13 حــصــاد األســبـوع ANALYSIS Issue 16909 - العدد Saturday - 2025/3/15 السبت األزمة االقتصادية في تونس... سيناريوهات متباينة كـــشـــف عـــبـــد الـــجـــلـــيـــل الـــــبـــــدوي، الـخـبـيـر االقــــتــــصــــادي واملـــــســـــؤول الـــســـابـــق فــــي اتـــحـــاد نــــقــــابــــات الــــعــــمــــال الـــتـــونـــســـيـــة، فـــــي تــصــريــح لـ«الشرق األوسط»، عن أن «األزمة االقتصادية واملـالـيـة ومضاعفاتها االجتماعية واألمنية أمــــــــر واقــــــــــــــع»، داعــــــيــــــا الــــســــلــــطــــات إلــــــــى فــتــح مفاوضات مع النقابات واألطراف االجتماعية واالقـــتـــصـــاديـــة الـوطـنـيـة الحــتــوائــهــا وتـجـنّــب «الخطوط الحمراء». مصالح رؤوس األموال وفــــــي املــــقــــابــــل، الــــــبــــــدوي عــــــد أن بـعـض األوســــــــــــــــاط فـــــــي صـــــــنـــــــدوق الـــــنـــــقـــــد الــــــدولــــــي والــبــنــك الــعــاملــي واالتــــحــــاد األوروبـــــــي تتعمّد «تضخيم» أزمـات تونس املالية واالقتصادية واالجـــتـــمـــاعـــيـــة، بـــهـــدف «ابــــــتــــــزاز» الــســلــطــات وفـــرض شـــروط جـديـدة عليها خـدمـة ملصالح الــعــواصــم الـغـربـيـة، وبـيـنـهـا تـلـك الــتــي لديها عالقة بملفات الهجرة وحرية تنقل املسافرين والـسـلـع ورؤوس األمـــــوال بــن بــلــدان الـشـمـال والجنوب. الــــبــــدوي رأى أيـــضـــا أن األزمـــــــات املــالــيــة االقتصادية واالجتماعية التي تمر بها تونس، وعــدة دول عربية وأفريقية الـيـوم، استفحلت منذ عدة سنوات بسبب «انصياع الحكومات املتعاقبة لـ(توصيات) صندوق النقد الدولي واالتــحــاد األوروبــــي، وبينها اتـبـاع سياسات رأسمالية ال تتالءم واقتصادات دول في طريق النمو». وبالتالي، وفق البدوي، كانت النتيجة سـيـاسـات «مــنــحــازة إلـــى مـصـالـح أقـلـيـات من رؤوس األموال، وفشال في تحقيق التوازن بي الجهات والفئات والقطاعات التنموية». خطر «االنهيار الشامل» غـــيـــر أن خــــبــــراء مـــالـــيـــن واقـــتـــصـــاديـــن تـونـسـيـن آخـــريـــن، منهم عــز الــديــن سـعـيـدان، املـــشـــرف سـابـقـا عـلـى بــنــوك ومـــراكـــز دراســــات اقتصادية ومالية عربية، حــذّروا من «تجاوز الخطوط الـحـمـراء» بسبب اخـتـ ل التوازنات املـالـيـة لـلـدولـة والـبـنـوك التونسية العمومية وارتفاع أعباء نِسَب التداين. وحذّر سعيدان، بالذات، من تراجع فرص «خــلــق الـــثـــروة» وتـرفـيـع االسـتـثـمـار الـداخـلـي والـــــدولـــــي، مـــع مـــا يـعـنـيـه ذلــــك مـــن اسـتـفـحـال «األزمة االقتصادية الهيكلية» املوروثة، وبروز «أزمـــة ظـرفـيـة» مـن مظاهرها التضخم املالي وتــــراجــــع فـــــرص الــتــشــغــيــل ونـــقـــص مــداخــيــل الدولة من الصادرات ومن الضرائب. وفـــــــي ســـــيـــــاق