issue17144

فـــتـــحـــت صــــنــــاديــــق الاقــــــتــــــراع فــــي طـــول ولايـــات الساحل الشرقي للولايات المتحدة، صـبـاح الــثــاثــاء، فــي مـشـهـد يـتـجـاوز حــدود المــنــافــســات المـحـلـيـة المـــعـــتـــادة، لـيـتـحـول إلـى امتحان سياسي مبكر لإدارة الرئيس دونالد تـــرمـــب، بــعــد تـسـعـة أشــهــر عــلــى عـــودتـــه إلــى البيت الأبيض. والـــــــواضـــــــح أن ســـلـــســـلـــة الانــــتــــخــــابــــات المــحــلــيــة تـــلـــك تـــتـــجـــاوز بــأهــمــيــتــهــا الــطــابــع المــنــاطــقــي، لـتـتـحـول إلـــى اسـتـفـتـاء سياسي مبكر على أداء الإدارة الجمهورية وعلى قدرة الديمقراطيين، في المقابل، على إعادة تنظيم صفوفهم. فمن انتخابات حكام ولايتي فيرجينيا ونيوجيرسي، إلى الاستفتاء في كاليفورنيا حــــول إعــــــادة تـقـسـيـم الــــدوائــــر الانــتــخــابــيــة، تـــتـــقـــاطـــع هــــــذه الاســــتــــحــــقــــاقــــات فـــــي كــونــهــا مقياسا دقيقاً، وبروفة وطنية لمزاج الناخب الأميركي، ومؤشرا على الاتجاهات التي قد ، التي 2026 تحكم الانتخابات النصفية عام قــد تــحــدد مــامــح الـنـصـف الـثـانـي مــن ولايــة ترمب الثانية. فيرجينيا: معركة في «حديقة ترمب الخلفية» تــتــجــه الأنـــــظـــــار أولا إلـــــى فــيــرجــيــنــيــا، الــــولايــــة الـــتـــي كـــانـــت دومـــــا مــقــيــاســا لاتــجــاه الـــريـــاح الـسـيـاسـيـة فــي واشــنــطــن. فـالـتـاريـخ الانــتــخــابــي لــلــولايــة يُــظـهـر أن الـــحـــزب الـــذي يـــخـــســـر الـــبـــيـــت الأبـــــيـــــض، غـــالـــبـــا مـــــا يـــفـــوز بـحـكـمـهـا فـــي الـــعـــام الـــتـــالـــي، وهــــو مـــا يضع الــديــمــقــراطــيــة أبـيـغـيـل ســبــانــبــرغــر، الـنـائـبـة السابقة وعميلة الاستخبارات السابقة، في موقع مريح نسبيا في مواجهة الجمهورية وينسوم إيرل-سيرز، نائبة الحاكم الحالية ذات الأصـــــــول الـــجـــامـــايـــكـــيـــة، الـــتـــي تــخــوض معركة صعبة في ظل انقسام قاعدتها بسبب الرئيس ترمب. هـــذه الانــتــخــابــات تُــعــد تـاريـخـيـة، على أي حـــــال، فـمـهـمـا كـــانـــت الـنـتـيـجـة، ستشهد فيرجينيا أول حاكمة امرأة في تاريخها، مع احـتـمـال أن تصبح سـيـرز أول امــــرأة ســـوداء تـتـولـى هـــذا المـنـصـب فــي أي ولايـــة أميركية. لـــكـــن خـــلـــف الـــرمـــزيـــة الـــجـــنـــدريـــة والـــعِـــرقـــيـــة، تـــتـــوارى مـعـركـة أعـمـق حـــول هـويـة الحزبين الكبيرين واتجاهاتهما المقبلة. فــــــــي مــــــقــــــالــــــة افـــــتـــــتـــــاحـــــيـــــة لـــصـــحـــيـــفـــة «واشــــنــــطــــن بـــــوســـــت»، وُصــــفــــت ســبــانــبــرغــر بأنها تمثل «النزعة البراغماتية» في الحزب الـــديـــمـــقـــراطـــي، فــــي مـــقـــابـــل صـــعـــود الــجــنــاح اليساري المتأثر بأسماء، مثل زهران ممداني في نيويورك. وسبانبرغر، التي دعت سابقا الديمقراطيين، إلى الكف عن استخدام كلمة «اشتراكية»، تمثل بوضوح التيار الوسطي، الــــذي يـسـعـى قــــادة الـــحـــزب إلــــى تــعــزيــزه في مواجهة اليسار الشعبوي. أما سيرز فتكابد ثقل ارتباطها السابق بترمب، الذي وصفته، قبل عامين، بأنه «عبء على الحزب»، قبل أن تضطر إلى طلب دعمه الانتخابي المتأخر في الأيام الأخيرة من الحملة. ووفـــق مـراقـبـن، فـــإن أهـمـيـة انتخابات فيرجينيا تتجاوز حـدود الـولايـة لأنها تقع فــــي «فــــنــــاء تـــرمـــب الـــخـــلـــفـــي»؛ حـــيـــث يـعـيـش عــــشــــرات الآلاف مــــن المـــوظـــفـــن الــفــيــدرالــيــن والـــعـــامـــلـــن فــــي الـــعـــقـــود الـــحـــكـــومـــيـــة الـــذيـــن تـأثـروا مباشرة بسياسات تقليص الجهاز الـــحـــكـــومـــي والإغـــــــــاق الإداري الأطــــــــول فـي التاريخ الأميركي. وبالتالي، ستكون نسب الـتـصـويـت فـــي ضـــواحـــي شــمــال فيرجينيا، الـــقـــريـــبـــة مــــن واشـــنـــطـــن، مــــؤشــــرا عـــلـــى مـــدى الــــغــــضــــب الـــشـــعـــبـــي مــــــن ســــيــــاســــات تـــرمـــب الاقتصادية والإدارية. ويــقــول المـحـلـل الـجـمـهـوري ويـــت آيـــرز، لــلــصــحــيــفــة: «إذا ارتـــفـــعـــت نــســبــة المـــشـــاركـــة فـــي شـــمـــال فــيــرجــيــنــيــا، مـــقـــارنـــة بــالــســنــوات السابقة، فسنكون أمام رد فعل حقيقي على أداء ترمب في الحكم». وتشير استطلاعات 10 الرأي الأخيرة إلى تقدم سبانبرغر بنحو نقطة، فـي وقـــت يـبـدو الجمهوريون 12 إلــى التي 2021 أقـل حماسة، مقارنة بانتخابات أوصلت غلين يونغكن إلى الحكم. نيوجيرسي: اختبار الأعصاب للديمقراطيين فــــــي ولايـــــــــة نــــيــــوجــــيــــرســــي المـــــــجـــــــاورة، يـــخـــوض الــجــمــهــوري جــــاك شـــاتـــاريـــلـــي، في مـــحـــاولـــتـــه الـــثـــالـــثـــة، مـــعـــركـــة مـــتـــقـــاربـــة أمــــام الديمقراطية ميكي شيريل، النائبة السابقة وطيارة البحرية السابقة التي تمثل الجيل الجديد من الديمقراطيين الوسطيين. ورغـــــم أن الــــولايــــة تـمـيـل تــاريــخــيــا إلــى المــعــســكــر الـــديـــمـــقـــراطـــي، فــــإن ارتــــفــــاع تكلفة المعيشة، وتآكل الثقة بالحكومة المحلية ذات الأغـلـبـيـة الـديـمـقـراطـيـة، جـعـا الـسـبـاق أكثر احتداما مما كان متوقعاً. وتُــظـهـر اسـتـطـاعـات الــــرأي أن شيريل نقاط 5 و 3 تتقدم بفارق ضئيل يتراوح بين فقط، وهو ما يثير قلقا في صفوف الحزب، ، حين 2021 الـــذي يخشى تـكـرار تجربة عــام خسر حاكم الولاية الديمقراطي