فـي الـوقـت الــذي يـواصـل إيـلـون ماسك «تجفيف املستنقع» داخــــل واشــنــطــن، فـــإن خـطـتـه لتقليص حـجـم مـوظـفـي الحكومة الفيدرالية األميركية قد تسفر عن عدد من العواقب غير املقصودة. بالتأكيد قلة من الناس فقط هم مَن قد يعترضون على وقف مليون موظف مدني سابق، ممن ال يزالون 20 دفع مبالغ شهرية لـ يتقاضون معاشاتهم التقاعدية بعد سنوات من وفاتهم ودفنهم. وأقل من ذلك قد يوافقون على توجيه ماليني الـدوالرات من املـسـاعـدات إلـى منظمات غير حكومية داخــل اقـتـصـادات ناشئة عمالقة مثل الهند وإندونيسيا، ناهيك بدول تبدو أقرب إلى ثقب أسـود مثل أفغانستان، أو دول معادية لواشنطن بوضوح مثل جنوب أفريقيا. ومــن أبــرز األمثلة على مثل هــذه املنظمات «أونــــروا»، التي أبقت على جماعات فلسطينية مسلحة على قيد الحياة لعقود، مما يعني أن املساعدات األميركية ربما تكون أحد أسباب معاناة الناس من حروب ال تنتهي. ودعـــونـــي أوضــــح هـــذا األمــــر قــلــيــ ً. فـــي جــنــوب الـــســـودان، نـــاهـــيـــك بــــغــــزة، ال يــحــمــل املـــســـلـــحـــون، الــــذيــــن يـــســـيـــطـــرون عـلـى مـــا تـسـمـى الــحــكــومــة، هـــم تـدبـيـر االحــتــيــاجــات األســـاســـيـــة، ألن املنظمات غير الحكومية أو وكــاالت األمــم املتحدة، املموَّلة من واشــنــطــن وغــيــرهــا مــن الـديـمـقـراطـيـات الـغـربـيـة، تـتـولـى ســداد الــفــاتــورة. وبــذلــك، يحظى املـسـلـحـون املـسـيـطـرون عـلـى األرض بـحـرّيـة إنـفـاق أي مـــوارد يمكنهم حشدها على شـــراء األسلحة وتجنيد املقاتلني ومواصلة حربهم. وحتى داخــل اليمن، الــذي يصرح اآلن بأنه فـي حالة حرب في املائة من الغذاء الالزم 60 ضد الواليات املتحدة، يأتي أكثر من إلبقاء السكان تحت سيطرة الحوثيني على قيد الحياة وقادرين عـلـى إطـــ ق الــصــواريــخ عـلـى الـسـفـن األمـيـركـيـة، مــن املـسـاعـدات الخارجية التي تمولها واشنطن إلى حد كبير. بــعــبــارة أخـــــرى، فــــإن املـــســـاعـــدات الــخــارجــيــة أحــــد األســبــاب الرئيسية وراء أكثر من اثنتي عشرة حربًا ال نهاية لها في مختلف أنحاء العالم. أضف إلى ذلك أن ملاسك الحق كذلك في التشكيك في في املائة من كيانات مثل «منظمة الـدول 40 حكمة تمويل نحو األميركية»، التي اختارت حديثًا شخصًا معروفًا بعدائه للواليات املتحدة لتعيينه في منصب األمني العام الجديد لها. من ناحية أخرى، تشير األرقـام إلى إنفاق الواليات املتحدة في املائة من الناتج املحلي اإلجمالي على الحكومة، مما يضع 37 البالد، سواء على املستوى الفيدرالي أو على مستوى الواليات، فــي مـرتـبـة أقـــل مــن مـتـوسـط اإلنـــفـــاق لـــدى دول منظمة الـتـعـاون االقتصادي والتنمية. وربـــمـــا تـنـطـوي حـمـلـة تــرمــب - مــاســك لـخـفـض الـتـكـالـيـف، على فرصة إلجـراء مراجعة شاملة للجدوى الحقيقية لكثير من املنظمات الدولية، التي ربما تجاوزت تاريخ انتهاء صالحيتها، أو حتى تحولت إلى مصدر تهديد للسالم واالستقرار. وقد يكون من بني ضحايا خفض ميزانية الوكالة األميركية في املائة، جزء من املعارضة اإليرانية 88 للتنمية الدولية بنسبة ، عندما رأت إدارة كارتر 1979 للنظام في طهران. بـدأ األمـر عـام آمالها في دعم نظام إسالمي في طهران -بوصفه جزءًا من «حزام أخضر» ضد االتحاد السوفياتي- تتبخر. وفي غضون أقل من عام، أقنعت واشنطن بعض حلفائها، الــــذيــــن حــــاربــــوا حـــكـــومـــة الــــشــــاه لـــعـــقـــود، بــقــطــع عـــ قـــاتـــهـــم مـع الخميني، والــعــودة إلــى الـسـاحـة بوصفهم مـعـارضـ للنظام اإلسالمي الجديد. ومع ذلك، نجح النظام الخميني في تهميش أو حـتـى سـحـق جــمــاعــات، مـثـل «الـجـبـهـة الــوطــنــيــة»، و«حــركــة تـــحـــريـــر إيـــــــــران»، و«مـــجـــاهـــديـــن خــــلــــق»، والــــحــــزب الـــراديـــكـــالـــي اإليراني، وأكثر من اثنتي عشرة جماعة تقوم على شخصيات بعينها. وفـي عهد الرئيس رونالد ريغان، حاولت واشنطن تنظيم جماعات املعارضة اإليرانية عبر تمويل بعضها بشكل مباشر، أو تزويدها بمنافذ إعالمية عبر إذاعة «صوت أميركا» و«راديو الحرية». وعلى رأس أولويات واشنطن جاء الضغط على ماللي طــهــران وتـجـنـب الـــصـــدام الـعـسـكـري املـبـاشـر مـعـهـم، األمــــر الــذي دفعها إلى تنحية االعتبارات اآليديولوجية جانبًا، عبر دعم حتى الجماعات املاركسية، بما في ذلك منظمتان كرديّتان مقرهما في العراق. أما في عهد الرئيس باراك أوباما، فقد برزت الواليات املتحدة بوصفها داعمًا رئيسيًا للتيار «اإلصالحي» في طهران، حتى إنه حمل لقب «فـــرع الـحـزب الديمقراطي فـي إيــــران». وزخـــرت إذاعــة «صوت أميركا» و«راديـو الحرية» بالفارسية، بالناشطني الذين ظلوا موالني للثورة املناهضة للشاه، لكنهم حلموا بجمهورية خالية من املاللي، خاضعة لسيطرة الجماعات اليسارية. وبــنــاء على معيار التكلفة والـفـائـدة، قـد ال يــرى مـاسـك أي سبب ملواصلة ضخ ماليني من أموال دافعي الضرائب األميركيني في جيوب األفـراد والجماعات التي تفتقر إلى قاعدة جماهيرية حقيقية في إيران أو في أوساط املنفيني اإليرانيني. منفذ 400 وحسب بعض التقارير، يدير املنفيون أكثر من دولـــــة، مـعـظـمـهـا فـــي الـــواليـــات املـتـحـدة 30 إعـــ مـــي داخــــل نـحـو وأوروبا الغربية. وبإمكان ماسك االحتفاظ بإذاعة «صـوت أميركا» و«راديـو الحرية»، لكن ليس على أنهما أداة دعائية لصالح هذا الفصيل أو ذاك في طهران، وإنما بوصفهما نافذة لإليرانيني داخل إيران عـلـى الـــواليـــات املــتــحــدة، عــــ وة عـلـى طـــرح صـحـافـة مهنية غير حزبية، مع ما تبقى من املعايير األميركية الرفيعة. يـقـول الكاتب فـريـد زكـريـا: «إن النمو االقـتـصـادي يترافق بالعادة مع ارتـفـاع معدالت الرضا عن الرئيس. كلما تراجعت الـبـطـالـة وزادت الــوظــائــف وانـخـفـض الـتـضـخـم، زادت شعبية الرئيس». لم يعد هذا هو الحال في العقد األخير. معدالت الرضا عن الرئيس األميركي األسبق باراك أوباما ظلت على حالها رغم النمو االقتصادي والشيء ذاتـه حدث مع الرئيس جو بايدن. وهـذا ما فهمه الرئيس دونالد ترمب بحسه الغريزي. لقد أدرك أن الصراع داخل أميركا أيض ًا ثقافي. ترمب بنى حملته االنتخابية على فكرة العودة للماضي، ومخاطبة املهمشني البيض في أميركا الغريبة عليهم وذلك عبر شعارات عاطفية. الدين والجنس والهجرة. وقد نجح في ذلـك ووصـل إلـى البيت األبيض رغـم محاوالت اغتياله وإقصائه. هناك تحوالت عميقة متعلقة باملجتمع والطبقة واالتصال والثقافة. اجتماعيًا، حدث التحول اقتصاديًا في الرأسمالية القديمة إلـــى الــجــديــدة. مــن عــمــال املــصــانــع واملــنــاجــم إلـــى املــوظــفــ في الـشـركـات العمالقة فـي التقنية واملـعـلـومـات. غالبية املوظفني الصغار الطامحني يذهبون للعمل في هذه املجاالت، وهذا يعني تحول مصادر القوة والثراء لعدد محدود من املـدن على عكس السابق؛ ما خلق حالة من النقمة لدى هذه القطاعات. أمـــا طـبـقـيـ ، حــدثــت أيــضــ تــغــيــرات جـــذريـــة. الــشــعــور لـدى قطاعات واسعة من الجمهوريني املحافظني بأن الطبقة النخبوية املتعلمة الليبرالية هـي التي تحكم وليس نخبة األثـريـاء على الطريقة القديمة. ولهذا يقدم ترمب نفسه على أنه رجل مقاول يبني، أي على الطراز القديم، ليجتذب الناخبني الذين يفضّلون هذا النوع من الثراء ويطمحون للوصول إليه، ولكنهم يمقتون نخب املحامني ورجال البنوك واملستشارين في املدن الكبرى. أي أن هناك نوعًا من االنقسام والصراع الطبقي الحاد. أما االتصال، فهو التحوالت في اإلعالم فبعد أن كان هناك محطات إخبارية يشاهدها الجميع وتـقـدم أخـبـارًا متوازنة 3 . ما هو تأثير ذلك؟ الغالبية ذهبت 300 تحولت اآلن إلى أكثر من ملتابعة أشياء أخرى وبقي املخلصون لألخبار، وهؤالء انقسموا إلــى اليمني والـيـسـار وأصـبـحـت املـحـطـات اإلخـبـاريـة تـقـدم لهم الرأي الذي يعزز توجهاتهم؛ ما أدى إلى مزيد من االنقسام. أمـا ثقافيًا، فهناك صـراع بني من يريدون الثقافة القديمة ويحلمون بأميركا النقية ويرفضون النسخة الجديدة من أميركا املختلطة املتنوعة عرقيًا وثقافيًا. مـخـاوف الكاتب أن تستغل هذه االنقسامات من الحركات الشعبوية التي ال تفهم املتغيرات وتـــريـــد أن تـــعـــود لـلـمـاضـي وتـتـسـبـب بــمــزيــد مـــن االنــقــســامــات وتجعل أميركا القوية اقتصاديًا وعسكريًا تتراجع وال تفهم طبيعة هـذه التحوالت العميقة باملجتمع واالقتصاد والثقافة والعالم كله. مصدر قوة أميركا املهاجرون، حيث تستقبل مليون مهاجر قانوني سنويًا وتصهرهم باملجتمع؛ وهم ما يمنحونها الطاقة والحيوية والعقول املبتكرة على عكس دول أخـرى مثل الصني واليابان وأوروبا التي لديها مشكلة ديمغرافية كبيرة. ولـكـن الـــعـــودة لـلـمـاضـي بـعـد مــراحــل مــن الـتـقـدم والـتـطـور ليست هــي األمـــر الـغـريـب، وفـــي كـتـابـه «عـصـر الـــثـــورات» يشير إلى هذه التحوالت العميقة منذ القرون الوسطى. الصني كانت وامتلكت األسطول البحري األقوى عامليًا 1400 منفتحة في عام سفينة)، لكنها أغلقت الباب على نفسها وأمر اإلمبراطور 3500( بإغالق البلد وحـرق األسطول ودخلت بعدها في عزلة طويلة. الـبـنـدقـيـة كــانــت مــركــزًا حــضــاريــ وقــــوة اقـتـصـاديـة وعـسـكـريـة، ولكنها تراجعت وتعرضت لغزوات من البرتغاليني والفرنسيني. هولندا في القرن السادس عشر فهمت هذه التغيرات والتحوالت وفهمت أن عليها - لتتجاوز طبيعتها الجغرافية الصعبة بسبب املستنقعات - أن تقوم بالتغيير الثقافي واالقتصادي املطلوب، حيث قامت بقبول التعددية الدينية قبل الجميع، وشرعت في بناء السفن للتجارة. في لحظة تاريخية ما فهمت أن عليها أن تتغير وتتطور وازدهرت رغم حجمها الصغير. ومع هذا حدثت صراعات داخلها في ذلك الوقت بني القوى الليبرالية واملحافظة حـــول أنـهـم تـقـدمـوا وانـفـتـحـوا أكـثـر مـمـا ينبغي ويـجـب عليهم العودة للماضي وإغالق الباب على أنفسهم. ولكنها استطاعت أن تمضي في طريق التحديث الفكري واالقتصادي واالجتماعي (كانت ملجأ للمفكرين مثل ديكارت وجـون لـوك والهاربني من االضطهاد الديني) وشكلت أسـس ما نعرفه اليوم باالقتصاد الحديث (أول سوق لألسهم بدأت في أمستردام). روسـيـا تعيش مثل اإلمـبـراطـوريـات السابقة لديها رغبة اسـتـعـادة الـــدول الـتـي انفصلت عنها. مثل إصـــرار فرنسا على اعتبار الجزائر جــزءًا منها، وكذلك إنجلترا في الهند وغيرها من اإلمبراطوريات البائدة. الرئيس الـروسـي فالديمير بوتني الذي اعتبر سقوط االتحاد السوفياتي أكبر خطأ جيوسياسي في القرن املاضي يعد أوكرانيا جوهرة التاج ولهذا كان يسعى لضمها حتى لو لم يتمدد حلف «الناتو». الـــصـــراع بـــ الــتــقــدم والـــتـــراجـــع، املــضــي لـــ مـــام والـــعـــودة للخلف، حـركـة تاريخيّة مستمرة وتـمـر بها دول وأمـــم كثيرة. حتى أوروبـــا التي انطلقت منها الـثـورات الفكرية والصناعية مرت فيها والعودة للماضي، ولكنها حسمت أمرها. وهو ليس بالتأكيد خيار األمـم التي تريد أن تزدهر وال تغلق الباب على نفسها وتنزلق في هوة النسيان. املـصـارحـة، بمعناها الــســيــاســي واالجـــتـــمـــاعـــي، هـــــــي أكــــــثــــــر مـــــــا تـــحـــتـــاجـــه الــــــجــــــمــــــاعــــــات الــــطــــائــــفــــيــــة اللبنانية إذا كـانـت راغبة فـــــي مـــصـــالـــحـــة حــقــيــقــيــة. واملــــصــــارحــــة واملـــصـــالـــحـــة معًا متعدّدتان في الشكل، واملعنى، واملضمون، إذ يمكن أن تكون املصارحة داخـل الجماعة الواحدة، أو بني جماعتني، أو بني مختلف الجماعات. وهذه ليست مسؤولية النخب الجماعاتية أو الوطنية فقط، بـل هـي أيضًا مسؤولية الـدولـة التي ال تـزال بنظر جـزء من اللبنانيني غير الجماعاتيني قـاصـرة، ومقصّرة، إمـا بسبب تركيبة نظامها ووظائفها الطائفية، وإما بسبب النخبة الحاكمة. في الجماعة الواحدة، سواء كانت محصورة في الجغرافيا اللبنانية، أو ممتدة خـارجـهـا، كما هـو الـحـال لــدى