبيا - على منع الحرب المحتملة أو تأجيلها، وعلى ضمان عـودة الجنوبيين، فهذه مصلحة وطنية، بغض النظر عن الأسماء والجدوى. في النموذج السوري الحديث، قادت حــكــومــة أحــمــد الـــشـــرع مـــفـــاوضـــات أمـنـيـة مـبـاشـرة مــع الـجـانـب الإســرائــيــلــي. رفـض الـشـرع الـتـنـازل عـن أي شبر مـن الأراضـــي الـــســـوريـــة، ونـــقـــل المـــفـــاوضـــات إلــــى الـعـلـن ســـرّيـــة. هـذا 1974 بـعـدمـا كــانــت مـنـذ عـــام الانتقال العلني، بالتفاهم مـع واشنطن، أحـــــرج تـــل أبـــيـــب فـــي عــاقــتــهــا مـــع الـبـيـت الأبيض، الأمر الذي دفع المبعوث الأميركي الـــخـــاص إلــــى ســـوريـــا تـــومـــاس بــــــرّاك إلــى تـوجـيـه انــتــقــادات علنية لـبـعـض الأفــعــال الإسرائيلية في سوريا. في السابق كانت العلاقة السرّية بين دمشق وتل أبيب تؤمّن لآل الأسد غطاء إسرائيليا في الحكم بعد تسليمهم الجولان، أمّا اليوم فالمفاوضات العلنية وتمسّك دمشق بحقوقها يهددان اســـتـــقـــرار نــظــامــهــا الـــجـــديـــد. فـالـحـكـومـة السورية، رغم كل ضعفها، فإنها متمسّكة بتسوية عادلة وشاملة تبدأ من الجولان المحتل وتنتهي بحل الدولتين. لــــبــــنــــان، وهــــــو فــــي المــــوقــــع الأضـــعـــف مــن ســوريــا، المـطـلـوب مـنـه الـتـمـسّــك بخط الهدنة، واسترجاع كامل أراضيه، وتثبيت وقـــف إطــــاق الـــنـــار، وحــصــر الـــســـاح بيد الـدولـة وليس أكـثـر. أمّــا أي شــيء إضافي فيرتبط بقرار جماعي عربي، وبمصلحة وطنية. أمّـــا عـن سيمون كــرم «الـعـنـيـد»، فهو حـتـمـا أكــثــر تـمـسّــكـا بـالمـصـلـحـة الـوطـنـيـة الــلــبــنــانــيــة مـــمّـــن فــــاوضــــوا عــلــى الـــحـــدود الـــبـــحـــريـــة، وتــــخــــلّــــوا لـــلـــعـــدو عــــن مــنــاطــق استراتيجية غنية بالثروات تحت ذريعة مــــوازيــــن الــــقــــوى، بـيـنـمـا حـقـيـقـتـهـا كـانـت مكاسب سياسية داخلية. وسيمون كرم «الجنوبي» ليس من طلاب المناصب؛ أولا لأنـه تـرك الجمل بما حمل سابقاً، وثانيا لأنه ليس بحاجة إلى من يرشده أو يذكّره بحق الجنوبيين في العودة إلى أراضيهم. أمّـــــا الــتــخــويــن، فــالأفــضــل لأصـــحـــاب هــذه اللغة الخجل والصمت، وكما يقول المثل: «دود الــخــل مــنّــه وفـــيـــه». فـفـي اسـتـقـامـتـه وســيــادتــه الـوطـنـيـة مـــا يـكـفـي لأن يـواجـه مـــفــاوضـــيـــه، وأن يـسـتـقـيـل إذا تـعـارضــت الأمور مع قناعاته الوطنية. OPINION الرأي 12 Issue 17174 - العدد Friday - 2025/12/5 ًالجمعة الشعور بحب الوطن يحتاج إلى الغذاء أيضا الأزمة الأوكرانية والأدوات التفاوضية الجديدة توسعة الميكانيزم... هل تجنّب لبنان التصعيد؟ وكيل التوزيع وكيل الاشتراكات الوكيل الإعلاني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com [email protected] المركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 المركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: [email protected] موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى الإمارات: شركة الامارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 المدينة المنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب الأولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية الموجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها المسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة لمحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي بالمعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: [email protected] srmg.com مصطفى فحص مشروع نتنياهو هو استكمال الحرب تحت ذريعة إزالة التهديد الديموغرافي من حدوده الشمالية آمال موسى عبد الحق عزوزي

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky