issue17144

مـع اقــتــراب نهاية المـرحـلـة الأولـــى مـن اتفاق شــــرم الــشــيــخ، تـــبـــدو إشــكــالــيــة غــــزة وكــأنــهــا في مواجهة عقبة جديدة من جانب حكومة بنيامين نتنياهو التي تتباين وجهة نظرها مع واشنطن وبـقـيـة أطـــــراف الــوســاطــة بــشــأن الـــقـــوة الــدولــيــة، الهادفة إلى حفظ السلم والأمن، للخلاص من هذا الوضع المأساوي على الأرض. على الجانب الآخر تبدو إدارة الرئيس ترمب وكأنها في عجلة من أمرها لتدبر شأن تلك القوة، وتهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط، وهناك من يذهب إلى أن هناك أمرا ماورائيا في المشهد ربما يتعلق بمخطط أميركي لعملية عسكرية موسعة في فنزويلا، من شأنها الإطاحة بنظام الرئيس الحالي نيكولاس مادورو. في هـذا السياق يبدو من الـواضـح أن هناك حـــالـــة مــــن الإرادات المـــتـــضـــاربـــة، بــــن نـتـنـيـاهـو وجماعة اليمين الإسرائيلي المتطرف مـن جهة، وحــركــة «حـــمـــاس» عـلـى الأرض مــن جـهـة تـالـيـة، وبـيـنـهـمـا الــبــيــت الأبـــيـــض عــبــر الــثــاثــي الـنـافـذ الـقـوة، نائب الرئيس جـي دي فـانـس، والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف، بجانب الصهر جاريد كــوشــنــر، ومـــؤخـــرا بــــدا وزيــــر الــخــارجــيــة مــاركــو روبيو ينضم إلى الجوقة. حكومة نتنياهو لا تريد دورا للأمم المتحدة فـي الإشــــراف المـبـاشـر على الــقــوة، ولا تـرغـب في أن تـرى حضورا مماثلا لقوات «اليونيفيل» في لبنان، أو «أوندوف» في الجولان السوري. لــهــذا الـــغـــرض تــجــيء زيـــــارة وزيــــر الــشــؤون الاســتــراتــيــجــيــة الإســـرائـــيـــلـــي، رون ديـــرمـــر، إلــى واشـــنـــطـــن، وكــــل الـــهـــدف أن يـــتـــوارى شــبــح فـكـرة تدويل قوة غزة. يخطر لنا وقبل استعراض موقف «حماس»، التساؤل: ما الـذي تخشاه إسرائيل؟ المؤكد أنها قــلــقــة، بـــل هــلــعــة مـــن أن تـــقـــوم المــنــظــمــة الــدولــيــة بـــإصـــدار قــــرار بـتـشـكـيـل هـــذه الـــقـــوة تـحـت مظلة الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، المعروف باسم «الاتحاد من أجل السلم». مــا يتطلع إلــيــه نـتـنـيـاهـو لـيـس قـــوة دولـيـة أممية، بل قوة متعددة الجنسيات، تكون له اليد العليا في اختيارها، ورفض من لا يريد. عـلـى سبيل المــثــال، تـرفـض تــل أبـيـب وجــود عناصر تركية مشاركة في هذه القوات، انطلاقا مــن ظــن أن أنــقــرة، ورغـــم كــل مــا تـبـديـه فــي العلن من صداقة لإسرائيل، داعم أدبي إن لم يكن ماديا لحركة «حماس». الأمــــــر الآخـــــــر، يـــبـــدو واضــــحــــا أن إســـرائـــيـــل تــتــمــســك بـــفـــكـــرة أن تـــكـــون الـــســـيـــطـــرة المــيــدانــيــة والـــقـــرار الأمــنــي فــي الـقـطـاع بـيـدهـا، بــل أكـثـر من ذلـك يُـــراد لهذه الـقـوة أن تكون مجرد مخلب قط في يد حكومة نتنياهو، للقيام بواحدة من أكثر المـهـام صعوبة وتـعـقـيـداً، أي مهمة نــزع السلاح من «حماس»، الأمر الذي لا تبدو آلياته واضحة حتى الساعة. يـــومـــا تــلــو الآخـــــر تـــبـــدو إســـرائـــيـــل فـــي حـالـة انـــزعـــاج شــديــد مــن المـــواقـــف الأمــيــركــيــة، وهـــو ما لفت إليه النظر القطب اليميني الأميركي، المنافي والمجافي لإسرائيل، ستيف بانون. يـــــرى بــــانــــون أن تــــل أبــــيــــب تـــشـــعـــر بـضـغـط أمـيـركـي شــديــد، لا سيما بـعـد أن أعـــرب جــي دي فانس عـن إحباطه مـن التصرف غير الـائـق من جانب «الكنيست»، الذي صوّت مبدئيا على ضم الـصـفـة الـغـربـيـة، خـــال زيــارتــه الأخـــيـــرة. كـمـا أن مارك روبيو بدوره، اعتبر أن الحديث عن أي ضم أمر منته وغير مقبول من جانب واشنطن. نتنياهو، وحسب بانون، يستشعر الخطر الداهم الذي يحدق بإسرائيل من وجهة نظره، لا من وجهة العدالة الدولية، أي أن سياقات الأحداث تبلور يوما تلو الآخر، فكرة الدولة الفلسطينية المستقلة عـلـى الأرض، وأنـــه كلما تـعـاظـم الـــدور الأممي اختصم ذلـك من الغي اليميني المتطرف عند سموتريتش وبن غفير ومن لف لفهما. هـــل يـسـعـى نـتـنـيـاهـو لـتـفـخـيـخ اتـــفـــاق شـرم الشيخ بطريق أو آخر؟ بــالــتــأكــيــد هـــو يــضــع الـــعـــراقـــيـــل أمـــــام فـكـرة القوات الدولية، لا سيما أنه يرفض رفضا تاماً، أن يــشــارك فــي تشكيلها أفــــراد تـابـعـون للسلطة الـوطـنـيـة، الــذيــن يـصـدق فيهم الــقــول «أهـــل مكة أدرى بشعابها». لــكــن عــلــى الــجــانــب الآخـــــر، تــبــدو «حــمــاس» بـــدورهـــا، رافــضــة لـفـكـرة قـــوة أمـمـيـة داخــــل غــزة، بــل تـــرى مـوقـعـهـا ومـوضـعـهـا عـلـى الـــحـــدود، ثم تاليا الإسهام في إعادة البناء، خصوصا بعدما أضحت غزة وكأنها تلقت ضربة نووية على حد تعبير كـوشـنـر، عطفا عـلـى أن موقفها مــن نـزع سلاحها غير واضح المعالم، وهو ما دعا الرئيس تـرمـب إلــى التلويح بالسماح لإسـرائـيـل بـإعـادة اسـتـخـدام قــوة الـنـيـران، والــعــودة مـن جـديـد إلى المربع واحد من الأزمة المنفلتة منذ قرابة الأعوام الثلاثة. من سيدخل القطاع؟ وما حدود صلاحياته؟ وهـل ستشملهم مظلة أممية تمنع وتقطع على إسرائيل الغدر بأفراد تلك القوة؟ هذا هو السؤال الحائر، لا سيما أنه ما من قوة دولية ستشارك وتقبل أن يتعرض أفرادها للقتل بنيران القوات الإسرائيلية. أسئلة تنتظر إجابات شافية وافية. Issue 17144 - العدد Wednesday - 2025/11/5 الأربعاء تُــــــعَــــــد الأســــــاطــــــيــــــر والـــــحـــــكـــــايـــــات مــــــن أصــــــول «الفولكلور» أي «ثقافة الشعوب» المؤثرة في حياتهم. توقظ خيالهم بــإشــارات تحفيز لتغيير أحـــوال من يلتقط المغزى؛ وفي أثناء الأزمات والحروب تستعاد للإلهام، وكذلك التسلية بما ترسم من صور الصراع، وتُــعَــبِّــر عـن التفاؤل بنهايات سعيدة ينتصر فيها الخير والوئام على الشر والخصام. بـن يدينا مـرجـعـان غـنـيـان، أولـهـمـا «أساطير من تاريخ اليمن» للمؤرخ حمزة علي لقمان، منها عن «شبح في صنعاء» حيث سكن رجل من القبائل يدعى «المـسـعـودي» منزلا يتردد في أرجـائـه صوت غريب لا يُرى مصدره، لكنه سأل عما يريد صاحب الصوت الذي أجاب أنه يريد إخلاء المنزل لأنه منزله ومنزل أجداده منذ زمن بعيد. أبى المسعودي مغادرة المنزل باعتباره ملكا موروثا من أبيه. فعمد صاحب الصوت إلى إفزاعه وإقلاقه لكن المسعودي يستعين بالقرآن والأدعية ويفاجأ أن «الشبح» أُعجِب بكلام القرآن والأدعية وأخذ يرددها. عُرِضت القضية على الإمـام يحيى فكتب يأمر الشبح بترك المنزل وكف الإزعاج لساكنيه ومالكيه، لكن الذي لا يعترف بالإمام أصلا وبالتالي لا يُبالي بـرسـالـتـه اسـتـمـر فــي الـصـخـب والإقـــــاق. إزاء عناد المسعودي خشية العار أمام القبائل -حسب الحكاية- اتــفــق مـعـه الـشـبــح صــاحــب الـــصـــوت عـلـى بقائهما داخـــل البيت مـن دون أن يسبب لـه الإزعــــاج. مضت الأيــــام وتـوثـقـت عـــرى الــصــداقــة بينهما، حــد تلبية مطالب المسعودي وتحقيق أمـانـي أهـل بيته. عقب اتفاق أتى في أوانه المحتوم. يـــا لـــه مـــن شـــبـــح طــيــب ارتـــضـــى الــتــعــايــش مع الناس وخدمتهم، بعد فترة انتقالية قلقة، لم تنته إلى الانفراد! ثاني المراجع للأديب المناضل علي محمد عبده «حــكــايــات وأســاطــيــر يـمـنـيـة» خـــرج بـهـا مــن صــدور جــــدات الــقــريــة إلـــى ســطــور المــطــبــوعــات الـعـربـيـة لما رآهـا «لا تقل روعــة ولا تختلف مضمونا ومحتوى إنــســانــيــا عـــن حــكــايــات وأســـاطـــيـــر شــعــوب أخــــرى»، منها حكاية «سيف القاتل» عـن خـيـاط فقير اسمه حسن سيف، عُــرِف بالبلاهة والخوف، قَل أن يدخل دكانه زبون... خطر له أن يتسلى بقتل الذباب فأعلن الحرب عليها، واستخدم سيفا خشبيا يضربها به. يوميا يحصر ضحاياه مـن قتلى وجـرحـى وفارين ويـــعـــود إلـــى زوجـــتـــه مـتـبـاهـيـا بـمـا فـعـل فتستحيل استهانة زوجته به إلى مهابة. طبعاً، لم يخبرها أن ضحاياه ذباب! قرر إشهار بطولاته، ونقش على جانبي السيف عـــبـــارة: «هــــذا ســيــف حـسـن ســيــف، قــاتــل ألــــف، آسـر ألــف، وألــف هـربـوا مـن وجـهـه»، يقرأ الـنـاس العبارة فيفرون منه. لمح سلطان المدينة سيف حسن سيف ومـــأه الـسـرور بعد طــول الـغـم مما يعيشه مـع أهل المدينة جراء أزمتين: الطاهش... الحيوان الأسطوري المفترس، وتمرد الشيخ «شَوقَع». أيقن السلطان أنه البطل المنقذ، فاستدعاه يكلفه إنهاء الأزمـات. تقول الحكاية: برغم خوف حسن، تقبل التكليف. صدفة أهـدتـه الـطـاهـش، حيث امـتـطـاه مـن دون أن يهتدي إلى أن بغلته افترسها الطاهش تحت الشجرة حيث نام حسن، والتهم غذاءها بما فيه من شعير ونبات مـخـدر اسـمـه «مَــســكَــرة» فتسمر مكانه وصـــار طوع حـسـن حـتـى وصـــل الـبـيـت وربــطــه دونــمــا إدراك أنـه الطاهش... وحينما أخبروه لاحقاً، تساءل فَزِعاً: «لو كان أكلني؟ لو كان أكلني؟!». سمعة حسن سيف بلغت مسامع شَوقَع فرجح إخـمـاد التمرد لا مواجهة جيش السلطان، «سيف السلطنة طـويـل» ولـو مـن خشب. تخيلوا المواجهة الــكــومــيــديــة... جـهـز الـجـنـود لـلـقـائـد حـسـن حصانا عَــجِــز عـن كبح جـمـاحـه، وبينما كــان يـعـدو يسابق الريح يغمض صاحبنا عينيه ويصرخ بعلو صوته: «أيـــن شَــوقَــع؟ أيــن شَــوقَــع؟»، قـاصـداً: «أيـــن سـأقـع؟»! ظن السامعون أنه باستهانة ينادي المتمرد باسمه مـــجـــردا مـــن صــفــة «الـــشـــيـــخ»، غــيــر مـسـتـوعـبـن أنــه يخشى الـوقـوع من فـوق حصان لم يتوقف إلا حين أمسك شَوقَع بلجامه تهيبا من حسن الذي لا يعرفه ونــــزل يـعـانـقـه عـرفـانـا عـلـى إيــقــاف الــحــصــان، فيما توهم شَوقَع أن العناق بمثابة عفو من السلطان! بـعـض الأســاطــيــر الـطـريـفـة تُــحــاكــي متطلبات الـــواقـــع: ســيــف خـشـبـي، ذَرّة مـــن الـــجـــرأة والإقــــــدام، إعــــام مــؤثــر، مــع نـــزر مــن الـحـظ والمــصــادفــات وقـــدر من التخطيط المُحكم يـردع المتمرد ويمنع استمرار التمرد. فــي المستقبل الـــذي يــشــارك داريــــو أمــــودي في صــنــاعــتِــه كـــل يـــــوم، يـكـتـشـف الــــذكــــاء الاصـطـنـاعـي عـــاجـــا يـقـضـي عــلــى الـــســـرطـــان لــكــنَّــه أيـــضـــا يــدمّــر وظـــائـــف الــبــشــر. فــي هـــذا الــعــالــم، يـنـمـو الاقــتــصــاد بمعدلات متسارعة مدفوعا باستثمارات ضخمة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتودّع الحكومة 20 عجز الموازنة، لكن مع معدل بطالة قد يصل إلى فــي المــائــة. صـحـة أفـضـل لمعظم الــنــاس، ودخـــل أقـل لملايين من أصحاب الحظ العاثر! حـــذّر أمـــودي فـي حـــوارات حديثة مـع عــدد من وسائل الإعـام الأميركية أن الأدوات التي تطورها قد تؤدي إلى «حمام دم» يقضي على AI شركات الـ العديد من الوظائف المكتبية لحديثي التخرج في قـطـاعـات عـــدة مـثـل الـتـمـويـل، والــبــنــوك، والـقـانـون وغيرها. هو لا يتحدث هنا عن سيناريو بعيد، بل عن السنوات القليلة القادمة. لا ينتمي أمــــودي، الـرئـيـس التنفيذي لشركة «أنـــثـــروبـــيـــك» لـــلـــذكـــاء الاصـــطـــنـــاعـــي المـــســـؤولـــة عن تطوير برنامج «كلود»، لفئة المبشّرين بالنعم غير المـحـدودة التي ستغدقها علينا التكنولوجيا. في المـقـابـل، يــرى إيـلـون مـاسـك أن الــذكــاء الاصطناعي سيحدث تغييرا راديكاليا في سوق العمل دون أن يـــؤدي ذلــك بـالـضـرورة إلــى ارتــفــاع كبير فـي معدل البطالة. في عالمه، السيناريو الأقـرب للحدوث هو أن نعيش في «عصر الوفرة». لا أتـــفـــق تـــمـــامـــا مــــع تـــوقـــعـــات أمــــــــودي، لـكـنـي ســـأحـــاول أن أشـــرح هـنـا كـيـف أن تـجـاهـل تحذيره خطأ فادح، لأن ما يتنبأ به حدث من قبل عدة مرات على مــدار التاريخ وأثـبـت بما لا يـدع مـجـالا للشك أن التطور التكنولوجي لا يعني بالضرورة رخاء مضمونا للبشرية. لنا فـي الـثـورة الصناعية خير مـثـال. فـي عام ، قــــررت الـسـلـطـات الـبـريـطـانـيـة إنــــزال عقوبة 1812 الإعدام بحق أي شخص يتعمد تخريب آلات الغزل والنسيج الجديدة، التي أدت إلى زيادة صاروخية فـــي إنـــتـــاج المـــابـــس وانـــخـــفـــاض كــبــيــر فـــي الـطـلـب على الأيـدي العاملة. كانت سرعة التغيير في ذلك الـوقـت صـادمـة، لـدرجـة أن الاقـتـصـادي البريطاني عن قلقه من أن 1821 دايفيد ريكاردو أعرب في عام تتمكن الآلات من أن تقوم بكل وظائف البشر، قبل أن يضيف: «حينها لن يكون هناك طلب للعمالة». غني عن القول إن نبوءة ريـكـاردو لم تتحقق بــالــكــامــل، حــيــث شـــهـــدت الــعــقــود الــتــالــيــة تـوظـيـف الآلاف في مصانع جديدة في مدن مثل مانشستر، مـهـد الــثــورة الـصـنـاعـيـة. غـيـر أن ذلـــك لــم يصاحبه ارتـفـاع ملموس فـي الأجـــور أو «وفـــرة» مـن أي نوع للعاملين