الـــدروز والشيعة، يتمترس القلق الـذاتـي، الفردي أو الجمعي املـركّــب، حـول هواجس خاصة وعامة، مرتبطة بقضايا وطنية، وأخـرى قومية. في لحظات الشعور املؤقت بازدياد الدور أو القوة، داخليًا وخارجيًا، تتراخى الجماعة، لكنها تضطرب عندما تشعر بانحصارهما، فتلجأ إلى التشدد، مما يرفع منسوب القلق على الحاضر واملستقبل. عندها، تختلط األولويات، فيتراجع الوطني لصالح العقائدي، والعام لصالح الخاص، والقومي لصالح الذاتي، وتصبح النجاة قضيتها األساسية. وهنا تكمن الخطورة، إذ قد تعتقد الجماعة أو األقلية أن تصرفها كجماعة قومية أو عرقية سينقذها في لحظة انتكاسة وطنية أو قومية. عند املفاصل التاريخية للجماعة الطائفية، أو فـي تـاريـخ الجماعات الطائفية املفصلي، يبرز الزعيم الدرزي وليد جنبالط في انقالبه على السائد الجماعاتي لصالح العام الوطني، مستعينًا بإرث جنبالطي، وتجربة مريرة من الصراعات اللبنانية - اللبنانية حول معضلة النظام، والهوية، واالنتماءات الكبرى. فهو يتخطى الخصوصيات إلى درجة اتهامه من بعض املتحصنني خلف الهاجس األقـلـوي أو الـداعـ إليه باملغامر. لكن مشهد قصر املختارة الغتيال كمال جنبالط، وخطابه، شكّال رسالة واضحة 48 األخير، في الذكرى الـ عـن اسـتـعـداده لتجاوز املحرمات الجماعاتية، والتعميم الطائفي، ورفضه القاطع لخصوصية أقلوية تريد وضــع دروز سـوريـا خــارج منطق التاريخ والجغرافيا. وهي فعال مغامرة كبرى، فإن نجحت، أنقذت أوطاننا من مشاريع التقسيم، وتحالف األقـلـيـات، وإن فشلت ودفـعَــت األقـلـيـات الثمن، فستكون شهادة على محاولة بعض املقامرين تقرير مصيرها. يقول جنبالط: «اللهم قد بلغت». يقول صديق الجنبالطيني الراحل هاني فحص في مقارنته بني األب واالبـن: «ألن كمال جنبالط كان واقعيًا، كان درزيًا وال طائفيًا بنفس القوة، وهنا يوازي وليد جنبالط أباه ويشبهه، في إبقاء الدروز أو الدرزية بمثابة احتياطي ذهبي وطني، أي إعادة بناء الجماعة الوطنية الدرزية على معايير مصرفية وتنموية وعقالنية، أكثر اندفاعًا نحو االنـدمـاج، مع اإلبقاء على السياج الوطني والقومي حفاظًا على هذه الجماعة». واالندماج هنا، سواء في لبنان أو سوريا أو سائر املشرق، ال يعني الدروز وحدهم، بل املسيحيون والشيعة في لبنان معنيون به أكثر من غيرهم. وهذا ال يعني التسليم لحكم األغلبية، بل إقامة شراكة وطنية وعربية. في كلمته أمام البرملان اللبناني، دعا رئيس حزب «الكتائب اللبنانية» ســامــي الـجـمـيّــل، وبـشـجـاعـتـه املــعــهــودة، إلـــى املــصــارحــة واملــصــالــحــة. وفـي خـطـابـه، تـخـطّــى املــحــظــورات الـجـمـاعـاتـيـة، مـمـا قــد يكلّفه خــســارة جـــزء من رصيده بسبب املتشددين، أو دعاة التمايز الطائفي. لكنه، في تقديمه العام على الخاص، يصر على رفض القطيعة بني اللبنانيني، ويدعو إلى تحويل املعاناة التي مرّت بها الجماعات الطائفية، وتجاربها الخاصة، من صعود وسقوط وتضحيات، إلى مشترك وطني عام. فكل جماعة عانت من أحادية سرديتها، واعتقادها بأحقيتها، فيما دفع لبنان ثمنًا باهظًا نتيجة لذلك. بـــ ولـــيـــد جــنــبــ ط وســـامـــي الــجــمــيّــل، وإرثـــهـــمـــا (الـــعـــائـــلـــي، الـحـزبـي والطائفي)، تقف الجماعة الشيعية أمام نموذجني لم يقطعا مع ماضيهما، ولـكـنـهـمـا يــرفــضــان أن يـضـعـاه عـلـى كـتـف املـسـتـقـبـل. فـالـجـمـاعـة الشيعية معنيّة، أكثر من غيرها، بمصارحة داخلية أوالً، ومصالحة وطنية ثانيًا، وهذا مرتبط بمدى انسجامها مع مقتضيات املرحلة، وقدرتها على البحث عن حلول وطنية، بدال من التمترس مجددًا حول الهويات الخاصة، التي قد تتحوّل إلى مقتلة. في النموذج اللبناني، املصارحة حاضرة، لكن املصالحة غير مكتملة، إذ تعطلها مصالح بعض النخب الحاكمة، التي ترفع شعارها في لحظة وطنية استثنائية، ثم تعود لتقييدها عندما تشعر بفقدان السيطرة. OPINION الرأي 12 Issue 16915 - العدد Friday - 2025/3/21 اجلمعة صراع تاريخي قديم إيلون ماسك: المحاسب العام ًعن المختارة والمصالحة والمصارحة لبنانيا وكيل التوزيع وكيل االشتراكات الوكيل اإلعالني المكـــــــاتــب المقر الرئيسي 10th Floor Building7 Chiswick Business Park 566 Chiswick High Road London W4 5YG United Kingdom Tel: +4420 78318181 Fax: +4420 78312310 www.aawsat.com editorial@aawsat.com املركز الرئيسي: ٢٢٣٠٤ : ص.ب ١١٤٩٥ الرياض +9661121128000 : هاتف +966114429555 : فاكس بريد الكتروني: info@arabmediaco.com موقع الكتروني: www.arabmediaco.com هاتف مجاني: 800-2440076 املركز الرئيسي: ٦٢١١٦ : ص.ب ١١٥٨٥ الرياض +966112128000 : هاتف +9661٢١٢١٧٧٤ : فاكس بريد الكتروني: info@saudi-disribution.com موقع الكتروني: saudi-disribution.com وكيل التوزيع فى اإلمارات: شركة االمارات للطباعة والنشر الريـــــاض Riyadh +9661 12128000 +9661 14401440 الكويت Kuwait +965 2997799 +965 2997800 الرباط Rabat +212 37262616 +212 37260300 جدة Jeddah +9661 26511333 +9661 26576159 دبي Dubai +9714 3916500 +9714 3918353 واشنطن Washington DC +1 2026628825 +1 2026628823 املدينة املنورة Madina +9664 8340271 +9664 8396618 القاهرة Cairo +202 37492996 +202 37492884 بيروت Beirut +9611 549002 +9611 549001 الدمام Dammam +96613 8353838 +96613 8354918 الخرطوم Khartoum +2491 83778301 +2491 83785987 عمــــان Amman +9626 5539409 +9626 5537103 صحيفة العرب األولى تشكر أصحاب الدعوات الصحافية املوجهة إليها وتعلمهم بأنها وحدها املسؤولة عن تغطية تكاليف الرحلة كاملة ملحرريها وكتابها ومراسليها ومصوريها، راجية منهم عدم تقديم أي هدايا لهم، فخير هدية هي تزويد فريقها الصحافي باملعلومات الوافية لتأدية مهمته بأمانة وموضوعية. Advertising: Saudi Research and Media Group KSA +966 11 2940500 UAE +971 4 3916500 Email: revenue@srmg.com srmg.com مصطفى فحص ممدوح المهيني أمير طاهري
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==