فيل مورفي شعبيته، وكـــاد يـهـزم فـي اللحظات الأخـيـرة أمــــــام شـــاتـــاريـــلـــي نــفــســه. ووفــــــق «واشــنــطــن بـوسـت» فــإن الـجـمـهـوري نجح فـي «اخـتـراق الــــقــــواعــــد الـــديـــمـــقـــراطـــيـــة الـــتـــقـــلـــيـــديـــة»، عـبـر الــتــركــيــز عــلــى الــفــئــات الـاتـيـنـيـة والـــســـوداء الـــعـــامـــلـــة، الــــتــــي انــــزلــــقــــت نـــحـــو تــــرمــــب عـــام ، مـدفـوعـة بـشـعـور الإحـــبـــاط مــن الأداء 2024 الاقتصادي والضرائب المرتفعة. في المقابل، تُراهن شيريل على سيرتها المـــهـــنـــيـــة المـــنـــضـــبـــطـــة، وخـــطـــابـــهـــا الـــوســـطـــي الـــذي يـركـز على الأمـــن الاقــتــصــادي، منتقدة سياسات ترمب التجارية التي أسهمت في رفـــع الأســـعـــار، ومـهـاجـمـة مـنـافِــسـهـا، بسبب علاقات شركته السابقة مع شركات الأدويـة المـصـنِّــعـة لــأفــيــونــيــات. وتــحــولــت حملتها، فــي الأسـابـيـع الأخـــيـــرة، إلـــى هـجـوم مباشر، إذ اتهمت خصمها بـأنـه «مـسـؤول عـن وفـاة عشرات الآلاف من الأميركيين» جراء الترويج الخاطئ لتلك العقاقير، ما أدخل السباق في منطقة توتر غير مسبوقة. لـكـن خـلـف هــذا الاشـتـبـاك المـحـلـي، يـرى مـــراقـــبـــون أن الـــســـبـــاق فـــي نــيــوجــيــرســي هو معركة على اسـتـعـادة ثقة الطبقة الوسطى في الحزب الديمقراطي، وسط مؤشرات على اهـتـزاز الـدعـم بـن الناخبين المستقلين. وإذا خسر الديمقراطيون الولاية أو فـازوا بفارق ضئيل، فسيُعد ذلك تحذيرا مبكرا لقيادتهم قبل الانتخابات النصفية المقبلة. كاليفورنيا: معركة الخرائط والمقاعد فــــي الـــســـاحـــل الـــغـــربـــي، يــــراقــــب الـبـيـت الأبـــيـــض بــاهــتــمــام نــتــائــج الاســتــفــتــاء على إعـــــــــادة تـــقـــســـيـــم الــــــدوائــــــر الانـــتـــخـــابـــيـــة فـي كاليفورنيا، الذي قد يغير خريطة التمثيل في مجلس النواب بشكل جذري. الاقـــــــــــتـــــــــــراح المــــــــــدعــــــــــوم مــــــــن الـــــحـــــاكـــــم الـــديـــمـــقـــراطـــي غـــافـــن نـــيـــوســـوم يـــهـــدف إلـــى تـعـزيـز حـصـة الــحــزب فــي الـكـونـغـرس، عبر إعــــادة رســـم بـعـض الـــدوائـــر بـمـا قــد يُقصي مـا بـن أربـعـة إلـى خمسة نــواب جمهوريين ويُحصّن مقاعد ديمقراطية هشة. الاســـتـــفـــتـــاء يـــأتـــي فــــي ســـيـــاق «ســـبـــاق تسلح سياسي» بين الـولايـات، حيث تعمل حــكــومــات جــمــهــوريــة فـــي تــكــســاس ونــــورث كـــارولايـــنـــا ومــــيــــزوري عــلــى تــمــريــر خــرائــط انـتـخـابـيـة أكــثــر انـــحـــيـــازا لــحــزبــهــا. ويــقــول مـحـلـلـون إن الـجـمـهـوريـن قــد يــجــنــون، في المدى القصير، مكاسب تتراوح بين مقعدين وســــتــــة، لـــكـــن فــــي حـــــال أقـــــــرّت كــالــيــفــورنــيــا خــريــطــتــهــا الــــجــــديــــدة، قــــد تــتــغــيــر المـــعـــادلـــة بالكامل، مما يجعل السيطرة على مجلس مـــرهـــونـــة بــنــتــائــج هـــذا 2026 الــــنــــواب فــــي التصويت تحديداً. وإلـــــــى جــــانــــب أثـــــــره الــــوطــــنــــي، يـحـمـل الاســــتــــفــــتــــاء فـــــي طـــيـــاتـــه جــــــــدلا دســـتـــوريـــا متنامياً. فإذا ما قررت المحكمة العليا إلغاء المادة الثانية من «قانون حقوق التصويت»، فقد تزول أي قيود فيدرالية تمنع الولايات من رسم حدود انتخابية تمنح حزبا واحدا السيطرة الكاملة على مقاعدها التشريعية، وهــو سيناريو يـقـول خـبـراء إنــه قـد «يعيد أميركا إلى خرائط القرن التاسع عشر». دلالات سياسية أوسع مــــــــن وجـــــــهـــــــة نــــــظــــــر الـــــــحـــــــزبـــــــن، هــــــذه الانتخابات تمثل بروفة وطنية قبل منتصف . فـالـديـمـقـراطـيـون يــــرون فـيـهـا فرصة 2026 «لــلــنــهــوض مــــجــــدداً» بــعــد سـلـسـلـة نـكـسـات انتخابية، كما قال كين مارتن، رئيس اللجنة الوطنية للحزب، الذي أكد، أن فوز حزبه في فيرجينيا أو نيوجيرسي «سيمنحنا رياحا خلفية قوية نحو الانتخابات المقبلة». أما الجمهوريون فيسعون إلى تقليل التوقعات، إذ قــال رئيس اللجنة الوطنية جـو غروترز إن«النتائج في ولايـات زرقـاء لا تعني شيئا على المستوى الوطني»، وعَــد أن مجرد بقاء المنافسة متقاربة «دليل على أننا أفضل حالا مما كنا عليه». لـكـن مــن الـــواضـــح أن هـــذه الانـتـخـابـات تـــتـــجـــاوز مـــعـــادلـــة الـــربـــح والــــخــــســــارة، فهي أول اخـتـبـار لمــدى عمق الانـقـسـام الأمـيـركـي، بـعـد عــــودة تــرمــب إلـــى الــحــكــم، ومــــدى قـــدرة الـديـمـقـراطـيـن عـلـى بـنـاء خـطـاب اقـتـصـادي واقـعـي يجمع بـن مـقـاومـة سـيـاسـات البيت الأبيض، واستعادة ثقة الطبقة العاملة. كــــمــــا أنـــــهـــــا تـــــقـــــدم قــــيــــاســــا لمــســتــقــبــل التيارات داخــل الحزب الديمقراطي نفسه: هــــل يــنــتــصــر نـــهـــج الـــوســـطـــيـــن مــــن أمـــثـــال سبانبرغر وشيريل، الذين يرفعون شعار الـــواقـــعـــيـــة والــــــتــــــوازن، أم يـــفـــرض الــيــســار الراديكالي منطقه كما في تجربة نيويورك. وإجـــــمـــــالاً، يـــــرى المـــحـــلـــلـــون أن نـــتـــائـــج يـــوم الـثـاثـاء الـطـويـل ستعطي إشــــارات مبكرة حــول التحالفات الـجـديـدة داخـــل الحزبين، وما إذا كان الأميركيون مستعدين بعد عام من حكم ترمب الثاني، للعودة إلى الاعتدال أم لمزيد من الاستقطاب. وتــــجــــري هـــــذه المــــعــــارك المــحــلــيــة عـلـى خلفية غير مسبوقة من الجمود الفيدرالي، إذ لا يـــــزال الإغـــــاق الــحــكــومــي الأطـــــول في تــــاريــــخ الـــــولايـــــات المـــتـــحـــدة يُـــلـــقـــي بــظــالــه عـــلـــى الـــحـــيـــاة الـــيـــومـــيـــة لمــــايــــن المـــوظـــفـــن الـــــفـــــيـــــدرالـــــيـــــن، خـــــصـــــوصـــــا فـــــــي ولايـــــــــات كــفــيــرجــيــنــيــا ومـــيـــريـــانـــد ونــيــوجــيــرســي. وبــيــنــمــا يـــتـــبـــادل تـــرمـــب والــديــمــقــراطــيــون الاتـهـامـات حــول المـسـؤولـيـة، يجد الناخب الأميركي نفسه أمام خيار رمزي: إما تأييد سياسة الـصـدام مـع المؤسسات التقليدية، أو منح فرصة للقوى الوسطية لاستعادة التوازن. قلق الحلفاء لا تـــتـــابـــع أوروبـــــــــا هـــــذه الانـــتـــخـــابـــات بــــوصــــفــــهــــا شـــــأنـــــا داخـــــلـــــيـــــا فــــحــــســــب، بــل بـاعـتـبـارهـا مــؤشــرا عـلـى اســتــقــرار الشريك الأمــــيــــركــــي فــــي مــــرحــــلــــة تـــشـــهـــد اضـــطـــرابـــا متزايدا في النظام الدولي. ونقلت صحف عــدة عـن دبلوماسيين أوروبــــيــــن قـلـقـهـم مـــن أن تـــــؤدي الــخــســارة المـبـكـرة للجمهوريين فــي ولايــــات أساسية إلــى دفــع إدارة تـرمـب نحو تـشـدد أكـبـر في الـسـيـاسـة الــخــارجــيــة، ســــواء عـبـر تصعيد المـواجـهـة الاقـتـصـاديـة مـع الـصـن أم إعــادة الـنـظـر فــي الــتــزامــات واشـنـطـن داخـــل حلف «الناتو»، كما يخشى الأوروبيون أن تتكرر ، حــــن لـــجـــأ تـــرمـــب إلـــى 2018 تـــجـــربـــة عـــــام التصعيد الـتـجـاري والـعـسـكـري الخارجي لتعويض التراجع الشعبي الداخلي. أما إذا حقق الجمهوريون مكاسب رمزية، فقد يُعد ذلـك تفويضا غير مباشر لاستمرار النهج الأحــــــادي الــــذي يُــقــلــق الــحــلــفــاء، خـصـوصـا بعد خفض المساهمات الأميركية في برامج الدفاع المشترك. فـي كـل الأحـــوال، يــدرك الأوروبــيــون أن نتائج الانتخابات المحلية الأميركية لم تعد شأنا داخلياً، بل مؤشر على الاتجاه الذي ستسلكه الــقــوة الـعـظـمـى فــي تـعـامـلـهـا مع العالم، خلال العامين المقبلين. 11 أخبار NEWS Issue 17144 - العدد Wednesday - 2025/11/5 الأربعاء الانتخابات المحلية تجرى في ظل أطول إغلاق حكومي ASHARQ AL-AWSAT قلق أوروبي من أن خسارة الجمهوريين قد تدفع الرئيس الأميركي إلى تشدد خارجي أكبر الانتخابات الأميركية... اختبار لترمب والديمقراطيين أميركية تثبت لافتة ترشد الناخبين إلى مركز للاقتراع في ميامي (أ.ب) واشنطن: إيلي يوسف انتخابات نيويورك مطعّمة بالانقسامات والاستقطابات في وقت كان سكان نيويورك يختارون فيه الرئيس المقبل لبلدية مدينتهم، وجّــه الرئيس الأميركي دونالد تــرمــب تــحــذيــرا غـيـر مـعـتـاد مـــن الانــتــخــاب المــتــوقــع منذ عاماً)، وهو 34( أسابيع للمرشح المسلم زهـران ممداني مــا يعكس تعمق الاسـتـقـطـابـات والانـقـسـامـات الجيلية والآيديولوجية بين الجمهوريين والديمقراطيين في كل أنحاء الولايات المتحدة. وعـــبّـــر الــرئــيــس تــرمــب عـــن هـــذه الانــقــســامــات الـتـي تظهرها هذه الانتخابات بعدما أظهرت كل الاستطلاعات أن مـمـدانـي يـتـقـدم بـقـوة وثــبــات فــي مـواجـهـة المرشحين الآخــريــن، الحاكم السابق للولاية المستقل أنـــدرو كومو عــامــا). 71( عـــامـــا)، والــجــمــهــوري كــورتــيــس سـلـيـوا 67( وترقب النيويوركيون خصوصا نتائج هذه الانتخابات التي يمكن أن تعيد تشكيل هياكل السلطة في أكبر مدينة أميركية، إذا فاز ممداني، وأن توجه رسالة على مستوى الــولايــات المتحدة حيال مسار الـحـزب الديمقراطي بعد الهزيمة الكارثية التي مني بها أمام الجمهوريين بقيادة الرئيس ترمب خلال الانتخابات الرئاسية التي أجريت فـي مثل هــذا الـيـوم خــال الـعـام المـاضـي. ويـأتـي ذلــك في خـضـم تــصــادم بــن الــقــوى المحلية فــي نـيـويـورك وكـذلـك الـوطـنـيـة بــن الـحـزبـن الـجـمـهـوري والــديــمــقــراطــي، بما فـي ذلـك تصاعد حملات الترحيل، وازديـــاد الاستقطاب السياسي، والقلق الاقتصادي بشأن غلاء المعيشة. واســـتـــأثـــرت الـــحـــمـــات الانــتــخــابــيــة فـــي نــيــويــورك بــاهــتــمــام كــبــيــر فـــي كـــل أنـــحـــاء الـــعـــالـــم، وهــــو مـــا يـعـود جزئيا إلى كون «الاشتراكي» اليساري ممداني سيكون خيارا غير متوقع في مدينة تعد عاصمة رأس المـال في الولايات المتحدة والعالم. وهو يسعى إلى فرض ضرائب على الأثــريــاء لتمويل بـرامـج اجتماعية جـديـدة واسعة النطاق، بما فيها استخدام الأموال لجعل حافلات المدينة مـجـانـيـة، وتـوفـيـر رعــايــة أطــفــال مـجـانـيـة وشــامــلــة. كما وعد بتجميد الإيجارات لمن يعيشون في حوالي مليون شقة خاضعة لقوانين الإيـجـار. وهـو رفـض وجــود دولة يهودية في إسرائيل. كما أنه سيكون أول مسلم يتولى هذا المنصب. وقــبــل ســاعــات مــن فـتـح صــنــاديــق الاقـــتـــراع صباح الــثــاثــاء، حـــض تـرمـب سـكـان نـيـويـورك عـلـى التصويت لكومو، مهددا بحجب الأمــوال الفيدرالية عن المدينة في حـــال انـتـخـاب مــمــدانــي. وفـــي تصعيد إضــافــي لخطابه المعادي لممداني، استنكر ترمب في منشور على منصته «تــــــروث ســـوشـــيـــال» لــلــتــواصــل الاجـــتـــمـــاعـــي دعــــم يـهـود نيويورك لممداني. وكتب أن «أي يهودي يصوت لزهران ممداني، الذي يصرح بكرهه لليهود، هو شخص غبي!!!». ولطالما نفى ممداني أن يكون معاديا للسامية. بل هو تواصل مع الجالية اليهودية، وتعهد بحماية يهود نيويورك عند فوزه. ويشكل فوز ممداني برئاسة بلدية المدينة صعودا استثنائيا لنجوميته السياسية، ويمنح نـمـوذجـه من الشعبوية الاقتصادية أحد أبرز المناصب السياسية في أمـيـركـا. وجـعـل السباق ممداني شخصية وطنية، لأنه أثار غضب ترمب والجمهوريين الآخرين، الذين حاولوا تصويره كوجه لحزب ديمقراطي جديد أكثر تطرفاً. كما هدّد ترمب بالاستيلاء على المدينة في حال فوز ممداني، بـالإضـافـة إلـــى اعـتـقـال وتـرحـيـل عـضـو جمعية الــولايــة، المولود في أوغندا ولكنه مواطن أميركي. أمـــــا فـــــوز كــــومــــو، فــــســــوف يــــكــــون مـــفـــاجـــأة كـــبـــرى. وهـو يحقق عــودة سياسية لافتة بعد أربــع سـنـوات من اسـتـقـالـتـه مـــن مـنـصـب الــحــاكــم بـسـبـب وابــــل مـــن مــزاعــم التحرش الجنسي. وبالنسبة إلى سليوا، مؤسس فرقة «ملائكة الغارديان» لمكافحة الجريمة، وأحد رواد صحف نـــيـــويـــورك الـشـعـبـيـة لــفــتــرة طــويــلــة، فــــإن الـــفـــوز سيضع جـمـهـوريـا عـلـى رأس أكــبــر مـديـنـة فـــي الـــبـــاد، فـــي وقـت يبحث فيه كثير من سكان نيويورك عن قائد قـادر على التصدي للرئيس ترمب. وأيّــد ترمب كومو على مضض عشية الانتخابات، قـــــائـــــا إن مــــمــــدانــــي ســـيـــجـــلـــب «كــــــارثــــــة» عـــلـــى المـــديـــنـــة. وشجع مؤيدي سليوا على التصويت للحاكم السابق، الــــذي تــعــرض لـهـزيـمـة فـــي الانــتــخــابــات الأولـــيـــة للحزب الديمقراطي أمام ممداني. وبــدل أن يتراجع بشكل تــام، ترشح كومو بوصفه مستقلاً، معتمدا على دعم المعتدلين والجمهوريين للفوز. وأمل أن يمنحه خروج رئيس البلدية الحالي إريك آدامز المتأخر من السباق وتأييده النهائي دفعة بين قواعدهم المــتــداخــلــة مـــن الــوســطــيــن والــنــاخــبــن الـــســـود والــيــهــود المـتـشـدديـن. كما حصل على تأييد رئـيـس بلدية مدينة نيويورك السابق مايكل بلومبرغ، الملياردير الذي تبرع مليون دولار للجنة عمل سياسي تدعم كومو 1.5 بمبلغ في الأيام الأخيرة من المنافسة. وأثــــار مـمـدانـي ضـجـة وطـنـيـة وحــصــل عـلـى تأييد من تقدميين بـارزيـن، بينهم السيناتور بيرني ساندرز والنائبة ألكساندريا أوكاسيو كورتيز. وفي الوقت نفسه، أثارت انتقادات ممداني السابقة لشرطة المدينة والعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة - التي وصفها بالإبادة الجماعية - قلق بعض الوسطيين الذين يرون فيه انتكاسة محتملة في جهودهم لتوسيع نطاق الجاذبية الوطنية للحزب. وأجريت الانتخابات الثلاثاء في إجراء تقليدي، ما يعني أن المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات يفوز. حُــددت الانتخابات التمهيدية للحزب في المدينة باستخدام نظام التصويت بالاختيار التصاعدي، الذي سمح للناخبين بترتيب المرشحين حسب الأفضلية. واشنطن: علي بردى زهران ممداني المرشح الديمقراطي لانتخابات نيويورك يدلي بصوته بضاحية كوينز (أ.ف.ب)

RkJQdWJsaXNoZXIy MTI5OTky