مــــتــــصــــل، تـــــوقّـــــف الـــكـــثـــيـــر مـــــن وســـــائـــــل اإلعـــــــــ م واملـــلـــتـــقـــيـــات الــعــلــمــيــة واالقـتـصـاديـة أخـيـرًا عند تـحـذيـرات وجّهتها أطــــراف تونسية وأجـنـبـيـة مــن سـيـنـاريـوهـات «استفحال األزمـات االقتصادية واالجتماعية بـشـكـل غـيـر مــســبــوق» فـــي تـــونـــس. واســتــدلّــت هـــذه الــجــهــات بـاإلحـصـائـيـات الـرسـمـيـة التي تقدّمها تقارير البنك املركزي واملعهد الوطني عن اإلحصاء، والتي تكشف «مزيدًا من العجز املالي والتجاري والفوارق بي الطبقات...». وأعاد هؤالء إلى األذهان ما أورده تقرير صدر قبل نحو سنتي في صحيفة «نيويورك تايمز» عـن «اتـجـاه االقـتـصـاد التونسي نحو االنـــهـــيـــار». حـــقـــا، كــــان ذلــــك الــتــقــريــر قـــد أورد أن تــونــس «تــعــانــي فــشــ اقــتــصــاديــا» بسبب »19- سوء التسيير وتداعيات جائحة «كوفيد والــحــرب الــدائــرة فـي أوكـرانـيـا، الـتـي ضاعفت حـــجـــم نـــفـــقـــات الـــــدولـــــة تـــحـــت عــــنــــوان تــمــويــل وارداتها من املحروقات والحبوب، وحرمتها مـــــن مــــداخــــيــــل نــــحــــو مــــلــــيــــون ســــائــــح روســـــي وأوكراني كانوا يزورون البالد سنويا. ديون المؤسسات العمومية المفلسة ويستدل الخبراء التونسيون واألجانب الـــــــذيـــــــن يـــــــــحـــــــــذّرون مـــــــن اســـــتـــــفـــــحـــــال األزمـــــــــة االقـــتـــصـــاديـــة االجــتــمــاعــيــة الــحــالــيــة بـتـقـاريـر أصدرها البنك العاملي وصندوق النقد الدولي وحـــــــذّرت بــــدورهــــا مـــن «تـــضـــخّـــم نـسـبـة أجـــور العاملي في القطاع العمومي التي تبتلع نحو في املائة من الناتج املحلي، وهي من أعلى 18 النسب في العالم». بـــــل تــــــــــزداد الــــتــــحــــديــــات بـــالـــنـــســـبـــة إلــــى السلطات بسبب بروز مثل هذه اإلحصائيات فـــي وقـــت تـــزايـــدت فـيـه احــتــجــاجــات الـنـقـابـات على بعض القرارات «املوجعة» التي اتخذتها الــــحــــكــــومــــة، وبـــيـــنـــهـــا تـــجـــمـــيـــد املــــفــــاوضــــات االجـــتـــمـــاعـــيـــة حــــــول زيــــــــــادات األجــــــــور ومــنــح التقاعد والتوظيف. ولــقــد نـبّــهـت املـــصـــادر نـفـسـهـا أيــضــا من تـــداعـــيـــات إخـــفـــاق الـــحـــكـــومـــات املــتــعــاقــبــة في املاضية في تسوية 15 البالد خالل السنوات الـ مـعـضـلـة ديــــون الـــشـــركـــات الـعـمـومـيـة املفلسة فــــي املــــائــــة مـن 40 الـــتـــي تــكــلــف الــــدولــــة نـــحـــو الناتج املحلي، في حي تمثّل أعباء دعم املواد في املائة 10 و 8 الغذائية واملـحـروقـات ما بي منه. ويُضاف إلى ما سبق، أن األوضاع تغدو «أكـثـر خــطــورة» -وفـــق املــصــادر ذاتــهــا- بسبب معضلة عجز املـيـزان الـتـجـاري وتـراجـع قـدرة الــصــادرات على تغطية الــــواردات، على الرغم مــن الـضـغـط الكبير الـــذي تـمـارسـه مؤسسات الحكومة والبنك املركزي على حركة التوريد، بما في ذلك بالنسبة إلى األدوية وقطع الغيار واملــــــــواد الــــخــــام الـــتـــي يـسـتـحـقـهـا املــصــنّــعــون واملستثمرون. مخاطر وتحذيرات فـــــــــي خــــــضــــــم ذلـــــــــــــــك، أعــــــــــــد الـــــخـــــبـــــيـــــران االقــــتــــصــــاديــــان الـــتـــونـــســـيـــان حــــمــــزة املـــــــؤدّب وهـاشـمـي عـلـيـة، والـخـبـيـر الـلـبـنـانـي إسـحـاق ديـــــوان، تـقـريـرَيْــن لـفـائـدة مـؤسـسـة دولــيــة عن «املخاطر االقتصادية والسياسية االجتماعية الـــتـــي تـــهـــدّد تــــونــــس». واســتــخــلــص الــخــبــراء بما 2011 الثالثة أن «تونس تعيش منذ عـام يتجاوز إمكاناتها». إذ ســـجـــل هــــــؤالء الـــخـــبـــراء أن الـــقـــروض واملساعدات الخارجية تدفّقت إلى البالد بعد ،2011 االنــتــفــاضــة الـشـبـابـيـة والـشـعـبـيـة عـــام «لدعم عملية االنتقال السياسي الديمقراطي»، مليار دوالر 20 وقدّرت تلك «املساعدات» بنحو خالل العقد املاضي. إال أن عوامل عديدة أدت إلى تسبّب املليارات التي حصلت عليها الدولة بــإحــداث «طــفــرة استهالكية غـيـر مـسـتـدامـة»، مقابل تراجع الـقـدرة اإلنتاجية للبالد بسبب غــيــاب االســـتـــقـــرار الــســيــاســي وانــــعــــدام تــــوازن االقـــتـــصـــاد الـــكـــلّـــي، فــكــانــت الـحـصـيـلـة ازديـــــاد إمكانية حدوث «انهيار مالي خطير». ومـــن ثـــم، طـالـب الخبير الـهـاشـمـي علية ورفــــيــــقــــاه بـــــ«إصــــ حــــات لـــلـــنـــظـــام الــســيــاســي التونسي، كي يغدو قادرًا على تفادي النتائج الــــكــــارثــــيــــة ألزمــــــــة مـــــوروثـــــة ازدادت تــعــقــيــدًا وتفاقما». «اإلصالحات الموجعة» فـــــي املــــقــــابــــل، يـــــحـــــذّر الـــخـــبـــيـــر رمـــضـــان بـــن عـــمـــر، الـــنـــاطـــق الـــرســـمـــي بـــاســـم «املــنــتــدى التونسي للحقوق االقتصادية واالجتماعية» مـــن املـــخـــاطـــر الـــتـــي تـــحـــف بـــ«تــطــبــيــق تــدابــيــر إصـــ حـــيـــة قـــاســـيـــة ومـــوجـــعـــة قــــد تـــــــؤدّي إلـــى انــدالع أزمـة اجتماعية سياسية»، على الرغم مـن تـحـذيـرات الـخـبـراء املـالـيـن الـتـي تـــورد أن «التلكؤ في تنفيذ اإلصالحات سيفضي على األرجـــح إلــى حـــدوث انـهـيـار اقـتـصـادي ومالي واضـطـرابـات اجتماعية وأمنية فـي املستقبل القريب». وفــــي الــســيــاق ذاتـــــه، يــدعــو األمــــن الـعـام لـ«االتحاد العام التونسي للشغل»، نور الدين الطبوبي، ورفاقه في القيادة النقابية العمالية إلــــى الــقــطــع مـــع ســـيـــاســـات «املــمــاطــلــة وكـسـب الوقت»، وإلـى تنظيم حـوار وطني اجتماعياقـتـصـادي-سـيـاسـي يـسـفـر عــن تـعـزيـز «الـثـقـة فـــي مـــشـــروع وطـــنـــي يُـــعـــد مـــقـــبـــوال سـيـاسـيـا، ويـسـتـطـيـع الــنــهــوض بــالــبــ د نـحـو مستقبل واعد». وضع صعب... ولكن فـــي هــــذه األثــــنــــاء، حــــذّر وزيــــر الــتــجــارة الــتــونــســي الـــســـابـــق والــخــبــيــر االقـــتـــصـــادي، محسن حسن، في تصريح لـ«الشرق األوسط» مـــن «اإلفــــــراط فـــي تـضـخـيـم مـــؤشـــرات األزمـــة االقتصادية واملالية في البالد»، غير أنه حث على اإلقـرار بوجود أزمة اقتصادية ومالية، وطنيا وقطاعيا، تحتاج إلى إجراءات فورية لإلصالح والتدارك، بما في ذلك في قطاعات الـــزراعـــة والــتــجــارة والــخــدمــات. ومـــن جهته، لفت الخبير االقـتـصـادي واألكـاديـمـي، رضا الشكندالي، في تصريح لـ«الشرق األوسط»، إلــى أن الـكـ م عـن «انـهـيـار» اقـتـصـاد تونس «مــبــالــغ فـــيـــه». ورأى أن تــونــس «لـيـسـت في مرحلة انـهـيـار اقـتـصـادي اجتماعي شامل، وإن كـــانـــت تـعـيـش أزمـــــة مــالــيــة تـعـمّــقـت مع تـــراجـــع املـــــــوارد املـــالـــيـــة الـــخـــارجـــيـــة، وتــعــثّــر االتفاق مع صندوق النقد الدولي واملؤسسات املالية التي تقرض بنسب فائض منخفضة نسبيا». ومع إقـرار الشكندالي بأن «الوضع االقــتــصــادي مــتــأزم وخــطــيــر»، فـإنـه نـبـه إلـى ضـــــــرورة تـــجـــنّـــب «املــــبــــالــــغــــات» والـــبـــعـــد عـن «التقييمات املتشائمة جدًا التي تُوحي بقرب الوصول إلى حالة انهيار شامل». تسديد الديون وســـــط هـــــذه املــــنــــاخــــات، نـــــــوّه الـرئـيـس الــتــونــســي قــيــس ســعــيّــد، خــــ ل جـلـسـة عمل جـــديـــدة مـــع مــحــافــظ الــبــنــك املــــركــــزي فتحي زهـيـر الـــنـــوري، بـــ«نــجــاح الـــدولـــة فــي اإليـفـاء بــــالــــتــــزامــــاتــــهــــا الـــــدولـــــيـــــة وتــــســــديــــد مــعــظــم ديونها»، واعترض على «تضخيم» مشكالت البالد والصعوبات االقتصادية واملالية التي تواجهها. وأورد بالغ رسمي لرئاسة الجمهورية بـــــأن «تـــونـــس تـمـكّــنـت خــــ ل يــنــايــر (كـــانـــون الـــثـــانـــي) املـــاضـــي مـــن تــســديــد خـــدمـــة الــديــن فــي املــائــة مــن مجموع 40 الـعـمـومـي بنسبة خــــدمــــة الــــديــــن الـــعـــمـــومـــي املـــتـــوقـــعـــة لــكــامــل . ونـــجـــحـــت أيـــضـــا فــــي الــســيــطــرة 2025 عـــــام فــي املـائـة 6 عـلـى نسبة التضخم فــي حـــدود في املائة. 7.8 بعدما كانت في العام السابق وتمكّنت من تحقيق استقرار ملحوظ لسعر صرف الدينار مقابل أبرز العمالت األجنبية .»2024 في نهاية سنة ومــجــدّدًا، انتقد الرئيس سعيّد الخبراء الذين يطالبون بـ«الرضوخ لشروط صندوق النقد الدولي والبنك العاملي واألطراف املانحة الدولية». وذكّر بأن تلك الشروط تسبّبت مرارًا فـي اضـطـرابـات اجتماعية وأمنية وسياسية وصدامات عنيفة مع النقابات والعاطلي عن العمل منذ سبعينات القرن املاضي. كـــذلـــك، أصــــدر الــرئــيــس الـتـونـسـي أوامـــر إلـــى الـحـكـومـة والـبـنـك املـــركـــزي بـاملـضـي قدما فـي سياسة «االعـتـمـاد على الــــذات» و«املــــوارد الــذاتــيــة لـلـتـمـويـل»، والــتــحــرر مـــن «إمـــــ ءات» الــصــنــاديــق الـــدولـــيـــة ومـــؤســـســـات التصنيف االئتماني العاملية. معضلة «التصنيفات» والقطيعة وهــنــا أثــــار الـــخـــبـــراء تـقـيـيـمـات متباينة لسياسة «القطيعة» مع صندوق النقد الدولية واملـانـحـن، وأيـضـا مـع مؤسسات «التصنيف االئتماني» العاملية، وبينها وكـالـة «مـوديـز» التي خفّضت تصنيف تونس خالل السنوات املاضية، مما أدّى إلى امتناع املانحي الدوليي التقليديي عـن منح قــروض للحكومة بنسب فائدة منخفضة بحجة غياب «ضمانات مالية وسياسية كافية». فبراير 28 ومـع أن «مـوديـز» حسّنت يـوم (شـبـاط) املاضي نسبيا التصنيف االئتماني »، فإنها أبقت Caa1« » إلـى Caa2« لتونس من عـــلـــى مــ حــظــاتــهــا «الـــســـلـــبـــيـــة». وحــــــول هـــذه النقطة، رحّب الخبير بسام النيفر بالخطوة، كان عاما قياسيا في سداد 2024 وأورد أن عام الديون الخارجية للدولة. وتوقع أن يكون عام عام «االنفراج الشامل». 2027 إال أن رضا الشكندالي يرى أنه على الرغم من هذا التحسّن في التصنيف فال تزال تونس مصنّفة «دولة ذات مخاطر ائتمانية عالية جدًا مع عجزها عن سداد الديون الخارجية قصيرة األجل». درجــــات 6 وأوضـــــح أنــــه يـلـزمـهـا الـــتـــقـــدّم كـامـلـة فــي تصنيف «مـــوديـــز»، كــي تـخـرج من املـنـطـقـة الـــحـــمـــراء، وهــــي «درجـــــة املـــضـــاربـــة»، وحــتــى تـحـظـى بـثـقـة املـسـتـثـمـريـن فــي الـسـوق املالية الدولية. مقر البنك المركزي التونسي (غيتي) تتباين تقييمات الـسـلـطـات التونسية مــن جـهـة، والبنك الدولي والخبراء االقتصاديني واملاليني من جهة ثانية، بشأن تطورات املشهد االقتصادي االجتماعي واملخاطر التي تهدّد تونس وتوازناتها املالية وأمنها الوطني واستقرارها. وفي حني نــوّه الرئيس التونسي قيس سعيّد، ورئـيـس حكومته كمال املدوري، ومحافظ البنك املركزي فوزي زهير النوري بـ«النجاح الكبير» في احتواء األزمات املالية واالقتصادية املعقّدة، تزايد نشر تقارير دولية وتصريحات لخبراء ونقابيني تونسيني وأجــانــب تــحــذّر مــن سـيـنـاريـوهـات «اخــتــال الـــتـــوازنـــات»، بل «االنهيار الشامل» الذي قد يتسبّب في «أزمات سياسية أمنية محلية وإقليمية أخطر». في املقابل، يقلّل خبراء وسياسيون من مضاعفات «املخاطر والتحديات االقتصادية» التي تواجه تـونـس الـــيـــوم، لكنهم يــقــرون بـحـاجـة الــبــاد إلـــى إصـاحـات «جريئة» وخطوات إنقاذ عاجلة وشاملة، بدءًا من التحكم في مؤشرات الفقر والبطالة واالرتفاع غير املسبوق في األسعار وتكاليف العيش؛ األمــر الـــذي يـطـرح تـسـاؤالت حــول االتـجـاه الــــذي تـسـيـر فـيـه تــونــس عـلـى ضـــوء الـتـحـديـات االقـتـصـاديـة واالجتماعية الجديدة. تحذيرات البنك الدولي والخبراء االقتصاديين والماليين مقابل تفاؤل السلطات تونس: كمال بن يونس تعثر التوافق السياسي والمشاكل البيئية من أكبر الهموم يـــواجـــه اقــتــصــاد تـــونـــس تـــحـــدّيـــات مــالــيــة واقــتــصــاديــة > خطيرة بالجملة بسبب ثغرة نقص التمويل الخارجي وسياسة االقتراض من البنوك التونسية على حساب فرص االستثمار ومشاريع التنمية والتشغيل. وحسب آخـر التقديرات فـإن من بي نتائج عدم التجاوب مع توصيات صندوق النقد الدولي، أن أصبح التمويل الخارجي أقـل من توقعات امليزانية. بل لم .2024 في املائة من الناتج املحلي اإلجمالي في 2.1 يمثل سوى لــــذا لـــجـــأت الــحــكــومــة الــــى االســـتـــدانـــة مـــن الــبــنــك املـــركـــزي واملصارف التونسية، على حساب األرصـدة التي توضع عادة لفائدة االستثمار العمومي والخاص ومشاريع التنمية. وفي الوقت عينه، أصبح «الدين العام» للدولة مرتفعا، إذ يقدر بنحو ، ما يحد 2024 في املائة من الناتج املحلي اإلجمالي في عام 81 من قدرة الحكومة على امتصاص الصدمات. بالتوازي مع ذلك، تعد تقارير النقابات وأحزاب املعارضة ومـراكـز الـدراســات املستقلة أن تعثر مسار التوافق السياسي بي السلطات واملعارضة والنقابات يعطّل محاوالت املضي في «اإلصالحات الهيكلية»، خاصة فيما يتعلق باملالية العمومية واإلجـــراءات «املوجعة»، مثل رفع الدعم عن املحروقات واملـواد األساسية، ومحاربة البيروقراطية عبر تفعيل برامج تحديث اإلدارة وتعميم اإلدارة اإللـكـتـرونـيـة، وإصـــ ح الـقـضـاء ونظم الحكم املحلي والتوازن بي الجهات الساحلية والداخلية. هـــذا، وتـؤكـد املـعـارضـة والـنـقـابـات والـــدراســـات الجامعية املــخــتــصــة فـــي الــبــيــئــة والــتــنــمــيــة املــســتــدامــة عــلــى كــــون نـجـاح مـــحـــاوالت اإلصـــــ ح االقـــتـــصـــادي واالجــتــمــاعــي رهـيـنـة إيـجـاد حلول «للمخاطر البيئية»، وبينها تقلبات املناخ ونقص املوارد في 80 املائية في معظم محافظات تونس، وملعضلة تمركز نحو املائة من السكان واألنشطة الصناعية والسياحية والخدماتية فـي املــدن املـوجـودة ضمن «الشريط الساحلي»، بينما تتزايد مؤشرات التصحر ونقص املياه في املناطق الداخلية. وعلى الرغم من تهاطل األمطار بغزارة هـذا العام بعد ســنــوات مــن الــجــفــاف، فـــإن نـقـص املــيــاه وزحـــف التصحّر 5 ضاعفا من صعوبات الـدولـة، في بلد يشغل قطاع الفالحة في املائة من اليد العاملة وكان نقطة قوة «تونس 15 فيه نحو الخضراء» تحقيق «األمن الغذائي» لشعبها وتصدير ماليي أطنان القمح وزيت الزيتون والتمور واألسماك إلى أوروبا والعالم. ASHARQ AL-AWSAT الحكومة والبنك المركزي يؤكدان أن الوضع تحت السيطرة
RkJQdWJsaXNoZXIy MjA1OTI0OQ==