12 حــصــاد األســبـوع ANALYSIS قالوا ASHARQ AL-AWSAT Issue 16916 - العدد Saturday - 2025/3/22 السبت مرحلة حساسة في تعايش أميركا الالتينية مع العهد «الترمبي» على الرغم من اختيار الرئيس األميركي دونالد ترمب السيناتور ماركو روبيو، أبرز «صـــقـــور» الـــديـــاســـبـــورا األمــيــركــيــة الـاتـيـنـيـة فــي واشــنــطــن، ملنصب وزيـــر الـخـارجـيـة، فـإن الرئيس العائد لم يكشف حتى اآلن عن نياته الحقيقية، وال عـن تفاصيل برنامجه بشأن مـــا تُـــوصـــف تـقـلـيـديـا بـــ«الــحــديــقــة الـخـلـفـيـة» لواشنطن ودائــرة نفوذها العميق منذ عقود طويلة. السبب في ذلك هو أن جل اهتمام ترمب حتى الساعة يبدو منصبّا على تحقيق وعده األكبر في السياسة الخارجية بإنهاء الحرب في أوكرانيا، والتفرغ الحقا للملفات الرئيسة األخرى، التي ما زال التركيز عليها دون ما هو على الحرب األوكرانية. فقط المكسيك وبنما فـــي الـــخـــطـــاب الـــــذي افــتــتــح بـــه تـرمـب واليــتــه الـرئـاسـيـة الـثـانـيـة لــم يـشـر إلـــى أي منطقة أو دولـــة فــي الـعـالـم ســـوى الـحـدود الجنوبية للواليات املتحدة وبنما. إال أنه إبــان واليته األولـــى، كـان ترمب أول رئيس عـقـود ال يـــزور أي دولـــة في 7 أميركي منذ أمـــيـــركـــا الــاتــيــنــيــة، بــاســتــثــنــاء مـشـاركـتـه لــــســــاعــــات مـــــعـــــدودة فـــــي «قــــمــــة مــجــمــوعــة الــعــشــريــن» الــتــي اسـتـضـافـتـهـا األرجـنـتـن . وفي حملته االنتخابية األخيرة، 2018 عام ، لـم يـذكـر أميركا 2016 كما فـي حملة عــام الـــاتـــيـــنـــيـــة إال مـــــن بــــــاب كـــونـــهـــا املـــصـــدر الرئيس للهجرة غير الشرعية إلى الواليات املـــتـــحـــدة، وبـــــــؤرة لــلــمــنــظــمــات اإلجـــرامـــيـــة الـتـي تـغـرق الــســوق األمـيـركـيـة بـاملـخـدرات والـعـنـف، متوعدًا بتضييق الحصار على كوبا، وإسقاط نظام مادورو في فنزويل. يعود ترمب إلـى البيت األبـيـض وفي جــعــبــتــه إحــــبــــاط ملــــا تــــعــــذّر عــلــيــه تـحـقـيـقـه خــــــال الـــــواليـــــة األولــــــــى مــــن وعـــــــود بــشــأن أمــــيــــركــــا الـــاتـــيـــنـــيـــة، ويــــبــــدي مـــزيـــجـــا مـن الغضب وعدم االكتراث بهذه املنطقة التي، رغـــم أهـمـيـتـهـا االسـتـراتـيـجـيـة الـتـاريـخـيـة بـالـنـسـبـة لـــلـــواليـــات املــتــحــدة ، يـنـحـو إلــى التعامل معها بأسلوب الوصاية والتبعية والقدرة الواثقة من فرض الشروط عليها، ال من باب املصالح املشتركة والحرص على استقرارها السياسي واالجتماعي. وليس أدل على نظرته الفوقية إلى هذه املنطقة، وعلى املخاوف التي تساور «الدائرة الـضـيـقـة» الــنــافــذة الــتــي دعــمــت وصـــولـــه إلـى الــبــيــت األبـــيـــض، مـــن الـــقـــرار الـتـنـفـيـذي الـــذي أصــــــــدره بـــعـــد أيـــــــام مــــن جـــلـــوســـه فــــي املــكــتــب الــــبــــيــــضــــاوي بـــــإعـــــان «اإلنــــجــــلــــيــــزيــــة» الــلــغــة الــرســمــيــة الـــوحـــيـــدة فـــي الــــواليــــات املــتــحــدة. وبـــذا تجاهل أن اإلسـبـانـيـة هـي اللغة األم ملا مــلــيــونــا مـــن ســكــانــهــا، وأنــهــا 45 يـــزيـــد عــلــى منتشرة عـلـى نـطـاق واســـع لـيـس فحسب في املــــدن الــكــبــرى مــثــل لــــوس أنـجـلـيـس ومـيـامـي ونـــيـــويـــورك، بـــل أيـــضـــا فـــي الــعــمــق األمــيــركــي واملناطق الزراعية الشاسعة. أطــلــق الـرئـيـس 1823 لـلـتـذكـيـر، فـــي عــــام األميركي (يومذاك) جيمس مونرو في خطاب أمــــــام الـــكـــونـــغـــرس شــــعــــاره الــشــهــيــر «أمـــيـــركـــا لــأمــيــركــيــن». ولــقــد بـنـيـت عــلــى هــــذا الـشـعـار إحـــدى أقـــدم الـسـيـاسـات الـخـارجـيـة األميركية الــتــي صــــارت تُــعـرف بـــ«شــرعــة مـــونـــرو»، الـتـي كــــانــــت عـــمـــلـــيـــا تــــحــــذيــــرًا مـــوجـــهـــا إلــــــى الــــــدول األوروبـــيـــة الـكـبـرى (يـــومـــذاك) بـــأال تـتـدخـل في شؤون القارة األميركية، بعدما «كرّت سبحة» اســـتـــقـــال الـــبـــلـــدان األمـــيـــركـــيـــة الــاتــيــنــيــة عـن األنظمة امللكية في إسبانيا وفرنسا والبرتغال. بـــيـــد أن هـــــذه الـــعـــقـــيـــدة، الـــتـــي بـــــدت فـي ظاهرها «وقفة تضامنية» مع بلدان املنطقة الــــظــــافــــرة بــاســتــقــالــهــا بـــعـــد حــــــروب طــويــلــة ومــــدمِّــــرة مـــع الـــقـــوى االســتــعــمــاريــة، تـحـوَّلـت ســــريــــعــــا إلـــــــى ســــيــــاســــة تــــوسُّــــعــــيــــة لـــحـــمـــايـــة مصالح واشنطن االقتصادية، وأداة للتدخل السياسي والعسكري واالقتصادي في شؤون دول الجوار. وبالفعل، لم تتردد واشنطن يومها في اعتبار أي محاولة أوروبية للتدخل في شؤون بلدان املنطقة اعتداء على املصالح األميركية، والتأكيد على أن واشنطن ستتولى الدفاع عن «سيادة القارة» األميركية. بين األمس واليوم لــم يـكـن تنفيذ تـلـك الـسـيـاسـة سـهـا في تلك الفترة؛ ألن الـواليـات املتحدة يـومـذاك ما كانت الـقـوة العظمى التي نعرفها الـيـوم، بل كـانـت دولـــة ضعيفة مـقـصـورة على ساحلها سنة على استقللها. 50 الشرقي بعد أقل من لـكـن تـلـك «الــشــرعــة» بـقـيـت راســخــة بوصفها واحدًا من األسس التي قامت عليها السياسة الخارجية األميركية، وبدأت تظهر تجليّاتها العملية أواخــــر الــقــرن الـتـاسـع عـشـر ومطالع الـقـرن الـعـشـريـن. واسـتـمـرَّت بعد ذلــك إلــى أن كان أخطر فصولها «أزمة الصواريخ الروسية فــــي كــــوبــــا» الـــتـــي وضـــعـــت الـــعـــالـــم عـــلـــى شـفـا مواجهة نووية. مـــع أن «شـــرعـــة مــــونــــرو» لـــم تــعــد قـابـلـة لــلــتــطــبــيــق الـــــيـــــوم كـــمـــا فـــــي املـــــاضـــــي، فــإنــهــا تــــرسَّــــخــــت عــــلــــى مـــــــر الــــعــــقــــود فـــــي الـــذهـــنـــيـــة السياسية األميركية تجاه البلدان املجاورة، وتحوَّلت إلى الهاجس الرئيس لهذه البلدان في علقاتها مع واشنطن التي ال تـزال تلعب دورًا فاعل جدًا في سياسات هذه البلدان. مـــــن جــــهــــة ثــــانــــيــــة، بــــعــــدمــــا كـــــانـــــت تــلــك «الــــــشــــــرعــــــة» أســــــاســــــا لــــســــيــــاســــة واشــــنــــطــــن وجهوزيتها السـتـخـدام الـقـوة العسكرية من أجـــل مـنـع تـــمـــدّد نــفــوذ الـــــدول األوروبــــيــــة إلـى مستعمراتها السابقة، تجد الواليات املتحدة نفسها اليوم في مواجهة تحد مختلف يهدد مصالحها االقـتـصـاديـة واالسـتـراتـيـجـيـة في املنطقة. إنــــــــه تــــــحــــــدّي الـــتـــغـــلـــغـــل الــــصــــيــــنــــي فــي حديقتها الخلفية، الـذي بات يهدد هيمنتها االقتصادية التاريخية على جوارها اإلقليمي. وما يزيد من خطورة هذا التحدي أنه يتزامن مع بداية انحسار الهيمنة األميركية، وتراجع النفوذ األوروبـــي، وازديـــاد الثقة الذاتية لدى القوى االقتصادية الناشئة. العمالق الصيني لـسـنـوات عــديــدة لــم يـكـتـرث األمـيـركـيـون كــثــيــرًا لــخــطــورة الـتـغـلـغـل الـصـيـنـي الـبـطـيء - والــبــعــيــد غــالــبــا عـــن األضــــــواء - فـــي أمـيـركـا الـــاتـــيـــنـــيـــة، وتـــــحـــــوُّل بـــكـــن شـــريـــكـــا تـجـاريـا واستثماريا في املرافق الحيوية. ولكن خــال الـسـنـوات الخمس األخـيـرة، وحـــــدهـــــا، وقَّـــــعـــــت الــــصــــن اتــــفــــاقــــات واســـعـــة للشراكة االستراتيجية مع كل من األرجنتي والـــبـــرازيـــل وتـشـيـلـي واإلكـــــــــوادور واملـكـسـيـك 2017 وبــــيــــرو وفــــنــــزويــــا. وغـــــــدت مـــنـــذ عـــــام الـشـريـك الـتـجـاري األول لـبـلـدان املنطقة على صعيد الـــصـــادرات، بـعـدمـا سـجَّــلـت املــبــادالت في 30 الــتــجــاريــة بـــن الــطــرفــن نــمــوًا بـنـسـبـة املائة ذلك العام. في موازاة ذلك، بلغ مجموع االستثمارات الصينية فــي أمـيـركـا الـاتـيـنـيـة نـهـايـة الـعـام مــلــيــار دوالر. وأعـــلـــن الـرئـيـس 241 املـــاضـــي الصيني تشي جينبينغ أخيرًا أن استثمارات بـــاده فــي املنطقة ستتضاعف فــي الـسـنـوات الــخــمــس املــقــبــلــة، إذ ســتــتــجــاوز نــســبــة نمو االسـتـثـمـارات الصينية املـبـاشـرة فــي أميركا الــاتــيــنــيــة بـكـثـيـر نـسـبـة نــمــو االســـتـــثـــمـــارات األميركية واألوروبية. هــــــــذا، ومــــنــــذ عــــــــودة تــــرمــــب إلـــــــى الـــبـــيـــت األبـــــيـــــض، كـــــــرّر املــــســــؤولــــون الـــصـــيـــنـــيـــون فـي مـنـاسـبـات عـــدة أن ألمــيــركــا الـاتـيـنـيـة أهـمـيـة استراتيجية بالنسبة لنمو االقتصاد الصيني، وأن الـتـزامـات الحكومة الصينية تجاه بلدان املنطقة التزامات طويلة األمد. وتَبدَّى هذا األمر غير مرة في املنتدى الذي يجمع الصي وبلدان أميركا اللتينية وحوض الكاريبي، الذي كان مــن قـــــرارات دورتــــه األخـــيـــرة الــتــي انـعـقـدت في تشيلي، وضع خطة عمل تمتد لخمس سنوات، وإنـــشـــاء خــط للنقل الـبـحـري امـــتـــدادًا إقليميا ملشروع «طريق الحرير». وبــعــدمــا كــانــت االســتــثــمــارات الصينية جميعها في السابق تركّز على البُنى التحتية واستخراج املعادن في أميركا اللتينية، انتقل التركيز اآلن إلـى القطاعات التصنيعية. وما يــزيــد مـــن مـــخـــاوف واشــنــطــن االسـتـراتـيـجـيـة اآلن، أن رغـبـة الـصـن فــي إرســــاء دورهــــا قــوة بـديـلـة فــي الـنـظـام الـعـاملـي لــم تــواجــه أصـواتـا معترضة في أميركا اللتينية. ال تصدير للنموذجين السياسي واالقتصادي ثمة مسألة أساسية أخـرى تجعل بلدان أميركا اللتينية أكثر انفتاحا على التعاون مـع الـصـن فـي علقاتها الثنائية واملـتـعـددة األطـــــــراف، هـــي أن بــكــن ال تـــبـــدي أي اهـتـمـام لتصدير نموذجها السياسي أو االقتصادي أو االجتماعي إلـى هـذه البلدان، كما يحصل مع الواليات املتحدة أو االتحاد األوروبي. والحقيقة أن هذه البلدان ترفض، بطرق مـخـتـلـفـة، االنـــتـــقـــادات الــغــربــيــة لـنـمـوذجـيـهـا االقــتــصــادي واالجــتــمــاعــي، وتـعـدهـا انتهاكا لسيادتها. ولقد تسبب ذلك غير مرة في اتجاه دول أميركية التينية حليفة تقليديا للواليات املتحدة إلى تفضيل التعاون مع الصي على حساب علقاتها مع واشنطن. ال شــك فــي أن هـــذا الـــواقـــع دفـــع بــــاإلدارة األمــيـــركـــيـــة الـــجـــديـــدة إلــــى تـغـيـيـر جـــــذري في أسلوبها للتعامل مـع دول الـجـوار األميركي الـــاتـــيـــنـــي، كــالــتــهــديــد بـــاســـتـــعـــادة الـسـيـطـرة على قناة بنما، واسـتـخـدام الـقـوة العسكرية إذا اســـتـــدعـــى األمـــــــر، أو الـــتـــرحـــيـــل الــقــســري لـلـمـهـاجـريـن غــيــر الــشــرعــيــن إلــــى كـولـومـبـيـا وفـــنـــزويـــا، أو إبـــعـــاد آخـــريـــن إلــــى اإلكــــــوادور والسلفادور، وتجاوز األحكام القضائية التي مـنـعـت ذلـــــك، أو دفــــع املـكـسـيـك - تــحــت وطـــأة الـتـهـديـد بــفــرض زيـــــادة كـبـيـرة عـلـى الــرســوم الـجـمـركـيـة - إلـــى نـشـر قـواتـهـا املـسـلـحـة على امتداد الحدود املشتركة ملنع تسلل عصابات االتجار باملخدرات إلى الواليات املتحدة... بل والتلميح إلــى إرســـال قـــوات أميركية خاصة ملــاحــقــة هــــذه الـعـصـابـات فـــي حــــال امـتـنـعـت حكومة املكسيك عن التجاوب. روبيو ملتقيا الرئيس الغواتيمالي برناردو أريفالو في غواتيماال سيتي خالل فبراير الماضي (أ.ب) بعد مرور شهرين على انطالق الوالية الثانية لدونالد ترمب، ما زال ملف العالقات بني واشنطن وجوارها األميركي الالتيني موضع تساؤالت وتخمينات حول موقعه في تراتبية أولويات اإلدارة األمـيـركـيـة الـجـديـدة. إنــه مـا زال كـذلـك رغــم املـؤشـرات الكثيرة التي وردت في خطاب القَسَم الرئاسي أواخــر يناير (كانون الثاني) املاضي، وما تالها من خطوات بشأن ترحيل املـهـاجـريـن غير الـشـرعـيـ ، وإعـــ ن الـحـرب على التنظيمات اإلجـرامـيـة الناشطة فـي تـجـارة املــخــدرات، وفـــرض حـزمـة من الرسوم الجمركية اإلضافية على البضائع والسلع الواردة من املكسيك، أحد الشركاء التجاريني األساسيني للواليات املتحدة، ناهيك من التوعد باسترجاع السيطرة على قناة بنما، وإطالق التهديدات باتجاه كولومبيا وكوبا وفنزويال. بين اإلجراءات الشعبوية... والتحسّب من التضييق على الصين مدريد: شوقي الريّس عالمات استفهام حيال الخطاب «الترمبي» وتأثير شعبويته على الديمقراطيات الهشّة بعد شهرين على عودة دونالد ترمب إلى البيت األبيض، تظل > ملمح سياسته األميركية اللتينية وإمكانيات تحقيق أهدافها، موضع ترقب. وكأمثلة، هناك انتظار معرفة خطوات اإلدارة الجديدة تجاه كوبا وفنزويل، وتطورات ملف الهجرة والحملة املعلنة على التنظيمات اإلجرامية التي ال يكف الرئيس األميركي عن اتهامها بإغراق سوق الواليات املتحدة باملخدرات املمنوعة. ولـــيـــس واضــــحــــا بـــعـــد مـــــآل الــــحــــرب الـــتـــجـــاريـــة املـــفـــتـــوحـــة مـع املكسيك، ومــا إذا كـانـت واشنطن قـد اكتفت بما أثمرته مباحثات وزيـر الخارجية األميركية ماركو روبيو في بنما النتهاء ما تعده واشنطن «السيطرة الصينية» على القناة، وما الدور الذي ستلعبه األنظمة التي أعلنت تحالفها مع «العهد الترمبي» مثل النظامي األرجنتيني والسلفادوري. تــرقّــب كبير أيـضـا مــا زال يـخـيّــم عـلـى الـعـاقـات مــع الـبـرازيـل، حيث يقيم ترمب صلت وطيدة مع عائلة الرئيس اليميني السابق جايير بولسونارو، الذي جرّده القضاء مؤخرًا من حق الترشّح في االنتخابات الرئاسية املقبلة. وفي املقابل، اختار الرئيس البرازيلي الحالي لويس أيناسيو لوال، جانب الحذر حتى اآلن في مواقفه من سياسات ترمب التي لم تفتح أي معركة تجارية مع بلده بعكس ما فعلت مع املكسيك. وهــنــا يــقــول الــخــبــراء فــي الــعــاقــات بــن واشـنـطـن وحـكـومـات أميركا اللتينية إن العامل الرئيس الذي سيحكُم السياسة األميركية اعتبارًا من اآلن مع بلدان املنطقة هو الدور الصيني ومدى تغلغله فـيـهـا. وال شــك فــي أن أســلــوب تـرمـب وخـطـابـه األمــيــركــي اللتيني يـخـرجـان كليا عـن املــألــوف الـدبـلـومـاسـي فـي عـاقـات واشـنـطـن مع جيرانها. ومـــن الــواضــح أن «عـقـيـدة تــرمــب» بـشـأن أمـيـركـا اللتينية تنطلق من مقتضيات سياسته الداخلية، إذ يطرح ترمب أمام ناخبيه -وبـخـاصـة قـاعـدتـه الشعبية اللتينية اليمينية التي لعبت دورًا حاسما في وصوله إلى البيت األبيض- وعودًا تكاد تــكــون حـربـيـة لكنها مــجــرد خـطـابـيـة فــي الـجـوهـر -فـــي مسائل الـــتـــصـــدي لـلـمـلـفـات اإلقــلــيــمــيــة الــشــائــكــة مــثــل كـــوبـــا وفــنــزويــا واملـخـدرات والهجرة. وهـو حريص على أن تكون على تعارض تام مع سياسات أسلفه الديمقراطيي، ولكن غالبا في الظاهر وليس في املضمون. هـــذه الـسـيـاسـة األمـيـركـيـة «الـــجـــديـــدة» إزاء الـــجـــوار األمـيـركـي الـاتـيـنـي، فــي حُــلـتـهـا الـتـرمـبـيـة، وانــحــيــازهــا الـفـاضـح إلـــى جانب األنظمة اليمينية املتطرفة والشعبوية، تزيد من مخاوف املراقبي بـشـأن مستقبل الـديـمـقـراطـيـة والــحــريــات الـعـامـة وحــقــوق اإلنـسـان في املنطقة، بعد عقود من اإلنجازات التي سجلتها غالبية البلدان األميركية اللتينية في هذه املجاالت. وإذ تـقـبِــل عـــدة بــلــدان فــي املـنـطـقـة عـلـى انـتـخـابـات عـامـة هـذه السنة والتي تليها، يتخوّف كثيرون من حملت انتخابية تنطلق تحت شـعـارات شعبوية متطرفة مثل «املكسيك أوالً» و «الـبـرازيـل أوالً»، وبـتـمـويـل خـــارجـــي ســخــي -خــصــوصــا فــي الــبــلــدان الــتــي ما زالــت أنظمتها الديمقراطية هشة، أو تعاني من أزمــات اقتصادية واجتماعية حادة. ويــزيــد مــن خــطــورة تــداعــيــات هـــذه الـسـيـاسـة إزاء املـنـطـقـة أن الــبــلــدان األمـيـركـيـة الـاتـيـنـيـة مــا زالــــت تـتـلـمّــس -بـــصـــورة مـنـفـردة- طـريـقـتـهـا الــذاتــيــة لـلـتـعـامـل مـــع «الـهـجـمـة الــتــرمــبــيــة»، والـــــرد على التهديدات والشروط التي تفرضها، وليس في األفق ما يؤشر إلى احتمال التوافق قريبا على موقف إقليمي مشترك، على األقــل من العناوين الكبرى لهذه الهجمة. «مـــــا نـــواجـــهـــه الــــيــــوم هــــو شـــــيء لـم نـعـهـده مــن قـبـل؛ لـذلـك حـرصـت الـقـيـادة الـسـيـاسـيـة عـلـى تـطـويـر قــــدرات الــقــوات املسلحة استنادًا إلـى نهج استراتيجي يــقــوم عـلـى أســــاس فــكــرة تــنــوع مـصـادر السلح، بحيث ال تعتمد القوات املسلحة على دولة بعينها في التسليح». غريب عبد الحافظ الناطق العسكري للقوات المسلحة المصرية «مـن العلمات التي ستُظهر أن الـذكـاء االصطناعي أصبح موجودًا فــــي كــــل مــــكــــان هــــو عـــنـــدمـــا تــتــجــول الــــروبــــوتــــات الــشــبــيــهــة بــالــبــشــر فـي األنحاء. هذه ليست مشكلة تبعد عنا خمس سـنـوات، بـل بضع سـنـوات... أعـــتـــقـــد أنـــــه يــنــبــغــي تــوجــيــهــهــا إلـــى املصانع أوالً». جنسن هوانغ الرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» «ال يـــنـــبـــغـــي لــــلــــجــــزائــــر أن تــــــجــــــادل عــــنــــدمــــا يـــــكـــــون هـــنـــاك اقتناع، من خـال هوية أو جواز ســــفــــر، بــــــأن املــــــواطــــــن جـــــزائـــــري. يجب عليها إعادة قبوله... نحن لـسـنـا عــدائــيــن، ال نــريــد الـحـرب مـــع الـــجـــزائـــر. الــجــزائــر هـــي الـتـي تهاجمنا!». وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو «ما أُعلن (عن القمة األميركية - الروسية األخـــيـــرة) يـــدل عـلـى أن روســيــا ال تــريــد حقا تقديم أي تنازالت... إن مطالب روسيا بوقف املساعدات العسكرية الغربية ألوكرانيا غير مــقــبــولــة. يــجــب أن يـــكـــونـــوا (األوكــــرانــــيــــون) جاهزين للدفاع عن أنفسهم، وأقـوى ضمان أمني هو جيش أوكراني قوي». كايا كاالس مسؤولة االتحاد األوروبي لشؤون السياسة الخارجية يعود ترمب وفي جعبته إحباط لما تعذّر عليه تحقيقه خالل الوالية األولى من وعود بشأن أميركا الالتينية
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==