فيها. على العكس، عانى عمال تلك الفترة من زيـادة في عدد ساعات العمل وأحــوال معيشية مـــزريـــة، فــي الــوقــت الــــذي جـنـى أصــحــاب الـشـركـات ثـروات طائلة، لدرجة ألهمت شابين ألمانيين، كارل مـــاركـــس وفـــريـــدريـــك إنــغــلــز، لـكـتـابـة «بـــيـــان الـحـزب . بـــعـــبـــارة أخـــــــرى، خــرجــت 1845 الـــشـــيـــوعـــي» عـــــام الشيوعية من رحم أهم حدث في تاريخ الرأسمالية العالمية حتى يومنا هذا. تغيرت الأمور كثيرا مع بداية النصف الثاني مـــن الـــقـــرن الــتــاســع عـشـر وبـــدايـــة الـــقـــرن الـعـشـريـن، بـسـبـب تـــطـــورات تـكـنـولـوجـيـة مــثــل ســكــك الـحـديـد والـتـلـغـراف والـتـلـيـفـون. صـحـيـح أنـهـا قـضـت على بعض المـهـن (الـتـوصـيـل والـشـحـن بـعـربـات تجرها الخيول، على سبيل المـثـال) وخلق آلاف الوظائف الـجـديـدة فـي الهندسة والاتــصــال والـخـدمـات. كما أسهمت قــدرة الموظفين على المطالبة بحقوق أكثر في زيادة الأجور وتحسين أحوالهم المعيشية. يـــــتـــــحـــــدث ســــــايــــــمــــــون جــــــونــــــســــــون ودارون أسيموغلو، الحائزان على جائز نوبل في الاقتصاد ، في كتابهما «الـقـوة والتقدم: صراعنا 2024 لعام المـمـتـد لألـــف عـــام حـــول التكنولوجيا والازدهــــــار»، الــصــادر قبل عـامـن، عـن هــذه الأمـثـلـة وأكــثــر، وعن أهمية إدراك أن مسار التطور التكنولوجي وأثـره لـيـس حـتـمـيـا، بــل هــو خــيــار سـيـاسـي واجـتـمـاعـي. لكنهما يــحــذران أيـضـا مـن خـطـورة سيطرة نخبة المبشرين بالتكنولوجيا والمستفيدين منها على هذا المسار. هـــذا يـجـعـل مـــن تـحـذيـر أمـــــودي أكــثــر أهـمـيـة، لأنـــه ينتمي للنخبة نفسها الــتــي يـــرى جـونـسـون وأسيموغلو أنها منحازة بالكامل لنادي الرؤساء التنفيذيين على حساب بقية الناس. فلماذا، إذن، لا أتــفــق مـــع تــحــذيــره بـشـكـل كـــامـــل؟ لأنـــي لا أعتقد أن هناك أي نظام سياسي غربي قـادر على تحمل فـي المـائـة لفترة طويلة 20 مـعـدل بطالة يصل إلــى دون تدخل سياسي أو تشريعات لإعادة بعض من التوازن على الأقل إلى سوق العمل. أمــــودي لـيـس أكـثـر الــنــاس تـشـاؤمـا مــن تطور الــذكــاء الاصـطـنـاعـي وأثـــر ذلــك على الـبـشـريـة. ففي ســيــنــاريــو أكـــثـــر قــتــامــة لــلــكــاتــب الأمـــيـــركـــي مـاثـيـو كيرشنباوم، لا تفنى البشرية بفعل اصطدام نيزك بـالأرض، أو بفعل غزاة قـرروا تدمير الكوكب لبناء طريق سريع يربط بين المجرات، لكن بسبب خروج بـــرامـــج الـــذكـــاء الاصــطــنــاعــي عـــن الـسـيـطـرة لتكتب نصوصا لانهائية تقضي على التواصل الإنساني إلى الأبد. شخصياً، أفضل النيزك! ينمو الاقتصاد بمعدلات متسارعة مدفوعا باستثمارات ضخمة في الذكاء الاصطناعي بعض الأساطير الطريفة تُحاكي متطلبات الواقع لطفي فؤاد نعمان علاء شاهين صالحة إميل أمين OPINION الرأي 14 رابحون وخاسرون في صراع الذَّكاء الاصطناعي ومستقبل العمل شبح وسيف غزة... القوة الأممية والسيناريوهات الإسرائيلية تبدو إشكالية غزة وكأنها في مواجهة عقبة جديدة من جانب نتنياهو وحكومته

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky